قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

رواية لعنة العشق للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

طرق أدهم باب حجرة كارمن بتردد ليسمع صوت كارمن الرقيق يسمح له بالدخول، ابتلع ريقه ودلف الى الحجرة ليجد والدته تجلس بجوار كارمن فى شرفة الحجرة، يبدو علي عينيها آثار الدموع لينظر الى كارمن بنظرة متسائلة، لترد عليه بنظرة من عينيها أن يدع الأمر وشأنه الآن، ولكنه أدهم، رغم قسوته الظاهرة الا أنه رقيق القلب لا يتحمل دموع أحبابه ليقترب بسرعة من والدته وينحنى ليجلس أمامها رابتا على يدها بحنان قائلا:.

خير ياماما، كنتى بتعيطى ليه؟

ربتت على شعره بحنان قائلة:
مفيش حاجة ياحبيبى متشغلش بالك بية
نظر الى عينيها قائلا:
لو مشغلتش بالى بيكى هشغله بس بمين ياماما؟انا عارف انك لسة زعلانة بسبب المشكلة اللى حصلت بين بابا وأيهم، بس اوعدك انى احلها، وارجع أيهم البيت تانى، أوعدك أرجعه لحضنك ياست الكل، بس سيبيهم يهدوا شوية بس.

ابتسمت وجد وقد ترقرقت الدموع بعينيها قائلة:
ربنا يخليك لية ياحبيبى
قبل أدهم يدها قائلا:
ويخليكى لينا ياحبيبتى.

نظرت كارمن الى أدهم، ترى ذلك الوجه الحان منه والذى لا يظهر الا مع والدته وطفليه، لتقع فى حبه من جديد، كانت شاردة تتأمل ملامحه الوسيمة عندما سمعت وجد تقول وهى تنهض:
انا هقوم أرتاح فى أوضتى، وانتوا قوموا اتمشوا شوية فى الجنينة، شكلك عايز كارمن فى موضوع مهم ياأدهم.

أومأ أدهم برأسه، لتنظر اليه كارمن بحيرة، وطالت نظرتهم، لتفيق كارمن على صوت وجد قائلة:
أشوفكم بعدين ياولاد.

أومأت كارمن برأسها وهى تبتسم بحب لينظر اليها أدهم يتأمل ملامحها الجميلة لتنظر اليه كارمن وتتفاجأ بتحديقه بها، لتقول بخجل:
خير ياأستاذ ادهم؟
قال أدهم:
ممكن نتكلم شوية بس فى الجنينة زى ماما اقترحت علينا؟
أومأت برأسها ليغادر الحجرة وهى تتبعه، حتى أصبحا فى الحديقة يتمشيان جنبا الى جنب ليقول ادهم بهدوء:
الحقيقة انا مش عارف ابتدى الكلام ازاى
قالت بابتسامة:
اتكلم براحتك وانا سامعاك
قال بتردد:.

أنا، أنا عندى ليكى عرض، أتمنى توافقى عليه.

عقدت كارمن حاجبيها بحيرة قائلة:
عرض؟
قال أدهم بحزم:
عرض جواز ياكارمن.

كاد قلب كارمن ان تتوقف دقاته من السعادة، كادت ان تضمه معلنة موافقتها الفورية، ولكنها توقفت عند كلمة عرض، ونبرات صوته الباردة عندما قالها لتقول:
عرض جواز؟

قال بهدوء يخالف دهشته من تلك السعادة التى مرت بملامحها للحظة قبل أن تعود للحيرة مرة أخرى:.

الحقيقة انا فكرت كتير فى الموضوع، لقيت ان ولادى محتاجين لأم يحسوا معاها بالأمان والحنان اللى افتقدوه بموت أمهم، والام دى لقوها فيكى ياكارمن، انتى بالنسبة لهم دلوقتى حد مش ممكن يستغنوا عنه، والأكيد ان دى حاجة مش مضمونة، والضمان الوحيد لوجودك الدايم فى حياتهم هيكون جوازنا اللى طبعا هيكون على الورق، يعنى متقلقيش خالص، انا عارف ان انتى مرتبطة بيهم أد ايه، واحساسى بيقولى ان انتى كمان نفسك تفضلى معاهم علطول، يعنى هتكونى ام لأولادى فى مقابل حياة كريمة ومستقبل هخليهولك أكيد مضمون، قلتى ايه؟

نظرت اليه فى جمود لا يعكس أبدا حالة قلبها الذى تمزق الى أشلاء من هذا العرض البارد والمهين لأنوثتها وكبريائها، جزت على أسنانها وهى تمنع دموعها بصعوبة من النزول قائلة بهدوء:
وتفتكر ده عرض مناسب بالنسبة لية؟

كاد أدهم أن يقول شيئا لتشير اليه كارمن بالصمت قائلة:
من فضلك متجاوبش لأن اجابتك مش هتكون فى صالحك، عموما انت قلت انك فكرت كتير فى الموضوع، سيبنى انا كمان أفكر شوية.

اومأ أدهم برأسه وهو يقول:
تمام، ياريت اول ما توصلى لقرار تبلغينى بيه، عن اذنك
ابتعد أدهم تتابعه عينا كارمن التى لم تستطع ان تمنع دموعها أكثر لتتساقط دموعها وهى تشعر بقلبها يتحطم بقوة.

اقترب عادل من أيهم الذى يقف فى شرفة منزل الأول، يبدو شاردا حزينا، حتى أنه لم يشعر باقتراب صديقه عادل منه، ليضع عادل يده على كتف أيهم الذى أفاق من شروده على صوت صديقه يقول فى حزن:
لحد امتى هتفضل بالشكل ده ياأيهم؟

اغمض ايهم عينيه بألم ثم فتحهما قائلا:
مش عارف ياعادل، مش قادر أنسى اللى بابا عمله فية، وازاى صغرنى وكسر قلبى بالشكل ده، ولا قادر أفكر فى حالة جورى دلوقتى بعد ما عرفت باللى بابا عمله مع مامتها، مش عارف هوريها وشى ازاى؟حاسس بإيدين حوالين رقبتى بتخنقنى ياعادل ومش قادر أشيل الايدين دى ولا اخفف ألم خنقتهم.

ربت عادل على يده قائلا:
حاسس بيك ياصاحبى، بس انت بالشكل ده مش هتعرف تفكر فى حل
قال أيهم بمرارة:
أفكر فى ايه؟مفيش حل أدامى، الانسانة اللى حبيتها خلاص خسرتها، أنا عارف جورى كويس كرامتها هى ومامتها خط أحمر، وبابا داس عليهم اوى، خلاص حياتى معتش هيبقالها طعم فى بعدها عنى، والسبب فى كل اللى انا فيه يبقى بابا، بابا ياعادل.

قال عادل بحزن:
مفيش حاجة ملهاش حل، اهدى بس شوية وهنفكر فى حل
هز أيهم رأسه بمرارة قائلا:
قلتلك ملهاش حل، ملهاش حل.

صمت فجأة، تدور فى رأسه فكرة، ليرفع وجهه وقد لمعت عيناه، ليقول عادل بقلق:
بتفكر فى ايه ياأيهم؟
قال أيهم:
لقيت الحل
قال عادل بحيرة:
اللى هو ايه؟

أمسك أيهم مفاتيح سيارته وهاتفه وهو يسرع مغادرا وهو يقول:
لما ارجع هقولك
امسك عادل هاتفه ومفاتيحه بدوره وهو يلحقه قائلا:
وانا لسة هستنى اما ترجع، انت شكلك رايح تعمل مصيبة، انا جاى معاك، استنانى.

هستناكى، لو عمرى كله هستناكى يامايا.

ظلت تلك الجملة تتردد فى ذهن مايا مرارا وتكرارا، تشعر بالسعادة فقط عندما تتذكر تلك الجملة، لكنها تشعر بغصة فى قلبها، انقباضة غريبة فى صدرها أيضا، لا تدرى لماذا؟ربما من رد فعل ديالا عندما يخبرها مهيب برغبته فى طلاقها، حاولت ابعاد أفكارها المتشائمة وتفكر فقط فى خيارين، اما أن تستسلم لذلك الحب الذى يغمر كيانها وتتسبب بخراب بيت وايذاء امرأة أخرى حتى وان كانت ديالا التى تعلم مايا أنها تكرهها دون سبب، أو تستسلم لمخاوفها التى تخبرها ان تبتعد فقط عن كل شئ، ولكن هل هى تستطيع الابتعاد؟

اغمضت عينيها تتذكر همساته، لمساته، لتدرك أنها لن تختار البعد فمرارة قربه أهون من عذاب بعده، ستختار القرب أيا كانت النتائج
ابتسمت فى تصميم لتغادر بسرعة الى مكتب مهيب، حبيبها، تخبره بقرارها، ابتسمت الى نجوى سكرتيرة مهيب قائلة:
مستر مهيب جوة؟

أومات نجوى برأسها باابتسامة هادئة لتطرق مايا الباب وتفتحه وهى تقف قائلة باابتسامة مرحة:
ينفع أدخل؟

التفت اليها مهيب يتطلع اليها والى ملامحها الجميلة يتمزق قلبه بين رغبته فى ان يذهب اليها الآن ويغمرها بين ذراعيه ليزرعها داخل قلبه الى الأبد وبين واجبه تجاه طفله والذى يحتم عليه التضحية بحبه فى سبيل الحفاظ عليه، جمدت الابتسامة على وجه مايا وهى تلاحظ ظهور الألم على وجه مهيب لتدخل وتغلق الباب وهى تتقدم باتجاهه دون أن تزيح بصرها عنه قائلة فى قلق:
مهيب انت كويس؟
وقفت امامه تماما وأمسكت يده مستطردة:.

طمنى يامهيب.

نظر الى عينيها القلقة ونبرات صوتها الملهوفة وشعر بلمسة يدها التى أذابته ليضم يدها بيده ويرفعها الى شفتيه مقبلا اياها بحنان ودون ارادة منه وهو يقول:
انا بخير ياحبيبتى، اطمنى، أخبارك انتى ايه؟

نظرت الى عينيه بعشق قائلة:
انا بخير طول ما انت بخير، خلاص يامهيب، قررت أرمى كل حاجة ورا ضهرى، قررت أستسلم لقلبى، واختار حبك وقربك
أغمض عينيه حتى لا ترى ألمه، كيف سيستطيع أن يطفئ تلك السعادة فى مقلتيها، كيف سيخبرها بتخليه عن حبهما، عشقهما، وتلك السعادة التى يعيشها بقربها، عن كل ما جعله حيا فى تلك الآونة الأخيرة؟كيف؟

شعر بيدها تضم وجهه بحنان ليفتح عينيه ويواجه عينيها الجميلتين، تأمل ملامحها بعشق، وتوقف عند شفتيها فلم يستطع ان يمنع نفسه ليقبلها بشوق، بلهفة، بلوعة، لتبادله قبلته وهى تشعر بكل مشاعره التى عبرت عنها قبلته، حتى أحست بقطرة مياه على خدها لتفتح عينيها وتبتعد عن مهيب لتتسع عينيها صدمة وهى ترى تلك الدموع فى عينى حبيبها، لأول مرة فى حياتها ترى عينيه الجميلتين مغروقتين بالدموع، تشعر به يبذل مجهودا خرافيا كى لا تخونه وتسقط مثل تلك الدمعة الخائنة والتى نزلت رغما عنه، لتقول مايا بخوف:.

ليه الدموع يامهيب؟

أغمض عينيه يخفيهم عنها ثم فتحهم وقد تمالك نفسه ليقول فى الم:
أنا، أنا، .
اقتربت منه تلمس خده بيدها قائلة فى قلق:
انت ايه ياحبيبى؟
قال فى حزن:
انا عايز اقولك حاجة، .

قاطعه صوت طرقات على الباب وصوت نجوى يستأذنه بالدخول ليبتعد عنها قائلا بتوتر:
ادخلى يانجوى
دخلت نجوى بهدوئها المعتاد قائلة:
مستر محمود برة يافندم
اومأ مهيب برأسه لتقول مايا:
طيب أنا همشى دلوقتى، واجيلك بعد شوية يامهيب
اوما مهيب براسه دون ان ينطق بكلمة لتبتسم له تلك الابتسامة التى يعشقها، قبل ان تغادر تتبعها سكرتيرته، ليمسك راسه بألم، يشعر بذلك الألم يسرى داخل جسده بأكمله.

قالت جورى بالم:
انا بموت ياسوسن، مش قادرة اتحمل فكرة ان ماما اتهانت بسببى، وفى نفس الوقت مش قادرة انساه ولا أتحمل فكرة انه مش لية.

ربتت سوسن على يدها بحنان قائلة:
حاسة بيكى ياحبيبتى، بس مش قادرة اقولك حاجة تخفف عنك غير انك تسيبى كل حاجة على ربنا، هو اللى قادر يخفف عنك ألمك، ويقدر لك اللى فيه الخير ياجورى
نزلت دموع جورى قائلة:
ونعم بالله، يارب خفف عنى، واجمعنى بيه انا من غيره اموت
قالت سوسن بحنان:
للدرجة دى بتحبيه؟

قالت جورى بحزن:
كلمة بحبه قليلة اوى على احساسى بيه، الحب ده لما كنا صغيرين، لكن بعد ما شفته تانى وشفت حبه وحنانه بقيت بعشقه، عشق ملك كيانى كله ياسوسن، مش قادرة أفكر للحظة واحدة انى ممكن أبعد عنه أو أنساه.

تناهى الى مسامعها صوت رجولى جذاب تعرفه جيدا يقول بحنان:
وحبيبك لا يمكن يبعد عنك أو ينساكى ياجورى
التفتت جورى فى صدمة لتجد أيهم، حبيبها يقف فى ثبات ينظر اليها بعشق، يقسم لها بعينيه أنها له ولن تكون لسواه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة