قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الثامن

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الثامن

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الثامن

غادرت نيروز الشركة و هي تشعر بالغضب من عمار و الغيظ من سارة، هي لا تشعر بالراحة ناحيتها و السبب لا تعلمه!، تعالى صوت رنين هاتفها فأخرجته من حقيبتها و نظرت للشاشة
فكان المتصل صفوان ، فأجابت
- صفوان، كيف حالك؟
- لست بخير، بسببك
قالها صفوان بغضب، فتوقفت عن السير و قالت بقلق
- ماذا هناك؟، ماذا حدث؟
- كيف فعلتي هذا يا نيروز دون اخباري!، كيف لكِ أن تعودي لعمار بعد ما فعله؟
تلعثمت نيروز
- ماذا؟، كيف علمت؟

- لم تنوي أن تخبريني، صحيح!، هل كنتي تريدين إخفاء هذا الأمر عني؟
مسحت نيروز جبينها بتوتر و قالت
- لا، لكني أعلم أن ما أفعله سيغضبك لذلك لم اود ان اعلمك، الآن
سمعت صوت تنفس اخيها الغاضب قبل ان يقول
بصرامة
- اسمعيني جيدا يا نيروز، انتِ ستتركي عمار، بل ستتركين تلك البلاد و ستعودين لفرنسا عند عمتنا، هل تفهمين
- لماذا تريدني أن ابتعد عنه؟

- الا تعلمين لماذا؟، الا تشعرين بالأهانة بقربه!، لقد اخبرتني عمتي اسماء بكل شيء، و انا لن اسمح له بأن يفعل بك ذلك، و انتِ ايضا
- لا يا أخي، انا لن أغادر و لن أتركه و ابتعد عنه
- نيروز، هل انتِ حمقاء!
- نعم، انا كذلك
قالتها بثبات و اردفت بلطف
- أخي ارجوك افهمني، عمار هو...
لم يسمح لها صفوان بإكمال جملتها فهو يعلم ما ستقوله، فقاطعها بنفاذ صبر.

- حسنا يا نيروز أفعلي ما تشائين ولكن لكي تعلمي، بقربك منه ستفقدي كرامتك و احترامك لنفسك مع الوقت و دون ان تشعري، و في حينها لا تأتي لي أو لعمتنا و تبكي، وداعا
انهى قوله و اغلق الخط دون انتظار أي كلمة من نيروز التي لمعت عينيها بالدموع، و هي تضحك و تقول بتهكم زائف
- ما هذا الهراء، عمار لن يفعل بي هذا ابدا
اعادت الهاتف لداخل حقيبتها، ثم تنفست بعمق قبل ان تكمل سيرها.

بدأ الليل يسدل ستائره
في فيلا أحمد فريد
دلف عمار لغرفته و هو يشعر بالتعب، خلع
سترته و هو يلقي نظرة عليها، فوجدها نائمة، عاد و نظر امامه و هو يلقي بسترته على الأريكة و يجلس، اعاد رأسه للخلف و هو يلتقط انفاسه و ينظر للسقف بهدوء، فشرد.
رفعت نيروز رأسها و نظرت له بالخفاء، فهي لم تكن نائمة، نهضت بحذر و اقتربت منه ببطء ثم تسارعت خطواتها لتقف امامه و تنحني قليلا ليحيط شعرها وجهها و هي تقول بصوت مرتفع.

- زوجي العزيز، لقد عدت
اتسعت حدقيتي عمار بفزع و هو يدفعها عنه بتلقائية، فسقطت على الأرض بقسوة و تأوهت، فألتقط انفاسه بصعوبة و هو ينظر لها بحدة
- هل انتِ حمقاء؟!
قالها بخشونة من بين انفاسه اللاهثة، فأبعدت شعرها من على وجهها ببطء و نظرت له بضيق و هي تقول
- لماذا دفعتني هكذا بقسوة؟!
ثم وضعت يدها على ظهرها و هي تقول
- هذا مؤلم
نهض و اقترب منها و هو يقول
- تستحقين ذلك.

رمقته بغيظ ثم نهضت و هي تشعر بأن الألم يتخلل ظهرها، طبقت جفونها بقوة و هي تحاول ان تتحمل الألم، قالت بشراسة
- لم أقصد افزاعك، فلماذا دفعتني؟

حل ربطة عنقه بحدة و التفت ليتجه للخزانة، فتراجعت للخلف لتجلس على فراشها بهدوء، إرتسمت على شفتيها إبتسامة خبيثة و هي تراه يتجه للمرحاض، و بعد دقائق سمعت صوته الغاصب و هو يلعنها، فضحكت بإنتصار و هي تعود للخلف لتستلقي في مكانها، تدثرت تحت الغطاء و هي تتذكر ما فعلته بإبتسامة خبيثة..
فقد قامت بتغيير معدل حرارة الماء لتصبح باردة كالثلج.
بعد مرور خمسة عشر دقيقة.

خرج عمار من المرحاض و هو يضع منشفة على رقبته، كان ينظر لها و الغضب يتطاير من عينيه، اقترب منها و توقف امامها و هو يعلم انها تمثل النوم الآن، ابعد عنها الغطاء بعنف و قال
- لا تمثلي النوم الآن
فتحت عينيها ببطء، ثم إبتسمت ببراءة و هي تقول بخفوت
- ماذا تريد؟
رفع اصبعه امامها و هو يقول بتحذير
- أقسم يا نيروز، إذ لم تتوقفي عن القيام بتصرفات حمقاء كالتي تفعلينها، فستتلقين مني رد فعل قاسي و لن يعجبك.

انهى جملته و ابتعد عنها، فعادت و استلقت على فراشها وهي تقول بصوت مرتفع يمتلأ بالخبث
- حسنا، انا موافقة على رد فعلك القاسي الذي لن يعجبني
التفت و رمقها بحنق ثم ألقى المنشقة بحدة عليها، و لكنها لم تصيبها، فضحكت بإستمتاع قبل ان تتدثر بالغطاء جيدا و تنام.

اليوم التالي
استيقظت نيروز بإنزعاج على صوت طرق احدهم على الباب، اعتدلت و هي تقول
- ادخل
ثم اردفت بذهول عندما دلفت سارة للغرفة
- ماذا تفعلين هنا؟
- انتِ التي ماذا تفعلين في غرفة عمار؟
قالتها سارة بضيق، فضحكت نيروز بإستخفاف و قالت
- سؤال غبي منك، انا زوجته فمن الطبيعي أن أكون هنا، فهذه أصبحت غرفتي انا و هو
ثم اردفت و هي تنهض ل تقترب من سارة
- هيا اخبريني انتِ، لماذا اتيتي إلى غرفة زوجي؟

مدت سارة يدها الممسكة بالملف و قالت
- أتيت لأعطيه هذا
اخذته نيروز منها بحدة و قالت بلطف مصتنع
- حسنا، سأوصله له، هيا غادري و لا تعودي لغرفتنا مرة أخرى
رمقتها سارة بضيق، و قالت بهدوء اصتنعته
- اخبريه اني انتظره بالأسفل
- لن أخبره، غادري هيا
قالتها نيروز بثبات و هي تنظر لسارة ببرود، فألتفتت الاخيرة و غادرت الغرفة و هي تشعر بالحنق من نيروز.
- من كان الطارق؟

قالها عمار فور خروجه من المرحاض، فألتفتت نيروز و نظرت له بهدوء و قالت
- كانت سارة
نظر للملف الذي تمسكه نيروز و قال
- هل اعطتك هذا الملف لي؟
- نعم، خذ
و اقتربت منه و أعطته الملف، فأخذه و اطلع على الأوراق التي بداخله سريعا، ثم التفت و إتجه للخزانة، بقالت
- ألن تشكرني؟
نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و قال
- لما؟
- لأعطاء الأوراق لك
تعالى صوت رنين هاتفه، فألتقطه و اجاب.

- نعم يا سارة، شكرا على الأوراق، حسنا سأنزل بعد دقائق، انتظريني
انهى المكالمة و اعاد الهاتف ل مكانه ثم اخرج حِله رمادية و إتجه للمرحاض تحت انظار نيروز التي تكاد تنفجر من الغيظ و الغضب.

كانت نيروز تقف في الحديقة الأمامية تنظر بضيق لسيارة عمار التي ابتعدت، كم تشعر بالغضب و الغيظ من سارة التي تلازمة كثيرا، فكرت نيروز، هل هناك علاقة بينهم؟ فعمار يعاملها بلطف شديد، إبتسمت بإستخفاف و قالت لنفسها
- ما هذا الهراء الذي أفكر به، مستحيل أن يكون
هناك علاقة بينهم
سمعت صوتها الباطن يقول
- لماذا مستحيل!، فهي جميلة و مقربة منه جدا
- هراء
قالتها نيروز بشراسة، و تابعت
- لن اسمح بحدوث ذلك، ابدا.

التفتت و عادت لداخل الفيلا، صعدت درجات السلم بهدوء، اخرجت هاتفها من جيب بنطالها عندما تعالى صوت رنينه، فوجدت المتصل صفوان فأجابت بسرعة
- صفوان!، هل هدأت؟
اجابها بإقتضاب
- لا، فقط أحدثك لأنكِ الوحيدة التي تستطعين مساعدتي
إبتسمت نيروز و قالت و هي تدلف لغرفتها
- حسنا، هيا اخبرني بماذا تريدني أن اساعدك؟
- اريدكِ ان تذهبي إلى مكان، لتسألي على احدهم
- من؟
- تلك الحقيرة، عائشة
ضحكت نيروز و قالت.

- انها ابنة السيدة التي تحرسها، صحيح؟
- نعم
قالها بهدوء، و اردف
- سأرسل لكِ العنوان في رسالة
- حسنا
- هل تستطيعين اخذ احدهم معكِ؟
- لماذا؟
- لأن ذلك المكان قد يكون غير ملائم لكِ
همهمت نيروز بلطف و قالت
- حسنا، سأتصرف، فقط ارسل لي العنوان
- حسنا، سأغلق لأرسله لكِ و سأرسل أيضا
صورتها و معلومات عنها
- حسنا، انتظر.

اغلقت نيروز الخط و التقطت حقيبتها، و إتجهت للخارج، أعلن هاتفها عن وصول رسالة ففتحتها و قرأت العنوان، نزلت السلالم و هي تضع الهاتف على اذنها لتنتظر إجابة عمار على اتصالها.

اوقف عمار سيارته قبل أن يصل للشركة، فنظرت له سارة و سألته
- لماذا توقفت؟
- انتظريني هنا، سأقوم بشيء و سأعود
- حسنا
ترجل عمار من السيارة و دلف لأحدى المباني الفخمة، بينما تنهدت سارة و هي تخرج هاتفها
لتعبث به، فجأة تعالى صوت رنين هاتف، نظرت بجانبها فوجدته هاتف عمار، تمتمت
- انه هاتف عمار.

التقطته و نظرت للمتصل و التي كانت، نيروز، ظلت تنظر للاسم بجمود، نقلت نظراتها للطريق و ارتسمت على شفتيها إبتسامة خبيثة و هي تضع الهاتف على اذنها، و انتظرت سماع صوت نيروز التي قالت
- عمار، هل أنت متفرغ؟
- انا سارة و لست عمار
- لماذا تجيبي على هاتف عمار؟، اين هو؟
قالتها نيروز بضيق، فتجاهلت سارة اسألتها و قالت بخجل مصتنع
- اسفة، سأغلق، فنحن منشغلين.

انهت سارة جملتها و اغلقت الخط، نظرت لصورتها المنعكسة على المرآة الأمامية و
إبتسمت بإنتصار.
ابعدت نيروز الهاتف عن اذنها بصدمة، نظرت لشاشة الهاتف و هي تتمتم بعدم تصديق
- منشغلين!، سارة و عمار!
صعدت الدماء لرأسها و هي تضغط على قبضتها بغضب، تمتمت بحنق
- تلك الحقيرة
اعادت الهاتف لداخل حقيبتها و هي تحدث نفسها
- كيف منشغلين؟، ماذا يفعلون الان؟

إرتسمت في مخيلتها صورتهم و هم يقبلون بعضهم، و أشياء أخرى!، هزت رأسها بعنف لتطرد تلك الصورة و هي تتمتم
- هذا مستحيل، و لكن عندما أعود سأتواجه معه
قالت كلماتها الأخيرة بحسم ثم اوقفت سيارة أجرة و صعدتها.
عاد عمار و اتخذ مكانه خلف المقود و هو يقول
- هل تأخرت؟
نظرت له سارة و إبتسمت و هي تقول
- لا بأس
هز رأسه و أدار المقود.

بعد مرور بعض الوقت
وصلت نيروز للمكان المطلوب، قبل ان تترجل من سيارة الاجرة قال لها السائق
- ستسلكين هذا الممر الضيق لتصلي للمكان الذي تريدينه
- حسنا، شكرا لك
و دفعت له النقود و ترجلت، توقفت و هي تنظر للمر الضيق بقلق، لا تعلم ما سبب شعورها و لكنها لا تشعر بالراحة، اخرجت هاتفها و ارسلت.

لعمار رسالة تخبره بمكانها، ثم سارت بخطوات هادئة للممر الضيق الطويل، وضعت يدها على انفها عندما شمت رائحة كريهة، فأسرعت من خطواتها، و توقفت عندما وصلت اخيرا لنهاية الممر، نظرت حولها و الخوف بدأ يتملكها بسبب ذلك الهدوء الذي كان يعم المكان، اخرجت هاتفها لتتصل ب صفوان ولكنها لم تجد شبكة، فقالت باضطراب
- يا اللهي، ماذا سأفعل الان؟، هل اعود؟

بلعت لعابها و هي تنظر للساعة فوجدتها الرابعة عصرا، فرفعت نظراتها للطريق و قالت بحزم
- سأكمل السير للداخل لعلي أجد أحد لأسأله.

في الشركة
دلف عمار لغرفة مكتبه و خلفه سارة التي كانت تقول
- من الجيد أن هذا الاجتماع مر على خير
- فعلاً
قالها عمار و هو يجلس، و اردف
- اجلسي، لماذا انتِ واقفة!
اجابت سارة بهدوء
- لأني سأغادر، فقد تذكرت أن لدي موعد مهم
- حسنا، غادري و سنتقابل في الغد
- حسنا، وداعا
ثم غادرت، بينما التقط عمار هاتفه، وجد رسالة من نيروز ففتحها و قرأها، إبتسم بسخرية و قال بإستخفاف
- هل هي تظن اني سأهتم و سأذهب لها؟، سخيف.

وضع هاتفه على طاولة مكتبه و ما لبث أن
التقطه عندما تعالى صوت رنين، كان المتصل رقم مجهول، فأجاب
- مرحبا
- معي عمار، صحيح؟
- نعم، من انت؟
- انا صفوان
شعر عمار بالغرابة، لماذا يتصل به صفوان؟

توقفت نيروز و هي تشعر بالسعادة، فقد وجدت امرأة تسير امامها، اسرعت من خطواتها و هي تهتف
- سيدتي، انتظري
توقف المرأة و التفتت لنيروز و هي تقول
- ماذا هناك؟
- هل انتِ تسكنين هنا؟
- نعم، لماذا؟
- هل تستطيعين مساعدتي في ان اصل لهذا المكان
و اخرجت هاتفها و أرتها العنوان التفصيلي، فإبتسمت المرأة و قالت
- انا اعمل هناك، تعالي معي
إبتسمت نيروز و قالت براحة
- من الجيد اني قابلتك سيدتي.

سارت نيروز بجانب المرأة التي سألت
- لماذا ستذهبين لهناك؟، هل انتِ جديدة؟
- ابحث عن فتاة
همهمت المرأة و هي تومأ برأسها، و ساد الصمت.

اسرع عمار من خطواته ليصل لسيارته و يصعدها، حرك المقود و هو يضع الهاتف على اذنه لينتظر اجابتها على اتصاله، و لكنها لم تجب، فزاد قلقه، فبعد إتصال اخيها صفوان به و إعتقاده أنه ذهب معها و نبرته التي ظهر عليها القلق ب معرفته بعدم ذهابه مع أخته..
اقلقته، عاد و اتصل بها و هو يتمتمت بغضب
- اجيبيني أيتها الحمقاء، اجيبي.

لم تجب، فألقى الهاتف على المقعد المجاور له بحدة و هو يضرب المقود بقبضته في حين زاد من سرعة السيارة.

- متى سنصل؟
قالتها نيروز بتعب، فإبتسمت المرأة و قالت
- ها قد وصلنا
نظرت نيروز امامها و اتسعت مقلتيها بصدمة عندما رأت أن المكان الذي هي فيه الآن و الذي كانت تريد أن تصل له هو، حانة خمر، نظرت للمرأة سريعا و قالت
- هل هذا المكان الذي أريده حقا؟
- نعم، هيا ادخلي
بلعت نيروز لعابها بتوتر و هي تسير خلف المرأة لتدخل للحانة.

نظرت نيروز حولها بحذر، شعرت بالنفور من النساء و الرجال الذين كانوا يحستون الخمر بشراهه و بطريقة مقرفة، بلعت لعابها بصعوبة و هي تنقل نظراتها للمرأة و تقول
- هل يمكنكِ أن تساعديني، انا ابحث عن فتاة تسمى عائشة
- لدي عمل، اذهبي لذلك الرجل، إنه مدير هذه الحانة.

نظرت نيروز للرجل الذي تشير له و اقتربت منه و هي تشعر بدقات قلبها المتسارعة، فالمكان، و الرائحة، و الأشخاص و كل شيء يشعر بالرغبة في التقيؤ، توقفت امام الرجل الاصلع الذي رفع نظراته الوقحة عليها و على جسدها و هو يقول
- هل لي أن اساعدك يا جميلة؟
أرادت نيروز أن تصفعه بقوة لوقاحة نظراته، و لكنها تماسكت و قالت بثبات اتقنته
- ابحث عن فتاة تسمى عائشة، علمت اني سأجدها هنا.

ثم اخرجت هاتفها و أرته صورتها، فصمت الرجل لثواني، ثم قال
- هل انتِ صديقتها؟
صمتت نيروز للحظات ثم قالت
- نعم
إبتسم الرجل بخبث و هو يقول
- لم أكن أعلم أن هذه الفتاة لديها صديقات مثيرات
قبضت نيروز على قبضتها بتماسك و قالت بنفاذ صبر
- هل لك ان تخبرني أين اجدها؟
- اليوم لديها اجازة
- حسنا، اين منزلها؟
نهض الرجل الأصلع القصير و قال بوقاحة و هو يمد يده ليمسك بذراعي نيروز
- ما رأيك بمنزلي؟

ابعدت نيروز يده عنها بحدة و ابتعدت و هي تهتف
- هل جننت؟
- حسنا، يمكننا أن نفعلها هنا
إتسعت مقلتي نيروز بصدمة من وقاحته، شعرت بيديها التي ترتجف من الخوف، حاولت إخفاء خوفها و التظاهر بالقوة ولكنها فشلت، تراجعت للخلف بينما كان يتقدم الرجل الأصلع منها و هو يمسح جسدها بنظراته الوقحة الكريهة
- كم انت وقح، سأغادر
قالتها بصوت متهدج قبل ان تسرع لتلتفت لتتجه.

للباب لتغادر، صرخت بفزع عندما طوق الرجل خصرها بذراعيه من الخلف، حاولت التخلص من ذراعيه و هي تركه بقدمها، و لكنها فشلت، أدارها لتصبح مواجهة له و ابتسامته الكريهة على شفتيه، شعرت بالنفور و رغبة التقيؤ عادت لها.
- لماذا تهربين يا جميلتي؟
- ابتعد عني أيها المقرف
و أصبحت تضربه على صدره و هي تبعد رأسها عن انفاسه، ضحك الرجل بإستمتاع، ثم اظلمت عينيه و احتدت ملامح وجهه و هو يقول بحسم.

- اثبتي أيتها الفتاة، فمحاولتك ليس لها قيمة
ارتجف جسدها بخوف و هي تنظر لعينيه التي إرتسمت بها الإصرار، نزع عنها شالها من حول عنقها بقوة، فصرخت بزعر.
استجمعت قوتها و ضربته بمقدمة رأسها بقوة.

على رأسه ثم قامت بعضه في رقبته بوحشية، فصرخ الرجل بألم و هو يدفعها عنه لتسقط على الأرض، اخذت تلهث و هي تزحف للخلف ثم نهضت لتلتفت بخوف و تركض للخارج بكل سرعة تملكها، لم تكن ترى أي شيء بسبب ذلك الظلام الدامس الذي كان يعم المكان، سقطت أكثر من مرة، و لكنها تحاملت الام جسدها و نهضت.

لا تعلم الي اين هي وصلت، و هل اصبحت الآن في امان؟، لا تعلم، و لكن هذا لا يهم، فهي ستواصل الركض حتى تصل لمكان أمن بعيد عن هذا المكان المخيف.
شعرت بالتعب، شعرت بأن قدميها لا تستطيع أن تتحمل أكثر، فقلت سرعتها حتى انعدمت و سقطت على الأرض، شعرت بألم قاسي في قدميها، طبقت جفونها و هي تمنع دموعها من.

الفرار و لكنها لم تستطع، فالألم لا يحتمل، و خوفها يزيد من الأمر سوءً، فتحت جفونها بزعر عندما سمعت صوت خطوات احدهم من خلفها، فدب الرعب في قلبها كلما يقترب الصوت، هتفت بصوت يكسوه الخوف
- من، من انت؟
لم تسمع أي إجابة، و هذا زادها رعبا، حاولت أن تنهض لتركض و تهرب من ما سيحدث لها و لكنها لم تستطع، فزحفت للإتجاه المعاكس لصوت الاقدام و هي تلتقط انفاسها بصعوبة.

صرخت بفزع عندما شعرت بيد توضع عليها و ابعتدها و هي تقول ببكاء
- ارجوك اتركني، ارجوك لا ت...
لم تكمل جملتها بسبب اليد التي وضعت على فمها لتكتم صوتها، حاولت الفرار، الصراخ، ان ترى وجه ذلك الشخص و لكنها فشلت.
- اهدئي يا نيروز، انا عمار.

توقفت عن كل محاولتها الفاشلة، ظلت تنظر للوجه الذي أمام وجهها ولا ترى ملامحه، مدت يدها المرتجفة لوجهه و تلمستها بعدم تصديق، تسارعت انفاسها عندما تأكدت انه هو، إنه هنا، معها، بكت، و تعالى صوت شهقاتها و هي تلقي بنفسها بين ذراعيه، تعانقه بقوة، و تتشبث به و كأنه جناتها، و هو هكذا.
- الحمدالله انك هنا، الحمدالله انك أتيت.

قالتها بصوتها الباكي الذي يمتلأ بالسعادة، بينما هو، كان يحمد ربه على ايجاده لها، نهض و هي مازالت متشبثه به، فحملها و سار بها لخارج هذا المكان.
اجلسها داخل السيارة بحذر، ثم اخرج منديل من القماش من جيبه و بدأ في تنظيف وجهها من التراب و الدموع برفق، كانت تحدق به وهي.

تشعر بالطمأنينة لأنه بجانبها، شعرت بحنانه عليها، تذكرت أيامها التي استشعرت بها حنانه معها، تلك الأيام التي كانت بعد أخذها من منزل والدها، إرتسمت على شفتيها إبتسامة صغيرة و ما لبثت ان تلاشت تلك الإبتسامة عندما نظر لها بغضب و هو يصرخ بها
- هل انتِ حمقاء؟، كيف تأتين إلى مكان كهذا بمفردك؟
شحب وجهها، بينما تابع
- لماذا لم تستمعي لقول اخيكِ في ان تأخذي احدهم معك؟

امتلأت مقلتيها بالدموع و لكنها مسحتهم سريعا و قالت بحنق
- هل تصرخ علي الان لاني ذهبت بمفردي!، هل تعلم اني اتصلت بك و لكنك جعلت تلك الفاسقة تجيب علي لتخبرني انكم منشغلين، ثم
تغلق الخط في وجهي
- ما هذا الهراء الذي تقولينه
انهى جملته و ابتعد عنها ليغلق الباب و يلتف حول السيارة ليتخذ مكانه خلف المقود، رمقته بغضب قبل ان تنقل نظراتها للطريق و هي تحدث نفسها بصوت مسموع
- يعتقد اني حمقاء لأصدق استنكاره هذا.

نظر لها عمار بطرف عينيه ببرود ثم أدار المقود.

وصل عمار للفيلا
ترجل من سيارته و التف حول السيارة ليفتح لها، كانت نيروز نائمة، فحملها و دلف للداخل، قابل غادة التي شهقت عندما رأت حالة نيروز، و قالت
- ماذا حدث لها؟
- سأخبرك و لكن ليس الآن
- حسنا، اصعد لغرفتك و انا سأرسل لك الخادمة و معها صندوق الاسعافات الاولية، فقدمها تنزف
نظر عمار لقدم نيروز، ثم اومأ برأسه و إتجه للسلم و صعده.
وضعها على الفراش برفق ثم استدار ليتجه للخزانة و يخرج ملابس لها.

- تفضل
قالها عمار عندما طرقت الخادمة على الباب و دلفت، فقال
- هل جلبتي صندوق الاسعافات الاولية؟
- نعم سيدي
- حسنا، ضعيها على الطاولة و غادري
- حسنا سيدي.

نفذت الخادمة ما طلبه منها عمار ثم غادرت، بينما التفت عمار لنيروز، و اقترب منها، وضع الملابس الذي اختارها على الأريكة ثم ظل واقفا ينظر لها بشرود، فما يفعله لها الآن هي لا تستحقه ابدا، هي لا تستحق ذلك الاهتمام و القلق الذي شعر به عندما علم انها قد تكون في خطر، هي لا تستحقه ابدا، هو يحملها كل المسؤلية لما حدث له، و لكن رغم عِلمه بأنها لا تستحق أي شيء، فهو لا يستطيع أن يتركها هكذا، نعم يريد ان يشعرها بالألم و المعاناة و لكن بطريقته هو.

تنهد بقوة و هو يمسح وجهه بكفه ثم يتجه للطاولة ليأخذ صندوق الاسعافات الاولية و يداوي قدمها المجروحة.

أشرقت شمس يوم جديد
فتحت نيروز عينيها ببطء فقابلتها أشعة الشمس المزعجة التي أرغمتها على أن تغلقهما مرة أخرى، تقلبت لتنام على الجانب الآخر و هي تضع الغطاء على وجهها و ما لبثت ان ابعدت الأخير عندما لمحت عمار بجانبها، كان مازال نائماً، إرتسمت على شفتيها إبتسامة لطيفة و هي تضع كفيها اسفل رأسها، و تتأمله، تنهدت بعمق و هي تشعر بالحنين له.

شعرت برغبة في ان تلمسه، تلمس شفتيه و عينيه، لحيته الخفيفة المهذبة و ايضا، تفاحة آدم، تنهدت و هي تقاتل رغبتها تلك.
نهضت من فراشها فشعرت بألم خفيف في قدميها، فنظرت لهما فوجدت الشاش يخفيهما، فإبتسمت و نظرت له بإمتنان لأهتمامه بها، هي
ليست متأكدة من أنه هو الذي داوَى جرحها و لكنها تتمنى ذلك، فصدقت.
اكملت سيرها للمرحاض و دخلته.
بعد مرور فترة وجيزة.

خرجت نيروز من المرحاض و هي تلف شعرها بالمنشفة، توقفت و نظرت حولها بحيرة، فإلى اين هو ذهب؟، اكملت سيرها لتصل إلى منتضدة الزينة و تقف امامها، ابعدت المنشفة و بدأت في تمشيط شعرها ثم تذكرت
- عمتي اسماء، لم أحدثها في الأمس، الأن هي قلقة، بالتأكيد.

وضعت المشط على المنتضدة و التفتت لتبحث عن حقيبتها، توقفت عندما تذكرت أن حقيبتها قد تركتها هناك، في ذلك المكان الكريهة و المخيف، ضربت رأسها بقبضتها بضيق و هي تحدث نفسها
- كيف تركتها؟، هاتفي!، هاتفي بها
إتسعت مقلتيها عندما تذكرت أن هاتفها أيضا تركته، فأسرعت لمنتضدة الزينة لتلتقط دبوس شعر و تضعه بعد ان جمعت خصلات شعرها.

غادرت الغرفة و نزلت درجات السلم بسرعة، أخذت تبحث عن عمار في أرجاء الفيلا و لكنها لم تجده، فسألت إحدى الخادمات
- اين عمار؟
- في الحديقة الأمامية مع السيدة سارة
تغيرت ملامح نيروز للضيق، التفتت و سارت للحديقة الأمامية و هي تحاول ان تجعل ملامحها باردة، هادئة.
- صباح الخير عزيزي
قالتها نيروز بلطف و هي تجلس على الكرسي المجاور لعمار، بينما تجاهلت سارة تماما.
- شكرا لمداوتك لي بالأمس.

قالتها نيروز عن قصد أمام سارة التي لم تظهر أي تعبير على ملامحها، هز عمار رأسه ثم نظر لسارة ليكمل حديثه معها، فتذكر نيروز ما اتت من اجله، فقالت
- صحيح، عمار لقد نسيت حقيبتي بالأمس في ذلك المكان الكريهة، لذلك اريد استعادتها، فهل تأتي معي؟
نظر لها عمار و قال بجمود
- لن اتي معكِ و انتِ لن تذهبي
- لماذا؟
- هكذا
قالها ببرود و هو يشيح بوجهه، فهتفت نيروز.

- لا، أريد استعادة حقيبتي، فهاتفي بها، و انا لا استطيع ان اتخلى عن هاتفي ابدا
نظر لها بإستخفاف و قال
- هل تريدين استعادتها من أجل هاتفك!
- نعم، ف هاتفي يحمل جميع صوري و ذكرياتي معك، و ايضا عمتي، أعتقد أنها الآن ستموت من القلق لعدم محادثتي لها
قال عمار ببرود
- حسنا، اذهبي إذ أردتي، و لكن لا تتوقعي اني سأتي لأخرجكِ من ذلك المكان مرة أخرى
- عمار.

قالتها نيروز بضيق، فتجاهلها و عاد ليكمل حديثه مع سارة، فنهضت نيروز و عادت للداخل، فنظر لها بطرف عينه سريعا ثم عاد و نظر لسارة.
صعدت نيروز السلالم و هي تفكر، هي لا تستطيع أن تذهب بمفردها فهي خائفة، حقا، تنهدت بحزن و هي تتمتم
- إذا، هاتفي ذهب و لن يعود، سأشتري آخر
انحنت يمينا لتصل للغرفة و لكنها توقفت و
اتسعت مقلتيها عندما تذكرت أنها غادرت و تركته مع تلك الحرباية، نعم هذا اصبح اسم سارة الجديد.

التفتت سريعا و نزلت السلالم لتصل للحديقة الأمامية خلال ثواني، و لكنها لم تجدهم، فزفرت بضيق و عادت للداخل مرة أخرى.

في سيارة عمار
- اخبرني يا عمار، ماذا تنوي أن تفعل مع نيروز؟
سألته سارة بهدوء، فأجاب عمار
- اخبرتك سابقاً، اريد تعذيبها
ثم اردف
- لماذا تسألين؟
إبتسمت و اجابت
- لا يوجد سبب
ثم اردفت
- اتعلم أنها لا تحبذ بقائي معك؟
إبتسم ببرود و قال بهدوء
- نعم
هزت رأسها و هي تعود و تنظر من خلف النافذة بخبث خفي، سألته بعد صمت
- هل حقا تريد تعذيبها؟، هل تريد فعل ذلك لأنك تحبها؟

لم تلقى اجابة منه، و لم تنتظر، فهي تعلم أن إجابة هذا السؤال الاحمق لن تسعدها.

بعد مرور بعض الوقت
دلفت نيروز لغرفة غادة بعد ان طرقت على الباب، قالت
- عمتي، كيف حالك؟
نظرت لها غادة و قالت بإقتضاب
- ماذا تفعلين هنا؟
- أتيت لأطلب منكِ أن تعطيني هاتفكِ، فهاتفي ليس معي الآن، و انا اريد ان اتحدث مع عمتي اسماء
اومأت غادة برأسها و قالت
- حسنا، خذيه و اعيديه سريعا
اقتربت منها نيروز و شكرتها و هي تأخذه، ثم التفتت و غادرت لتتصل ب اسماء.
دلفت نيروز لغرفتها و هي تقول.

- عمتي اسماء، هذه انا، نيروز، كيف حالك؟
سمعت صوت اسماء المتلهف و هي تقول
- عزيزتي نيروز، هل انتِ بخير؟، لقد اتصلت
بكِ كثيرا و لم تجيبي
- اسفة، لقد حدث أمر...
قاطعتها اسماء
- نعم نعم أعلم ما حدث، فقد اخبرني صفوان بما حدث
- حقا!
- نعم، و الحمدالله انه اتصل ب عمار ليأتي لكِ و يساعدك
ثم اردفت لتوبخها
- هل انتِ حمقاء؟، كيف تذهبين بمفردك لمكان كهذا؟

- لم أكن أعلم أن المكان الذي سأذهب إليه سيكون حانة، ف صفوان لم يخبرني بذلك
- هو أيضا لم يكن يعلم، و لكن كان من المفترض عليكي أن تأخذي احدهم معكِ لأنه مكان غريب
- كنت سأخذ ع...
توقفت نيروز عن إكمال جملتها عندما ادركت ان ما ستقول عن ما حدث عندما اتصلت بعمار لن يعجب اسماء، لذلك غيرت الموضوع و سألتها
- هل عمار اتصل ب أخي ليخبره عني و يطمأنه؟
- نعم
إبتسمت نيروز بسعادة ل معرفتها لذلك، بينما اردفت أسماء.

- صحيح، صفوان سيعود للبلاد صباح الغد
- ماذا؟، هنا؟
- نعم، هو سيعود ليبحث عن تلك الفتاة بنفسه
هزت نيروز رأسها بتفكير و هي تهمهم، تملكها القلق لعودة صفوان، حتى أنها لا تستطيع أن تتوقع ما سيحدث عندما يتقابل مع عمار.
- عمتي، سأغلق الآن، فهذا هاتف عمتي غادة
و لا أريد أن اتأخر في اعادته لها، لذلك عندما اشتري هاتف جديد سأتصل بكِ
- حسنا، وداعا عزيزتي
- وداعا.

انهت نيروز المكالمة و اعادت الهاتف ل غادة، ثم عادت لغرفتها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة