رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل السابع
الوقت الحالي
انتهت نيروز من سرد ما حدث في اليوم السابق ل أسماء التي أصبحت تسب و تلعن عمار لخداعه و قسوته مع نيروز.
- نيروز أتركيه، هو لا يستحقك ابدا
قالتها اسماء بغضب، فقالت نيروز بهدوء
- لا استطيع يا عمتي تركه، فهناك تحدي بيننا الآن، و انا لن أقبل بالهزيمة
و اردفت و هي تبتسم بعذوبة
- انتِ تعلمين يا عمتي انني فتاة قوية، تتحمل الصعاب
ضحكت اسماء بإستخفاف و قالت.
- انتِ لست بفتاة قوية ابدا، انتِ أصبحتي ضعيفة جدا بعد تركك له، و الآن انتِ اضعف، اتعلمين لماذا؟ لانك تحبينه، و لكن هو عكسك تماما فهو يريد أن يراكِ تتعذبين فقط، و صدقيني هو لن يهتم بكِ ابدا حتى إن رأكِ تموتين امامه سيتركك، فهو قد خانك في البداية و الآن يريد تعذيبك بلا سبب، كم هو حقير و وقح
قالت الأخيرة بحدة، فتنهدت نيروز بعمق و قالت بهدوء
- سأغلق الآن، وداعا.
انهت جملتها و اغلقت الخط، اعادت الهاتف لداخل حقيبتها و نهضت و سارت بخطوات متعرجة لأحد سيارات الأجرة التي توقفت ليترجل منها رجل، فصعدتها نيروز و اعطت السائق العنوان.
مساءًا
عاد عمار للفيلا و صعد السلالم و ما لبث أن توقف و التفت عندما سمع صوت غادة
- ها قد عدت اخيرا يا عمار
- نعم عدت، هل هناك شيء؟
- نعم، اصعد لغرفتك و ستعلم
- ماذا هناك؟
- اصعد، هيا
اومأ برأسه و اكمل صعوده حتى وصل للطابق العلوي، انحنى يمينا ليقف امام غرفته و يدخلها، نقل نظراته حوله بتمعن، هناك شيء غريب في غرفته و لكنه لا يستطيع تميزه، توقف و هو ينظر لمنضدة الزينة التي كانت تحمل مساحيق.
التجميل، إتسعت مقلتيه و هو يتمتم بإستنكار
- لا، مستحيل
- عمار، لقد عدت!
قالتها نيروز و هي تخرج من المرحاض و كانت تضع منشفة حول شعرها، فألتفت سريعا و نظر لها و قال
- ماذا تفعلين هنا؟
- الا ترى اشيائي على المنتضدة؟
قالت جملتها بطريقة مستفزة، ثم التفتت و إتجهت للخزانة و فتحتها ليرى ملابسها موضوعة بداخلها، ثم قالت
- هل استنتجت؟
- لن تمكثي في غرفتي
- لماذا؟
قالتها ببراءة مصتنعة، فأقترب منها بخطوات حازمة و امسكها من ذراعها و قادها للباب وهو
يقول بحدة
- هكذا، دون سبب
تملصت من بين يديه و اسرعت لتجلس على الفراش، وضعت قدم على الأخرى و رفعت رأسها بشموخ و هي تقول بخبث
- هل خائف من أن تتراجع عن فكرة تعذيبك لي؟
ضغط على قبضته بقوة و هو يلتفت ببطء و ينظر لها، بينما اردفت نيروز و هي تنظر له بتحدي
- أم خائف من إظهار مشاعرك الحقيقية لي؟
تقدم منها بخطوات واسعة غاضبة، مد كفه ليمسك برقبتها من الخلف و ينهضها بقسوة جعلتها تتألم، فسقطت المنشفة و انسدل شعرها على ظهرها كستارة حريرية لامعة، نظرت لحدقتيه القاسيتين و هي تحاول ان تتحمل ألم قبضته على رقبتها، بينما قال عمار و هو يجز
على اسنانه
- لا يوجد مشاعر اكنها لكِ لكي اخفيها، لذلك لست خائف
- كاذب.
همست و هي تبتسم، فزاد من قوة قبضته ضد رقبتها، فتأوهت بألم و مدت كفها ل كفه و حاولت تخليص نفسها من قبضته القاسية، بينما قال
- انا لا اكذب ابدا
عادت و نظرت له و قالت بلطف
- حسنا، انت لا تكذب، فهل لك الان ان تتركني!
تركها بخشونة و ابتعد عنها ليتجه للخزانة، اخرج ملابس ليرتديها و إتجه للمرحاض و دخله و صفق الباب بقوة، فإبتسمت نيروز بمكر.
اشرقت شمس يوم جديد
فتحت نيروز عينيها بتعب و نظرت جوارها لتراه، ولكنها لم تجده، فأعتدلت لتجلس و هي تتثاءب بنعاس فهي لم تنم بشكل كافي بسبب تأملها له طوال الليل، نهضت و سارت للمرحاض بخطوات متكاسلة و دخلته.
جلست أمام منتضدة الزينة و امسكت بالمشط و بدأت في تمشيط شعرها المبلل، ثم ربطته بشريط أسود بخفة، امسكت بأحمر الشفاة و حددت شفتيها الرقيقتين بعناية، إبتسمت و هي تعيد أحمر الشفاة لمكانه و تنهض لتغادر الغرفة
و تتجه لغرفة الطعام، قضبت جبينها عندما لم تجدهم، فسألت الخادمة التي اوقفتها
- اين عمار و عمتي؟
- السيد عمار غادر باكرا، أما السيدة غادة فهي تتناول فطورها مع السيد أحمد.
- حسنا، هل يمكنك أن تصعدي لغرفة عمار و تجلبي لي حقيبتي الصغيرة؟
- حسنا سيدتي
- ستجدينها على للكومود المجاور للسرير
- حسنا
قالتها الخادمة بتهذيب، ثم التفتت و غادرت لتجلب ما طلبته نيروز، و خلال دقائق عادت و اعطت لنيروز حقيبتها، فمنحتها الأخيرة إبتسامة و هي تشكرها و من ثم غادرت الفيلا و هي تنوي الذهاب لشركة عمار.
منذ ثلاث أعوام و نصف
في فيلا أحمد فريد
- ماذا فعلت لها يا عمار؟
قالتها ميساء بغضب لعمار الذي كان يجلس على الأريكة في غرفة ميساء، أجاب
- لا شيء، صدقا
- إذا لماذا هي غادرت دون أن تودعني؟، و ايضا لماذا لا تجيب على اتصالاتي!؟
- لأنها غاضبة
- و من اغضبها؟!
قالتها ميساء بضيق و من ثم شهقت و هي تقول بفزع
- هل اخبرتها اني اخبرتك بأمرها؟
- بالطبع لا
- إذا لماذا غادرت؟
- لا أعلم، كنت أحداثها بلطف، و فجأة غضبت.
- لا اصدقك
قالتها ميساء و هي تضيق عينيها، فهز عمار كتفيه بلامبالاة و قال
- لا اكترث
ثم نهض و غادر، بينما عادت ميساء و اتصلت بنيروز التي لم تجيبها.
في منزل اسماء
دلفت نيروز لغرفة النوم و القت بحقيبتها على الفراش بغضب، ظلت تدور حول نفسها و هي تبعد خصلات شعرها من على وجهها بضيق، كانت تخرج بعض الكلمات البذيئة الغير مسموعة
من بين شفتيها الرقيقتين.
- ماذا هناك؟، لماذا انتِ غاضبة؟
قالتها اسماء و هي تستند بجسدها على إطار الباب، فتوقفت نيروز و قالت بغضب
- لا شيء، لا شيء
ثم جلست على الفراش بحدة و اردفت
- فقط اشعر بالغضب من حماقتي.
تقدمت منها اسماء و هي تقول بهدوء
- لماذا تنعتين نفسك بذلك؟
- لاني حمقاء، لا اعلم لما انا متسرعة هكذا في قول كلماتي..
- حسنا، هل لكِ أن تخبريني بما حدث معك؟
نظرت لها نيروز و قالت
- انا لم اخبرك شيء من البداية، صحيح؟
- في الفترة الأخيرة انتِ أصبحتي كتومة
هزت نيروز رأسها و هي تنظر ل اسماء بتردد
، لا تعلم هل تخبرها عن عمار أم لا، في النهاية اتخذت قرارها و أخبرتها.
ساد الصمت لدقائق بعد انتهاء نيروز من سرد ما حدث معها منذ أول لقاء به إلى الآن، نظرت اسماء لنيروز بعتاب و قالت
- كيف عاملتيه بهذه الوقاحة يا نيروز!
- ماذا!
قالتها نيروز بذهول، فهي لم تتوقع أن اسماء ستعلق على وقاحتها بل كان من المفترض أن تعلق على وقاحته هو، قالت اسماء
- لماذا عاملتيه هكذا منذ البداية؟، سياستك معه خاطئة
- خاطئة!
- نعم، فهو منذ البداية لم يفعل شيء خاطئ فقط كان يريد أن يطمئن عليكي بسبب الحادث ولكنك كنتِ وقحة معه جدا
دافعت نيروز عن نفسها بقولها
- نعم كنت وقحة بسبب قوله و اتهامه لي بأني هاربة
- حسنا ذلك كان في البداية، و لكن عندما اعترف لكِ انه معجب بك، ماذا فعلتي؟
- غادرت و لم اجيبه، فأنتِ قد اتصلتي بي
- هذا عذر
قالتها اسماء بلهجة ساخرة، و اردفت بهدوء
- حسنا، ما حدث اليوم، ما سببه؟!
تنهدت نيروز بأسى و قالت.
- لا أعلم سببه
امسكت اسماء بذقن نيروز و ادارته لتنظر لها الأخيرة، قالت أسماء بلطف
- نيروز، عمار قد يكون فرصة لكِ، فرصة إنقاذك
نظرت لها نيروز بحيرة و تخبط، بينما تابعت
اسماء
- هو ثري، و وسيم، و صغير، صحيح؟
اومأت نيروز برأسها، فتابعت اسماء و هي تبتسم بحماس
- إذا هو يستطيع أن يحل محل الرجل العجوز، صحيح؟
صمتت نيروز لبرهه ثم قالت رافضة
- لا، لا اريد ان اتقرب منه لهذا السبب، هكذا انا اقوم بإستغلاله.
- لا، هذا ليس صحيحا، انتِ لن تقومي بإستغلاله، فهو معجب بك، و الأعجاب سيصبح حب مع مرور الوقت و هكذا هو الذي سيتصرف من نفسه و ليس انتِ
صمتت نيروز لتفكر، بينما سألتها اسماء فجأة
- هل تشعرين بالإنجذاب له يا نيروز؟
نظرت لها نيروز بصدمة و سريعا اخفضت
رأسها و قد توردت وجنتيها، فإبتسمت اسماء و هي تقول بخبث
- هكذا ستصبح قصة حب عريقة
- عمتي
قالتها نيروز بخجل، فضحكت اسماء بسعادة، ثم قالت.
- اصعدي للمركب و انتظري وصولك لليابس، حسنا؟
نهضت نيروز و إتجهت للمرحاض و دخلته، وضعت كفها على قلبها لتستشعر دقاته المجنونة، التي تشعرها بالتوتر و الخوف!
اليوم التالي
في الجامعة
تقدمت ميساء من نيروز بخطوات غاضبة و فور
وصولها لها أصبحت تضربها بخفة على ذراعيها و هي تكاد تبكي
- أيتها الحقيرة لماذا لم تجيبي على اتصالاتي؟!، لقد قلقت كثيرا
ضحكت نيروز بخفة و قالت
- اسفة، طرأ علي امر، لذلك غادرت
- صدقاً!، يعني أخي لم يفعل لكِ شيء يغضبك؟
صمتت نيروز لبرهه ثم قالت
- لا، لم يفعل شيء، انا التي غضبت دون سبب
تنهدت ميساء و هي تقول براحة
- هذا لطيف
ثم اردفت بضيق.
- الآن يجب علي الاعتذار له، تبا
ضحكت نيروز و قالت
- خمسة دقائق و ستبدأ المحاضرة، هل ستحضرين؟
- نعم، لكنِ سأذهب للكافتيريا أولا لكي اجلب لي قهوة، هل احضر لكِ؟
- لا شكرا، سأسبقك للداخل
- حسنا
ذهبت ميساء للكافتيريا بينما سارت نيروز لقاعة المحاضرة و قبل أن تصل للأخيرة توقفت لتخرج هاتفها و تجيب على المتصل و التي كانت اسماء
- ماذا يا عمتي؟، سأدخل الأن للمحاضرة
تغيرت ملامح وجه نيروز بعد سماعها قول اسماء.
- نيروز، تعالي إلى منزل والدك بسرعة، فوالدك جن جنونة على والدتك و أبرحها ضربا، انا أمام المنزل و لكنه لا يريد أن يفتح لي
- سأتي حالا
قالتها نيروز بصوت امتلأ بالخوف و الفزع،
التفتت و ركضت بسرعة لخارج مبنى الجامعة، عبرت البوابة و توقفت عندما لمحت عمار يصعد سيارته، إتجهت له سريعا و طرقت على زجاج النافذة، فأنزلها و هو ينظر لها بتساؤل
- نيروز!
- هل يمكنك أن توصلني؟
قالتها بعجلة و دون تردد، فهمهم و قال.
- حسنا، اصعدي
- شكرا لك
قالتها بإمتنان ثم اخذت مكانها بجانبه، نظر لها نظرة عابرة قبل ان ينقل نظراته للطريق و هو يدير المقود.
- إلى اين ستذهبين؟
- إلى منزلي
و اعطته العنوان، همهم بلطف و قال
- انتِ لم تحضري المحاضرة الأولى، صحيح؟
- نعم، فأنا قد غادرت قبل ان تبدأ بخمسة دقائق
- و لماذا؟
نظرت له و صمتت، فنظر لها و قال بلطف
- لا تريدين إخباري، حسنا، لا مشكلة.
رسمت على شفتيها إبتسامة باهتة، ثم نقلت نظراتها للطريق و هي تضم كفيها لبعضهم بتوتر.
- هل يمكنك أن تسرع، رجاءً
قالتها نيروز بصوت اظهر قلقها، فقال وهو ينظر لها بتعمق
- حسنا
هزت رأسها و عادت تنظر للطريق و هي تتنفس بعمق، بينما كان عمار ينظر لها من حين لآخر و هو يشعر بالحيرة و الفضول بشأنها.
اوقف عمار سيارته بعد قول نيروز
- توقف، ها هو منزلي.
و أشارت لمبنى منزلها المتهالك بعض الشيء، ترجلت من السيارة و نظر له عبر النافذة و قالت
- شكرا لتوصيلك لي
إبتسم و قال
- العفو، هيا اصعدي
اومأت برأسها و تمتمت قبل أن تغادر
- وداعا
ظل يتابعها بنظراته حتى اختفت من امامه، تنهد و هو ينقل نظراته امامه، اخرج هاتفه من جيبه و اتصل ب ميساء التي اجابت بهمس
- ماذا تريد يا عمار؟، انا في المحاضرة الآن، سأحادثك لاحقا.
انهت جملتها سريعا و اغلقت الخط، فنظر لشاشة الهاتف بضيق ثم ألقاه على المقعد المجاور له.
صعدت نيروز درجات السلم بخطوات واسعة، توقفت امام باب منزلها الذي كان مفتوح، دلفت للداخل بسرعة و هي تشعر بأن قلبها يكاد يخرج من مكانه، سارت في الممر الصغير و هي تنادي والدتها من بين انفاسها اللاهثة
- امي، اين انتِ؟
وصلت لغرفة والدتها و دخلتها، إتسعت مقلتيها بصدمة وهي تنظر لوالدتها التي ترقد على فراشها و وجهها و جسدها ممتلأين بالكدمات و الجروح الطفيفة، اسرعت لها و جثت على ركبتيها و هي تمسك بيد والدتها، قالت بصوت يكسوه القلق و الخوف
- ماذا حدث لك، لماذا فعل بكِ ذلك؟
نظرت لها والدتها بألم و بكت، فامتلأت مقلتي نيروز بالدموع و قالت بصوت متحشرج
- هل هذا بسببي؟
لم تستطع والدة نيروز أن تتكلم، فقط اكتفت بالبكاء المرير، فنهضت نيروز بحدة و هي تمسح دموعها التي سالت على وجنتيها و غادرت الغرفة لتتجه لغرفة الجلوس، فقابلت اسماء، فهتفت نيروز بغضب
- اين هو؟، اين ذلك الرجل؟
- اهدئي يا نيروز.
قالتها اسماء بقلق و خوف، فتجاهلتها نيروز و اكملت سيرها لتصل لغرفة الجلوس و تقف فور رؤيتها ل والدها الذي كان يجلس على الأريكة، يضع قدم على آخرى و ينظر لها ببرود من بين دخان سيجارته، فرمقته بإزدراء و هي تقول بصوت مرتفع غاضب
- كيف تفعل بها ذلك؟، هل أنت انسان أم ماذا؟
ضحك بإستخفاف و قال
- ماذا تريدين يا فتاة الان؟
- اريدك ان تبتعد عنا، اتعلم اننا نكرهك.
نهض و اقترب منها ليقف امامها و يقول بطريقته الكريهه المستفزة
- نعم أعلم، لذلك انتِ تستحقين هذا
انهى جملته و اطفئ سيجارته على جلدها، فصرخت بألم و هي تبتعد، بينما اسرعت اسماء و وقفت بينهم و هي تقول بفزع
- ماذا تفعل؟، هل جننت؟
- نعم جننت، فهذه الفتاة أصبحت دون فائدة
قالها و هو يبتسم بخشونة، ثم نقل نظراته لنيروز و قال بطريقة مخيفة
- من الجيد انكِ اتيتي الى هنا، فأنتِ لم تحصلي على عقابك بعد
قالت اسماء بحدة.
- ما حدث ليس لنيروز علاقة به، انت يجب أن تذهب و تفرغ غضبك على الرجل العجوز الذي
تراجع، و ليس ابنتك
- الرجل تراجع عندما تأخرنا في الرد
قالها بغضب و هو ينظر ل اسماء، ثم نقل نظراته لنيروز و اردف بحنق
- بسبب هذه الفتاة الحقيرة، خسرت مالي
- تستحق، و انا سعيدة بذلك
قالتها نيروز و هي تبتسم بشماتة، فإتسعت مقلتيه بغضب و هو يهتف
- هل تبتسمين الان!، هل تشعرين بالشماتة!، أيتها الفتاة الحقيرة.
انهى جملته و هو يدفع اسماء جانبا ليمسك بنيروز و يبدأ في صفعها بقسوة، فسقطت على الأرض و هي تبكي و تصرخ بألم و قهر، بينما اسرعت اسماء بفزع و هي تحاول ان تبعد اخيها عن ابنته و لكنها فشلت، فنهضت و ركضت سريعا للخارج و أصبحت تهتف بزعر
- النجدة، احتاج مساعدة، ارجوك..
توقفت عندما رأت شاب يصعد السلم، اقتربت منه بلهفة و امسكت بيده و هي تتوسله
- ارجوك ساعدها، ارجوك
- ماذا هناك؟
- انه يقوم بضربها، ساعدها، أرجوك.
قالتها اسماء وهي تبكي، فأسرع الشاب و دخل للمنزل خلف اسماء، وصل لغرفة الجلوس و اسرع ليمسك بوالد نيروز و يبعده عن نيروز، فهتف والدها بغضب جامح
- من انت؟، ابتعد عني
- اهدء ارجوك
- ابتعد، قلت ابتعد
- اهدء أولا
اسرعت اسماء لنيروز الملقية على الارض و الدماء تسيل من انفها، جثت على ركبتيها لترفع
رأس نيروز و تضعه على قدميها و هي تقول ببكاء
- لا تبكي يا عزيزتي، كل شيء على ما يرام، اهدئي.
ابعدت نيروز خصلات شعرها من على وجهها و هي تبكي بألم، نظرت ل أسماء بإنكسار و قهر و هي تقول بصوت باكي
- انا اكرهه، اكرهه يا عمتي
فضمتها اسماء لها و هي تشعر بالألم و الشفقة عليها، بينما قال والد نيروز بنفاذ صبر للشاب
- هيا اتركني، لقد هدأت
تركه الشاب بتردد، و تابعه بنظراته و هو يجلس على الأريكة ببرود، يضع قدم على آخرى و يشعل سيجارة، فنقل الشاب نظراته لنيروز و اقترب منها ببضع خطوات و هو يقول بهدوء.
- هل انتِ بخير؟
نهضت اسماء و انهضت نيروز معها، رفعت الأخيرة نظراتها له و هي تجيبه بصوت باكي
- انا بخير، شك...
توقفت نيروز عن اكمال جملتها عندما رأت وجه الشاب، فقد كان، عمار، إتسعت مقلتيها بصدمة و سريعا ما اخفضت رأسها بإحراج، بينما كان هو يحدق بها بصدمة.
- هل هذه انتِ حقا!
قالها بعدم تصديق و انتظر اي قول منها، و لكنها لم تقل اي شيء فشعورها بالإحراج و الانكسار يمنعاها من النظر لعينيه حتى.
- شكرا لمساعدتك.
قالتها اسماء بإمتنان، فأبعد نظراته عن نيروز لينظر ل اسماء و يبتسم بهدوء و هو يقول
- لا شكر على واجب سيدتي
ثم عاد و نظر لنيروز ليقول
- لقد نسيتي هذا في سيارتي
و اخرج هاتفها من جيبه و مد يده ليعطيها اياه و هو يتابع
- يبدو انكِ اسقطيه دون أن تنتبهي
رفعت نظراتها له بحذر، ثم اخذت هاتفها منه و هي تتمتم بخفوت
- شكرا لك
- ما هذ؟، هل أنت تعرف ابنتي؟
قالها والد نيروز بشك و هو ينهض، وقف بجانب عمار و هو ينظر لنيروز بحدة
- هل لكِ علاقة به؟، الهذا رفضتي الزواج؟، اجيبي
قال الأخيرة بصوت مرتفع، ففزعت نيروز و عادت للخلف ببضعة خطوات و هي تتلعثم
- انا، هذا، لا
تنفس والدها بغضب، ثم قال و هو يجز على
اسنانه
- انتِ، أيتها الفتاة الفاسقة
انهى جملته و رفع يده ليضربها، و لكن قبل أن تصل يده لها، اسرع عمار و امسك بيده بقوة، فنظر له والد نيروز بغضب و هو يقول.
- كيف تتجرأ...
قاطعه عمار بحسم
- اسف، لن اسمح لك بأن تمسها بأذى
- ماذا؟!، هل جننت؟، إنها ابنتي
- هل لأنها ابنتك ستضربها كما تشاء؟
- نعم
- لن اسمح بذلك
قالها عمار و هو يقف أمام نيروز ليخفيها خلفه، نظرت له نيروز بذهول من موقفة، و ببطء بدء يتملكها شعور السعادة و الراحة لوجوده بجانبها، همست لها اسماء في اذنها
- من هذا يا نيروز؟، اتعرفينه؟
نظرت لها نيروز و همست
- إنه عمار.
همهمت اسماء و هي تومأ برأسها و قد إرتسمت على شفتيها إبتسامة سعيدة، و سريعا ما تلاشت إبتسامتها عندما هتف والد نيروز بغضب
- و من انت لكي تتجرأ و تقول انك لن تسمح لي بضرب ابنتي!
نظر له عمار بهدوء، ثم ترك يده و التفت لنيروز ليمد يده لها و يقول بعد صمت قصير
- اريدك ان تأتي معي يا نيروز، أريد حمايتك من والدك و أريد إبعادك عن فكرة زواجك بالرجل العجوز، فهل ستأتين معي و تسمحي لي أن أكون حارسك؟
نظرت نيروز ليديه الممتدة لها، ثم نظرت له و هي تشعر بمشاعر غامضة تجتاحها ببطء،
حركت يدها بتردد، و امسكت بيده، فإبتسم و قال بلطف
- من الآن انا حارسك، لذلك لا تقلقي من شيء
- هاااي، كيف تجرأين أن تمسكي بيده، هل تعتقدين انه سيحميكي مني!
قالها والد نيروز بحدة، فألتفت عمار و نظر له و قال بجدية
- نعم سأحميها منك، و لن تستطيع أن تجبرها على الزواج بذلك العجوز، و لن تستطيع ضربها مرة أخرى.
انهى عمار جملته و التفت ليتجه للباب و هو مازال ممسك بيدها، نظرت نيروز ليده الممسكة بيدها و شعرت بدقات قلبها التي تتسارع بطريقة جنونية، التفتت برأسها و نظرت ل أسماء التي منحتها إبتسامة سعيدة و هي تومأ برأسها برضا.
بينما كان والد نيروز يقف مكانه، ينظر لهم و
هم يختفون من امامه بغضب، فجأة ضحك و هو يعود ليجلس على الأريكة و يقول ببرود
- يومين، و سيلقيها في الشارع
ثم اردف بصوت مرتفع.
- أترين يا زوجتي، ابنتك تركتك و تركت عائلتها من أجل حبيبها، يال حسن تربيتك
رمقته اسماء بإزدراء و هي تتركه لتذهب لوالدة نيروز و تداويها.
فتح عمار باب السيارة لنيروز، فأخذت مكانها، فألتفت حول السيارة، و اتخذ مكانه خلف المقود، نظر لنيروز لبرهه قبل ان يتنفس بعمق و هو يعود و ينظر امامه ليقود سيارته.
- شكرا لك، و اسفة.
قالتها نيروز بخفوت و هي تخفض رأسها و تضم كفيها المرتجفين لبعضهما، فلم ينظر لها، اوقف السيارة بجانب الرصيف و نظر لها،
اخرج منديل من القماش من جيب سترته، و مد يده ليبعد خصلات شعرها الحريري و يضعها خلف اذنها، ثم بدأ في مسح وجهها بلطف من الدماء، فرفعت نيروز نظراتها له بتردد و إحراج، و امتنان.
- سأخذك للمستشفى
- لا
قالتها بفزع، فأومأ برأسه و إبتسم وهو يقول
- اذا سأخذك إلى منزلي
- لا
ضحك و قال.
- لا يوجد داعِ للقلق، فوالدتي و ميساء سيعتنوا بكِ
- و لكن...
قاطعها بحسم
- لا يوجد لكن، حسنا؟!
قال الأخيرة بلطف، فإبتسمت نيروز، ثم قالت بتردد
- هل لي في طلب؟
- بالطبع
- امي، تحتاج لطبيب و...
قاطعها سريعا
- حسنا، سأتولى هذا الأمر
ثم اخرج هاتفه من جيبه و اتصل بالاسعافات و اعطاهم العنوان، بعد أن اغلق قال
- اطمئني، سأجعلهم يعتنوا بها جيدا.
إبتسمت بإمتنان و هي تحارب دموعها التي اشعرتها بالألم في حلقها، أشاحت بوجهها و هي تلتقط انفاسها بعمق و تتمتم
- شكرا لك
سالت دموعها على وجنتيها لشعورها بالطمأنينة، لشعورها انه بجانبها و سيحميها، فتنهد عمار
و هو يشعر بالاسى و الضيق من حالتها هذه، مد يده و أدار وجهها لتنظر له، مسح دموعها و قال بحنان
- لا أحب أن أرى فتاتي تبكي، لذلك، لا تبكي
زادت في بكائها و هي تتمتم
- اسفة، حقا اسفة.
اقترب منها و ضمها له ليبثها بدفئه و حنانه، فأستسلمت له، و لمشاعرها ناحيته، دفنت وجهها في صدره و هي تتشبث به بقوة.
الوقت الحالي
في الشركة
- عمار بالداخل؟
قالتها نيروز ل زينب التي اجابت
- نعم سيدتي، من انتِ؟
- ألم تعرفيني حتى الان؟!
- اسفة سيدتي، لا اعرفك
رفعت نيروز رأسها بشموخ و قالت بثقة
- انا زوجة مديرك و سيدك عمار
توترت زينب و اعتذرت على عدم تعرفها عليها، فنظرت لها نيروز بطرف عينيها و قالت و هي تتجه لغرفة مكتبه
- سأدخل له
انهت جملتها و دخلت لغرفة مكتبه
- زوجي العزيز، اشتقت لك.
قالتها نيروز و هي تتقدم منه بخطواتها الرشيقة، فرفع نظراته لها و قال بجمود
- ماذا تفعلين هنا؟
جلست على الأريكة بهدوء و اجابت
- كما تعلم، انا اشتاق لك كثيرا لذلك أتيت
عاد و نظر لشاشة الحاسوب و قال ببرود
- غادري، فلا وقت لدي لكِ
- اسفة لعدم استطاعتي تنفيذ طلبك
- نيروز
قالها بنفاذ صبر، و اردف و هو ينظر لها
- لدي عمل كثير، لذلك غادري، فأنا لست متفرغ لك و لهراءك الآن
- حسنا، سأساعدك في العمل
- لا.
نهضت و التفت حول المكتب و هي تقول بلطف
- اتتذكر، انا كنت أقوم بمساعدتك في الماضي، لذلك لا تخف، فأنا امرأة عبقرية
رمقها بإستخفاف و قال
- لا اريد مساعدتك
توقفت بجانبه و تجاهلت رفضه، و سألته
- بماذا تريدني أن ابدأ؟
القى بالقلم الذي كان يمسك به بغضب و نهض، امسك بذراعها و قادها للباب، فهتفت
- ماذا تفعل؟، اتركني، فأنا اريد ان اساعدك
فتح الباب و اخرجها و قال لزينب بصوت مرتفع
- لا تدخليها لي مرة أخرى
- حسنا سيدي.
قالتها زينب و هي تخفض رأسها، بينما سألت سارة التي اتت من خلفهم
- ماذا هناك؟
التفتت نيروز و نظرت لها بضيق و هي تقول
- ماذا تفعلين هنا؟
- ادخلي يا سارة للداخل
قالها عمار بهدوء، فأومأت سارة برأسها و دلفت لغرفة مكتبه تحت انظار نيروز المذهولة، التفتت بحدة و نظرت لعمار و هتفت بغيظ
- ماذا ستفعل معها بالداخل؟، هل ستجعلها تساعدك!
نظر لها ببرود قبل ان يلتفت و يغلق الباب، ضغطت على قبضتها بحنق و هي تقول بصوت مرتفع متوعد
- حسنا يا عمار، حسنا
فتحت لها سارة و مدت يدها لنيروز و قالت
- لقد نسيتي حقيبتك
اخذتها نيروز منها بخشونة ثم التفتت و غادرت، فابتسمت سارة ببرود و عادت للداخل.