قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الثامن عشر

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الثامن عشر

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الثامن عشر

وجدت مايا من يمسك يدها بقوة ويسحبها خلفه، كادت أن تصرخ لولا تعرفها على تلك الرائحة التى لطالما عشقتها، لتلتفت وتراه، وتتوقف بغتة قائلة:
انت اتجننت يامهيب بتشدنى كدة ليه؟
توقف وهو ينظر إليها بعينين مشتعلتين، ليمسكها من كتفيها قائلا بغضب:.

اتجننت؟آه اتجننت، اتجننت من ساعة ما شفتك داخلة ايدك فى ايديه، من ساعة ما شفت ضحكتك ليه، أخد مكانى جنبك وبقى ليه حق فيكى وأنا مليش، قلبى واجعنى اوى، من حقى اتجنن ولا مش من حقى؟

نظرت اليه بعينين دامعتين وهى تقول بمرارة:.

انت أنانى أوى يامهيب، بقالى سنتين مستحملة اللى انت مش قادر تستحمله فى ساعات، مستحملة أشوف ديالا فى المكان اللى اتمنيت اكون فيه، . فى حضنك يامهيب، قريبة من قلبك، قلبك اللى واجعك عشان شفته ماسك ايدى وبضحك معاه، طب مسألتش نفسك انا قلبى كانت حالته ايه وانا بشوفها فى حضنك، بتخيلك معاها فى بيتك، فى أوضة نومك، فى سريرك، ها؟قولى مفكرتش فية كانت حالتى شكلها ايه؟

اغمض عينيه بألم يتخيل كمية الوجع التى أحست بها فلو كان مكانها لما عاش للحظة واحدة، ليفتح عينيه على صوتها الذى تهدجت نبراته وكأن روحها تختنق فى تلك اللحظة وهى تقول:
انا كنت بموت فى اليوم ألف مرة، ألف مرة يامهيب وانت محستش بية، بالعكس، كنت بتيجى تدبحنى اكتر وتكلمنى عن مشاعرك ناحيتها، عن احساسك وانت معاها، عن نظرتها وابتسامتها وكلامها، حتى مشاكلك معاها، كنت بتيجى تاخد رأيى فيها.

صمتت لثانية أدرك مهيب فيها انها تتألم وبشدة من ذكريات عذابها معه لتردف بسخرية مريرة:
وكنت أنا الهابلة اللى بتيجى على قلبها وتنصحك فى مشاكلك معاها، استحملت دور الضحية كتير أوى يامهيب، لغاية ما احتقرت نفسى وضعفى وحبى ليك، لقيت عشقك لعنة خلاص قررت اتخلص منها، وأنساك، فمن فضلك انت كمان انسانى.

قال فى لوعة:
مش قادر أنساكى، مش، .

رفعت يدها اليه مشيرة له بالصمت وهى تقول:
هتنسانى، مش بايدك، لأ، غصب عنك، عشان خاطر ابنك اللى جاى، وانا كمان هنساك عشان خاطر البنى آدم اللى هرتبط بيه، صحيح ايهاب مش حبيبى اللى حلمت بيه سنين، بس هو انسان محترم وأكيد حبه لية هينسينى حبى ليك، خلاص حكايتنا خلصت ياابن خالى، خلصت.

ثم غادرت تتبعها عيونه الملتاعة وهو يقول فى مرارة:
ياريت بايدى أنساكى يامايا، انتى العشق اللى ضيعته بغبائى، بس مش هقدر اتحمل اللى انتى اتحملتيه وأشوفك مع حد تانى، أنا هسيب البلد دى وأسافر، بس اوعدك، اوعدك تفضلى فى قلبى لآخر نفس فيه.

دلفت كارمن الى حجرتهم بخجل يتبعها أدهم، تعلم ان زواجهم صوريا ولكن وجودها معه فى حجرة واحدة يدفع دماء الخجل الى وجهها، يشعل قلبها وجسدها، وقف ادهم أمام كارمن يتأمل وجهها الجميل والذى زادته حمرة الخجل جمالا، بدا مترددا، يريد أن ينسى اتفاقهما فى الحال ويضمها الى صدره، رغبة قوية الحت عليه بشدة، حتى انه اضطر الى ان يقبض على يديه بقوة كى لا يفعل، اقترب منها قائلا فى هدوء لا يعكس ابدا توتره:.

كل العيلة مفكرة ان احنا متجوزين عن حب، وطبعا الكل فرحان عشان جوازتى الأولانية مكنتش بالشكل ده، وزى ما انتى عارفة، ماما رومانسية اوى، فياريت محدش يعرف بحقيقة جوازنا، وتفضل ما بينا احنا الاتنين وبس، وياريت نبان زى اى اتنين متجوزين عن حب، عشان خاطر جود وجودى كمان، انا عارف بتحبيهم اد ايه ولازم تبان علاقتنا أدامهم طبيعية.

كان يدرك أن كلماته كاذبة هو أراد أن يوضح لنفسه قبل ان يوضح لها طبيعة زواجهم، يؤكد على نوعية ذلك الزواج وأن لا علاقة للمشاعر به، ولكنه أيضا اراد ان يكون بينهم بعض المشاعر ولكن وسط الجميع حتى يضمن عدم ضعفه واستسلامه لتلك المشاعر، شعر بالتنافض، وبأن هناك ما هو اكثر من ذلك ولكنه اكتفى بالتفكير عند هذا الحد، بينما أحست كارمن رغم كلمات أدهم الباردة ببعض الأمل، خاصة أنها ارتاحت اكثر لمعرفة طبيعة زواجه الأول، لتدرك أنه ربما هناك فرصة كى يحبها، فهو لم يحب من قبل، أومأت برأسها ايجابا على كلماته، ليدرك ان لديه رغبة قوية ايضا فى سماع صوتها الرقيق والذى لم يسمعه كثيرا اليوم فقد كانت كلماتها قليلة الى حد كبير، لذا قال بهدوء:.

على فكرة، مبحبش لغة الاشارات، لما أسألك تردى بصوت واضح.

قالت بهمس:
حاضر.

ادرك انه أخطأ حين أراد سماع صوتها، فعلى الرغم أنها كلمة واحدة إلا أنها أثارته برقتها وخنوعها ونبهته الى شفتي كارمن الكرزيتين واللتان تلونتا بأحمر شفاه أحمر اللون زادتهما جمالا لتجعله يود فى تلك اللحظة لو تذوقهما بين شفتيه، أغمض عينيه يستدعى كل القوة بداخله لمقاومتهما وعندما احس بأنه استعاد كامل سيطرته على نفسه فتح عينيه قائلا فى برود:.

علشان منلفتش الانتباه هنام فى نفس السرير لأنى مش هوافق حد فينا ينام ع الأرض او الكنبة، ولو مش مرتاحة او مش متطمنة ممكن تحطى مخدة طويلة ما بينا، السرير كبير زى ما انتى شايفة.

ونظر الى السرير ليدرك انه أخطأ مجددا فعندما رأى ذلك السرير تراءت له صورتهما وهما ينامان سويا، جنبا الى جنب، لترتفع دقات قلبه ويشعر بحبات العرق تغرق جبينه، ليستغفر ربه فى سره، وهو يدرك فى أى محنة وضع نفسه بها، ليفيق من أفكاره على صوت كارمن الهامس وهى تقول:
مفيش داعى، انا مش قلقانة على نفسى معاك.

نظر اليها بدهشة لتستطرد قائلة بارتباك وقد ادركت تسرعها باظهار مشاعرها:
أقصد يعنى انك انسان محترم، ولو مش واثقة فى اخلاقك، اكيد مش هتجوزك، وبعدين انت لو عايز تقربلى، المخدة مش هتمنعك، قصدى، . يعنى، .

وصمتت لا تدرى كيف تكمل جملتها وقد اصبح وجهها أحمرا وبشدة من الخجل ليبتسم لأول مرة منذ الصباح ابتسامة من قلبه وهو يقول:
متشكر ياستى على ثقتك فية.

ثم قال فى نفسه:
والله انتى طيبة اوى وعلى نياتك ياكارمن، انتى لو شفتى اللى انا بتخيله فى دماغى دلوقتى، هتخرجينى برة الأوضة خالص وتقفلى الباب بالمفتاح كمان.

طال الصمت بينهما لتقول كارمن بخجل:
لو ممكن بس حضرتك تخرج برة الأوضة عشان، عايزة، عايزة أغير هدومى
قال أدهم بارتباك:
احم، آه طبعا، بس ياريت بلاش حضرتك دى، أنا جوزك فاسمى أدهم، ادهم وبس.

ابتسمت وهى تومئ برأسها فى خجل ليلقى عليها نظرة اخيرة قبل ان يغادر الحجرة تاركا اياها فى عالم آخر به فقط اسمه، أدهم، زوجها.

قال ايهم بصوت حان:
لسة منمتيش؟

ابتسمت جورى قائلة بهمس:
تؤ تؤ، مش جايلى نوم
ابتسم قائلا:
بتفكرى فية، صح؟

كادت أن تجيبه بنعم، إلا أنها تراجعت قائلة بخبث:
لأ، بفكر فى التورتة السبع أدوار دى اللى مادقتش منها فتفوتة.

قال أيهم بغيظ:
تصدقى انك فصيلة ورخمة، بتفكرى فى التورتة
قالت جورى وهى تكتم ضحكتها:
ما هى مش أى تورتة ياأيهومى، دى تورتة شيكولاتة وأنا بعشقها.

جز أيهم على أسنانه قائلا:
أيهومى كمان، امشى ياجورى ياحبيبتى روحى نامى، قبل ما أطق وأموت من غيظى منك
قالت فى لهفة:
بعد الشر عنك ياحبيبى.

قال أيهم غير مصدقا:
انتى قلتى حبيبى، صح؟
ابتسمت جورى قائلة:
مش فاكرة.

قال ايهم برجاء:
عشان خاطرى بطلى غلاسة وقوليها تانى، محتاج أسمعها من بين شفايفك
قالت جورى هامسة:
حبيبى.

تنهد أيهم قائلا:
تعرفى أنا نفسى فى ايه دلوقتى؟
قالت جورى هامسة:
نفسك فى إيه؟

قال أيهم:
نفسى تكونى أدامى دلوقتى، عشان آخدك فى حضنى، وأضمك لقلبى، مش عارف لغاية ما نتجوز أنا هعيش ازاى وانا كل ثانية فى بعدك بتوحشينى فيها.

قالت جورى بنبرة حانية:
أد كدة بتحبنى ياأيهم؟
أغمض أيهم عينيه متخيلا إياها أمامه لتصلها نبراته العاشقة وهو يقول:
أنا مش بحبك، انا بعشقك، انا مش حابب حياتى قبلك ولا حابب أفتكرها، لما قابلتك حسيت انى مكنتش عايشها وابتديت أعيشها مع اول دقة قلبى دقها أول ما جت عينى فى عنيكى.

قالت جورى:
يعنى عينك مازاغتش كدة أو كدة على بنات أمريكا؟
ابتسم، يشعر بالغيرة فى صوتها قائلا:
عمر ما فيه بنت قدرت تشدنى بملامحها البريئة او نظرتها اللى فيها الف معنى ومعنى غيرك انتى ياجورى، تعرفى ان طول عمرك وانتى شدانى، لما كنت مسافر كنت بفتكر شقاوتك ولماضتك بس مكنتش متخيل انى هرجع ألاقيكى بقيتى كدة، مزة جامدة الصراحة.

قالت جورى بغيظ:
بقى أنا اللى رخمة وفصيلة، ده انت تفصل بلد ياشيخ، وانا اللى كنت بدأت أعيش اللحظة تيجى انت وتقولى مزة، فيه واحد يقول عن خطيبته مزة؟

ضحك أيهم قائلا:
خلاص ياستى متزعليش، صاروخ
جزت جورى على أسنانها قائلة:
أيهم!

ابتسم أيهم قائلا:
قلب أيهم.

توقف قلبها عن العمل ليعود ويدق ثانية وهى تقول بهمس خجول:
يلا بقى، روح نام، انا عندى محاضرات بدرى.

ابتسم ايهم قائلا:
هفوت عليكى الصبح أوديكى، تصبحى على خير ياقلبى
كادت أن تعترض ولكنها تراجعت قائلة بحب:
تلاقى الخير ياحبيبى.

ثم أغلقت هاتفها وضمته الى صدرها وهى تبتسم فى سعادة لا تصدق أنها تعيشها.

استيقظ أدهم يشعر بثقل غريب عليه، ليرى كارمن تنام على صدره بأريحية، يتناثر شعرها البنى فى لوحة خلابة، يتكامل جسديهما وكأنهما خلقا ليكون كل منهما فى أحضان الآخر، لملم شعرها بأطراف أصابعه وتأمل ملامحها الجذابة، تعالت نبضات قلبه وهو يرى جمالها البرئ، تململت ليبدو وكأنها على وشك الاستيقاظ ليسرع ويغمض عينيه بسرعة متظاهرا بالنوم...

فتحت كارمن عينيها ببطئ تشعر بالدفئ، رأت نفسها نائمة على صدر أدهم تحتضنه بذراعها، أحست بالصدمة ولكنها تمالكت نفسها بسرعة وحاولت الابتعاد عنه ببطئ حتى لا توقظه فيرى وضعها المخجل بين ذراعيه، حمدت ربها انه لم يستيقظ قبلها ويراها هكذا والا ظن أنها نامت بجواره متعمدة...

ابتعدت بالفعل عنه ولكنها ظلت لثوان تتأمله بحب غافلة عن ذلك الذى يشعر بتأملها إياه يود لو يفتح عينيه ويضبطها متلبسة ليضحكا سويا ويرجعها مجددا الى صدره، تعالت أنفاسه وهو يتخيل ذلك لتشعر كارمن بانه يستيقظ لتسرع الى الحمام وهى تسب غبائها الذى كاد أن يفضحها، لو فقط استيقظ أدهم ورآها تتأمله بتلك النظرة العاشقة، ماذا كانت لتفعل؟، أغلقت باب الحمام ورائها ليفتح أدهم عينيه ويتنهد قائلا:.

ياترى ياأدهم هتقدر تستحمل لحد امتى؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة