قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الرابع

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الرابع

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الرابع

منذ ثلاث أعوام و نصف من الآن
بعد ان انتهت نيروز من محاضرتها الثانية و الأخيرة، خرجت من القاعة مع ميساء التي كانت تثرثر في أمور عدة، وصلوا لبوابة الجامعة و عبروها، و من ثم توقفت ميساء و قالت
- نيروز، سأنتظرأخي، انتظري معي و سأوصلك
- لا لا، سأغادر بمفردي
قالتها نيروز سريعاً، و اردفت
- سأغادر الأن، هل تريدين شيء قبل مغادرتي؟
- لا، فقط حدثيني عندما تصلين
- حسنا، وداعا.

انتهت نيروز من جملتها و التفتت فوجدت عمار يتقدم منهما من بعيد، فإتسعت مقلتيها و التفتت
سريعا لتنظر لميساء و تقول بإضطراب
- اخيكِ قادم
- نعم، لقد رأيته، و لكن لماذا انتي مضطربة؟
- انا!
قالتها نيروز بإستنكار و من ثم ضحكت و قالت
- انا لست مضطربة، سأغادر الأن
و التفتت مرة أخرى فوجدته امامها مباشرة، ف بلعت لعابها بتوتر و هي تجول بنظراتها بعيدا عنه، بينما قال
- كيف حالك يا نيروز؟
نظرت له بحذر و قالت بخفوت.

- بخير، سأغادر الأن
و اتت ان تغادر و لكنه اوقفها عندما قال
- انتظري، لماذا لم تأتي للجامعة اليومين السابقين؟، هل بسببي؟
قال الأخيرة بخفوت، فنظرت له و قالت بثبات
اتقنته
- من انت لكي اتغيب عن جامعتي لأجله؟، انا فقط...
توقفت عن اكمال جملتها لبرهه و من ثم اردفت
- أعتقد أن ليس لك الحق في معرفة سبب تغيبي
و من ثم التفتت و قالت ل ميساء
- سأغادر
و غادرت، بينما إبتسم عمار، فنظرت له ميساء و قالت بخبث.

- لماذا هذه الإبتسامة؟
تلاشت إبتسامته و نظر لها بجدية و قال
- هيا بنا.

بعد مرور أسبوع
لم ترى نيروز عمار ابدا كل تلك الفترة، فهو لم
يعد يقوم بتوصيل ميساء للجامعة بسبب انشغاله في الشركة.
- اين انتِ يا ميساء؟، انا انتظرك أمام المكتبة
قالتها نيروز لميساء عبر الهاتف، فأجابت ميساء
- اسفة يا نيروز، لن أستطيع أن...
سمعت نيروز صوت تألفه من خلفها، فتركت الهاتف و التفتت فوجدت عمار
- نيروز
حدقت به نيروز دون أن تشعر، فإبتسم عمار و قال
- اسف، تأخرت قليلا
- ماذا؟
قالتها بعدم فهم و اردفت.

- لماذا أنت هنا؟، اين ميساء؟
- ميساء لن تستطيع أن تأتي فأنا قمت بمعاقبتها، لذلك انا أتيت بدلا عنها لكي اعطيكي هذا
و مد يده ليعطيها الكتاب، فنظرت للكتاب ومن ثم له و تمتمت و هي تأخذه
- شكرا
إبتسم بهدوء و قال
- اجتهدي في الاختبارات، فأنا اريدك ان تصبحي الأولى على القسم
حدقت به مرة أخرى، و من ثم اخفضت رأسها و هي تتمتم
- سأحاول
و من ثم ساد الصمت لثواني قطعه عمار بقوله
- هل أصبحتي صديقة لأختي الثرثارة؟

اومأت برأسها، فقال بضيق اصتنعه
- لماذا؟، ألم أقل لكِ اني لا اريد ان أعجب بفتاة صديقة لها!، هل فعلتي هذا عن قصد؟
رفعت رأسها و نظرت له، فإبتسم و انحنى قليلا ليصبح أقرب، و قال بخفوت جعل دقات قلبها
تتسارع
- حتى أن أصبحتي صديقتها، فأنتِ ستظلين فتاتي، حسنا؟!
توردت وجنتيها و هي تحدق به، فإتسعت إبتسامته و لمعت حدقتيه لتظهر مدى إعجابه بها، أشاحت بنظراتها سريعا و قالت بإضطراب
- سأغادر الأن، أوصل شكري لميساء.

انهت جملتها و التفتت سريعا و غادرت دون أن تنتظر رد منه، فأستقام بجسده و وضع كفيه في جيوب بنطاله و هو يتابعها بنظراته، و الإبتسامة لم تفارق شفتيه.

الوقت الحالي
استيقظت نيروز من ذكرياتها عندما طرقت الخادمة على الباب، سمحت نيروز لها بالدخول، فدخلت الخادمة و تقدمت من نيروز و قالت
- سيدتي، هل تحتاجين لشيء؟
- هل لكِ أن تحضري لي قدح قهوة؟
- حسنا يا سيدتي، سأحضرها، شيء اخر؟
- لا، شكرا
اومأت الخادمة برأسها و التفتت و قبل أن تغادر اوقفتها نيروز بقولها
- انتظري، أريد أن اسألك، هل غادرت سارة؟
- لا يا سيدتي، ستغادر الآن مع سيدي
- سيدك من؟

قالتها نيروز بتساؤل، فأجابت الخادمة
- سيدي عمار
- ماذا؟، لماذا ستغادر معه؟
قالتها نيروز بإستنكار، فأجابت الخادمة بهدوء
- لا اعلم يا سيدتي
- حسنا، غادري
اومأت الخادمة برأسها وغادرت، فنهضت نيروز و خرجت من غرفتها لتتجه لغرفة عمار و تدخلها دون أن تطرق الباب، فوجدتها فارغة، التفتت و إتجهت للسلالم و نزلتها سريعا لتصل للطابق الرئيسي خلال ثواني، سألت إحدى الخادمات
- اين سيدك عمار؟
- السيد عمار غادر
- منذ متى؟

- الآن يا سيدتي
إتجهت نيروز سريعا لباب الفيلا و خرجت، توقفت و نظرت حولها باحثة عنه، فوجدته يصعد سيارته و سارة معه، فتنفست بعمق قبل ان تخطوا خطواتها السريعة للسيارة و تصعدها
لتجلس في المقعد الخلفي، نظر لها عمار بإستغراب و قال
- ماذا تفعلين هنا؟
- سأتي معكم
قالتها نيروز بهدوء و هي تطبق ذراعيها على صدرها، فقال عمار
- انا سأوصل سارة، فلا داعي لوجودك
- قلت، سأتي معكم.

قالتها نيروز بحسم، فأتى أن يعترض عمار، و لكن سبقته سارة و قالت له
- أتركها تأتي معنا، ليس هناك مشكلة
نظر عمار لسارة و من ثم لنيروز، عاد و نظر للطريق و أدار المقود، بينما كانت نيروز تقلد قول سارة بإستخفاف خافت
- أتركها تأتي معنا، ليس هناك مشكلة، فتاة مستفزة
انهت نيروز جملتها الاخيرة بغيظ و هي تنقل نظراتها للطريق.

بعد طريق طويل
ترجلت سارة من السيارة و هي تقوم بشكر عمار، و من ثم غادرت، فأتى عمار يكمل طريقه ولكن نيروز اوقفته
- انتظر
و ترجلت من السيارة لتأخذ مقعدها بجانبه و تقول
- هيا بنا
نظر لها بطرف عينيه و من ثم حرك السيارة، و كان الصمت سيد الموقف.
- انتظر، انتظر، هل ترى هذا المحل؟، هل
تتذكره؟
قالتها نيروز فجأة و هي تشير لأحد محلات الملابس، فنظر عمار لما تشير له و قال
- لا.

- هذا المحل كان المفضل لدينا، كنا نردت إليه كثيرا لشراء ملابسنا
- لا اتذكره
- أعلم انك لا تتذكره، و لكن حاول معي
قالتها بإنفعال، ثم تنفست بعمق قبل ان تقول بهدوء و هي تنظر له
- أسمعني جيدا، انا أحتاج منك أن تساعدني في ان اجعلك تتذكرني، لذلك أفعل ما بوسعك لتتذكر، حسنا؟
اشاحت بوجهها و نظرت للطريق عندما شعرت ببروده، و تمتمت بإنزعاج
- لماذا ذاكرته اللعينة مسحت ذكرياتنا فقط!،.

لماذا لم تمسح اي شيء آخر!، هذا شيء مزعج
عادت ونظرت له و قالت
- توقف هنا
نظر لها و سأل
- لماذا؟
- فقط توقف
اوقف السيارة، فترجلت و نظرت له عبر النافذة و قالت له
- انزل
- لماذا؟
- اريد أن اتسوق قليلا، و أريدك أن تأتي معي
- اذهبي بمفردك
- اريدك معي
نظر امامه و قال ببرود
- لدي عمل، لذلك اذهبي بمفردك و عندما تنتهين هاتفيني
- لا اريد ان اذهب بمفردي فقد حل المساء، و أيضا انا لا أملك هاتفي الآن.

- حسنا هل تملكين بعض النقود؟
- لا
رمقها بضيق، ثم اخرج محفظته من جيبه ليعطيها بعض النقود
- خذي
قالها وهو يمد يده الممسكة بالنقود لها، فشعرت بالضيق من تصرفه، فقالت بشراسة
- لا اريد شيء منك، غادر
انهت جملتها و ابتعدت عن السيارة لتقف على الرصيف، نظر لها بعدم اكتراث، ثم نقل نظراته امامه و غادر، ظلت تنظر لسيارته و هي تبتعد، إمتلأت مقلتيها بالدموع لشعورها بالشفقة على حالها، مسحت عينها سريعا و قالت لنفسها.

- لا يهم، تماسكي
تهدجت حروفها الأخيرة، فهي لم تستطع التماسك، وضعت كفيها على و جهها و أصبحت تبكي بقهر، كيف يتركها هكذا؟، هو لم يكترث لها حتى.

بعد مرور فترة وجيزة
نهضت نيروز من على الأرض بعد ان سقطت، نظرت لملابسها التي لطخت بالتراب، فزادت في بكائها وهي تسبه و تلعنه فهو السبب في كل ما يحدث لها، خرجت من تجمع الناس حولها و سارت بخطوات متعرجة للشارع العمومي، و توقفت مع نهاية الرصيف بسبب الإشارة الخضراء، مسحت دموعها بكفيها المتسخين و.

رفعت خصلات شعرها المتناثرة على وجهها بعشوائية و هي تلتقط انفاسها بعمق لعلها تهدأ، ثم اوقفت سيارة أجرة و صعدتها.

وصلت نيروز للفيلا، دخلتها و صعدت السلالم تحت انظار غادة التي اعتلتها الدهشة من هيئة نيروز، سألت إحدى الخادمات و هي تتجه لغرفة عمار
- عمار هنا؟
- نعم يا سيدتي
- حسنا
قالتها بتوعد و هي تضع كفها على قبضة الباب و تبرمها لتدلف لغرفته.
- جيد، لقد عدتي
قالها عمار ببرود اغاظها، فقالت بإنفعال
- اتعلم انك حقير، كيف تتركني هكذا!
ترك الكتاب الذي كان يمسكه جانبا و نهض و اقترب منها و هو يقول بجمود.

- لم اتركك، انتِ التي قلتي لي غادر، صحيح!
- نعم قولتها، و لكن من المفترض عليك أن لا تنفذ ما اقوله
مرر نظراته على ملابسها المتسخة و قال
- اذهبي و اغتسلي، فملابسك متسخة
- انا متسخة بسببك
قالتها بشراسة، فقال بتهكم
- لماذا بسببي!، هل أنا الذي قمت بإسقاطك أرضا!
- كيف عرفت اني سقطت، هل كنت تراقيني؟
قالتها بشك، فهز كتفيه ببرود و اجاب
- هذا تخمين فقط
- الم تكن قلقا علي؟

قالتها بعد أن صمتت لثواني، فأجاب وهو يتراجع للخلف ليجلس على الأريكة
- لا
- انا زوجتك
قالتها بشراسة و اكملت بإستنكار
- كيف لا تقلق علي؟!
- مازلت لا اعتبرك زوجتي، فأنا لا أذكرك بتاتا
- نعم انت لا تذكرني لأنك فقدت ذاكرتك
صمت لبرهه و من ثم قال بتساؤل
- هل أنا و انتِ تزوجنا بعد قصة حب؟!
- نعم
- انا لا أعتقد ذلك، فأنا أعتقد انكِ لم تكوني شخصا مهما في حياتي فأنا لا أشعر بشيء نحوك الآن.

قالها ببرود جارح لها، فلمعت عينيها بالدموع و
اجابت ببطء
- لأنك فقدت ذاكرتك
- هذا ليس له صله بذاكرتي، فالانسان يشعر بمشاعر غريبة تجتاحه عند اول لقاء بحبيه، حتى لو لم يكن يتذكره
حدقت به بعدم تصديق لما يقوله، إبتسمت بإستخفاف و قالت
- ما هذا الهراء الذي تقوله!
- ليس هراءا
قالها بجمود، فهتفت بحدة.

- لا، بل هذا كله هراء، فأنا أحببتك كما احببتني، و لا يهم ان تتذكر هذا حاليا، فالان يكفي اني أتذكر هذا، و سأجعلك تتذكره مع الوقت، اوعدك
ظلت نظراته هادئة، فتنفست بعمق مرة أخرى و قالت بهدوء
- سأعود لغرفتي
و من ثم التفتت و قبل ان تخرج من الغرفة قالت
- بالمناسبة، سائق الاجرة ينتظر نقوده، ادفعها له و سأسددها لك لاحقا
انهت جملتها وغادرت.

بعد منتصف الليل
كانت نيروز تحدث أسماء على الهاتف و هي مستلقية على السرير
- لقد شعرت بالسوء لوهلة من كلماته، و لكن عندما جلست و فكرت استنتجت أن هذه الكلمات طبيعي أن تخرج منه، اليس كذلك؟
- لا اتفق معكِ كثيرا يا نيروز
- و لا انا ايضا، فقط أحاول أن أقنع نفسي بذلك
لكي لا احزن
قالتها نيروز بمرارة و هي تبتسم، فقالت أسماء
- لا تحزني، كوني صبورة فقط، و ستعود له ذاكرته قريبا، و ستكونين سعيدة مرة أخرى.

تنفست نيروز بعمق و من ثم قالت بتمني
- أتمنى ذلك، حقا
- و انا ايضا
ومن ثم اردفت اسماء
- ماذا ستفعلين الآن يا نيروز؟
- حاليا، سأخلد للنوم فأنا متعبة جدا
- حسنا، طابت ليلتك يا عزيزتي، و حدثيني غدا لتعلميني على كل جديد
- حسنا يا عمتي، ليلة سعيدة
و من ثم انهت المكالمة، وضعت الهاتف على الكومود و من ثم وضعت ذراعها اسفل رأسها و هي تطبق جفونها بهدوء، إبتسمت وهي تقول
بخفوت لنفسها
- انتهى أول يوم.

أشرقت شمس يوم جديد
في فيلا أحمد فريد
كانت نيروز جالسة أمام منتضدة الزينة، تنظر لصورتها المنعكسة على المرآة بتعمق و هي تتلمس وجهها بهدوء، تقارن جمالها بجمال تلك الشقراء التي تسمى سارة.
فنيروز تتميز بالجمال الشرقي، ببشرتها الحنطية و شفتيها الرقيقتين بجانب خدايها المكتنزان و عينيها الرماديتين الواسعتين، شعرها الأسود الطويل، قوامها الرشيق و قامتها المتوسطة، أما سارة، لديها شعر أشقر كريمي.

، و عينين عسليتين كالعسل بجانب بشرته البيضاء.
إبتسمت نيروز بإستخفاف و حدثت نفسها بثقة
- لا يوجد مقارنة، فأنا الأجمل في عينين عمار
سمعت صوتها الباطن يقول
- لا تكوني واثقة
ضربت رأسها بقبضتها و هي تقول بحدة
- بل سأكون كذلك
ثم نهضت و غادرت غرفتها.

دلفت نيروز لغرفة الطعام و القت التحية و هي تجلس في مقعدها، مدت يدها و اخذت رغيف خبز و هي تنظر لعمار الذي كان يتناول طعام إفطاره بهدوء، كالعادة، فتناولت طعامها و هي تشعر بالضجر، تذكرت فجأة ميساء، لم تراها
منذ أن اتت، اين هي؟
- عمار، صحيح، أين هي ميساء؟، لم ارها منذ أن أتيت
بلع الطعام الموجود في فمه و اجاب
- ميساء سافرت إلى أمريكا لتكمل دراستها هناك
- صدقا!
قالتها نيروز بذهول و اكملت بسعادة.

- هذا جيد لها، فهي دائما كانت تريد أن تكمل دراستها خارجا
اومأ برأسه و عاد لتناول طعامه، و ساد الصمت لدقائق قبل ان تقطعه غادة
- عمار، ماذا ستفعل اليوم؟، هل ستذهب للحفل أم لا؟
نظر لها عمار و اجاب
- سأذهب، فهذا حفل عمل و يجب علي الذهاب
- حسنا، هل ستأخذ سارة معك كرفيقة؟
- لا أعلم، سأعرض عليها الأمر
- و انا ماذا أفعل هنا؟
قالتها نيروز بغيظ لعمار و غادة الذين نظروا لها، بينما اكملت بثبات.

- انا زوجتك و لي الحق أن اتي معك هذه المناسبة، و ليست تلك التي تدعو سارة
قالت كلماتها الأخيرة بغيظ، فقالت غادة بضيق
- لا، ليس لكِ الحق أن تذهبي معه لهذه المناسبة، و سارة هي التي ستذهب معه و ليس انتِ
قالت جملتها الأخيرة بحسم، و اردفت لعمار
- ستأخذ سارة يا عمار، حسنا؟
صمت عمار لبرهه و من ثم قال بهدوء و هو ينظر لوالدته
- سأخذ نيروز يا أمي
- ماذا؟
قالتها غادة بذهول غاضب، بينما إبتسمت نيروز.

بسعادة، فهو اختارها هي، تنفست بسعادة و هي تضع زيتونة في فمها.

مساءًا
في غرفة نيروز
كانت نيروز تحدث عمتها أسماء و هي تنظر لصورتها المنعكسة على المرآة الطويلة برضا، فقد ارتدت فستان يتميز باللون الوردي الفاتح القصير الذي يصل لأسفل ركبتيها بقليل، ذو ياقة دائرية و اكمام تصل لاسفل المرفق بقليل، واسع بعض الشيء من الأعلى و مجسم من الاسفل، و مزين بالقليل من الترتر الاسود اللامع، و قد صففت شعرها بتسريحة الشينيون السفلي الأنيق.
- اشعر بالحماس يا عمتي.

قالتها نيروز بحماس ل أسماء التي قالت
- لا تتحمسي كثيرا يا نيروز، لكي لا تصابي بالصدمة و الحزن عندما يحدث كل شيء عكس ما تريدينه
- عمتي، لماذا انتِ قاسية هكذا معي!
قالتها نيروز بضجر، فضحكت أسماء و قالت
- لست قاسية بل صريحة، فأنا لا أريدك أن تنصدمي عندما يحدث ما لا تتوقعينه، فعمار الذي انتِ معه الآن ليس عمار القديم، هل تفهميني؟
تمتمت نيروز
- أفهمك
ثم اردفت و هي تبتسم
- سأغلق الآن، عندما أعود سأحادثك
- حسنا.

انهت نيروز المكالمة و وضعت الهاتف في حقيبتها الصغيرة، عادت و نظرت لصورتها المنعكسة في المرآة، و رسمت على شفتيها إبتسامة لطيفة واثقة قبل ان تلتفت و تغادر غرفتها، إتجهت لغرفته و دخلتها بعد ان طرقت الباب أكثر من مرتين، فلم تجده، ف إتجهت للسلم و نزلته حتى وصلت للطابق الرئيسي و سألت الخادمة
- اين عمار؟
- ينتظر في الخارج يا سيدتي.

إتجهت نيروز لخارج الفيلا و قد بدأت تتسارع دقات قلبها، فوضعت كفها على صدرها و هي تحدث نفسها
- لا داعي للتوتر يا نيروز، كل شيء سيسير على ما يرام
و من ثم رسمت على شفتيها إبتسامة و ما لبثت
ان تلاشت عندما رأت سارة مع عمار داخل السيارة، فتصاعدت الدماء لرأسها و كورت قبضتها و هي تتقدم من سيارته بخطوات سريعة كادت تسقطها، طرقت على زجاج النافذة الذي جانب سارة، فأنزلتها سارة، بينما قالت نيروز بحدة.

- ماذا تفعلين هنا؟
فأجاب عمار بدلا عن سارة
- سارة ستأتي معنا الحفل
- ماذا؟!

- لماذا ستأتي هذه معنا؟
قالتها نيروز بضيق، فأجاب عمار ببرود
- هل ستصعدي أم اغادر؟
رمقته بضيق قبل ان تصعد السيارة لتجلس في المقعد الخلفي و هي تشعر بالغضب و الغيظ منه و من تلك التي تدعى سارة، كم تكرهها حقا!
اوقف عمار سيارته امام موقع الحفل، ترجل ثلاثتهم، فأسرعت نيروز و تأبطت ذراعه فنظر لها بهدوء، ثم نظر لسارة و قال
- هيا
اومأت سارة برأسها و سارت امامهم، بينما همست له نيروز بجانب اذنه.

- سأجعلك اليوم تتذكر حفل تخرجي، فقد كان حفل مميز جدا بالنسبة لكلانا
- كيف ستذكريني به، و هذا حفل عمل و ليس تخرج!
- لا يهم ما اسم الحفل، ما يهم الرقص و الأجواء فقط.

قالتها و هي تبتسم بحماس، فأومأ برأسه و دخلوا للقاعة الكبيرة التي تمتلأ بالكثير من رجال الأعمال و زوجاتهم و بناتهم، فتنفست نيروز بعمق و هي ترفع رأسها بثقة، تقدم الكثير من رجال الأعمال و زوجاتهم لكي يلقوا التحية على عمار، و ليعرفوا من صاحبة الوجه الجديد، و عندما اعلن عمار عن هويتها صدموا في البداية و من ثم توالت التعليقات منها الجيدة التي اشعرت نيروز بالفخر و منها المحبطة التي اشعرت نيروز بالضيق.

انشغل عمار مع بعض رجال الأعمال بالحديث عن العمل بينما ظلت نيروز مع تلك السيدات الذين بدأوا بطرح الكثير من الأسئلة و الاقاويل، و منها.
- لماذا لم نراكي من قبل!، هل تزوج بك السيد عمار حديثا؟
قالتها إحدى السيدات بتساؤل، بينما قالت أخرى بخبث
- اتعلمين، نحن اعتقدنا أن السيد عمار و السيدة سارة على مشروع زواج، لم نكن ندرك بوجودك
شعرت نيروز الغيظ و الضيق من هذا القول، فنظرت للاخرى ببرود مصتنع و هي تقول بثقة.

- لا يهم ماذا كنتم تعتقدون، فأنا زوجته و انتهى للأمر
- حسنا، لم أقل شيء
قالتها السيدة صاحبة القول الأخير بضيق قبل ان تلتفت و تتركهم، فإبتسمت نيروز بإنتصار قبل ان تستأذن و تبتعد عن هؤلاء السيدات الذين يمتلأون بالخبث، غادرت القاعة لتخرج هاتفها و تتصل ب أسماء التي قالت بذهول
- هل عدتي بهذه السرعة؟
- لم أعد، فأنا وصلت لتوي للحفل
- حسنا، كيف الأجواء لديك؟

تنفست نيروز بعمق قبل ان تقص ل اسماء عن سارة التي أتت معهم و أقوال السيدات، و اكملت بإنفعال
- كيف يقولون هذا أمامي!، مشروع زواج بينه و بين سارة، يال السخافة
ضحكت بأستخفاف و اردفت بشراسة
- تلك السيدات خبيثات جدا، و ايضا سارة، كم اكرهها
ضحكت اسماء و قالت
- اهدئي يا نيروز، لا تنفعلي
- كيف لا انفعل!، الا ترين ما يقولونه، إنه هراء
- نعم انه هراء، لذلك لا حاجة لإهدار طاقتك
- حسنا، سأغلق الآن لأعود للحفل.

- لا تتصرفي بطريقة حمقاء يا نيروز، حسنا!
- حسنا
قالتها نيروز بضيق، ثم انهت المكالمة و عادت للقاعة، كورت قبضتها عندما رأت عمار يقف مع سارة و إبتسامته تعتلي وجهه، أشاحت بوجهها و هي تلتقط انفاسها و تجول بنظراتها لكي لا تتجمع دموعها اسفل جفونها و من ثم تقدمت منهما و توقفت بجانبه، بينما نظرت سارة لنيروز و قالت
- اختيار مميز يا نيروز، أهنئك
إبتسمت نيروز بثقة و قالت بثبات.

- دائما اختيارتي مميزة، فلا حاجة لقولك
شعرت سارة بالإحرج، فرمق عمار نيروز بحدة فتجاهلته الأخيرة و قالت بهدوء
- ألن ترقص؟
لم تسمح له بالرفض، فقد امسكت بيده و سارت به لمنتصف القاعة، امسكت بيديه و وضعتها على خصرها، ثم حاوطت رقبته بذراعيها، و بدأوا في التمايل على الموسيقى الكلاسيكية.
- لماذا تصرفتِ مع سارة بهذه الوقاحة؟
قالها عمار لنيروز التي نظرت له بإستنكار و قالت.

- هل هذه وقاحة!، إذا كان تصرفي وقح فماذا عن تصرفاتها؟
- تصرفاتها؟!
- نعم، و ليست تصرفاتها فقط، بل انت ايضا
قالتها بإنفعال، و تابعت بحنق
- تحدثها بتلقائية و تبتسم لها و كأنها زوجتك، انت لا تفعل هذا معي
صمت، فصمتت هي ايضا لبرهه قبل ان تقول بهدوء
- اريد ان اسألك، هل كان هناك مشروع زواج بينك و بينها؟
- من؟
- السافقة، أقصد سارة
- أعتقد
- تعتقد؟
قالتها بذهول و من ثم ضحكت بإستخفاف و قالت بشراسة
- ما هذا الهراء!

انهت نيروز جملتها و اشاحت بوجهها، بينما ظل عمار يحدق بنيروز بطريقة غريبة، لم
يلاحظها أحد.
عادت نيروز و نظرت له وقالت بهدوء
- حسنا، هيا نبدأ في العمل
- العمل!
- نعم، الا تذكر يوم تخرجي انا و ميساء؟
- لا
- في يوم تخرجي انت قمت بطلب الارتباط بي أمام الجميع
- لا أتذكر
- أعلم، فقط حاول، سأكمل...
- سيد عمار
قالها أحد الرجال، فألتفت عمار فأردف الآخر
- اسف لمقاطعتك، و لكن اريد ان اتحدث معك بأمر
- حسنا.

قالها عمار و هو يبتعد عن نيروز و يذهب مع
الرجل، فزفرت نيروز بضيق و من ثم إتجهت لأحدى الطاولات و جلست.

منذ ثلاث أعوام و نصف من الآن.

بعد مرور أسبوع آخر
في الجامعة
- ساعديني يا عمتي، ارجوكي
قالتها نيروز ببكاء ل أسماء عبر الهاتف، فقالت أسماء
- اهدئي يا نيروز و لا تبكي، سأذهب الآن لوالدك و سأتحدث معه
- اجعليه يصرف النظر عن هذا الأمر، فأنا لن اتزوج، لن اتزوج بذلك العجوز، حسنا!
قالتها نيروز و هي تزداد في نحيبها، فقالت أسماء و هي تحاول تهدأتها
- حسنا، و لكن توقفي عن البكاء.

ابعدت نيروز الهاتف عن اذنها و هي تمسح دموعها التي لا تتوقف، فجأة وجدت شخص يمد يده ليقدم لها المناديل، فأخذتها و هي ترفع نظراته لذلك الشخص الذي كان، عمار، اخفضت نظراتها سريعا و مسحت دموعها، بينما جلس عمار بجانبها و قال بهدوء
- لماذ تبكين؟
- لا شيء
قالتها و هي تحاول ان توقف دموعها، فظل يحدق بها لدقيقة كاملة، ثم قال بلطف
- لا توقفي بكائك، اكملي
نظرت له بعدم فهم، فإبتسم و قال.

- انتِ تحتاجين للبكاء لذلك استمري
حدقت به لبرهه و سريعا اخفضت رأسها
- ماذا حدث؟، لماذا تبكين؟
قالتها ميساء بقلق عندما رأت نيروز بتلك الحالة، و من ثم جلست بجانبها فنهض عمار و قال
- سأغادر لكي تتحدثون براحة
انهى جملته و التفتت و غادر، بينما ظلت ميساء تسأل نيروز عن سبب بكائها، و في النهاية أخبرتها نيروز.

بعد مرور فترة وجيزة
في منزل عائلة نيروز
- لن أصرف النظر عن زواجها به ابدا، فأنا سأحصل على الكثير من المال بسبب هذا الزواج
قالها والد نيروز بصوت مرتفع، فقالت أسماء بغضب
- ابنتك لا تريد الزواج به، فهل ستجبرها؟
- نعم سأجبرها ان ظلت هكذا
- لن اسمح بذلك يا أخي، لن اسمح بأن تدمر ابنتك لأجل النقود
و تابعت اسماء و هي تنظر لوالدة نيروز.

- لا اعلم إلى متي ستظلين صامتة، و كيف؟، هل ستسمحين بتدمير حياة ابنتك هكذا؟
نهضت أسماء و قالت بحسم
- لكي تعلم، انا لن اسمح بذلك، و لن اقف مكتوفة الايدي و انا اراك تدمر ابنتك، لن أصبح مثل زوجتك
انهت كلماتها الغاضبة و غادرت، فضحك والد نيروز بإستخفاف و قال
- سنرى ما الذي تستطيعين فعله.

توقفت سيارة عمار أمام المبنى الذي تسكن فيه
نيروز، فقالت نيروز قبل ان تترجل
- شكرا لإصالك لي
نظر لها و اومأ برأسه و هو يبتسم، فترجلت هي و دخلت للمبنى، فنظر امامه و اخرج هاتفه و اتصل بميساء التي أجابت سريعا
- لن اخبرك
- بل ستخبريني، سأتي الآن لأخذك من الكافتيريا
قالها بحسم و من ثم انهى المكالمة و اكمل طريقه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة