قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل التاسع عشر

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل التاسع عشر

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل التاسع عشر

بعد مرور فترة وجيزة
وصلت نيروز امام منزل عائلتها و طرقت الباب، فتحت لها والدتها، فقالت نيروز
- امي، اشتقت لكِ
و عانقتها، بينما ظلت والدتها ثابتة، لم تبادلها
العناق، ابتعدت نيروز و قالت و هي تدلف للداخل
- كيف حالك؟، و كيف عمتي الان؟
- ستجدينها في غرفتك
اجابتها والدتها بجمود، فأتجهت نيروز لغرفتها السابقة.
- عمتي العزيزة، كيف حالك الان؟
قالتها نيروز و هي تدلف للغرفة، فإبتسمت اسماء و قالت.

- بخير يا عزيزتي، ماذا تفعلين هنا؟
- أتيت لرؤيتك انتِ و والدتي
همهمت اسماء بلطف ثم قالت
- حسنا، من الجيد انكِ اتيتِ فأنا كنت أريد أن أتحدث معكِ
- معي!، عن ماذا؟
- ما عدت علمت أي شيء عن علاقتك انتِ و
عمار، لذا اخبريني بالمختصر، كيف حالكما الان؟
إبتسمت نيروز بتهكم حزين و هي تقول
- كن الأفضل أن لا تعلمين كيف حالنا الآن، فستسوء حالتك مجددا
رفعت اسماء حاجبيها بدهشة و هي تقول
- الهذه الدرجة!

اومأت نيروز برأسها باستياء، فأمسكت اسماء بكفها بحنان و قالت
- اخبريني و لا تقلقي علي
صمتت نيروز لبرهه، ثانية، دقيقة، بل دقائق لتنازع دموعها التي ملأت مقلتيها، ثم قالت و هي تجاهد تحمل ألم حلقها
- عمار ينوي الزواج بسارة
شهقت اسماء بصدمة ثم وضعت يدها على فمها و صمتت لثواني لتترجم ما قالته نيروز، فهي لم
تكن تتوقع أن عمار سيصل إلى هذه المرحلة.
- و ماذا ستفعلين؟

بلعت نيروز لعابها و مسحت عينيها من الدموع ثم اجابت بحزم
- لن اسمح لهذا الزواج أن يتم
- و كيف هذا؟
سألت اسماء بحيرة، فأجابت نيروز بشفافية
- سأتعامل معهم بجفاء، و في نفس الوقت لن اسمح لهم بالاقتراب من بعضهما
صمتت أسماء لتفكر قبل أن تسأل بفضول
- و كيف ستقومين بذلك؟
- لا يوجد لدي خطة الآن، و لا أريد خطة، سأقوم بكل تصرف في حينه، اتفهميني!
اومأت اسماء برأسها قبل ان تقول برجاء.

- لكن احرصي على ألا تتألمي اثناء قيامك بذلك
ضحكت نيروز بخفة باستهزاء قبل ان تقول
بمرارة
- احرص ألا اتألم!، و كيف هذا يا عمتي و انا قد كتب على جبيني لن يفارقك الألم
استنكرتها اسماء بعنف
- لا تقولي هذا يا نيروز
و اردفت بأمل
- هذه فترة و ستزول قريبا ليحل محلها السعادة فقط
- اتمنى ان يحدث ذلك
خرجت حروف نيروز العاجزة مزينة بنبرة التمني، فإبتسمت اسماء و هي تداعب أنف نيروز
- سيحدث يا عزيزتي، سيحدث ان شاء الله.

في الشركة، في غرفة مكتب عمار
كانت سارة معه بالداخل، تثرثر بحماس عن ترتيبات الخطبة بينما هو كان منشغل في قراءة الأوراق التي امامه، فلم يكن يستمع لها.
- عمار، هل تسمعني؟!
قالتها سارة بإنزعاج عندنا لاحظت عندما إكتراثه لها و لحديثها، رفع رأسه و نظر لها ثم اعتذر قائلاً
- اسف يا سارة، هل لكِ أن تحدثيني عن هذه الأمور في وقت لاحق، فأنا مشغول الآن
إبتسمت بإمتعاض قبل ان تتمتم بحنق اخفته
- حسنا، سأغادر إذاً.

اومأ برأسه ثم عاد لينظر لأوراقه، فألتقطت سارة حقيبتها بخشونة و غادرت و هي تشتعل من الغيظ، فقد تجاهلها لتوه!

في فيلا صفا، بالتحديد غرفة مكتب الأخيرة
كان صفوان يستمع بعناية لقول زميله في العمل زين ، و ايضا صفا
- لقد وصلت لي معلومات أن رئيس الحانة بدأ في البحث عن السيدة عائشة من الأمس، و أنه مصر على إيجادها
- عن ماذا تتحدث بظبط يا زين؟
سأل صفوان ليستفسر، فأجابته صفا
- صحيح، انت لم تكن هنا حين اصدرت هذه الاوامر، اسمع، انت تعلم ان عائشة كانت تعمل في حانة
اردفت.

- انا قد جعلت زين يرسل رجلين ليعملون هناك لحسابنا خفية لكي يعلمونا بتحركات رئيس تلك
الحانة و إذ كان ينوي ان يبحث عن عائشة، فنأخذ نحن احتياطنا
ثم اردفت بإرتياح لزين
- اتعلم، من الجيد اني جعلتك تراقب ذلك الرجل و حانته لكي نعلم بما يحدث و بما ينوون على فعله، أليست محقة يا صفوان؟

لم يسمعها صفوان، فهو كان شارد، يفكر بدقة، لماذا بدأ الرجل يبحث عنها الان؟ لماذا لم يبحث عنها منذ أن علم انها اختفت؟!، هناك شيء مريب في هذا الأمر، أم هو فقط الذي يشعر بذلك؟!
رفعت صفا صوتها عندما يأست من مناداته و هو لا يجيب
- صفوان، هل تسمعني؟!
انتبه لها، و أعتذر
- اسف، لقد شردت
- بماذا؟
سألته، فأجاب حيث قال لها عن ما يشعره بالريبه، فشعرت هي أيضا بمثل شعوره بعدما فكرت مليا بما قاله، فأقترح زين.

- ما رأيك يا سيدتي أن نسأل السيدة عائشة لنعلم السبب، فمن المؤكد أنها تعلم ما سبب بحثه عنها الآن و ليس سابقا، فهي عمِلت لديه لسبع سنوات
- لا اعتقد ان هذا صائبا
قالها صفوان بجدية، فوافقته صفا الرأي، ثم قالت الأخيرة
- سنفكر في هذا الأمر لاحقا، لكن الآن يجب علينا أن نكون يقظين، فقد يصلوا إلى هنا في أي وقت
- حسنا سيدتي
قالها صفوان و زين معا.

في عصر اليوم
كانت نيروز واقفة في المطبخ، تساعد والدتها في إعداد الطعام الذي قارب على الانتهاء، حاولت نيروز أن تتحدث مع والدتها اكثر من مرة و لكن لم تمنحها الأخيرة فرصة إطالة الحديث معها، فألتزمت نيروز الصمت إلى حين قطعته والدتها بتردد
- عمار، هل مازال يعاملك بشكل جيد؟!
نظرت لها نيروز بدهشة، فوالدتها تتحدث معها الآن!، فإبتسمت بسعادة و هي تقول بحماس
- هل تتحدثين معي آلان!

نظرت لها والدتها بطرف عينيها قائلة
- هل هناك غيرك هنا!
ضحكت نيروز و قالت ببلاهه
- لا
- اجيبي على سؤالي
قالتها والدتها بجدية، فكذبت نيروز عليها، فالحقيقة لن ترضيها أبدا
- نعم، مازال
حدقت بها والدتها لبرهه ثم عادت تنظر للحساء و تقلبه، فقالت نيروز بفضول
- لماذا سألتني هذا السؤال؟
لم تجبها، فبدلاً من أن تجيبها والدتها اعطتها صينية الدجاج التي أخرجتها من الفرن، لتأخذها نيروز و تضعها على السفرة.

في فيلا أحمد فريد
كانت ميساء تتناقش مع والدتها في أمر عمار و سارة، كانت تحاول أن تجعلها تقف في صفها حيث ترفض و تمنع حدوث هذا الأمر، لكن والدتها كانت رافضة، متمسكة بقرارها و مساندتها لارتباط عمار و سارة، ففقدت ميساء اعصابها، لذا قالت بغضب
- لماذا انتِ متمسكة بقرارك هكذا!، حاولي أن تفكري معي يا امي، هذا الأمر سيزيد من الفجوة بين عمار و نيروز
نظرت لها غادة ببرود و هي تقول
- و هذا ما اريده.

- امي، انتِ تعلمين أن عمار مازال يحب نيروز
- أعلم، لكن هذا الحب لا يمكن أن يحدث الآن، فهذا الحب اصبح مصدر ألم و حزن لعمار، لذا هو لا يريده
استنكرت ميساء
- لا يريده!، بل يريده، ألا تتذكرين حين تركته نيروز كيف كان حاله!، ألا تتذكرين كيف كان حاله وهو معها و كيف اصبح من بعدها!
- اصمتِ يا ميساء
صرخت بها غادة بغضب و هي تنهض بعنف لتقف مقابل ميساء، و تردف بحدة.

- لا اريد ان أتذكر تلك الأيام السيئة، تلك الأيام التي انفطر بها قلبي على بني الذي ذهب و لم يعد حتى هذا اليوم، نيروز قد قتلته برحيلها، لم تفكر به حتى، لذا يجب عليها أن تتحمل، بل لا، يجب عليها أن تتركه و شأنه بعد كل ذلك الأذى التي سببته له
- لكن ما حدث لعمار ليس بسبب نيروز، أنه القدر
هتفت غادة بقسوة
- بل بسببها
ثم صمتت لتلتقط انفاسها المتسارعة من الغضب، و بعد أن انتظمت انفاسها قالت بهدوء.

- انا اريده أن يفتح صفحة جديدة مع سارة ليكمل حياته بسعادة و راحة و ينتهي هذا الألم، يكفيه العام و النصف
صمتت ميساء لثوان قبل ان تسأل بشفافية
- و هل تعتقدين انه سينتهي برحيل نيروز؟
- نعم
- انا لا أعتقد ذلك
قالتها ميساء باستياء، ثم التفتت و غادرت غرفة غادة.

بدأ الليل يسدل ستائره
كان صفوان يقف أمام حوض السباحة في
الحديقة الخلفية لفيلا صفا، يحدق بالمياة بشرود، يفكر بعدة أمور، منها أخته نيروز الذي يريد أن يساعدها بأمر عمار، لكنه متردد من تلك الخطوة، و والدته الذي يريد أن يصالحها على نيروز، و في نفس الوقت لا يريد أن يخطوا تلك الخطوة فإذا خطاها سوف تفتح أبواب الماضي التي ستضيف حزن جديد على أحزان نيروز.

و يفكر ايضا في عائشة التي هي محور عمله هذه الفترة، يريد أن يكشف كل شيء ليتخلص من الأسئلة التي في عقله، يريد أن يعلم ما حدث في الماضي و سبب عملها في ذلك المكان و ايضا لم تتصرف هكذا!، لماذا تظهر للجميع شيء و هي في الحقيقة شيء آخر!، يشعر بالفضول بشأنها.
- ماذا تفعل هنا؟
أتاه صوت عائشة من خلفه، فأيقظته من شروده
، استدار ليتبعها بنظراته و هي تقف بجانبه و تتابع.

- أليس من المفترض أن تقف أمام غرفتي بدلا من أن تقف هنا و تشرد!
بدلا من أن يجيبها، سألها بالمثل
- انتِ ماذا تفعلين هنا؟
اجابته بلهجة مشاكسة
- رأيتك من نافذة غرفتي، لذا فكرت أن اتي لأتشاجر معك، فأنا اشعر بالضجر
- هل اصبحت الآن مصدر تسليتك!
سألها بتهكم، فضحكت عائشة بخفة و قالت
- يبدو ذلك
صمت ليراقبها بتمعن لدقيقة كاملة قبل ان يقول و هو يضيق عينيه
- قولي لي ما وراء هذا الود!
إبتسمت بإنزعاج
- انت تسيء الظن بي.

- لا اسيئه، فقط ما في الأمر أن هذه التي أمامي الأن ليست تلك التي كانت تعاملني بجفاء و لا تبتسم ابدا، تلاحثين الفرق مثلي، صحيح!
قال كلماته الأخيرة و هو ينقل نظراته امامه، فصمتت عائشة لدقيقة، فهي ايضا تلاحظ تغيرها ناحيته، فقط!، نعم تغيرها معه فقط، فمعاملتها مع والدتها مازالت كما هي، قاسية.

لا تعلم لما تتصرف هكذا معه، أنه تصرف تلقائي، تفكر به كثيرا و عندما تراه تبتسم بتلقائية و تتحدث بود ايضا، كما حدث اليوم و الأن.
و صدقا، هذا الأمر يروق لها، فهي تجربة جديدة لها، لم تمر عليها فترة مثل هذه من قبل، لذا لم تحاول أن تكبح كل ما يحدث لها.
- ألا يعجبك هذا التغيير؟
سألته و هي تقوم بتأمله، في حين استغرب هو من سؤالها، لذا حرك رأسه قليلا لينظر لها و يقول بحيرة
- لم أفهم.

إتسعت إبتسامتها قبل أن تنظر امامها و تقول
- لن اعاملك بود، سأعود كما كنت، وقحة
لم يفهمها للمرة الثانية، و قبل أن يخرج حروفه سألت هي
- هل تجيد السباحة؟
- نعم، لماذا تسألين؟
سألها بفضول، و كأنه لم يسألها فقد تابعت بخبث
- إذا انقذني
قالت حرفها الأخير و هي تلقي بجسدها بإستسلام داخل حوض السباحة، فأتسعت مقلتيه بصدمة و سرعان ما تحولت لفزع، هتف
- هل انتِ مجنونة؟!، الطقس بارد.

ثم اسرع و خلع سترته عندما رأى انها تغرق، فهل هي لا تجيد السباحة؟!، هذا واضح.
ألقى بنفسه هو الاخر داخل حوض السباحة ليسبح بمهارة و ينقذها، و هذا هو ما كانت تريده هي، فقد رغبت عائشة بأن ينقذها مرة أخرى، لتشعر بأن حياتها مهمة، بأن هناك شخص يهتم بها، فهذا الشعور ينعشها و يسعدها جدا.

فهي قد شعرت أخيرا بهذا الشعور الآن، فبعد موت والدها أصبحت حياتها سوداء، و أصبحت وحيدة، تدافع عن نفسها بنفسها و تقاتل بمفردها، أليس لها الحق في أن تشعر بذلك الشعور بعد كل تلك الفترة؟!
التقطت انفاسها بقوة و هي تمسح وجهها من الماء، ثم أصبحت تضحك، فتوقف صفوان عن السير و نظر لها بحدة أثناء قوله
- هل تضحكين؟!
زادت ضحكاتها و هي تقول بإستمتاع
- الجو بارد
- أعلم، لذا قمت بأنقاذك، و الأن سأخرجك.

و اكمل سيره في الماء، فحوض السباحة لم يكن مغرق بالنسبة له فقد كانت قدميه تقف على الأرض، بينما هي لا، لذا كان أشبه بأنه يحملها من خصرها.
اوقفته بتثقيل جسدها، فتوقف مرة آخرى و نظر لها بنفاذ صبر، فهدأت من ضحكاتها لتقول بجدية
- سأخبرك الآن لماذا اعاملك بود فجأة
بعد قولها أصبحت نظراتها حانية إتجاهه و لاحظ هو ذلك، لذا قال بجمود
- لا اريد ان...
توقف عن إكمال جملته عندما اخترقت كلماتها
مسامعه بحدة.

- انا معجبة بك، لذا اعاملك بود، فهمت!
حملق بها و الصدمة ظاهرة على وجهه، فإبتسمت ثم تابعت
- انا قد وضعت عيني عليك الأن لذا انت ملكاً لي من الآن
- هذا لا يمكن أن يحدث
خرجت حروفه من بين شفتيه و هو مازال تحت تأثير الصدمة، فتزمرت
- لماذا؟!
لم تنتظر إجابة منه حيث اردفت بصرامة
- انت تعمل لدي و هذا أمر، حسنا!
زالت صدمته و ادرك الموقف، ابعدها قليلا عنه و قال بثبات
- انا لا اعمل لديكِ، بل اعمل لدى السيدة صفا.

و اردف بجمود
- هيا لأخرجك من هنا
- لا، لم انهي حديثي بعد لأخرج من هنا
قالتها بإستنكار، فقال صفوان بخشونة
- و انا سأتركك هنا و اخرج
نظرت له بتحدي و قالت بجرأة
- و انا سأقبلك إن فعلت ذلك
اغاظته بقولها و أغضبته، حيث شعر انه يريد ان يصفعها، لكنه كبح جماح غضبه و تركها فعقدت ذراعيها حول رقبته سريعاً لكي لا يظل رأسها فوق سطح الماء، لم يهتم لتشبثها، و سار ليصل لنهاية الحوض و قام برفعها من خصرها لتجلس على السور.

و قبل أن يتحرك يمينا ليخرج هو الآخر امسكت عائشة بياقته المبتلة بقوة لتلحقها انخفاض رأسها لتقبله، حيث كان الأمر مفاجئ له.
لم تطل، ابتعدت عنه و هي تمنحه إبتسامة خبيثة
، ثم نهضت و إتجهت لداخل الفيلا، تاركته في حالة ذهول.
استيقظ من ذهوله حين أصبح بمفرده في الحديقة الخلفية، نظر حوله ثم خرج من حوض السباحة.

في فيلا أحمد فريد
كان الجميع جالس في غرفة الجلوس يتحدثون عن ترتيبات خطبة عمار و سارة، ماعدا ميساء التي لم تكن تشاركهم في الحديث، فقط تستمع و بحنق.
- انا لا أوافق على هذه المهزلة
قالتها ميساء بشراسة و هي تنهض بشيء من العنف، معترضة على ترتيبات الخطبة التي لا
يجب أن تتم.
- والدنا قد مات منذ شهر و نصف، فكيف نريد أن تقيم حفل في هذا المنزل الذي مازال على حداد!

لم تفكر غادة في هذا الأمر بينما عمار كان يريد أن يقول نفس الشيء لكن حماس سارة منعه، تابعت ميساء بقسوة موجهه قولها لسارة
- و انتِ، يجب أن تفكري بوالدي الراحل و ليس بحماسك و سعادتك المزيفة فقط، كم انتِ وقحة
قالت ميساء جملتها الأخيرة و هي ترمق سارة بإزدراء، فاغتاظت سارة و كادت أن ترد و لكنها ادركت نفسها لذا اخفضت رأسها و قالت معتذرة
- اسفة.

ثم نهضت و خرجت من الغرفة مسرعة، لتتقن دورها الخبيث، كان عمار يرمق ميساء بحدة
حتى قال بإقتضاب
- هل انتهيتِ؟!
نظرت له و اجابت بعد أن التقطت انفاسها
- نعم، انتهيت
قالت غادة بعتاب
- لِم عاملتي سارة بهذه القسوة!، كان من الممكن أن تقولي هذه الكلمات لها و لكن بهدوء
- لا، هذا لم يكن ممكناً
قالتها ميساء بفظاظة، فهتف عمار بنبرة غاضبة محذرة
- ميساء، لا تكوني فظة.

أشاحت بوجهها بحدة، فنهض ليتقدم منها بضع خطوات و يقول بجدية
- لكِ الحق أن تغضبي من أجل والدنا، حسنا، لن أقوم بعمل حفل خطوبة، و لكن طريقة حديثك مع سارة ليست بلطيفة، لذا اذهبِ لها و
أعتذري منها
حدقت به بحنق قبل أن تقول بصرامة
- لن افعل ذلك، أبدا
التقط انفاسه بغضب، ثم قال
- لا تجعليني افقد أعصاب عليكِ يا ميس
- لن اعتذر، حتى ان كان هذا آخر حديث بيني و بينك
- هل تعتقدين أن بهذا التصرف سأتراجع عن قراري؟

لم ينتظر اجابتها، حيث اردف بإنزعاج
- انا اعلم ان هذا اتفاق بينك و بين نيروز، لذا انت تعاملين سارة بهذه الطريقة
تضايقت جد من قوله، لذا قالت بلهجة معاتبة و متهمة ايضا
- كم انت سيء الظن بنيروز و بي، لكي تعلم نيروز لا تحدثني بسبب ما حدث، و انا لن
اسامحك إذ تدهورت علاقتي معها بسببك
انهت جملتها و غادرت، فهي لا ترغب في الحديث معه أكثر، فإذا تابعت هذا الحديث قد تقول أشياء تندم عليها لاحقا، لذا غادرت.

غضب عمار لتركها له بهذه الطريقة الغير مهذبة، فأتى أن يتبعها لكن غادة اوقفته و حاولت تهدأته.
- اعذرها و لا تغضب من طريقتها، فهي ستعود ميساء المرحة عندما تتعود على الوضع
نظر لوالدته ثم اومأ برأسه، التقط انفاسه بقوة ثم قال
- سأصعد للغرفة، فأنا أحتاج للراحة
- ألن تذهب لسارة أولاً؟
- ليس الآن فأنا متعب، غدا سأحدثها
- لكن..
تراجعت غادة عن ما كانت ستقوله، ربتت على
كتفه بلطف و تمتمت.

- حسنا، اذهب و خذ قسطا من الراحة و لا تنسى أن تأخذ دواءك
اومأ برأسه ثم تركها ليتجه لغرفته.
وصل للطابق العلوي و انحرف يمينا ليقف امام غرفته و لكن بدلا من ذلك توقف امام غرفة ميساء التي كانت قد فتحت الباب عمداً لتسمعه حديثها مع نيروز بعد أن أعلمتها الأخيرة أنها لن تعود اليوم للفيلا.
- لماذا ستبيتين اليوم عند والدتك؟، هل لتتجنبي عمار؟
أتاها رد نيروز الجامد، فقد كانت الأخيرة تحدثها بجمود.

- لما قد اتجنبه!، انا فقط أردت أن اكتسب بعض الوقت لأجلس مع امي و عمتي
سمع عمار رد نيروز فقد كانت ميساء مشغلة
مكبر الصوت، ردت الأخيرة بشك
- هل تقولين الحقيقة!
- سأغلق
اسرعت ميساء بقولها
- هل اقول لعمار انكِ لن تعودي اليوم؟!
لم يأتيها رد نيروز سريعا، فقد ساد الصمت لثواني قبل ان تستقبل ميساء رد نيروز الذي كان يحمل نبرة الحزن
- لا يهم إن اخبرتيه أم لا، فهو لن يهتم، وداعاً.

و اغلقت نيروز الخط دون انتظار أي رد من ميساء التي تنهدت باستياء و هي تلقي بالهاتف بجانبها، ثم تذكرت حركتها المعدة فأسرعت للباب بخفية، فرأت عمار و هو يدلف لغرفته، فأدركت انه سمع حديثها مع نيروز.

اليوم التالي
في منزل عائلة نيروز
قابلت نيروز صفوان و هي تخرج من المرحاض، فأوقفته قبل ان يتخطاها بسؤالها
- صفوان، اخبرني، ما الذي حدث معك بالأمس لتعود مبتل هكذا؟
التفت سريعا و سألها
- من اين علمتي؟
- لقد رأيتك
أجابته بصراحة، و اردفت
- هيا، قل لي ماذا حدث؟
اجابها بإقتضاب
- لا شيء
ثم التفت ليدلف للمرحاض، فزفرت بحنق لأنه تجاهلها و لم يجيبها، امسكت بالمنشفة لتكمل
تجفيف شعرها المبلل و هي تسير متجهة لغرفتها.

في حين كانت والدة نيروز تتحدث مع اسماء في غرفة نيروز.
- لقد سمعت حديثك مع نيروز، لذا لا داعي لتخفي علي الأمر
قالتها والدة نيروز، و تابعت بشفافية
- عمار يعامل نيروز بطريقة سيئة و سيتزوج بأخرى، هذا صحيح؟!
- نعم صحيح، لكن لا تخبري نيروز بذلك
ترجت اسماء والدة نيروز، فإبتسمت الأخيرة بتهكم أثناء قولها
- لما!، هل تخجل الآن من قول ذلك؟!، أم نادمة على زواجها به!

- الأمر ليس كذلك، و لكن نيروز يكفيها ما بها من آلام لذا هي لا ينقصها الشماتة الأن
ساد الصمت لدقيقة كاملة بعد قول اسماء، ثم قالت والدة نيروز ما كانت تفكر به في هذه الدقيقة، فخرجت حروفها قاسية و بلهجة شامتة
- اتعليمن، ان هذا متوقع من رجل قد اشتراها بالمال
- اخفضي صوتك لتسمعك نيروز
أثناء قول اسماء لهذه الجملة سمعت صوت نيروز
- ماذا تقولين يا امي؟، عن أي فتاة تتحدثين؟

التفت اثنيهما لنيروز التي كانت تقف عند باب الغرفة.

- نيروز!
حركت اسماء شفتيها بأسم نيروز، ثم نظرت لوالدة الاخيرة بجزع، اخرجت اسماء حروفها بتلعثم طفيف وهي تعود بنظراتها لنيروز
- انها، إنها قصة فتاة، جاءت على التلفاز، أليس كذلك يا زوجة اخي؟!
لم تؤيد والدة نيروز قول اسماء، حيث تقدمت من ابنتها بخطوات حازمة و قالت بشفافية
- نتحدث عنكِ انتِ
- زوجة أخي
هتفت بها اسماء بحدة، لكن لم تكترث لها والدة نيروز حيث تابعت بإنفعال كان قاسي على نيروز.

- نتحدث عن فتاة تسمى نيروز ورجل يسمى عمار، الرجل الذي اشتراها بأعطاء المال لوالدها
رمشت نيروز بجفونها بعدم إستيعاب، نقلت نظراتها ل اسماء ثم اعادتها لوالدتها و قالت بخفوت
- لم أفهم، من تلك الذي اشتراها عمار بماله؟، انا!
ثم ضحكت بعدم تصديق قبل ان تتابع بريبة
- ما تقصدينها ليست انا، صحيح!
- بل انتِ
أتاها الرد على هيئة صفعة قوية جعلتها تفقد قدرة الإدراك و الفهم
- ما هذا الذي تقولينه؟

كانت والدة نيروز معتقدة أن نيروز تعلم بهذا الأمر منذ ليلة زفافها، و برغم إنكار اسماء و صفوان هذا لها و محاولتهم في جعلها تدرك أن نيروز لا تعلم بأن عمار أعطى لوالدها المال، إلا أنها احتفظت بهذه الاعتقادات دون ان تستمع لهما أو تفكر حتى.
- لا تمثلي عدم معرفتك بالأمر
قالتها والدة نيروز، و اردفت بلهجة لاذعة جرحت نيروز و بقوة.

- و الآن هو قد مل منكِ ففكر في الزواج بأخرى، و قبل ذلك كان قد خانك، و في كل مرة تعودين له، هل اصبحتِ بلا كبرياء و رخيصة لهذه الدرجة لكي تلتزقي برجل مثله؟!
صرخت بالأخيرة بغضب و قهر على ابنتها التي أصبحت حالتها مثيرة للشفقة، تابعت و قد زاد انفعالها، كم كانت تنتظر هذا اليوم حتى تلوم ابنتها و تعاتبها على ما فعلته بنفسها.

- هل تعتقدين اني لا أعلم كيف عمار يعاملك؟، هل تعتقدين اني أجهل ما يحدث معكِ؟، انت ابنتي، ابنتي التي ولدتها و التي لم أكن أعتقد أنها ستضع كرامتها اسفل أقدام الجميع ليدعسون عليها و هي لا تبالي، ابنتي التي اهدرت الكثير من كبريائها من أجل رجل قد باعها الآن بعد ان اشتراها.

خرجت صرخة مدوية من نيروز يتمزق لها القلب، صرخة قطعت انفاسها و لم تقلل من ألمها القاتل من كلمات والدتها و الحقيقة التي عمتها، سالت دموعها كالشلالات على وجنتيها، وضعت كفيها على اذنيها و هي تصرخ قائلة
بإنهيار تام
- يكفي يكفي، يكفيي
خرج صفوان فزعا من المرحاض عند سماع صرخة نيروز و اسرع لغرفتها و توقف بصدمة عندما رأى حالتها تلك.

- ما هذا الذي تقولينه!، ما هذا الذي تقولينه!، هل تريني جمادا لكي تقذفي في وجهي هذه الكلمات المحرقة!، هل أنا ابنتكِ حقا!، هل هناك أم تقول لأبنتها هذا الكلام!، هل انا رخيصة لهذه الدرجة!
زاد صريخها الهستيري بكلماتها المتقطعه بسبب بكائها المتواصل، زاد ارتجف جسدها و هي تتابع
- ماذا فعلت انا لكي استحق هذا منكم جميعا، ماذا فعلت؟، ماذا
مسحت وجهها بكفها و اردفت من بين شهقاتها.

- إذ كنت أعلم أن عمار فعل ذلك، ما كنت تزوجته، أنا لست دنيئة لهذه الدرجة، و ما افعله فقط من أجل حبي له، و ياليتني ما احببته
اسرع صفوان و أحاطها بذراعه ليساندها عندما لاحظ عدم قدرة على الوقوف، جلس معها على الرأس و مازال مساندها، أخذ يملس عل شعرها و هو يهمس
- اهدئي يا نيروز، اهدئي.

أشاحت اسماء بوجهها فهي لا تستطيع أن تكمل مشاهدة انهيار نيروز، وضعت كفيها على وجهها و اصبحت تبكي من أجل الأخيرة، بينما والدة نيروز غادرت الغرفة و قد اغرورقت عينيها بالدموع.
تشبثت نيروز بأخيها بقوة، دفنت وجهها في صدره و هي تهتف بقهر و مرارة
- اتألم يا صفوان، اتألم، فقط اتألم.

اخذ صوتها يضعف حتى لم يعد يسمع، فقط انفاسها التي تحاول أن تلتقطها بصعوبة مسموعة، مسح صفوان عينيه التي ملأت بالدموع و قبل رأسها بحنان و اخذ يقرأ عليها الآيات القرآنية لتهدأ.

في عصر اليوم
أوصل صفوان نيروز لفيلا أحمد فريد بعد إصرار كبير منها، كان يريد أن يصطحبها للداخل، و لكنها رفضت و قالت إنها ستتولى الأمر بنفسها و أنها ايضا لن تستغرق الكثير من الوقت فهي ستتحدث مع عمار ثم ستجمع أغراضها لتغادر، فأخبرها انه سيأتي ليأخذها بعد ساعتين، كما حددت هي الوقت.
فتحت الخادمة الباب لنيروز التي فور دخولها سألت بفتور
- اين عمار؟
اجابتها الخادمة و هي تحدق بها
- سيدي في مكتبه.

سارت نيروز في الاتجاة الذي سيوصلها لغرفة مكتب عمار تحت انظار الخادمة الحائرة من مظهر نيروز، فقد كانت عينيها منتفختين حمراوتين و قد فقد وجهها لمعانه و كان يميل للأصفرار بعض الشيء، و الحزن و التعب ظاهر على ملامحها بوضوح.

فتحت نيروز باب الغرفة دون أن تطرق، دلفت للداخل بخطوات ثابتة واسعة حتى توقفت أمامه، بينما عمار قد كان يحدق بها منذ دخولها و لهيئتها، لن يكذب، قلق عليها عندما رأى ملامحها الباهتة المتعبة.
- اريد ان اسألك سؤالا و اريد جواباً واضحاً
وجهت نيروز كلماتها له بجدية، فعقد عمار حاجبيه و سألها
- ما الأمر؟
بلعت لعابها و جاهدت أن تخرج حروفها بثبات دون أن تعيقها دموعها.
- هل أعطيت لوالدي المال لكي تتزوج بي؟

حدق بها بصدمة ظهرت على ملامحه بسهولة، سألها
- من اين علمتِ بالأمر؟
- إذا الأمر الصحيح!، انت قد اشتريتني بمالك
تهدج صوتها مع جملتها الأخيرة التي تجعلها تتمزق من الداخل، بينما نهض عمار ليلتف حول طاولة المكتب و يقف امامها و يسألها بشيء من الحدة
- سألتكِ، من اين علمتِ؟
لم تسمعه، حيث اكملت بإنكسار و خجل.

- إذا أنا قد كنت حمل ثقيل عليك طيلة هذه السنوات، صحيح!، كنت فتاة رخيصة في نظرك لذا قمت بخيانتي بعد ان مللت مني، صحيح!، انت لم تحبني يوما، صحيح!
ارتفعت نبرتها التي تمتلأ بالقهر بجانب دموعها التي سالت على وجنتيها لتحرقها، مسحت وجهها بكفها الذي عاد ليرتجف ثم تابعت.

- الآن فهمت، انت قد كنت تريد أن تبعدني عنك لهذا السبب، تريد أن تتزوج بسارة فهي تليق بك و انا لا، انا فقط كنت رغبة بالنسبة إليك و حصلت علي بسهولة بإعطاء والدي المادي المال
امسك عمار بذراعها بقوة و هتف بإنزعاج و الاستنكار ظاهر على ملامح وجهه
- ما هذا الذي تقولينه!، هذا ليس صحي...
قاطعته بمرارة و صوت منخفض أثر دموعها
التي تخنقها.

- اتعلم ان كنت أخبرتني منذ البداية انك لا تحبني و انك قد اشتريتني بمالك ما كنت قد التزقت بك و ازعجتك بقولي اني أحبك، كنت قد تركتك تكمل حياتك بدوني، حياتك التي كانت أفضل قبل عودتي، أعلم
ترك عمار ذراعها و ابتعد عنها و هو يمسح وجهه بكفيه بعنف، كيف يخبرها أن هذا ليس صحيح؟، هي لا تعطيه الفرصة للحديث حتى.
- اريد الطلاق.

اخرجت هذه الكلمة بصعوبة بالغة من بين شفتيها، و قد وصلت له بنبرة حاسمة صدمته لوهلة، التفت بحدة و نظر لها بعمق ثم تقدم منها و جذبها من ذراعها بقوة آلمتها و قال و هو يجز على اسنانه
- هل تريدين الطلاق الآن؟
نظرت لحدقتيه بعجز و اجابت بفتور
- اريد ان اشتري ما تبقى لي من كرامة
دفعها بغضب فأرتدت نيروز على أثرها، ساد الصمت لدقيقة كاملة قبل ان يأتيها قوله البارد
- لن أطلقك.

و تابع بجمود و هو يضع كفيه في جيوب بنطاله
- ألا تتذكرين ما قلته لكِ في بداية الأمر، أن فرصة الطلاق لن تأتي لكي إذ رفضيها
حدقت به لبرهه ثم قالت بحيرة
- ماذا تعني بهذا؟
لواها ظهره و قال بحزم
- أعني اني لن اطلقك، انتِ قد اخترتي هذا الطريق منذ البداية، لذا اكمليه
مسحت وجهها مرة أخرى من دموعها التي تسيل بهدوء على وجنتيها، ثم مررت اناملها بين خصلات شعرها و هي تتنفس بعمق، و سألته
بوهن.

- لماذا تريد مني ان اكمله؟، فقط لتعذيبي؟!
لم يجيبها، بل تركها و غادر الغرفة، فأسرعت و لحقت به لتعيق طريقه اسفل السلم، هتفت بغضب و قد فقدت ما تملكه من صبر و تماسك
- لن تغادر و تتركني هكذا، لن تغادر دون أن تطلقني
توقف ونظر لها بجفاء و قال
- لن أطلقك
صرخت به بإنفعال و قد فقدت اعصابها.

- لماذا؟، لماذا لا تريد؟، ألست انا التي كنت تريد التخلص منها؟، ألست انا التي كنت تريد أن تبعدها عنك بأي طريقة، ها قد جاءت لك الفرصة لكي تتخلص مني، لذا تخلص
خرج كلا من سارة و غادة من غرقة الجلوس على إثر صراخ نيروز و هما يشعران بالحيرة،
و نزلت ميساء سريعاً و هي تشعر بالقلق، و توقفت بجانب والدتها و سارة، لتشاهد ما يدور بين عمار و نيروز
تعالت شهقات نيروز و هي تنهال عليه ضرباً بقبضتها و تهتف بقهر و عتاب.

- لماذا لا تريد أن ترحم ضعفي؟!، لماذا تريديني أن أظهر أمام نفسي مثيرة للشفقة هكذا!، ألا يكفيك كل تلك الإهانة التي تلقيتها منك و من الجميع!، ألا يكفيك ضعفي هذا!
امسكت بياقة قميصه و ترجته بعجز و قد وصلت إلى مرحلة الانهيار التام.

- لن استطع ان اعيش بهذا العذاب؟، بهذا العار الذي التزق بي الآن، بهذا الذل و الألم، انا قد اكتفيت حقا، انا لست قوية، انا ضعيفة جدا، انا أضعف منك، انا و حبي ضعفاء الآن، لذا رجاءً، رفقا بنا
قد آلمه قلبه عليها، على حالتها التي مزقته من الداخل تمزيقا موحشاً، و كما حدث مع ميساء التي بكت أثر حالة نيروز.
- اسف، لن استطيع.

همس بها عمار بعجز جانب اذنها، فتوقفت شهقاتها و رفعت نظراتها له و قد بدأ الغضب يشتعل في حدقتيها، فهو لا ينوي رحمها ابدا، دفعته بقوتها التي دبت بداخلها فجأة، و قالت بصرامة
- إذا، سأقوم بخلعك
- لن تستطيعي فعل ذلك
قالها بخفوت، فتعالى صوتها بتحدي
- سترى
ثم التفتت لتتجه لباب الفيلا و تغادر، لكنها قبل ان تفعل ذلك وجدته يقبض على ذراعها بقسوة، فنظرت له بإمتعاض، في حين قال بحدة
- لن أرى، فأنتِ لن تخرجي من هنا.

ثم سحبها ليصعد السلم و لكنها هتفت بغضب جامح
- اتركني، ماذا تفعل؟!
ثم شبثت قدميها بالأرض ليصعب عليه جرها، فحملها، فصرخت
- اتركني، سأقوم بخلعك، صدقني، اتركني
-عمار، ماذا تفعل؟
هتفت بها ميساء، فهتف هو الآخر بحسم و هو يكمل صعود السلم
- لا أحد يتدخل
نظرت ميساء لغادة و قالت بريبة
- امي، ماذا سيفعل عمار؟
هزت غادة كتفيها و تمتمت بقلق
- لا أعلم
اتاهم قول سارة المستخف.

- ما كل هذه الدراما!، كان يطلقها لننتهي من هذا الأمر
رمقتها ميساء بغضب، و قالت بصرامة
- اصمتِ، و إلا قتلتك
ثم تركتهم، فتمتمت سارة لغادة بندم مزيف
- اسفة يا عمتي، لم أقصد قول ذلك
نظرت لها غادة بطرف عينيها دون أي تعبير ظاهر، ثم تركتها لتعود لغرفة الجلوس، شاردة الذهن.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة