قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الثالث والسبعون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الثالث والسبعون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الثالث والسبعون

تظن بأنها عاديه بينما لا تعلم بأن وجودها سببا كافيا لجعلي اتحمل كل ذلك العناء و أؤمن بأنه للحياة وجها آخر و أن هناك شئ جميلا يستحق الصبر لأجله..
نورهان العشري.

هو في ايه انا مش فاهم حاجه؟
كان يوسف أول من تحدث حيث قال بسخريه
يعني مأذون و عروسه و الناس كلها متجمعه هيكون في أيه بذكائك دا؟

ناظره رائد بزهول فلم يستطع أن يتحدث بحرف واحد لذا اقترب منه يوسف ناظرا اليه بعتب قائلا بصوت خفيض لم يسمعه احد غيره
اصل الجواز العرفي مبيورثش الزوجه فقولت نخليه رسمي عشان تبقي الوصيه مظبوطه ياعم روميو.

اخفض رائد بصره عن يوسف الذي كانت نظراته تحمل الكثير من العتب الصريح و لكن جاءت كلمات والدته التي اقتربت منه تربت علي كتفه بحنان فالتفت إليها يطالعها بأسف شديد و لم يكن قادر علي النظر في عيناها بعد أن صدق إفتراءات ذلك الشيطان عنها و هو سيعطيها ألف عذر لو رفضت مسامحته و لكنها وضعت يدها فوق ذقنه ترفع رأسه إليها و قالت بلهجه حانيه.

مسمحاك، و مسامحه عامر عشان خاطرك، انت كمان سامحه و سامحنا علي كل حاجه وحشه شفتها بسببنا..

لم يقدر علي الحديث أبدا فحنانها و كلماتها كانت اقوي منه فاندفع الي أحضانها و اخيرا بعد عناء و شقاء عشرون سنه وجد الحنان الذي كان يحتاجه في قلب والدته. ذلك الحنان الذي لا ينضب و الأمان الذي لا ينتهي فأخذ يحتضنها بقوة و كأنه يعوض سنوات الحرمان التي مرت عليه كان فيها شريدا ضائعا مجردا من ابسط و اغلي ما في الحياة. ظل لدقائق يعانقها بقوة و تبادله هيا العناق بأقوي منه الي أن وجد يد لم يعهد منها الحنان أبدا تربت علي كتفه بتحفظ قلب يخشي الرفض جراء ما اقترفته يداه من أفعال قاسيه كانت سببا كبيرا في معاناة احباءه فظل يناظر رائد بعينان يرتسم بها التوسل الذي يأبي اللسان الإفصاح عنه فقط كلمات بسيطه كل ما استطاع قوله.

ألف مبروك يا ابني، ربنا يتمملك علي خير..
لوهله كاد رائد أن يرد بعنف نابع من طبيعته القاسيه و لكن أوقفته عينان أخذت تناظره بتحذير لذا ابتلع جمرات حروفه و قال بإقتضاب
الله يبارك فيك، يا رحيم بيه..
اقترب منه مازن محاولا أن يلطف الأجواء قليلا لذا قال بمزاح
شوف ياخي و ما ليك عليا حلفان ان قلبي كان حاسس انك من العيله دي. ماهو مش معقول الرخامه و الغتاته دي كلها هتخرح براهم..

ما أن انهي كلماته حتي سقطت يد قويه فوق كتفه فآلمته ليلتفت الي صاحبها الذي يطالعه بتحذير فصحح كلامه قائلا بتملق
لا بس طيبين، طيبين بجد اسمع مني هتنبسط معاهم..
ابتسم رائد ليجد أدهم يربت علي كتفه قائلا بحرج
بص انا مش عارف اقولك ايه؟ بس انا طول عمري بعتبرك اخويا و صاحبي، و هنعتبر أن اللخبطه الي حصلت دي كإنها محصلتش اصلا و انت طلعت اخويا فعلا..
ابتسم رائد بهدوء علي كلماته و قال بمزاح.

انا بقول كدا بردو..

ابتسم الجميع و لكن كان هناك قلب يتلهف للقاءه و النظر إليه بحريه عله يجد داخل عيناه نظرات حانيه فقدها منذ زمن و لكن يخجل من الإفصاح عما يدور بخلده هكذا كانت روفان التي كانت تنظر إلي ما يحدث و عيناها لا تتوقف عن ذرف الدموع الصامته الي أن تجمدت الدماء بعروقها عندما التف ينظر إليها تلك النظرات التي كانت دائما ما تحيرها و لكنها أخيرا عرفت السبب و كانت في تلك اللحظه أكثر من مرحبه بها لذا لم تخفض نظرها كما اعتادت و ظلت نظراتها متعلقه به و هو يتقدم إليها تحت أنظار جميع الموجودين و توقف علي بعد خطوتان منها يناظرها بحنان و هو يقول بصوت متحشرج.

انا من اول ما شفتك و أنا بعتبرك أختي الصغيرة، احساسي ناحيتك متغيرش أبدا، و فرحت اوي انك طلعتي اختي فعلا. حتي لو مش قادرة تتقبليني، بس انا..

قاطعته روفان و قالت من بين شهقاتها
عارفه، عارفه انك كنت بتعتبرني اختك..
اخرجت هاتفها و عبثت به إلي أن أخرجت صورة وضعتها أمامه و هيا تقول من بين دموعها
دا بابا، دي آخر صورة اصورناها سوي، لما كنت بتبصلي كنت بستغرب انا شفت العنين دي فين بس مكنتش قادرة افتكر و لما عرفت انك اخويا جريت عالصورة دي و بصتلها و شفت نظراتك في عنين بابا، أتأكدت انك فعلا اخويا و إن قلبي حس بيك حتي لو انا معرفتكش..

كان الجميع ينظر بزهول الي تلك الصغيرة التي كانت أبصر منهم بكثيير و استطاع قلبها الرقيق معرفة ملامح والدها التي ورثها رائد عنه و التي لم يلاحظها ايا منهم و خاصتا نظراته. فتساقطت العبرات من حولها تأثرا بمشهدهم و شعر يوسف بما يدور بقلب طفلته الصغيرة البريئه التي نظرت إليه فهز رأسه دليل علي الموافقه فرفعت رأسها لتنظر الي على الذي رق قلبه لتوسلاتها المرتسمه بعيناها فابتسم لها لتعيد النظر اليه و هيا تقول بخجل.

بعد ما اصورنا الصورة دي بابا خرج و مرجعش، مشفتوش تاني، كان نفسي اوي احضنه قبل ما يمشي بس ملحقتش.

كانت كلماتها تستقر في منتصف قلبه الذي رقص فرحا بأن قلبها قد شعر به و بمدي قرابته منها فسقطت دموعه تأثرا بكلاماتها التي احتضنت وجعه و ما أن قالت جملتها الأخيرة حتي فتح ذراعيه بإبتسامه تسللت من بين دموعه المتساقطه كالمطر لتندفع الي أحضانه بقوة و شهقاتها تعلو لتجعل القلوب من حولهم ترتجف تأثرا بهذا المشهد الرائع فامسكت كاميليا التي دمعت عيناها بيد يوسف و قربته الي حيث يقف رائد و روفان و نظرت إلي أدهم الذي اقترب هو الآخر الي أن وصل إليهم فقام يوسف بالربت علي كتف رائد و فعل أدهم المثل مع روفان التي رفعت رأسها و رأت جميع اشقائها بجانبها فرقص قلبها فرحا و مدت ذراعها الصغير تحتضنهم بقلب أم يحوي من الحنان أطنانا فاابتسم الجميع علي فعلتها و تعانق الأخوات بعد طول إنتظار و بعد عذاب و شقاء دام لسنوات.

أخذ رحيم ينظر اليهم بسعادة يشوبها ندما كبيرا و قد كان يتوق للتوجه إليهم و ضمهم جميعا الي صدره فهم أبناء قلبه و احب احباءه إليه كان يريد أن يشاركهم تلك اللحظه الرائعه و لكن قساوة أفعاله السابقه في حقهم كانت سدا منيعا بينه و بينهم و بالرغم من أنه كان يخفي ما يشعر به خلف ابتسامه هادئه إلا أن عذابه تجلي في نظراته التي لأول مرة يغزوها الضعف و لكن هذا ما اقترفته يداه و لا يستطيع احد في العالم مساعدته. هذا ما كان يدور بذهن كاميليا التي كانت تراقب نظرات جدها نعم اشفقت عليه و كثيرا لا تنكر ذلك و لكنها للآن رغما عنها لم تستطع مسامحته بصورة كامله و أيضا لم تستطع نسيان ذلك اليوم عندما خرجت من المنزل هاربه تحمل اوزار لم تفعلها لتدفع ثمن أخطاء لم ترتكبها و أبدا لم يشفق عليها و لم يرحم ضعفها.

أخرجها عن شرودها يد يوسف التي التفت حول خصرها يقربها منهم لتتبدل نظراتها و ترتسم البسمه تلقائيا فوق شفتيها فاقترب منها كثيرا قائلا بإهتمام
في حاجه مضيقاكي؟
كاميليا بنفي
لا ابدا يا حبيبي، بس شكلكوا كان حلو اوي و انتوا حاضنين بعض كدا..

يوسف بحب
عنيكي الي حلوة و بتشوف كل حاجه حلوة..
ابتسمت بحب و الفت برأسها بين أحضانه ليلتفت الي رائد الذي كان يتحدث مع على قائلا بإمتنان
مش عارف اشكرك ازاي يا على علي كل الي عملته معايا لولاك كان زمان الكلب دا نجح في الي بيخططله، و كان زماني ضايع لحد دلوقتي..

ابتسم على بهدوء قبل أن يقول
شكر ايه و كلام فاضي ايه. احنا مفيش بينا الكلام دا، اهم حاجه انكوا عرفتوا الحقيقه و انت بقيت في مكانك الصح وسط اخواتك و عيلتك الحقيقيه..
ابتسم رائد بعرفان و قال بصدق
انت فعلا جدع و راجل و تستاهل روفان، ربنا يسعدكوا.

قال جملته الأخيرة و و هو يربت بحنان فوق كتف روفان التي ناظرته بحب فشعر على بالغيرة رغما عنه فقال بإمتعاض
ماشي يا سيدي شكرا بس والنبي متظيطش فيها و شيل ايدك دي حاجات ناس مش سايبه هيا..

ناس مين دي أن شاء الله!
كان هذا الصوت المتهكم ليوسف الذي أتي من خلفهم و بجانبه كاميليا فما أن اقتربوا حتي نظر على الي رائد قائلا بخفوت و نبرة ممتعضه
هولاكو حضر، ربنا يجعل كلامنا خفيف عليه..
ابتسم رائد علي حديث على الذي سرعان ما رسم ابتسامه مجامله و قال بتملق
انت يا باشا طبعا، امال هكون قاصد نفسي لا سمح الله!
يوسف بتهكم
مثلا يعني..
على بتحسر
لا ازاي، دانا حيالله جوزها يعني مش حوار..

ابتسم الجميع و من بينهم روفان التي نظرت بإعتذار صامت الي على الذي بادلها بإبتسامه متفهمه.
التفت رائد تجاه كاميليا ثم نظر إلي يوسف و قال بخجل
يوسف، لو تسمح انا مدين لكاميليا بإعتذار و..
قاطعه يوسف بصرامه
مش وقته يا رائد، في حاجات اهم دلوقتي..

قال يوسف جملته و أشار بنظراته الي الغرفه التي اختبأت بها تلك التي كانت كل خليه بها ترتجف فرحا برجوعه الي عائلته و شعورها بمدي فرحته و تأثرا بحديثه و مشهده بين أحضان والدته و خوفا و ترقبا من ما سوف يحدث بينهم عندما يلتقوا و أخذت الظنون تعصف بها هل سيتقبل وجودها بحياته بهذا الشكل؟ هل بموافقتها علي خطه يوسف تكون قد أجبرته علي تلك الزيجه؟ نفي قلبها كل هذه الأمور فهيا أبدا لم تجبره علي الزواج بها بل هو من أجبرها.

فلاش باااااك
نظرت إليه بزهول عندما القي بقنبلته تلك في وجهها فأخذت تطالعه بصدمه غير قادرة علي التفوه بحرف واحد لتأتيها كلماته التي لم تجعل اي مكان للشك عندما قال بلهجة لا تقبل الجدال.

ايوا يا هند انتي مراتي، من اول يوم شفتك فيه حسيت بإحساس مختلف ناحيتك، و لما قربت منك مرة في مرة احساسي كان بيزيد، لحد ما اقتنعت اني فعلا حبيتك حاولت كتير اني ابعدك عن دايرة إنتقامي بس للأسف مكنش قدامي حل تاني، ( صمت لثوان يتذكر حقارته معها التي لم يكن قادر علي سرد تفاصيلها مرة آخري و لكنه مجبر أن يوضح لها كل شئ لذا زفر بإستسلام قبل أن يقول ) في حاجتين كنت متأكد منهم اني عمري ما هسيبك تكوني لغيري و اني مينفعش اعمل حاجه من غير مساعدتك. عشان كدا فكرت، اني لازم اجبرك توافقي عالي عايزك تعمليه لإني بعد ما قربت منك عرفت انتي قد ايه كويسه و هترفضي تشتركي معايا في لعبه قذرة زي دي، قبل ما يحصل الي حصل بيوم خليتك تمضي علي ورقه الجواز العرفي من غير ما تاخدي بالك..

اه يوم ما قولتلي انك كتبتلي شقه المعادي باسمي و ان دا مهري صح؟
كانت تسأله و داخلها يقطر ألما فهاهي تتذكر تفاصيل بداية كابوسها المرعب لتأتيها إجابته لتؤلمها أكثر.

بالظبط. انا فعلا كتبتهالك عشان تبقي مهرك، و يومها مضيتك علي ورقه الجواز العرفي عشان لما يحصل حاجه بينا تبقي مراتي. مكنتش هقدر الوثك. انا عارف اني غلط و كل حاجه في حياتي غلط و مهما اقول أو اعتذر مفيش حاجه تبرر عملتي. بس انا فعلا حبيتك بجد. ماحبتش حد غيرك و كان عندي امل اول ما انفذ الي في دماغي اخدك انتي و امي و امشي بعيد عن الناس دي كلها و نبدأ حياتنا من اول و جديد و اعوضك عن كل حاجه شفتيها بسببي.

هند بإستنكار
تعوضني! ولا اي حاجه في الدنيا ممكن تعوضني عن كل العذاب و الذل الي شفتهم..
كان يتوقع ردها بالرغم من رفض قلبه له و لكنه يعطيها الف حق لذا قال من عمق وجعه
عارف، و عشان مش هقدر اعوضك، انا هاخد حقك مني. هاخد العقاب الي استحقه، و بتمنالك انك تعيشي بعدي الحياة الي تستحقيها.

كانت الكلمات تخرج من بين شفتيه و هيا تدهس فوق قلبه من فرط قسوتها و لكن ما كان يعزيه قليلا بأنه لن يكون موجود عندما تنفذ هيا تلك الامنيه اللعينه التي تمناها الآن فهو حتما لن يستطع قلبه و لا عقله تخيل كونها تكن لرجل آخر و لكن ما اقترفه من جرائم بحقها يجعله مكبل باصفاد حديديه تمنعه من التحرك خطوة واحده.

و كأنها شعرت بما يدور بداخله فأرادت أن تضغط علي ذلك السلاح الوحيد المتاح بين يديها و هيا غيرته لذا قالت بهدوء ظاهري
قصدك اكمل حياتي بعدك و احب و اتجوز صح؟
نفرت عروق رقبته من فرط الغضب و علا تنفسه فعلمت بأنها وصلت لمبتغاها فاقتربت منه تقول بحنق
حاضر، هنفذ وصيتك بالحرف الواحد، مادام انت هتكون مرتاح و انا في حضن حد تاني.

لم تكد تنهي جملتها حتي امتدت يداه تمسك بذراعها بقسوة و تلصقها في الحائط خلفها بعنف و هو ينفث الجحيم من أنفه و تجلي ذلك في نبرته المرعبه حين قال.

اسكتي، ارجوكي تسكتي. معدش في مكان لجرح جديد و لا القديم هيتحمل اكتر من كدا. اسكتي يا هند!
لم تستطع إلا أن تنظر إليه بألم و شفقه و لوعه تجلت في نبرتها حين قالت بخفوت من بين قطراتها
حاضر، هسكت يمكن وجعي يقضي عليا و اسبقك انا..
رائد بلهفه
بعد الشر، ماتقوليش كدا..
هند بإستنكار
ليه؟ مقولش كدا لية؟ انت فاكر انك انت الي نفسك ترتاح بس؟

نظر رائد الي داخل عيناها بنظرات ضائعه و قلب ممزق و قام بتقريبها إليها ساندا ذقنه فوق مقدمة رأسها و هو يقول بلوعه
اااااه لو تعرفي أن الراحه بالنسبالي حضنك و بس، حضنك الي مينفعش أبدا شيطان زيي يسكن فيه..
قاطعته بنفي
انت عمرك ما كنت شيطان، انت ضحيه الزفت الي اسمه راغب دا..
قست لهجته كثيرا قبل أن يقول بغضب.

متقلقيش، هياخد جزائه و هيندم علي كل حاجه وحشه عملها أو فكر يعملها في حياته، و دا وعد مني، الظرف دا لو جرالي حاجه تديه ليوسف، و هو عارف هيعمل ايه، انا مضطر امشي دلوقتي..
قال كلماته دفعه واحده و انسل من بين يدها متوجها إلي الخارج لتشعر بتجمد أطرافها حين غادرها ليندفع قلبها اليه بلهفه تجلت في صوتها حين نادته بلوعه جمدته في مكانه
رائد..

تجمدت يده الممسكه في مقبض الباب و التف ينظر إليها بعينان تحمل جميع اعتذارات العالم التي لم تكن تعني لها شيئا في تلك اللحظه بل قالت بتوسل
عايزة اشوفك تاني، لو عايزني انفذ الي قولت عليه، خليني اشوفك مرة كمان، ارجوك..

أن أنتظر دقيقه واحده فحتما لن يتركها أبدا لذا هز رأسه بالموافقه قبل أن يغادر و كأن شياطين العالم تلاحقه
باااااااك.

كانت تقف أمام النافذة تنظر إلي البعيد ليخرجها من شرودها إغلاق الباب خلفها فاهتز قلبها و شعرت بوجوده و لكنها لم تجروء علي الإلتفات إليه و لم تكن تعي شيئا عن لهفته و شوقه الضاري الذي يجعله يود أن يحتجزها بين قضبان ذراعيه للابد و لكنه يود التأكد من ظنونه اولا لذا قال بصوت صارم
هند..

حاولت إستجماع شجاعتها و أخذت نفسا طويل قبل أن تلتفت إليه ببطء كان يقتله مثلما كان يقتلها شوقها إليه و خجلها منه و لكنه فاجأها حين قال بجمود
انتي هنا بإرادتك؟
تفاجات كثيرا من سؤاله فقطبت جبينها قبل أن تقول بعدم فهم
يعني ايه هنا بإرادتي؟
حاول اخفاء رجفه صوته قدر الإمكان و هو يقول
يعني انتي فعلا موافقه عالي بيحصل و هيحصل كمان شويه، يوسف مأجبركيش، انتي فعلا عايزة تتجوزيني بإرادتك؟

شعرت بالرجاء في صوته حتما لم يخطئ قلبها أبدا فقد تجلي ذلك في عينيه لذا اقتربت منه و حاولت أن يكون صوتها ثابتا حين قالت
انا موافقه علي كل حاجه و جايه هنا بمزاجي و عايزة اتجوزك بإرادتي، (سقطت قطراتها رغما عنها حين قالت ) و مستعدة كمان افديك بروحي..

كانت تضغط علي كل كلماتها و كأنها قاصدة أن تحفر ما تعنيه بقلبه الذي لم يمهلها الوقت للحديث أكثر بل امتدت يداه تعتصرها بين ذراعيه بشوق بلغ ذروته. أخيرا شعر بالسعادة التي كان يستحي حتي أن يحلم بها جل ما كان يتمناه هو القليل من الألم فقط و لكنها الآن بين ذراعيه بكل رضي و طواعيه فنزلت دموعه رغما عنه لا يدري كيف يعبر عن سعادته فهذا اليوم هو يوم المعجزات بالنسبه له فاخيرا و بيوم واحد عوض سنين من الحرمان. عند تلك الكلمه افلتها من بين ذراعيه و هو يقول بلهفه.

يالا عشان نكتب كتابنا..
هند بخجل
طب ممكن اصلح الميكب بتاعي بس و..

قاطعها قائلا بلهفه
مش مهم، انتي زي القمر كدا، و أنا معنتش هدي فرصه لاي حاجه تبعدني عنك تاني، انا مش ضامن كمان خمس دقائق ممكن يحصل ايه، عايز اسمع الشيخ و هو بيقولي انك بقيتي مراتي خلاص..

تبخرت جميع ظنونها في الهواء عندما رأت ذلك العشق المرتسم بعيناه و اللهفه في حديثه فهزت رأسها بالموافقه علي الفور ليرفع كفها و يضع قبله عميقه فوق باطن يدها و يأخذها من يدها الي الخارج حيث الجميع ينتظر و ما أن ظهروا امامهم حتي هلل مازن قائلا بحماس
و اخيرا العرسان ظهروا، دانا شكيت أنهم عملوا الدخله قبل كتب الكتاب.

قال جملته الأخيرة بصوت لم يسمعه احد سوي ادهم الذي كان في عالم آخر يحاول التواصل مع غرام التي أغلقت هاتفها و لا يقدر علي الوصول إليها و قد اغضبه هذا كثيرا و شعر بالقلق أيضا ليتوجه الي كارما قائلا بقلق
كارما، انتي شوفتي غرام لما روحت البيت النهاردة؟

نظرت كارما نحوه بتوتر فغرام كانت حالتها غريبه عندما عادت الي المنزل اليوم و ايضا سمعت مشادة عنيفه بينها و بين والدتها و كان اسمه قد ذُكِر كثيرا أثناء حديثهم و كانت والدتها غاضبه بشدة من غرام حتي أنها منعتها من الدخول إليها بالرغم من حالتها المذريه. خرجت كارما من شرودها و نظرت إلي أدهم الذي كان القلق يأكله من الداخل و ترجمته ملامحه الي غضب كبير جعلها تقول بإرتباك.

لا، لا، مشوفتهاش خالص النهاردة.
شعر أدهم بإرتباكها الذي زاد من غضبه أضعاف حيث قال بإستنكار
نعم، ازاي يعني هو انتوا مش ساكنين في بيت واحد و الا انا بيتهيألي؟

احتارت كارما بما تجيبه ليأتي صوت يوسف عندما قام بالنداء عليه ليقف بجانب رائد أثناء عقد القران فلعن بداخله من أفعال حمقائه تلك و توجه حيث و قف خلف رائد الذي كان يجلس بجانب المأذون يد تمسك بيد رجيم الذي كان هو وكيل العروس و اليد الآخري تمسك بيد حبيبته الذي يخشي أن يفلتها فتختطفها الحياة منه مرة آخري و كان كلا من يوسف و على يجلسان بجانب رحيم ليشهدا علي عقد القران و ما أن هم الشيخ بالحديث حتي صدح صوت من خلفهم قائلا بعتب.

هتكتبي كتابك من غير ما نكون موجودين يا هند؟
التف الجميع الي مصدر الصوت ليتفاجؤا بمراد يقف على باب المنزل و معه سيدة في أواخر عقدها الرابع و معها طفله في الخامسه عشر من عمرها حين رأتها هند حتي هبت من مكانها لتندفع تجاهها تحتضنها بشوق كبير و بادلتها الفتاة العناق بأقوي منه و هيا تقول بلهفه
وحشتيني اوي، وحشتيني..
ورد فإشتياق
و انتي كمان وحشتيني اوي يا هند، كنت هموت و أشوفك..

احتضنتها هند و هيا تقول بأسف
حقك عليا اني بعدت عنكوا كل دا سامحيني..
لم تجبها شقيقتها انما شددت من احتضانها و ظلوا علي هذا الوضع لبعض الوقت قبل أن تتركها هند و تنظر بخجل الي والدتها التي كانت تطالعها بغضب فاخفضت بصرها قائله بخفوت
ماما..

قاطع حديثها يد قويه طوقت ذراعيها فالتفت لتجده يقف بجانبها يطالعها بنظرات مدتها بالقوة و الامان فهو كان علي أهبة الإستعداد للتدخل في اي لحظه و دعمها أن صار اي شي بينها و بين والدتها. فرفعت رأسها تنظر إلي والدتها التي تحولت نظراتها الي العتب عندما قالت.

مش هتحضنيني انا كمان يا هند و لا موحشتكيش؟

تفاجئت هند من حديثها فقد ظنت بأنها ستلقي هجوم قوي منها و لكنها تفاجئت تحول نظراتها و تلك الأبتسامه التي ارتسمت علي ملامحها فارتمت في أحضانها بقوة و بادلتها والدتها العناق بلهفه فبالرغم من غضبها منها إلا أنها قد افتقدتها كثيرا و بقلب أم لهيف نحت الغضب جانبا و أخذت تربت علي ظهرها و تمسد شعرها بيدها لتؤكد لنفسها بأن صغيرتها بخير، و هكذا دام الوضع لدقائق قبل أن ترفع هند رأسها تلتقول بخجل.

حضرتك زعلانه مني؟

نظرت سهام للخلف إلي الشخص الذي يقف خلف رائد و هند فألتفت جميعهم فوجدوا يوسف و بجانبه كاميليا و التفتوا الي سهام مرة ثانيه عندما قالت
اكيد زعلانه يا هند..
هند بإرتباك
هو، هو حضرتك عرفتي ايه بالظبط؟
تنحنح يوسف و تدخل قبل أن ترد سهام علي ابنتها و قال بصرامه
خلينا ناجل الكلام لبعد كتب الكتاب، الشيخ مش فاضيلنا..

اذعن الجميع لطلبه و توجهوا الي طاولة عقد القران و جلست سهام بجانب ابنتها التي تناست كل شئ و شعرت بالسعادة تغمرها و هيا تنظر إلي والدتها التي كان الفرح باد علي محياها و شقيقتها التي كانت تطوق عنقها من الخلف و البسمه مرسومه علي شفتيها و كذلك الجميع كانوا ينظرون إلي العروسين بسعادة بالغه و ما أن تفوه الشيخ بجملة
بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير.

حتي انطلقت الزغاريد من فم فاطمه التي كانت تحتضن ناهد التي كان جسدها يرتعش من شدة الفرح و دمعاتها تتساقط علي وجنتيها و هيا أخيرا تري ولدها سعيد بعد كل هذا العذاب التي ذاقه طوال حياته و قد كان مشهده و هو يحتضن عروسه اذاب قلبها فرحا و اشقاؤه الذين حاوطوه و صاروا يطلقون الصفارات و عبارات التهنئه من حوله و هو يقف بالمنتصف يداه تطوق خصر عروسه و صوت قهقهاته السعيدة يصدح هنا و هناك فقد كان هذا أكثر ما تتمناه في حياتها فنطق قلبها قبل شفتيها.

الف حمد و شكر ليك يارب، الف حمد وشكر ليك يارب
سمعت فاطمه كلماتها فشددت من احتضانها و هيا تقول بتأثر
مش قولتلك اصبري و ربنا كريم..
ناهد بلهفه
كريم اوي يا فاطمه، انا متخيلتش حتي في احلامي اني اشوفه مبسوط و سعيد كدا ابدا..
ربك مبيظلمش حد يا ناهد و رائد شاف كتير و اتبهدل كتير..

كادت ناهد أن تتحدث و لكنها وجدته يقترب منها و بجانبه عروسه الجميله فزاد تدفق الدمع من عيناها عندما توقف أمامها و قام بالإنحناء يقبل كفوفها التي احتوت وجهه حين رفعته بلهفه و هيا تنظر إلي ملامحه و تقول بحب
اسم الله عليك يا قلب امك..

و صارت يدها تمسح دموعه بحنان و هيا تمررها فوق ملامحه فكانها كانت تلامس قلبه من فرط تأثيرها فخرجت الكلمات تلقائيا من بين شفتيه
حقك عليا يا امي، حقك عليا عشان كل العذاب الي شفتيه بسببي و بسبب بابا، حقك عليا عشان كل حاجه وحشه شفتيها في حياتك..
ناهد بلهفه
اششش انا نسيت كل حاجه و أنا شيفاك عريس قمر كدا و جمبك عروستك زي البدر المنور.

قالت كلماتها و التفتت الي هند التي كانت تتساقط دموعها تأثرا بمشهدهم فاحتوتها بين ذراعيها في عناق دافئ ملئ بالمشاعر التي تجلت في نبرتها حين قالت بإمتنان
شكرا. شكرا علي كل. حاجه..

اجابتها هند بخفوت
متشكرنيش. انا معملتش حاجه أبدا..
شدت ناهد من عناقها و هيا تقول بخفوت
ارجوكي حافظي عليه دا اغلي حاجه عندي..
اجابتها هند بلهفه
هنحافظ عليه سوي..

رفعت ناهد رأسها تطالعها بإمتنان قبل أن تقول بحب
ربنا يسعدكوا..
اندمج الجميع في الحديث الذي لم يخلو من مزاح مازن و على و اندمجت هند مع الفتيات و كذلك ورد شقيقتها و تم التعارف بينها و بين ناهد و فاطمه و قد احبوها كثيرا و كان رحيم يقف في الشرفه ينظر إليهم جميعا من بعيد بسعادة و كذلك مراد الذي اقترب منه يربت فوق كتفه وهو يقول بمزاح
الفرحه مش سيعاك طبعا و انت شايف كل احفادك حواليك و فرحان بيهم..

اخفض رحيم بصره يخفي دمعه هاربه من طرف عيناه قبل أن يقول بحزن
كان نفسي يكونوا اخواتك حوالينا و معانا، عشان تبقي فرحتنا كامله..

شعر مراد بما يشعر به رحيم و كيف أنه يخفيه في تلك الكلمات لذا ابتسم بحنان قبل أن يقول بلطف
هما في مكان احسن يا بابا مش انا الي هقولك، و بعدين تعالي هنا احنا من النهاردة مش عايزين حزن تاني كفايانا بقي، و لا انت ايه رأيك؟

رحيم بنبرة متحشرجه
عندك حق كفايانا، عشان كدا خليني اقوم اروح انا خلي الولاد يفرحوا براحتهم..
مراد بإندهاش
ليه يا بابا بتقول كدا؟

رحيم بحزن
عشان أنا سبب كل حاجه وحشه عشتها انت و اخواتك و من بعدكوا ولادكوا يا ابني، انا الي بغبائي دمرت حياتكوا زمان و كنت هدمر حياة ولادكوا كمان لولا يوسف بعد ربنا هو الي وقفلي و فضل ورا الحقيقه لحد ما كشفها، و إلا كان زمان حياتكوا انتهت بمأساه بسببي و بسبب جبروتي و قسوتي..

آلم حديثه مراد كثيرا فامتدت يداه تمسك بكف رحيم تقبله قبل أن يرفع رأسه يقول بصدق.

اوعي تقول كدا تاني يا بابا. كل الخير الي احنا فيه دا بسببك و بتعبك و شقاك، انت مغلطش مع حد فينا، احنا الي زي ما قال يوسف كنا أجبن من أننا نواجهك كل واحد فينا غلط و دفع تمن غلطه انت ملكش ذنب، و الدليل يوسف لما وقف قصادك عشان كاميليا مقدرتش تمنعه لو كنا عملنا كدا كان هيبقي دا نفس موقفك بس احنا الي كنا اغبيه كل واحد مشي ورا كرامته و ادا ضهره لحبيبته و احنا الي بنحصد زرعتنا مش انت..

شعر رحيم بأن مراد بحاول التخفيف عنه لذا قال بألم.

ماتحاولش تخفف عني يا مراد، انا الي كنت من البدايه اب قاسي و ظالم، حتي مع كاميليا البنت اليتيمه الي ابني سبهالي امانه في رقبتي وبإيدي انا الي عذبتها و كنت عايز افرق بينها و بين يوسف، مرحمتش ضعفها أبدا، ورائد الي مش قادر يبص في وشي بسبب ظلمي له و قساوتي معاه، القسوة عمتني و محستش بدمي الي بيجري في عروقه، ملامح ابني الي في وشه، نظراته الي العيله الصغيرة شافتها في عنيه و أنا بجبروتي محستهاش، روفان العيله الصغيرة حست بيه و أنا لا..

مراد بمواساة
انت مش ذنبك يا بابا انت كان عندك حق في محمود و راغب الكلب دا و لو عامر سمع كلامك زمان مكنش حصل الي حصل و كان زمان رائد متربي في وسطينا دلوقتي. و بعدين الفرصه لسه قدامك تصلح غلطاتك مع رائد و ترجعه لحضنك تاني و كاميليا انا شايفها بتعاملك حلو و تقريبا نسيت كل حاجه..

رحيم بتحسر
أبدا، كاميليا عمرها ما تنسي اي حاجه، أن كانت بتعاملني حلو فدا عشان متعرفش تبقي وحشه، بس انا واثق أنها مسامحتنيش أبدا، أما رائد فطريقي معاه طويل معتقدش أن عمري هيكفي عشان اوصل لنهايته، انا بس كان نفسي اخده في حضني اوي النهاردة و اشم ريحه عامر فيه، كان نفسي احضنه و لو مرة واحده بس قبل ما اموت..

بعد الشر عنك يا جدي..
التفت الإثنان علي هذا الصوت القادم من الخلف فتفاجئ رحيم من رائد الذي كان يناظره بإعتذار و اسف شديد و خلفه كان يقف يوسف الذي كان يبتسم الي جده بحنان و داخله يشعر بالسعادة و بأن خطته سارت في مسارها الصحيح.

قبل نصف ساعه
نظر ليوسف الي رائد و قام بالإشارة له ففهم الآخر و إستأذن من الجميع و توجه معه الي مكان ركن منعزل قليلا و بدأ يوسف بالحديث قائلا بعتب قاسي
مادام ناويت تفتح قلبك و تسامح و تبدأ من جديد يا رائد يبقي متردش حد جالك و مدلك أيده بالصلح..

لم يفهم رائد حديث يوسف فقال بإستفهام
مش فاهم يا يوسف تقصد ايه؟
يوسف بحنق
اقصد جدك! ممكن اعرف ليه كسرت خاطره بأسلوبك دا؟
تصاعد غضب رائد عندما علم ما يقصده يوسف فقال من بين اسنانه
عشان هو السبب في كل حاجه حصلت، و لإني عارف أنه عمره ما حبني أبدا، و أنه جاي غصب عنه عشان ميفوتوش حاجه ماهو طول عمره كدا..
أوشك يوسف أن يلكمه في تلك اللحظه و لكنه ابتلع غضبه بصعوبه بالغه و قال حانقا.

كلامك دا معناه انك لسه متخلصتش من السموم الي الشيطان دا لوث عقلك بيها، اولا جدي مش السبب في حاجه دا هو الي ياما قال لبابا يبعد عن الناس دي و ابوك مسمعش كلامه، و لو كان يعرف و لا عنده ذرة شك أن امك كانت حامل لما ابوك طلقها كان خدك و لو من بق السبع، الغلط غلط ابوك الي صدق اللعبه الحقيرة دي من غير ما يدور و لا يتأكد، و جدك الي بتقول انه ما بيحبكش دا حتي من قبل ما يعرف أننا متفقين مع بعض كان هيتجنن عليك و كان ناقص يترجاني عشان مش أأذيك، و لما قولتله الحقيقه دموعه نزلت من الفرحه و صمم أنه يجي و يبقي جمبك و يبقي كمان وكيل العروسه. و كان ندمان أشد الندم علي كل لحظه كان وحش معاك فيها، و مش بس كدا دا أكد عليا أن هند تيجي تعيش في القصر معانا لحد ما نخلص من موضوع الزفت دا بعد ما أكد عليا مليون مرة اني أأمنك كويس و قال إن القصر دا انت ليك فيه زيك زينا و كلم المحامي عشان يعرف ازاي نحل موضوع النسب دا و تشيل اسمك الحقيقي و قال كمان انه هيقسم التركه بينا كلنا، تخيل يعمل كل دا و هو بيكرهك امال لو كان بيحبك بقي كان عمل ايه! رحيم الحسيني محدش يقدر يجبره علي حاجه، حط كلامي دا حلقة في ودنك..

شعر رائد و كأن دلو من الماء قد سقط فوق رأسه فهل ما سمعه لتوه حقيقه؟ رحيم الحسيني يشعر بالندم بل و يحاول تصحيح أخطاءه؟ اخفض رائد نظره فلم يكن قادر علي استيعاب كلمات يوسف الذي وضع يده فوق كتفه بقوة و قال بصرامه.

الدنيا دي كلها كوم عندي و جدي كوم تاني يا رائد، الكسرة الي شفتها في عنيه لما رديت عليه دي لو حد تاني غيرك كان السبب فيها كنت دفنته مكانه، جدك مش حمل عذاب و ندم اكتر من كدا، جدك عمره ما كان وحش معانا و انت دلوقتي مننا صلح علاقتك معاه عشان مترجعش تندم بعد فوات الاوان، و افتكر كويس انك رائد الحسيني حفيد رحيم الحسيني الي مش هيتردد لحظه أنه يفيدك بروحه..

عودة للوقت الحالي.

اندفع رائد يحتضن رحيم بقوة و هو يتذكر كلمات يوسف التي كانت حقيقه بنسبه كبيرة فقد شعر بمدي دفء عناق ذلك العجوز ذو القلب المتحجر الذي كان يلامس برودته من علي بعد أمتار و لكنه الآن دافئ حنون و يديه التان كانت تربت بحنان علي ظهره و كأنها تمسح بحنانها كل ما كان عالق في القلب من بقايا خذلان الحقته الايام به و شعر حينها بأن هذا العناق ما كان ينقصه لتكتمل فرحته و يستطيع الآن أن يستوعب أنه فعليا ينتمي لتلك العائله..

طالعه رحيم بنظرات يملؤها الاعتذار و الألم و الندم الي تجلي في نبرته حين قال بضعف
مكنتش متخيل اني هسمع الكلمه دي منك أبدا..
رغما عنه تألم لضعفه مما جعله يقول بحنان
حقك عليا يا جدي..
قاطعه رحيم بلهفه
حقك. انت عليا يا ابني، انا الي محقوقلك و مستعد اعمل اي حاجه عشان أكفر عن ذنبي معاك..

لصدمته شعر بالغضب من نفسه لأنه السبب في إنكساره بهذا الشكل فقال بصدق
اوعي تقول كدا تاني، انا الي اتحقلك و اشيل جزمتك علي راسي، خلينا ننسي كل الي فات و الحمد لله اننا عرفنا الحقيقه في الوقت المناسب..
رحيم بحب
الحمد لله يا ابني، تعالي في حضني خليني اشم ريحه الغالي فيك.

من دون حديث انخرط الأثنان في عناق طويل شعر فيه رحيم بأنه يعانق فقيده الغالي الذي كان ألم غيابه مازال ينخر عظامه الي الآن و لم يهدئه سوي هذا العناق الذي جعل قلبه يرتجف من فرط التأثر و كان بالمقابل يشعر رائد بأنه في امان لم يشعر به مسبقا و بأن كان يحتاج هذا العناق أكثر منه..

انضموا الي الجميع في الداخل و ضحكاتهم تملئ الوشوش و القلوب التي اضناها العذاب لسنين طويله و لكنها الآن وصلت إلي بر الامان.
بعد ساعة كان يوسف أول من نهض من مكانه ممسكا بيد حبيبته و هو يقول
انا بقول يالا بينا بقي و نسيب العرسان يرتاحوا..
وافقه رحيم الذي تحرك من مكانه و قال بوقار.
عندك حق يا يوسف، الف مبروك يا ولاد..
قالها رحيم و هو يعانق رائد و هند التي خصها بنظرة حانيه و هو يقول.

نورتي عيلتنا يا بنتي، مش هوصيكي علي رائد..
هند بسعادة من كلماته
دا نورك يا جدي، حقيقي مش عارفه اشكرك ازاي انك كنت موجود النهاردة.
رحيم بصرامه
عايزة تشكريني تشطري انتي و هو و تجبولي حفيد صغير..

غزا الإحمرار وجنتاها من كلمات رحيم فقهقه الرجال من حولها و قال رائد بمزاح
متقلقش يا جدي تسع شهور من النهاردة و الواد يوءوء في حجرك، و اجبلك انا اول حسيني في العيله.

صُدِمت هند من حديث رائد الذي كان يتحدث و هو ينظر إلي يوسف بتحدي فقال الاخير ساخرا
اتكلم علي قدك يا ابني انت، تسع شهور الا تلت ايام و تلاقي الحسيني الصغير منور يا جدي..

قهقه الجميع علي حديث يوسف لينظر مازن الي أدهم الذي يظهر الإمتعاض علي ملامح وجهه و قال بشماته
مش ناوي تدخل المزاد دا انت كمان..
ققال أدهم بتحسر
حسبي الله ونعم الوكيل في بنت فاطمه، الي هتقطع خلفي قريب..

كتم مازن ضحكته بصعوبه علي مظهر أدهم و التفت إليهم و قال بمزاح
كان نفسي اشارك معاكوا في الرهان الجامد دا بس بعيد عنكوا عندي خازوق راشق في حياتي هفجره و اجيلكوا حاضر.

كان يتحدث و هو ينظر بحنق الي على الذي قال بوعيد
قاعد علي قلبك العمر كله.
مازن بقهر
ياخي ربنا ياخدك.
اندفع الكلام من بين شفتيها رغما عنها حيث قال بلهفه
بعد الشر عنه أن شالله انت..
التفتت جميع الأعين الي تلك الصغيرة التي كانت تود لو تنشق الأرض و تبتلعها في تلك اللحظه من فرط الخجل فجاءها هذا الصوت المنقذ الذي كان لفاطمه التي اندفعت تجاهها تحاوطها بذراعيها و هيا تقول بحدة.

ايه أن شاء الله بتبصولها كدا ليه؟ مش جوزها و خايفه عليه، و انت يا ابو لسانين بتدعي علي ابني طب ابقي قابلني لو جوزتهالك!

حاوط مازن كارما بذراعه في تملك قبل أن يقول بمزاح
اقابلك فين يا بطاطا؟
اجابه على بحدة
شيل ايدك ياد من على كتفها؟
مازن ببله وهو ينقل ذراعه من فوق كتفها الي خصرها
طب احطها علي وسطها؟

على بغضب
و لا على وسطها يا خفيف..
مازن بغباء
الاه امال احط ايدي فين طيب؟
على بسخريه
هبقي اقولك بيني و بينك..

تدخل يوسف قائلا بنفاذ صبر
لا بقولكوا ايه احنا نسيب الناس ترتاح و في جمب العمارة جنينه ابقي روحوا العبوا فيها. عشان بصراحه مش طالبه صداع. اه و ابقوا خدوا الكئيب دا معاكوا.
و أشار بيديه الي أدهم الي ناظرهم بغيظ و توجه إلي الباب و هو يقول بحنق
الكئيب سايبهالكوا مخضرة و ماشي..

تبادل الجميع السلامات و توجهوا الي الخارج للمغادرة فاقترب رائد من يوسف يحادثه بخفوت
يوسف طب المفروض هند هتيجي معاكوا دلوقتي و لا هتبات هنا و تبعت العربيه تاخدها بكرة؟

ابتسم يوسف علي حديثه و قال بتخابث
لا هتيجي دلوقتي و لا هتيجي بكرة!
تفاجئ رائد من حديثه و قال بإستفهام
مش انت قولت
قاطعه يوسف قائلا بنبرة ذات مغزي
هو ينفع بردو عروسه تسيب عريسها و تمشي في ليله زي دي..

لم يصل المعني الكامل إليه لذا قال بعدم فهم
يوسف أنا مش فاهم حاجه، هو مش المفروض أن انا هبات قدام القبر الي المفروض هيا مدفونه فيه، الكلب دا سايب حراسه هناك عشان تقوله كل اخباري..

يوسف بمكر
الكلب. دا بيراقب رائد نصار و دا بايت هناك انما هنا رائد الحسيني هيبات مع عروسته مش بس كدا لا دا هيقعد معاها اسبوع كمان لحد ما الزفت دا يخلص الي بيعمله و يرجع..
انشرح قلب رائد لدي سماعه حديث شقيقه و قال بإمتنان
انا مش عارف اقولك ايه يا يوسف، حتي الشكر قليل عليك..

يوسف بجديه مزيفه
مجنون انت يا ابني، و بعدين دا مش عشانك دا عشان اديلك فرصتك تجيب لجدك الحفيد، مش قولت بعد تسع شهور هتجبهوله، نفذ وعدك بقي بس خلي بالك، أنا ناوي علي دسته و هجبهم ورا بعض اه اخوك مبيضيعش وقت..

قهقه رائد علي حديث يوسف و قال بمزاح
أسد يا ابني مانا عارفك، الله يكون في عونك يا كاميليا..
عند هذه النقطه انضمت اليهم كاميلا فالتفت ذراعه تلقائيا حول كتفها و وضع قبله حانيه فوق جبهتها فابتسمت بحب قبل أن تنظر إلي رائد قائله بتحفظ
الف مبروك يا رائد، ربنا يسعدكوا يارب..

أجابها رائد بإمتنان
الله يبارك فيكي يا كاميليا، شكرا علي كل حاجه..
ابتسمت و قالت بصدق
و انت كمان شكرا..
تدخل يوسف قائلا بتهكم
العفو، يالا نفض الفيلم دا و نمشي عشان ورانا حاجات مهمه..

قال جملته الأخيرة و أعطاها غمزة اربكتها و جعلت رائد يقهقه قبل أن يقول بمزاح
الله يعينك يا عم..
تذكر يوسف شيئا ما فقال موجها حديثه لرائد
مامت هند و اختها هييجوا معانا عالقصر..

تفاجئ رائد من حديثه فقال بعدم فهم
ازاي يا يوسف؟ طب و الكلب الي هناك دا هتعمل معاه ايه؟

يوسف بغموض
متقلقش قطعت لسانه خلاص..

أخيرا غادر الجميع و تبقي هو و هيا فقط. كانت تشعر بالرهبه من تلك الفكرة فهيا كانت تهابه كثيرا في السابق و تخاف من عقابه و قسوته و لازالت تتذكر تلك الليله المشؤمه التي قلبت حياتها رأسا علي عقب و لكن الآن
تبدل كل شئ. كل الحقائق و الأشخاص و الظروف المحيطة بهم و لكن يبقي السؤال الذي يدور بذهنها هل تبدلت طباعه القاسيه بفعل كل تلك الأحداث التي حدثت ام مازال كما هو؟

و حتي أن كان مراعيا معها فهيا عندما حدث ما حدث كانت مغشيا عليا لم تشعر بشئ لذا فروحها مازالت عذراء حتي بالرغم من تلك الكارثه التي حلت عليها بعد ما حدثه و التي لا تعلم كيف سيكون وقعها علي مسامعه هل سيتفهم دوافعها ام ستعود شياطينه و تجعل حياتها معه جحيم؟ لا تعلم ماذا عليها أن تفعل و لكنها حتما لن تبدأ معه و هيا تخفي أمرا مهما مثل ذلك لذا قررت بأنها لابد من أن تخبره بكل شئ. عند هذه الخاطرة تفاجئت به يدخل من باب الغرفه فهبت من مكانها تناظره بخوف شديد لم يخفي عليه ففطن الي ما يجول بخاطرها فابتسم إليها بحنان قبل أن يتقدم تجاهها و يقف قبالتها و هو يناظرها بحب تجلي في نبرته حين قال.

بلاش نظرة الخوف الي في عنيكي دي، انتي اغلي حاجه عندي في الدنيا و أنا مش ممكن أأذيكي أبدا مهما حصل..

اشتعلت نار الندم في قلبها حين سماعها كلماته و لكنها لن تكون مثلهم و تخدعه و لو لثانيه واحده لذا قررت أن تخبره فابتلعت ريقها بصعوبه بالغه قبل أن تحاول رسم ملامح القوة علي وجهها و قالت بنبرة حاولت أن تجعلها ثابته
حتي لو عرفت اني كنت حامل و سقطت نفسي!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة