قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الرابع عشر

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الرابع عشر

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الرابع عشر

اليوم التالي
تسللت أشعة الشمس عبر النافذة لتزعج نيروز و ترغمها على فتح عينيها للحظات، لتغلقهما بعدها، سمعت صوت صفوان الذي قال بتهكم
- ها قد استيقظت الأميرة النائمة.

فتحت عينيها مرة أخرى بنعاس لتنظر له، فاعتقدت انها تتوهم لذلك اغلقتهما، و ما لبثت ان فتحت عينيها بصدمة و هي تنظر حولها، اين هي الآن؟، هذا المكان ليس بغريب على انظارها، اعتدلت قليلا و هي تحدق بصفوان الذي يقف بجوار الفراش، فأدركت انها بداخل منزلها، في غرفتها القديمة، و لكن كيف؟!
اجابها صفوان على سؤالها الذي لم يخرج من شفتيها حتى.

- لماذا كنتِ نائمة بالخارج يانيروز؟، لقد غادرت المنزل صباحا لكي اجلب بعض الاغراض فوجدتكِ نائمة على السلم لذلك حملتك و ادخلتك للداخل، فهيا اخبريني، هل حدث شيء معكِ؟
قال كلماته الأخيرة بنبرة قلقه و فضولية، فخللت
نيروز اناملها من بين خصلات شعرها و هي تتمتم
- لم يحدث شيء
- إذا لماذا كنتِ نائمة على السلم؟
- صفوان، انا اشعر بالتعب لذلك اتركني الآن
- اجيبي على اخيكِ يا نيروز.

قالتها والدتها بحزم و هي تدلف للغرفة، فنظرت نيروز لوالدتها و صمتت، فقال صفوان بضيق
- انا انتظر
التقطت نيروز انفاسها و هي تخفض رأسها، ثم قالت
- لقد أتيت إلى هنا لاني أردت أن أرى امي، و لكني لم يكن لدي الجرأة لكي اطرق على الباب فأنا أعلم أنكم لا ترحبون بوجودي، لذلك جلست في الخارج و قد نمت دون أن أشعر
نظرت لها والدتها بضيق و صمتت، بينما قال صفوان.

- و زوجك عمار، كيف له أن يتركك أن تأتي إلى هنا مساءا بمفردك؟
نظرت له نيروز بتوتر و كذبت
- لا، هو قد اوصلني إلى هنا و غادر
ضيق صفوان عينيه و هو ينظر لنيروز، ثم قال
- انا لا اصدقك
اتت نيروز ان تقول شيء و لكن صوت عائشة العالي الغاضب اوقفها.
- ما هذا الصوت؟
سألت نيروز بحيرة، فلم يجيبها صفوان لينهض و يغادر الغرفة، فنهضت نيروز و اتبعته لترى ما ذلك الصوت.

اخرج صفوان المفتاح من جيبه و أدخله في قفل الباب ثم دخل، بينما كانت نيروز تشعر بالحيرة
و الفضول، و عندما سقطت نظراتها على عائشة الغاضبة شهقت، و هتفت
- من هذه الفتاة يا صفوان؟
سمعت إجابة سؤالها من والدتها
- انها عائشة، تمكث هنا منذ فترة وجيزة، عنوة
إتسعت مقلتي نيروز بعدم تصديق، ثم قالت بدهشة
- اهذه عائشة حقا!
ثم عادت و نظرت لعائشة التي كانت تقول ل صفوان بحدة
- الم تستطيع أن تأتي منذ ندائي الأول!

رمقها ببرود و قال
- ماذا هناك؟
- اريد ان اذهب للمرحاض
- سيري أمامي
قالها صفوان بجمود، فرمقته عائشة بإمتعاض و
هي تتخطاه لتسير امامه، توقفت امام نيروز التي قالت بحماس و هي تحقيق بها
- و اخيرا قد وجدكِ أخي
تابعت نيروز و هي تنقل نظراتها ل صفوان
- لماذا لم تخبرني بأنك وجدتها؟
لم تنتظر إجابة من اخيها، فقد عادت لتنظر لعائشة و تقول
- هل تعلمين اني أتيت لكي ابحث عنكِ في الحانة و لكني لم أجدك.

إتسعت مقلتي والدى نيروز بصدمة و هي تهتف
- ماذا؟، حانة!
عضت نيروز شفتيها بندم بعد ان ادركت ما قالته، فلم يكن يجدر بها أن تقول قولها الأخير أمام والدتها التي ستغضب بالتأكيد، نظرت لصفوان الذي رمقها بضيق قبل ان ينظر لوالدته التي لم يخبرها عن أي شيء متعلق بعائشة سواء
، أنها ابنة المرأة التي يقوم بحراستها و التي هربت و ترفض العودة.

في غرفة الجلوس
كان صفوان جالس على الأريكة يستمع لتوبيخ والدته الحاد له.
- كيف لك ان تجلب فتاة ليل لمنزلنا؟، و كيف تجعل اختك تذهب لذلك المكان القذر بمفردها؟، كيف يا صفوان، اخبرني كيف، هل فقدت عقلك؟
ظل صفوان صامتا، فليس لديه ما يقوله ليخفف من غضب والدته، فهو كان يعلم أنه سيلقى رد فعل حاد من والدته إذ علمت أن عائشة تعمل في حانة، لذلك أخفى عنها الأمر، و لكن بسبب غباء.

نيروز و تسرعها في اخراج كلماتها، كشف الأمر.
- امي، الأمر لا يحتاج لكل هذا الغضب
قالتها نيروز بهدوء، فنظرت لها والدتها بحدة و قالت
- و انتِ أيضا، كيف لكِ أن تذهبي لذلك المكان بمفردك؟، و كيف لزوجك أن يوافق على ذلك؟
ثم ضحكت بخشونة و تابعت بقسوة
- هذا متوقع منه، هذا متوقع من شخص قام بشراء...
قاطعها صفوان بسرعة
- امي.

نظرت له والدته، فنظر لها بتحذير، فاشاحت والدته بوجهها و هي تلتقط انفاسها، بينما قالت نيروز و هي ترمقهم بشك
- لماذا اعقت امي يا صفوان؟، اكملي ما كنتِ
تقولينه عن عمار يا أمي
عادت والدتها و نظرت لنيروز و قالت بجفاء
- لماذا مازلتِ هنا؟، هيا غادري
و اردفت لصفوان بحزم
- جِد لك مكان آخر لهذه الفتاة التي تسمى عائشة، للأسف الاسم لا يليق باخلاقها ابدا
ثم التفتت و غادرت غرفة الجلوس، فنظر صفوان لنيروز بضيق و قال.

- هل انتِ سعيدة الان؟!
- انا لم أقصد ذلك، اسفة
قالتها بندم، فأشاح بوجهه عنها، و صمت للحظات قبل ان يحدث نفسه بصوت مسموع
- سأخذها الي اين الان؟!
- عندي، في فيلا عمار
ضحك بسخرية ثم نظر لها و قال بإقتضاب
- هذا سخيف
نهض صفوان بفزع عندما سمع نداء والدته الذي يمتلأ بالهلع
- صفوان، تعال بسرعة.

إتسعت مقلتي صفوان بفزع عندما تذكر تركه لعائشة في المرحاض و انشغاله مع والدته، فهل هربت؟، اسرع كالمجنون للخارج حيث والدته، توقف و هو ينظر للمرحاض الفارغ و باب المنزل المفتوح، بينما قالت له والدته ما كان يخشاه
- انها ليست في المرحاض، و ايضا باب المنزل مفتوح، يبدو أنها هربت.

في فيلا أحمد فريد
دلفت نيروز لغرفة الطعام بخطوات غاضبة و
توقفت امام عمار الذي كان جالس ينال طعام الفطور، هتفت بضيق
- هل انت حقا تأكل!، كيف لك ان تاكل هكذا دون ان تشعر بالقلق على زوجتك التي لم تعد منذ الأمس؟
تجاهلها، لم ينظر لها حتى، بينما قالت غادة بذهول
- لم تعد حتى الان؟
اجابتها ميساء بقلق
- نعم، و هاتفها مغلق أيضا
- يبدو أنها تشعر بالخجل مما فعلته بي بالأمس
قالتها سارة بهدوء، و اردفت بلطف ل ميساء.

- اجلسي و تناولي طعامك، ثم اكملي محاولة الوصول اليها
تنهدت ميساء بإستياء و هي تومأ برأسها و تجلس، رمقت عمار بضيق ثم بدأت في تناول طعامها.

كانت عائشة تركض بكل سرعة تملكها، تريد أن تبتعد عن هذا المكان بأي طريقة لكي تعود للمكان الذي تنتمي له، الحانة، كم تشعر بالقلق من رد فعل رئيسها، من المؤكد انه يعتقد أنها هربت بعد تلك السنوات و من المؤكد أنه يبحث عنها، هي خائفة من أن يصل لأحد اقاربها التي لا تربطها بهم علاقة قوية، تعلم أن والدتها ليست في البلدة لذلك تشعر ببعض الراحة، هي لا تعتقد أنه سيستطيع أن يصل لأحدهم، و لكنها لا تضمن ماذا قد يفعل!، هي لا تريد أن يؤذى أحد بسببها، حتى إن كان شخص تعرفه من بعيد.

توقفت فجأة عن الركض و هي تضع يدها على عنقها، فقد تذكرت القلادة، إنها معه و هي لن تستطيع أن تترك القلادة و تغادر، إذا ماذا؟،
هل ستعود لذلك السجن بعد ان اتيحت لها الفرصة للهرب!، كم هذا مخيب للآمال.
كم تمنت أن يعود بها الزمن للخلف قليلا لكانت تراجعت عن الدراما التي فعلتها و اعطاء والدته القلادة، لكان الأمر مختلفا الان، ففرصة الهروب اتت لها و هي لا تستطيع أن تستغلها بسبب القلادة، بل بسبب غباءها.

اعادت رأسها للخلف باستياء و هي تلتقط انفاسها بعمق، ثم التفتت و عادت الطريق الذي سلكته.

كان صفوان يركض في الشوارع، لا يعلم اي طريق قد تكون سلكته عائشة، تملكه الخوف من فكرة عدم لحاقه لها، هكذا هو سيقع في ورطة صعب الخروج منها، و الأهم أن السيدة صفا ستحزن و بشدة، و هو لا يريد ذلك.
أصبح يسأل الناس المارة حوله عنها، و لكن لا آثر لها، و بعد بحث طويل نسبيا، تعالى رنين هاتفه فأخرجه من جيبه ليجيب على والدته و هو يلهث
- ماذا يا أمي؟
- انها عادت، تعال للمنزل
- ماذا؟

قالها بعدم تصديق، ثم اردف بلهفة
- حسنا، سأتي الان
ثم اغلق الخط و التفت ليركض، و ليصل لمنزله خلال عشرة دقائق.
دخل للمنزل و إتجه للغرفة التي يحتجز بها عائشة و هو يقول بحدة
- هل هي بالداخل؟
اجابته والدته بقلق
- نعم، ماذا تنوي أن تفعل معها؟
لم تتلقى منه إجابة
توقف صفوان أمام باب الغرفة و ركل الاخير بقدمه ليفتح بقسوة، نظر لعائشة التي كانت جالسة على الفراش بعينيه التي تشتعل بنيران الغضب و التي ستحرقها.

بينما رفعت عائشة نظراتها له بجفاء، و ظلت صامته، تراقب اقترابه منها ببرود، شعرت بغضبه الذي يجعل عينيه تلمع بطريقة مريعة، و لكنها لا تخاف.
كانت تتوقع ما سيفعله، سيجذبها من شعرها بقسوة و سيوبخها، و فعل.
قال صفوان بخشونة
- كم انتِ خبيثة، كيف استغليتي عدم انتباهي لكِ و هربتي، من الجيد انكِ عدتِ، فأنا لم أكن لأرحمك عند ارجاعك
رفعت زاوية فمها بتهكم و قالت بجفاء
- لم أعد بسبب خوفي منك، حسنا!
ثم اردفت بإقتضاب.

- و هيا اترك شعري
جذب شعرها أكثر و قال بتحدي
- و إذ لم أتركه، ماذا ستفعلين؟!
رمقته بتوعد، ثم مدت يدها و وضعتها على يده الممسكة بشعرها و قامت بخدشه بأظافرة بوحشية، فتألم و ترك شعرها، فأسرعت لتركله و لكنه كان سريع البديهة و تفادى ركلتها ليصبح هو المهاجم، فيلف ذراعه حول عنقها و يصبح خلفها، همس بجانبه اذنها بخشونة
- شرسة كالقطط و لكنك ستخسرين أمام الذئاب بالتأكيد
- انا لا اخسر ابدا.

قالتها بشراسة، فضحك بأستخفاف و همس بجفاء
- هذا جيد، فأنا سأكون حامل شرف خسارتكِ الاولى
ثم ركل قدمها من الخلف بقوة لتسقط و تجثوا على ركبتيها، فصرخت بغضب جامح و هي تحاول ان تبعد ذراعه الملتفة حول عنقها لتنهض
- اتركني أيها الوغد، سأقتلك صدقني
- متى ستتخلين عن عنادك هذا؟، الا تنوي الاستسلام؟
- لن اتخلى عنه ابدا، و لن استسلم لك و لا للذين تتبعهم، اتركني
قهقه بقوة ثم قال بتوعد.

- إذا أنا الذي سأجعلكِ تتخلين عن عنادك و تكبرك، سأجعلكِ تركعين أمامي هكذا عندما تريني، و سأكسر..
قاطعته عائشة عندما دفعت يده بعيدا و نهضت لتلتفت بحدة و تهتف
- هذا في أحلامك، فلا أحد يستطيع أن يجعلني أركع له
- صفوان، يكفي هذا
قالتها نيروز التي كانت تتابع ما يحدث بضيق و هي تقف عند باب الغرفة، كانت تشعر بالحنق من اخيها صفوان، فأسلوبه القاسي لم يروق لها ابدا.

تخطى صفوان عائشة و إتجه للباب حيث نيروز تقف، ثم اغلق الباب بالمفتاح و التفت للاخيرة التي كانت تقول بإستنكار
- ما هذا الأسلوب الذي تعامل به هذه الفتاة!، هذا أسلوب سيء، لا يروق لي و ليس من طباعك
نظر لها بعدم اكتراث و قال بفظاظة
- لماذا لم تغادري بعد؟، الم تقل لكِ الوالدة أن تغادري!
- هل تقوم بطردي الآن؟!
قالتها بحنق، فأجابها بصراحة
- نعم.

ثم التفت و إتجه لغرفته، و لكن قبل أن يصل للأخيرة سمع قول والدته التي كانت توجهه له
- أفعل ما قلته لك، و اليوم، فأنا لن اسمح بمكوثها هنا
زفر ضيق و هو يدلف لغرفته، صفق الباب بقوة ثم اتجه لكرسي مكتبه و جلس عليه، قام بتشغيل حاسوبه ثم موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك و فتح الرسالة التي وصلت له من زميله منذ نصف ساعة و التي كان مكتوب بها.

صفوان، لقد حدث تغيير في الخطة، السيدة ستصبح في البلدة غدا، سأحدثك مساءً لكي اعلمك بالتفاصيل
انهى قراءة الرسالة و هو يشعر بالسعادة و
الراحة، فهو أخيراً سيتخلص من ذلك العبء الذي جعلته سيدته أن يحمله، و لكن، هناك عقبة و هي، عائشة، كيف لها أن تقابل السيدة و هي مازالت بهذه الطباع السيئة!، فمن الممكن ان تسبب الألم للسيدة بلسانها السليط و وقاحتها، سيفكر الآن بشيء ليفعله، يجب أن يتوصل لحل معها، و لكن كيف؟!

بعد مرور بعض الوقت
في فيلا أحمد فريد
خرجت ميساء من غرفتها راكضة، لتتجه للسلم و هي تهتف بسعادة
- نيروز عادت، أخيرا قد عادت
نزلت درجات السلم بسرعة ثم إتجهت للباب
لتفتحه، فوجدت نيروز تقف امامها و قد كانت على وشك أن تطرق على الباب.
عانقتها ميساء بلهفة و هي تقول بعتاب
- أيتها الحمقاء، لقد جعلتيني اشعر بالقلق الشديد عليكِ و ايضا جعلتيني أعاني من الأرق
ثم ابتعدت عنها و تابعت بإنزعاج.

- كيف لكِ أن تذهبِ هكذا دون أن تخبري احدا منا؟، و كيف لا تجيبي على اتصالاتي؟
إبتسمت نيروز إبتسامة باهتة و تمتمت
- اسفة
حدقت بها ميساء لبرهه ثم قالت بقلق
- ماذا بكِ؟، هل هناك شيء؟
ثم اردفت و هي تجذبها لتدخل
- ادخلي الآن لتخبريني عن ما حدث و إلى اين ذهبتِ الأمس و قضيتي ليلتك.
ثم اصطحبتها لغرفتها.

في منزل عائلة نيروز
جلس صفوان على الأريكة المقابلة للفراش الذي تجلس عليه عائشة و التي كانت تنظر امامها بجمود، قالت بلهجة متهكمة و هي تنقل نظراتها له
- هل أتيت لتعتذر مني على ما فعلته أم ماذا؟!
تنفس بعمق و هو ينحني للأمام ليستند بمرفقيه على فخذيه، و قال بجدية
- سأتحدث في الامر مباشرةً
ثم أردف و هو ينظر لها بعمق
- أعلم انكِ تريدين ان تعودي للمكان الذي أتيت بكِ منه، لذلك، سأعرض عليكِ شيء.

اعتدلت في جلستها لتنظر له بإهتمام و تقول
- ماذا؟، ما هو العرض؟
- أريدكِ ان تتعاملي بلطف و وقار مع السيدة صفا عندما تعود غدا، فأنا سأخذك لها غدا و ستقيمين هناك معها، لذلك لا أريدكِ ان ترتكبي أي حماقة تجعلها تشعر بالسوء منكِ، و إذ فعلتي ذلك سأضمن لكِ عودتك لحياتك السابقة و عملك
ظلت تحدق به للحظات، ثم ابعدت نظراتها عنه لتفكر بعرضه بدقة، ساد الصمت لدقائق، ثم قالت عائشة بهدوء.

- عرض جيد و لكن، لدي شرط لكي أوافق
- ما هو؟
سألها و هو يعود بظهره للخلف، فقالت
- اعد لي قلادتي، الآن
- و لماذا تريدينها، الآن؟
- هكذا
اجابته بجفاء و هي تنقل نظراتها له، فقال
- يبدو أن هذه القلادة مهمة جدا لكِ
- نعم، مهمة بالنسبة لي
قالتها بنفاذ صبر و تابعت
- فهل لك ان تعيدها؟
- لدي شرط أولا؟
رمقته بإنزعاج و قالت
- ماذا؟
- سأعدها لكِ و لكن إذ لم تلتزمي باتفاقنا، ستخسرين قلادتك و فرصة عودتك، حسنا؟

تنفست بخشونة ثم قالت
- حسنا، هيا أعدها
و مدت كفها له، فنهض و اخرج القلادة من جيبه و وضعها في كفها ثم اتجه للباب، و قبل أن يغادر التفت لها و قال بمكر
- صحيح، تدربي جيدا فأنتِ لستِ بجيدة في التعامل الحسن
التفتت برأسها بهدوء و نظرت له ببرود ثم قالت بخبث
- من الجيد انك تعرفني
إبتسم بجفاء ثم غادر.

في فيلا أحمد فريد
في غرفة ميساء
بكت نيروز و هي تخبر ميساء بما حدث بالأمس، فلم يخبرهم عمار عما حدث بالكامل، و سارة ايضا.
ربتت ميساء على ظهر نيروز بحنان و هي تقول
- لا تبكي، فهذا أمر تافه لا يحتاج للبكاء، فما حدث قد انتهى، و انتِ أيضا تعلمين أن عمار يفعل ذلك لاغاظتك
- أعلم ذلك و لكنه غبي، عمار غبي لأنه يفعل ذلك مع تلك الخبيثة
قالتها نيروز و هي تزداد في البكاء، فقالت ميساء بحيرة.

- لماذا تسمين سارة بالخبيثة؟
أجابتها نيروز بحنق، دون أن تفكر
- لأنها تستغل ما يفعله عمار بي لمصلحتها، فهي تحبه، و هي تقوم بمنافستي عليه، تريد أن تحصل عليه، تريد أن تبعدني عنه لكي...
قاطعتها ميساء بعدم تصديق
- انتظري انتظري، أنتِ لا تتحدثين عن سارة التي نعرفها، صحيح؟
- بل هي
هزت ميساء رأسها و هي تتمتم بصدمة
- مستحيل
لم تصدق ميساء ما قالته نيروز عن سارة، ف.

سارة التي تراها دائما و التي عرفتها منذ عام و نصف، حنونة و ذات طباع حسنة، لم ترى منها أي تصرف سيء، او أي تصرف قد يظهر نوايا خبيثة لها، لذلك كان من الصعب عليها تصديق ما قيل.

ادركت نيروز ما قالته، فقد كشفت عن جزء من حقيقة سارة، و لكنها لم تندم، بل اكملت سرد كل ما حدث و كل الاحاديث التي دارت بينها و بين سارة لميساء التي شعرت بأنها تصفع بقوة، لم تكن تتخيل أن سارة قد تكون هكذا ابدا، هي لا تستطيع أن تكذب نيروز فهي صديقتها القديمة و المقربة و التي تثق بها أكثر من نفسها لذلك لم تشك في قولها ابدا و لكنها نوت أن تتحقق من أقوال نيروز.

في الشركة
في غرفة مكتب عمار
كانت سارة جالسة على الأريكة بجوار عمار الذي كان يتحدث مع غادة و التي أخبرته عن عودة نيروز.
شعرت سارة بالضيق بعد ان رأت ملامح عمار التي تغيرت للراحة بعد سماعه لهذا الخبر، هي كانت تعلم أن عمار كان قلق على نيروز جدا.
انهى عمار المكالمة ثم وضع هاتفه على الطاولة قبل ان ينهض و يقول ل سارة
- سأذهب للمرحاض ثم اعود.

اومأت سارة برأسها و تابعته بنظراتها حتى اختفى من امامها، فنقلت نظراتها لهاتفه، ثم مدت يدها و التقطته، ثم قامت بإرسال رسالة لنيروز من هاتفه، و الإبتسامة الماكرة تتراقص
على شفتيها.
و بعد أن تأكدت من وصول الرسالة، قامت بحذفها و اعادت الهاتف لمكانه.

تعالى رنين هاتف نيروز ليعلن عن وصول رسالة، مسحت دموعها و التقطته لتفتحه، فظهرت لها الرسالة و التي وصلتها من عمار، تسارعت دقات قلبها مع كل حرف تقرأه، و بعد ان انهت قراءتها صرخت بعدم تصديق و هي تقفز كالمجنونة، فسعادتها لا توصف.
كانت تتابعها ميساء بنظرات مندهشة، ماذا حدث لها لتتصرف هكذا فجأة؟!، عادت نيروز و جلست بجانب ميساء لتعطيها الهاتف و تقول وهي تلهث
- اقرأي هذا.

اخذت ميساء الهاتف و قرأت الرسالة و التي كان مكتوب بها
سأقابلكِ على الساعة الثامنة مساءً في المطعم الذي اخذتك له في اول موعد لنا، انتظرك
إتسعت مقلتي ميساء بدهشة و هي تشهق بعدم تصديق، اخيها عمار يريد أن يخرج بموعد آخر مع نيروز!
وضعت نيروز كفيها على وجهها و هي تضرب الأرض بقدميها و تقول
- لا اصدق، لا أصدق، عمار يريد أن نخرج معا!
ابعدت كفيها عن وجهها و هي تحدث نفسها بذهول.

- هل سامحني؟، هل سنعود كالسابق؟، نعم، هذا ما يقصده بطلبه!
التفتت برأسها و نظرت لميساء و سألتها
- صحيح؟
إتسعت إبتسامة ميساء و وافقتها
- اجل أجل
نهضت نيروز و بدأت في الرقص و ضحكاتها تملأ الغرفة، فشاركتها ميساء سعادتها، و اصبحت ترقص معها.

الساعة الحادية عشر مساءًا
عاد عمار للفيلا و معه سارة، كان عمار يشعر بالإرهاق فقد قام بالبحث عن شقة لسارة، فهي قد طلبت منه المساعدة و هو لم يستطع أن يرفض.
صعد السلالم و هو يشعر ببعض الألم في قدمه، وصل للطابق العلوي و انحرف يمينا ليصل.

لغرفته و يدخلها، سار للفراش و جلس عليه، ثم مد يده لأحد ادراج الكومود ليفتحه، اخرج عبوة الدواء و فتحها ليأخذ قرص، نظر من فوق كتفه لميساء التي دلفت للغرفة دون أن تطرق على الباب، قال بضيق
- لماذا لم تطرقي على الباب؟
إبتسمت بحرج و اعتذرت
- اسفة
ثم اردفت و هي تنظر حولها
- اين نيروز؟، في المرحاض؟
- لا اعتقد
أجابها بهدوء، ثم قام بأخذ دواءه، بينما قالت ميساء بإستنكار
- لا تعتقد!، الم تكن معها؟

- لِم قد أكون معها؟!
سألها بإستغراب و هو ينهض و يلتفت لينظر ل
ميساء التي قضبت جبينها و قالت بحدة
- الم تذهب لها؟
- اين؟
- انت قد ارسلت لها رسالة بإنتظارك لها في المطعم الذي اخذتها له في اول موعد لكما
هتف بذهول
- انا؟!، متى ارسلت لها تلك الرسالة؟!، و ايضا ذلك المطعم قد اغلق في العام الماضي و اصبح ذلك المكان منعزل بعض الشيء.

وضعت ميساء يدها على فمها بفزع و قد إتسعت مقلتيها لتلمع حدقتيها بقلق و خوف على نيروز التي بمفردها الآن في ذلك المكان.

كانت نيروز جالسة على المقعد الخشبي، تضم جسدها بذراعيها لتمنحه الدفئ، فالطقس بارد و هي لم ترتدي الملابس التي ستوقيها من هذا البرد القارص.
كانت تشعر بالخوف من هذا الهدوء المريب الذي يعم المكان، فعندما وصلت للمكان وجدت المكان هادئ و مظلم و ايضا لم تجد المطعم ذاك، فسألت السائق فأخبرها ان هذا المطعم قد اغلق.

و هذا المكان أصبح منعزل الآن و حذرها، و برغم ذلك، لم تعود و ظلت، ظلت لكي تنتظره، لا تريد أن تغادر فيأتي هو و لا يجدها.

فكرت، يبدو أنه لا يعلم أن ذلك المطعم الذي يحمل ذكريات اول موعد لهما قد اغلق، فهو من المستحيل أن يجعلها تأتي لمكان معزول كهذا عن قصد، و بمفردها، سمعت صوتها الباطن الذي استنكر من كلمة من المستحيل ، فعمار قد تركها سابقا في السوق و ايضا تركها بالأمس، فليس من الصعب عليه تركها الآن أيضا.

حاولت أن تطمئن نفسها، و أن تثق به، هي دائماً تثق به، و إلى الآن، فقط تتمنى أن يأتي، لا يهم كم تأخر و كم تشعر بالبرد و الخوف، فإن اتى سيعوضها عن كل ذلك.
أرادت أن تتصل به و لكنها خائفة من ان يقول لها لن اتي ، فحينها ستشعر بالتحطم أكثر..
لذلك ستنتظر.

تعالى صوت رنين هاتفها فرفعته لتنظر للشاشة فوجدت المتصل ميساء، فتسارعت دقات قلبها بخوف، هل تتصل بها لتخبرها أن تعود؟، هل علمت أن عمار لن يأتي لذلك تتصل بها الان؟، وضعت نيروز الهاتف على اذنها بتردد، و انتظرت سماع صوت ميساء القلق
- نيروز، هل مازلتِ هناك تنظرين عمار؟
اجابتها نيروز بخفوت
- نعم
- اذهبي يا نيروز لل...

لم تستمع نيروز لنهاية قول ميساء بسبب هاتفها الذي نفذت بطاريته، نظرت للهاتف باستياء ثم نظرت لساعة يدها فوجدتها وصلت لمنتصف الليل، رفعت رأسها و نظرت حولها، فالوقت قد تأخر و لا يجب عليها أن تنتظره هنا أكثر..
فقد انتظرته لأربع ساعات و لم يأتي و ايضا ميساء أخبرتها أن تغادر، إذا، لماذا جعلها تتذوق تلك السعادة التي ستألمها في النهاية، هل هو يريد أن يحطمها بالكامل؟!

نهضت و هي تضع الهاتف في حقيبتها و ترتديها، نظرت امامها و هي تلتقط انفاسها بقوة ثم سارت لتذهب للشارع العمومي حيث يوجد سيارات أجرة لتقلها.
توقفت عند المحطة و جلست على المقعد الخشبي الذي خلفها و هي تنتظر مجيء أي سيارة أجرة لتعيدها، و لكنها انتظرت كثيرا، فلم تعبر سيارة واحدة حتى، مسحت وجهها بكفها ثم رفعت خصلات شعرها بإنزعاج و هي تجول بنظراتها حولها.

كانت تنازع دموعها التي تخنقها و التي تألم حلقها، لم تود أن تبكي، لم تود أن تكون مثيرة
للشفقة أكثر أمام نفسها، فصورتها امام نفسها اصبحت محطمة الآن، أخذت تلتقط انفاس متتالية لتتخلص من اختناقها ذاك.
نهضت و سارت في طريق لا تعلم إلى اين سيوصلها، و لكنها ستكمل السير فيه فلعلها تجد احدهم ليساعدها على الخروج من هنا.

توقفت عندما سمعت صوت سيارة آتية، و التفتت، إتسعت مقلتيها بصدمة و عدم تصديق و هي تتابع اقتراب سيارة عمار منها، لا تصدق!، هل اتى اخيرا؟!
توقفت سيارة عمار امامها ثم ترجل الأخير، تقدم منها بخطوات سريعة، متلهفة، كانت ملامح وجهه حادة و هو يصرخ بها.
- لماذا اتيتِ الى هنا بمفردك؟، هل انتِ حمقاء أم مجنونة لكي تأتي لمكان منعزل كهذا و تظلين لمنتصف الليل!

ظلت تحدق به و مقلتيها تمتلأ بالدموع، تشعر بالسعادة لأنه اتى، و الحزن و الاستياء منه لأنه تأخر في المجيء لها، تريد أن تصرخ به و توبخه لأنه تركها تنتظره كل هذا، و في نفس الوقت تريد أن تعانقه و تشكره لأنه اتى و لم يخذل ثقتها به.
سريعاً، قد خضعت لرغبتها الثانية، فقد القت بجسدها بين احضانه لتدفن وجهها في صدره و دموعها تسيل على وجنتيها بإستسلام و كأنها كانت تنتظره هو لتسيل دون محاربة منها.

شعر عمار بالذهول و الإرتباك من رد فعلها، بلع لعابه و ضغط على قبضته بقوة و هو يستمع لصوتها الباكي، السعيد
- شكرا لمجيئك، شكرا لك حقا
اخذ نفسا عميقا قبل ان يبعدها عنه بعنف ليظل ممسكا بكتفيها بقسوة و هو يقول بغضب
- اتعلمين اشعر اني أريد أن أصفعك الآن، فأنتِ اتيتِ لهنا بمفردك، و انتظرتي لهذا الوقت المتأخر و...
نظرت له بحدقتيها الرماديتين التي تلمع بالبراءة التي تسرق قلبه، و قاطعته.

- لقد أتيت من اجلك، انت من أخبرتني أن اتي و انتظرك فلماذا تصرخ علي و توبحني؟!
تركها و هو يلتقط انفاسه ليهدأ، ثم قال
- حسنا، سأفترض اني دعوتك إلى هنا، كيف لكِ أن تنتظريني لهذا الوقت المتأخر؟، الم تشعري بالخوف؟
مسحت وجنتها بظهر كفها بإهمال، ثم قالت بمرارة
- بل شعرت بالخوف و لكن ثقتي بك و رغبتي في مجيئك كان اكبر، فأنا لم أرغب في ان اضيع هذه الفرصة، فرصة اقترابي منك و بقائي معك.

بلعت لعابها و تابعت بصوت متحشرج
- انتظرتك لأني ظننت أن هذا اللقاء سيعيد الأمور لمجاريها، و سنعود انا و انت كما كنا سابقا
جاءها رده البارد على مسامعها بقسوة
- لن نعود كالسابق ابدا
اظلمت حدقتيها ليتغير لونهما و تمتلأ بالحزن، بينما دب الغضب في صدرها لتهتف بقهر و غضب
- إذا لماذا ارسلت لي تلك الرسالة مادمت لن تعود لي؟، لماذا جعلتني اتأمل و انت لا تنوي العودة؟، لماذا جعلتني انتظرك؟

تراجع للخلف بضع خطوات و هو يضع كفيه في جيوب بنطاله، ثم قال بجفاء قاسي
- انا لم اجعلك تنتظريني، بل انتِ التي فعلتي ذلك من نفسك، و ايضا لا تشعريني اني قمت
بزرع أمل بداخلك لعودتنا، فأنتِ تعلمين جيدا انكِ انتِ التي تسيرين خلفي و تريدين العودة و انتِ أيضا التي تقومين بإعطاء نفسك آمال كاذبة، فلا تعاتبيني الآن، فهذا خطأك انتِ.
سالت دموعها على وجنتيها كالشلالات، و اخرجت حروفها من بين شفتيها بعجز.

- أعلم أن هذا خطئي، اعلم اني أسير في طريق لا نهاية له و لا وجود للراحة فيه، طريق مليء بالجروح و الإهانة فقط، و لكن ماذا افعل؟، لا أستطيع العودة من الطريق الذي سلكته، و السبب هو حبي لك، حبي اللعين..
اعاقتها دموعها عن الإكمال لذلك صمتت للحظات، فقال عمار بجمود
- إذا، هل تريدين الطلاق؟
جفت دموعها فجأة و اشتعلت حدقتيها بإنزعاج، لتهتف بحدة.

- انا لا أريده، و لكن انت الذي تريده لكي تكمل حياتك مع سارة، صحيح؟، هذا سبب رغبتك في الطلاق!
- سارة!
قالها بدهشة، لم تستمع له و تابعت بحسم
- انا لن اسمح لك بأن تقع في فخ تلك الخبيثة، و لن أتركك لها ابدا، لذلك سأظل معك و بجانبك و لن ابتعد عنك ابدا
- إذا عليكِ أن تتحملي ما سيحدث مستقبلا
قالها عمار بتحذير، فقالت
- لا تقلق علي، سوف أتحمل
- من قال إني قلق عليكِ!

قالها بجفاء ثم تركها و اتخذ مكانه خلف المقود، فرفعت خصلات شعرها بإنزعاج و هي تتابعه بنظراتها، ثم التفت حول السيارة لتتخذ مكانها بجانبه.
كان الصمت سيد الموقف، فكلاهما صامتان، قطعت ميساء ذلك الصمت بإتصالها بعمار الذي اعطى الهاتف ل نيروز، فأجابت الأخيرة على ميساء التي كانت تقول بلهفة قلقة
- عمار، اخبرني، هل وجدت نيروز؟، هل هي معك الان؟
اجابتها نيروز
- نعم، انا معه الآن.

- نيروز، لماذا اغلقتِ الخط ثم الهاتف؟، لقد قلقت عليكِ
- قد نفذ شحن الهاتف لذلك اغلق، و اسفة لجعلك تقلقين علي
- سأقبل اعتذارك عندما تعودي لي و تتلقين ضربا مبرحا مني
قالتها ميساء بشراسة، فضحكت نيروز بخفة ثم قالت
- موافقة، و اسفة مرة أخرى.

ثم انهت المكالمة و اعادت هاتف عمار له، عادت لتنظر من خلف الزجاج و هي ترجع رأسها للخلف، ثم إرتسمت على شفتيها إبتسامة ممتنة، هي حقا تشكر ربها على ميساء التي تجعلها تشعر بأن هناك من يريدها في هذه الحياة، من يهمه امرها، من يقلق عليها، فوجود شخص ك ميساء بجانبها، يريحها.

بعد ان انهت ميساء المكالمة نظرت ل غادة التي قالت
- ميساء، هيا اخبريني، هل وجد عمار نيروز؟
نظرت لها ميساء و اجابت براحة
- نعم، وجدها و هي معه الآن
- جيد
قالتها غادة بإطمئنان، بينما نقلت ميساء نظراتها لسارة التي كانت جالسة على الأريكة و يبدو على ملامحها الانزعاج، فسألتها بخبث باطن
- سارة، ماذا بك؟، فماذا لستِ سعيدة بإيجاد عمار لنيروز؟
نظرت لها سارة و رسمت عل شفتيها إبتسامة مزيفة و هي تنفي قول ميساء.

- بالطبع سعيدة لإيجاده لها، كيف لا أكون سعيدة؟!
هزت ميساء كتفيها و هي تحدق بسارة للحظات، ثم نظرت لغادة و هي تقول
- هناك شيء غريب يا أمي
- ما هو؟
سألت غادة، فأجابتها ميساء و هي تراقب سارة بالخفاء
- عندما عاد عمار و سألته عن نيروز، لم يكن.

يعلم انها ليست موجودة هنا و لم يكن يعلم أن هناك موعد لهما، و هو ايضا لم يرسل لها تلك الرسالة، لذلك انا اعتقد ان هناك احدهم فعل ذلك لكي يجعل نيروز تذهب و تنتظره، و من المؤكد أن ذلك الشخص يعلم انها ستنتظره في ذلك المكان الخالي حتى إذ تعدى الوقت منتصف الليل
عقدت غادة حاجبيها و سألت بحيرة
- و من له أن يفعل ذلك؟
- لا أعلم
قالتها ميساء، ثم اتاهم صوت سارة الهادئ.

- لا اعتقد ان اعتقادك هذا صحيح يا ميساء، فلا أحد له مصلحة ليفعل ذلك
نقلت ميساء نظراتها ل سارة التي قابلت نظراتها بنظرات ثابتة، إبتسمت ميساء و قالت
- الله أعلم من له مصلحة في ذلك
هزت سارة رأسها ثم نهضت و قالت
- سأصعد لغرفتي، فأنا اشعر بالتعب بسبب بحثِ عن الشقة طوال اليوم
- لن تنتظري مجيء نيروز و عمار؟
قالتها ميساء، فأجابتها سارة بإختصار بارد
- سأراها صباحا.

ثم التفتت و غادرت، فضيقت ميساء عينيها و هي تشعر بالشك ناحية سارة، فكرت، هل سارة وراء ذلك؟، هل هي التي ارسلت الرسالة من هاتف عمار؟، و لكن لماذا؟، اجابتها كلمات نيروز التي قالتها لها سابقا
- انها تستغل ما يفعله عمار بي لمصلحتها، فهي تحبه، و هي تقوم بمنافستي عليه، تريد أن تحصل عليه، تريد أن تبعدني عنه
نقلت نظراتها امامها بشرود و هي تتذكر ملامح سارة الذي ظهر عليها الصدمة و الضيق عندما.

علمت أن عمار ذهب لنيروز، فهل كانت تنوي أن تجعل نيروز تنتظر عمار دون أن يعلم الأخير حتى!
فكرت ميساء انها هي التي افسدت خطة سارة، تنفست بعمق و هي تعيد رأسها للخلف، ثم طبقت جفونها و هي تشعر بالحيرة و الخوف، فهي لا تريد أن تظلم سارة بظنونها الغير مؤكدة، فقد لا تكون هي الفاعلة.

في غرفة سارة
كانت سارة تجوب الغرفة ذهابا و إيابا بغضب، فقد فشلت خططها هذه المرة أيضا، لم يكن يجدر بعمار أن يعلم بأمر الرسالة و انتظار نيروز له، فقد كانت تنوي أن تجعل الاخيرة تنتظر لوقت
متأخر، هي كانت متأكدة انها ستنتظره حتى إذ تأخر الوقت فنيروز ستظن أن هذه الرسالة بصيص أمل لعلاقتهما، لذلك ستنتظر.

القت بجسدها على الأريكة بعنف لتجلس و تنحني قليلا بجسدها لتسند مرفقيها على فخذيها، بينما خللت اناملها بين خصلات شعرها و اصبحت تجذبه بقوة، اظلمت حدقتيها بطريقة مخيفة و هي تفكر في ميساء، فالاخيرة هي التي كانت سبب فشل خططها، طبقت جفونها بقوة و هي تلتقط انفاسها بعمق و تترك خصلات شعرها، هي الآن تحاول أن تتمالك نفسها، فهي لا تريد أن تغضب، فقد يدفعها غضبها لتصرف يهدم كل ما فعلته في العامين السابقين حتى الآن.

لذلك نهضت و سارت للكومود لتفتحه و تخرج عبوة الدواء الذي فور اخذها له سيجعلها تهدأ ثم تنام.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة