رواية لعنتي وعذابي الجزء الثاني للكاتبة منى الأسيوطي الفصل الثالث عشر
هل كما يقول البعض، أن البعد يولد الجفاء. بالطبع انة كذلك، لقد مرء شهر كاملا منذ أن التقت بالجميع، وأصبحت حياتها خالية، لا تفعل شئ سوى العمل في الصباح، وفي المساء تذهب لقصرها الخالى من السكان سواها، تجلس بمفردها طيلة الليل، أصبحت نحيفة بعض الشئ بسبب قلة تناولها للطعام، التي تكاد ان تكون معدومة، وكثرة تناولها للمشروب، وأكثر ما كان يخيف أصدقائها حين أخبرهم رئيس الحرس الخاص بها انها تعد الطعام وبكثرة، وكأنها تعده لاسرتها، ولكن ينتهى به المطاف للخدم والحراس، أما عند أسر لم يختلف الوضع كثيرا، حيث أصبح منعزل عن الجميع، قليل الحديث، يتجنب المكوث مع أسرته حين يذكروها، ويذكرو أنهم اشتاقو لها كثيرا، لقد طلبت اريج من أسر أن يذهب لها ويعيدها، ولكن شيطان العند تملك منة ليكون نهاية حديثها ان يذهب ويترك المنزل ليعود في وقت متأخر من الليل، ليمسك بصورتها وعيناه تبكى وبشدة، ولأول مرة بحياتة يسمح لدموعه بالهبوط، يبكى على حب حياتة التي خدعتة، ماذا فعل كى تخون ثقة وحبه لها! يسأل نفسة يوميا، متى سينتهي ذلك الألم الذي يعصف بقلبة؟ متى ستعود زوجتة، ليتذكر أنه كان من المقرر إتمام زفافها برفقة زفاف زين وسليم، ولكن للقدر رأى اخر، حين تبدلت العروس من سما لشقيقتة حبيبة، وتبدل هو بمازن الذي طلب يد شقيقتة ليوافق الياس بعد ان أخذ برأى ابنته في تلك الزيجة، لتوافق والخجل رفيقها، ولكنها كانت تزعم بداخلها أن تعيد تأديب ذلك المتمرد الذي اجبرها على الموافقة بطرقة الخاصة.
منزل الديب صباحا. غرفة أسر.
يقف أمام طاولة الزينة، وهو يصفف خصلاتة الفحمية، ويرتدى ساعة يدة ويستعد من اجل الذهاب للعمل، ليقطع لحظاته دلوف أريج العاصف، التي كان يبدو انها تبكى لتقول بحزم.
أريج، بص بقى، انا معدش عندى قدرة على المنهادة، كلمة واحدة ومش هتنيها يا ابن الياس، تطلع حالا تجبلى سما، ومترجعش إلا بيها.
ليلتقطت أسر جاكيت بدلتة ويرتدية وهو يقول بلامبالاة...
أسر. مش هجيب حد.
أريج بحدة وصوت مرتفع.
اللى انتو بتعملو في بعض دا غلط، الحياة مش مستاهلة البعد دا
أسر. غلط! هو مين فينا اللى غلطان، انا معملتش حاجة غير انى حبيتها، انا مأذنبتش انى خوفت عليها حتى من نفسى، ليه هي اذتنى كده؟ ليه هي كسرتنى كده؟ ليه كذبت عليا! ليه تعمل معايا كده! عارفة يعنى اى مراتى تطلع صاحبة امبراطوريةssوانا الاهبل اللى نايم على ودانة، أبوس إيدك يا أمى بلاش تتكلمى عن الموضوع دا تانى.
أريج ببكاء. بس انا خايفة عليها، طول عمرها معتمدة علينا، دى مش...
أسر مقاطعا. كذب، كذب ياامى، سما كذبت علينا وخدعتنا كلنا، انتى طيبة اوووى يا امى، انتى متعرفش مين ss، يا امى كلنا كنا فاكرينssدا راجل، لانه في السوق بتاعنا ليه كلمة مسموعة، بكلمة واحدة كان الكل بيطاطى راسة، ويوافق من سكات على اوامرة
ليتنهد بقوة وتعلو تلك البسمة التي تدل على السخرية من نفسة ويكمل حديثة قائلا.
أسر. وتخيلى شكلى قدام نفسى وقدام الكل لما اتعرف مين هو ss، ارجوكى يا امى، بلاش السيرة دى تانى، انا اللى فيا مكفينى
أريج. يا نور عينى، انا زعلانة على حالكم، وفي الأول والآخر انت بتحبها، وقلبك متعلق بيها
أسر بجمود مصطنع. دا انا أطلع قلبى بايدى وافعصه وارمية، يوم ما حب حياتى يهين كرامتى
ليجفف دموع والدتة ويقبل جبينها قائلا بتنهيدة.
أسر. اوعى تعيطى تانى، دموعك غالية يا امى، ادعيلى انتى بس وكل حاجة هتكون بخير
أريج بحب. ربنا يفرح قلبك ويجمع بينكم تانى، بس وغلاوتى عندك يا ضنايا، حاول ترجعها، البيت وحش من غيرها، وحشنى صوتها في البيت، وجنونها وخوفها وغناها واكلها، كلها وحشتنى، أسر سما هي الذكرى اللى اتبقتلى من أمها، انا بحلم بامها كل يوم من يوم ما سما مشيت، علشان خاطرى يا أسر
أسر بتنهيدة. حاضر يا امى. بعد إذنك.
لينهى حديثة وهو يقبل يدها ويتجة للخارج لتنظر أريج لاثرة قائلا.
أريج. ربنا يصلح حالكم ويهديكم.
قصر ss...
لقد استيقظت منذ مدة وجيزة، ولكنها لم تتحرك من الفراش، ظلت ممدةكما هي تنظر لسقف غرفتها بشرود وحزن، تتسائل بينها وبين ذاتها يوميا، ألم يشتاق لها بعد؟ متى سيتحدث معها؟ ياللهى لقد تعبت من ابتعاده عنها تلك المدة، تشتاق له كثيرا، تشتاق لحضنة وصوتة وحنانه، اشتاقت لحبة لها، لشغفة بها، لما لم يتصل بها! لما لم يبدى اى ردة فعل تجاهها غير البعد؟ لما لم يصفعها ويصفعها حتى تهدأ نيران غضبة ولكن يبقيها بقربة، هل أصبحت بلا قيمة بالنسبة له، هي تعلم انها مخطئة، تعلم أنه لدية كل الحق فيما يفعله، ولكنها مشتاقة له وبشدة، تقسم انها كانت ستخبر الجميع بكل شئ، لكى يشاركوها نجاحها، ولكن كيف تفعل وهي تعلم ان حياة الياس مازالت بخطر، الخطر يحاوطة في كل مكان، شبح عملة مع رجال المافيا في السابق يهدد حياتة، ولقد علمت كل ذلك عن طريق المصادفة وهي تحدث أحد الأصدقاء المقربين لها بإيطاليا عن طريق الانترنت، وذلك الصديق يكون الذراع اليمنى لأكبر زعيم مافيا وهو يدعى ألفريد والذي كان سبب في صداقتهما هو زيدان، كيف ان تخاطر بحياة عمها، لتتوغل بداخلهم حتى أصبحت ذات شأن بينهم، وتصدر اوامرها بعدم الاقتراب من الياس ولكن تأتى الرياح بما لاتشتهية السفن، ليذهب كل تخطيطها في الهواء حين علمو من هو ss، ذلك الشخص المجهول الذي ينوب عنه مراد بكل شئ، علمو بكونها ابنه أخية لالياس الديب، لتصير الفوضى العارمة في محاولة الوصول إليه بسبب انشقاقة عنهم في الماضى، وذلك يعتبر خيانة لهم، ليصدرو فرمان بقتل الياس الديب، ليوقف هذا القرار مراد وهو يخبر الجميع أن هذا أمر من زعيمه وأن لم ينصاعو لاوامره سيفتك بهم واحد تلو الآخر ليقطع شرودها صوت رنين هاتفها، لتجيب سريعا حين رأت اسم مراد يزين شاشه هاتفها قائلة.
سما. اى الاخبار؟
مراد. اجتماع قمة النهاردة الساعة عشرة بالليل
سما. موافقوش على اوامرى!
مراد. هما اتفاجئو لما عرفو انتى مين، والزفت البرتو ولعها وقال بالنص (كيف نسمح أن تقودنا امرأة؟ )
سما. تمام. هو اللى جابو لنفسة. كلة إلا عيلتى يا مراد، انا هجهز حالا وحضرلى الطيارة، وعايزة اكبر عدد من الحراس، عايزة البرتو والكل لما يشوفونى تجيلهم سكتة قلبية فاهم.
مراد ببسمة خبيثة. فاااهم وفاهم اوووى. انا مستنيكى كمان ساعتين في المطار
سما. اوك
لتغلق الهاتف وتنظر لهاتفها ثم تقوم بفتح عارض الصور وتفتح ذلك الألبوم المحمل بصورها برفقة أسر لتنظر لاحداى الصور وهو يحملها مبتسما بسعادة، لتقول بصوت مسموع.
سما. اسفة، انا اسفة.
فى أحد الأماكن العامة، حيث اجتمع كل الأبناء سويا ما عدا أسر وسما. ليتحدثو بشأن ما فعلت سما بأسر، وكيف سيحاولون التقرب بينهم، والغريب ان ريم ايضا تساعدهم، فقد اشتاقت لشقيقتها كثيرا، ليقول سليم بهدوء.
سليم. طب والعمل؟
إسلام. العمل في اى ولا اى ولا اى!
سيف. الموضوع دا معقد جدا
زين. يعنى هنسيبهم كدا!
مازن. اكيد لاء طبعا
رويدا. مش يمكن فرحنا يجمعهم
سليم. انا وافقت على موضوع الفرح دا عشانهم.
حبيبة. طب تفتكرو سما هتيجى؟
عائشة. اكيد هتيجى
خديجة. ايوا هي متقدرش تزعلنا
ريم. طب مين هيعرفها بميعاد الفرح
حبيبة. لازم حد يروح يقولها، لأنها مش بترد على الفون
روايدا ببسمة. زين، هي بتسمع كلامك، ممكن تروحلها
زين. حاضر، بس أدعو انها توافق
الجميع. يارب.
شركة الديب. بعد مرور بعض الوقت. مكتب اسر.
يجلس أسر على كرسية، منكب على كومة الأوراق الموضوعة امامة، يحاول أن ينشغل عن حديث قلبة اللعين، الذي يخبرة أنه اشتاق لها كثيرا، ليتنهد بقوة وهو ينهض سريعا ويتجة صوب النافذة الزجاجية، ويتابع من خلالها المارة والطريق وسير السيارات، ليحدث نفسة قائلا.
معقول ماوحشتهاش، قدرت تبعد عنى كل دا، امى عندها حق، انا بحبها وقلبى متعلق بيها، انا بكدب على مين! على امى؟ ولا على نفسى؟ انا هموت واخدها في حضنى، وحشنى كل حاجة فيها، اااااااه ياقلبى
لينهى حديثة وهو يضع يدة على موضع قلبة، ليلتفت سريعا حين أستمع لصوت باب مكتبة وهو يفتح، ليتفاجأ ب زين وهو يتقدم ويجلس على الأريكة الجلدية الموضوعة بداخل الغرفة، ليرفع أسر إحدى حاجبية قائلا.
أسر. ودا من اى دا! مش في زفت اسمة باب تخبط علية
زين بهدوء. واخرتها؟
أسر بعد فهم. اخرة اى؟
زين. أنت وسما، اخرتها اى! هتفضلو أغبياء لحد امتى؟ انا عايز اعرف حاجة واحدة بس
أسر بتنهيدة وهو يعود ادراجة مرة اخرى ويجلس على كرسى مكتبة قائلا.
أسر. اى!
زين. بتحبها؟
أسر. بموت فيها
زين. وحشتك؟
أسر. فوق ما تتخيل
زين، قلبك بيقولك رجعها؟
أسر. في كل ثانية
زين. حاسس بأى وهي بعيدة عنك؟
أسر بصدق. مش حاسس بحاجة اصلا، زى ما يكون الإحساس مرتبط بيها، انا لا عارف انام ولا أكل ولا أشرب ولا اشتغل وهي بعيدة عنى. انا بموت بالبطيئ، محدش حاسس باللى جوايا، انا تعبان، تعبان اوووى وضايع من غيرها
زين بجدية. يبقى تروح حالا وتجيبها من شعرها، وترزعها بوسة تجيبلها سكتة قلبية فيها وتعرفها ان مهما حصل عمرك ما هتسيبها
أسر ببسمة حزينة. ياريت اقدر
زين. وأى اللى مانعك!
أسر. كرامتى اللى داست عليها، رجولتى اللى ضيعتها في نظر الكل، قلبى اللى داست علية وخانت ثقتة فيها، حاجات كتير مانعانى يا زين
زين بحدة. بطل غباء بقى، وروح رجع مراتك
أسر. بس دى مش مراتى، دىss
زين. يابنى الاتنين واحد.
ا سر. لاء مش واحد، مراتى تبقى بنت عمى اليتيمة، اللى خطفت قلبى ببرائتها وطفولتها، بخوفها من الكل إلا انا، بضحكتها الهادية، إنما ssدى سيدة أعمال شهيرة، قاسية معندهاش قلب، زعيمة مافيا، فاهم يعنى اى زعيمة مافيا؟
زين بصدمة. أنت بتقول اى!
أسر. بقولك الحقيقة يا ابن عمتى.
بعد مرور عدة ساعات، إيطاليا...
فى أحد الأماكن، وهو قصر بارلو، أحد زعماء المافيا، حيث يعقد الاجتماع بقصرة الشهير بالفخامة والبزخ، فهذا الحقير كان مشهور بجنونة بالذهب، ليصير قصرة ما هو إلا منجم للذهب بسبب الوانة اللامعة باللون الذهبى، والمقابض من الذهب الخالص، الأبواب مطلية بماء الذهب، التلفاز، الهاتف، الكراسى، الفراش، كل شئ من الذهب..
فى الداخل حيث تلك المنضدة الذهبية كبيرة الحجم الملتف حولها عدد هائل من الكراسى الذهبية، ليجتمع اكبر عدد من زعماء المافيا، ويترأسهم باولو، ليحبس الأنفاس عند دلوف طاقم حرس سما الخاص للغرفة، ليتبعة دلوف سما وهي تتألق بالملابس الجلدية سوداء اللون، وترفع شعرها للأعلى بقوة، ليدل على قوة شخصيتها، ويمنحها هالة مخيفة ولكن في نفس الوقت كانت جذابة للغاية، لينهض باولو فور دلوفها قائلا بسخرية.
باولو. مرحبا بك يا صغيرة
لتنظر سما باتجاهة، ووجهها لا ينذر بالخير مطلقا، لتقول ببطئ شديد.
سما. من تنعت بالصغيرة أيها الأحمق؟
باولو بتردد. ا ا
سما مقاطعة بحدة. اصمت أيها اللعين. ما سر هذا الاجتماع الطارئ، هل تظنون إننى لدى المتسع من الوقت للحمقى أمثالكم؟
البرتو. لقد خدعتينا، كيف نسمح بتواجد فتاة مثلك بيننا!
سما. ومن أنتم أيها الحثاله، من تظنون أنفسكم حتى اعيركم انتباهى، حسنا سننهى هذا الأمر، انا ss، هل تعلمون ما تعنية تلك الحروف، سأخبركم، وكم انا سعيدة بذلك
لتنظر لهم بشموخ وثقة قائلة.
سما. انا سما سراج سامى منير الديب، الياس الديب يكون عمى أيها الحمقى، من تظنون أنفسكم حتى تأمرو بقتلة، فقط افعلوها وسأزهق ارواحكم القذرة بكلتا يدى، انتهى الأمر، وان أصاب الياس اى اذى، اقسم بحياة امى الراحلة ساوقف الدعم عنكم جميعا وسيطاردكم شبحى للابد
لتنهى حديثها وهي تترك المكان والغضب حليفها، ليقول البرتو بحدة.
البرتو. كيف نسمح بوجودها، يجب أن نقتلها برفقة عمها اللعين الخائن،.
باولو بسخرية. تقتل من! انها ssيارجل.