قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الثامن عشر

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الثامن عشر

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الثامن عشر

أمام منزل عائلة نيروز
كان صفوان جالس على المقعد الخشبي الذي كان يقع جانب مبنى منزله مباشرةً، كان ينظر امامه بثبات و هو غارق في تفكيره.
فاليوم أشياء كثيرة اتضحت امامه و ظنون خاطئة قد تصححت لديه بشأن عائشة.
فهي في الحقيقة ليست بالشخصية التي تظهرها،.

و ما جعله يدرك ذلك ما رأه بعينيه و قول الطبيب، فقد طلبت صفا من الطبيب أن يكشف على ابنتها لكي تتأكد من سلامتها، استخف صفوان لوهلة حينها بطلبها فهو و صفا يعلمون انها كانت تعمل في ذلك الحانة و الوظيفة التي تقوم بها عائشة معروفة.
لكن ما قاله الطبيب قد جعله يشعر بالصدمة، لم يكن يتوقع قوله ابدا و ايضا صفا، لكن صفا تخطت صدمتها سريعا لتشعر بالسعادة و الراحة لأن ابنتها نظيفة و مازالت عذراء!

من كثر تفكيره استنتج أن هناك سر خلف كل ما حدث، منذ السبع سنوات، هناك أسرار و الغاز امامها الآف علامات الاستفهام فمثلا، ماذا حدث في الماضي لكي تترك عائشة والدتها؟، هل هناك شيء مختلف عن ما يعرفه و عن الذي قالته له صفا!، لماذا عائشة تكره والدتها بهذا الشكل؟ و ايضا خالتها؟، ما سبب عمل عائشة في تلك الحانة؟
أصبح الآن يربط كل حدث بحدث آخر لتتكون في النهاية أسئلة كثيرة لا وجود إجابة واضحة لها.

تعالى رنين هاتف صفوان فأخرجه من جيبه فوجد المتصل والدته، فعلم انها تتصل لكي تطمأن عليه و لكي تسأله متى سيعود، لذلك لم يجيب و نهض لكي يصعد للمنزل.

أشرق شمس يوم جديد لتسرع كلا من ميساء و نيروز للذهاب إلى المستشفى.
قبل ذهابهم اتصلت ميساء بعمار لتسأل إذ كان هناك أي تحسن لحالة والدها، فأخبرها عمار بصوت متعب انه لا يوجد أي تقدم او تحسن في
حالة والدهما، و أعلمها بإن الاخير سيخضع لعملية في القلب بعد ساعات.

حاولت نيروز أن تطمئن ميساء بقولها أن والد الأخيرة سيصبح بخير و أنها يجب أن تكون قوية، حاولت على قدر المستطاع أن تساندها و تواسيها برغم ما تعانيه هي من أرق و خوف على والد زوجها و صديقتها.
بعد مرور فترة وجيزة وصلت ميساء للمستشفى و معها نيروز التي فكرت بأن تحضر مشروبات ساخنة من مقهى المستشفى للجميع، لذلك سبقتها ميساء للأعلى حيث والدتها و عمار و سارة.

وصلت ميساء للطابق الثاني حيث والدتها، القت التحية الباهتة على الجميع ثم جلست بجانب الأخيرة و سألتها
- متى سيدخل والدي لغرفة العمليات؟
- بعد نصف ساعة
اجابتها والدتها بصوتها الذي ضعف بسبب كثرة البكاء، فهزت ميساء رأسها ثم صمتت ليبدأ لسانها بالدعاء و الابتهال، و ايضا غادة.
فجأة حدث اضطراب في الأوساط حيث أصبحت الممرضات و الأطباء يسرعون لغرفة أحمد بعد ان وصلهم إنذار من احدى الممرضات التي كانت معه بالداخل.

قلق عمار و الجميع و هم يرون هذا الاضطراب المريب الذي يحدث، لا أحد يعلم ماذا يحدث بالداخل ليحدث هذا الاضطراب!، حاول عمار ان يسأل احدهم لكنهم لم يعيروه أي اهتمام.
- اللعنة، ماذا يحدث بالداخل؟!
هتف بها عمار بغضب نابع من خوفه و توتره، فأقتربت منه سارة و ربتت على كتفه بلطف
- اهدء يا عمار و انتظر، ستعلم الآن و لكن تحلى بالصبر أولا.

نظر لها من فوق كتفه و اومأ برأسه ثم تنفس بقوة ليهدأ من نفسه، و بعد دقائق خرج رئيس الأطباء لهم، فأسرع له الجميع ليلقون عليه الأسئلة بلهفة و خوف، فتلقوا منه الأجابة
- لقد تعرض المريض لجلطة، فقد ضعفت عضلة القلب لديه و أدى ذلك إلى الوفاة مباشرةً، فلم نستطع إنقاذه.
قال الطبيب كلماته الأخيرة و هو منكس الرأس بأسف، بينما سقطت كلماته على مسامعهم كالسكين الحادة، و قد اصاب الجميع الصدمة.

تراجعت غادة للخلف لتجلس و الصدمة القاسية مسيطرة عليها، ثم أصبحت تتمتم بعدم تصديق
- أحمد غادر!، هل تركني حقاً!، أحمد، لا، مستحيل
ثم دوت منها صرخة ألم يليها صيحة تمزق القلب لها، فأسرعت لها ميساء التي كانت تجهش
بالبكاء، فنظرت لها غادة و قالت من بين شهقاتها
- صحيح يا ميس ما سمعته!، والدكِ غادر!

لم تستطع ميساء بأن تنطق بحرف، فقط زادت من بكاءها، فنقلت غادة نظراتها لعمار ثم نهضت فلم تكد أن تقف على قدميها حتى هوت أو كادت، و اسندتها ميساء سريعاً، فهتفت غادة ليصل صوتها لعمار
- عمار، قل إن والدك مازال حي، قل ذلك، قل
صرخت بالأخيرة بغضب ممزوج ببكائها المهلك، فنظر لها عمار و سريعا ما أشاح بوجهه عنها، فلم يستطع تحمل رؤية والدته بهذا الإنهيار.

استغرقت نيروز بعض الوقت لكي تجلب المشروبات الساخنة بسبب الإزدحام، عقب اخذها لطلبها إتجهت للمصعد، توقفت امام
المصعد الكهربائي و ضغطت على الزر ليصل لها خلال ثواني، ولجت لداخله و ضغطت على الزر الذي يحمل الرقم 2 ليصل خلال ثواني للطابق المطلوب، فور خروجها من المصعد سمعت صيحة غريبة ملأت جو المستشفى الهادئ، و في نفس الوقت كانت مألوفة.

اضطربت دقات قلبها و ملأها القلق و الخوف من إذ كان حدسها صحيح، اسرعت بخطواتها الحذرة في الممر الطويل لتنحرف يمينا و تقف فجأة، سقطت حاملة الأكواب من يدها فتناثرت المشروبات الساخنة على الأرض الرخامية.
فرؤية نيروز لصياح غادة و انهيارها و بكاء ميساء بجانبها جعلها تتأكد من أن أحمد قد مات، لكن لحظة، اين عمار؟، أسرعت لتبحث بنظراتها عن الأخير و هي تشعر بالقلق عليه، فمن المؤكد أنه منهار.

فوجدته كما توقعت فعلاً، جالس على الكرسي يخفي وجهه بين كفيه، كانت تنوي أن تذهب له و تواسيه، أن تحتضنه و تخفف عنه حزنه لكن كل ذلك تراجعت عنه سريعاً بعد رؤيتها لسارة التي كانت تفعل ما أردات هي فعله.
فتراجعت بضع خطوات للخلف، ستنسحب فلا مجال الأن للمشاجرة من أجل اخذ سارة لدورها، فالحزن الذي يعم المكان أكبر من الحزن الذي يملأ صدرها لعدم احتلالها لمكان سارة بجانبه.

ظلت واقفة مكانها، تنقل نظراتها بين الجميع، لا تعلم أتتقدم أم تظل في مكانها!، لم تفكر، ظلت مكانها تبكي بمفردها حزناً على موت ذلك الرجل الطيب الذي غادر هذه الحياة.

في فيلا صفا
دلفت صفا و خلفها الخادمة التي تحمل صينية الطعام لغرفة عائشة التي كانت مازالت نائمة، أمرت صفا الخادمة بالإشارة أن تضع الصينية على الكومود و تغادر، فنفذت الخادمة.
اقتربت صفا بكرسيها من فراش عائشة، مدت كفها لتملس على شعر الأخيرة بلطف، في حين تقول بصوت حنون
- عائشة، عزيزتي، بجعتي هيا استيقظي، كفاكِ نوم
رفرفت عائشة بجفونها ثم فتحتهما، تجولت بنظراتها حولها بتشتت ثم تركزت على والدتها.

اعتدلت لوضع الجلوس و هي صامتة، بينما قالت والدتها
- صباح الخير يا جميلتي، لقد أحضرت لكِ طعام الفطور هنا، هيا لتتناوليه
لم تتلقى أي اعتراض أو رد فعل عنيف اعتيادي من عائشة، لذا بدأت صفا في دس الطعام في فم عائشة برفق، فتتناوله الأخيرة بهدوء و إستسلام.

مساءً
كانت عائشة جالسة على فراشها، تنظر للباب و كأنها تنتظر مجيئ احدهم، و هي كذلك بالفعل.
كانت تنتظر مجيئ صفوان طيلة الوقت، لا تعلم ما السبب المباشر خلف انتظارها له، هل لتشكره؟، لا، حسنا هل لتلومه؟، أيضا لا، إذا لماذا؟
لا إجابة لديها، فقط تريد أن تراه، هي ممتنة له لأنه جاء في الوقت المناسب لينقذها، ليحميها من العذاب التي كانت تتعرض له، لكن إمتنانها
هذا لن يخرج خارج فمها ابدا.

و ها قد وصل من انتظرته، تألمته و هو يتقدم منها بخطواته الحازمة، توقف صفوان أمام فراشها ناظراً لها بثبات.
- هل اصبحتِ بخير؟
سألها بعد ان اخفض رأسه، فأجابته بفظاظة لا تعلم من اين اتت بها فجأة
- كنت بخير قبل رؤية وجهك
لم يتفاجئ من رد فعلها الفظ و العنيف بعض الشيء، صمت لبرهه ثم قال بنبرة اسفة
- أتيت إلى هنا لكي اعتذر منكِ عما حدث تلك الليلة، كان هذا خطئي، كان يجب أن أهتم بعملي أكثر و أن اظل يقظ لكِ فقط...

أشاحت بوجهها عنه بإقتضاب و صمتت، بينما بداخلها كانت تقول
- لا تعتذر، فأنت لست مخطئ، انت انقذتني،
شكراً لك
اردف عمار و هو يعيد نظراته لها بحذر
- سأغادر الأن، و اسف مرة أخرى
ثم التفت و غادر، في حين تابعته عائشة بطرف عينيها.

عاد الجميع من المقبرة و قد ارتدت النساء اللون الأسود، و استقر الحزن العميق في هذه العائلة.
كانت كلا من غادة و ميساء يجهشان بالبكاء و هما يتذكران لحظات أحمد السعيدة التي تجمعهم به.
أما عمار فقد كان يتلقى التعازي من الأشخاص الذين أتوا خصيصاً من أجل تعزيته بوالده.
لقد كان عمار من لحظة اخذ والده للغسل حتى دفنه تحت التراب و ايضا لهذه اللحظة خلقا.

بالإعجاب حقا. كان رزينا مكسورا مع ذلك، لكنه متماسك ﻷجل والدته و أخته.
كانت نيروز ايضا تشاركهم في حزنهم و بكائهم و لكنها كانت أقل منهم بكاءا و ذلك من أجل مساندتهم جميعا، فلعلها تخفف من الحمل الثقيل على عمار.
ثم مرت ايام العزاء الثلاث دون أن يحدث احتكاك مباشر بين عمار و نيروز.

في عصر اليوم الرابع
انتهت نيروز من وضع الملابس التي ستحتاجها داخل حقيبة السفر ثم اغلقتها و انزلتها من فوق الفراش لتجرها خلفها، و قد خرجت من غرفتها و إتجهت لغرفة غادة.
دلفت لغرفة غادة بعد ان طرقت على الباب، وجدت ميساء عند والدتها كالعادة، اوقفت حقيبتها جانبا ثم تقدمت منهم و هي تقول
- سأغادر الآن
نهضت ميساء لتتقدم منها بينما نظرت لها غادة
- حسنا، عندما تصلين اخبرينا لنطمأن على عمتك.

قالتها ميساء بصوتها الضعيف، فأومأت نيروز برأسها و قالت بصدق
- لم أكن انوي أن اترككم في هذا الوقت الحرج ابدا لكن حادث عمتي اجبرني
ربتت ميساء على كف نيروز الذي بين كفيها، و قالت
- نعلم جميعاً ذلك، اذهبِ لعمتك فهي بمفردها في فرنسا و تحتاج لكِ، اتمنى ان تتحسن حالتها
- اتمنى انا ذلك أيضا
قالتها نيروز بتمنى، ثم عانقا الاثنين بعضهما ثم إتجهت نيروز للباب لتأخذ حقيبتها و قبل أن تغادر سمعت قول غادة.

- تصلين بالسلامة
نظرت لها نيروز و إبتسمت ثم غادرت.
نزلت نيروز السلالم و خلفها الخادمة تحمل لها الحقيبة، قابلت نيروز سارة في منتصف السلم، لم تكن تنوي أن تقف أو تتحدث معها و لكن عندما اعاقت سارة طريقها وقفت مجبرة.
نظرت لها نيروز بجفاء، بينما تقدمت منها سارة و همست و هي تنظر لحدقتي نيروز بمكر.

- اذهبِ إلى فرنسا يا عزيزتي، و لا تعود إلا بعد شهر، شهرين، سنة، فبعد رحيلك سأحصل على عمار، و عندما تعودين لن تجديه لكِ بمفردك.
انهت سارة جملتها بقبلة هواء موجهه لنيروز..
ثم غادرت، لم تكترث نيروز لقول سارة، اكملت نيروز نزولها ثم إتجهت لغرفة مكتب عمار الذي لا يخرج منها إلا إذ غادر الفيلا ليقوم بأي عمل.

وصلت أمام بابه و طرقت الباب و هي تتمتى أن تجده بالداخل فهي لا تريد أن تسافر دون أن تراه، دلفت فوجدته لذا إبتسمت، تقدمت منه و هي تقول بإرتياح
- ها انت اخيرا
رفع نظراته لها ثم اعادها للأوراق التي امامه، في حين اردفت نيروز و هي تقف أمام طاولة المكتب
- لم استطع ان اتحدث معك في الثلاث الأيام الذين مضوا ابدا، و ايضا اليوم، هل تعلم اني سأسافر؟!
رفع رأسه و نظر لها بتساؤل، فتابعت.

- فجر اليوم اتاني اتصال من فرنسا ليخبروني أن عمتي اسماء تعرضت لحادث سيارة منذ أسبوع و حالتها سيئة جدا و لم تتحسن للآن
قضب عمار حاجبيه و سأل
- كيف حدث هذا؟، و لماذا لم يخبروكِ بعد حدوث هذا مباشرةً؟!
- لانهم لم يستطيعوا أن يصلوا لي أو لصفوان إلا الآن، فما يبدو ان هاتفها قد تحطم أثناء الحادث و استغرقوا وقت إلى أن عثروا على أحد زملائها.
هز رأسه ثم سألها
- إذا متى ستعودين؟
- هل ستشتاق لي!

قالتها لمشاكسته لعلها تخرجه من أجواء العمل و الحزن، لكنها فشلت، فهو تجاهلها، رن هاتفها فأخرجته من حقيبة يدها و وضعته على اذنها لتجيب على إتصال صفوان
- هل وصلت يا صفوان؟
- نعم، انا في الخارج هيا اخرجي
- حسنا، ثواني و سأخرج
- حسناً
انهت المكالمة و عادت لتنظر لعمار الذي قال
- هل سيسافر صفوان معكِ؟
- نعم، و قد انتهى من تدبير تجهيزات السفر
- جيد
تأملته لبرهه ثم إبتسمت و هي تقول بحنو.

- سأغادر الأن، احرص على أن تشتاق لي، حسناً؟
صمت هو ايضا لثواني بعد قولها، ثم قال بجدية
- انتبهي على نفسك، و طمأنيني على عمتك
تنفست بعمق ثم تمتمت
- حسنا، وداعاً
هز رأسه ثم عاد لينظر لأوراقه هاربا من.

نظراتها الحانية الحزينة، مسحت نيروز دمعتها التي سالت على وجنتها ثم التفتت و غادرت، فعاد عمار ليرفع رأسه و ينظر لأثر مغادرتها و هو يشعر بشعور غريب يجتاحه، شعور يكرهه، و هو ذلك الشعور الذي يشعر به عند تركها له.

لا ينكر ابدا ان وجودها في هذه الأيام الثلاث ساعده كثيرا فهو كان يرى و يعلم بما تفعله لتخفف من الحمل عليه، من توليها لأمر أخته و والدته و الاهتمام بهما حتى الاهتمام به، هي تعتقد أنه لا يعلم بأنها هي التي كانت تعد له القهوة و تضعها له في مكتبه قبل دخوله له بدقائق، و الشطائر ايضا هي التي كانت تضعها له و تحرص على مراقبته و هو يتناولها على فترات متفاوتة.
بالمختصر، سيفتقدها و بشدة، حتى و إن لم.

يكن يرغب بها في حياته فهي مهمة جدا بالنسبة له و حتى إن أنكر ذلك، و برغم المسافات التي بينهم، وجودها بجانبه و في نفس المكان الذي هو فيه يشعره بالطمأنينة.

بعد مرور شهر و نصف، عاد كلا من نيروز و صفوان و معهما اسماء التي تحسنت حالتها.
لم يستطع صفوان و نيروز أن يتركاها بمفردها في فرنسا خاصا بعد الحادث الذي تعرضت له و الذي كان من الممكن أن يفقدها حياتها، لذا اصطحبوها معهم ليتناوبوا في الاهتمام بها و ستساعدهم والدتهم ايضا.
في سيارة صفوان، كان الأخير يتحدث على الهاتف مع والدته ليعلمها ما الذي سيفعلونه الآن
- سأوصل نيروز لمنزل زوجها ثم سأتي انا و.

عمتي لمنزلنا
اعترضت اسماء
- لا، أريد أن أذهب إلى منزلي
و اعترضت نيروز ايضا
- و انا سأتي معكم اليوم و غداً سأذهب لمنزل زوجي
نظر لهما صفوان بصرامة ثم قال بحزم
- اعتراضكم مرفوض حسنا
تمتمت نيروز و اسماء بإنخضاع بعد ان شعروا بلهجة صفوان الحازمة التي لا تتطلب جدال.

انهى المكالمة مع والدته لكي تذهب الأخيرة و تجهز غرفة ل اسماء، و ما هي إلا نصف ساعة حتى أوصل صفوان نيروز امام فيلا زوجها عمار ، فترجلت بعد ان شكرته و ودعت اسماء.
أثناء هذه السفرية عادت روابط الأخوة بين نيروز و صفوان كما كانت سابقاً، فقد جلسا مع.

بعضهما أكثر من مرتين ليشرح كلا منهم للآخر رأيه في موضوع نيروز و عودتها لعمار، و قد تفهم صفوان جيدا أخته لذا عاد عن قراره و قسوته معها، فلم يعد هناك إلا والدتهما.

دلفت نيروز للفيلا و توقفت للحظات لتستنشق الهواء بقوة، كم اشتاقت لرائحة هذا المكان، و للأشخاص الذين فيه، سألت الخادمة بعد ان رحبت بها
- اين الجميع؟
اجابتها الخادمة
- السيدة ميساء في الاعلى بغرفتها، بينما السيد عمار و السيدة غادة و معهم السيدة سارة غادروا منذ فترة وجيزة
هزت نيروز رأسها ثم قالت بمرح
- حسنا، سأصعد الآن لميساء لأفاجئها بعودتي.

إبتسمت الخادمة ثم أتاحت لنيروز الطريق لتصعد السلم و تتجه لغرفة ميساء.
كانت ميساء مستلقية على بطنها فوق الفراش، منشغلة بقراءة احدى الكتب، فلم تشعر بدخول نيروز الخفيف، التي تقدمت للداخل حتى توقفت على الجانب الأيمن للفراش، انحنت لتنظر لما تقرأه ميساء بتعمق هكذا، ثم همست بجانب إذن الأخيرة
- كيف حالك يا جميلتي؟!
انتفضت ميساء بفزع و هي تصرخ، ثم إتسعت مقلتيها بعدم تصديق عندما رأت نيروز تقف امامها تقهقه.

- نيروز!
تمتمت بها ميساء بذهول و سريعا ما قفزت لتنزل من فوق فراشها و تعانق نيروز بقوة
لتشبع اشتياقها لها.
- قد عدتي اخيرا، اشتقت لكِ يا فتاة
قالتها ميساء بحماس و اشتياق، فإبتسمت نيروز و هي تبتعد، و قالت
- انا ايضا، كيف حالك من دوني؟
ضحكت ميساء و هي تجيب بمزاح
- كدت اقتل نفسي في بعدك
ضحكت نيروز هي الأخرى، ثم اردفت ميساء
- عمتك، تركتوها بمفردها؟
- لا، إنها اتت معنا، و سيأخذها صفوان لمنزلنا.

همهمت ميساء بلطف، ثم قالت
- هذا جيد، و كيف حالتها؟، هل أصبحت أفضل عن آخر مرة سألتك عنها؟!
- الحمدالله، أصبحت أفضل و قد تعافت بنسبة تسعون في المئة
- الحمدالله، سأذهب معكِ عندما تذهبين لرؤيتها
، حسنا؟!
- حسنا
- صحيح، اين عمتي و عمار؟، لقد سألت الخادمة عنهم فقالت لي انهم غادروا منذ فترة و مع سارة
توترت ميساء و تلعثمت و هي تجيب
- نعم، نعم انهم، أنهم...
شعرت نيروز بالريبة من تلعثم ميساء، فسألتها.

- هل حدث شيء؟، لما توترتي هكذا؟
صمتت ميساء، فلا تعلم بأي طريقة ستخبر نيروز بما قد تم.
امسكت نيروز بذقن ميساء لتجبرها للنظر لها، ثم قالت بهدوء
- ميس، ماذا هناك؟، اخبريني و لا تخافي
نظرت لها ميساء بحذر، ثم تمتمت
- لا اريد ان اصيبك بالخيبة و الألم
زاد قلق نيروز من قول ميساء، بلعت لعابها ثم إبتسمت و هي تحث ميساء على قول ما لديها
- اخبريني و لا تقلقي علي
اردفت نيروز
- هل الأمر متعلق ب عمار؟

نهضت ميساء فجأة، قالت بتوتر و هي تفرك كفيها ببعضهما، و نظراتها بعيدة عن نيروز تماما
- لقد حاولت أن امنعه عما يريد أن يقوم به، لكنه لم يكن يستمع لي، لا اعرف لماذا أقدم على هذه الخطوة فجأة، لا اعلم كيف أوقعت به و كيف اقنعته ليقوم بذلك، لقد استغلت غضبه لمصلحتها.
لم تفهم نيروز شيء، تستمع لما تقوله ميساء و الحيرة و الفضول و الريبة قد تملكاها، نهضت و تقدمت من ميساء لتديرها لها و تقول.

- لم أفهم شيء، عن من تتحدثين؟، عمار صحيح!
اومأت ميساء برأسها، فتابعت نيروز
- من التي استغلت غضبه؟ و ما الذي فعله هو؟
اخفضت ميساء رأسها و هي تقول باستياء
- أقسم اني حاولت منعه
صرخت نيروز بإنفعال
- لا تلعبي يا ميساء بأعصابي، اخبريني بوضوح ماذا حدث و ما الذي فعله عمار لتحاولي منعه؟!
- لا استطيع ان اخبرك، قلبكِ سيتحطم بالتأكيد
قالتها ميساء بشفقة و هي ترفع نظراتها لتنظر لحدقتي نيروز، فهتفت الأخيرة بحسم.

- لا عليكِ بي، اخبريني فقط، هيا
كانت نيروز تشعر بدقات قلبها المضطربة المتسارعة، تشعر بالخوف مما ستتلقاه مسامعها،
و كان خوفها في محله، فقد مزقها و حطم قلبها ليصبح رماد.
- قد تمت قراءة فاتحة، عمار و سارة.

الفصل السادس عشر - بداية تغير-
- قد تمت قراءة فاتحة، عمار و سارة
ساد صمت طويل بعد قول ميساء الذي كان كالسكين الحاد بالنسبة لنيروز التي كانت تجاهد لتفهم تلك الكلمات الضئيلة القاتلة، رمشت مرتين بجفونها بذهول و صدمة، ثم اخرجت حروفها المرتجفة من بين شفتيها ببطء و ذلك خوفا من تأكيد ما ادركه عقلها.
- ماذا؟، ماذا تقولين!
أردفت و هي تضحك بإضطراب و خوف
- عمار و سارة!، هذا مستحيل.

ثم تلاشت إبتسامتها عندما ذكرها عقلها بقول سارة التي لم تكترث له نيروز قط.
- اذهبِ إلى فرنسا يا عزيزتي، و لا تعود إلا بعد شهر، شهرين، سنة، فبعد رحيلك سأحصل على عمار، و عندما تعودين لن تجديه لكِ بمفردك.
هزت نيروز رأسها بعنف و هي تهتف بإنفعال
- لا، هذا لن يحدث، هذا مستحيل
- اسفة
قالتها سارة بعجز، في حين تسارعت أنفاس نيروز من شدة غضبها و إنفعالها بجانب دموعها التي كانت عالقة اسفل جفونها.

ساد الصمت مرة آخرى، و قطعته نيروز بعتابها الذي كانت تقوله بنبرة حادة لميساء
- لماذا لم تتصلي بي يا ميساء لتخبريني؟، انا
كنت سأوقف كل هذا
أجابتها ميساء
- لم ارد ان ازيد عليكِ الامر، فأنا كنت اعلم ان عمتك اسماء مازالت في المستشفى و حالتها خطرة، لذلك...
قاطعتها نيروز بعنف نابع من شعروها بالقهر و الألم
- اخطأتي، كنت سأصبح بخير، كنت سأصبح افضل من الان، لماذا لم تعلميني، لماذا؟!

تهدج صوتها مع كلماتها الأخيرة، فتقدمت منها ميساء و عانقتها محاولة أن تواسيها و لكن نيروز ابعدتها فهي لا تحتاج للمواساة الآن، هي تحتاج لمعرفة أسباب عمار الذي جعلته يقدم على فعل ذلك.
- ما سبب قراره يا ميساء؟، اخبريني
قالتها نيروز بهدوء حاولت الإلتزام به لكنها لم
تستطع، فقد عادت لإنفعالها
- ما الذي أغضبه لهذه الدرجة، ما ذلك الغضب الذي جعله يخطوا هذه الخطوة دون أن يفكر بي.

صمتت ميساء و لم تجيب، لا تستطيع أن تجيبها فالإجابة على هذا السؤال يعني كشف ما أراد عمار إخفاءه، و هي لا تستطيع أن تخلف عن الوعد الذي قطعته لعمار بعدم أخبار نيروز بشيء.
- اجيبيني يا ميساء، انا أسألك
هتفت بها نيروز و هي تكاد أن تفقد صوابها، لا تعلم لماذا يحدث معها كل هذا!، لماذا الأمور تتعقد اكثر؟، متى نهاية كل هذا؟، لا تعلم.
- لا استطيع ان اجيبك.

و قول ميساء المتأسف جعل نيروز تشعر بالريبة، سألت نيروز ميساء و هي تنظر للأخيرة بعمق
- لماذا؟، لماذا لا تستطيعين؟
- لا تضغطي علي يا نيروز، رجاءً
قالتها لها ميساء برجاء، و اردفت
- إذا اردتي أن تعلمي أسباب عمار فأسأليه، فأنا ليس لدي أي جواب على أي سؤال تطرحينه علي، اسفة.

لم تكن تتخيل نيروز أن ميساء، صديقتها لن تساعدها في يوم من الأيام، كانت تعتقد أن علاقتهما قوية لدرجة انهما لا يخفيان شيء صغير عن بعضهما، و لكنها كانت مخطئه.
ادركت الآن أن هذا كان وهم بالنسبة لها، هي فقط التي كانت تعتقد ذلك هي فقط التي كانت كالبلهاء تذهب و تخبرها بكل شيء، ادركت الآن أن ميساء كانت تخفي عنها بعض الأمور، و أهمها الأمور التي تتعلق بعمار.

رفعت زاوية فمها باستهزاء، فهي تستخف الآن بنفسها و بطريقة تفكيرها، فمن الطبيعي أن تقف
ميساء في صف اخيها، فهو في النهاية اخيها.
لم تنطق نيروز بحرف، فقط رمقت ميساء بنظرة استياء و عتاب و حزن، ثم التفتت و غادرت الغرفة.

تغيب الشمس على استحياءٍ، مودعةً الأفق الجميل
كانت نيروز تنتظر عودت عمار بفارغ الصبر، و فور أن أعلمتها الخادمة بعودتهم هبت واقفة لتخرج من غرفة الجلوس و تستقبلهم بوجه جامد، يظهر عليه الغضب و الجدية.
دخل عمار من باب الفيلا و كانت سارة بجانبه تحدثه، توقف بعد ثالث خطوة خطاها للداخل حين وقعت نظراته على نيروز التي تقف أمامهم.
- نيروز!

قالها عمار بذهول، فلم يكن يعلم انها ستعود اليوم، ثم قالت غادة بإستغراب
- نيروز، متى عدتي من السفر؟
اجابت نيروز بإمتعاض
- اليوم
تقدمت سارة بضع خطوات و هي تقول بخبث
- سعيدة لأنك عدتي
نظرت لها نيروز بطرف عينيها بإستحقار، ثم قالت الأخير بحزم
- عمار، أريد التحدث معك، على انفراد، و الآن
انهت جملتها و التفتت لتصعد السلالم و تتجه لغرفتها، فأتبعها عمار.

دلف عمار الغرفة بعدها و اغلق الباب خلفه، توقف على بعد امتار عنها، بينما هي كانت تلويه ظهرها.
كانت نيروز تحاول ان تتمالك اعصابها و تتماسك، بعد دقائق التفتت الأخيرة بشيء من العنف و تقدمت منه بخطوات هادئة، توقفت أمامه و قد كظمت غيظها، قالت و عينيها تشتعل غضبا و تهكم
- مبروك عليك، لقد علمت انك تنوي أن تتزوج بأخرى
ادرك فورا أن ميساء قد اخبرتها، اومأ برأسه و هو يتمتم ببرود
- شكرا.

نظرت له لبرهه ثم ضحكت بإستخفاف و هي تمرر اناملها من بين خصلات شعرها بعنف، ثم قالت بشراسة
- شكرا!، هل هذا ردك؟، أليس من المفترض أن تقول ان ما أقوله انا ليس صحيح!، أليس من المفترض أن تعتذر!
أتاها قوله بثبات
- لا
- تقولها بكل بساطة، كم انت وقح
ثم اردفت و هي تتقدم منه بضع خطوات
- أخبرني لماذا فعلت هذا؟، اختك با تريد أن تخبرني عن السبب، لذا انتظر منك انت الإجابة
- إجابة ماذا؟
- هل تحبها؟

فهم عن ماذا تسأل، فأجاب
- نعم
- كاذب
قالتها نيروز بخشونة، ثم تابعت بهدوء
- ما الذي اغضبك لكي تقدم على هذه الخطوة؟، و كيف تسمح لتلك الأفعى أن تستغل غضبك لمصلحتها و تجعلك تتزوجها!
- زواجي منها رغبة مني، و ليس ما تقولينه
- هل تحسب اني سأصدق قولك!
- لا يهم إن صدقتيه أم لا
قالها بجفاء، فثارت غاضبة و اشتعلت حدقتيها الرماديتين بشراسة و هي تتقدم منه المسافة المتبقية و تقول بحسم حاد.

- انا لن اسمح لهذا ان يحدث، أتفهم!
- هذا الأمر ليس بيدك لكي تسمحي له أن يحدث أو لا
- عمار
صرخت بها بغضب جامح، فهي تكاد أن تفقد صوابها، بل حدث.
ضعفت نبرتها العالية الغاضبة تدريجيا مع قولها
- لماذا تريد ان تبني بيننا جسور عالية لن نستطيع أن نهدمها لاحقا!، زواجك بأخرى سيضر بكلينا، صدقني
- لا يوجد شيء يسمى كلينا يا نيروز، ألم
تدركي هذا حتى الآن؟!
استنكرت قوله بإنفعال.

- بل يوجد، مازال يوجد انا و انت، مازال يوجد عمار و نيروز و حبهما...
قاطعها بسخرية
- هذه اوهامك فقط
نظرت له بحنق، اشتدت قبضتها إلى جانبيها لتتمالك نفسها، فهي تشعر الآن انها تريد أن تضربه بقوة لعل عقله يعود له، لعله يتوقف عن اسلوبه المستفز و البارد الذي أصبح أقرب للا يطاق.
اخذت نفسها عميقا قبل ان تقول بثبات
- حسنا، أفعل ما شأت يا عمار لكن تذكر..
تابعت بصرامة و عينيها تشتعل بالإصرار.

- ان هذا الزواج لن يتم إلا على جثتي، اتسمع!
رفع زاوية فمه بجفاء قبل ان يقول بعناد و تحدي
ما زادها إلا غضبا و غيظا.
- سأتزوجها أمام قبرك، لا تقلقي
- تبا لك يا عمار، تبا
صرخت بها نيروز بغضب و هي تراه يبتعد ليخرج من الغرفة، في حين إختفاءه من امامها انهارت على الأرض لتسيل دموعها على وجنتيها بقهر.

اليوم التالي
نزلت نيروز درجات السلم بهدوء حتى وصلت للطابق السفلي ثم إتجهت لغرفة الطعام و دخلتها، توقفت بعد خطواتها القليلة و هي تنظر لسارة التي كانت تضع الطعام في فم عمار، ضغطت على قبضتها بقوة و هي تتمتم لنفسها
- تماسكِ، تماسكِ
أشاحت بوجهها بحدة و هي تكمل سيرها للداخل، ازاحت الكرسي بقوة ليصدر صوت مزعج نبههم لوجودها.
- نيروز.

همست بها ميساء بحزن، و برغم أن صوت الأخيرة وصل لنيروز لكنها لم تحرك حدقتيها لناحيتها.
- كيف حال عمتك الآن يا نيروز؟
سألت غادة، فأجابت نيروز بإقتضاب
- أصبحت أفضل
هزت غادة رأسها ثم عادت لتناول طعامها، فتحدثت سارة بخبثها المعتاد
- هل علمتِ يا نيروز بالجديد!
- لا تتحدثي معي
قالتها نيروز بثبات دون أن تنظر لسارة مما
جعل انظار الآخرين تتسلط على الأخيرة التي مثلت إحراجها، فنظر عمار لنيروز و قال بإمتعاض
- نيروز...

قاطعته بحزم قبل ان ينطق بحرف آخر
- انت ايضا لا تتحدث معي
و اردفت و هي تنظر لهما بطرف عينيها بإستحقار
- التزموا بهذا
ثم نهضت بهدوء و غادرت غرفة الطعام ثم الفيلا بأكملها.

في فيلا صفا
في مثل كل صباح، كانت عائشة جالسة في
الشرفة تستمتع بالهواء البارد بجانب قدح القهوة الخاص بها.
تنظر امامها بشرود، تفكر بصفوان كما تفعل كل يوم، فمنذ أن علمت أنه سافر، لم يعد يفارق فكرها صباحا و مساءًا، أصبحت تراه في أحلامها ايضا!، و لا تعلم سبب ما يحدث لها.
- ماذا تفعلين هنا؟

كان صاحب تلك العبارة هو من شغل تفكيرها في الشهر و النصف الذين مضوا، لم تصدق مسامعها، يبدو أنها تتوهم، فهل وصل تفكيرها به لأن تسمع صوته!، التفتت لتتأكد من أنها تتهم و لكنها ادركت العكس.
فصفوان كان يقف خلفها بوسامته، يضع كفيه في جيوب بنطاله، و ينظر لها بهدوء.
نهضت عائشة سريعا و هي تنظر له بتفحص، ثم رسمت الإبتسامة على وجهها بتلقائية، في
حين قال صفوان بلهجة بها شيء من اللطف.

- كنت أتوقع أن تحاولي الهرب، و صدمت عندما علمت انكِ لم تحاولي أن تفعليها و لو لمرة
، ما السر؟، هل اعجبك الوضع هنا؟!
اخرجت حروفها دون تفكير، فقد أثرت عليها سعادتها و حماسها بعودته
- كنت انتظر عودتك لأراك قبل ان اهرب
- ماذا؟!
عقد حاجبيه و هو يسأل بعدم فهم، فأدركت ما قالته فتلعثمت، و هذه المرة الأولى التي تتلعثم بها أمام رجل.
- أقصد، انتظر الوقت المناسب للهرب.

- حقا!، إذ كنت في مكانك كنت قد هربت قبل عودتي، فأنتِ تعلمين اني لن اسمح لكِ بالهرب
ضحكت بخفة قبل ان تقول بثقة
- و انت تعلم اني أستطيع أن اهرب بوجودك
- حقا
قالها و هو يبتسم بإستمتاع، فهو يشعر الآن باللذة من الحديث معها، كم من وقت مر و لم تحدث هذه المنافسة بينهما؟!
ساد الصمت لدقائق، ينظر كل منهما للآخر و الإبتسامة تحتل شفتيهما، دون حديث، فقط نظرات لا تعبر عن شيء، أو قد.
- هل ستسافر مرة أخرى؟

سألته عائشة بتردد باطن، فأجاب
- لا اعتقد
ثم مازحها
- هل تريدين مني أن أسافر مرة أخرى لتحصلي على فرصة أخرى للهرب!
إبتسمت بإستخفاف و قالت
- لا، فالفرص أمامي كثيرة للهرب
- لا اعتقد ذلك بعد عودتي
- لا تكن واثق كثيرا من نفسك
ضحك بخفة بعد قولها، ثم أتى أن يقول شيء لكن رنين هاتفه منعه، فأجاب على المتصل و لم يقل كلمتين حتى اغلق لينظر لها ليستأذن للمغاردة
- حسنا، لقد استدعتني السيدة صفا لذا سأغادر.

انهى جملته و التفت ليخرج من الشرفة ثم الغرفة، و هي تتابعه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة