قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الثالث والعشرون

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الثالث والعشرون

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الثالث والعشرون

جلست مايا فى تلك الكافيتريا التى أخذها اليها مهيب، تتأمل ملامحه الغاضبة، تعلم أنه يحاول كبح انفعاله وعصبيته بشكل كبير، لتقول بتوتر:
ياريت تهدى نفسك وتقول كدة بسرعة كنت عايز تقولى ايه يامهيب لأنى بصراحة مش فاضية و...

قاطعها مهيب قائلا دون مقدمات:
أنا طلقت ديالا
نظرت اليه مايا قائلة فى صدمة:
بتقول ايه؟

تنهد قائلا:
بقولك طلقتها يامايا، طلقتها.

أحست مايا بقلبها يتوقف من السعادة لتنطفئ فرحتها وهى تتذكر طفله الذى تحمله ديالا، وتتساءل عن ذنبه فى كل ما يحدث، لتقول بحزن:
وابنك او بنتك يامهيب، هترضى يتربوا بعيد عنك؟

قال مهيب بمرارة:
مفيش بيبى يا مايا
قالت مايا بخوف:
البيبى جراله حاجة، ديالا أجهضته؟

ابتسم بسخرية مريرة وهو يقول:
مكنش فيه بيبى أصلا يامايا، الهانم كانت بتضحك علية، بتخدعنى، كانت حاسة بحبى ليكى واخترعت حكاية البيبى عشان عارفة انى مش هقدر أتخلى عنه وعنها، تعرفى المصيبة الأكبر، انها أصلا مبتخلفش وكانت بتدفع للدكتورة عشان تخدعنى هى كمان.

خلعت مايا نظارتها وهى تمسك ذلك الجسر بين عينيها بألم، تشعر بالصدمات تضربها بقوة، صدمة تلو الأخرى، تتساءل فى دهشة عن امكانية وجود امرأة بمثل هذا المكر والخداع، لتلبس نظارتها مرة أخرى وهى تقول:
طب ازاى كانت هتكمل فى كدبتها، ما هى أكيد كانت هتتكشف؟

قال بنبرة حزينة:
كانت هتتصرف، هتسافر مثلا بأى حجة وترجع بطفل، تتبناه بقى، تسرقه، مستبعدش أى حاجة، بعد اللى سمعته منها وهى بتكلم صاحبتها ومامتها أقدر أقولك انها ممكن تعمل اى حاجة عشان توصل لهدفها.

عقدت مايا حاجبيها بحيرة قائلة:
اللى هو؟

نظر الى عينيها قائلا:
الفلوس، ديالا تعمل اى حاجة عشان الفلوس، وفى نفس الوقت تنتقم منك لأنها دايما كانت بتغير وبتحقد عليكى لأن فيكى كل حاجة مش موجودة فيها، ده غير ان حبيبها اللى حبيته هى زمان، حبك انتى، فقررت انها تاخد منك حبك وتفرقنى عنك.

أومأت مايا برأسها بتفهم ورجعت بظهرها الى الوراء لتقول بأسف:
كانت صدمة كبيرة ليك يامهيب، انا بجد مش عارفة أقولك ايه
قال مهيب:
أكيد فى الاول اتصدمت، بس بعد كدة حسيت بالراحة، ديالا بعمايلها السودا خلتنى أسيبها وأنا مش حاسس ناحيتها بالذنب أو تأنيب الضمير.

ثم أمسك يدها لتنظر اليه بحيرة وهو يقول:
أنا اول ما سيبتها جيتلك علطول يامايا، جيت نبتدى مع بعض صفحة جديدة وكفاية بقى اللى ضاع من عمرنا.

أغمضت مايا عينيها لتبتعد عن تأثير عينيه التى تجبرها على الاستسلام له ولمشاعرها نحوه، فقد جرحها مهيب مرارا وتكرارا، حتى أنها تحس بتشوه عشقها له من كثرة تلك الجراح، لتفتح عينيها وهى تبعد يديها عند يديه قائلة فى ألم:
مع الأسف متأخر دايما زى عوايدك يامهيب، احنا حكايتنا خلصت من زمان.

عقد مهيب حاجبيه قائلا:
تقصدى ايه؟
قالت مايا كاذبة بحزن:
أنا خلاص بدأت حياتى مع حد تانى غيرك يامهيب، ومش مستعدة اتخلى عنه لأنك فجأة بقيت مش مرتبط وقررت ترتبط بية، لو بس بطلت تفكر فى نفسك شوية وبصيت حواليك، هتلاحظ انى اتعذبت كتير على ايدك لحد ما خلاص اكتفيت، انا كنت مغمضة عيونى عن أنانيتك يامهيب بس خلاص فتحتها ومش مستعدة أغمضها تانى.

قال مهيب بصدمة:
انتى بتعملى معايا كدة ليه، أبعد تقربى، أقرب تبعدى، أنا مش قادر اصدق انك مايا اللى...

قاطعته وهى تشير له بالصمت قائلة:
لأ صدق، مايا اللى تعرفها ماتت خلاص، أنا خلاص مش عايزة عذاب ولا جرح تانى فى حياتى، وده آخر كلام عندى.

لتنهض وينهض مهيب بدوره ليمسك بيدها مانعا اياها من الرحيل.

رأتها فى تلك اللحظة والدتها علية التى كانت تجلس مع صديق فى نفس الكافيتريا لتقول بصدمة:
مايا ومهيب؟

التفت صديق ليرى مايا بدوره لتنتابه الصدمة وهو يرى مدى جمالها ورقتها ليقول بتعجب:
دى بنتك ياعلية؟

قالت علية بارتباك:
لأ، آه. بنتى مايا، بس ايه اللى لمها على مهيب من تانى؟
نهض صديق قائلا:
تعالى نسلم عليهم جايز نعرف.

قالت علية بصدمة:
لأ طبعا...

ليقاطعها قائلا وهو ينهضها ويسحبها باتجاههم قائلا:
دى فرصة بنتك تشوفنى وتتعود علية.

قالت علية بصوت هامس يكمن فيه خوف وقلق:
ما هو ده اللى أنا خايفة منه.

وصلا الى مايا ومهيب فى نفس اللحظة التى نزعت فيها مايا يد مهيب عن يدها، لتلتفت وتكاد تغادر لتتوقف من الصدمة وهى ترى والدتها تقف بجانب رجل كبير السن ولكنه يبدو وسيما وبكامل لياقته يتأملها بنظرة اقشعر لها جسدها، لتعود بعينيها الى والدتها قائلة بحيرة:
ايه اللى جابك هنا ياماما ومين حضرته؟

قالت عبارتها الأخيرة وهى تشير الى صديق الذى اشتعلت عيناه رغبة واشتعلت عينا مهيب غيرة وغضبا لتقول والدتها بتوتر:
انا كنت بعمل شوبينج فى المول اللى قريب من هنا وقابلت صديق، زميل قديم لية من أيام الجامعة، و، والكلام يعنى خدنا، بس انتى كمان ايه اللى جابك هنا؟

ثم نظرت الى مهيب قائلة فى حدة:
وانت مش كنت مسافر يامهيب؟

جز مهيب على أسنانه بغيظ من عمته وذلك الرجل الذى ينظر الى حبيبته بنظرة لا تعجبه على الاطلاق ليقول بنبرة حادة:
رجعت ياعمتى، واحنا هنا عشان شغل، فيه عندك اعتراض.

لوت عمته شفتيها بسخرية ليمد صديق يده الى مايا فى سماجة وهو يقول:
تشرفنا يامايا.

أمسك مهيب بيد صديق قبل أن تمد مايا يدها اليه ليقول بنبرة باردة:
مايا مبتسلمش على رجالة.

أبعد صديق يده وهو يقول بنبرة ساخرة:
وحضرتك بتتكلم عنها بصفتك ايه؟
كاد مهيب أن يقول:
خطيبها.

لتسرع مايا وتقول:
مهيب ابن خالى.

نظر اليها مهيب باستنكار لتتجاهل نظراته وهى تقول:
معلش مضطرة أستأذن عشان اتأخرت على ميعاد مهم.

ثم نظرت الى والدتها قائلة:
ماما، هشوفك فى البيت.

أومأت علية برأسها وهى تشعر بأنها ستفقد وعيها بين اللحظة والأخرى، لتبتعد مغادرة، ويمشى مهيب بدوره دون كلمة و هو يغلى من الغيظ، يتمتم بكلمات حانقة:
بقى انا ابن خالك وبس، ماشى يامايا، ان ما وريتك.

تابع صديق مغادرتهم بعينين متوعدتين، يقسم أن تكون تلك الجميلة له فى خلال الأيام القادمة فلقد جذبته اليها بشدة بطريقة لم تجذبه اليها غيرها، حتى أنه يراها منذ الآن فى بيته، فى حجرة نومه، وفى سريره.

قالت وجد بحزن:
مش عارفة ياراجى حال ولادك مش عاجبنى، أدهم وسفره اللى جه فجأة بعد موت رعد، وأيهم اللى مختفى وبيطمنا عليه بس بالتليفون، ولا مهيب اللى طلق ديالا وحالته النفسية مش عاجبانى.

قال راجى بحنان:
سيبيهم يعيشوا حياتهم زى ما هم عايزين، يغلطوا ويتعلموا من غلطهم، يفرحوا، يحزنوا، سيبيهم زى ما انا كمان سيبتهم، انا خلاص حرمت أتدخل فى حياتهم، هراقبهم من بعيد لبعيد ولو احتاج الأمر أتدخل، بردو هتدخل من بعيد لبعيد، ولادك معدوش صغيرين ياوجد، ويقدروا يمشوا حياتهم بايديهم ياحبيبتى.

نظرت اليه فى حيرة قائلة:
تفتكر؟
ربت على يدها وهو يقول بحنان:
أنا متأكد.

ثم ضمها بحنان يود لو ينزع عنها حيرتها وحزنها ويبعدهم عنها الى الأبد، فتلك هى وجد حبيبته، ورفيقة عمره.

كان أيهم يقف على بعد صغير من حبيبته، يراقبها وهى متمددة على كرسى أمام البحر تنظر الى موجاته بشرود، كانت صورة مجسمة للجمال، ياالله كم اشتاق اليها، تلفت حوله ليرى ان كان أحدا غيره يرى ذلك الجمال، فحمد ربه على خروجها دائما فى هذا الوقت المبكر حيث لا أحد على الشاطئ، رآها ترفع يدها وتزيل نظارتها الشمسية لتظهر عينيها الرائعتين، رآها تمسح شيئا من على وجهها، فأدرك أنها تبكى، فأصابته دموعها فى مقتل، فهو السبب فى تلك الدموع، هو وتسرعه الأحمق، هو من ظلمها دون أن يمنحها فرصة للكلام ليطلقها دون ذنب، كاد أن يقترب منها ليأخذها بين أحضانه يمسح دموعها بشفتيه، ولكنه تمالك نفسه، فهى مازالت مجروحة منه، وعليه أن يسعى لصفحها عنه بهدوء محافظا على حالتها النفسية كى لا تتأثر وتسوء، رآها تغمض عينيها ويظهر عليها النعاس حتى غلبها بالفعل ليتقدم منها بهدوء وحذر، وقف للحظة يتأملها بعشق ليترك وردة جورية تشبهها على الكرسى بجوارها ثم يلقى عليها نظرة أخيرة عاشقة راغبة فى نيل قبلة منها تروى ظمأه لعشقها، ولكنه تراجع وهو يبتعد فى حزن.

تسللت رائحة تعرفها جورى جيدا الى أنفها، لتفتح عينيها بقوة وتنظر حولها باحثة عن صاحب تلك الرائحة التى تعشقها فقط لأنها رائحته، فلم تجد أحدا، لتقع عينيها على تلك الوردة بجوارها لتأخذها بيدها برقة، تتلمس أوراقها بنعومة.

، لترفعها الى أنفها وتتنشق رائحتها العطرة والتى مازالت تحمل رائحته أيضا، لتقبلها وتضمها الى صدرها بحنان غافلة عن تلك العيون التى تابعتها بعشق وأمل، يزداد ذلك الأمل مع كل لمسة منها لتلك الوردة، فربما فى يوم من الأيام، تمنحه حبيبته الغفران.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة