قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل السادس

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل السادس

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل السادس

كانت كارمن تجلس فى شرفة حجرتها ترسم بصمت لتسمع صوت صهيل جواد قريبا منها، وقفت تستند الى السور لترى من أين يأتى هذا الصوت لترى جوادا أسودا رائعا يعتليه فارس عرفته على الفور، انه أدهم، كان يسير به بطريقة رائعة أبهرتها لتظل تلك الصورة فى مخيلتها للأبد، مال أدهم على الجواد يربت على عنقه بحنان ليصهل الجواد مرة أخرى، همس أدهم بأذن الجواد بكلمات لم تصلها ولكنها عرفت أنها من أجل أن يهدأ الجواد وبالفعل..

هدأ الجواد بعدها تماما، كان لهذا المشهد على كارمن أثرا كبيرا، وتساءلت بصمت عن كيفية معاملة أدهم لزوجته المتوفاة اذا كان بذلك الحنان مع جواده وأولاده، كم تحسد زوجته الراحلة لامتلاكها مثل هذا الرجل ولو لفترة قصيرة، لتفيق من أفكارها بصدمة، أأصبحت تحسد امرأة متوفاة من أجل ذلك الرجل، لقد جنت حقا، رفع أدهم وجهه فى تلك اللحظة ليراها واقفة تتأمله، وما ان تقابلت نظراتهما حتى التفتت بهدوء لتدخل الى حجرتها ليعقد هو حاجبيه بحيرة، وتمسك هى برسمتها تنظر لها بعدم رضا لتقطعها وتبدأ برسمة أخرى، لذكرى لا تود أن تنساها مطلقا.

فى الصباح
تململت كارمن على صوت جودى المهلل وهى تقول:
مس كارمن، مس كارمن
فتحت كارمن عينيها لتواجه عينا جورى الضاحكتين، فابتسمت فى حنان قائلة:
صباح الخير ياسكرة
قالت جودى بابتسامة:
صباح الخير، قومى يلا
نظرت كارمن اليها بدهشة قائلة:
أقوم فين؟

قالت جودى بحماس:
عمى أيهم جه، عمى أيهم حلو أوى يامس كارمن
ابتسمت كارمن قائلة:
مش أحلى منك ياقمراية انتى، انزلى تحت وانا هلبس وأحصلك علطول.

سمعوا طرقات على الباب وقبل ان تمنع كارمن الطارق من الدخول، سبقتها جودى وهى تقول:
ادخل.

ليدلف أدهم الى الداخل ليتفاجئ بكارمن التى شدت الغطاء حتى رقبتها تغطى نفسها وقد صعدت دماء الخجل الى وجنتيها ليقف أدهم متسمرا للحظة قبل ان يشيح بوجهه وقد احمر وجهه ليقول بارتباك:
أنا آسف جدا بس جودى اللى قالتلى أدخل.

ابتلعت كارمن ريقها بصعوبة وهى تقول:
محصلش حاجة، بس ياريت لو سمحت تاخد جودى وتنزلوا وانا هغير هدومى واحصلكم علطول.

قال أدهم:
آه، أيوة، انا كنت جاى مخصوص علشان آخدها، دادة نوال قالتلى انها شافتها داخلة عندك. يلا ياجودى، عمك عايزك
ابتسمت جودى وهى تغادر مع أبيها فى حين غطت كارمن رأسها بالوسادة قائلة بهمس خجول:
وبعدين معاك ياأدهم، ارحم قلبى شوية، مش كل شوية تخليه يدق بالشكل ده.

بينما خرج أدهم من غرفة كارمن ليقف خارجها مستندا على الحائط يغمض عينيه على صورة كارمن وهى مازالت بآثار النوم، كتفيها المرمريتين، بشرتها الوردية وشفتيها المنفرجتين، وشعرها الغير مرتب و الملتف حول وجهها بجاذبية، يود لو يتخلله بأصابعه ويعيد ترتيبه، ليفيق من أفكاره الجنونية على صوت طفلته يقول ببراءة:
انت نمت يابابا؟

فتح عينيه وهو ينظر اليها بدهشة ثم مالبث ان ضحك قائلا:
حد بينام وهو واقف يا جودى؟أدامى يابنتى، أدامى
غادرا سويا وعقل أدهم يخبره أن دقات قلبه المتسارعة تلك لا معنى لها سوى أنه أحب، وبقوة.

دلفت كارمن الى الردهة حيث تجتمع عائلة أدهم الفيومى، لترى شابا يحمل الكثير من ملامح والدته يقف بين والدته وأدهم والتوأمين، والذين تعلوا وجوههم البسمة، انتبه ادهم على الفور لوجود كارمن من رائحة عطرها التى تهادت إليه، ليلتفت اليها فينتبه الجميع لها، وتتسلط أبصارهم عليها. لتشعر هى بالخجل، اقتربت منهم، لتقول وجد بحنان:
تعالى يابنتى أعرفك بأصغر ولادى، أيهم.

ثم التفتت الى أيهم قائلة:
كارمن، مربية الاولاد، وصاحبتى المقربة رغم فرق السن ما بينا
ابتسم أيهم وهو يرمقها بنظرة اعجاب قائلا:
تشرفنا
ابتسمت لتظهر غمازتيها وتأسر القلوب ببسمتها قائلة فى رقة:
الشرف لية، حمد الله ع السلامة.

اقترب منها وهو يمسك يدها ويقبلها قائلا:
الله يسلمك
ابعدت كارمن يدها بخجل، بينما اقتربت جودى من عمها قائلا:
مس كارمن حلوة زى ما قلتلك، صح؟
ابتسم أيهم وعينيه لا تفارق وجه كارمن قائلا:
اوى ياجودى.

ليزداد خجل كارمن ويتورد خدها، كان الجميع غافلين عن عينين تكاد نظرتهما تقتل، يشتعل قلب صاحبهما غيرة تكاد تفتك بأخيه الذى لمس يد كارمن بشفتيه وأغرقها بنظرات الاعجاب ليقول بحدة أدهشت الجميع:
مش تطلع بقى ياأيهم ترتاح شوية عشان تقدر تحضر حفلة بالليل؟

نظر اليه أيهم نظرة طويلة فاحصة، ليبتسم قائلا:
معاك حق يا أدهم، انا فعلا محتاج أرتاح شوية، هشوفكم بالليل
قالت والدته:
مش هتاكل ياحبيبى؟

قبل أيهم يدها قائلا:
انا جعان نوم ياماما، لما اقوم هاكل، سلميلى على بابا لغاية ما أشوفه
أومأت برأسها بحنان ليمشى أيهم متجها الى غرفته، ولكنه عند اقترابه من أدهم مال على أذنه قائلا:
اتقل ياكبير، مش كدة.

التفت اليه أدهم بدهشة ليغمز له أيهم ثم تركه ليصعد الى حجرته، يتساءل أدهم فى حيرة، هل باتت مشاعره واضحة الى هذه الدرجة؟وهل يلاحظها الجميع؟انه حقا لا يدرى.

وقفت جورى تتأمل نفسها فى المرآه لا تصدق أن من تراه كانعكاس لها هى جورى، تلك الفتاة البسيطة التى تحولت بالفعل الى أميرة تماما كسندريلا، كانت تلبس فستانا أخضر اللون تماما كعينيها، ضيق حتى خصرها ليتسع بعد ذلك بطبقة من التل، تصل أكمامه الشفافة المطرزة الى كوعيها، بينما تركت شعرها الناعم مسترسلا ووضعت على رأسها تاجا فضيا صغيرا مطعم ببعض الفصوص الخضراء، كما وضعت بعض اللمسات الخفيفة من الماكياج لتتحول إلى فتاة أخرى، دلفت نوال الى الحجرة لتقف مبهورة. تأملتها والدموع بعينيها قائلة:.

بسم الله ما شاء الله، ايه الجمال ده يابنتى؟

التفتت اليها جورى قائلة:
بجد حلوة ياماما؟
شهقت نوال قائلة:
حلوة ايه بس، ده انتى قمر، ربنا يحميكى من العين ياضنايا
قبلتها جورى قائلة فى سعادة:
ويخليكى لية يامامتى.

كادت أن تغادر عندما استوقفها صوت والدتها وهى تقول:
جورى!
التفتت اليها جورى لتستطرد نوال قائلة فى حزم:
أنا مش عايزاكى تنسى انك تربيتى، وان لولا مدام وجد قالتلى أعزمك على الحفلة انا مكنتش رضيت ابدا، هم حاجة واحنا حاجة تانية خالص، بس فى نفس الوقت عايزة راسك دايما مرفوعة، انتى الدكتورة جورى، فاهمانى ياضنايا؟

اومأت جورى برأسها لتقول نوال بحنان:
روحى يابنتى ربنا يكفيكى شر العين، ومتتأخريش مفهوم؟
ألقت اليها جورى بقبلة طائرة لأمها الذى يرتجف قلبها حبا، وخوفا.

نظرت مايا الى نفسها فى المرآه نظرة أخيرة، ثم مالبثت أن أخذت نفسا عميقا قبل أن تخرج من حجرتها متجهة الى الخارج ليوقفها صوت والدتها يقول بصرامة:
مايا.

أغمضت مايا عينيها فى ملل ثم فتحتهما وهى تأخذ نفسا عميقا لتلتفت اليها قائلة:
خير ياماما؟
تأملتها علية للحظة قائلة:
فين نضارتك؟

قالت مايا:
قلعتها ولبست لنسيز
قالت علية برضا:
كدة احلى كتير، المهم، لازم تفهمى ان النهاردة يوم مهم بالنسبة لك، وان أيهم ابن خالك هو أملك الأخير فى انك تبقى من عيلة الفيومى، ومش عايزة اوصيكى هتصرفى ازاى انهاردة، انتى ضيعتى قبل كدة أدهم ومهيب ومفتحتش بقى بكلمة، لكن تضيعى أيهم كمان مش هسكتلك أبدا، فاهمة ولا لأ؟

قالت مايا ببرود:
أنا مضيعتش حد من ايدى ياماما، كل شئ قسمة ونصيب، أدهم بالنسبة مش اكتر من أخ ومهيب مكنش ذنبى انه محبنيش ولا حس بية وارتبط بواحدة غيرى، وبالنسبة لأيهم فارتباطنا مستحيل.

عقدت علية حاجبيها قائلة:
ليه بقى ان شاء الله؟
نظرت مايا الى عينى علية مباشرة وهى تقول:
لان أيهم بردو بالنسبة لى مش اكتر من أخ، ومستحيل هتجوز واحد وانا لسة بحب أخوه، فياريت تريحى دماغك وتبطلى الكلمتين دول و اللى كل ما تشوفينى تسمعيهملى.

امسكتها علية من ذراعها بعنف قائلة:
انتى أكيد اتجننتى، انتى ازاى تكلمينى بالشكل ده؟وبعدين مهيب اتجوز، فاهمة يعنى ايه اتجوز، يعنى لازم تنسيه ومتفكريش فيه، فكرى بس تدخلى عيلة الفيومى ويبقى ليكى مكان وسطهم
قالت مايا بألم:
سيبى ايدى ياماما.

تركتها علية وهى تقول بغضب:
لآخر مرة بحذرك يامايا، أيهم هتتجوزيه يااما هتشوفى منى وش عمرك ما تتخيليه
ثم غادرت المنزل تتبعها عينى مايا التى ترقرقت بالدموع وهى تقول بحزن:
مش بايدى ياماما، قلبى اختار خلاص، هفضل أحب مهيب لآخر يوم فى عمرى ومستحيل أرتبط بغيره، مستحيل.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة