قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل السابع

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل السابع

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل السابع

كانت كارمن تسرح لجودى شعرها فى حنان ثم مالبثت أن تركت الفرشاة من يدها قائلة:
بسم الله ما شاء الله، طالعة حلوة اوى ياجوجو فى الفستان اللى بابا جابهولك
قبلتها جودى قائلة:
انتى كمان حلوة اوى يامس كارمن.

ضمتها كارمن بحنان وهى تنظر الى جود الذى كان يسترق النظر اليهم تعلم أنه يود الانضمام لحضنهم، ابتسمت قائلة:
تعالى هربطلك البيبيون
قال جود بعند:
شكرا أنا هربطها.

نظرت كارمن الى محاولاته الفاشلة لعقد ربطة العنق الخاصة به، ليزفر بيأس ويتركها، اقتربت منه بهدوء وأمسكت ربطة عنقه، حاول فى البداية المقاومة الا أنه فى النهاية استسلم وتركها تعقدها له لتربت على وجنته قائلة:
وسيم أوى ياجود، وكأنك نسخة صغيرة من باباك.

نظر اليها بنظرة أدمت قلبها، وترقرقت عينيها بالدموع، هى نظرة بها مزيج من الشوق الى الحنان الى جانب لمحة من السعادة لتشبيهها اياه بأبيه، وخوف، خوف من التعلق بأمل وجود أحد دائم بحياته يهتم به غير والده، ليفوز الخوف ويبتعد بحدة عن مرمى يدها قائلا:
أنا نازل تحت.

وابتعد مغادرا تتبعه عينا كارمن وجودى ليفاجأ الجميع بوجود أدهم على باب الغرفة، يبدو واقفا منذ برهة تتأمل عيناه أطفاله بحزن وألم، دخل الغرفة ووقف أمام طفليه ليركع كعادته على ركبتيه متجاهلا بذلته غالية الثمن وأناقته التى تخطف الأبصار ومتذكرا فقط أنه أب لتوأمين يتيمين، ليفتح ذراعيه لهما دون كلمة لينطلق الطفلين الى محيط ذراعيه ليضمهما بحنان، تجتاح ملامحه مشاعر عديدة، نزلت دموع كارمن فى صمت وهى تنظر اليهم، لتلتقى عينيها بعينى أدهم فى تلك اللحظة بنظرة طويلة، أرسل فيها اليها شكره على اعتنائها بطفليه ومنحهما الحنان الذى حرما منه، وأرسلت هى اليه وعدها بأنهما سيظلان تحت رعايتها واهتمامها حتى يخبرها بأنه لم يعد بحاجة اليها، أحست بغصة فى حلقها وهى تتذكر أن هذا اليوم سيأتى آجلا ام عاجلا، ربما سيكون هذا اليوم هو يوم زواجه بأخرى، لتعترف أنها تشعر بالحزن، بالغيرة، وبالحب، لقد أحبت هذا الرجل، هذا الأب، أحبت أدهم بجنون، نهض أدهم وهو يربت على رأس ولديه قائلا بحنان:.

اسبقونى على تحت، وخليكم جنب جدتكم.

أسرع الطفلان بالركض خارج الحجرة، لينظر أدهم باتجاه كارمن يتأملها بنظرة متفحصة، كان جمالها اليوم ينير عتمة الليل، تلبس فستانا ذو حمالات عريضة يكشف ذراعيها الجميلتين، نصفه العلوى باللون السكرى الذى أبرز لون بشرتها الخمرى ذو ياقة سباعية بينما النصف الأسفل باللون الأسود يصل الى الركبتنين ويظلل خصره بعض الفراشات سكرية اللون والتى منحته رقة وجمالا، تضع حول عنقها عقدا بسيطا هو مزيج من اللونين، كانت بسيطة، أنيقة ورائعة الجمال، ابتسم برضا قائلا:.

مستنيكى تحت.

أومأت برأسها ليغادر بهدوء لتأخذ كارمن نفسا طويلا، فقد كانت تحبس أنفاسها وهى تراه يتأملها على هذا النحو، لتقول بهمس:
لسة ناوى تعمل فية ايه ياأدهم، أنا قلبى خلاص هيقف بس من نظراتك، أنا لازم أبعد عنك، انت بقيت خطر على قلبى، بس ياترى هقدر أبعد عن الأولاد؟، والسؤال الأهم، ياترى هقدر أبعد عنك؟، ليجيبها قلبها بألف لااااا.

كان مهيب يقف مع زوجته ديالا وصديقه ايهاب عندما وقع بصره على مايا ليتجمد جسده كله من الصدمة، كانت مايا اليوم رائعة الجمال تتهادى فى فستان كحلى اللون عارى الزراعين يضيق عند الخصر لينزل بتنورة واسعة حتى ركبتيها من الأمام ليطول قليلا من الخلف ليبرز ساقيها الجميلتين..

يتهادى شعرها الأسود حول وجهها فى نعومة ورقة، وعند اقترابها لاحظ مهيب اختفاء نظارتها لتظهر عينيها الجميلتين ذات الرموش الكثيفة، صفر ايهاب عند وصولها بخفة ليجز مهيب على أسنانه غيظا بينما تأملتها ديالا بضيق وغيرة، ألقت مايا التحية برقة، ليردوا التحية اليها ويقول ايهاب باعجاب:
ايه يامايا الجمال ده؟

ابتسمت مايا بخجل بينما قبض مهيب على يده حتى لا يلكم صديقه ايهاب فى وجهه فلا يحق لأحد ان يقول كلمة اطراء لمايا سواه، تعجب من شعوره القوى بالغيرة، وهو الذى لم يشعر بتلك المشاعر من قبل ولا حتى مع زوجته ديالا، أيعقل أن تكون مايا هى حبه الاول والاخير وان ديالا كانت مجرد افتتان.

أفاق من أفكاره على صوت ديالا يقول فى سخرية:
بس تصدقى يامايا الفستان اللى انتى لابساه مبين كل ديفوهاتك بتهيألى لو كنتى غيرتى التصميم كنتى بقيتى أحلى.

نظر ايهاب اليها باستنكار بينما نظر مهيب على الفور الى عينى مايا التى ترقرقت بالدموع ليتألم لألمها ويشتعل الغيظ فى قلبه ويسحب زوجته من ذراعها قائلا بغضب:
عن اذنكم.

ثم ابتعد يجرها خلفه لتتوقف بعصبية قائلة:
فيه ايه يامهيب بتشدنى كدة ليه؟
اقترب منها مهيب قائلا بحدة:
ممكن افهم اللى قولتيه من شوية ده كان ايه؟
هزت كتفيها بلا مبالاة قائلة:
حصل ايه يعنى؟قلت اللى انا شايفاه ولا انت كنت عايزنى أجاملها مثلا؟

جز مهيب على أسنانه قائلا فى حدة:
ديالا، مايا دى خط أحمر واللى يقرب منها يبقى قرب من عيلة الفيومى كلها، انتى فاهمة ولا لأ؟

قالت ديالا بغضب:
وانا يعنى كنت عملت ايه؟مكبر الموضوع ليه يامهيب، على فكرة مراتك دى تبقى أنا، مش مايا ياأستاذ ولا شكلك نسيت.

تراجع مهيب خطوة الى الوراء قائلا فى صدمة:
انتى بتقولى ايه؟
قالت بغضب:
بقول زعلك ده كله المفروض يكون على مراتك حبيبتك مش واحدة علاقتك بيها انها يادوب بنت خالك.

قال مهيب ببرود:
مايا مش بنت خالى وبس وانتى عارفة ده كويس، مايا اختى اللى ربيتها على ايدى.

قالت ديالا بسخرية:
أختك، طيب يامهيب، عدينى بقى عشان أروح أجيبلى عصير أهدى بيه أعصابى لأنى بجد بدأت اتخنق فى المكان ده.

وابتعدت تاركة اياه يغلى من الغضب نظر مجددا باتجاه مايا وايهاب ليلاحظ حزن مايا وايهاب يحدثها بكلمات تبدوا مواسية لها ليفاجأ بأيهم يحملها من الخلف ويدور بها قائلا:
مايا، مش معقول، ايه الجمال ده كله؟

اقترب مهيب منهم وعروقه تنتفض من الغيرة خاصة وهو يسمع ضحكات مايا وهى تقول:
نزلنى ياأيهم وبطل جنان، الناس بتبصلنا، انت امتى هتعقل؟

أنزلها أيهم قائلا:
مستحيل هعقل، وحشتينى بجد، الواحد معرفش انه غاب فعلا غير لما شفتك وشفت ولاد أدهم
ابتسمت قائلة فى ود:
حمد الله على سلامتك، وحشتنا خفة دمك، أخبارك ايه؟

ابتسم بمزاح قائلا:
أحسن منك على فكرة، يعنى يااختى لا شايف دبلة فى ايدك دى ولا ايدك دى، افضلى كدة اتأمرى على خلق الله على رأى عمتى لما هتعنسى، بالمناسبة عمتى فين؟

أخفت مايا حزنها وهى تقول:
المفروض ان هى سبقتنى على هنا بس انا زيى زيك معرفش راحت فين وفونها كمان مقفول.

أومأ أيهم براسه ليلتفت موجها حديثه لايهاب قائلا:
اذيك ياايهاب معلش مخدتش بالى، بس البت دى كانت واحشانى اوى.

قال ايهاب:
حمد الله على سلامتك ياأيهم، انت كمان وحشتنا.

قال أيهم بمرح:
إلا قولى، انت كمان مرتبطش زي بنت عمتى دى؟

وصل اليهم مهيب فى تلك اللحظة ليستمع الى كلمات ايهاب التى أشعلت قلبه من الغيرة وهو يقول:
والله ياأيهم بقالى فترة بحاول أقنع بنت عمتك ترتبط بية، بس هى مش راضية ومش عاطيانى أى أمل.

كاد أيهم أن يتحدث لولا ان رن هاتف ايهاب فى نفس اللحظة ليستأذن فى الرد عليه ويبتعد قليلا ليقول مهيب فى حدة:
يعنى اول مرة نسمع عن الموضوع ده يامايا، ياترى مخبية عننا ليه؟

نظرت اليه نظرة تحمل عتابا وألما ونظر اليها نظرة تحمل شوقا وغضبا وغيرة لينقل أيهم بصره بينهم ويدرك أن أخويه قد أصابتهم لعنة العشق، يعيش كل منهما قصة حب يخفيها داخل قلبه، ليدرك أنه ابتعد عنهم كثيرا يطارد أحلامه ويدرك أيضا أن عائلته هى أهم من تلك الأحلام، أفاق على صوت مايا يقول بهدوء:
قريب هتسمع خبر حلو يامهيب، اوعدك.

ظهر الغضب فى تلك العينين العسليتين وكاد أن يجرحها بالكلمات كما لاحظ أيهم فى عينيه ليسرع قائلا بمرح موجها حديثه لمايا:
ممكن قمر حفلتنا ترقص معايا شوية.

نظرت مايا الى أيهم لتدرك انها لابد وان تبتعد عن مهيب فى تلك اللحظة، لتومئ برأسها ايجابا، أمسك أيهم يدها وتوجه بها الى حلبة الرقص تتبعهم عيون عسلية تنطق بالغضب، الغيرة، والعشق.

كان أدهم يسترق النظرات إلى كارمن وهى تضحك مع ولديه، ابتسم وهو يرى تلك الغمازتين تظهران مع ضحكاتها وتختفيان عندما تركز مع كلمات الصغيرين، أفاق من شروده على صوت والدته الهامس وهو تقول:
جوهرة محتاجة اللى يحافظ عليها ويحميها..

التفت الى والدته قائلا فى حيرة:
بتقولى حاجة يا ماما؟
هزت وجد رأسها غيظا وهى تقول:
لأ ياقلب ماما، مبقولش حاجة خالص.

لتنظر الى مهيب قليلا ثم تقول بابتسامة:
أخوك جايب آخره
نظر أدهم باتجاه مهيب ليراه ينظر الى مايا وأيهم بغضب وغيرة ليبتسم بدوره قائلا:
لسة بيبتدى يكتشف مشاعره.

تنهدت وجد قائلة:
مشاعره دى هتخرب بيته
قال أدهم:
وهو فين بيته ده؟

هزت وجد رأسها قائلة:
معاك حق، ياما حذرته وعارضت جوازه من اللى اسمها ديالا وقلتله طمعانة فيك و متستهلكش، خصوصا وانا حاسة بمشاعر مايا ناحيته ومشاعره ناحيتها واللى كان مفسرها غلط، بس هو نشف راسه، غلطتى بقى انى منبهتهوش للمشاعر دى، ورضيت انه يعمل اللى فى دماغه.

قال أدهم:
كل شئ قسمة ونصيب ياماما وصدقينى لو مايا قسمته مفيش حاجة فى الدنيا هتمنع ارتباطهم وساعتها صدقينى هيرتاح.

التفتت اليه وجد قائلة:
وانا امتى هشوفك مرتاح ياأدهم؟
عقد أدهم حاجبيه قائلا:
انا مرتاح ياماما، ليه بس بتقولى كدة؟

قالت وجد بحنان:
عشان انا امك واكتر واحدة بتحس بيك ياأدهم، حاسة بوحدتك ووجعك، واللى بتخبيهم فى شغلك، مش هقولك حب تانى ياأدهم لأن جوازك من المرحومة نوران كان جواز مفيهوش حب ولا مشاعر، بس هقولك افتح قلبك وحب لأول مرة ياحبيبى، انت قفلت قلبك على ولادك وشغلك، و محتاج حب يحسسك بالسعادة، حب يشيلك من وحدتك وشغلك اللى دفنت نفسك فيهم، وولادك كمان محتاجين أم تاخد بالها منهم وتديهم الحنان اللى اتحرموا منه.

قال أدهم:
ماهى كارمن آخدة بالها منهم ياماما، ليه بقى لازم اتجوز؟
ابتسمت وجد قائلة:
كارمن مش هتقعد كتير ياأدهم، بنت بالحلاوة والصفات دى أكيد هتتجوز، مش بعيد حد من الموجودين فى الحفلة يسأل عليها ويطلبها دلوقتى واحنا بنتكلم.

اشتعلت النيران بقلب أدهم ليقول بعصبية وغيرة:
خلاص ياماما، ياريت الكلام يقف فى الموضوع ده لحد كدة، أنا، أنا رايح لبابا، بعد اذنك
ليبتعد وعينا وجد تتابعه قائلة برجاء:
ريح قلب ولادى يااارب.

كان أيهم ومايا يرقصان، ليميل أيهم على أذن مايا ويهمس ببعض الكلمات لتضحك هى برقة، ويقبض مهيب على يده بقوة كى لايتهور ويذهب لينتزعها من بين يد أخيه انتزاعا أمام الجميع.

قال أيهم ضاحكا:
على فكرة انتى مشكلة كبيرة يابنتى، تعرفى لو مكنتيش مشغولة وقلبك مع حد غيرى كنت حبيتك علطول، أعمل ايه فى اخواتى بس، اللى عجبونى فى الحفلة، أخدوهم منى
قالت مايا بتوتر:
وأنا مالى ومال اخواتك بس؟وكمان مين قالك ان قلبى مشغول أو بيحب؟

نظر الى عينيها مباشرة وهو يقول:
على أيهم بردو يامايا؟ده على وشك يبان يانداغ اللبان
نظرت اليه مايا باستنكار قائلة:
على ايه يااخويا؟اللى يسمعك ميقولش انك لسة جاى انهاردة من امريكا
ضحك أيهم قائلا:
احنا جامدين اوى على فكرة.

ضحكت مايا لتجد أيهم يتوقف فجأة عن الرقص ويقف متجمدا وهو ينظر باتجاه البوابة التفتت مايا لتجد جورى وهى تدلف الى الحديقة، تتهادى كالأميرات وعيون الكثيرين عليها ولكن عينيها هى قد تعلقت بذلك الواقف متسمرا يطالعها بنظرة اعجاب خلبت لبها، وأوقفت أنفاسها داخل حلقها، علمت جورى فى تلك اللحظة من تسارع دقات قلبها وتلك الاحاسيس التى اجتاحتها انها مازالت مصابة بلعنة عشقه، أشاحت بنظرها عنه بصعوبة وهى تتجه الى والدته التى ابتسمت لها بحب وضمتها بحنان تتابعهم عينا ايهم لتميل مايا على أذنه قائلة بهمس:.

جورى بنت طنط نوال.

التفت اليها بدهشة لتومئ هى برأسها باابتسامة ليعود بنظراته الى تلك الفاتنة ويمر به شريط ذكرياتهم معا، ليقسم فى تلك اللحظة أن تكون جورى له، هو فقط ولا أحد غيره.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة