قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل العشرون

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل العشرون

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل العشرون

في فيلا صفا
أعتذر صفوان عن المهمة التي كلفته بها صفا و طلب منها أن تعطيها لغيره، و قد وافقت صفا بعد ملاحظتها لملامح وجهه التي تظهر إرهاقه..
فهو مرهق فكرياً و ليس جسدياً.
- اذهب و اجلس في الحديقة الخلفية قليلا لترتاح، فما يبدو أنك مرهق جدا، حاول أن تسترخي
قبل ان يعترض قالت بصرامة
- هذا أمر مني.

و فعل صفوان ما أمرته به صفا، إتجه للحديقة الخلفية و القى بجسده على الأريكة جالساً، اعاد رأسه للخلف ليطبق جفونه و هو يتنهد بقوة، فالتفكير بحال أخته يرهقه.
بينما في غرفة عائشة
إنتهت عائشة من تمشيط شعرها و نهضت لتتجه للشرفة لتجلس بها قليلا، و بمرورها امام النافذة لمحت صفوان، فأسرعت للباب لتفتحه و تتجه للأسفل ثم الحديقة الخلفية.

وجدته هادئاً مسترخيا، لذا اقتربت منه بخطوات خفيفة حذرة لكي لا تفسد هذه اللوحة التي تستحق
التأمل.
جلست على الطاولة لتستطيع أن تراه بوضوح، إرتسمت على شفتيها بتلقائية إبتسامة صغيرة و ظلت تتأمله، و فجأة شعرت بدقات قلبها التي لم تألفها من قبل، دقات قلبها متسارعة!، ومن أجل ماذا؟، من اجله هو، لأنها تتأمله!

لم يسبق لقلبها ان تسارع إلا بسبب خوفها و إنقطاع انفاسها أثر دفاعها أو هجومها، لذا تسارع دقات قلبها من أجل رجل، من أجل شيء بعيد كل البعد عن المعاناة، ادهشها.
تعالى رنين هاتف صفوان لذا فتح عينيه بشيء من الفزع فرنينه الهاتف افزعه، أعدل رأسه و هو يفرك رقبته، توقف عن حركته و هو يحدق بعائشة بذهول، أخرج هاتفه من جيب بنطاله و اجاب دون أن ينظر للشاشة ليعرف من المتصل، فعينيه كانت مسلطة على عائشة التي كانت.

تحدق به هي الأخرى و لكن بشرود.
- ماذا؟، حسنا، حسنا، سأتولى انا الأمر، وداعاً
و انهى المكالمة، و ساد الصمت لثواني قبل ان يقول صفوان بحيرة
- ماذا تفعلين هنا؟
أدركت استيقاظه، فإبتسمت بإضطراب قبل ان تتمتم بخفوت
- لقد استيقظت!
وضع كفه على فخذه ليستند، اضاق عينيه و هو يعيد سؤاله، فصمتت لبرهه لتجمع نفسها، ثم اجابت بهدوء
- لا شيء، أتأملك فقط.

هاجمته فجأة ذكرى ما حدث في حوض السباحة، فتنهد بقوة و هو يحك جبينه بأصبعه، ثم نهض لينظر لها من فوق قبل ان يقول بإقتضاب
- إذا، سأتركك تتأملين الطبيعة، سأغادر
نهضت عائشة و صححت قوله
- لقد قلت أني أتأملك انت، و ليس الطبيعة
لم يكترث، التفت ليتركها و لكنها اسرعت لتعيق طريقه، فنظر لها بإنزعاج في حين قال
- ماذا؟
عقدت حاجبيها بحزم و هي تقول
- عاملني بطريقة أفضل من هذه
- هذه معاملتي لكِ منذ البداية.

- إذاً قم بتغييرها
ثم لحقت قولها السابق بسؤالها الخبيث
- ألم تتأثر بما حدث بالأمس؟، فقد كان من المفترض أن تصبح معاملتك أفضل، و ليس أسوء
صمت لوهله، ثم سألها مصتنعا عدم إدراكه لما تتحدث عنه
- ما الذي حدث بالأمس؟، هل حدث شيء مهم؟
ازعجها اصتناعه و لم تظهر، فقد كانت ذكية، قالت مصتنعة الحزن
- ألا تتذكر؟!، حقاً!
صمتت لوهله و قالت بعدها بهدوء.

- حسنا، مادمت لا تتذكر، فأنا يجب علي أن أذكرك بما حدث بالأمس فعليا، ما رأيك؟
رفع أصبعه سريعا بحزم، و حذرها
- اياكِ
رفعت زاوية فمها بتهكم و قالت
- أرأيت انك تتذكر
ثم رفعت غرتها بتكبر و قالت بشموخ
- لا تتصنع ثانيةً، فأنا أذكى منك
حدق بها ببلاهه للحظة، ثم ادرك ما قالته فضحك بخفة و هو يتمتم
- انتِ أذكى مني!، حسنا، سأغادر
و قبل ان يلتفت امسكت بذراعه و قالت بجدية
- لا تضحك أمامي مرة آخرى.

تلاشى أثر ضحكته و حدق بها، و هي صمتت لوهلة، ثم سألته بحيرة
- لقد اضطربت دقات قلبي مرة أخرى من اجلك، ما معنى هذا؟
إبتسمت عائشة بتعجب و هي تتابع
- هل هذا أثر إعجابي بك!
ظل يحدق بها، لا يعلم بما يجيب، و كيف يتملص منها و من تصرفاتها الغريبة التي تجعله عاجز عن التصرف بشكل صحيح، يحدق فقط.

تعالى رنين هاتفه مرة آخرى، فدفع يدها الممسكة بذراعه بخفة و وضع الهاتف على اذنه بعد ان نظر للشاشة و علم من المتصل، التفت و تركها و هو يقول للمتصل
- اسف، انا اتي الآن.

القى عمار بنيروز على الفراش بشيء من الحدة، سببت لها الألم، لكنها لم تكترث، فقد كانت منشغلة بصراخها و غضبها
- ماذا تفعل، هل تعتقد اني امزح معك!، انا لا امزح الآن ابدا، احدثك بجدية، طلقني و إلا..
قاطعها حين انحنى ليضع احدى كفيه على فمها و الأخرى سند بها رأسها، اخرج حروفه ببطء صارم لتفهم
- طلاق، لن يحدث، و خروج من هذه الغرفة لن يحدث ايضا
ابعدت كفه عن فمها و هتفت بحدة.

- ماذا يعني هذا!، هل ستسجنني هنا!
- نعم
دفعته من صدره فأرتد للخلف ثم نهضت، قالت
و هي تتجه للباب
- انا لست عبدة لديك لتحتفظ لي قصراً
امسك بذراعها بقسوة تأوهت على أثرها و توقفت، نظر لحدقتيها بقوة و قال بعد دقيقة بجمود
- بلى، انتِ كذلك
تغيرت ملامح وجهها للألم و انطفئ اشتعال حدقتيها الغاضب ليظهر الإنكسار فيهما.

و قد لاحظ هو ذلك التغيير، و كم ندم على كلماته، ترك ذراعها و ابتعد ليغادر الغرفة بهدوء و قد اغلق الباب بالمفتاح.
ظلت واقفة كما هي، تحدق امامها و ألم قوي يسير داخلها، لا يسير فقط، بل يقتلها ببطء مهلك.

في منزل عائلة نيروز
كانت والدة نيروز جالسة على فراشها، تضع يدها على قلبها التي تشعر بأنه يألمها، فرؤيتها لأبنتها بتلك الحالة جعلها تضعف و تدرك الحقيقة تدريجياً و هي أن ابنتها لم تكن تعلم بأن عمار قد أعطى لأبيها المال لكي يتزوجها.

هل كانت قاسية جدا على ابنتها نيروز!، تعترف انها كانت قاسية و لكن هذا ليس بيدها فكل ما كان حولها كان يشير لشيء واحد و هو رغبة نيروز في التخلص من حياتها مع والدها لذا قبلت الزواج من عمار.
و ما جعل هذه الفكرة ثابتة في رأسها هي تلك الأظرف السوداء التي كانت تصل لها من البريد قبل أيام خيانة عمار لنيروز و انقطعت هذه الأظرف إلى أن عادت نيروز، فأصبحت تصل لها تلك الأظرف مجدداً لتعلمها بكل ما تتعرض.

له نيروز من إهانة و إهدار كرامة.
فرؤيتها لتلك الصور و علمها بالإهانة التي تتحملها ابنتها، من سيتحمل هذا القدر من الإهانة اذا لم يكن هناك مقابل!، هذا كان تفكيرها.
دلفت اسماء للغرفة و جلست في قبالة لوالدة نيروز، و نظرت لها نظرات تمتلأ بالعتاب.

- هل انتِ راضية الآن؟، هل راضية على حالة ابنتك التي اوصلتيها لها!، كم مرة اخبرتك أن كل ما في عقلك كاذب و أن أخي قد كذب عليكِ بشأن أن نيروز تركتك في مرضك و تزوجت دون أن تهتم لأمرك، ألا تعلمين أن أخي شخص لا يجب الوثوق به!
صمتت لوهلة ثم أردفت
- نعم نحن لا نملك دليل على أن عمار لم يشتري نيروز، نحن لا نعلم حتى لماذا أعطى لأخي المال، و لكن الذي متأكدة منه أن هناك سبب.

لفعلة عمار و ان لا أحد يعلم ذلك السبب إلا عمار و أخي، و أيضاً عمار ليس سيء لتلك الدرجة
سالت دموع والدة نيروز وهي تقول بحزن.

- لا تعاتبوني على شيء ليس لي يد فيه، فالحالة النفسية و الجسدية التي كنت فيها في ذلك الوقت كانت متعبة، مهلكة، فعندما علمت بأمر خطبة نيروز صدمت و لم يكن بي عقل حتى لكي استمع لكم أو لأحد آخر، فأقوال زوجي كانت كالسم يسمعني اياها عنوة، و هذه الأقاويل هي التي جعلتني قاسية نافرة من ابنتي
ربطت اسماء الأحداث ببعض، فقالت مستنتجة
- الآن فهمت لماذا كان يمنع قدومي، فهو كان يدس الكلام في عقلك ليجعلك ضد ابنتك.

و تابعت و هي تمسك بيد والدة نيروز
- لكي تعلمي أن نيروز كانت تأتي يوميا و معها عمار لكي تراكي لكن أخي كان يمنعها و قد
حذرها من المجيء، و لكنها لم تستسلم، كانت تأتي حتى اليوم الذي ألحق به أخي الأذى بعمار فتوقفت عن المجيء
- حقا!
خرجت من بين شفتي والدة نيروز بصدمة، و اردفت بندم
- لم أكن اعلم
- الآن علمتِ، لذا حان الوقت لكي تعاملي ابنتك بطريقة أفضل و قومي بأحتواءها، فهي تحتاج هذا جدا منكِ.

اومأت والدة نيروز برأسها، ثم سألت
- هل هي بالداخل؟
- لا، لقد ذهبت لعمار
- ماذا!، لماذا؟
اجابتها اسماء بأسف
- لتنهي كل شيء.

في فيلا صفا
كانت عائشة تسير في الممر بعد ان انتهت من درجات السلم، توقفت فجأة في المنتصف لتنظر بطرف عينيها لغرفتها القديمة، الغرفة التي كانت خاصة بها وهي طفلة، فكرت في ان تدخلها، فهي لديها فضول في معرفة شكلها الحالي، هل مازالت غرفتها كما هي!

وضعت كفها على مقبض الباب و برمته و تقدمت بخطواتها للداخل و هي تجول بنظراتها الفضولية حولها، إرتسمت على شفتيها إبتسامة تدريجيا عند رؤيتها لأشياءها الوردية الطفولية، لم تتغير حتى الآن.
الفراش و منضدة الزينة و ايضا منزل باربي
التي أقامته في زاوية غرفتها، تتذكر انها كانت تحب كل تلك الأشياء الطفولية حتى عند كبرها، و لكن انتهى كل هذا في لحظة واحدة.

تلمست منضدة الزينة القصيرة الصغيرة بأناملها و ذكريات طفولتها المرحة المليئة بالسعادة تسير حولها، وصلت للفراش و جلست عليه، فخرجت ضحكة ضئيلة من بين شفتيها، فكم كانت تعشق فراشها هذا!
تنهدت بقوة و هي تنظر امامها، و شردت للحظات جعلتها تستعيد ذكرياتها التي لا تحبذ تذكرها و منها..

شجار والديها المستمر، لم تكن تعلم في ذلك الوقت سبب و معنى هذا التشاجر الذي كان يحدث يوميا تقريبا فقد كانت في سن التاسعة أو ما شابة، لا تتذكر.
و لكن عندما بلغت الرابعة عشر ادركت كل شيء
و فهمت أن خالتها هي السبب في توتر علاقة والدها مع والدتها، خالتها التي لم تحب والدها قط، بل لا تحب أن ترى سعادة في منزل إلا و تفسدها.

هل كان سبب كره خالتها لرؤية سعادة احدهم مرض أم غيرة!، تعتقد كليهما فالأخيرة قد عاشت حياة بائسة مع زوج قد أراها جميع انواع العذاب و الكره و الذل أيضاً.
لكن ما يغضبها هو سماح والدتها لها بأن تفرق و تنشأ الكره و النفور بينهما و بين زوجها، بل رحبت بذلك.

فقد ازداد سوء الأحوال بينهما حتى لم يعد والد عائشة التحمل، لذا قرر أن يطلق صفا و لكن بشرط اخذ ابنتهما عائشة معه، فلم توافق صفا في البداية و لكن سرعان ما وافقت بعد ان تشاورت مع شقيقتها.
و لكن تخلي والدتها عنها و عدم طلب رؤيتها أو السؤال عنها للاطمئنان على أحوالها، لم يكن سبب نشأة البغض في قلب عائشة، بل شيئاً آخر، شيئاً أشد ألم، و مر ذلك الشريط أمام عينيها سريعاً ليشتعل قلبها غضباً و قهرا مرة أخرى.

منذ سبع أعوام من الآن
بعد طلاق صفا و والد عائشة بعامين..
ذهبت عائشة لصفا و هي تبكي، و قد كانت حالتها تثير الشفقة، فهرعت لها الأخيرة و هي تشعر بالقلق و السعادة لرؤية ابنتها، عانقتها و هي تقول باشتياق
- بجعتي الجميلة، كم اشتقت لكِ
- امي
قالتها عائشة بصوتها الباكي، فأبتعدت صفا عنها و مسحت دموع عائشة و هي تسألها بريبة
- ماذا بكِ؟، لماذا تبكين يا عزيزتي؟
اجابتها عائشة و هي تزداد في بكائها.

- والدي يا أمي، أنه مريض جداً، إنه يحتاج لأن يخضع لعملية جراحية و لكن لا نملك المال، ساعديه، ارجوكِ
تغيرت ملامح وجه صفا و قالت بحدة
- هل اتيتِ الى هنا من أجل هذا!، لكي تطلبي مني المساعدة من أجل والدك!
هزت عائشة رأسها بالإيماء، فدفعتها صفا دون قصد بشيء من العنف و هي تقول بغضب
- لن اساعده
- امي
نادتها عائشة بعجز و رجاء، فأردفت صفا بقسوة
- أنه سبب لي الكثير من الإزعاج، لذا ليتحمل مرضه و ليحمل نفسه.

و تابعت بجمود
- و انتِ اتركيه أيضاً و عودي ألي فهو مريض و لن يستطيع أن يعتني بكِ
هتفت عائشة من بين شهقاتها
- انا لن اترك والدي أبداً
ثم تقدمت من صفا و أمسكت يدها تترجاها
- ارجوكِ، ساعدي والدي، ارجوكِ
نظرت لها صفا من فوق بغضب، ثم نادت عل احدى الخدم، و أمرته بأن يوصل عائشة للخارج.

الوقت الحالي
نهضت عائشة و هي تشعر بنيران تتأجج داخل صدرها، خرجت من الغرفة بخطوات متسارعة، تريد أن تخرج من هذا المكان و الآن، فقد اعادت لها هذه الذكريات صوابها الذي فقدته، كيف كانت بهذا الحمق لتضيع فرصة الهرب والإبتعاد عن هذا المكان؟، كيف نست أو تغاضت عن ما فعلته والدتها و ما تعرضت له من ذل و معاناة بسببها!، كم تسب و تلعن نفسها الآن.

اوقف صفوان سيارته أمام فيلا أحمد فريد ، و اخرج هاتفه ليتصل بنيروز و يخبرها انه
ينتظرها أمام الفيلا، كان يتصل بها طوال الطريق لكي يعلمها بأنه اتي لأخذها و لكي تتعجل فهو لديه بعض الأعمال لذا جاء قبل الموعد المحدد بساعة، و لكنها لم تستقبل أي إتصال منه.
ترجل من سيارته و إتجه للبوابة ليدخل فأوقفه الحارس و سأله عن هويته فأخبره صفوان، فطلب الحارس منه أن ينتظر، ففعل صفوان.

أخبر الحارس عمار بمجيء صفوان فأمره بأن يجعله يدخل، فعاد الحارس لصفوان
- اسف جعلتك تنتظر يا سيدي، تفضل
هز صفوان رأسه و سار للداخل، ضغط على زر الجرس و خلال ثواني فتحت له الخادمة و قالت بتهذيب
- أهلا بك سيدي، تفضل، السيد عمار ينتظرك
اعترض صفوان بهدوء
- و لكن انا لا اريد مقابلته، استدعي نيروز، رجاءً
طلب من الخادمة بلطف، فأتاه صوت عمار الذي ظهر فجأة من خلف الخادمة
- تفضل أولا لنتحدث قليلا، فمنذ زمن لم نلتقي.

- شكرا لا اريد، فقط نادي لي نيروز لأخذها و ارحل
- نيروز لن تأتي معك
قضب صفوان جبينه متسائلاً
- لماذا؟
كذب عمار و هو يجيب
- لأنها نائمة
صمت صفوان لوهلة ثم سأل
- ألم تطلب منك الطلاق؟
أجابه عمار بثبات
- فعلت
- إذا كيف نائمة الآن؟، أليس من المفترض أنها تقوم بجمع أغراضها الآن؟
- لا، فقد اتفقنا انها ستظل هنا إلى أن يتم الطلاق.

دهش صفوان من قول عمار، فكيف لنيروز أن تظل في منزل الأخير بعد كل ما حدث!، كانت نبرته حادة وهو يقول
- و كيف هذا!، نادها لي لأحدثها
- انها نائمة
- إذا ايقظها
حدق به عمار بنفاذ صبر و هو يقول بطريقة فظة
- ألا تفهم قولي!
تقدم منه صفوان بضع خطوات و هو يقول بخشونة
- بلا لا اصدقه
إبتسم عمار إبتسامة جانبية مستخفة أثناء قوله
المستفز
- و هذا لا يهمني
جذب صفوان عمار من ياقته بعنف و قال و هو يجز على اسنانه.

- ليس لدي الكثير من الوقت، لذا، هل ستجعلها تنزل أم اصعد انا لأخذها؟!
دفع عمار يد صفوان بعنف هو الآخر، و رتب سترته ثم قال بهدوء به تهديد
- غادر الآن، لكي لا ترى مني شيء لن يعجبك
لم يشعر صفوان بنفسه إلا بعد ان لكم عمار في وجهه مما أسقطه ارضا، رفع صفوان أصبعه بحزم و قال وهو ينظر لعمار الذي سالت الدماء من انفه
- لا أحد يستطيع تهديدي.

كانت سارة تتجول في الأرجاء فرأت بالصدفة ما حدث، فهرعت لعمار و جثت على ركبتيها و
هي تهتف بفزع
- عمار، هل أنت بخير؟
رفع عمار جسده قليلا ليسند على مرفقه، مسح الدماء التي سالت و تمتم لسارة
- بخير
رفعت سارة رأسها و نهضت بحدة لتهتف بصفوان
- كيف تفعل به هذا؟، سأقدم شكوى ضدك
نظر لها صفوان بلامبالاة و قال بصرامة
- ايقظي نيروز و اجعليها تنزل الآن بدلا من أن أكمل عليه.

نهض عمار، في حين استشاطت سارة غضبا من قوة صفوان، فصرخت دون تفكير بكلماتها التي أغضبت كلا من صفوان و عمار، خاصاً الأخير
- تبا لك انت و اختك، خذها و ابعدها عن..
اوقفها عمار بصراخه الغاضب
- سارة، لا تدخلي في هذا الأمر
نظرت له سارة بحنق ظهر لعمار بوضوح، في حين اتت ميساء و قالت بجزع
- عمار، انفك ينزف، ماذا حدث لك؟
ثم رأت صفوان فهتفت بذهول
- صفوان!

لم يكن صفوان يعرف ميساء بعكس الأخرى التي كانت تعرفه فقد أرتها نيروز الكثير من الصور له، لذا تعرفت عليه سريعاً، نظر صفوان لميساء التي ذكرت اسمه، فطلب منها من بين انفاسه الغاضبة المتسارعة
- رجاءً، نادي لي نيروز
نظر عمار لميساء بحدة و امرها
- ادخلي يا ميساء للداخل، و خذي سارة معك
لم تستمع له ميساء فقد تقدمت منه و تحدثت مع
صفوان بذكاء.

- انا ميساء صديقة نيروز و اخت عمار، نيروز في الأعلى لن تستطيع النزول الآن فهي متعبة
نظر لها صفوان بشك و قال
- ألم تكن نائمة منذ قليل!
صمتت ميساء لوهلة و سريعا ما تابعت بثبات
- نعم، هي نائمة الآن، فقد نصحتها بأن تأخذ قسطا من الراحة لأنها متعبة، ففعلت
فتح صفوان فمه ليخرج حروفه لكن هاتفه منعه، اخرج الأخير من جيبه و اجاب على اتصال زين
- سأحدثك لاحقا يا زين
أتته كلمات زين المتعجلة.

- لا يا صفوان، الأمر لا ينتظر، عد للفيلا الآن، فالسيدة عائشة تريد المغادرة و لا أحد يستطيع منعها، فقد قمنا بحبسها في الغرفة كادت أن تقفز من النافذة، و الآن..
قطع حديث زين صرخة صفا، فأسرع زين بقوله
- أسرع يا صفوان
قلق صفوان ؛ فسأل
- ما هذا الصوت؟!
لم تأتيه إجابة فقد اغلق زين الخط، فابعد الهاتف عن اذنه و اتى ان يغادر و لكنه تذكر نيروز، فنظر لميساء و قال.

- انا اثق بما قلته، لذا اخبري نيروز اني سأعود لأخذها مساءً
اومأت ميساء برأسها و منحته إبتسامة وهي تتمتم
- شكرا لك
رمق صفوان عمار بحدة قبل ان يلتفت ليتركهم و يبتعد.
- ما تفعله ليس بصحيح، أخبرك فقط
قالتها ميساء لعمار بإقتضاب ثم تركته، فتنفس
الأخير بقوة، بينما مدت سارة يدها بمناديل فنظر لها بطرف عينيه، اخذه منها ومسح الدماء، ثم استدار ليصبح مقابل لسارة، قال بجمود.

- لا تتدخلي في أمري انا و نيروز مرة أخرى، فهذا يزعجني
ثم تركها و صعد السلالم، فاستدارت بحدة وتابعته بنظراتها حتى اختفى من امامها، حدثت نفسها بحنق و توعد
- لا اتدخل!، بل سأفعل يا عمار حتى تبتعدا عن بعضكما حيث اللا عودة.

لم يستغرق صفوان إلا خمسة عشر دقيقة ليصل لفيلا صفا، كان يركض ليصل سريعا لغرفة عائشة، و فعل، و فور دخوله فهم ما يقصده زين بعدم قدرة احدهم على منعها.
فقد كانت عائشة تمسك بسكين حاد، تضعه على رقبتها حيث تهددهم إذ لم يتيحوا لها الطريق ستقتل نفسها، لكنهم لم يتيحوا لها الطريق لذا ادخلت طرف السكين في عنقها مما سبب لها جرح طفيف، مؤقتا.
- ماذا تفعلين، اتركِ ما بيدك، آلان.

التفت الجميع لصفوان الذي أمر عائشة بحزم، فنظرت له عائشة و هتفت بعناد حاد
- اتركوني اذهب و سأبعدها
- صفوان، تصرف
أتاه صوت صفا الباكي الراجي من جانبه، فردت عائشة على قول صفا بخشونة حازمة
- لا أحد يستطيع ان يتصرف معي أو يمنعني من المغادرة
عاد صفوان ينظر للمتحدثة الأخيرة، ثم خطى خطواته الثابتة لناحيتها، فهتفت تهدده
- اياك ان تقترب، سأقتل نفسي.

كان يدرك ما يفعله و كان حذر، وصل لها و بحركة سريعة محترفة أسقط منها السكين و وضع ذراعيها خلف ظهرها حيث اعاق حركة دفاعها تقريبا.
- ماذا تحسبين نفسك فاعلة!
قالها بخفوت حاد و هو يحدق بحدقتيها، فهتفت به ثائرة
- أفعل ما اريده، ابتعد عني
صرخ صفوان بمن حوله آمرهم بالمغادرة دون أن يبعد ناظريه عنها، ففعل الجميع، حيث ظلت صفا فقط معهم، اكمل صفوان حديثه بهدوء
- اهدئي لنتحدث
حاولت التملص منه و فعلت و لكن برغبته.

- لن اهدء، بل لن انتظر هنا ثانية أخرى
- ما الذي حدث لتعودي هكذا مرة أخرى يا ابنتي؟
سألتها صفا بقهر، فضحكت عائشة بتهكم و هي تقول بخشونة
- بل قولي، ما الذي جعلني هكذا منذ البداية، اتريدين الجواب؟، سأخبرك..
تابعت بقسوة و غضب جامح
- انتِ السبب في جعلي هكذا، انتِ السبب في كل شيء سيء حدث لي
- انا!

- نعم انتِ، انتِ فقط، انتِ السبب في موت والدي، انتِ التي جعلتيني ألجأ لذلك المكان القذر، اتعلمين كم اكرهك الآن، كرهي لكِ يزداد كل يوم...
أثناء حديثها هتف صفوان منادياً زين الذي كان يقف في الخارج، اتى الأخير فطلب منه صفوان
- خذ السيدة صفا، الآن
- حسنا
و أخرج زين صفا من الغرفة، و لم تعترض الأخيرة، فهي لم تكن لتتحمل أقوال عائشة، و كان صفوان يدرك ذلك لذا أمر زين بأخراجها.

- هل انت خائف من أن أؤذي سيدتك الحنونة بكلماتي!
وصلته كلماتها الساخرة، فعاد و نظر لها و اجابها بصراحة
- نعم
قهقهت بقوة و هي تمرر اناملها من بين خصلات شعرها بعنف، هدأت قهقهتها لتقول بصوت مرتفع ذات نبرة حادة، فهي لم تعد تستطع أن تتمالك نفسها أكثر من ذلك
- تلك التي خائف عليها مني، هي قد اذتني سابقا، بل لم تؤذني فقط بل قتلتني، اتعلم ما فعلت بي.

و بوالدي!، لقد كانت سبب موته، لقد طلبت منها أن تساعدني بالنقود لكي يجري العملية لكنها رفضت و طردتني، انها جعلتني اذهب لذلك الرجل لكي اعمل لديه، تعرضت للذل و الألم و المعاناة لكي اجني المال من أجل العملية.
توقفت لوهلة تبلع لعابها ثم تابعت و هي تنقل نظراتها حولها.

- في ذلك الظلام كنت وحيدة، و ذلك الرجل، بل رجال، الفراش الكريهه و الأربع حوائط، و ايضا تلك القماش التي كانت تضع على فمي، و العصا و الماء الساخن...
كانت جملها متداخلة بجانب ارتعاش حروفها الواضحة، تريد أن تصرخ بما عانته و تعلم الجميع كم كانت تتألم، و لكن كيف هذا و هي لا تستطيع أن تعبر عن كل ذلك!
لم تستطع أن تكمل، فقد شعرت بألم في حلقها.

و ارتجاف جسدها يزداد و مقلتيها تحمل الكثير من الدموع لكن رافضة النزول.
لاحظ كل ذلك صفوان، و كم شعر بالشفقة عليها، برغم عدم فهمه لكثير من كلماتها و لكن يشعر بمدى ألمها و عدم قدرتها على التعبير عن ألمها الذي لا يوصف بالكلمات، تقدم منها و امسك بكفيها بحنان و ضغط عليهما برفق ليوقف ارتجافهما، همس لها
- توقفي الآن، و اهدئي.

رفعت نظراتها له فسقطت دموعها رغما عنها، هل هي ضعيفة الآن امامه!، هذه المرة الثانية الذي يراها هكذا، و ايضا هذه المرة الثانية الذي سيقوم بمعانقتها و لكن الشيء المختلف في هذه المرة، هو شعور الألم الذي انتقل منها إليه ليشعر بها.

دلف عمار للغرفة و توقف لينقل نظراته حوله حتى توقفت عليها، حيث كانت نيروز جالسة في الزاوية، اغلق الباب قبل ان يتجه لها، جثى على احدى ركبتيه و ساد الصمت لدقائق، كانت نيروز تدرك تحديقه بها لكنها لم تستطع أن ترفع نظراتها عن الأرض لتنظر له، فهي تشعر بالانكسار و الإحراج من كل شيء من حولها، حتى الاثاث.
- انظري لي لتري ما فعله اخيكِ بي.

قطع عمار الصمت بقوله ذاك، و لكن نيرو ظلت كما هي، لم تحرك حدقتيها له، فأمسك بذقنها بقوة و رفعه ليرغمها على النظر إليه، فتقابلت نظراتها الباهتة مع نظراته المشتعلة، أردف بخفوت
- أرغب بمعاقبتك على هذا
ثم نقل نظراته لشفتيها و تابع هامسا
- ما رأيك؟
عاد لينظر لحدقتيها مرة اخرى، ثم نهض و انهضها معه ليدفعها بقوة على الحائط تأوهت على أثرها، و قبل أن تقول شيء هاجمها بقبلته العنيفة القاسية التي تمتلأ بالرغبة.

صدمت نيروز من فعلته و تألمت، حاولت إبعاده بدفعه لكنها لم تنجح، و كأنه كان مصر على جعلها تتألم، حيث حملها من خصرها و سار بها للفراش، وضعها على الفراش دون تركها، و هو فوقها، و ابتعد عنها في حالة واحدة ليلتقط انفاسه و كانت المدة ثانيتين، ليعود لها مرة آخرى يقبلها.

عجزت نيروز عن إبعاده، لذا استسلمت و دموعها تسيل على وجنتيها، لماذا ليست سعيدة؟، أليس من المفترض أن تكون سعيدة الآن، ألم تكن تتمنى أن تتذوق جنته و لو حتى للحظة!، ماذا حدث الآن؟، بالطبع قد حدث شيء و تغير.

الكثير، و أول شيء قد تغير بل تحطم هو ما بداخلها، تشعر انها لا تستحق أي شيء، حتى ذلك النفس الذي تلتقطه لا تستحقه، تشعر باليأس من حياتها و كل ما حولها، تشعر بالنفور و الأختناق من كونها هي، نيروز، فإدراكها انها فتاة قد اشتريت بالنقود لكي يتزوجها شخص يكسرها.

بينما عمار، كان يفعل ذلك ليس عقاباً لها، بل رغبة و اشتياق، فالنقل انه يستغل الفرص لصالحه حيث لا يظهر الجانب الولهان به بإظهار قسوته، و هكذا يخفي مشاعره.
تحركت يده ليفتح لها أزرار قميصه الأولى، و انتقل بشفتيه لرقبتها يقبلها بقبلاته المشتعلة، توقف فجأة عن تقبيلها و رفع رأسه لينظر لها بعد ان وصل لمسامعه قولها الهامس، الباكي
- لن اسامحك يا عمار.

و قد ادركت عائشة انها تبكي امامه، فدفعته بقوة و لاوته ظهرها و هي تضع يدها على وجهها تخفيه، هتفت بصوت متحشرج لكن حاد
- غادر الغرفة، الآن
دهش صفوان من فعلتها لوهلة، لكن سريعا ما فهم لماذا تفعل ذلك، فهو أصبح يعرفها الآن، تقريبا!، تقدم منها و وقف خلفها ليقول بهدوء يحمل به الدفئ.

- انا الآن أعلم بعض الحقائق عنك، و ما علمته يكفي لكي أفهم شعورك ناحية والدتك، انا اعلم انها كانت قاسية معك لكن هذا في الماضي فهي تغيرت الآن
قالت بشراسة دون أن تلتفت له
- لا يهمني هي كيف الآن، فما رأيته منها في
الماضي يجعلني احجب الرؤية عن حاضرها، و لا ازداد إلا كرها لها
- لا أحد يستطيع أن يكره والدته، مهما فعلت
- لكن انا كذلك
ثم التفتت بحدة بعد ان مسحت دموعها جيدا، و اردفت بعدوانية.

- انت لا تعرفني، و لا تفهم شيء، لذا لا تتحدث لكي تدافع عنها
- انا لا أدافع عنها الآن
قالها صفوان بجدية، و لحق قوله الصمت الذي دام لدقيقة كاملة، حركت عائشة كفها بلامبالاة و قالت بثبات
- هذا لا يهم، اخرج من غرفتي، الآن
- كما تريدين، سأخرج و لكن أنصحك، لا تحاولي الهرب
- بل سأفعل
رفعت زاوية فمها لاستفزازه و هي تقول قولها، فتقدم منها صفوان بحدة و قال بإنزعاج.

- لماذا تريدين ان تعودي للمكان الذي لا تطيقينه؟، أليس ذلك المكان يحمل لك ذكريات مؤلمة كريهه؟، كيف تريدين ان تعودي له!
- ليس ذلك المكان الذي يحمل لي ذكريات مؤلمة، بل هنا، هذا المنزل و قربي من سيدتك
هز رأسه بخفة و قال بجدية
- حسنا، انا أستطيع أن اخذك من هنا و ابعدك عن السيدة صفا لفترة، لكن لن تعودي لتلك الحانة ابدا
- و لماذا ستفعل هذا لي؟

رفعت حاجبيها و هي تسأله بفضول، صمت للحظات، فهو ايضا لا يعمل لماذا سيفعل ذلك لها!، اردفت عائشة بحسم
- لا يهم ان اعرف، لأني لن أوافق على هذا،
فأنا سأعود لتلك الحانة رغم انفكم جميعا
أغضبته مرة أخرى، فقال صفوان بحسم مماثل
- إذا أريني كيف ستخرجين من هذه الغرفة
ثم التفت و إتجه للباب، فهتفت بإستخفاف
- و هل ستغلق الباب بالمفتاح لكي لا اخرج و اهرب!
توقف و نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و اجابها بجمود
- نعم.

- اغلقه، فهذا لا يهم، فأنا لدي طرق أخرى للهرب
كور قبضته بغضب ثم فتح الباب و صفقه بقوة بعد خروجه، أمر زين بأن يأتي بنجار لكي يغلق النوافذ و الشرفة بأحكام.

خرج عمار من غرفته بعد ان صفق الباب بعنف كاد يكسره، فهو غاضب جدا، يريد أن يحرق و يحطم كل شيء من حوله فقولها الذي يتكون من ثلاث كلمات فقط آثار غضبه!
سبب غضبه ليس واضح، فهل السبب عدم رغبتها به، أم لانها ابعدته بأثر قولها القوي عليه، أم لشعوره بالذنب لانه اقدم على فعل شيء كهذا بها!، هل أصبح حقير لهذا الحد لكي لا يفكر إلا برغبته!

كم كانت عاجزة امامه، اما هو كان كالثور الهائج يريدها، نعم هو يريد تعذيبها لكن لا يريدها أن تكرهه، فهو يدرك جيدا انه مهما عذبها هي ستعود له، فإذا كان قد اكمل ما بدأه كان من المؤكد أنها ستكرهه، و هو لا يريد ذلك ابدا، لذا تركها.
خرجت سارة من غرفتها بعد سماع صفق الباب
، فرأت عمار و هو ينزل السلالم، فأسرعت لتلحق به حتى وصلت لغرفة مكتبه و دخلتها خلفه
- ماذا بك؟، لماذا غاضب؟، هل حدث شيء؟

تلاحقت اسأله سارة الفضولية عليه، فأستدار لها و سألها
- ماذا تفعلين هنا؟
- رأيتك و انت خارج من غرفتك و لاحظت غضبك، لذا أتيت لأطمئن عليك
هز رأسه، ثم استدار ليكمل طريقه لمكتبه و يجلس على كرسيه و هو يتمتم
- انا بخير، تستطيعين الذهاب
لم تغادر، تقدمت لتجلس على الكرسي مقابلة له، و سألته بإصرار لمعرفة السبب
- ماذا فعلت لك نيروز لتجعلك غاضب هكذا؟
شردت بنظراته للحظات، ثم عاد لينظر لها
بإنزعاج، و قال بضيق.

- لا تضغطي علي يا سارة، اتركيني بمفردي، رجاءً
- لن أتركك، لكني سأغير الموضوع، سنتحدث عنا
ثم اردفت بحماس
- متى سنحدد موعد الخطوبة؟
ازداد ضيقه بعد سؤالها، فهو كيف حاله الآن و عن ماذا تتحدث هي، اعاد رأسه للخلف و هو يقول لها بجفاء
- سنتحدث عن هذا الأمر لاحقاً
- لا، سنتحدث الآن
قالتها سارة بحزم، و نهضت بشيء من الحدة و اردفت بإنزعاج
- حالك لا يعجبني يا عمار ابدا، انت لم تعد تهتم بي، و لا تكترث لأمري كالسابق.

اعتدل عمار و نظر لها، حيث تابعت سارة بغيظ
- انا اعلم لما كل هذا، هذا بسبب نيروز، لماذا لم تجعلها تغادر و تتركنا!، إذ تركتها ترحل و إذ نفذت طلبها و طلقتها لكنت أنهيت كل هذا، و لكنت ارتحت الآن، هل نسيت ما سببته نيروز لك من ألم لتتمسك بها في الآونة الأخيرة؟
قالت سارة كلماتها الاخيرة بخبث شديد، فنهض عمار بغضب و ضرب سطح المكتب بكفه بقوة و هو يقول بصوت مرتفع نسبيا، يمتلأ بالغضب.

- لم انسى ذلك، قد رفضت طلبها لتعذيبها ألا تفهمين؟، فإذا طلبت هي مني الطلاق فهذا لترتاح هي، لذا رفضت و ليس لتمسكِ بها
و قد وصلت سارة لما ارادته، و هو غضبه، لذا قالت بمكر لتجعل كل هذا يكتمل و يصبح لصالحها
- اذا اكمل تعذيبك لها بإعلان موعد خطبتنا.

مساءً
في منزل عائلة نيروز
حدث صفوان اسماء ليخبرها عن عدم قدرته على العودة للمنزل اليوم، فسألته الأخيرة عن نيروز
- و نيروز، ألن تحضرها من عند عمار؟
اجابها صفوان بهدوء
- سأحضرها غدا، و قد أعلمتها بذلك من خلال رسالة نصية فهي لا تجيب على الهاتف
- لا تجيب!، لماذا؟
- لا أعلم، و لكن أعتقد أنها لا تريد أن تتحدث مع أحد، و ايضا لقد كانت متعبة فمن الممكن.

ان تكون نائمة، فأنتِ تعلمين أن نيروز عندما تكون متعبة لا تستيقظ إلا بعد عناء
ضحكت اسماء بخفة و هي تؤيد كلامه، ثم أنهوا المكالمة سريعاً.
- ماذا قال لكِ صفوان؟
سألت والدة نيروز اسماء، فأخبرتها الأخيرة بما قاله لها صفوان.

في فيلا أحمد فريد
وضع عمار المفتاح في القفل و اداره ليفتح الباب و يدلف للداخل، توقف للحظات عندما سقطت عينيه على نيروز، فقد كانت جالسة في تلك الزاوية التي رأها جالسة عليها سابقا و لكن هذه المرة كانت نائمة.

تقدم منها و جثى على ركبتيه ليحدق بها لثواني، مد كفه ليبعد غرتها عن وجهها ثم تلمس وجنتها بلطف، و بعد ذلك قام بحملها ليضعها على الفراش بحذر، تركزت حدقتيه على شفتيها التي جرحت بسبب قبلته، مد يده و تلمس شفتيها، تنهد بقوة و هو يلتقط الغطاء ليضعه على جسدها و ليبث لها الدفئ، انحنى ليقبل جبينها قبلة سريعة ثم تركها ليتجه للمرحاض و يغتسل.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة