قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

دلف أدهم إلى حجرة طفليه بهدوء تتبعه كارمن، ابتسمت كارمن وهى ترى طفلين رائعين الجمال يهرعان الى أدهم ليحتضناه فى سعادة، نزل أدهم على ركبتيه وضمهما بحنان، تأملتهم كارمن باعجاب ملاحظة العلاقة الجميلة بين الأب وأطفاله، انهما بالفعل توأمين رائعين يتشاركن بعض الملامح المتشابهة كلون الشعر الأشقر والوجه المستدير والبشرة الناعمة، إلا أنهما يختلفان فى لون البشرة ولون العينين، فالفتاة عيونها زرقاء و بيضاء البشرة، بينما يحمل الفتى بشرة أبيه القمحية ولون عيون أبيه أيضا ذات اللون البنى القاتم، توقف الطفلان عن احتضان أبيهما وهما ينظران إلى كارمن، نظرت اليها الفتاة بفضول بينما نظر اليها الفتى بنظرة باردة تكاد تكون عدائية مما أصابها بالدهشة، التفت أدهم الى كارمن وهو يرى اهتمام طفليه بزائرتهما ليقول بهدوء:.

جود، جودى، تعالوا سلموا على مس كارمن، هتكون معاكم من انهاردة مكان مس ليلى
اقتربت منهم كارمن ووقفت أمامهم لتجلس على ركبتيها بدورها وهى تمد يدها لمصافحة جودى قائلا:
أهلا أهلا بالحلوين، انتى اسمك جودى؟
اومأت جودى برأسها وهى تصافح كارمن بيدها الصغيرة، لتقول بابتسامة:
انتى حلوة اوى يامس كارمن، أحلى بكتير من مس ليلى
ابتسمت كارمن وهى تمد يدها تملس على شعر جودى بحنان قائلة:
انتى الأحلى ياجودى.

ثم التفتت الى جود وهى تمد يدها إليه قائلة بحنان:
مش هتسلم علية ياجود؟
قال جود ببرود دون أن يصافحها:
متعودتش أسلم على حد غريب
قال أدهم فى صرامة:
جود!
أشارت له كارمن بالهدوء وهى تقول:
سيبه براحته ياأستاذ أدهم، هو معاه حق، مينفعش فعلا نسلم على حد غريب عننا
ثم التفتت الى جود قائلة بوعد:
بس قريب جدا مش هكون غريبة عنك ياجود
لم يعيرها جود أى اهتمام فى حين قال أدهم موجها حديثه الى كارمن:.

دلوقتى هوريكى أوضتك عشان ترتاحى شوية وبعد العصر هتبتدى مع الاولاد اول دروسهم، لكن لو مش حابة تبتدى انهاردة ممكن نأجل لبكرة
قالت فى هدوء:
لأ، ياريت نبدأ علطول لو سمحت
قال فى راحة:
تمام
ثم وجه حديثه الى اولاده قائلا:
تقدروا تلعبوا فى الجنينة لغاية لما الدادة تنده عليكم عشان تتغدوا و تبتدوا مع مس كارمن اول دروسكم انهاردة.

اومأ الأطفال برءوسهم وهم يتجهون إلى الخارج تبتسم جودى الى كارمن التى بادلتها ابتسامتها بينما حدجها جود بنظرة باردة لتبتسم كارمن اثر خروجهما ليقطع ابتسامتها صوت أدهم وهو يقول معتذرا:
أنا آسف لو جود ضايقك بس هو مش معترض ابدا على شخصك، هو معترض على وجود حد ياخد باله منه هو وأخته، شايف انه كبر ويقدر ياخد باله من نفسه ومن أخته كمان.

ابتسمت لتظهر غمازتيها مرة أخرى ويزداد جمالها ليحاول أدهم بصعوبة أن يركز على كلماتها وهى تقول:
أنا فاهمة ده كويس وهحاول اتعامل معاه بطريقتى متقلقش، بس أكيد هحتاج لتعاون حضرتك
أومأ برأسه قائلا:
أكيد معاكى، يلا بينا هوصلك على اوضتك
أومأت برأسها ليخرج أدهم من الحجرة تتبعه كارمن لتبدأ مهمتها الجديدة والتى تشعر بصعوبتها منذ الآن.

قالت جورى فى الحاح:
ياماما عشان خاطرى تعالى ارتاحى شوية وسيبينى أكمل بدالك، انتى شكلك تعبان
ابتسمت نوال بتعب قائلة:
أنا كويسة ياحبيبتى متقلقيش خليكى انتى فى مذاكرتك وابعدى خالص عن شغل المطبخ
ثم اقتربت منها قائلة فى حنان حازم:
أنا مربتكيش وتعبت فيكى ياجورى عشان فى الآخر تشتغلى بدالى فى المطبخ، انتى لازم تكونى دكتورة أد الدنيا وترفعى راس أبوكى الله يرحمه، فاهمة ولا لأ؟

قبلت جورى يدها قائلة ودموعها تترقرق فى عينيها:
ربنا يخليكى لية ياأمى ومايحرمنيش منك
ابتسمت نوال قائلة:
ويخليكى لية ياأحلى بنوتة فى الدنيا
ثم عادت لعملها وهى تقول:
يلا بقى روحى جامعتك عشان متتأخريش على محاضراتك
ابتسمت جورى وكادت تخرج إلا أنها توقفت قائلة بتردد:
إلا قوليلى ياماما، وأنا جاية سمعت عم عزمى بيقول لطه على طلبات كتيرة، هو، هو فيه حفلة انهاردة؟

ابتسمت نوال وتركت الطبق من يدها وهى تلتفت الى جورى قائلة بسعادة:
آه والله، حفلة جامدة ياجورى بس مش انهاردة، بعد يومين تلاتة كدة، البيه الصغير هيرجع من بلاد برة ومعاه الشهادة الكبيرة والفرحة مش سايعة راجى بيه ووجد هانم، وعازمين أكبر ناس فى البلد، جورى، انتى يابنتى، روحتى فين؟
كانت جورى قد شردت بعد سماعها خبر رجوع أيهم لتفيق على صوت نداء والدتها لها لتقول بارتباك:
أيوة ياماما، معاكى ياحبيبتى
قالت نوال:.

سرحتى فى ايه ياقلبى؟
ابتسمت جورى ابتسامة مفتعلة وهى تقول:
فى المحاضرات اللى هتفوتنى بسبب رغيك ياماما
قالت نوال باستنكار:
رغيى أنا ياست جورى؟
قبلتها جورى بحب وهى تبتسم قائلة:
ولا تزعلى نفسك ياست الكل، أنا اللى رغاية وستين رغاية كمان، سلام بقى عشان ألحق المحاضرة والدكتور ميطردنيش
ثم أسرعت بالمغادرة تتبعها عينا نوال وهى تقول:
ربنا يوفقك ياحبيبتى وأشوفك أحسن دكتورة فى الدنيا.

اتفضلى ياستى
قال مهيب جملته إلى مايا التى دلفت الى حجرة المكتب بعد ان هاتفها مهيب وهو غاضب للغاية يطلب منها الحضور على الفور، قالت بهدوءها الذى اعتاده منها وأحبه:
خير بس يامهيب؟انت علطول عصبى كدة؟
زفر مهيب بقوة قائلا:.

ما هو من عمايلها يامايا، هتجننى، الهانم لسة مكلمانى عايزانى أروح آخدها من السنتر وهى عارفة ان عندى اجتماع مهم ومينفعش أسيبه وعم سيد السواق آخد أجازة انهاردة عشان تعبان، أقولها خدى تاكسى تقولى مبركبش مع حد غريب، يعنى أسيب أنا الاجتماع وأبوظ الصفقة عشان الهانم خايفة تركب تاكسى فى عز الضهر
قالت مايا بعد ان أخذت نفسا عميقا:.

خد بالك انك بقيت عصبى فى كل حاجة تخص طلبات ديالا وده هيأثر على علاقتكم سوا يامهيب، لازم تطول بالك شوية، الموضوع بسيط جدا ولو على حد ياخد ديالا من السنتر ويروحها فأنا مستعدة أروحلها بنفسى، أنا تقريبا وجودى مش ضرورى فى الاجتماع، كل الورق جاهز وانت كنت معايا خطوة بخطوة، بس ياسيدى اتحلت أهى، وملهاش لازمة العصبية دى كلها
نظر اليها نظرة مطولة أربكتها وجعلتها تعدل من وضع نظارتها بتوتر ليقول هو باعجاب:.

مش عارف يامايا ازاى بكلمتين منك بتضيعى كل زعلى وتوترى، بجد انتى الأخت اللى ربنا حرمنى منها بس عوضنى عنها بيكى
أحست بالمرارة فى حلقها وبقلبها يتحطم إلى أشلاء ولكنها تمالكت نفسها وهى تبتسم ابتسامة لم تصل إلى عينيها قائلة:
ماشى ياأخويا، همشى بقى عشان متأخرش على ديالا.

ابتسم فاستدارت لتغادر ولكنها توقفت لتستدير عائدة إليه وهى تقترب منه وسط حيرته لتتوقف أمامه تماما وتمد يدها لتعقد له ربطة عنقه فى هدوء يخالف ثورة قلبها التى أعلنتها دقاته بسبب قربها الشديد منه والذى لم يحدث منذ زمن بعيد، أحست بأنفاسه الساخنة تلفح وجهها مما زاد من توترها ونبضها الذى ظهر فى أنفاسها المتسارعة، لم ترفع وجهها إليه وهى تقول بهمس:
طول عمرك مبتعرفش تربطها، كدة أحسن كتير.

ثم ابتعدت مغادرة الحجرة بسرعة دون أن تنظر اليه، تخشى أن تمنح نظرة واحدة الى عينيه فتجد نفسها تسرع و تلقى بروحها بين ذراعيه بينما وقف مهيب متسمرا وهو يتابعها بعينيه، يتعجب من تسارع دقات قلبه فى قربها وذلك الشعور الغريب الذى سيطر عليه عندما تسلل اليه عبيرها وهى تعقد له ربطة عنقه، لأول مرة يجتاحه ذلك الشعور، حتى أنه تمالك نفسه بالكاد وقبض على يده بقوة حتى لا يمسك تلك الخصلات السوداء كالليل والتى تساقطت على وجهها ليرجعها خلف أذنها، أغمض عينيه بقوة وأخذ نفسا عميقا يحاول أن يهدئ به دقات قلبه التى تسارعت لمجرد تخيله لنفسه وهو يفعل ذلك..

فتح عينيه وهو ينظر الى ربطة عنقه يتخيل كفيها الصغيرين وهما يعقدانها، فلمس الربطة بحنان، لينفض أفكاره بقوة وهو يقول بحزم:
لأ يامهيب، فوق، انت بتفكر فى ايه بس، دى مايا، أختك الصغيرة، انت شكلك اتجننت ومشاكلك مع ديالا وبعدك عنها أثروا على عقلك وتفكيرك.

جلس على المكتب ينظر الى صورة تجمعه مع ديالا ليتذكر كيف انبهر بجمالها وفتنتها ليجد نفسه غارقا فى حبها ليتزوجها فى فترة قصيرة جدا، اكتشف فى بداية زواجهما كم هى فتاة أنانية ومستهترة، ظن بعد فترة أنها ستحمل وتنجب له طفلا يغيرها ولو قليلا، ولكن حتى انجاب طفلا له أصرت على حرمانه منه بحجة انها مازالت صغيرة على تحمل تلك المسئولية، وجد نفسه يعقد مقارنة غريبة بينها وبين مايا، لتفوز مايا دون أدنى مجهود، نهض زافرا فى قوة وهو يقول:.

مالك بس انهاردة يامهيب، انت اتجننت فعلا ومحتاج حد يرجعلك عقلك، مفيش غير أدهم هو اللى ممكن يعقلك، أيوة مفيش غيره.

قدم أدهم والدته الى كارمن قائلا:
دى تبقى ماما وجد يآنسة كارمن
ثم التفت الى وجد مقدما كارمن اليها قائلا:
آنسة كارمن ياماما، اللى مدام عايدة رشحتها لينا واللى كلمتك عنها
نظرت اليها وجد فى دهشة ثم مالبثت ان ابتسمت قائلة:
قربى يابنتى، تعالى اقعدى جنبى
اقتربت كارمن بخجل من تلك الجميلة والأنيقة والتى عرفت لتوها ان التوأمين قد ورثوا منها جمالها لتجلس بجوارها، استطردت وجد قائلة:.

صغيرة أوى ع المهنة اللى اخترتيها لنفسك دى ياحبيبتى
تبادل كل من أدهم وكارمن النظرات، لتنظر اليه كارمن بتحدى، نقلت وجد نظراتها بين الاثنين لتبتسم خفية فى حين ابتسمت كارمن لتظهر غمازتيها الرائعتين وهى تنظر الى وجد قائلة:.

انا مش صغيرة ولا حاجة يامدام وجد، انا عندى 22سنة، وبصراحة حسيت انى هلاقى نفسى فى شغلى ده، يمكن لأنى يتيمة وحسيت بطعم الحرمان من أهلى فحبيت أعوض الأطفال عن الحنان اللى اتحرموا منه لما فقدوا مامتهم، اللى بحسه لما بلاقيهم مبسوطين بيسعدنى أكتر من أى حاجة فى الدنيا
ابتسمت وجد ابتسامة رضا وهى تقول:.

كلامك بيطمنى ياكارمن، ربنا يسعدك أد ما بتسعديهم واكتر ودايما الابتسامة الحلوة دى أشوفها على وشك ياقمراية انتى
ابتسمت كارمن قائلة:
كلك ذوق يامدام وجد، تسلمى
قالت وجد:
أدهم قالى انك بتحبى الرسم، صحيح ياكارمن؟
نظرت كارمن الى أدهم بنظرة سريعة لتجد عيونه عليها مما أربكها وهى تقول:
بحبه أوى يامدام وجد
ابتسمت وهى تلاحظ تلك النظرات بين ابنها الاكبر وتلك الفتاة الجميلة لتقول بهدوء:.

انا كمان بحب الرسم اوى يابنتى، ممكن فى وقت فراغك نقعد نرسم مع بعض، ايه رأيك؟
ابتسمت كارمن قائلة فى سعادة:
ده شئ يشرفنى طبعا
ابتسمت وجد قائلة:
تمام، انا هطلع أرتاح فى أوضتى دلوقتى وأشوفكم على الغدا، بعد اذنكم
غادرت وجد تتبعها أربعة أعين ليقول ادهم بهدوء:
الولاد هتلاقيهم فى قاعة الدرس، تعالى أوريهالك لأنى مضطر أمشى، عندى مشوار مهم.

أومأت برأسها وتبعته وقد اطمأنت قليلا لوجود وجد، تلك السيدة الرائعة والتى تذكرها بالسيدة منال، لديها نفس النظرة الحانية والطريقة السلسة فى التعامل مع الآخرين، لقد أحبتها على الفور، فكرت كارمن، ربما لم تكن فكرة سيئة على الاطلاق مجيئها الى ذلك المكان، أو هكذا تتمنى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة