قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

قالت جورى بحيرة:
مش عارفة ياسوسن، صدقينى مش عارفة
قالت صديقتها سوسن بحدة:
مش عارفة ايه بس ياجورى، انتى متعلقة بحبال دايبة على فكرة وبتستهبلى والله
نظرت اليها جورى بعتاب فتنهدت سوسن قائلة:.

أنا آسفة ياستى، بس بصراحة حالك مش عاجبنى، يعنى ايه تفضلى عايشة على ذكرى حب مراهقة عبيط، والحب ده حبتيه لواحد محبهولكيش أساسا ولا حس بيكى، لأ وسافر من سنين ويمكن حب واحدة واتنين وتلاتة، ده غير انه اصلا ميعرفش انك بتحبيه، تعرفى، انتى بتضيعى من ايدك فرصة كبيرة اوى بسبب أوهام، دكتور عاصم اللى مش همك ده ولا بتفكرى فيه، غيرك كتير بيتمناه، بس مع الاسف هو مهتم بيكى انتى، مبينزلش عينه طول المحاضرة من عليكى انتى، و لو شاف منك بس لمحة اهتمام او ريق حلو هيتقدملك علطول.

زفرت جورى قائلة:.

دكتور عاصم ايه بس، للأسف ياسوسن مش هتقدرى تفهمينى ولا تحسى بية، أيهم بالنسبة لى حلم فضلت أحلمه سنين، ده اول واحد قلبى دق له، مش عارفة ازاى او من امتى حبيته بس صدقينى احساسى من ناحيته مش مشاعر طفلة ولا حب مراهقة، انا حاولت كتير أنساه لما سافر، حاولت أفكر نفسى بالفرق الكبير بينى وبينه وانه لا يمكن فى يوم يبصلى او يحس بية، بس مقدرتش، لقيته بيوحشنى وحبه فى قلبى بيكبر، بستنى أخباره ويوم رجوعه بفارغ الصبر، انتى تعرفى انهاردة لما عرفت انه راجع، قلبى كان هيقف من الفرحة.

قالت سوسن فى حيرة:
طيب، افرضى انه رجع ولسة شايفك جورى أم ضفيرتين صغيرين واللى كانت دايما وراه فى كل حتة زى ضله، واللى برده كان بيعاملها زى اخته الصغيرة، افرضى انه بيبصلك على انك جورى بنت نوال الدادة...
قطعت سوسن كلماتها وهى تضع يدها على فمها فى صدمة وهى ترى ترقرق الدموع فى عينى صديقتها الجميلتين لتقول جورى:.

ما تكملى، سكتى ليه؟أيوة أنا جورى بنت نوال الدادة مبنكرش ده ولا بتكسف منه، صحيح عيلة بابا اتبرت منه عشان حب ماما واتجوزها، بس هى بعد موته فضلت عايشة على ذكراه، اشتغلت وكافحت عشان تربينى احسن تربية وتدخلنى كلية الطب، ماما دى تبقى حياتى، هى اللى خلتنى جورى اللى الكل بيحلف بأخلاقها وتفوقها
قالت سوسن بحزن:.

عارفة والله ياجورى، أنا بجد متأسفة، مقصدش أقلل منك وانتى عارفة انا بحبك اد ايه وبحب طنط نوال وبقدرها هى كمان أد ايه، بس انا حبيت احط أدامك كل حاجة عشان متتصدميش بعدين، عشان خاطرى متزعليش منى
قالت جورى برقة وهى تربت على يد صديقتها:.

مش زعلانة، ومتقلقيش علية ياسوسن، أنا جورى سعيد العدوى، لو حسيت للحظة ان أيهم مش بيحبنى او حتى ممكن يحبنى أقل مابحبه، أو حسيت فى لحظة انه هيقلل منى بأى شكل من الأشكال، هنساه، هعتبره صفحة فى حياتى وانتهت وهفكر بس فى مستقبلى
ابتسمت سوسن قائلة:
هى دى جورى صاحبتى اللى بموت فيها
بادلتها جورى ابتسامتها ولكن من داخلها كان لديها ذلك الشك والذى يقتلها، تتساءل، هل هى حقا قادرة على نسيانه؟

ابتسم أدهم وهو يترجل من على جواده ويمسك بلجامه ليمنحه الى السايس وهو يلتفت الى أخيه قائلا:
واقف بقالك كتير؟
ابتسم مهيب قائلا:
لأ، بقالى عشر دقايق بس، أخبارك إيه؟
قال أدهم بمزاح:
أكيد أحسن منك
ابتسم مهيب ليقول أدهم بجدية:
قولى بقى ايه سبب الزيارة الغريبة دى؟
قال مهيب باستنكار:
هو لازم يبقى فيه سبب عشان أزوركم
نظر أدهم اليه بنصف عين قائلا:.

من يوم ما اتجوزت، يعنى تقريبا من سنة وانا مبشوفكش غير لما يكون وراك حاجة، وده نادرا طبعا، زى مايكون ديالا هانم موصياك متجيش المزرعة عشان مبتحبهاش
قال مهيب بحدة:
ماتلم نفسك ياأدهم، هو انا يعنى شخشيخة فى ايد مراتى، عشان تقولى اروح فين واجى منين، عموما ياسيدى انا غلطان انى جيت، آل وانا فاكر ان انت اللى هتقدر تساعدنى
والتفت يغادر بعصبية ليمسك أدهم بيده قائلا:.

تعالى بس رايح فين؟انت مش هتبطل العصبية بتاعتك دى، بهزر ياأخى بهزر
ابتسم مهيب وهو يتذكر كلمات مايا عن عصبيته، ليلتقط أدهم تلك الابتسامة ويقول فى هدوء:
لأ ده الموضوع شكله كبير، تعالى نقعد هناك ونشرب كوبايتين شاى وتحكيلى كل حاجة بالتفصيل
أومأ مهيب برأسه فى استسلام وهو يتبع أخيه الذى شعر ببعض القلق من حال مهيب وما هو على وشك البوح به.

أحست كارمن باليأس من اكتسابها لثقة جود وحبه واهتمامه وتفاعله معها، كانت تحاول بشتى الطرق فى الفترة الماضية أن تجعل جود يشارك معها ومع جودى فى تلك الأنشطة التى أعدتها لهم، لتقابل كل محاولاتها بالتجاهل من قبل جود بينما تفاعلت معها جودى بحماس، لم تستطع التغلغل الى اعماق ذلك الفتى الحساس والذى لاحظت حساسيته منذ يومها الاول، لاحظت أيضا بعض النظرات المسترقة منه عندما يصدر منها كلمة تشجيع او لمسة حانية، ليعود اليه ذلك القناع البارد على الفور عندما يلاحظ انها تنظر اليه، لا تدرى لما يذكرها جود بوالده كثيرا، فهو لايحمل ملامح والده بحسب بل صفاته أيضا، ربما لم يمر عليها الكثير فى هذا المكان الا انها باتت تعرف طبائع المحيطين بها، هى لم تتعامل سوى مع القليلين مثل الدادة نوال وهى سيدة طيبة للغاية وحنونة أيضا، والسيدة وجد تلك الام الحنونة والجميلة والرقيقة فى نفس الوقت، تشعر انها تشبهها فى الاهتمامات والطباع أيضا، تعشق مثلها الرسم والقهوة، يجلسون كل يوم قبل غروب الشمس يحتسون القهوة ويرسمون بعض المناظر الطبيعية الخلابة خاصة لمنظر الغروب، عشقهم الأبدى، أما ادهم، دق قلبها عند تذكرها له، لا تعلم لماذا، ربما بسبب غموضه الذى تحاول فك شفرته، فهو يبدوا أحيانا رائعا، خاصة عند وجوده مع ولديه وأحيانا يبدو باردا ومتباعدا وصلبا لا تتحرك مشاعره أو ملامحه قيد أنملة، وغضبه، ياالله، كم هو قاس عند غضبه، تتذكر البارحة عندما كان السائق يحضر التوأمين من المدرسة ليتوقف فى منتصف الطريق وينزل من السيارة ليحضر بعض السجائر، ليخرج التوأمين من السيارة الى الشارع حتى كادت جودى أن تقع فى الترعة لولا وصول أبيهم اليهم فى نفس اللحظة حيث كان يسير بنفس الطريق ليقفز من السيارة ويسرع بانقاذ ابنته قبل أن تقع فى المياه، ليأخذ أطفاله معه الى السيارة كما أخبرتها جودى ويأمر طه السائق بأن يسبقه الى هناك، وفى الفيلا وأمام الجميع انهال عليه بالتقريع لإهماله الذى كاد يودى بحياة ابنته بل كان سيبلغ عنه ويلقيه فى السجن لولا توسل أمه له أن يدعه وشأنه فاكتفى بأن قام بطرده وأخبره أنه إن وقعت عليه عيناه مرة أخرى سيقوم بالابلاغ عنه، ليسرع طه بالهرب من أمامه ويلتفت اليهم لترى كارمن نظرة غضب سوداء فى عينيه تبددت على الفور عندما اقترب منه كل من جود وجودى لينزل على ركبتيه ويحتضنهما فى حنان وهو يغمض عينيه ويزفر فى راحة، وكأنه يتخيل ما كان ممكن أن يحدث لولا وصوله فى اللحظة الاخيرة، وكأن أبنائه هما فقط من يعيش لأجلهما لترى كارمن دواخله فى تلك اللحظة التى فتح فيها عينيه لتتقابل مع عينيها فى نظرة طويلة معبرة ليقطع هو نظرتهم وهو ينهض ليمسك بيدى ولديه ويتجه بهما الى حجرته ليناما بجواره تلك الليلة.

أفاقت من أفكارها على صوت جودى وهى تقول:
تفتكرى عمى أيهم فاكرنا يامس كارمن؟
نظرت اليها كارمن فى حيرة قائلة:
عمك أيهم؟
ابتسمت جودى قائلة:.

أيوة يامس كارمن، عمى أيهم، انتى مشفتهوش عشان هو مسافر من زمان، بابا قالى ان احنا كان عندنا ساعتها سنتين، وحكالنا عنه كتير وورالنا صوره كمان، بس هو جاى آخر الأسبوع وهنشوفه كلنا، ومشفتيش كمان عمى مهيب ومراته، مش عارفة اسمها عشان مش بعرف أنطقه، بصى أنا بحب عمى مهيب بس مش بحب مراته عشان بتزعقلى كتير أنا و جود
قال جود بغضب:
خلاص ياجودى، مس كارمن مش لازم تعرف كل حاجة عننا.

ابتسمت كارمن فلأول مرة ينطق جود اسمها ويتدخل فى حديثهما لتتوجه بالحديث الى جودى قائلة:
جود معاه حق ياحبيبتى، مينفعش نقول تفاصيل حياتنا لحد وخصوصا لو كان غريب عننا
قالت جودى بحيرة:
بس انتى مش غريبة يامس كارمن
قال جود بحدة:
لأ غريبة
لتقول جودى بتصميم:
لأ مش غريبة
لتقاطعهم كارمن قائلة بحنان:
خلاص ياولاد، خلينا دلوقتى فى درسنا، هعملكم امتحان صغير ولو حليتوا كويس هعملكم مفاجأة حلوة.

ظهرت السعادة واضحة على وجه جودى بينما لمحت كارمن نظرة حماس فى عينى جود أخفاها بسرعة تحت قناع البرود، لتبتسم داخلها وهى تشعر بقرب هدم ذلك الجدار الذى بناه حوله ذلك الطفل البرئ، جود.

كان أدهم يستمع الى أخيه بهدوء بينما تتصارع داخله الأفكار، لا يدرى بم يجيبه على تساؤلاته، فأخيه قد بدأ يشعر بما رآه الجميع من حوله، فالكل يعلمون أن مايا تعشق مهيب منذ الصغر، ورأو عذابها فى قربه وتجاهله لمشاعرها، رأوها يوم زفافه وهى شاحبة كالموتى، ظلا لامرأة، حتى أنها لم تستطع أن تكمل الحفل لتسقط مغشيا عليها وتظل مريضة لشهرين كاملين لتعود بعدها الى حياتها الطبيعية تحاول أن تقنع الجميع أنها على مايرام، وظن الجميع ذلك، ولكن أدهم فقط من ظل يرى مابداخلها عندما تنظر الى مهيب دون ان يلاحظ أحد، ويبدو أيضا ان مهيب فى طريقه لاكتشاف مشاعره التى كان غافلا عنها حتى عندما حذره أدهم من تسرعه فى الزواج من ديالا لم يعير تحذيره اى اهتمام، والآن فات الأوان فمهيب لن يكون قادرا على هدم بيته ولا هو قادرا ايضا على اتباع مشاعره ليفيق من أفكاره على صوت مهيب يقول بعصبية:.

هو أنا بحكيلك عشان تفضل ساكت كدة؟
قال أدهم بهدوء:
اهدى بس، كل الموضوع انى مش عارف أقولك ايه بصراحة
قال مهيب بسخرية:
جبتك ياعبد المعين
قال أدهم باستنكار:
عبد المعين، طب اسمع بقى، أنا هسألك شوية أسئلة وانت تجاوبنى ومن اجاباتك ممكن تعرف ايه جواك، تمام؟
نظر اليه مهيب فى شك إلا أنه أومأ برأسه موافقا ليقول أدهم:
ديالا بالنسبة لك ايه؟
قال مهيب:
مراتى
قال ادهم:
وحبيبتك
ارتبك مهيب ليقول:.

آه طبعا وحبيبتى، بس يمكن مشاعرنا هديت شوية بعد الجواز، مبقاش فيها الشرارة دى اللى كانت موجودة قبل الجواز، وده تقريبا حال كل المتجوزين
قال أدهم فى هدوء:.

مين قال الكلام ده بس، اوعى تصدق الناس اللى بتقول الجواز مقبرة الحب واذا دخل الجواز من الباب هرب الحب من الشباك، الحب لو موجود فى الجواز، بيزيد كل ما الوقت بيعدى، الشرارة بتكبر مع العشرة الطيبة، والشوق والعشق بيزيدوا مش بيقلوا، بشوية اهتمام ومشاعر من الطرفين شرارة الحب بتقيد وبتبقى لهيب، والدليل أدامك، ماما وبابا ولا ايه؟
تنهد مهيب قائلا:
معاك حق
ثم قال بتردد:
دى كانت مشاعرك مع نوران؟

مرت لمحة حزينة فى عينى أدهم وهو يقول:
أنا ونوران كنا حالة مختلفة شوية، جوازنا كان جواز مصلحة مبنى ع العقل، اتنين متفقين فى الأطباع، هى كانت ست طيبة أوى الله يرحمها، عمرها ما عصتنى ولا نيمتنى زعلان، بس عمر الشرارة اللى بقولك عليها دى ما كانت موجودة بينا
قال مهيب بتفهم:
الله يرحمها، فعلا كانت طيبة اوى، كفاية انها جابتلنا جود وجودى.

ابتسم أدهم عند ذكر ولديه وقفزت الى عقله صورتهما لينضم الى تلك الصورة فتاة ذات شعر بنى ناعم مسترسل وعينين لامعتين وابتسامة تظهر غمازتيها لينفض تلك الصورة بعنف ويفيق من أفكاره على صوت أخيه وهو يقول:
وسؤالك التانى؟
تنحنح أدهم قائلا:
احم، مايا بالنسبة لك ايه؟
ابتسم مهيب بتلقائية وهو يقول بشرود:.

مايا دى نسمة هوا فى يوم حر بتخلينى قادر استحمل يومى، او نقطة مية فى صحرا من غيرها ممكن اموت، مايا اختى وصاحبتى واقرب واحدة لية، والوحيدة اللى بحس معاها براحة نفسية وكأنى قاعد مع نفسى
فغر أدهم فمه من قوة وروعة الوصف لينظر اليه مهيب ويدرك ما قاله دون وعى منه، لتتسع عينا مهيب ويعرف أدهم ان مهيب قد أدرك مشاعره تجاه مايا ليقول ادهم بهدوء:.

دلوقتى أقدر أقول انك عرفت ايه اللى جواك بس المشكلة بقت ازاى هتقدر تتعامل معاه؟
نظر إليه مهيب فى حيرة يعلم أن هذا السؤال سيظل وقت طويل بلا إجابة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة