قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الحادي والعشرون

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الحادي والعشرون

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الحادي والعشرون

أشرقت شمس يوم جديد
فتحت نيروز جفونها و هي تشعر بثقل فيهما، حركت رأسها يمينا و يسارا و هي تنقل نظراتها حولها، ثم اعتدلت و هي تمسك برأسها الذي يؤلمها بعض الشيء، و ظلت صامتة، ظلت
تحدق امامها بشرود، و تدريجياً عاد الحزن و الفتور يرتسما على ملامحها، فذاكرتها اللعينة ذكرتها بكافة أحداث الأمس، لذا تمنت انها لم تستيقظ، فقد كانت تنعم بنوم مريح.
أبعدت الغطاء و نهضت لتتجه للمرحاض و تدخله.

أثناء وجود نيروز في المرحاض اتت الخادمة لتضع صينية طعام الإفطار الخاص بنيروز على الطاولة كما امرها سيدها عمار صباحا، ثم غادرت دون أن تغلق الباب بالمفتاح، فقد نسيت فعل ذلك.
بينما في غرفة الطعام
كان البقية جالسين على السفرة يتناولون الطعام بهدوء حتى تحدثت سارة بنبرة سعيدة
- عمتي، ميساء، انا و عمار لدينا خبر لكما
نظرت لها ميساء بريبة و سألتها
- ما ذلك الخبر الذي يجمع بينك و بين اخي؟
و سألتها غادة بفضول.

- ما ذلك الخبر؟
نظرت سارة لعمار و امسكت بكفه فنظر لها الأخير، في حين قالت سارة بحماس
- لقد حددنا موعد خطبتنا
إبتسمت غادة بسعادة و سألت بحماس هي الآخرى
- حقا!، متى؟
- بعد يومين
- ماذا؟
هتفت بها ميساء بذهول، بينما باركت لهما غادة و تمنت لهم التوفيق و السعادة الدائمة، نهضت ميساء بحدة و هي تهتف باعتراض
- ما هذا الهراء!، كيف ستقيمون الخطبة بعد يومين؟
- لماذا لا نفعلها بعد يومين؟، هل هذا شيء محرم؟

اجابتها سارة بطريقة مستفزة، فنظرت لها ميساء بإمتعاض و قالت بفظاظة
- لا اسألكِ انتِ، لذا اصمتِ
ثم اردفت و هي تنقل نظراتها لعمار
- كل ما تفعله خطأ يا عمار، و سوف تندم لاحقا
تدخلت سارة مرة أخرى بتهكم
- سيندم!، لماذا؟، لأنه يتزوج بي!
- ألا تفهمين، اصمتِ
صرخت بها ميساء بغضب، لكن سارة لم تصمت و قالت و هي تنهض
- بل انتِ الذي يجب عليكِ أن تصمتِ، و لا تتدخلي في هذا الأمر
ضرب عمار سطح السفرة بكفه بحزم و هتف بحدة.

- يكفي هذا، اجلسي يا ميساء، و انتِ أيضا يا سارة
- لن اجلس قبل ان أقول ما لدي
قالتها ميساء بحسم، فعاد عمار بظهره للخلف و قال بهدوء
- حسنا، اسمعك
- اولا، انا لا أوافق على ارتباطك بسارة، إنها لا تليق بك و أنها ليست كما تراها، فهي خبيثة جدا.
غضبت سارة من كلمات ميساء السيئة عنها، فأمسك عمار بكفها واضغط عليها بخفة، في حين قال لميساء
- و ثانيا؟

- ثانيا، يجب أن توقف خطط تعذيبك لنيروز، هي لا تستحق هذا منك ابدا، و ايضا يجب أن تضع أمر الحادث بعيداً عنها، فهي لا ذنب لها
فيه
ترك عمار كف سارة، و قال لميساء بجمود و هو يعود للأمام ليكمل طعامه
- اغلقي هذا الحديث الآن
- لماذا قد اغلقه؟، لن اغلقه
عاندت ميساء و تابعت
- يكفي ظلمك و تحميلك لها ذنب ذلك
ألقى عمار بالملعقة بغضب، و رفع نظراته لميساء و سأله بإمتعاض
- هل تريدين ان تقولي أني ظالم!

اجابتها ميساء بصراحة
- نعم، انت تظلمها، فما حدث كان مكتوب لك و لا يد لنيروز به
نهض عمار بعنف سقط على أثره الكرسي، و قال بخشونة
- بل لها يد في ذلك، فهي من جعلت حالتي سيئة.

بعد رحيلها، فقد أهملت عملي و تدهور كل شيء من حولي بعد ذلك اليوم، ألا تذكرين كيف كنت ابكي مثل الأطفال صباحا و مساءً!، ألا تذكرين كيف وصل بي الحال و كدت ان اشرب المخدرات و الخمر لكي أنسى ما بي من حزن و ألم، ألا تتذكرين كيف كنت ابحث عنها كالمجنون!
هدأت نبرته و هو يتابع بسخرية
- و بعد شهر من ذلك العذاب و البحث المتواصل عنها علمت انها سافرت.

عادت نبرته ترتفع و هو يتابع من بين أنفاسه اللاهثة أثر تسارع كلماته و انقطاع انفاسه
- و ذلك اليوم الذي علمت به بأنها ليست في البلاد تعرضت للحادث، اتعلمين لماذا تعرضت له!، لأني أردت أن انهي حياتي لاعتقادي اني لن استطع ان اعيش بدونها، فقد كانت السيارة
الأخرى أمامي و لم أحاول تجنبها
صمت لبرهه ليلتقط انفاسه ثم اردف بمرارة.

- لكن ما تمنيته لم يحدث، فبدلاً من أن اموت، كسرت ركبتي، و بسبب هذا الكسر قد خضعت لأكثر من ثلاث عمليات جراحية و سأخضع للاخيرة، و اذ لم تنجح هي الاخرى ستبتر قدمي، اتعلمين هذا الشعور!
و قد لمعت عينيه بالدموع و هو يقول جملته الأخيرة بغضب جامح نابع من ألمه، بينما خبأت غادة وجهها بكفيها لتخفي دموعها التي سالت لتذكرها لتلك الأيام التي لا تحبذ تذكرها، و لكن كان أثر كل ذلك الحديث على نيروز أكبر.

فبعد ان خرجت من المرحاض فكرت في ان تحاول الخروج، و عندما إتجهت للباب و برمت قبضته وجدته مفتوح، فلم تصدق، اسرعت و غادرت الغرفة لتنزل السلالم و تتجه لباب الفيلا
، لكن صوت ميساء المرتفع اوقفها فقد جذب انتباهها و فضولها لذا اقتربت بحذر لتستمع، و ياليتها لم تفعل.
وضعت نيروز كفها على فمها لتكتم صوت شهقات بكائها، و قد أسرعت لتصعد السلالم و تتجه لغرفتها، فلم يشعر بها احد.

- هل مازلتِ تقولين أن نيروز ليس لها ذنب في ذلك؟!
سأل عمار ميساء بإمتعاض، لم يتلقى رد سريع من الأخيرة، فقد صمتت للحظات لتقول بعدها
- نعم، مازالت
ثم تقدمت منه و امسكت بيد اخيها و قالت له بود.

- أعلم كم تألمت في تلك الفترة، و اعلم ايضا ان أمر بتر قدمك يؤلمك، لكن نيروز ايضا تألمت، هي لم تتحمل رؤيتك و أنت تخونها مع أخرى، فكلاكما تألمتا، أتعتقد أنها لم تتألم عندما تركتك؟، من المؤكد أنها تألمت لذا عادت لك، لذا لا تجعل الخسائر تزيد
ابعد عمار يد ميساء، و قال بجفاء
- انا قد خسرت الكثير، فليس لدي ما اخسره
- بل لديك، نيروز، انت لم تخسر نيروز بعد، و لكن إذ استمريت هكذا ستخسرها.

حدق بميساء لثواني، ثم قال بلامبالاة و هو يتجه للخارج
- هذا لا يهمني
تابعته ميساء بنظراتها حتى اختفى من امامها، ثم تنهدت باستياء و صعدت لغرفتها.

في غرفة عائشة
كانت عائشة تجوب الغرفة ذهاباً و ايابا بضجر،
تهتف من حين لآخر طالبة بأن يخرجوها، لكن لا أحد يكترث لها، و هذا يفقدها صوابها، حاولت أن تفتح النوافذ التي اغلقها صفوان بالأخشاب ففشلت، إتجهت للباب و أصبحت تضرب بكفيها بغضب و تهتف
- لقد اختنقت، افتح لي، افتح
تراجعت للخلف عندما سمعت صوت صفوان
- اهدئي
ثم فتح الباب، و أتاح لها الطريق
- هيا
نظرت له بحنق و تمتمت
- اخيرا.

ثم خرجت، سار خلفها ثم نزلا السلالم، فأعلمها
- إلى الحديقة الخلفية إتجهي
نظرت له بطرف عينيها ثم إتجهت للحديقة الخلفية كما قال و لكنها توقفت قبل ان تخطوا
خطوة خارج إطار الشرفة التي ستوصلها للحديقة، فقد رأت صفا جالسة على السفرة و ما يبدو أنها تنتظر مجيء عائشة ليتناولا معا الطعام، قالت عائشة بإقتضاب
- سأعود لغرفتي
و التفتت لتعود لكن صفوان امسك بذراعها و قال
- ألم تشعري بالأختناق في الغرفة؟!

نظرت له بحدة و قالت بشراسة
- هل هذا انت الذي قلت انك تفهمني!
صمت، فحررت ذراعها و إتجهت للسلالم تصعدها، فتنفس صفوان بضيق و هو ينقل نظراته لها ليتابعها و هي تختفي من امامه.

صفقت نيروز الباب و استندت عليه و فردت ذراعيها عليه و ظلت تشهق بصوت مرتفع، لا
تستطيع ان تصدق ما سمعته، لا تستطيع ان تفكر في انها سبب في ألم شخص، هل هي اذت عمار بهذه الطريقة دون أن تشعر؟، عمار ستبتر قدمه، و هذا بسببها!

وضعت كفيها على وجهها و هي تجثوا على ركبتها بإنهيار، ادركت آلان سبب معاملته لها، و سبب قوله الدائم بأنه سيعاقبها و يعذبها لما سببته له من آلام و سبب غضب غادة منها، لم يخطر على بالها ان هذا قد يكون السبب.
تذكرت الآن ذلك الدواء التي رأت عمار يأخذه أكثر من مرة، و ذلك اليوم الذي سقط فيه عمار و مرض و قد منعتها غادة من رؤيته، كيف لم تشك في ذلك؟، كيف كانت عمياء لهذه الدرجة!

الآن تشعر بالذنب، هي معه أن هذا ذنبها، و هو من حقه أن يكرهها و ينفر منها و يبعدها عنه بعد
ما سببته له من ألم، إنها سبب إعاقته ايضا!
نهضت سريعا عندما فتح عمار باب الغرفة، مسحت دموعها بيدها المرتجفة و سارت للفراش محاولة إخفاء وجهها قدر المستطاع.
- كيف الباب كان مفتوح؟، هل فتح الباب احدهم؟
سأل عمار بحيرة، فهزت كتفيها بعدم المعرفة، فأتجه للخزانة و هو يسألها مرة أخرى بجفاء
- لماذا لم تتناولي الطعام؟

لم يتلقى إجابة منها، فنظر لها و قد كانت تلويه ظهرها، ثم عاد لينظر لداخل الخزانة و يخرج ملابس له.
إتجه للمرحاض و قبل أن يدخله التفت عندما سمع صوت بكائها الذي من الظاهر انها تحاول كتمه، فإتجه لها و توقف خلفها و سألها بخفوت
- هل تبكين؟
مسحت نيروز دموعها مرة أخرى و اخذت نفسا عميقا قبل أن تلتفت له و تقول حاولت جعله طبيعيا
- لا.

لم يصدقها بالتأكيد فمظهرها يفضح انها كانت كذلك، لكنه لم يرغم أن يطيل حديثه معها، لذا تمتم قبل ان يتجه للمرحاض
- حسنا
توقف مرة أخرى و التفت لها و قال بجمود
- أردت أن اخبرك، خطبتي انا و سارة ستتم بعد يومين
لم تستطع أن تكبح دموعها أكثر، لذا سقطت على وجنتيها دون رغبة منها، تمتمت بصوت متحشرج
- مبارك لك
ظل ينظر لها للحظات قبل ان يهز رأسه و يدلف
للمرحاض ليرتدي ملابس العمل.

و فور إختفاءه من امامها وضعت كفها على فمها بقوة و اسرعت لتتجه للشرفة لكي لا يصل له صوت شهقاتها، سقطت على الأرض أثر عدم انتباهها لعتبة الشرفة.

لم تنهض و أصبحت تبكي بقهر، ليس قهرا لأنه سيتزوج، بل هي الآن ترى ان سارة ستصبح أفضل منها له و تليق به ايضا، فهي لم تستحقه منذ البداية، هي لم تكن زوجة صالحة له، و هو ايضا، لم يكن زوج صالح لها، لقد خانها، لذا تمنت عدم معرفته و عدم لقائهما و حبها له، فقد كان ارتاح هو، و هي أيضا، فلم يسبب أحدهما للآخر إلا الألم و العذاب.

مساءً
فتحت ميساء باب الغرفة و نظرت لنيروز التي كانت جالسة على الأريكة، و قالت لها و هي تبتسم
- هل تأتين؟
نظرت لها نيروز و سألتها بفتور
- إلى اين؟
- للأسفل، فأنا أعلم كم تكرهين الجلوس هكذا بين أربعة حيطان، لذا سنستنشق بعض الهواء
- لا اريد
- بل تريدين
قالتها ميساء بحزم و هي تتقدم من نيروز لتنهضها و تسحبها للخارج، فقالت نيروز
- حسنا، اتركيني و سأسير معك.

اومأت ميساء برأسها و لكنها لم تتركها، فقد جعلتها تتأبط ذراعها.
جلستا أمام حوض السباحة، كانت ميساء تتحدث كثيرا محاولة أن تخفف من حزن نيروز الظاهر عليها، لكنها فشلت، فنيروز لم تكن تستجيب لنكات ميساء و حسها الفكاهي، لذا صمتت ميساء ايضا لفترة وجيزة، لتقول بعدها
- عمار اخبركِ بأمر خطبته، صحيح!، لذا انتِ حزينة، أقسم اني حاولت إعادته عن ذلك لكنه...
قاطعتها نيروز بهدوء.

- لا تفعلي ذلك مجددا، إذ كنتِ تفعلين ذلك من أجلي، انا اخبرك، لا تفعلي
- لماذا؟
سألتها ميساء بحيرة، و تابعت بريبة
- هل تكرهين أخي الآن لذا تريدينه أن يبتعد عنكِ بزواجه من سارة!
- الأمر ليس هكذا، فقط ادركت ان انا و عمار لا نليق ببعضنا، ان سارة افضل مني له
- كيف تقولين هذا!
استنكرت ميساء، و تابعت بإنفعال.

- إدراكك خاطئ، فلا أحد يليق بعمار غيركِ، انتِ تحبينه و هو يحبك و انا اعلم هذا جيدا، لذا لا تقولي هذا مجددا
إبتسمت نيروز إبتسامة جانبية ساخرة حزينة و صمتت، فتقدمت ميساء بكرسيها من نيروز و قالت بخفوت
- انا اعمل الآن على إظهار حقيقة سارة لعمار، فأنا أعلم أن سارة هي العقبة بينكما فحين ظهور حقيقتها الخبيثة لعمار سيتركها، و هكذا ستعودان لبعضكما
ابعدت نيروز نظراتها عن ميساء و قالت بشرود.

- سارة ليست العقبة الوحيدة التي بيننا يا ميساء، هناك عقبات أقوى منها، عقبات لا نستطيع حلها مهما حاولنا
اتت ميساء ان ترد على قول نيروز لكن صوت سارة التي كانت اتيه من خلفهم قاطعها
- ما هذا، نيروز هنا!
تابعت سارة و هي تقف بجانب نيروز و تنظر للأخيرة من فوق
- جيد اني رأيتك، فقد كنت سأتي خصيصاً لكِ لأخبرك بخبر سار
- ماذا تفعلين هنا؟
سألتها ميساء بضيق، فتجاهلتها سارة و تابعت بخبث لنيروز.

- انا و عمار خطبتنا بعد يومين، ستحضرين صحيح؟، فأنتِ أولى الأشخاص المدعوون
- أيتها الحق...
كانت تلك كلمات ميساء التي لم تكتمل بسبب نيروز التي امسكت بيدها و نظرت لها آمره اياها أن تهدأ، ففعلت ميساء، مجبرة.
- ها هو حبيبي قد أتى
قالتها سارة بخبث لنيروز التي لم تحرك ساكنا، ظلت كما هي، بينما تقدم منهم عمار و سأل
- ماذا تفعلون هنا في هذا الج...
لم يكمل سؤاله حين لاحظ نيروز الجالسة معهم، فقال بحيرة.

- ما هذا!، كيف خرجتِ من الغرفة؟
اتته الإجابة من ميساء
- انا قد فتحت لها
نقل نظراته لميساء و سألها بحدة
- و كيف تفعلين هذا دون إذن مني؟!
امسكت سارة بذراعه ومسدت عليها بلطف و هي تقول برقة
- اهدئ يا حبيبي، فالغضب مضر للصحة
سخرت ميساء من سارة
- حبيبي!
لم تكترث سارة لسخرية ميساء و اردفت
- عمار، لقد قمت بدعوة نيروز لحفلة خطبتنا، ليس لديك مانع، صحيح؟
- لا.

أجابها عمار و هو ينظر لنيروز الذي لا يرى وجهها، فتنهدت سارة براحة ثم قالت
- جيد، فقد قلقت من أن يضايقك هذا، فكما تعلم ان الحفل سيكون عائلي
شهقت سارة بخفة و هي تمسك بياقة قميص عمار
- ما هذا!، كيف اتسخت ياقتك هكذا يا عزيزي؟
نظر لها عمار و اجاب بجفاء
- لا أعلم
فأقتربت منه سارة بدلع و هي تقول بخفوت
- تعال لانظفها لك
أشاحت ميساء بوجهها و هي تتمتم بإنزعاج
- استغفرالله.

في حين رفعت نيروز نظراتها لهم بحذر فرأتهما قريبان من بعضهما، فشعرت بألم جديد يتغلغل لأعماقها، لماذا تشعر بالألم لرؤيتها له معها!، ألم تتفق مع نفسها أن كل شيء بينها و بين عمار قد انتهى!، لذا الآن ليس لها الحق ان تشعر بالغيرة و الضيق لرؤيته مع سارة و غيرها، يجب أن تقتل كل المشاعر التي تملكها له بداخلها، فهو سيصبح مِلك لأخرى، سيعيش حياة سعيدة معها، هي تريد ذلك له و بشدة، لا يهم كم تتألم، فسعادته في بعدها سيجعل شعورها بالذنب يقل، فترتاح قليلا.

أشاحت نيروز بوجهها بعيدا عنهما و هي تتنفس بعمق لعلها تتخلص من ألم حلقها لرغبتها في البكاء، ألم تنتهي دموعها بعد!
- هيا يا نيروز لندخل للداخل، فالأجواء هنا
خانقة
قالتها ميساء لنيروز التي اومأت برأسها و نهضت، شعرت الأخيرة فجأة بأن رأسها يدور و كل ما حولها يتلاشى، همست بخوف
- ميساء.

و سريعا ما سقطت فاقدة الوعي، لكن لسوء حظها أنها كانت أمام حوض السباحة، فسقطت فيه، صدم الجميع للحظات يدركون ما حدث، فهرع عمار لينقذها، فهي لا تقاوم المياة حتى، بينما هتفت ميساء بزعر
- يا الله، نيروز
اخرج عمار نيروز من الماء و وضعها على الأرض وهو يلهث، ثم خرج هو من داخل الحوض، فأسرعت ميساء لنيروز تحاول ايقاظها لكن لا فائدة، فحملها عمار و سار بها بخطوات سريعة للداخل حيث غرفتهما، و خلفهما ميساء.

، بينما ظلت سارة واقفة مكانها، تشعر بالحنق و الضيق.
وضعها عمار على الفراش و تحرك ليتناول احدى العطور و يرشها برفق أمام أنفها حتى تستفيق، رمشت نيروز بجفونها ببطء و هي مازالت تتأوه و تحرك رأسها برفق، فتحت عينيها فقابلتها صورته القلقة أولا و هو يناديها بذعر
- نيروز، هل تسمعين؟، نيروز
نقلت نظراتها الزائغة لميساء التي سألت بقلق
- هل انتِ بخير يا نيروز؟، اجيبينا.

رفعت نيروز كفها لتضعه على رأسها و تدلكه بألم، و همست
- بخير، أعتقد ذلك
مد عمار يده بتلقائية و اخذ يمسح وجهها برفق فأبعدت نيروز كفها عن وجهها و نظرت له
بفتور، امتلأت حدقتيها بالدموع دون سبب مباشر، لذا ابعدت يده و هي تشيح بوجهها عنه لكي لا يرى دموعها.
انسحبت ميساء بخفة لتغادر الغرفة وتتركهما، و قد قابلت سارة خارجا و التي كانت تريد أن تدخل لنيروز و عمار لكن ميساء منعتها.
- هل أطلب الطبيب لكِ؟

سألها عمار بعد صمت تجاهل فيه حركتها، هزت نيروز رأسها رافضة، ثم حاولت النهوض فشرع عمار ليساعدها لكنها منعته بحزم عندما رفعت كفها، فتراجع، و ساد الصمت مرة آخرى، حيث يتابعها هو بنظراته.
- هل تناولتِ شيء اليوم؟
سألها عمار مرة أخرى، فأجابت و هي تتجه للخزانة
- لا أتذكر
- حسنا، سأجلب لكِ الطعام لتتناولي، فقد يكون هذا سبب إغماءك.

لم توافق أو تعترض، فغادر عمار الغرفة ليفعل ما قاله، في حين شرعت نيروز في تبديل ملابسها المبللة بملابس أخرى نظيفة.

في فيلا صفا.

وصلت رسالة لصفوان من نيروز بأنها ستبقى لدى عمار لأيام أخرى، اتصل بها بعد قراءته للرسالة لكنها لم تجيب، فأتصل بأسماء و حدثها بغضب
- أترين ما تفعله نيروز!، إنها مصرة أن تغضبني و أن تجعل نفسها دون كرامة
- اهدئ و فهمي ماذا حدث
أخبرها صفوان بأمر رسالة نيروز، فلم تتعجب اسماء فهي تعلم أن نيروز تضعف دائماً أمام عمار، لذا قالت محاولة تهدأته.

- لا تغضب منها، فأنت تعلم كم نيروز تحب عمار، فمن الممكن أنهما توصلا لحل يرضيهما و قد يكونا تصالحا
و اردفت
- لا تقلق، عندما اشفى تماما سأذهب لها لكي أعلم ما حدث و سأخبرك بأخبار ستسعدنا جميعا، بإذن الله، لذا اطمئن
لم يعلق صفوان، صمت لوهلة ثم قالت ليغلق
- سأغلق، وداعاً
و اغلق الخط مباشرةً.

بينما عند عائشة، دخلت الخادمة لغرفة الأخيرة و هي تحمل صينية الطعام، وضعت الصينية على الطاولة ثم سارت لعائشة التي كانت مستلقية
على فراشها تنظر للسقف بجمود.
- تفضلي
قالتها الخادمة و هي تمد يدها بورقة صغيرة، رفعت عائشة رأسها ونظرت ليد الخادمة و سألتها
- ما هذا؟

لم تجيبها الخادمة و قد دست الورقة في يد عائشة ثم اختفت من أمام الأخيرة، عقدت عائشة حاجبيها بإستغراب ثم فتحت الورقة التي اعطتها لها الخادمة، إتسعت مقلتيها بصدمة و فزع و هي تقرأ الكلمات المكتوبة بداخل الورقة.
و متى ستعودي؟، بدأ صبري ينفذ، و انتِ تعلمين ما قد افعله في هذه الحالة
رفعت نظراتها لتنظر امامها بحدقتين مضطربتين، تسارعت انفاسها و هي تمزق الورقة بعنف بكفيها المرتجفين، قفزت من فوق.

الفراش لتسرع للباب و تحاول فتحه لكنه مغلق، أصبحت تضرب عليه دون توقف، ففتح لها صفوان بعد دقائق و هو يهتف بحدة
- ما كل هذا؟
لم تستمع له، فقد اسرعت لتخرج لكنه امسك بذراعها بقوة و قال
- إلى اين؟
حاولت التملص منه و هي تقول بخشونة
- اتركني
لم يفعل، بل اعادها للداخل و هو مازال ممسك بها، فسحبت يدها بقوة فتركها، صرخت به بإنفعال
- لماذا تمنعني من الخروج؟، يجب أن أخرج لأبحث عن تلك الخادمة.

- أي خادمة؟، ماذا فعلت لكِ لتصبحي غاضبة هكذا؟
صمتت، فأردف
- انا سأتصرف معها، فقط قولي لي ماذا فعلت
ظلت عائشة صامتة، فهي لا تستطيع إخباره، فقال صفوان بسخرية
- لا سبب لديكِ!، هذا متوقع منكِ
أحددت نظراتها و تقدمت منه بأندفاع لتضربه على صدره ضربات متتاليه قاسية و هي تهتف به بغضب و نبرة عاجزة
- بل لدي، لدي لكن لا استطيع إخبار أحد بها، انت، انت تتحدث دون أن تفكر حتى، كم انت غبي.

امسك صفوان برسغيها بقوة آلمتها، و نظر لها بجمود ثم قال بحدة
- اهدئي، لا داعي لهذا العنف
- اترك يدي
لم يستجب لها بل أدار ذراعيها ليضعها خلف
ظهرها و يجذبها له و يقول بتحذير
- لا تجعليني اعود لأسلوبي السابق معكِ، أعتقد انكِ لا تحبينه
رفعت عائشة حاجبيها و هي تقول بإمتعاض
- هل تهددني!
- بل احذرك
اجابها صفوان بجمود و اردف
- و الآن، عودي لرشدك، و فكري جيدا قبل ان تقدمي على فعل أي شيء يغضبني.

أشتعلت حدقتيها الخضراوتين بحنق، و قالت بتحدي و نبرة شرسة
- لن أفكر، سأفعل ما يغضبك و أرني ما تستطيع أن تفعله، إذا استطعت أساساً
تركها و هو يرفع زاوية فمه بتحدي هو الآخر، و قال لها
- حسنا ؛ إذا انتِ التي اخترتِ أسلوب معاملتك..
فلا تحزني عندما لا تجدين أحدا بجانبك
- انا لا أحزن، و لا احتاجك.

قالتها عائشة بحزم و هي ترفع رأسها بشموخ، هز رأسه ثم التفت و غادر ليغلق الباب عليها مرة أخرى، فإتجهت عائشة للفراش و جلست عليه بعنف و هي تتنفس بغضب، ثم قالت بصوت مرتفع غاضب
- ليحدث ما يحدث، انا لن اكترث لكم
وصله صوتها، لكنه لم يكترث، جلس على الكرسي الموضوع أمام غرفتها لحراستها.

في فيلا أحمد فريد
تناولت نيروز الطعام تحت انظار عمار المتسلطة عليها بطريقة لم تشعرها بالراحة، اتت
ان تنهض لتضع الصينية على المنضدة لكنه اسرع و أخذها منها ليضعها هو، و عندما عاد و جلس امامها قالت بجدية
- لا داع لهذا، أستطيع أن أخدم نفسي بنفسي
هاودها بقوله
- حسنا، المرة القادمة
رمقته بإنزعاج قبل ان تنهض لتأخذ الوسادة معها و الغطاء، فسألها مستفسراً
- ماذا تفعلين؟

- سأنام على الأريكة، لذا أحتاج الى وسادة و غطاء، هل تمانع؟!
- و لماذا ستنامين على الأريكة؟، الفراش واسع يكفينا
رسمت على شفتيها إبتسامة جانبية متهكمة و هي تتمتم
- يكفينا!، أتقصد نحن!
ثم استدارت و سارت للأريكة، وضعت عليها ما كانت تحمله و رتبتها ثم دخلت تحت الغطاء و وجهت له ظهرها.

شعرت به وهو يغادر الغرفة، و تعتقد ان سخريتها ضايقته، لكن هذا جيد لها وله، فهي لا تريده أن يهتم بها الآن، فهي انتظرت اهتمامه سابقا، و هو قد أظهره الآن!، أظهره في الوقت الخطأ، الوقت الذي ذبلت فيه روحها، و هو ايضا، لا تعتقد أنه قد سامحها، إنها متأكدة من أن اهتمامه هذا اهتمام مؤقت، و تعتقد له سيندم عليه لاحقا، أو قد ندم!
طبقت جفونها لتستجيب لآلامها و دموعها، فترة ما قبل النوم.

اليوم التالي
وجدت نيروز باب الغرفة مفتوح فتعجبت، فعمار كان يوصده لمنعها من الخروج، خرجت من الغرفة و هي تنظر حولها بتفحص، ثم إتجهت يسارا لتصل للسلم و تنزله، اوقفت الخادمة التي كانت تتجه للمطبخ و سألتها بخفوت
- هل الجميع في غرفة الطعام؟
اجابتها الخادمة
- لا سيدتي، أنهم في مكتب السيد عمار
- حقا!، حسنا، شكرا لكِ.

و تركتها نيروز لتنحرف يمينا و لتصل لغرفة مكتب عمار، توقفت امام الباب مترددة في الدخول، وضعت يدها على قبضة الباب لتبرمها لكنها لم تفعل و تراجعت خطوة ثم تقدمتها مرة أخرى لتسمع ما يقولونه، فما يبدو أنهم يتحدثون عن شيء يخص عمار و قد سمعت
صوت سارة المرتفع المتضايق و هي تقول
- و هل ستسافر و تتركني؟!
شعرت نيروز بالفضول لمعرفة ال اين سيسافر عمار، لذا قربت اذنها من الباب لتستمع جيدا.

- لقد اتصل بي الطبيب منذ ساعة و اخبرني انه قد توصل لطبيب جيد خارج البلاد و ماهر يستطيع أن يعالجني، لذا يجب أن أسافر بعد أسبوع لأخضع للعملية
أخبرهم عمار بهذا كله، فأصبحت غادة تدعي ربها أن تكون هذه العملية خير لأبنها و أنها تكون الأخيرة، و كذلك ميساء، لكن سارة كانت مضايقة من هذا، فبعد خطبتهما بأربعة ايام سيذهب عمار و يتركها و هي لا تريد ذلك، لذا قالت
- حسنا سأتي معك
- لا اريد أحد معي.

قالها عمار بهدوء ؛ فأستنكرت غادة و اعترضت
- ما هذا الهراء، انا لن أتركك تسافر لتخضع للعملية بمفردك، انا سأتي، فأنا والدتك
- سنتحدث عن هذا لاحقا، فأنا يجب أن أذهب للشركة الآن
قالها عمار قبل ان ينهض و يتجه للباب، وضع كفه على قبضة الباب و برمها ففتح الباب، فوجد نيروز امامه، فالاخيرة لم تكن سريعة لتهرب أو تختبئ، لذا حدقت به بصدمة و توتر، و هو ايضا.
- ماذا تفعلين هنا؟!، هل سمعتي شيء مما قلناه!

سألها بخفوت قلق.

كذبت نيروز و اصتنعت الحيرة
- ما الذي لا تريدني أن اسمعه!، هل حدث شيء؟
ظل محدقا بها لثواني قبل ان ينكر
- لا شيء مهم
ثم اعاد سؤاله
- لماذا اتيتِ إلى هنا؟
فكرت سريعاً و اجابت بهدوء
- لقد وجدت باب الغرفة مفتوح، فشعرت بالحيرة لذا أتيت اسألك عن سبب هذا التصرف
و قد اصتنعت اللهفة وهي تسأله
- هل ستطلقني إذا؟
تبدلت ملامح وجهه و ظهر انزعاجه عليها، لم يجيبها، فقد تخطاها ليغادر.

وضعت كفها على صدرها و هي تتنفس الصعداء بعد مغادرته، فقد تصرفت بشكل جيد و قد اخفت حقيقة معرفتها بالأمر، لا تعلم لما أنكرت عدم معرفتها و سماعها لحديثه، هل لأنها شعرت بقلقه من معرفتها!، أم لانها ليست مستعدة لهذه المواجهه التي ستكون قاسية من ناحيته!
فزعت نيروز لوهلة حين سحبتها ميساء لتوجهها لغرفة الطعام، و قد عاتبتها فأعتذرت الأخيرة.

و قد نجحت عائشة بعد عناء و وقت طويل في
نزع الاخشاب عن النافذة بواسطة أداة حادة وجدتها صدفة في المرحاض، ربطت الأقمشة الطويلة ببعضها ثم دلدلتها من النافذة بعد ان تأكدت من عدم تواجد الحراس، ثبتت رأس القماش بإحكام بقدم الفراش الذي قربته أكثر من النافذة و بصعوبة.

جلست على إطار النافذة و هي تنظر للباب بحذر في حين تمسك بالقماش بأحكام، تشبثت بالأخير بقوة قبل ان تقفز، وصلت للأسفل سالمة بعض الشيء، فقد اصطدمت قدمها بالحائط طويلاً لذا جرحت لكنه كان جرح طفيف.
اسرعت لتركض ناحية السور و قد التقطت صخرة متوسطة الحجم و حملتها بصعوبة لتضعها و تصعد عليها، و قد نجحت في اجتياز السور.

عصر اليوم
في فيلا أحمد فريد
صعدت سارة السلم و هي تتحدث على الهاتف، و عندما نتهم منه انحرفت يمينا لتصل لغرفتها بعد ثلاث غرف، وضعت كفها عل قبضة الباب و قبل أن تبرمها وجدت الباب يفتح و ثقة ظهرت امامها ميساء التي توترت عندما رأتها، ابعدت سارة هاتفها عن اذنها و هي تسأل بإستغراب
- ميساء!، ماذا تفعلين هنا؟، في غرفتي و دون إذن مني!
تلعثمت ميساء و هي تجيب
- انا، انا قد كنت...

و قد وجدتها فتابعت بنبرة لم تخلو من بعض التوتر
- لقد أتيت لأتحدث معكِ و لأعرف هل ستشتري فستان خاص للخطبة أم لا، لكني لم أجد
لم تصدقها سارة و قد أظهرت ذلك في نبرتها المتهكمة
- حقا!، و منذ متى انتِ تهتمين بي و بأمر الخطبة؟!
- يجب أن أهتم، لأجل أخي و لكي لا أحزنه
همهمت سارة وهي ترمق ميساء بشك، فأستأذنت الأخيرة لتغادر، فأتاحت سارة الطريق و قد عادت لتكمل حديثها على الهاتف و هي تدخل غرفتها.

اسرعت ميساء لتدخل غرفتها و هي تتنفس الصعداء فقد كانت خائفة جدا من أن تكتشف سارة حقيقة وجودها في غرفة الأخيرة، جلست على فراشها و اخرجت المناديل الورقي من جيبها و فتحته لتنظر لقرص الدواء الذي وجدته
في أحد ادراج سارة و الذي أثار ريبتها، لذا اخذت منه واحدة لتأخذه للمعمل و تفحصه لاحقا، لكي تعرف ما أمر هذا الدواء، فهل سارة مريضة أم أنها تقوم بألاعيب بهذه الأقراص!

عند نيروز، قد كانت الأخيرة تقف في الشرفة لتستنشق بعض الهواء النقي، فهي تشعر بالأختناق كلما تواجدت في الغرفة، فالحقيقة تداهمها باستمرار إلى أن لم تعد تستطع تحمل قسوة ذلك.

نظرت للأسفل لتمرر نظراتها فتوقفت على تلك الفتاة الغريبة التي تسير في الحديقة و التي قد جلست على الأريكة واضعة قدم فوق أخرى، دققت في النظر لها محاولة معرفة ملامحها و قد نجحت بنسبة بسيطة، فوجدت انها مألوفة لديها، تشعر انها رأته سابقا لكن أين؟، لا تتذكر.
نقلت نيروز نظراتها لسارة التي أسرعت للفتاة.

التي نهضت لتستقبل توبيخ سارة، لاحظت التفات سارة حولها ثم سحبها للفتاة من ذراعها ليغادرا الفيلا معا، فشعرت بالريبة، فكرت في ان تسرع و تنزل لتلحق بهما، لكنها تراجعت عن فكرتها تلك، فهي ماذا ستستفيد من هذا!، فسارة الان لا تهمها، و كل ما في هذا البيت لا يهموها أو تدعي ذلك، لذا لم تكترث كثيرا فعقلها به ازدحام، و ما بها يكفيها، لا تحتاج للمزيد حقا.

سمعت رنين هاتف داخل الغرفة فعادت للداخل و بحثت عن الهاتف الذي يرن فوجدته على المنضدة و قد كان هاتفها، هاتفها التي تتذكر انه لم يكن بحوزتها منذ أن حبسها عمار، اجابت على اتصال اسماء التي لم تصدق اذنيها عندما سمعت صوت نيروز، أخذت اسماء تطمأن على نيروز و بدأت توجهه الأسئلة المتتالية على
الأخيرة التي اوقفتها
- عمتي، كل اسألتك هذه ليس لها داعي، فكل شيء هنا بخير، لذا لا داعي لغضبك و لقلقكِ انتِ و صفوان.

و اردفت بجدية
- انا لم اتخلص من رغبتي في الطلاق، بل اتخذت قرارات آخرى وسأنفذ كلاهما معا، قولي هذا لصفوان لكي لا يغضب مني
سألتها اسماء بفضول
- و ما هي القرارات الأخرى؟
استغرقت نيروز وقتا لتجيب بمرارة
- عودتي كانت خطأ منذ البداية يا عمتي، لذا قررت أن اعود لفرنسا، و بلا رجعة هذه المرة
- ماذا!، هل هذا صحيح فعلا!
لم تصدق اسماء، و اردفت بإنفعال
- و هل ستتخلي عنه بعد كل ما عانيتي منه من.

اجله!، هل تعلنين استسلامك؟!
- ماذا بك يا عمتي!، ألم تكوني رافضة عودتي لعمار منذ البداية!، هل الآن تريديني ابقى معه!
- انا اعلم أنكِ لا تستطيعين الابتعاد عنه، كما حدث سابقا، لذا اقول هذا
بررت اسماء، و قد ساد الصمت لثواني لتقول نيروز بشرود غامض.

- انا و عمار طرقنا مختلفة جدا، طريقه لا يؤدي لطريقي ابدا مهما حاول، و انا لا استطيع ان اقترب من طريقه خوفاً من أن أسبب له ألم جديد، لذا بعد كلانا سيوقينا من تعمق الجروح القديمة التي لم تطب
- كلامك يشعرني بأن هناك شيء تخفينه عني يا نيروز، ماذا بك؟، و لماذا خائفة من اقترابك منه لتؤذي!، ما وراء هذا الكلام المحير!
سالت دموع نيروز و هي تصتنع الضحك و
تقول بمرارة
- كلامي ليس محير، فقط انه أثر كآبتي.

ساد الصمت للمرة الثانية، و قد قطعته اسماء بنصيحتها
- لا تجعلي كلام والدتك يؤثر بك يا نيروز، لا تجعلي هذا سببا للابتعاد
استعجلت نيروز بقولها قبل أن يختنق صوتها
- سأحدثك لاحقا يا عمتي، وداعاً
و اسرعت لتغلق الخط لتضع كفها على فاهها تكتم صوت بكائها، فياليت عمتها تعلم أن ذلك السبب وحده يقتلها، فكيف لا تتأثر به و هو يكون سبب من أسباب الإبتعاد!

داخل سيارة سارة، كانت الأخيرة توبخ الفتاة بشدة لدخولها للفيلا رغم تحذير سارة لها..
- كيف تفعلين هذا رغم تحذيري لكِ، ماذا أفعل انا إذ تذكرتك نيروز أو عمار!، ستضعيني في موقع صعب لا استطيع تبريره أيتها الغبية
قالت الفتاة بلامبالاة
- اسفة، لكني شعرت بالفضول لأرى العز الذي تعيشين فيه بمفردك
قالت كلمتها الأخيرة بحقد، فرمقتها سارة بغضب و قالت
- هذا ما استحقه، ألا ترين هذا!
- لا أري انكِ تستحقينه بمفردك.

- لقد اعطيتك نصيبك، و لم تكتفي للآن
- و لن اكتفي
قالتها الفتاة بجشع و اردفت و هي تنظر امامها
- هيا تحركي، لنتحدث و نحن نتناول وجبة الغداء، فأنا جائعة
كم ترغب سارة في ان تخنقها لكنها تماسكت..
فهي مازالت تحتاج لها.

و أصيبت فيلا صفا بحالة من الهلع و الإضطراب و الفوضى بعد اكتشافهم لهرب عائشة، اخذوا يبحثون عنها في الأرجاء لعلها لم تبتعد كثيرا لكنها في الواقع قد ابتعدت و وصلت للمكان الذي تريديه.
دلف صفوان لغرفة مكتب صفا، ينظر له الأخيرة بلهفة و هي تقول ببكاء
- قل لي انك وجدها، رجاءً
اخفض صفوان رأسه و اجابها
- لقد ابتعدت، فلم نجدها
و تابع بجدية و هو يرفع رأسه لينظر لها.

- لقد ارسلت زين لكي نعلم هل عادت للحانة أم لا، و إذ كانت هناك سنضع خطة لنعيدها، و
لكن دون تهور
- المهم انها تعود آمنه، لا اريدهم أن يأذوها
- سأحرص على هذا...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة