قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل التاسع عشر

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل التاسع عشر

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل التاسع عشر

مرت الأيام بطيئة على أبطالنا...

سافر راجى ووجد للخارج لإجراء فحوصاتهم الدورية، بينما كان أدهم وكارمن يعيشان أمام الناس كأسعد زوجين، وعندما تحتضنهما غرفتهما ليلا، يتصرفان كالأغراب، لتطلع عليهم الشمس وهما فى احضان بعضهما البعض وكأن جسديهما تمردا على نكرانهما لتلك المشاعر...

كان أدهم فى بعض الأحيان يضبطها متلبسة بالنظر اليه تتأمله بنظرات حالمة، لتشيح بوجهها بسرعة وتتركه حائرا فى تفسير تلك النظرات، كما كانت هى أيضا تضبطه متلبسا بتأملها فى عشق باتت تدركه وتدرك أن هناك أمل لعشقها فى أن يكون له صدى فى قلب ذلك الزوج العنيد...

بينما كان التوأمين هما أكثر القلوب فرحا بزواج والدهم من كارمن التى أصبحا يدعونها بأمى ليلا ونهارا، ليكونا فى قمة سعادتهما عندما قررت كارمن تزيين غرفتهما بالرسم على حيطانها بنفسها ومشاركتهما معها فى التلوين ليفاجئهما أدهم بالمشاركة معهم، ليقضون طوال اليوم يزينون الغرفة بمرح، تتوالى ضحكاتهم على أشكالهم التى اغرقتها الألوان بعد انتهائهم من الرسم، ليقضوا اجمل اللحظات سويا، وتتشابك نظرات كل من أدهم وكارمن التى أعلنت سعادتهما بذلك الارتباط والذى منح هذين اليتيمين احساس العائلة الصغيرة التى حرما منها منذ لحظة ميلادهما، ويدرك كلا منهما أنه اتخذ القرار الصحيح.

عند أيهم وجورى، فقد توطدت علاقتهما كثيرا فهو معها دائما، إما عن طريق ايصالها الى الجامعة وارجاعها مجددا، او محادثا اياها على الهاتف، ينتظر بفارغ الصبر رجوع والديه ليعجل بزواجه منها...

، أما مهيب فقد استقرت حياته مع ديالا الى حد ما، يقيمون فى شرم الشيخ حيث يتابع مهيب قريتهم السياحية هناك، بينما وضعت مايا كل أحزانها فى عملها، ورفضت طلب الزواج الخاص بايهاب، وهى تخبره ان قلبها ملكا لآخر ليظلا صديقين وقد تفهم ايهاب سبب رفضها.

، فى أحد الأيام...

كان أدهم يبحث عن بعض الاوراق داخل دولابه ليرى اسكتشا للرسم، مخبأ بالخلف، ليمسكه ويخرجه فى دهشة ثم يفتحه ويتصفحه، ليرى امضاء كارمن ويعرف انه خاص بها، أدرك انها تمتلك موهبة رائعة، فها هو منظرا طبيعيا رائع الجمال، أدرك على الفور أنه يعرف ذلك المكان فهو مكانه المفضل ولابد انه مكانها المفضل ايضا، لقد رسمته كارمن بدقة واضفت عليه لمستها الرقيقة ليصبح غاية فى الابداع...

اما تلك الصورة فهى لتوأميه وهما يلعبان بالطائرة الورقية، ابتسم بحنان وهو يشعر بالصورة وكأنها حية أمامه، وتلك الصورة لوالدته تنظر بحالمية، نظرة لا تنظرها سوى لزوجها راجى، التقطتها كارمن ببراعة وكتبت تحتها توأم الروح، لا تدرى انها كتبت ما تطلقه والدته دائما على زوجها عندما تتذكر معهم لحظاتهم الاولى فى العشق...

ليقلب الصفحة ويقف مصدوما عاجزا عن التفكير وهو يرى صورة له مع حصانه، رعد، تجمعه معه لحظة من المشاعر التقطتها ببراعة لتجسد ملامحهما بدقة، قرأ تلك الكلمات المكتوبة اسفل الرسمة لتتسع عينيه فى صدمة أكبر.

عشق الروح.

تساءل فى حيرة، أتقصد بعشق الروح تلك المشاعر الجميلة التى تجمعه بجواده، أم أن كارمن تكن له مشاعر أخرى بقلبها، ليقاطع أفكاره صوت دخول كارمن الى الحجرة لتتفاجئ بأدهم يقف ممسكا اسكتش الرسم الخاص بها وتتذكر على الفور صورته التى رسمتها له، لتقول بارتباك وقد حانت منها نظرة الى الاسكتش لتدرك أنه رأى تلك الصورة:.

آسفة لو كنت رسمتك من غير اذنك بس المشاعر اللى بينكم كان لازم أسجلها وأرسمها على ورقى.

شعر بخيبة الامل وهو يدرك أن كلماتها تلك قد قصدت بها علاقته بجواده ليبتسم ابتسامة لم تصل لعينيه وهو يقول:
ولا يهمك.

ثم قال بتردد:
بتحبى الخيل ياكارمن؟

قالت كارمن:
متعاملتش معاهم، بس لما شفتك مع حصانك اتمنيت أكون مكانك.

قال ادهم:
الحقيقة رعد مش بس حصانى، ده صاحبى، هو الوحيد اللى بحس معاه بالراحة ولما بضايق بيكون اول واحد بفضفضله، بيحس بية وبيخفف عنى.

شعرت كارمن بالغيرة، فملجأ حبيبها ليس حضنها بل هو جوادا، لتشعر بالنار فى قلبها، ليستطرد أدهم غافلا عن غيرتها وهو يقول:.

رعد فى معزة ولادى بالظبط، اتولد واتربى على ايدى.

نظر الى عينيها فى تلك اللحظة ليرى مشاعر كثيرة لم يفهمها، فسرها هو على أنها حنين الى ركوب الخيل، ولكنها فى الحقيقة كانت حنينا لأن يشعر تجاهها كما يشعر تجاه أولاده و جواده، قال فى تردد:
لو تحبى ممكن أعرفك عليه؟

قالت بسرعة وبفرحة ظهرت على ملامحها:
ياريت.

ثم ما لبثت أن هدات فرحتها قائلة:
بس اكيد مش دلوقتى، الاولاد على وصول.

ابتسم ادهم وهو ينظر الى ساعته قائلا:
لسة ساعة بحالها.

ثم مد يده اليها قائلا:
هنروح ونيجى بسرعة، تعالى معايا.

نظرت الى يده الممتدة فى تردد ولكنها ما لبثت ان حسمت رأيها وهى تمد يدها اليه قائلة:
معاك.

ليتمسك أدهم بيدها وهو يبتسم ليغادروا سويا تتقافز قلوبهم من السعادة.

قال صديق فى خبث:
ايه رأيك بقى ياحبيبتى؟

لمعت عينا علية فى سعادة وهى تقول:
دماغك دى ايه ياصديق؟ده انت طلعت شيطان ياأخى.

ضحك صديق قائلا:
طب بلاش قر ياعلية، الحاجات دى بتتحسد، وبعدين ما انا لازم أبقى شيطان عشان أنتقم من اللى مزعل حبيبتى، واللى فرقنا عن بعض وخلانا اتجوزنا وبنتقابل فى السر زى الحرامية او اللى عاملين عملة.

ابتسمت علية قائلة:
معاك حق ياصديق، ده كفاية انه جوزنى واحد غيرك وفرقنا سنين عن بعض، وكفاية ابنه اللى قهر بنتى ووجع قلبى عليها وخلاها ياحبة عينى زى الشبح مش قادرة تعيش وتكمل من بعده.

نظر صديق اليها قائلا:
هنبتدى بأيهم وبعديه هييجى الدور على أدهم ومهيب، متقلقيش ياحبيبتى، كله متخطط ومترتب هنا.

وأشار الى رأسه ثم استطرد بحقد قائلا:
دماغى دى فيها بلاوى هتدمرهم كلهم.

ابتسمت علية قائلة:
تسلملى دماغك ياحبيبى.

صمتوا للحظات ليقول صديق فجأة:
الا قوليلى ياعلية بنتك مايا طالعة حلوة شبهك ولا شبه المحروس أبوها، تصدقى انى أعرفك العمر ده كله ومشفتهاش ولا مرة، انتى صحيح ليه معرفتنيش عليها قبل كدة، مش المفروض تعرفينى عليها عشان تتعود على وجودى لما نعلن جوازنا.

قالت علية بارتباك:
ها، لا طبعا، مش دلوقتى خالص، اصبر شوية، البنت لسة خارجة من ازمة نفسية ومحتاجة وقت قبل ما اصدمها بوجود حد فى حياتى.

أومأ صديق برأسه متفهما لتقول علية:
انا همشى بقى عشان اتأخرت، أشوفك بكرة.

ثم أخرجت ظرفا وأعطته اياه قائلة:
دى الفلوس اللى طلبتها، الباقى هسحبه بكرة من البنك، سلام ياحبيبى.

وقبلته على وجنته لتغادر ولكنه استوقفها قائلا:
مقلتليش ياعلية، بنتك شبهك ولا شبه أبوها؟

قالت علية فى حزن:
شبه أبوها ياصديق، شبه أبوها.

وغادرت ليقول صديق فى سخرية:
أتارى ابن راجى معبرهاش، هو جوزك كان له شكل ولا منظر ياعلية، لو كانت حلوة زيك كان بقى فيها كلام تانى واهو زيادة الخير خيرين ياحبيبتى.

ونظر الى المال فى جشع قائلا:
وانتى خيرك كتير، كتير أوى ياعلية
وأطلق ضحكة شيطانية تليق بشيطان حقير مثله.

لمست كارمن رأس رعد بتردد ليصهل الجواد فأبعدت كارمن يدها عنه بخوف ليبتسم أدهم وهو يرى خوفها ويقترب منها قائلا:
هاتى ايدك.

نظرت اليه بحيرة لتمد يدها اليه بتردد ويمسك هو يدها بحنان ليضعها بهدوء على مقدمة رأس الجواد ويترك يده فوقها، ليستكين الجواد وهو يشعر بالحب ينتقل من كفوفهما اليه، كان كل منهما يسبح فى أفكاره الخاصة، كان ظهر كارمن الى أدهم يضمها من الخلف فشعرت هى بالذوبان بين ذراعيه وهى تستنشق عطره وتشعر بنبضات قلبه المتسارعة فى صدره الصلب الذى تستند اليه، تود لو ظلت هكذا للأبد، بينما كان أدهم بدوره مغمضا عينيه وهو يشعر بلذة وجودها بين ذراعيه، يستنشق عبير شعرها الرائع ويشعر بنبضات قلبها تنتقل عبر يدها الى يده، صهل الجواد ليفيق كل منهما من أفكاره وتتنحنح كارمن وهى تفلت يدها وتخرج من حضنه قائلة:.

احم، رعد بجد يجنن، يابختك بيه ياأدهم.

ابتسم وهو يرى العرق النابض فى رقبتها يعلن وبكل قوة تأثرها به ليمد يده دون وعى ويلمسه ببطئ نزولا من ذقنها حتى آخر عنقها لتشعر بذلك العرق ينتفض بجنون تحت يده، ليقول وقد تهدجت نبرات صوته:
مشاعرك كلها بتبان عليكى ياكارمن، أد إيه بريئة وجميلة، وأد ايه نفسى...

ليصمت وهو يدرك أنه كاد يعلن عن مشاعره ورغباته الجامحة تجاهها دون وعى منه، ليبعد عنها يده وهو يمررها بتوتر فى شعره قائلا:
ايه رأيك تركبى رعد؟

كانت كارمن تسبح فى بحور المشاعر مع لمسته الحانية وكلماته الهامسة تعلم أنها تحلم لتفيق من حلمها على سؤاله، لتأخذ دقيقة كاملة محاولة استيعاب ما يقول وهى تشعر بالحيرة من تصرفاته معها والتى تعبر عن شئ واحد، حبه لها، ولكن اذا كان يحبها لماذا لا يصرح بذلك الحب، مم يخشى؟، قالت بتخبط:
أركب مين؟

قال بهدوء:
رعد
أفاقت كارمن كلية وهى تقول بخوف:
لأ طبعا، مستحيل.

قال يستحثها:
ليه بس، متقلقيش هكون وراكى ع الحصان، اطمنى.

قالت بتردد:
بس...

قاطعها وهو يبتسم قائلا:
مفيش بس، تعالى، مش هنتأخر.

اومأت برأسها فركب الجواد ومد يده اليها ليمسكها بيده ويرفعها بخفة على الجواد لتجلس أمامه، ضمها يمسك باللجام لتغمض كارمن عينيها وهى تشعر بالذوبان مجددا بين ذراعيه، لتندم على موافقتها الركوب معه، فهى لا تود أن تتعود على وجودها بين ذراعيه لأن حرمانها من حضنه بعد تعودها عليه سيصيبها فى مقتل، اقترب ادهم من أذنها هامسا:
افتحى عنيكى.

فتحت كارمن عينيها لترى الأرض الخضراء تمتد أمامها فى جمال منقطع النظير، تطايرت خصلات شعرها من نسيم الهواء ليستقر على وجه أدهم، التفتت قليلا تزيله من على وجهه بيدها فى خجل قائلة:
أنا آسفة والله، عارفة انه طويل ومضايقك، والله انا فكرت أقصه...

ليقاطعها قائلا بصوت أجش أثار القشعريرة فى كامل جسدها: .
اياكى تقصيه، أنا، أنا بحبه كدة.

اتسعت عيناها فى دهشة لتلتفت أمامها ودقات قلبها تتسارع بعنف، غافلة عن أدهم الذى اغمض عينيه يستنشق عبيرها للحظة، ليفتح عينيه وقد غامت بالمشاعر يود لو يمسح تلك المسافة الصغيرة بينهما و يضمها لصدره أكثر، يخبرها ان حضنه هو مكانها الطبيعى فلم يعد يستطيع انكار مشاعره تجاهها والتى يحسها لأول مرة بحياته، لقد أحبها، عشقها بجنووون، وانتهى الأمر.

أمسك أيهم بيد جورى وهو يفتح لها باب سيارته لتركب فيها ويتجه الى مقعد سيارته لتركب فيها ويتجه هو الى مقعد السائق ويركب خلفه لتقول جورى بحماس:
أخدنا بقى على فين ياأيهم؟

قال أيهم مبتسما:
هنروح عند ماما أصلها...

قاطعته قائلة:
لأ جو ماما تعبانة ده وتعالى نشوفها مينفعش معايا ياأيهم انا بقولك اهو.

ضربها ايهم بخفة على راسها قائلا:
دماغك دايما شمال، مش عارف ليه، ماما مش تعبانة ياستى، هى قالتلى اجيبك عشان تشوفى هتغيرى ايه فى الجناح اللى هنسكن فيه، ارتحتى دلوقتى؟

قالت جورى بخجل:
انا بهزر على فكرة.

قال ايهم بسخرية:
مش مصدقك على فكرة.

وكزته جورى بخفة فى كتفه قائلة:
خلاص ياأيهم ميبقاش قلبك اسود.

لم يرد عليها أيهم، لتقول جورى:
ايهم، خلاص بقى.

ظل ايهم صامتا، مستمتعا بنبراتها المعتذرة، لتقترب منه وهى تقبله فى وجنته قائلة:
آسفة.

وقبل ان تعود لمكانها وجدته يمسك بها بسرعة يرجعها الى جواره وهو لا يزال مصدوما من قبلتها الخجولة ليقول فى عشق وهو ينظر الى عينيها الجميلتين:
مين بقى فينا اللى بيعمل حاجات بتجننى وبتخلينى عايز أعمل حاجات ممكن تزعلك منى ياجورى، ها؟

نظرت جورى الى أيهم بخجل قائلة:
عشان خاطرى ياايهم وحياتى عندك، سيبنى.

تركها وهو يزفر بقوة قائلا:
تانى مرة متقربيش منى غير لما يجمعنا بيت واحد، متصحيش العاشق اللى جوايا واللى بيتمنى تكونى فى حضنه عشان يقولك كل اللى جواه.

أومأت جورى برأسها وهى تبتسم له بعشق، تشعر بالسعادة لادراكها قوة مشاعر أيهم تجاهها لتقول بخجل:
احم، طب مش يلا نمشى عشان منتأخرش على مامتك؟

ابتسم يشاكسها قائلا:
دلوقتى نروحلها، مش كان المرواح كخة من شوية؟

ضربته بخفة على يده قائلة:
خلاص ياحبيبى، متبقاش غلس.

ابتسم يقول:
عشان كلمة حبيبى نعدى كلمة غلس، بس شكلك هتتعبينى معاكى ياوردتى.

ابتسمت جورى بحب ليبادلها ابتسامتها قبل ان يقود السيارة وينطلق بها وهو يشعر بالسعادة، سعادة العشق.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة