قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الأربعون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الأربعون

رواية للعشق وجوه كثيرة للكاتبة نورهان العشري الفصل الأربعون

منذ اللحظة الأولي التي وقعت فيها في حبك و أنا أشتهي نومه طويله بجانبك يرافقني فيها انفاسك العطرة و دفء عناقك و رائحتك الشهيه و عندها سأعلن إعتزالي للعالم أجمع!

نظرت ناهد الي هذا الشخص الذي ظنته لوهله شخص آخر تعرفه فقالت بزهول
سالم!
طالعها على بصدمه فهل يمكن أن تحدث تلك الصدف علي أرض الواقع فتلك السيدة هيا قريبه والدته و التي ظنت أنها ماتت منذ سنوات، منذ أن رأى ذلك الاهداء علي تلك الصورة و هو لا يصدق ما يحدث
فلاش باك.

كانت كلماتها مؤلمه بقدر ما كانت مهينه لا لكرامته بل لقلبه الذي كان يتلهف للإجتماع بها حتي يخبرها عما يحمله لها بين طياته من مشاعر عميقه قد أختبرها كثيرا قبل أن يسلم راية عشقه لها و في المقابل نال منها صفعه تجاهل قاسيه لمشاعره و مشاعرها في آن واحد دون أن تعطي له أي حق فيما فعله فمن أهينت أمامه كانت والدته و هو غير نادم أبدا عن دفاعه عنها و إن عاد الزمن سيكرر فعلته بشكل أكثر قسوة هكذا أخبره عقله و انصاع له قلبه الذي طعنته قساوة كلماتها في الصميم و لكن كبرياؤه ابى عليه أن يظهر ضعفه تجاهها حتي أمام نفسه فهب من مكانه و أخذ يبحث عن هاتف آخر كان يحتفظ به للطوارئ فلم يجده فتمكن منه الغضب مرة ثانيه و قام بإفراغ محتويات الدرج بعصبيه ثم حمله و قام برميه علي الأرض و جلس علي السرير خلفه بيأس و اخفض رأسه واضعا إياها بين يديه ناظرا الي الأرض مغمضا عيناه و أخذ يحاول أن يعيد تنظيم أنفاسه لعدة ثوان ثم قام بفتح عيناه التي وقعت علي تلك الصورة لقريبتهم هيا و طفلها فأمسك على الصورة و نظر إلي ملامح ذلك الطفل لثوان ثم قلبها بلامبالاه ليجد ذلك الاهداء.

أهدي هذة الصورة لأختي و صديقتي الغاليه فاطمه و هيا أغلي ما امتلك فبها صغيري و حبيبي و طفلي الغالي رائد
كرر على الاهداء ثم لمع وميض الذكري في عقله فهب واقفا من مكانه و عقله يردد أيعقل أن يحدث هذا؟!

اخذ على يبحث في أوراقه ليجد ذلك الملف الذي أعطاه إياه صديقه شادي و الذي يحتوي علي معلومات عن ذلك المدعو رائد فأخذ ينظر إلي صور فوتوغرافيه له قبل سنوات و يقارنها بصورة ذلك الطفل هناك شبه كبير بينهما و لكن عليه أن يتأكد بنفسه.
قام على بالبحث عن الهاتف البديل فوجده أخيرا و وضع به شريحته و ما أن فتحه حتي وجد إتصال هاتفي فأجاب بلهفه ليجده شادي صديقه و الذي قال سريعا.

فينك يا ابني عمال ارن عليك تليفونك مقفول!
علي بلهفه
شادي في حاجه مهمه عايزك تنفذهالي
شادي باستفهام
حاجه ايه؟
انا لازم اقابل ناهد دي في اقرب وقت
أنا أساسا كنت متصل عليك بسبب كدا، رائد دا من شويه صغيرين جه بيته و طلع يجري زي المجنون دا حتي نسي يقفل باب العربيه وراه و المراقبه بتقول أنهم سامعين صوت زعيق و خناق فوق..
كان على يتحدث الي شادي و هو يرتدي ثيابه بسرعه فقال لاهثا
ابعتلي العنوان انا رايح علي هناك..

شادي باستنكار
تروح تعمل ايه هناك يا على انت مجنون!
على بحدة
الموضوع دا لازم يخلص النهاردة و أنا لازم اقابل الست دي أنجز ابعتلي اللوكيشن
أنهى على المكالمه ثم توجه إلي الخارج و أدار سيارته و انطلق سريعا الي ذلك العنوان الذي أرسله إياه صديقه الذي هاتفه و اخبره بخروج رائد العاصف من المكان لينتهز تلك الفرصه و يصعد الي هذه الشقه لكشف الحقيقه بنفسه
بااااك
أجابها على بهدوء و قد حاول السيطرة علي انفعالاته.

انا محمود صاحب رائد هو مش موجود و لا ايه؟
طالعته ناهد بنظرات تائهه فقد كان يشبه سالم كثيرا فهيا لاتزال تذكره عندما تقدم لخطبه فاطمه و لكن ذلك الشاب محق فسالم الان في عمر الستون أو أكثر لذا لا يمكن أن يكون هو و لكنها بالرغم من خوفها من الغرباء فهيا ارتاحت لذلك الشاب
. كانت ناهد شاردة تنظر إليه فقام هو بفرقعه أصابعه أمامها فخرجت من شرودها قائله بارتباك.

أأأسفه فكرتك حد اعرفه، في الحقيقه رائد خرج من شويه.
على محاولا أن يخلق أحاديث معها
حضرتك والدته مش كدا..؟
ناهد بارتباك
أاااااه، لا، لا، انا واحده قريبته!
على بهدوء
طب ممكن كوبايه ميه، اصلي جاي من طريق طويل و كنت عايز رائد في موضوع مهم بس ماليش نصيب أقابله بقي..
أخذت ناهد تنظر إليه بحيره ثم رأت في عينيه الاطمئنان فهزت رأسها و دخلت الي المطبخ فرن هاتف على الذي أجاب بصوت خفيض
إيه يا شادي في ايه؟
شادي بلهفه.

انزل من عندك بسرعه يا على في عربيه دفع رباعي جت وقفت قدام البيت و فها ناس شكلهم ميطمنش طالعين علي فوق انا واثق أنهم طالعين عند الست دي
على بعمليه
أأمن طريق للهروب ايه؟
الشقه دي ليها باب في المطبخ اطلع منه و انزل عالسلم هتلاقيني مستنيك بالعربيه عند الباب الي في ضهر العمارة.

تحرك على و قام بإغلاق الباب بالمفتاح الذي كان بالداخل و قد أخرج سلاحه المخبئ بين طيات ملابسه فوجد ناهد تسكب المياه في الكوب فقام بضربها بمؤخرة سلاحه فوق رأسها و هو يردد
سامحيني بقي يا خالتي بس للضروره احكام.

فسقطت بين ذراعيه فاقدة للوعي فحملها و قام بفتح ذلك الباب و النزول علي السلالم بسرعه كبيرة ليصل إلي ذلك الباب مباشرة بعد أن سمع صوت إطلاق رصاص في الأعلي ليقابله شادي الذي صُدِم عندما رأى على يحمل تلك السيدة و قال بدهشه
الله يخربيتك انت عملت فيها ايه؟
على بلامبالاه
ضربتها بالمسدس علي دماغها
شادي بزهول
نهار ابوك اسود انت اتهبلت يا ابني!
على بملل
هتتنيل تركب. و لا مستني لما ييجوا يخلصوا علي اهلك هنا؟

شادي و قد استوعب الأمر و صوت طلقات الرصاص فهرول الي جانب علي الذي جلس في كرسي السائق بعدما وضع ناهد في الخلف و ما أن جلس شادي بجانبه حتي انطلق بالسيارة بسرعه كبيرة فلم يستطع ايا من هؤلاء الرجال اللحاق بهم ليزفر قائدهم بغضب و قام بالرد علي هاتفه الذي أخذ يرن قائلا بأسف
للأسف يا بوص وصلنا متأخر و في حد هربها!

كانت كاميليا تلزم غرفتها منذ أن سمعت ذلك الحديث المسموم في غرفه المكتب بين يوسف و أدهم و قد أيقنت بأن كل ما اخبرها جدها به كان حقيقه فيوسف قد اعطي له وعدا بالزواج من نيفين تلك الخاطرة التي كلما مرت علي ذهنها تجلدها و كأنها صوت خلق خصيصا لجعلها تنزف من فرط الألم الذي لا يعادل وجعه اي شئ في هذه الحياه..

و أيضا في اليوم الثاني عندما طلب يوسف الاجتماع بروفان و والدته سرا دون أن يخبروها فهي قد سمعت روفان و هيا تتهامس مع صفيه بصوت منخفض عن ذلك الاجتماع الذي كان يقتصر عليهما فقط و الذي كانت قد رجحت سببه بأنه يريد أن يخبرهما قراره بالزواج من نيفين!

و لاول مرة لا تسعفها الدموع و تسقط علها تريحها قليلا بل عاندتها أكثر مثل تلك الحياه التي كلما رأتها تفرح و لو قليلا أعطتها من العذاب ما يجعلها تحزن دهرا و لم ترأف بحالها و لو لمرة واحده و لكن تلك المرة كان العذاب اكبر من قدرتها علي التحمل فهيا لا تذكر تلك الليله كيف صعدت مرة ثانيه الي غرفتها و ارتمت علي سريرها تحتضن نفسها بذراعيها علها تخفف قليلا من تلك البرودة التي لفت جسدها فجعلته صلب كالفولاذ و حجرت العبرات بعيناها حتي عندما شعرت به يدخل الي غرفتها و يقترب منها كل ما استطاعت فعله هو التظاهر بالنوم و لم تستجيب خليه واحده بجسدها لتلك القبله التي وضعها فوق جبينها ثم أخذ يناظرها لثوان قد يأس فيهما من أن تلتفت إليه و خرج مغلقا الباب خلفه بهدوء..

لامت نفسها كثيرا كيف أنها لم تصرخ بوجهه و تقول له
لما؟! لما اتيت أن كنت تنوي الابتعاد؟ لما تقترب مني و في داخلك تنوي الزواج بأخرى؟
بأي ذنب تقتلني لتحييها ؟
عند هذا الخاطرة ارتجفت شفتيها و فرت دمعه يتيمه من عيناها اتبعها سيل من الدموع التي اشفقت علي ذلك القلب الي لم يعد قادر علي التحمل..

اخذت شهقاتها تزداد شيئا فشيئا و ظلت تبكي لوقت طويل لا تعلم مقداره الي أن هدأت تدريجيا ثم قامت من مكانها واتجهت الي احد الأدراج. و قامت بإخراج كتاب كبير و أخذت تبحث بين أوراقه حتي وجدت ضالتها تلك الرساله الوحيدة المتبقيه لها من والدتها فشرعت في قرائتها بشفاه ترتجف الما و وجعا و فقدا
بنتي حبيبتي كاميليا..
لما تقري الجواب دا هكون انا اكيد فارقت.

الحياه. بس عمري ما هفارقك أبدا لإني هفضل عايشه في قلبك. عيزاكي تعرفي إني بحبك اوي و انك اغلي حاجه عندي في الدنيا و لو طولت افديكي بروحي هفديكي بس للأسف في حاجات كتير مبتكونش بأيدينا و قدرنا أننا نعيشها، عارفه انك هتتعبي اوي مع الناس الي انتي عايشه معاهم دول و عارفه انك هتحاربي كتير عشان تعرفي تعيشي وسطهم بسلام بس انا واثقه في بنتي أنها قويه و عمرها ما تتهزم. خليكي قويه يا كاميليا اوعي تبيني ضعفك لحد أبدا حتي لو كان مين. هييجي يوم و يستغله ضدك و خليكي دايما عندك إيمان بربنا كبير. و اعرفي أن الشر عمره ماهينتصر و مهما قوي هييجي يوم و يتهزم وقتها هتعرفي قيمه طيبتك و إنسانيتك و هتعرفي إن ربنا عادل اوي، متتعشميش في حد عشان العشم دا اكتر حاجه وجعها صعب في الدنيا اتعشمي في ربنا عشان ربنا كبير اوي و عمره ما هيخذلك. و اعرفي اهلك يا كاميليا انا هسيبلك في آخر الجواب عنوان فاطمه اختي انتي عمرك ما شوفتيها و لا تعرفيها بس هيا هتكونلك زيي و اكتر لما تضيق بيكي الدنيا متتردديش انك تروحيلها و لما تروحي لها قوليلها زهرة بتقولك حافظي علي ضناها اوي خليها تحضنك اوي بالنيابه عني، خليها تسلمك بايدها لعريسك الي يصونك و يحافظ عليكي، و اوعي تصدقي اي كلمه وحشه تتقالك عني يا بنتي اعرفي أن امك اشرف ست في الدنيا، خلي بالك من نفسك يا بنت قلبي و روحي و خليكي قويه يا كاميليا اوعي تضعفي و لا تسيبي الدنيا مهما جت عليكي تضعفك.

بحبك اوي
ماما زهرة.

قرات كاميليا هذا الخطاب للمرة التي لا تعرف عددها. في كل مرة تسقط عبراتها بغزارة و لكن هذا المرة كانت مختلفه فقد هبت واقفه و أخذت تمسح بقايا دموعها ثم طوت الخطاب و وضعته في مكانه و دخلت الي المرحاض لتأخذ حماما دافئا ثم ارتدت اجمل ثيابها و جهزت بعضا من اغراضها الخاصه في حقيبه و خرجت متجهه الي الأسفل و ذهبت الي المطبخ فوجدت صفيه تقف مع الخدم لمباشرة طهو طعام الغداء فاتجهت كاميليا تجاهها و قالت بهدوء.

ماما صفيه!
التفتت صفيه اليها تناظرها بحب قائله بحنان
نعم يا حبيبتي.
كاميليا بابتسامه بسيطه و بلهجه حاولت أن تكون ثابته
ممكن اروح ازور خالتو فاطمه و البنات وحشتوني اوي و نفسي اشوفهم.

صفيه بتردد فهيا تشفق علي حال تلك المسكينه خاصة و هيا تري إنشغال يوسف الدائم عنها و تشعر بحزنها و إنطفائها منذ ذلك اليوم في المشفي و خاصة عند علمها بما ينوي رحيم أن يفعله بها و بطلبه من يوسف بالزواج من نيفين فهيا تشفق كثيرا عليها مما حدث و سيحدث
طب قولتي ليوسف؟
انمحت بسمتها و حل محلها اسامه حزن كبيرة سيطرت علي نظراتها و قالت بنبرة مهزوزة قليلا.

يوسف مشغول الله يكون في عونه، انا قولت استاذن حضرتك لو مكنش عندك مانع اروح!
ذلك الرجاء في صوتها و هذا الحزن الذي يسيطر علي ملامحها جعلا صفيه تحسم قرارها سريعا فقالت بلهجه حازمه و لكن حانيه
روحي يا حبيبتي غيري جو و انبسطي و متقلقيش أنا هقول ليوسف.
ودت كاميليا بأن تخبرها بأنه لن يسأل عنها بل إنه لن يلاحظ غيابها من الأساس و لكنها آثرت الصمت فهزت رأسها قائله بإمتنان
شكرا.

كانت صفيه تود إحتضانها كثيرا و لكنها تراجعت فهيا تعلم بأنها علي شفير الانهيار الآن و أن أي بادرة حنان منها قد تجعلها تنهار و هذا ما لا تريدة لهذا قررت الذهاب الي خالتها فقالت بمرح
علي ايه والله نفسي اهرب و اجي معاكي يا بنتي علي الاقل الواحد يشوف اشكال نضيفه بدل الأشكال الغلط الي عايش معاها دي بس هعمل ايه حكم القوي.

ضحكت كاميليا علي مزاح صفيه فهيا تعلم بأن صفيه تشعر بكل ما يدور بداخلها و تود بأن تخرجها مما هيا فيه و هيا أكثر من شاكرة لها لتفهمها هذا فتلك المرأة كانت و لا تزال الصدر الحنون لها في هذا المنزل..
أوشكت كاميليا علي الحديث و لكن أوقفها صوت أدهم الذي جاء من الخارج لتقول صفيه بلهفه
كويس أدهم جه يوديكي، عشان الخناقه متبقاش خناقتين مانتي هتسبيني في وش المدفع و تمشي..

خرجت صفيه يتبعها كاميليا فوجدوا أدهم ييقف أسفل السلم ناظرا الي ساعته و ما أن همت صفيه بالحديث حتي وجدت يوسف بالاعلي يتحدث علي الهاتف فنظرت الي كاميليا التي شعرت باندفاع الدم في أوردتها نتيجه لذلك الاضطراب الكبير الذي أصاب قلبها الملعون بعشقه فحاولت أن تظهر اللامبالاة علي ملامح وجهها و قالت بمرح لأدهم
عمال تبص في الساعه عاملي فيها مهم حضرتك؟
أدهم و قد استغرب مزاحها فقال بإستفزاز.

طبعا مهم انا راجل ورايا شغل مش عواطلي زي حضرتك
كاميليا بمكر
هتندم عالمعامله دي علي فكرة
ادهم بتكبر
عمري ما بندم علي حاجه عملتها ابدا.
كاميليا بتخابث
ابدا ابدا! يعني مفيش حاجه كدا و لا كدا؟
نظر إليها أدهم بنصف عين ثم قال متخازلا
لا مش أبدا اوي يعني، في شويه حاجات أولها معرفتك..
كاميليا بإستفزاز
معرفتي! طب يارب نفضل علي موقفك دا بعد ما تعرف انا راحه فين..
ادهم و قد وصل إليه مغزي حديثها فقال بنبرة إستعطاف.

ايه يا كامي انتي لسه هتعرفيني النهاردة مانتي عارفه اني بهزر معاكي..
كاميليا و قد رصدت دقات قلبها وقع خطواته علي السلم خلفها فصدح صوت ضحكتها كانغام موسيقيه عزفت علي اوتار قلبه الذي انهكه الإشتياق و لكن الغضب طوقه بأصفاد من فولاذ فوقف ينظر إلي يديها التي امتدت الي ياقه القميص الذي يرتديه أدهم و هيا تقول بدلال
بتهزر! عليا انا بردو يا ادهومي!
صفيه باستفهام.

واد انت و هيا ما تفهموني في ايه، هو انتي ماسكه عالواد دا ذله و لا ايه يا كاميليا قوليلي خليني انفخه
ادهم إلي والدته
اركني انتي يا حاجه الله يباركلك، انا حاسس انك لقياني قدام بابا جامع اصلا..
ثم نظر إلي كاميليا و قال بنبرة راجيه
طب احلفلك بأيه انك اكتر حد غالي عليا في البيت دا؟
قهقهت كاميليا بدلع ممزوج ببعض من الخبث و هيا تشعر بإقترابه منها فقالت بدلال
ياروحي خلاص متحلفش صدقتك..
أدهم!

صدح صوت غاضب من خلفهم و قد كانت كل خليه بداخله ترتجف من شدة الغضب و الغيرة معا فهو كان يجاهد نفسه و يتجاهلها حتي لا يصب جام غضبها عليها و تأتي هيا الان تثير جنونه بهذة الطريقه إذن فهيا من بدأت تلك اللعبه و هو من سينهيها
التفتت أدهم الذي كان قد غفل عن وجود أخاه بالاعلي ليجيبه سريعا و قد تيقن سبب غضبه الي جانب اسباب آخري
ايوا يا يوسف.

نزل يوسف آخر درجات السلم و انضم إليهم دون أن تحيد عيناه عن تلك التي كانت ترسم الهدوء علي ملامحها الخاطفه للأنظار و هذا الثوب الذي ترتديه و قد زادها جمالا فوق جمالها الذي جعل قلبه يدق بعنف و أخذ شوقه لها يتضاعف ضاربا بعرض الحائط كل الغضب الذي يحمله بداخله لها و لكن تجاهلها بهذا الشكل قد أيقظ غضبه مرة ثانيه فهيا لم تكلف نفسها عناء الإلتفات إليه بل أخذت تنظر إلي هاتفها متجاهله وجوده كليا لتشتعل أنفاسه حنقا من تجاهلها هذا و وجه حديثه الي أدهم قائلا.

روح خلص الي قولتلك عليه و قابلني عالشركه
أدهم بهدوء
حاضر
التقمت عيناه تلك التي كانت تخرج من غرفه الصالون فقال بلهجه هادئه تنافي حدة لهجته قبل قليل
نيفين.
التفتت نيفين إليه غير مصدقه بينما اشتعلت شرارة الغيرة و الغضب في قلب كاميليا و التي حاولت قدر الإمكان التحكم بملامح وجهها و السيطرة علي حدة تنفسها عندما سمعت نيفين تجيبه بلهجه هادئه و رقيقه تنافي طبيعتها
نعم يا يوسف!

جاءت الطامه الكبري عندما تفوه يوسف بتلك الكلمات التي سقطت علي قلبها كالرصاصه
تعالي ورايا عالمكتب عايزك، و ياريت محدش يقاطعنا.

هذا ليس وقت الانهيار! هكذا أخذت كاميليا تردد في داخلها حتي تمنع عبراتها التي تجمعت عقب سماعها تلك الكلمات من فمه و خاصة عندما التفت معطيا ظهره إليهم متوجها إلي غرفه المكتب تتبعه تلك الحيه و هيا تناظرها بعينان تحملان من الشماته الكثير فأصابت قلبها بسهام الغدر فهيا قد قررت الذهاب قبل أن تري بعيناها ماهو مقدم عليه و ها هيا اسوء كوابيسها تبدأ بالتحقق بالفعل. و لكنها حاولت استخدام كل ذرة ثبات بداخلها و كلمات والدتها تتردد في أذنها بأن تظل قويه فباغتها أدهم الذي تحدث بلهجه حانيه.

كاميليا..
رفعت كاميليا رأسها تناظره راسمه الجمود فوق ملامحها و لكن لم تنجح في إخفاء الألم المرتسم بعيناها و لكنه أجابته بصوت حاولت أن يكون ثابتا قدر الإمكان
نعم!
تحبي نقعد نتكلم شويه؟
كاميليا بمرح لم يصل الي عيناها
احنا هنتكلم فعلا بس في الطريق، عشان انت هتوصلني عند خالتو فاطمه..
أدهم بتعقل
كاميليا مش دا الحل.
تدخلت صفيه التي رأت ما حدث و رصدت عيناها نظرات نيفين و لمست ألم كاميليا فقالت بنبرة قاطعه.

كاميليا من حقها تروح تزور خالتها وقت ما تحب يا أدهم
أدهم بحدة
تستأذن من جوزها يا ماما
صفيه بغضب
لما يبقي يفضالها، و بعدين هيا اخدت الاذن مني و أنا وافقت خلاص الموضوع انتهي. و اتفضل عشان توصلها.
زفر أدهم بقله حيله و نظر إلي كاميليا ثم قال بملل
اتفضلي قدامي مانتوا مش وراكوا غير التعب اصلا
سارت كاميليا خلفه و ما أن خطة بضعه خطوات الي باب المنزل حتي نظر إليها أدهم الذي أشفق علي حالتها قائلا
زعلانه منه..؟!

تنهيده قويه خرجت من جوفها قبل أن تقول
زعلانه دي كلمه هايفه اوي يا أدهم جمب الي انا حساه.
أدهم بمكر
طب بصي حقك تاخديه منه علي مهلك بس إيه رأيك أما نولع الفرن و نحطه تحت الشوايه شويه
كاميليا باستفهام
يعني ايه مش فاهمه؟
أدهم بتخابث
يعني جرعه حرقة الدم الي كانت من شويه دي هنحطلها شويه بهارات و نخلي صاحبك يقعد يكلم في نفسه طول اليوم
قطبت كاميليا جبينها بعدم فهم و قالت
يعني نعمل ايه؟

و لا اي حاجه الضحكه الحلوة الي هبدتيها جوا دي و خلتيه يقفل في وش الناس عايزك تهبديها اول ما نوصل عند العربيه
كاميليا بسخريه
و هو هيشوفني ازاي يا خفيف!
أدهم بمزاح
اقطع دراعي من هنهوه لو مكنش يوسف اخويا راشق قدام الشباك يشوفني هخرج امتا
كاميليا بنفاذ صبر
و. لو اني مش معشمه بس يالا يمكن كلامك يطلع صح..

تقدم أدهم من كاميليا ما أن وصلوا الي السيارة و قام بفتح بابها في حركه دراميه بعد أن انحني أمام كاميليا التي وضعت إحدي يديها ي خصلات شعرها لتحركها الي الجهه الأخري بدلال ثم تقدمت في حركه مسرحيه و كأنها أميرة مدلله تسير بغنج تجاه الباب الذي يقف قبالته أدهم و ما أن وصلت أمامه حتي انفجرا في الضحك سويا ثم ركبت السيارة و التف أدهم الي الجهه الأخري بعدما التقمت عيناه اخاه الذي يقف خلف النافذة ينظر إليهما بعينان كانت و كأنها قادمة من الجحيم و قد اشتعل بداخله بركان الغضب الممزوج بالغيرة معا فقام بإطفاء سيجارته بعنف قبل ان يتوجه للخارج في غضب فكيف تخرج بدون أن تخبره لتلحق به نيفين عند باب الغرفه قائله باستفهام.

يوسف انت رايح فين؟
يوسف بغضب و نظرات ناريه جمدتها في مكانها
مالكيش فيه استنيني هنا لحد ما آجي!
تجمدت نيفين في مكانها بالرغم من أن الفضول كان يأكلها لمعرفه ما ينوي فعله و لكن نظراته كانت لا تبشر بالخير إطلاقا ففضلت عدم إثارة غضبه أكثر فهذا ليس في صالحها.
و علي الجانب الآخر كان يوسف يغلي من شدة الغضب فأخذ يبحث عن والدته و هو يصرخ بصوت جهوري كان يرن في أرجاء المنزل
ماما، يا ماما!

خرجت صفيه مهروله من المطبخ إثر ندائه بهذه الطريقه فقالت باضطراب
ايه يا يوسف في ايه؟
يوسف بغضب
الست هانم رايحه فين من غير ما تقولي؟
حاولت صفيه رسم الهدوء علي ملامحها و هيا تقول ببرود
راحه تزور خالتها فاطمه.
يوسف بحنق
من غير ما اعرف!
صفيه بتهكم
و هو انت كنت فاضيلها انت دخلت اوضة المكتب و قولت محدش يقاطعني المفروض هيا تعمل ايه تتحبس في البيت لحد ما تطق و تموت علي ما حضرتك تفضالها!

تراجع غضب يوسف قليلا و شعر بوخزات الألم تنغر بقلبه و لكنه آثر عدم الإفصاح عما يدور بخلده و قال بحدة
لما ترجع خليها تجيلي عالمكتب.

القي كلماته ثم إنصرف الي غرفه المكتب صافقا الباب خلفه و قلبه يخبره بأن يذهب إليها يعاتبها و يوبخها علي أفعالها الحمقاء و بعد كل هذا يأخذها بين أحضانه ليرمم كل تلك الكسور و الجروح التي مهما حاولت أن تخفيها عنه لن تفلح فهو يري داخلها كما لو كانت كتاب مفتوح أمامه و لكنه لا يقدر علي التغافل عن أخطائها أكثر من ذلك..
يوسف!

كان هذا صوت نيفين الذي أخرجه من شروده فزفر بتعب نافضا من تفكيره كل الأفكار المتعلقه بها ليوجه تفكيره كليا الي تلك الجالسه أمامه تطالعه بعينان يملؤهما الحب و الألم و الذي دفعها لتقول
طبعا مش محتاجه اعرف انت بتفكر في ايه عشان باين اوي علي وشك. بس انا هريحك يا يوسف و هقولك الي انت عايز تعرفه!
قطب يوسف إحدي حاجبيه و قال باستفهام
الي هو؟
نيفين بثبات
هقولك كاميليا هربت منك ليه؟

طالعها يوسف بشك و حاول الثبات قدر الإمكان و هو يقول بصوت أجش و بنبرة هادئه و مثيرة
و أنا هصدقك في كل الي هتقوليه يا نيفين
نيفين بشك
اشمعنا!
زفر يوسف بتعب و قام بالالتفات حول مكتبه و اقترب منها كثيرا ناظرا في عينيها قائلا بصوت أجش
عشان مش هتعرفي تكذبي عليا و انتي عنيكي في عنيا كدا..!
سقطت نيفين تحت تأثير تلك اللحظه التي تمنتها كثيرا أن يقترب منها بملئ إرادته فأخذت نفسا طويلا و قالت بنبرة يملؤها التوسل.

قبل ما اقولك اي حاجه عايزة اعرف انت جايبني هنا عشان تسألني السؤال دا صح؟
يوسف بنفس نبرته المثيرة
لا، و لو مش عايزة تقولي انا مش عايزة اعرف، انا جايبك هنا عشان موضوع تاني خالص
قطبت نيفين جبينها عندما تراجع يوسف و جلس علي كرسيه مرة ثانيه و قد خيم الحزن علي ملامحه فقالت بإهتمام
مالك يا يوسف؟
يوسف بهدوء
الي هقولهولك دا محدش يعرفه غير انا و انتي و جدي. و اتمني منك تسمعيني للآخر
نيفين باهتمام
سمعاك.

قبل ما عمي مراد يحصله الي حصل كلمني في التليفون و طلب مني لو جراله حاجه اخلي بالي منك انتي و زين و أنا وعدته بدا و جدي لما تعب و أنا دخلتله طلب مني اني اتجوزك!
هبت نيفين من مقعدها من تلك المفاجأة الاكثر من رائعه و التي لم يستوعبها عقلها ليأتي هو بمفاجأة اكبر منها حينما قال بتأكيد
و أنا وعدته!
داهمها الدوار مرة ثانيه و لكن كان ذلك في الوقت الخطأ فسقطت علي الكرسي خلفها فاندفع يوسف تجاهها قائلا باهتمام.

نيفين انتي كويسه!
نيفين بتوهان
كويسه، متقلقش..
اطلبلك دكتور؟
نيفين و قد استعادت شيئا من تركيزها
لا متقلقش هبقي كويسه كمان شويه، دي دوخه بتجيلي كل فترة.
تناول يوسف كوب من المياة ناولها إياه فشربت منه عدة رشفات و إعادته إليه فبادرها بالحديث
احسن دلوقتي؟
فأجابته بهدوء
اه تمام
طيب يا نيفين نكمل كلامنا وقت تاني.
قاطعته نيفين بلهفه
لا منأجلوش انا كويسه، من فضلك نكمل
يوسف بلامبالاة.

زي ما تحبي، مش هطول عليكي، ايوا انا وعدت جدي اني هتجوزك بس دا مش هيحصل غير لما أعرف مين عمل في عمي مراد كدا و آخر تاره..
نيفين بصدمه سرعان ما تحولت لإرتباك
ايه؟ طب و انت هتعرف ازاي؟
يوسف بيأس
للاسف مفيش في دماغي اي حاجه و لا طرف خيط حتي امشي وراه، بس انا مش هسكت و لازم اعرف مين عمل فيه كدا و ليه خرج يجري اليوم دا و كإن في مصيبه.

هبت نيفين من مقعدها و سارت في أنحاء الغرفه قائله بارتباك التقمته عينا يوسف بحرفيه
مين قالك الكلام دا؟
يوسف بهدوء
الخدم شافوه و هو جاي يجري من المرسم بتاعه و طلع بسرعه و كأن في مصيبه حصلت عشان كدا انا اتصلت عليه و قالي الكلام الي قولتهولك دا..
تنفست نيفين الصعداء عندما تأكدت بأن الحديث لم يشملها فقالت بلهجه حاولت أن تكون متأثرة
والله يا يوسف انا زيك و اكتر هتجنن و اعرف مين الي عمل في بابا كدا؟
يوسف بغضب.

هعرفه يا نيفين و وقتها هدفعه النمن غالي اوي..
نيفين بدموع التماسيح
و أنا واثقه فيك يا يوسف انك هتجبلي حق بابا..
يوسف بتصميم
دا شئ مفروغ منه، في حاجه تانيه كنت عايز اتكلم معاكي فيها بس أرجوكي تبقي هاديه و تحاولي تستوعبي الي هقوله
نيفين باهتمام
حاجة. ايه؟
يوسف بحزن.

عمو مراد، مش في غيبوبه زي ما الدكتور قالنا، عمو مراد للأسف حالته متأخرة تقريبا هو عايش عالأجهزة بس الي لو انفصلت عنه ثانيه واحده هيموت، الدكتور بعتلي و قالي الكلام دا عشان أقرر هنعمل ايه و طبعا انا مقدرتش اقول لجدي فخليته يقول موضوع الغيبوبه دا خوفا علي صحته..
حاولت نيفين رسم الحزم علي ملامحها و قالت بتأثر زائف
انت بتقول ايه يا يوسف يعني بابا خلاص هيموت!

اتبعت كلماتها بسيل من العبرات الزائفة التي قابلها يوسف بهدوء قائلا
انا لسه بقولك ايه عايزك تكوني أهدي من كدا و تقدري تستوعبي الي هقوله و الي احنا داخلين عليه
نيفين باستفهام
تقصد ايه؟
يوسف بجمود
اقصد أني لازم انفذ وصيه عمي و هو لسه علي وش الدنيا عشان كدا لازم نكتب كتابنا في اسرع وقت و دا مش هيتم إلا لما امسك الي عمل فيه كدا، و دا انا محتاج فيه مساعدتك.

ارتبكت نيفين من كلماته و نظراته الثاقبه التي تشعر و كأنها تخترقها من الداخل و لكنها تظاهرت بالثبات و قالت باستفهام
طب و أنا هساعدك ازاي؟
يوسف بهدوء
انتي الفترة الي فاتت كنتي قريبه اوي من عمو مراد مقالكيش أن في عداوة بينه و بين اي حد، يعني حد بيضايقه بيعمله مشاكل كدا يعني.
تنفست نيفين الصعداء عندما علمت ما يفكر به فقالت بحزن زائف
للاسف لا، عمره ما قالي حاجه زي دي..
يوسف بشك.

افتكري كدا يا نيفين يمكن في حاجه حصلت و لا حاجه و انتي نسياها
نيفين بتوتر
لا مفيش و عموما انا هحاول افتكر و لو في حاجه هقولك.
تنهد يوسف ثم قال
تمام ياريت الكلام الي اتقال بينا دا ميطلعش بره، دا اول سر يكون بينا و أنا واثق انه مش هيكون الاخير..
اتبع جملته الأخيرة بغمرة جعلت جسدها بأكمله يرتجف فاقتربت منه للحد الغير مسموح به و قالت بلهجه مثيرة
و أنا كمان واثقه من دا، بس عندي سؤال ممكن؟

يوسف بهدوء دون أن يظهر أي ردة فعل لمحاوتها إثارته
ممكن
نيفين بمكر يغلفه الحزن
كاميليا!
اضطربت دقات قلبه عند سماعه اسمها و لكنه أظهر اللامبالاة في ملامحه و صوته عندما قال
مالها!
هتوافق علي جوازنا بالسهوله دي؟
التفت يوسف متوجها إلي مكتبه و جلس علي الكرسي و للحظه استحضر ردة فعلها علي هذا القرار و لكن قلبه أبي التخيل فقال بفظاظه.

دا شئ يرجعلها يا نيفين، قبلت أو لا انا مش هتدخل في قرارها، الي عايزك تكوني متأكدة منه اني عمري ما وعدت وعد و موفتش بيه.
كانت الأرض بإتساعها لا تكفي لفرحتها عند سماعها تلك الكلمات تخرج من فمه فقالت بحب
و أنا واثقه فيك يا يوسف..
هز يوسف رأسه كعلامه شكر لها ثم قال بهدوء
تقدري تخرجي دلوقتي عندي شغل كتير..
هزت نيفين رأسها ثم توجهت الي باب الغرفه و لكنها توقفت قبل أن تلتفت إليه قائله.

يوسف! كاميليا هربت عشان عرفت انك مضتها علي ورق تنازل عن حقها في الميراث يوم كتب كتابكوا!

وصلت كاميليا عند بوابه قصر السباعي ونظرت الي أدهم الجالس بجوارها قائله بهدوء
مش هتدخل معايا؟
طالعها أدهم بحيرة ثم قال بحزن
مش هينفع يا كاميليا!
كاميليا بإستفهام
ليه يا أدهم؟
أدهم بحزن
بعد الي حصل دا ماليش عين اقابل حد منهم..
بس انت ملكش ذنب في الي حصل دا..
أدهم بندم
بس كان ليا يد في حاجات كتير حصلت قبل كدا!
كاميليا بحزن علي مظهره
هتستسلم يا أدهم؟
أدهم بحيرة.

مقدرش اقولك اه، بس اقدر اقولك اني لازم اكون متأكد من كل خطوة بعملها عشان الموضوع بعد ما كان صعب بقي دلوقتي و بعد ال حصل في المستشفي مستحيل، و اي خطوة غلط هعملها ممكن تضيعها مني للأبد و دا انا مش هقدر عليه أبدا..
كاميليا بحزن
بس غلط انك تبعد عنها في الوقت دا بالذات.
أدهم بألم
انا اكتر واحد بيتعذب بسبب البعد دا خاصة بعد ما طلبتها من على و هيا رفضتني، انا بس بديها فرصة تستوعب الي حصل مش اكتر.

كاميليا بيأس
الي تشوفه يا أدهم..
عايز اطلب منك، طلب!
طلب ايه؟
أدهم بشوق قد بلغ ذروته فظهر جليا في نبرة صوته
عايز اشوفها ولو. من بعيد حتي..
لمست كاميليا الألم في صوته فأشفقت عليه و لما لا فهيا أكثر من ذاق لوعه الفراق و عذاب البعد فترقرقت العبرات بمقلتيها و قالت بصوت يملؤه الحزن
حاضر، خليك هنا و أنا هحاول اجبها عشان تشوفها..

ما أن أنهت كاميليا حديثها حتي وجدت عينا أدهم التي تحولت فجأة الي كتله من النيران المشتعله بفعل الشوق لتلك التي كانت تمسك بالهاتف و هيا تخرج من بوابه القصر لتلتفت كاميليا و التي رن هاتفها فوجدت اسم غرام التي التفتت تجاههم لتتعالي دقات قلبها حتي ظنت أنه علي وشك الخروج من بين ضلوعها عند رؤية سيارته التي ترجلت منها كاميليا معانقه أياها بشوق ثم قالت لها بصوت خفيض
اديله و ادي لنفسك فرصه تسمعيه..

لم تجب غرام علي كاميليا التي توجهت للداخل فتبعتها غرام بعد أن رأته يترجل من السيارة مسرعا و امتدت يداه تمسك بمعصمها قبل أن تدخل من بوابه القصر فزادت دقات قلبها بشكل جنوني تأثرا بلمسته لمعصمها و علا تنفسها كثيرا فظلت علي حالها تعطيه ظهرها لثوان قبل أن تسمعه يقول
غرام، ارجوكي اسمعيني..
التفتت غرام إليه بعد أن استعادت بعضا من هدوئها و رسمت علي ملامحها الجمود قائله بفظاظه.

مالوش لزوم يا أدهم اسمعك عشان كل كلامك الي بتقوله مش هيغير حاجه في الي جوايا..
أدهم و قد حاول أن يستغل تلك الفرصه التي أتت له علي طبق من فضه فقال بلهجه حانيه
لا هيغير كتير يا غرام، و بعدين متمثليش انك مش عايزة تسمعيني أو انك مبقتيش تحبيني عشان مش هصدقك و الا مكنش قلبك هيدق بجنون كدا اول ما لمستك..
اشتعل غضب غرام لكلماته و قالت بغضب.

ايوا مش عايزة اسمعك و لا عايزة أشوفك، حتي لو قلبي لسه بيدقلك كدا، عارف ليه، عشان عمر كلامك ما هيداوي الجرح الي جرحتهولي و لا هيهد السد الي اتبني بيني و بينك و خصوصا بعد الي حصل في المستشفي..
اتفلت زمام غضبه فأمسك بمرفقيها يقربها منه للحد الذي تلامست به أنوفهم و قال بغضب و يأس.

الي حصل في المستشفي انا ماليش يد فيه و انتي عارفه كدا، ليه مصرة ترمي كل حاجه عليا؟ ليه مش عايز تدي لقلبك و قلبي فرصه يعيشوا مرتاحين مع بعض ليه كل العند و الجبروت دا.
غرام بقهر.

العند و الجبروت دول انا اتعلمتهم منك يوم ما عملت الي عملته و أنا كنت مرميه قدامك في المستشفي و بموت و مرحمتنيش من إتهاماتك و كلامك الي كان زي السم و الي لسه لحد دلوقتي بيتردد في وداني، تحب اقولك قولتلي ايه؟ و لا انت لسه فاكر..!
أدهم بألم و يأس
غرام أرجوكي سامحيني!
غرام بعنف من وسط دموعها.

كويس انك فاكر اهو دا الي انا قولتهولك بالظبط، انك هتيجي في يوم تقف قدامي و تترجاني اسامحك و وقتها عمري ما هسامحك اظن دلوقتي عرفت ايه ردي علي كلامك قبل ما تقوله و ياريت بلاش جو تتجوزيني و الكلام الفاضي دا عشان أنا مش عيله صغيرة هتفرح و تتنطط و اسامحك اول ما تطلب تتجوزها لا، انا النجمه الي هتفضل طول عمرك تتمناها و متطولهاش، عارف ليه! عشان أنا عمري ما كنت رخيصه زي ما قولتلي في اليوم دا انا طول عمري غاليه و غاليه اوي لدرجة أنك عمرك ما هتعرف توصلي..!

انهت غرام كلماتها ثم قامت بانتزاع نفسها من بين ذراعيه و قد استجمعت اكبر قدر ممكن من الشجاعه حتي تستطيع مفارقته فما تفوهت به الآن فما هو إلا محاولة منها لترميم أنقاض كرامتها التي دهسها تحت قدميه و لكن قلبها المحطم لا يحتاج منه سوي لعناق ساحق ليعاد ترميمه من جديد.

توجهت كاميليا الي الداخل لتجد كارما و فاطمه بانتظارها و التي هرولت تجاهها تحتضنها بحب و حنان كبيران كانت كاميليا في أشد الإحتياج إليهما لتبادلها العناق بأقوي منه قائله باعتذار ممزوج بدموعها
أسفه، أسفه اوي يا خالتو..
قاطعتها فاطمه بلهفه و حنان و هيا تمسح دموعها برفق
اوعي اعتذري يا قلب خالتك انتي مغلتطيش عشان تعتذري..
كاميليا بألم
مكنتش اتمني أبدا يحصل الي حصل دا..
فاطمه بتعقل.

و هو ايه حصل يا حبيبتي، الي جدك قاله دا كان لازم يتعرف في يوم من الايام و ميدينيش بأي شئ و اديكي شوفتي على مسكتش و خدلي حقي تالت و متلت، و انتي كمان مقصرتيش يا كاميليا و أنا زعلت منك!
قالت جملتها الأخيرة بعتب واضح فقالت كاميليا بأسف
أسفه عشان انفعلت بس مقدرتش يا خالتو اسكت و انا شيفاه بيهينك كدا قدامهم كلهم..
فاطمه بحنان.

و لو يا كاميليا مهما كان دا جدك و مكنش يصح انك تعلي صوتك عليه بالشكل دا أو تقوليله الكلام الي قولتيه دا..
ما أن أوشكت كاميليا علي الرد حتي رن هاتف فاطمه و التي اجابت
ايوا يا على
ايوا يا ماما انتوا فين؟
فاطمه باستغراب
هتكون فين يعني في البيت!
على بنفاذ صبر
ايوا يعني فين في البيت يا ماما
في الجنينه انا و البنات و معانا كاميليا، ليه في ايه؟

بصي يا ماما اسمعي الي هقولهولك من غير ما تسأليني ليه و عشان ايه و أنا أما هاجي هفهمك علي كل حاجه، انا عايزك تاخدي البنات و تقعدوا في أي اوضه من اوضهم و ميخرجوش منها خالص و انتي استنيني في اوضتي..
فاطمه بتعجب
ليه؟!
على بحنق
اهو دا تحديدا الي مكنتش عايزك تسأليني عنه، في ايه يا ماما ما تركزي معايا ما قولتلك متسالنيش و أنا لما اجي هعرفك.
طيب خلاص حاضر، انت قدامك قد ايه و توصل؟
ربع ساعه بالظبط..

طيب متتاخرش و أنا هعمل الي انت عايزة..
أغلقت فاطمه الهاتف و رأت غرام التي هرولت الي الداخل و كان مظهرها يوحي بالحزن فالتفتت الي كاميليا و قالت بإستفسار.
كاميليا هو مين الي كان موصلك لحد هنا..
كاميليا بخفوت
أدهم يا خالتو!
هزت فاطمه رأسها و قد فهمت ما حدث فقالت
عشان كدا..! طب يالا قومي معايا انتي و هيا
طالعتها كلا من كارما و كاميليا باستفهام فقالت بعجاله.

مش وقت أسأله البت الي جوا دي هتشلني و لازم نعقلها قومي انتي و هيا اعملوا حاجه صح في دنيتكوا..
نظرت الفتاتان الي بعضهما البعض و نفذن أوامر فاطمه التي ما أن وصلوا الي غرفه غرام حتي قالت
تدخلوا جوا تقعدوا معاها و تعقلوها و متخرجوش غير ودماغها الي عايزة كسرها دي معدوله يالا.

لم تمهلهم الوقت للاستفسار ففتحت الباب و ادخلتهم الي الغرفه و قامت بإغلاق الباب من الخارج بالمفتاح ثم أخرجت هاتفها و قامت بالاتصال علي على الذي ما أن رد حتي بادرته قائله
نفذت الي انت قولت عليه يا آخرة صبري هتفهمني بقي في ايه و لا لا؟
بصي انا قدام القصر فضيلي الطريق عشان اعرف ادخل
فاطمه بنفاذ صبر
واد انت. هو في ايه ما تفهمني تكونش فاكرني عسكري عندك و أنا معرفش..!
على بمسايسه.

ياما اهدي شويه قولتلك هاجي و هتعرفي كل حاجه اتكي عالصبر شويه..
فاطمه بحنق
اللهم طولك يا روح. اتفضل ادخل الخدم في المطبخ و جدك نايم
و بالفعل قام على بحمل ناهد و الدخول الي البوابه و منها الي داخل القصر ليجد فاطمه التي ضربت علي مقدمه صدرها و قالت بصدمه
يالهوي مين دي يا واد؟
على لاهثا
تعالي ورايا بس و بطلي رغي احسن ما نتقفش..

طاوعته فاطمه و صعدت خلفه حتي دخل الي غرفته و قام بوضع ناهد علي السرير لينكشف وجهها الذي ما أن رأته فاطمه حتي جحظت عيناها من فرط الزهول و قالت بصدمه
ناهد!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة