قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل السابع والعشرون

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل السابع والعشرون

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل السابع والعشرون

في فرنسا
غضب عمار حين ادرك انه يقف أمام منزل اسماء و نيروز، لماذا احضرته غادة إلى هنا؟، لماذا سيقضون الايام المتبقية لهم في فرنسا معهم!، أراد أن يغادر لكن فتح اسماء لهم الباب و ترحيبها بهم منعه، دخل للداخل و هو يشعر بالضيق و خلفه غادة و ميساء، جلس على الأريكة، و نقل نظراته ببطء حوله متأملاً المنزل، كان ذا طراز حديث و ألوانه هادئة و مرتب، و قد أعجبه ذلك.

- ها قد أتيتم أخيراً، الطعام جاهز، هل تتناولونه الآن؟
استدار عمار برأسه لينظر لنيروز التي كانت صاحبة هذا القول، تأملها بعناية و هي ترتدي
فستان قصير و فوقه مريلة المطبخ، و ترفع شعرها للأعلى، لا يعلم لما رأها جذابة الآن، حتى أن قلبه تسارع لرؤيتها، و ذاكرته ذكرته بأحد الزكريات القديمة السعيدة التي جمعت بينهم، بلع لعابه بتوتر و ابعد بصره عنها حين تقابلت عينيه بعينيها.
- انا جائعة جداً.

قالتها ميساء و هي تضع يدها على بطنها، فإبتسمت نيروز و هي تنظر لها و تقول
- حسنا، سأذهب لأعد السفرة إذاً
- سأساعدك
قالتها ميساء و هي تنهض، فأومأت نيروز برأسها.
التف الجميع حول السفرة ماعدا نيروز، فأستعجلتها اسماء، فأتت و جلست بجوار عمار و كان هذا المكان الفارغ، نظرت للأخير و
سألته
- ماذا أضع لك لتتناوله؟
اجابها بإقتضاب دون أن ينظر لها
- سأضع لنفسي
اومأت برأسها و تمتمت
- كما تريد.

و ساد الصمت إلى أن انتهوا من تناول الطعام و نهضوا.
- هل تريد أن ترتاح يا عمار؟، فالغرفة جاهزة
سألته اسماء بلطف، فأجاب مع إبتسامة
- اريد ذلك
- إذا نيروز ستصطحبك للغرفة
كانت نيروز مترددة في ان تتقدم و تساعده أو تسير و فقط، ففعلت الثاني لعدم ازعاجه، دخلت غرفتها و أتاحت له الطريق ليدخل لها، نقل نظراته في أرجاء الغرفة و سأل
-هل هذه غرفتك؟
- نعم
- و هل سأبقى هنا؟
سألها بنبرة بها شيء من الضيق، فأجابت موضحة.

- نعم، لأن غرفتي هي الغرفة الوحيدة الموجود في هذا الطابق اما باقي الغرف في الطابق العلوي، لذا عمتي اقترحت هذه لك
- و انت ستظلين معي بالتأكيد
قالها عمار بضجر، فإبتسمت و قالت ببساطة
- انها غرفتي
جلس عمار على الفراش بينما هي إتجهت للنافذة و ازاحت الستائر ليصل ضوء الشمس للغرفة، و عادت لتنظر له و تقول
- إذىاحتجت شيء نادي علي
- لن أحتاج
اومأت برأسها و إتجهت للباب و قبل أن تصل للأخير سأل عمار
- لماذا هذه هنا؟

استدارت لتنظر له و لتراه و هو يمسك بصوتهما التي كانت تعهد على المنضدة، لم تجيبه و سألته
- اتتذكر هذه الصورة؟!
عاد لينظر للصورة التي جمعتهم معا و سألها بدلا من الإجابة
- لماذا تحتفظين بها للأن؟
- للسبب الذي تحتفظ بها انت ايضا
نظر لها بإستغراب، كيف علمت أنه مازال يحتفظ بنفس الصورة؟، اجابته على سؤاله الذي لم ينطق به
- لقد رأيت مثلها عندك في مكتبك، لكنك كنت تخفيها
- لم أكن أخفيها، بل لم أكن أود رؤيتها.

قالها عمار للتوضيح، فنظرت له بعدم تصديق و قالت
- إذاً كنت تلقيها بالقمامة أو احرقها، كان هذا أفضل
- سأفعل هذا عندما أعود
- لن اسمح لك ان تفعل
رفع حاجبيه و هو يسأل بإستنكار
- و هل ستعودي معنا؟
إبتسمت حتى اظهرت أسنانها، ثم استدارت و غادرت.
قام عمار بخلع القدم و استلقى على الفراش، اخترقت انفه رائحتها التي تغمر الفراش، فطبق جفونه و هو يستنشقها بإشتياق و استمتاع.

مساءً
كان الجميع جالس في غرفة الجلوس وهم يتحدثون و يضحكون بصوت عالي، استيقظ عمار و بعد أن غسل وجهه إتجه لهم فرحبوا به، جلس بجانب ميساء تحت نظرات نيروز المعلقة به، و هو ايضا قد حانت منه إلتفاته لناحيتها.
- لسوء حظك انك جئت الآن، فميساء لن تتركك
قالتها غادة و هي تضحك، فشاركها الجميع الضحك، بينما عمار مستغرب، قالت ميساء بمرح.

- انا أقوم بسؤال الجميع سؤالاً قويا محرجاً و يجب عليهم الإجابة، و مادام انت هنا ستسأل ايضا لكن بعد أن انتهي من سماع إجابة نيروز على سؤالي، هيا يا نيروز اجيبي
وجه الجميع نظراته لنيروز و معهم عمار الذي لا يفهم شيء مما يفعلونه، فقالت نيروز بخجل
- قومي بتغيير السؤال، فهو محرج جدا
صمتت ميساء لثواني تفكر في هذا، ثم تمتمت
- حسنا، سؤال آخر لكِ، و سأرحمك و لن اجعله محرج.

أومأت نيروز برأسها ممتنة بنظراتها، فطرحت ميساء السؤال بخبث شديد
- ماذا ستفعلين إذ عرض عليك رجل فرنسي وسيم الزواج، هل ستقبلين؟
- ماذا؟
ذهلت نيروز من هذا السؤال ثم ضحكت وهي تتمتم
- انا متزوجة، كيف هذا؟
- أقصد إذ لم تكن متزوجة بأخي
نقلت نيروز نظراتها لعمار الذي كان ينظر لها منتظر اجابتها رغم انزعاجه من السؤال، تنفست بقوة ثم اجابت و على محياها إبتسامة صغيرة و
نظراتها معلقة عليه.

- لم أكن لأقبل، ولكنت أنتظرت أخيكِ حتى يأتي
كادت أن تفلت الإبتسامة لتظهر على شفتي عمار لكنه منعها بصعوبة، أشاح بعينه عنهم جميعاً حين نظروا له، بينما صفقت ميساء لنيروز على اجابتها الشاعرية، و أضافت و هي تنظر لعمار
- دورك الآن، و للأسف أعلم أن الأسئلة المحرجة لن تجاوب عليها لذا سأسألك سؤالاً لطيفا
- ما هي خططك عندما نعود لبلدنا؟
أجاب عمار بجدية
- سأنهي عملي المعلق، و سأكمل كل شيء تركته ناقصاً و أتيت.

- و هل أنا من هذه الاشياء؟
سألت نيروز فجأة، فنظر لها لوهلة و اجاب
بهدوء
- لا
- إذاً انت لم تضعني في خططك حتى الآن، صحيح؟
أجاب كرة أخرى لكن بجفاء اظهره عمداً
- نعم، لم اضعك من ضمن مخططاتي
- حرام عليك يا عمار، كن لطيفا معها قليلا
قالتها غادة، فنظر لها عمار، بينما قالت نيروز و بعناد و هي ترفع رأسها
- حتى إذ ذلك، انا سأضع نفسي من ضمنهم، و لا تنسي اني سأعود معك
- لن اخذك.

- لا انتظر اخذك لي، لتعلم، فأنا سأتي حتماً
ضحكت اسماء و هي تقول ممزاحة
- أصبحتِ شرسة جدا يا نيروز
رفع عمار زاوية فمه و تمتم
- اتفق معكِ يا عمتي، هي أصبح كذلك
لجمت نيروز إبتسامتها و هي تنظر بعيداً عنهم.

بعد مرور يوم آخر
في فرنسا
كانت اسماء تتحدث مع والدة نيروز على الهاتف
- لم يعد صفوان إلى اليوم، انا قلقة عليه جدا
قالتها والدة نيروز و هي تبكي عبر الهاتف، فحاولت اسماء أن تخفف عنها
- أن صفوان رجل يستطيع أن يتحمل مسؤلية نفسه، لذا لا تقلقي انه من المؤكد أنه ذهب عند أحد أصدقاءه و ليس للفتاة بالتأكيد كما تعتقدين
و أضافت اسماء
- إذ عاد لا تضغطي عليه، فما تفعلينه انتِ خطأ
و هكذا ستبعديه عنكِ
- متى ستعودون؟

سألت والدة نيروز، فأجابت اسماء
- فجر هذا اليوم، الآن نيروز و غادة و ميساء يعدان الحقائب، و سنتحرك من هنا بعد ساعة لنذهب المطار
- حسنا، تصلون بالسلامة
- شكرا لك، و سنرى أمر صفوان حين نعود
- حسنا، سأغلق الآن لكي لا اعطلك أكثر
و انهت المكالمة، عادت اسماء لتساعدهم لكنها وجدتهم قد انتهوا، و قد انتهيت ميساء ايضا من ارتداء ملابسها و كذلك غادة، فقالت أسماء لنيروز التي كانت ترتب حقيبة اسماء.

- اتركي انتِ و اذهبِ لتطمأني على عمار، و انا سأنهي هذا سريعا
اومأت نيروز برأسها و قالت
- قد انتهيت، فقط كنت اتأكد من وجود كل شيء، سأذهب الآن
ثم إتجهت لغرفتها، دلفت للأخيرة و اغلقت الباب خلفها و هي تنظر له حيث كان يلويها ظهره، تقدمت منه و هي تسأله
- هل تحتاج لشيء، مساعدة؟
نظر لها من فوق كتفه ثم عاد لما كان يفعله، توقفت خلفه و سألته
- ما الذي يشغلك؟

رفعت رأسها قليلا لتنظر لما بين يديه فوجدته ممسك بهاتفها، فعقدت حاجبيها و هي تتقدم لتقف امامه و تسأله بحيرة
- ماذا تفعل بهاتفي؟، لماذا هو معك؟
رفع نظراته لها ببطء و قال بجفاء
- لا شيء
ثم ألقاه جانبا ليصطدم بالحائط بقوة و يسقط على
الأرض، فشهقت بفزع و هي تنقل بصرها لهاتفها الذي بالتأكيد قد اتلف، هتفت بحدة
- لماذا فعلت هذا؟
- سأشتري لكِ اخر.

انهى جملته القصيرة و استدار تاركاً اياها واقفة مصدومة حائرة من فعلته الذي لم يقل لها مبرر.
خرج عمار من الغرفة و وقف جانبا للحظات و هو يتذكر تلك الرسالة التي وصلت لهاتف نيروز من رقم مجهول لكن من شخص يشك انه يعرفه، مازال قلبه يخفق بخوف و قلق كلما تذكر الكلمات المكتوبة بالرسالة.
- انتظر عودتك يا عزيزتي، فأنا لن اترك ما هو ملكي لكِ بهذه السهولة، سأقضي عليكِ حتما.

اخرج هاتفه من جيب بنطاله و اتجه لخارج المنزل ليجيب على هذا الاتصال الذي لا يريد من
أحد سماعه.
- هل حصلت على المعلومات التي طلبتها منك؟
اتته الإجابة من الطرف الآخر
- نعم سيدي، لقد علمت انها هربت من المستشفى و لا أحد يعلم اين هي، حتى والدها يبحث عنها
ضغط عمار على هاتفه بقوة و هو يبعده عن اذنه، فالإجابة قد وصلت، و ظنه كان صحيحاً، سارة هي صاحبة تلك الرسالة، و ادرك بديهيا انها لن تخرج من حياته بسهولة.

صباح اليوم التالي
في فيلا أحمد فريد
لم يستطع عمار أن ينام ابدا، رغم شعوره بالتعب و الإرهاق، نظر لنيروز التي كانت تغض في نوم عميق بجانبه و اخذ يفكر بقلق، ما الذي قد يلحق بها و هي بجانبه؟، هي قد تأذت منه بما فيه الكفاية و مازالت تتلقى منه القسوة فقط و لا تريد أن تبتعد عنه، و الآن قد ظهرت سارة من جديد و لا أحد يعلم إلا الله ما قد تفعله.

هو خائف الآن من أن يبعدها عنه فتأذيها سارة دون أن يستطع ان يلحق بها، و خائف من أن
يجعلها قريبة منه فتتأذى أيضا، ماذا يفعل لحمايتها و إبعاد الأذى عنها؟
تنهد بعمق و هو يعيد نظراته للسقف، و خلال لحظات جلس و قام بتركيب القدم الصناعية حتى ينهض و يتجه لخارج الغرفة.

في فيلا صفا
طرقت عائشة على باب غرفة مكتب صفا ثم دلفت، تقدمت من الأخيرة و هي تستفسر
- ماذا هناك؟، لماذا قمتِ باستدعائي؟
- لماذا لا تخرجين من غرفتك؟، و حين اتي إليك تمثلين النوم، انا ادرك هذا جيدا
جلست عائشة دون أن تقول شيء، فأردفت صفا
- حسنا، لأخبرك بما كنت أود أن اخبركِ به
مادمت انتِ هنا
قالت عائشة بجمود
- إذ الحديث عن ذلك الذي تريدين مني أن اتزوجه، سأغادر
- انه عنه، و لن تغادرين إلا بعد سما...

قاطع حديثها طرق الباب، سمحت للطارق بالدخول و كان زين.
- اسف سيدتي على المقاطعة لكني لم استطع ان اصل لصفوان كما طلبت مني
- إلى الآن!
دهشت صفا و شعرت بالغرابة، بينما سألت عائشة بريبة
- هل من تتحدثون عنه صفوان خاصتنا!
اجابتها صفا
- نعم، نحن نحاول أن نصل له و لكن هاتفه مغلق منذ يومين و لا أحد يعلم اين هو حتى الآن
نهضت عائشة سريعاً و هتفت بإنفعال
- ماذا يعني هذا؟، كيف لا أحد يعلم اين هو!
تدخل زين و قال.

- حتى والدته لا تعلم اين هو
- و اصدقاءه؟، هل بحث عنه هناك؟
سألت عائشة، فأجاب زين
- أننا لا نعلم من هم اصدقاءه لن بحث عنه عندهم
تملك القلق عائشة، و الأفكار السيئة أصبحت تدور داخل رأسها، فهل أصابه مكروه؟، هل تعرض لحادث أو شيء آخر خطر؟!

في فيلا أحمد فريد ، خاصةً في مكتب عمار
طرقت نيروز بلطف على الباب ثم دخلت و هي تحمل صينية بها قدح قهوة و كوب ماء و دواءه،
تقدمت منه و وضعتها امامه على طاولة المكتب و هي تقول أثناء تحديقها بوجهه
- هل نمت جيداً!
لم يجيبها و سألها و هو يحدق بوجهها ايضا
- متى استيقظتِ؟
- بعد خروجك من الغرفة استيقظت
هز رأسه و تناول دواءه، إبتسمت و هي تسند نصف جسدها على الطاولة و تقول.

- هل ستعمل بهذه السرعة؟، ألن تأخذ راحة من السفر و العملية!
فتح الدرج و اخرج بعض الأوراق و هو يجيب
- لا، لقد اهدرت الكثير من الوقت
اومأت برأسها و عرضت
- حسنا، هل تحتاج مساعدة؟، أستطيع مساعدتك لتنهي هذه الأعمال اسرع
- لا اريد
هزت رأسها و صمتت لبرهه ثم قالت و هي تنظر لقدمه بإهتمام
- قم بخلع قدمك لكي لا تؤلمك
- غادري، أريد أن أعمل الآن.

قالها و هو ينظر لها بجدية رغم أنه لم يكن يعلم قبل مجيئها، فأومأت برأسها و تمتمت بمزاح
- حسنا سيدي
اعتدلت و إتجهت للباب لكنها توقفت في المنتصف و استدارت له لتخبره
- سأذهب لوالدتي اجلس معها قليلاً، فصباحاً لم استطع ان ألقي عليها التحية جيدا
- حسنا، اذه...
و توقف حين تذكر الرسالة و تهديد سارة، فأردف
- متى ستذهبين؟
- الآن، سأبدل ملابسي و اغادر
- سأوصلك
- ماذا!، لماذا؟
عقدت حاجبيها و هي تسأل، و اردفت رافضة.

- لا داعي لهذا، سأذهب بمفر..
قاطعها بحزم
- قلت، سأوصلك
- لكن قدمك و كيف ستقو...
تلاشى صوتها في المنتصف و قبل ان تكمل جملتها للنهاية، فقد تنبهت لما ستقوله و ما قد سيكون أثره عليه، سيغضب، اومأت برأسها و قالت
- حسنا، سأنتهي من ارتداء ملابسي و اتي إليك
- حسنا
ثم غادرت، و بعد مرور فترة وجيزة صعدت السيارة بجانبه في الخلف، فأمر عمار السائق بالسير، و لم يأخذ الطريق الكثير من الوقت..

اتت نيروز أن تترجل فأوقفها عمار بقوله
- حين تريدين المغادرة هاتفيني و سأتي لأخذك
- لا داع ل...
تراجعت عن إكمال جملتها أثر نظرته، اومأت بالموافقة و هي تتمتم
- حسنا، سأخبرك قبلها
ثم ترجلت، لوحت له مودعة اياه ثم سارت لداخل المبنى، فغادر هو.

أثناء صعود نيروز السلالم توقفت و هي تنظر للذي يصعد امامها، فكرت بصوت تسمعه
- أليس هذا صفوان؟
ثم نادت عليه، فتوقف و استدار فوجدها تسرع لتصعد السلالم، كان هو مذهول، فمتى هي عادت؟، عانفته نيروز و هي تقول
- أخي، كم اشتقت لك حقا
بادلها العناق و هو يسألها
- متى عدتي؟
ابتعدت عنه و صعدا درجات السام معا
- فجر اليوم
ثم اردفت معاتبة اياه
- اين كنت انت؟، والدتي قلقة عليك و نحن ايضا، لماذا تركتها بمفردها؟

- هل وصل لكما الأمر!
قالها بتهكم، ثم سأل
- كيف حال عمار؟، هل أصبح أفضل الان؟
- انه يتحسن و مع الوقت سيعداد على القدم الصناعية
هز صفوان رأسه و هو يتمتم
- بإذن الله
و اردف ليتأكد
- و هل انتِ متأكدة انكِ تريدين ان تكمل...
قاطعته قبل ان ينهي سؤاله و هي تهز رأسها بالإيماء و اجابتها لا تردد بها
- بالطبع نعم، لا يحتاج هذا الأمر لسؤال
- اتمنى ان لا تعودي في النهاية باكية
- لن يحدث.

إبتسمت نيروز له و هي تقولها لتطمأنه، فهز صفوان رأسه مرة آخرى و طرق على باب منزلهم، و قد فتحت لهم اسماء، حيته الأخيرة بحرارة و هو ايضا.
- من اتى يا اسماء؟
سألت والدة نيروز و هي تخرج من المطبخ، نظرت الأخيرة لصفوان بينما اجابت اسماء
- أنهما نيروز و صفوان
تقدمت نيروز و عانقت والدتها و هي تهمس لها
- ابقي هادئة، و لا تنفعلي و لا تتحدثي عن
الامر لكي لا يغضب و يغادر مرة أخرى
ثم ارتفع صوتها و هي تردف.

- كم اشتقت لكِ يا أمي، صباحا لم استطع ان ألقي عليكِ التحية جيداً
بادلته والدتها العناق و هي تبعد نظراتها عن صفوان الذي إتجه لغرفته بعد ان القى التحية سريعا.
- سأذهب لأتحدث معه، لا تأتون
قالتها اسماء و هي تتجه لغرفة صفوان، فأخذت نيروز والدتها ليجلسان على الأريكة و يتحدثون عن أمور عدة.
طرقت اسماء على باب غرفته مستأذنة
- هل أستطيع الدخول؟
- بالطبع.

قالها صفوان و هو يخلع حذاءه و يضعه جانبا، جلست اسماء على الأريكة فأخذ هو كرسي مكتبه
وحركه ليضع امامها و يجلس مقابلا لها.
- لأحدثك مباشرةً، والدتك أخبرتني عن ما حدث و سبب مغادرتك للمنزل، لكني أرغب بسماع أمر الفتاة منك، هل ستخبرني؟
صمت صفوان لوهلة ثم غمغم مبدي موافقته و قد أخبرها بأمر عائشة، بل قصتها بأكملها، و كانت اسماء تستمع بإنصات، و بعد ان انتهى ساد الصمت لخمس دقائق تقريبا.

- هل أخبرت زوجة أخي بهذا كله؟
سألته اسماء، فأجاب بإنزعاج
- انها لا تعطيني الفرصة لهذا
هزت اسماء رأسها و هي تبتسم لتقول
- اترك الأمر لي و انا سأخبرها و اقنعها بأمر الفتاة، لكن اريد مقابلتها ايضا، أحضرها لهنا يوما لنتعرف عليها
هز صفوان رأسه موافقا، فسألته اسماء مرة
أخرى
- هل ستخبرني اين كنت تقضي ايامك؟
- كنت في فندق
- حقا!
غمزت له اسماء و هي تقولها بشك و مزاح، فضحك صفوان و قال
- نعم حقا.

- و لماذا كان هاتفك مغلق؟
- كنت أريد أن أبقى قليلا بمفردي لأفكر جيدا بما اريد ان افعله، لذا اغلقته حتى لا يزعجني احدهم
- حتى هي!
- انا لا أحدثها من الأساس
- ماذا!، لماذا؟
- قلت لكِ، كنت أريد أن أبقى بمفردي لأقرر ما أريد فعله
غمغمت اسماء بتفهم، ثم سألت للمرة الأخيرة
- هل تنوي خطبتها إذ وافقت والدتك؟
- نعم
إبتسمت اسماء بفخر و اخذت تمدح به
- كم أصبحت رجلا، كم هي محظوظة، صدقاً
ثم نهضت و قالت.

- سأتركك الآن لترتاح قليلا و تستحم إذا أردت ثم سأدعوك لتتناول الغذاء معنا
- حسنا
ربتت اسماء على كتفه ثم غادرت، فتنهد صفوان ثم نهض ليبدل ملابسه.

إتجه عمار بعد ان أوصل نيروز للشركة، رحب به الموظفين و ابدوا اشتياقهم لمديرهم، شكرهم
و إتجه لمكتبه و خلفه المحامي، أعلمه الأخير عن كل جديد حدث في غيابه و انصرف، التقط عمار هاتفه حين أعلن عن وصول رسالة، قام يفتحها و قرأها
- كم اشتقت لك، ألم تشتاق لي؟!
خمن عمار سريعا بل ادرك و أيقن انها سارة، اغلق شاشة الهاتف و وضعه جانبا، فأعلن مرة أخرى عن وصول رسالة، ففتحها.

- كم كانت البلاد فارغة و سيئة و انت لست بها، سعيدة لعودتك
- تبا
اخرجها من بين شفتيه بإمتعاض، ثم اغلق هاتفه و التقط الأوراق ليبدأ بالعمل.

بعد مرور بعض الوقت
انتهت والدة نيروز بمساعدة الأخيرة و اسماء من اعداد الطعام، إتجهت نيروز لغرفة صفوان لتناديه فوجدته قد انتهى من أرتداء ملابسه، فسألته
- هل ستخرج؟
- نعم
- ألن تتناول الغداء معنا؟
- سأتناول سريعا و اغادر
- حسنا، هيا لكي لا نتأخر عليهم
اومأ برأسه و غادر الغرفة ليتجها لغرفة الطعام و ينضمون لوالدة نيروز و اسماء التي سألت نيروز
- هل اتصلتِ بعمار كما قلت لكِ؟
- نعم، لكن هاتفه مغلق.

- حسنا، هيا لنبدأ في تناول الطعام
انتهى صفوان سريعا من تناول طعامه و نهض و هو يقول
- سأغادر
- إلى اين؟
سألته والدته، فأجاب بإقتضاب
- سأذهب للعمل
ثم غادر دون انتظار أي قول آخر، فأتت أن تنهض والدته لكن اوقفتها اسماء و قالت لها
- اتركيه الآن، عندما يعود حدثيه
- انا ارى هذا أيضا
قالتها نيروز، فهزت والدتها رأسها بالإيماء ثم اكملت تناول طعامها و هم أيضا.

بعد مرور فترة وجيزة، وصل صفوان لفيلا صفا، و فور رؤية زين له اسرع اتجاهه و سأله
بلهفة
- اين كنت يا صفوان؟، لماذا اختفت فجأة؟، الجميع قلق عليك
- اعتذر، لم أقصد أن اقلقكم لكني كنت أحتاج أن ابقى بعيدا لفترة
هز زين رأسه متفهما و قال
- إذهب للسيدة صفا، فهي ستسر إذ رأتك مرة أخرى
- كنت سأفعل ذلك.

ربت زين على كتف صفوان قبل ان يتركه الأخير و يتجه لداخل الفيلا، طرق على باب غرفة مكتب صفا و دخل بعد أن اعطت له الإذن بالدخول.
- لم تستدعيني سيدتي؟!
قالها و هو يبتسم، فرفعت صفا بصرها له و إرتسمت على شفتيها إبتسامة سعيدة واسعة و هي
تتمتم بأسمة
- صفوان، عدت اخيرا!
حركت كرسيها اتجاهه بينما هو تقدم منها، اردفت معاتبة
- اين كنت؟، لقد قلقت عليك، هذا لم يكن من ضمن اتفاقنا.

- أعلم، فقط حدثت بعض الأمور معي لذا فضلت أن ابقى بمفردي لأفكر بهدوء
- كان يجب أن تخبرني بهذا على الأقل
- اعتذر
هزت صفا رأسها و صمتت للحظات قبل ان تقول
- ألن تصعد لها؟، لقد كانت قلقة عليك جدا
صمت صفوان و كأنه يفكر، إنه فعلا متردد من رؤيتها و لا يعلم لماذا، نبهته صفا حين طال صمته
- ماذا ستفعل؟، هل ستصعد؟
- أعتقد أنه من الأفضل أن لا أفعل
رفعت صفا حاجبيها بدهشة فلم تتوقع رفضه الغير مباشر، سألته.

- لماذا؟، هل غيرت رأيك بأمر ابنتي؟
هز رأسه ناكرا ذلك
- بالطبع لا، لكن..
صمت لوهلة ثم تابع
- أفكر إذ اتت هي بنفسها سيكون أفضل من ذهابي و اجباري لها، فإذ اتت هي ستكون بالتأكيد قد فكرت قبلها و وضعت خوفها جانبا
اقتنعت صفا برأيه، هزت رأسها و هي توافقه
- أعتقد أن معك حق، إذا، ماذا ستفعل الآن؟، هل ستغادر؟
- إذ لا يوجد شيء افعله سأغادر
- خذ اليوم ايضا اجازة و غدا سأعطيك بعض
الأعمال التي أريدها أن تنتهي.

- أستطيع أن أبدأ من الآن
- حسنا، إستمع...

أسدل الليل ستائره
رفع عمار رأسه عن الأوراق و التقط هاتفه و هو يتساءل لماذا لم تتصل الى الان!، ألم تنتهي بعد؟، ثم ادرك انه اغلق هاتفه لذا لم يتلقى أي اتصال منها، من المؤكد أنها تتصل الآن، قام بفتح هاتفه و اتصل بها أولاً لكنها لم تجيب، فأتصل بأسماء و بعد المقدمات سألها
- هل نيروز عندك؟، أتصل بها لكنها لا تجيب
- لقد غادرت لتوها
صمت لوهلة ثم قال و هو ينهض ليغادر مكتبه
- حسنا، انا اتي لأخذها.

- أعتقد أنك لن تلحق بها
- سألحق، سأتي سريعاً
- كما تريد
خرج عمار من مبنى الشركة وصعد سيارته و أمر السائق بأن يسوق سريعا لمنزل نيروز، اتصل بالاخيرة مرة أخرى لكنها لا تجيب
- لماذا لا تجيبين، لماذا!
حدث نفسه بغضب، ثم داهمته فكرة وصول سارة لها، ظل يتصل بها كثيرا و هو يكاد أن يفقد صوابه من كثرة قلقه و خوفه عليها، و حين اجابت أخيراً صرخ بها
- لماذا لا تجيبين على هاتفك!، ألا تسمعينه؟

أتاه صوتها الحائر و الذي به نبرة قلقة
- لماذا تصرخ؟!، هل قدمك تؤلمك أو شيء!
سمعت تنفسه الغاضب قبل ان يسألها و هو
يحاول أن يسيطر عل انفعلاته
- اين انتِ الان؟
- داخل سيارة الأجرة
- ترجلي منها، انا اتي لأخذك
- لا داعي لهذا
- لن أعيد قولي، اين انتِ بظبط؟
- اقتربت من إشارة المرور الثانية قرب منزلي
- انا في الجهة المقابلة، ترجلي
- حسنا
ثم طلبت من السائق أن يتوقف و أعطته بعض المال و ترجلت، سألت عمار
- اين انت؟

و اردفت حين رأته
- رأيتك
ثم عبرت الطريق و صعدت السيارة بجانبه، قال عمار بجمود فور جلوسها بجانبه
- مرة أخرى تنتظريني الى أن اتي و اخذك
- اتصلت بك لكن هاتفك كان مغلق فأعتقدت انك غيرت رأيك
بررت له، فرمقها بطرف عينيه ثم نظر امامه و هو يأمر للسائق
- خذنا للفيلا
ساد الصمت لدقائق إلى أن قطعته هي بسؤالها
- هل آلمتك قدمك اليوم؟، هل أرحتها؟
نظر لها بطرف عينيه بجفاء، فهزت رأسها و هي تردف بإهتمام.

- حسنا، هل اخذت دواءك؟، فهو يأخذ مرتين في اليوم
- اخذته
اجابها باختصار، فهزت رأسها و هي تتمتم براحة
- جيد..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة