قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الثالث

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الثالث

رواية لك وعدي للكاتبة مي علاء الفصل الثالث

بعد مرور بعض الوقت
- اين انت يا عمار؟، الآن الساعة الثالثة عصرا، متى ستأتي؟
قالتها غادة لعمار عبر الهاتف، فأجاب الأخير
- سأصل قريبا
- حسنا، هل معك سارة؟
- نعم
- حسنا، لا تتأخر
انهت غادة المكالمة، ثم حدثت الخادمة التي تنتظر اوامرها.
- عمار اتي في الطريق، لذلك، هل انتهيتم من طهي الطعام؟
- نعم يا سيدتي، كل شيء جاهز
- عظيم، عودي لعملك
اومأت الخادمة برأسها و غادرت، بينما إتجهت غادة للسلم و صعدته.

بعد فترة وجيزة...
وصلا كلا من سارة وعمار للفيلا، استأذن عمار ليصعد لغرفته و يبدل ملابسه، بينما جلست سارة مع والدته غادة، يتحدثون عن أمور عدة.

- هذا ما حدث يا عمتي
قالتها نيروز عبر الهاتف ل اسماء بعد ان سردت لها ما حدث، فسألتها أسماء بقلق
- حسنا، هل انتِ بخير؟، اين انتِ الان؟
- انا، لا، لست بخير يا عمتي
قالتها نيروز و قد عادت للبكاء مرة أخرى، فقالت أسماء بحزن
- ياليتني كنت معك الآن، كنت ساعدتك
- لا، اهتمي الآن بعملك في فرنسا، و انا سأتولى أمري بنفسي
قالتها نيروز و هي تحاول ان تتوقف عن البكاء، فقالت أسماء
- حسنا اخبريني، اين انتِ الان؟

- انا، انا في الشارع، أشعر بالاختناق لذلك
اردت ان استنشق بعض الهواء النقي
- عودي للمنزل يا نيروز و خذي قسطا من الراحة
- لا، لن أعود الآن
- لماذا؟، هل تنوين على الذهاب لمكان آخر؟
صمتت نيروز ل تتنفس بعمق، و من ثم تقول
- نعم
- اين؟
- لعمار
- ماذا؟، لماذا ستذهبين له يا نيروز؟
قالتها اسماء بحدة، و اردفت بصرامة
- لا تذهبي له يا نيروز
- لماذا لا اذهب له؟
- هكذا، لا تذهبي له
- انا أحتاجه و بشدة يا عمتي.

تهدج صوتها مع كلماتها تلك، فشعرت أسماء
بالشفقة و الحزن على ابنة اخيها التي تعاني، تنفست بعمق قبل ان تقول بهدوء
- حسنا، اذهبي له و لكن احسني التصرف
- حسنا، سأغلق الآن و سأتصل بك مساءًا
- حسنا يا عزيزتي، اعتني بنفسك
انهت نيروز المكالمة و هي توقف سيارة أجرة.

في فيلا أحمد فريد
- لماذا لا تأكين يا عزيزتي سارة؟!
قالتها غادة لسارة عندما لاحظت انها شاردة و لم تتناول إلا القليل من طبقها، فنظر عمار لسارة و قال:
- هل الطعام سيء؟
- لا، الطعام جميل جدا
قالتها سارة بسرعة و اردفت و هي تبتسم
- فقط شردت قليلاً، اسفة
- حسنا
قالها عمار بهدوء، ثم عاد يتناول طعامه، بينما قالت غادة
- هل لديكِ أي مواعيد بعد مغادرتك من هنا يا سارة؟
- لا.

- جيد، إذا أريدك أن تأتي معي بعد ان ننتهي من تناول طعام الغذاء
- الي اين؟
- سنذهب لنتسوق قليلا، موافقة؟
إبتسمت سارة و قالت
- بالتأكيد موافقة، فهذا شرف لي
إبتسمت غادة برضا و قالت
- شكرا لك يا جميلتي انتِ
و اردفت و هي تنظر لعمار
- عمار، ما رأيك أن تأتي معنا؟
- نعم، تعال معنا
قالتها سارة بحماس، فنظر لهم عمار بهدوء و قال
- ليس لي في تسوق النساء، لذلك اذهبوا بمفردكم.

- بل تقصد انك تريد أن تعمل لذلك لا تريد أن تأتي معنا
قالتها غادة بضيق، فضحك عمار بخفة و قال
- حسنا، سأقوم بإصالكم فقط، هل انتِ راضية؟
إبتسمت غادة و تمتمت
- راضية
- سيدي، اسفة على المقاطعة، ولكن هناك سيدة تريد مقابلتك
قالتها الخادمة لعمار الذي سأل
- سيدة؟، من هي؟
- انها السيدة نيروز
- ماذا؟!
قالتها غادة بحدة، ثم نهضت و قالت
- قولي لها أن تغادر، الآن
اومأت الخادمة برأسها و هي تتمتم
- حسنا يا سيدتي.

- اهدئي يا عمتي
قالتها سارة بخفوت و هي تربت على كف غادة، بينما قال عمار
- ما الأمر يا أمي؟، من هذه؟، اتعرفينها؟
- لا
قالتها غادة بحسم و هي تعود للجلوس، فعاد عمار لتناول طعامه بهدوء، و أيضا سارة، و لكن هذا الهدوء لم يطل طويلا، فقد اقتحمت نيروز غرفة الطعام و هي تقول بإصرار
- لا، انا اريد ان اقابله، و الآن
التفت عمار برأسه و نظر لها و من ثم نهض، بينما نهضت غادة و هتفت بغضب للخادمة.

- الم أقل أن تجعلوها تغادر
- اسفة
قالتها الخادمة بصوت متلعثم، ثم اقتربت من نيروز و قالت بخفوت
- ارجوكي يا سيدتي، غادري
- اتركيها
قالها عمار للخادمة و هو ينظر لنيروز التي كانت تبادله نظراته، فنظرت له غادة و قالت
- عمار!
خرجت الخادمة من غرفة الطعام بينما تقدم عمار من نيروز حتى توقف امامها و قال بهدوء
- أعتقد اني رأيتك سابقا، صحيح؟
- نعم، لقد أتيت لك في الشركة و...
قاطعها ببرود.

- هاا، تذكرتك الأن، ماذا تريدين مني؟
فتحت شفتيها لتخرج حروفها ولكنه قاطعها بقوله
- انتظري، قبل أن تجيبي، الا تعتقدي أن الطريقة التي دخلتي بها إلى هنا طريقة غير مهذبة؟
بلعت نيروز لعابها بتوتر و قالت
- اسفة على طريقة دخولي، و لكني كنت في حاجة لمقابلتك
غمغم و قال
- حسنا، هيا اخبريني، ماذا تريدين؟
- هل لنا أن نتحدث على انفراد؟
- لا
قالتها غادة بإنفعال، بينما قال عمار
- حسنا، اتبعيني.

انهى جملته و إتجه للباب ليغادر، فلحقته، بينما
رمقتها غادة ببغض قبل ان تجلس و تقول لسارة التي كانت جالسة بهدوءها
- أترين مدى وقاحتها؟، كيف لها أن تأتي و تقابله بعد كل ما حدث!
هزت سارة كتفيها، ثم نظرت لطعامها بشرود.
دلف عمار لغرفة مكتبه و هي خلفه، جلس على الأريكة و دعاها للجلوس فجلست على الأريكة المقابلة له، ضمت كفيها بتوتر، فقد كان هناك صمت متوتر.
- انتظر...

قالها عمار و هو ينظر لنيروز بهدوء، فرفعت نظراتها له و بلعت لعابها باضطراب و قالت
- اريد ان اسألك سؤال، هل أنت حقا، لا تتذكرني؟، ليس لك أي ذكريات معي تتذكرها؟
- لماذا تسألي مثل هذا السؤال؟، هل من
المفترض أن أحمل ذكريات لنا معا؟، هل اعرفك منذ القدم؟
إبتسمت بحزن و قالت
- نعم من المفترض أن تتذكرني، فهناك الكثير من الذكريات لنا معا
- صدقا!
قالها بإستغراب و اكمل
- لم يخبرني احدا عنك سابقا.

- بالتأكيد، فكما سمعت أني كنت مصدر الم بالنسبة لك
هز رأسه و قال
- حسنا اخبريني، من انتِ؟، لعلي اتذكرك
تنفست بعمق قبل ان تقول ببطء
- انا نيروز، زوجتك
ساد الصمت لدقائق، يحدق بها عمار دون أي تعبير ظاهر على ملامح وجهه، بينما هي...
التوتر و الخوف تملكانها.
- حسنا، سأفترض انكِ زوجتي حقا، فلماذا لم تكوني معي كل تلك الفترة؟
قالها بهدوء، بلعت لعابها مرة آخرى بتوتر و اجابت بتلعثم خفيف.

- حدث شيء، جعلني أغادر البلاد و اتركك
- ما هو هذا الشيء؟
فركت كفيها ببعضهما البعض بتوتر و صمتت، فلا تعلم بماذا تجيبه، هل تخبره أنها غادرت لخيانته لها؟، إخباره بذلك إهانة لها، لذلك صمتت، فقال بهدوء
- لا تملكين إجابة؟
هزت رأسها بالإيماء، فقال
- حسنا، هل من شيء آخر؟
التزمت الصمت، فنهض و قال
- ما يبدو أن ليس هنا ما تقولينه، لذلك سأغادر
و سار في إتجاه الباب، و لكنها اوقفته قبل ان يصل للأخيرة بقولها
- انتظر.

توقف و التفت لها، فنهضت و تقدمت منه و هي تضغط على قبضتها لتستجمع شجاعتها، توقفت أمامه مباشرةً و قالت و هي تنظر لحدقتيه
- أحتاج مساعدتك بشيء
- ما هو؟
- اريدك ان تساعدني في ان اعيد ذاكرتك لك
- كيف؟
صمتت لبرهه قبل ان تقول بثبات
- سأمكث معك، هنا.

اليوم التالي
- صدقا ما تقولينه يا نيروز؟، هل وافق عمار حقا!
قالتها اسماء بعدم تصديق بعد ان أخبرتها نيروز عما حدث في اليوم السابق و عن موافقة عمار على طلبها في ان تمكث معه لتساعده في إعادة ذاكرته له، قالت نيروز بسعادة
- نعم وافق، في البداية كان مترددا و من ثم وافق، و الآن انا اقوم بحزم ملابسي في الحقيبة لأذهب و أعيش معه
- هل انتِ متأكدة يا نيروز مما ستفعلينه؟
- نعم متأكدة، فأنا اريد ان اصبح بجانبه.

صمتت أسماء لبرهه قبل ان تقول
- حسنا اخبريني، ماذا كان رد فعل غادة؟
- لا أعلم، فأنا قد غادرت سريعا بعد ان وافق، و لكن أعتقد أنها لن تحبذ هذه الفكرة ابدا
- انا ايضا، أعتقد ذلك
جلست نيروز على فراشها و قالت
- اتعلمين، انا اشعر بالحيرة يا عمتي، لا اعلم لما تغيرت معي والدته، فهي الآن تعاملني بقسوة و كره، عكس الماضي تماما
- لا اعتقد انها تكرهك، فقط هي حزينة منك لتركك لابنها سابقا
- و هي تعلم سبب تركي له.

- انها والدته على كل حال يا نيروز، و ستقف معه حتى أن فعل خطأ
تنهدت نيروز و قالت
- حسنا، سأغلق الآن لكي أغادر، فعمار سيأتي و يأخذني
- صدقا!
قالتها اسماء بذهول، فإتسعت إبتسامة نيروز و هي تنهض لتتجه للنافذة و تنظر للأسفل و هي تجيب اسماء
- صدقا، هو اخبرني انه سيأتي لأصطحابي، و انا اعطيته العنوان
- حسنا يا عزيزتي، اتمنى لكِ حظا جيدا، سأغلق لكي أعود للعمل و لكي تذهبي انتي لعمار
- حسنا يا عمتي، أقبلك، وداعاً.

انهت نيروز المكالمة و ظلت واقفة تنتظر قدومه، لمحت سيارة فاخرة اتيه، فتوقعت انه هو، و تأكدت عندما اوقف السيارة امام المبنى الذي تسكن فيه و ترجل، التفتت بسعادة و اخذت حقيبتها، وغادرت المنزل.
في السيارة.

كان الصمت سيد الموقف، فقد كان عمار هادئ جدا، يقود السيارة بهدوء، بينما نيروز كانت فقط تختلس النظر له، كانت تريد أن تتحدث معه و لكن ليس لديها ما تقوله، لذلك اكتفت بتأمل ملامح وجهه الرجولية، شعره البني الداكن الذي يصففه بطريقة انيقة تمنحه مظهرا حضاريا، و عينيه المماثلة للون شعره، لها جاذبية قاتلة، بجانب لحيته الخفيفة و بشرته الحنطية.

التفت عمار فجأة لينظر لها فخجلت نيروز و أشاحت برأسها سريعا، قال عمار بهدوء
- اخبريني يا نيروز، كيف تقابلنا انا و انتِ لأول مرة؟
عادت و نظرت له و اجابت بهدوء
- كان حادث سيارة، انت كدت أن تصطدم بي بسيارتك
هز رأسه، ثم عاد و نظر للطريق، و ساد الصمت مرة آخرى.

في فيلا أحمد فريد
كانت غادة تجوب الغرفة ذهابا و إيابا، لا تستطيع قبول فكرة عودة نيروز لحياة ابنها مرة آخرى، لا تريد ان ترى عمار يتألم مرة آخرى بسببها، جلست على الأريكة بحدة و هي تحدث نفسها
- ماذا علي أن أفعل؟، كيف اوقف هذا، كيف؟
حكت جبينها و هي تجول بنظراتها حولها في حين كانت تفكر في طريقة لإيقاف ذلك، و لكنها لم تجد.
بعد مرور فترة وجيزة.

عبر عمار البوابة بسيارته، ترجلت نيروز و هو أيضا، حمل حقيبتها و إتجهوا للداخل.
حيتهم الخادمة، ثم اخذت الحقيبة عندما امرها عمار ب
- خذي هذه للغرفة المجاورة لغرفتي
- حسنا يا سيدي
- اتبعيني
قالها عمار لنيروز، ثم إتجه لغرفة الجلوس حيث كانت غادة تجلس هناك.
- كيف حالك يا جميلتي
قالها عمار و هو يقبل يد غادة، فإبتسمت وقالت
- بخير برؤيتك، فقط
قالت الأخيرة بمكر، بينما مدت نيروز يدها لتسلم على غادة و هي تقول.

- كيف حالك يا عمتي؟
نظرت لها غادة بطرف عينيها و تجاهلت يد
نيروز و قالت لعمار
- عمار، ماذا ستفعل الآن؟
اعادت نيروز يدها بجانبها بإحراج، بينما اجاب عمار على غادة
- سأذهب للشركة، لماذا؟
- لا شيء، هيا اذهب لكي لا تتأخر على عملك
- حسنا
و من ثم نظر لنيروز و اردف
- عندما أعود سنتحدث، حسنا؟
اومأت نيروز برأسها، فالتفت عمار و غادر، بينما قالت غادة لنيروز
- لا تتوقعي الكثير، حسنا.

انهت جملتها و تركتها، فتنهدت نيروز بعمق قبل ان تلتفت و تتجه للسلم و تصعده، وصلت للطابق العلوي و انحنت يمينا لتصل لغرفة عمار، كما تتذكر موقعها، توقفت امام الباب لبرهه..
مدت يدها لتضعها على المقبض و قبل أن تبرمه سمعت صوت الخادمة
- سيدتي، هذه غرفة السيد عمار، هنا غرفتك
قالت الأخيرة و هي تشير للغرفة المجاورة لغرفة عمار، فقالت نيروز
- حسنا
وابتعدت عن غرفة عمار و دخلت لغرفتها.

بعد مرور الوقت
في الشركة
- كيف حالك اليوم يا عمار؟
قالتها سارة لعمار و هي تجلس على الكرسي المقابل لطاولة مكتب عمار، فإبتسم الأخير و قال
- بخير، و انتِ؟
- افضل منك
قالتها بمزاح، فضحك بخفة و قال بمزاح
- هل انتِ متأكدة مما تقولينه؟
- لا
قالتها و هي تضحك، و من ثم اردفت بجدية
- اخبرني، ماذا حدث معك؟
- بماذا؟
- نيروز
عاد و نظر لشاشة الحاسوب و قال
- لا شيء، فقط احضرتها اليوم للفيلا
- و والدتك؟، ماذا فعلت؟

- لا شيء، حاليا
نقل نظراته لها و سأل
- سارة، اخبريني، لماذا لم يخبرني احدا منكم عن نيروز من قبل؟ و أنها زوجتي؟
صمتت سارة لبرهه قبل ان تجيب بهدوء
- سأحدثك بصدق، بالنسبة لي، لم ارد أن أعيدك للماضي، أما والدتك لم تخبرك فهي لم تكن تعلم انك فقدت ذاكرتك، فهي اعتقدت انك تخطيت نيروز لذلك لم تأتي بسيرتها ابدا
همهم و قال
- فهمت
ثم عاد و نظر لشاشة الحاسوب مرة آخرى، فقالت سارة
- هل انت مشغول؟، هل اغادر؟
- لا.

نقل نظراته لها و اكمل
- هل تريدين مساعدتي؟
- بالتأكيد، بماذا تريد أن اساعدك؟

بدأ الليل يسدل ستائره
في غرفة نيروز
فتحت نيروز عينيها بتعب و نقلت نظراتها حولها.
- هل نمت؟
قالتها نيروز بحيرة لنفسها، ثم تذكرت أنها نامت من كثر ارهاقها، فإبتسمت و نهضت من على فراشها و إتجهت للمرحاض لتغتسل.

انتهت سريعا و ارتدت ملابسها، إتجهت لمنتضدة الزينة لتأخذ المشط و تسرح شعرها الأسود الطويل، و بعد ان انتهت التفتت و غادرت غرفتها، توقفت امام غرفة عمار، الغرفة التي كانت غرفتهما في الماضي، تريد أن تدخلها لترى، هل قام بتغير اثاثها؟، تقدمت من الباب و برمت قبضته ببطء، اتت ان تخطوا
خطواتها للداخل و لكن صوت عمار منعها، فقد فزعت عندما سمعت صوته خلفها
- ماذا تفعلين هنا؟
التفتت بسرعة و قالت بتلعثم.

- انا، انا لا أفعل، شيء، صدقا
رمقها بشك قبل ان يقترب منها و هو يقول
- حسنا، هل ستنزلي لتتناولي الطعام معنا؟
- نعم، كدت، ان انزل
- حسنا، هيا انزلي
قالها و هو يقف امامها مباشرةً، فقالت
- ألن تأتي؟
- سأبدل ملابسي أولا
نظرت حولها و من ثم اومأت برأسها و قالت بإحراج
- يبدو اني أعطلك
- نعم
قالها ببرود، فنظرت له بذهول لصراحته، اخفضت رأسها و تمتمت
- حسنا، سأغادر
ثم تخطته لتسبقه للأسفل.

دلفت نيروز لغرفة الطعام و القت التحية على غادة، جلست مقابل غادة و هي تنظر للفتاة الشقراء التي تجلس بجانب غادة بفضول لمعرفة من هي، فلم تكن نيروز تعرف سارة، لذلك تملكتها الحيرة بشأنها، فمن هذه؟
- أعتقد انكِ تتسائلين الآن من انا، صحيح؟
قالتها سارة و هي تبتسم بهدوء، فإبتسمت نيروز و قالت
- صحيح
- انا سارة، صديقة عمار المقربة
- سعيدة برؤيتك
هزت سارة رأسها و هي تتمتم
- شكرا، انتِ نيروز، صحيح؟

- نعم، انا نيروز، زوجته
قالتها نيروز عمدا، فقالت سارة
- أعلم ذلك
دلف عمار لغرفة الطعام و جلس في المقعد، متوسطا اياهم.
- ضعوا الطعام
قالتها غادة للخادمة التي بدأت في وضع الطعام على طاولة السفرة.
- سارة، ضعي لعمار الطعام في طبقه
قالتها غادة لسارة بلطف، فأومأت سارة برأسها و بدأت في وضع الطعام في طبق عمار، فشعرت نيروز بالضيق، فمن المفترض أن تقوم هي بذلك و ليست سارة.

- انتظري، عمار لا يحب الحمام، فلذلك لا تضعيه له
قالتها نيروز بتلقائية عندما رأت سارة تمسك بواحدة، فنظرت لها سارة و قالت
- لا، عمار يحب الحمام، بل يعشقه، صحيح يا عمتي؟
- صحيح يا جميلتي انتِ
و اكملت غادة بخبث و هي تنظر لنيروز
- اتعلمين يا نيروز، عمار أصبح يحب ما كان يكرهه و أصبح يكره ما كان يحب
نظر عمار لهم و قال
- هل لنا أن نأكل الطعام الان؟
- بالتأكيد.

قالتها سارة و غادة معا و من ثم بدؤوا في تناول طعامهم، بينما ظلت نيروز تنظر لطعامها بشرود، تحرك الملعقة فيه دون أن تتناول شيء
، فقد شعرت بالضيق و الحزن من كلمات غادة.
- لماذا لا تتناولين طعامك؟
سألها عمار، فتنفست بعمق قبل ان تنهض و تقول
- اشعر بالشبع، لذلك، سأصعد لغرفتي
انهت جملتها و تركتهم دون انتظار رده.

وصلت نيروز للطابق العلوي و انحنت يمينا لتصل لغرفة عمار و تدخلها بخطوات مترددة، اغلقت الباب خلفها و هي تنظر لأركان الغرفة بحزن، لقد قام بتغيير كل شيء، لقد تخلص منها، تماما، اكملت سيرها لتصل للفراش و تجلس على طرفه لتمد يدها لتتلمس وسادته بأناملها و من ثم تلتقطها و تضعها أمام انفها لتشم رائحته، طبقت جفونها لتستمع بهذه اللحظة، و لكنها لم تستمتع ابدا فقد هاجمتها ذكرياتها معه، هذه الذكريات تألمها الآن و تشعرها بالحسرة، فتحت.

جفونها و اعادت الوسادة لمكانها و من ثم نهضت و إتجهت للشرفة التي تطل على الحديقة الخلفية للفيلا، و دخلتها، ضحكت عندما رأت الأرجوحة الخشبية في الحديقة الخلفية، فهي لها العديد من الذكريات معه فيها، تنفست بعمق و هي تجلس على الكرسي الموضوع على احدى الجوانب للشرفة و شردت، فقد هاجمتها احدى ذكرياتها الجميلة معه.

كانت نيروز جالسة على الأرجوحة الخشبية، تنظر امامها بشرود، فقد كانت تفكر ماذا يجب عليها أن تجلب له في عيد زواجهم الأول؟، كانت تشعر بالحيرة.
فجأة شعرت بشيء بارد يوضع على رقبتها،
فأنتفضت بخفة و هي تضع يدها على رقبتها فوجدتها قلادة من الذهب، التفتت برأسها فوجدته هو الفاعل.
- ماذا تفعل؟
قالتها بلطف، فإبتسم و هو يلتف حول الأرجوحة ليأخذ مكانه بجانبها و يجيب
- أحضرت لزهرتي هدية صغيرة، فقط.

نظرت نيروز للقلادة و قالت و هي تتلمسها
- هدية جميلة، شكرا لك
- شكرا فقط!
قالها بإستنكار، و اردف بمزاح
- اعيديها إلي، هيا
ضحكت نيروز و اقتربت منه و طوقت رقبته بذراعيها و هي تقول بخفوت
- لن اعيدها، و لكني سأعطيك شيء آخر
إتسعت إبتسامته و هو ينظر لها بخبث و يقول
بحسم
- لن أقبل بشيء صغير
إبتسمت بخجل و قالت بمزاح
- هذه مشكلتك.

انهت جملتها سريعا و قبلته من شفتيه، فبادلها اياها و قد طوق خصرها بذراعيه، فإبتعدت عنه و نظرت له و قد توردت وجنتيها، و قالت
- صحيح، اريد ان اخذ رأيك في شيء
- ليس الآن
قالها و هو يقترب منها، فضحكت و قالت
- احدثك بجدية يا عمار الآن
- قلت، ليس الآن
قال الأخيرة و هو يحملها بين ذراعيه، فقالت بخجل
- انتظر، أريدك أن تساعدني في التفكير ف...
قاطعها عن إكمال حديثها عندما طبع قبلة سريعة
على شفتيها و من ثم همس
- اصمتي.

إبتسمت بخجل و اومأت برأسها.

الوقت الحالي
سالت دموع نيروز على وجنتيها دون أن تشعر، نظرت للسماء و هي تتنهد بقوة لعلها تشعر بالتحسن، فهي تشعر بأن هناك جرح كبير ينزف بداخلها، لا يؤلمها، فقط يقتلها ببطء!
انتفضت من مكانها عندما سمعت صوت باب الغرفة يفتح، مسحت دموعها بسرعة و إتجهت للشرفة ببطء و حذر و نظرت بالخفاء من خلف السيتار فوجدته، إنه عمار، لماذا اتى الان؟.

أليس من المفترض انه يأكل الآن!، مسحت وجهها بكفيها بتوتر و هي تحدث نفسها
- كيف سأخرج من هنا؟
عادت و نظرت من خلف السيتارة عليه فوجدته يتجه لفراشه ليجلس عليه و يمد يده ليفتح أحد ادراج الكومود ليخرج منها عبوة دواء و يفتحها ليأخذ قرص، قضبت نيروز جبينها و هي تسأل نفسها بقلق
- ما هذا الدواء؟، هل هو مريض؟
تراجعت للخلف عندما نهض، سار في إتجاه الشرفة و دخلها، فوضعت كفيها على وجهها و هي تحاول ان تختبئ.

- هل ستظلين هنا كثيرا؟
قالها عمار و هو يضع كفيه في جيوب بنطاله، فأبعدت نيروز كفيها ببطء و هي تبلع لعابها بتوتر، و قالت بتلعثم
- لا
- حسنا، غادري
اومأت برأسها و خطت خطواتها و ما لبثت ان عادت و توقفت امامه و قالت بتساؤل
- هل كنت تعلم اني هنا؟
- لا
- إذا كيف علمت اني هنا؟
- رأيت صورتك المنعكسة على المرآة
نظرت للمرآه الطويلة المعلقة على الحائط المقابلة للشرفة و تمتمت
- فهمت
و من ثم اردفت.

- حسنا، هل تريد أن تعرف ماذا كنت أفعل هنا؟
- لا
- حسنا سأخبرك
رمقها ببرود، فإبتسمت بمرح و قالت و هي
تشير للأرجوحة في الأسفل
- أترى هذه الارجوحة؟، انا و انت لنا الكثير من الذكريات فيها
نظر لما تشير إليه و قال ببرود
- لا أتذكر
- أعلم
قالتها بضيق، و اردفت و هي تبتسم
- و لكنك قريبا ستتذكر كل شيء
- حسنا، هل لكِ أن تغادري الان؟

شعرت بالإحراج، فأومأت برأسها و تخطته لتخرج من الشرفة و تتجه للباب، و قبل ان تصل للأخير توقفت و التفتت و هي تقول
- اريد منك أن...
توقفت عن اكمال جملتها و بلعت لعابها بتوتر و قد توردت وجنتيها عندما رأته عاري الصدر، فقد خلع قميصه، فتهدج صوتها و هي تقول
بخفوت
- حسنا، سأغادر
و التفتت سريعا و غادرت و هي تكاد تسمع صوت دقات قلبها التي تسارعت فجأة.

دلفت لغرفتها سريعا و اسندت جسدها على الباب، طبقت جفونها و هي تضع يدها على صدرها الذي يعلو و يهبط من سرعة تنفسها، فأرتسمت في مخيلتها صورته التي رأته بها منذ ثواني، فقد كان مفرط في جاذبيته، بقامته المديدة و كتفيه العريضين، هزت رأسها بعنف و هي تتمتم بإستنكار
- ما هذا الذي أفكر به؟!
فتحت جفونها و إتجهت للسرير و القت بجسدها عليه، تنهدت و هي تحدق في السقف بهدوء.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة