قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل العشرون

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل العشرون

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل العشرون

- انت تامر يا بوص.
اخرج اديم تنهيدة ارتياح من صدره.
- شكل الموضوع كان خانقك.
- جدا.
قال ادم بتعجب، وهو يستغرب من اجابته.
- طب ليه ما انت بتحبها.
- كنت خايف من ردة فعلك.
- ردة فعلى انا! وليه؟
- انك ترفض او تضايق او تغار على. ان بقي في حد في حياتى من بعدك.
- اكيد غيران بس انا مكانتى محفوظة، وورودك ماهتخدش حاجة من قلبك من ناحيتى.
- دى اكيد انت حبيبي ووحيدى.
- ونسيت تقول ابنك.
اردف اديم بضحك.

- قائلا بحب. انت ابنى البكر.
- ربنا يخليك ليا يا اديم.
- ويخليك يا اكتر اخ مشاكس في العالم.
- نعمل ايه هي كدة ظروف الدنيا.
- لا تخلص من ظروفك وحاجاتك التانية انتى فاهمنى كويس.
- لا ما هي اكيد هتعرف ان اخلاقى زفت.
- لا مانصدمهاش على طول نستنى لم تاخد على القاهرة بعد كدة ابهرها.
- وهي هتاخد وقت قد ايه علشان تاخد على القاهرة.
- يا ابنى مش قادر تصبر على الزبالة.
- لا والله ما قادر.
- وش كدة طب دارى نفسك.

- يعنى عايزنى اكدب عليك. ما انت اخويا و عارف كل كوراثى.
- ياريتنى ما عرفت.
- خلاص بعد ما تتعود هرفع النقاب.
ضحك اديم على كلامه.
- قائلا بنفاذ صبر، وهو يقوم من على الاريكة. مافيش فايدة فيك مهما احاول.
- انت رايح فين.
- هنروح ولا هنبات هنا.
- قال ادم بطلب، وهو يقوم من على الاريكة. طب ما تروح انت وسيبك منى.
قال بانفعال، وهو يرمقه نظرة حادة.
- نعم يا اخويا.
- اصل انا مكسل اروح. خلينى ابات النهاردة هنا.

- مكسل ليه هو انت هتروح البيت مشى.
- حاجة شبه كدة.
- ادم يلا قدامى.
قال ادم بتذمر، وهو يتخطاه.
- ادم بتذمر. حاضر.
- ناس مابتمشيس الا بالعين الحمرا.
- يعنى مش حرام هفضل لحد ما تتعود على القاهرة.
- يا ابنى ارحمنى.
التفت له بوقاحة.
- قائلا بجراءة. ومين يرحمنى ده مش عدل ابدا.
- امشي قدامى يا ادم بدل ما اكسر دماغك.
هزا راسه ايجابا. وصار في صمت تام...

بعد ساعة وصلوا للفيلا (أديم وادم كارم النوار).
فتحت لهما الخادمة الباب، على صوت دخولهم خرجت صافى من الليفنج روم. طرحت سؤالها وهي تقترب منهم. - في ايه يا اديم كنت عايز ادم في ايه؟
- خير يا صافى.
صافى بفصول.
- قائلة باستفسار. اى هو؟
- تموتى في الاستفسار.
- دى اكيد يلا ارغى.
- شكلك فاضيك.
- اديم.
قال بعند وهو ينصرف من امامها وسط استغرابها.
- ماهحكيش حاجة تصبحى على خير.

بعد ذهابه. قالت بفضول، وهي توجه حديثها لادم.
- هو كان عايزك في ايه؟
- هيعزنى في ايه يعنى. اكيد بيوصنى العشر وصايا قبل الكلية.
- غريبة ما كان وصاك هنا.
- اديم بقي وحركاته.
- هو انت فاكرنى هبلة علشان اصدق الكلام ده.
- وماتصدقيش ليه يا صافى.
- ادم لخص وقول كان عايزاك في ايه بدل م...
قال بهروب، وهو يدلف من امامها سريعا قبل طرح المزيد من الاسئلة التي ليس لديه الاجابة عليها في سؤال واحد.

- هي بقي فيها بدل تصبحى على خير.
اذا استمر بالوقوف مع امه سيخبرها بكل شىء، وهو يعلم جيدا، بانها ستحلق من السعادة عندما تسمع ذلك الخبر، فاديم له مكانة عالية في قلبها، ظلت تنادى عليه بعصبية. وهو لا حياة لا تنادى صعد الدرج، وبعد ذلك الى غرفته، وهي تضرب كف على كف من هروب اديم ثم هروب المشاكس ابنها. اردفت في داخلها بضيق.

- قائلة بحنق. يا ترى كان عايزه في ايه. وايه الكلام اللى هيجمعهم اكيد مش كلية بس. ممكن تكون مصيبة من مصايب ادم...

(صباح جديد على دار ازياء أديم كارم النوار).

بعد ان انتهت العارضات من عرض المجموعة الجديدة، امام اديم الذي صممها بنفسه بدون مساعدة احد، شكرهم بتواضع، وقام من مكانه، متوجها الى مكتبه، وورائه نسمة التي ستجل الملاحظات التي سيقولها عن العرض للتعدبل منها، فتح باب مكتبه، وخلع جاكت بدلته، ووضعه خلف مقعده وجلس عليه، انتظرت قليلا لم يتحدث معها، او يطرح سؤال، او يطلب منها تسجيل الملاحظات، كان سرحان وهائما في مكان غير المكان، والابتسامة تزين وجهه من كل حين لحين، لاحظت ذلك منذ قليل عند عرض العارضات، فبررت ذلك انه سعيد بعمله، لكن الموضوع غريب وصمته مريب، فكسرت حاجز الصمت.

- قائلة باستفهام. في ايه يا مستر ما تفرحنى معاك.
قال باستفهام، وهو يفيق من شروده.
- في حاجة يا نسمة.
- بقول لحضرتك. ماتفرحنى معاك.
- انت خدتى بالك.
- حضرتك مبتسم وطول اليوم سرحان جدا.
- بصي يا ستى من الاخر كدة انا هخطب.
كأنها لم تسمع. او من تاثير الصدمة فقدت الحاسة.
- قائلة لاستفسار. ايه بتقول ايه.
- بقولك واخيرا لقيت حب حياتى وهخطب.
قالت بصدمة، وهي تتسمر في مكانها من كلامه.
- حب حياتك.

- اه يا نسمة هخطب ورود.
- ورود مين؟
- اللى عملتى معاها مشكلة في الفيوم.
- ورود المسيحية.
- اه هى.
ابتلعت ريقها بصعوبة، وبدات تنظر هنا وهناك، تشعر بان الزمن توقف، ضربات قلبها تسارعت بشدة، عينيها تريد ان تبكى، وقلبها يريد ان يصرخ باعلى صوت لديه، الابتسامة اختفت من على وجهها، ارتعب من منظرها الصامت...
- قال بلهفة، وهو ينادى عليها. نسمة.
-...

لا يوجد رد فهى توا في عالم اخر. قام من مكانه ووقف قبالتها. ونادى عليها
-...
عندما لم يجد رد منها، امسكها من ذراعها، وينادى عليها، والمسكينة ضائعة، لا تصدق بانه اصبح لغيرها. هزها بقوة، فاقت على حركة يده القوية على ذراعيها، ونظرت له، ودموعها خانتها ونزلت عندا فيها...
- قال بخوف حقيقي. وهو قلق من منظرها الذي لا يفسر. مالك يا نسمة. في حاجة واجعكى.
قالت بحسرة، و الدموع تنزل بصمت بدون اى مجهود منها.
- قلبي.

استغرب كلامها.
- قائلا بقلق. ماله؟!
ادركت كلامها.
- قائلة بتلعثم. مافيش انا...
- طب تعالى اقعدى.
قالت برفض، وهي تتخلص من ذراعه بهدوء مخيف.
- لا واقعد ليه.
- لانك تعبانة.
ابتسمت بحسرة.
- قائلة بوجع. وهي تنظر في عينيه. الف مبروك يا مستر.
- نسمة انتى تعبانة بجد.
قالت بنفي. وهي تذهب امام استغرابه ودهشته من ردة فعلها الغير مفهومة بتاتا...
- لا انا كويسة.
قال بحنية، وهو يتحدث خلف ظهرها.
- مالك يا نسمة.

قالت بحزن، وهي تلتفت له بوجع.
- اصل جيه ليا صداع.
قال بعدم اقتناع، وهو يرفع حاجبيه باستغراب.
- فجاءة كدة.
- عن اذنك.
- راحة فين؟
- هاخد اسبرين وهكون كويسة.
- متاكدة؟
قالت بايجاب، وهي تدلف من امامه.
- اه حضرتك. عن اذنك.

فتحت باب المكتب باعجوبة، وهربت من امام انظاره المتسائلة، فيكفى اهانة لحد هنا، اديم انتهى لم يعد لها، في ناس اخرى تنتظره، وتريد ان تكون معه، وضعت يدها على المكتب، وامسكت راسها الالم يعصف براسها وقلبها، اه اه اه والف اه على ذلك القلب الحزين، لم تعد ان تكون بالقرب منه، ركضت على حمام النساء، ودخلت الى المرحاض، واغلقت الباب عليها، وتركت العنان لدموعها المقهورة تنزل، وضعت يدها على فمها. تجبره، ان لا ينطق ويفضحها، تبكى تبكى وتبكى وتنوجع، تموت قهرا على حب ضاع من بين يدها في ثوانى ماذا فعلت، حتى تعيش ذلك الوجع توا، كانت تريد السعادة، هل طلبت كثير، وحلمت احلام لم تكن من نصيبها، تقريبا لم تكن من نصيبها، ضربت نفسها بيدها، تعنفها وتقسو عليها، فهى من اختارت النجوم، وتجرات على ما لا حق لها، تضرب نفسها بكره وغضب، لقد ذلتينى واهانتى كرامتى، لقد تناسيتى يا نفسي بانى تلك اليتيمة الحزينة، الحزن سيظل لحد مماتها رفيق دربها، فالذين على شاكلاتها ليس من حقهم الحب، فلست تلك الفتاة الجميلة الساحرة، بل هي اقل من القليل، وتعليمها عاديا جدا، فهى لست دكتورة او مهندسة، مجرد سكرتيرة لمصصم ازياء، نسمة انت نكرة نكرة...

استغرب بشدة تغيرها المفاجىء عندمت ذكر اسم خطبته، ولكنه لم يهتم كثيرا، ففى تلك اللحظة كل اهتمامه منصب على التقديم للورود في الكلية، وكيف وهي يتيمة، ليلة البارحة لم ينم فارسل رسالة الى الكلية، بطلب للورود، وردهم كان ان يرسل لهم كل الاوراق المتعلقة بها، فقص لهم حكاية ورود، فالرفض كان من نصيبه، لكنه لم يبقي مكتوف الايدى، ارسل رسالة لرئيس الجامعة الامريكية شخصيا، وحدثه عن ورود بكل تفاصيل حياتها، وانه يريد الموافقة على تقيدها في الكلية. مقابل المبلغ الذي يريده، حتى لو وصل الامر بان يكون اسمها، ورود اديم كارم النوار، عندما راى رئيس الجامعة الامريكية كاد ان يرفض، لكن المبلغ الذي وضعه اديم كبير جدا، ولماذا لا ان يوافق، فالمادة هي التي اصبحت تتحدث الان والباقى اشباه منها، والمبادى في اقرب سلة المهملات، سعد بشدة عندما وصلت له الرسالة بالموافقة، فامسك هاتفه ليتصل بها ويخبرها بالبشرة، ترن ترن ترن، كانت تجلس على شجرتها المفضلة تدعو الرب وتناجيه، بان يزيل ذلك الهم من على قلبها، وينير دربها بالسعادة والسرور...

بعد ان انتهت، امسكت الهاتف الذي اعطاه لها هدية، فتحته بهدوء...
- قائلة بتريث. السلام عليكم.
سعد عند سماع رقة صوتها.
- قائلا بغزل. وعليكم السلام يا صغيرتى.
اردفت بارتباك.
- قائلة بخجل. شكرا يا مستر اديم.
- مستر اى يا ورود. انا اديم وبس.
- تمام هحاول.
- لا متحاوليش قولى دلوقتى اديم.
اردفت بخجل.
- قائلة بتلعثم. اديم.
- هو انا اسمى جميل اوى كدة.
- ايوا وغريب كمان.
- لا انا هبدا احبه.
- هو انت بتكلمنى ليه.

- تمام بتهربى عادى مصيرك تقعى. عامة يا ستى الكلية وافقت على قبولك فيها.
تحمست ورود من كلامه.
- قائلة بسعادة. بجد وافقوا.
- ايوا طبعا وبسرعة كمان.
- شكرا جدا.
- انتى اللى شكرا ليكى انك قررتى تدينى فرصة.
- حضرتك قولت انك ماهتجبرنيش على شىء.
- وانا لسي عند كلمتى.
- هي الكلية امتى؟
- بعد اربع ايام تقريبا.
- دى قربت اوى.
- طبعا يا بنتى وكلها يومين وتكونى عندنا.
قالت ورود باستغراب.
- عندكوا.

- اه عندنا انتى ناسية انك هتيجى تعيشي في القاهرة.
قلقن ورود من الرحيل والبعد عن المكان الذي ضم الكثير منها.
- قائلة برجاء. طب ما اجى بعد شهر.
- انتى خايفة من ايه يا ورود. انا وعدتك وكلمتى سيف.
- انا خايفة اوى ومرعوبة.
- انا عايزك ماتخفيش طولة ما انا موجود.
- غصب عنى. انا مرة اخرج برا الفيوم في حياتى كلها.
- ان شاء الله ماهتكونش اخر مرة.
- هو انت هتيجى تاخدنى.
- ايوا طبعا اومال هسيبك لوحدك.

فى ذلك الوقت، كانت تسير في الشارع مثل المجنونة، كانت تركض وكانها تسبق الزمان، لا تعرف اين ذاهبة، او لماذا تركض بذلك الشكل الهستيرى، كانت تريد نفسها ان تصرخ، وتخرج اكبر قدر من الحزن بداخلها، لقد عاشت خمس سنوات في حب من طرف واحد، وانتظرت كثيرا ان يكون في رد لهذا الحب، لكن لا يوجد غير الوجع والتخلى، هي كانت رخيصة جدا في نظره، فعلت اقصي مجهود لديها، حتى يراها يلمحها او حتى يشعر بها، لكن لا حياة لمن تنادى، في يوم وليلة قابل تلك الفتاة تغيرت كل الموازين لديه، لتلك الدرجة احبها وهام فيها، واين انا من كل ذلك، اين انا، انا احببته، وكنت لا اريد سوى ان يشعر بي، لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا لماذا، عدد لا نهائى من التساؤلات في داخلها الصارخة. وضعت يدها على كتفها، واحتضنت نفسها، العالم اصبح خال، ولا يوجد به غير اوجاعها وكسرة قلبها، حقا انت طيبة لا ترى نظرات الناس لها، وهي تسير متلخبطة تائهة وعينيها تبحث في كل مكان عن اجابة على سؤالها، ولكن الجميع ليس لديهم تلك اجابة، غير ربنا يعوض عليكى، ترد عليهم في داخلها.

- قائلة بوجع ممزوج بحسرة. انا كنت عايزة اديم يكون العوض ليا، عوضى في موت ابويا في ظلم الناس ليا، في حيطان البيت الفاضية، من يوم موت بابها لا عم ولا خال، لم اشتغلت مع اديم وشفت حبه ودفئه. قولت ان ده العوض من كل حاجة وحشة شفتها في حياتها. لكن النهاردة ربنا بيقولى مش عوضك اديم، استنى شوية، في عز انيهارها، خبطت في امراة، كادت ان تتحدث وتوبخها، لكنها رات ملامح فتاة امامها موجوعة حزينة وفاقدة لكل الوان الحياة. تحدثت معها بطيبة.

- قائلة بحنية. خلى بالك يا بنتى.
قالت بوجع، وهي ترمقها نظرة كلها حزن.
- ليه استنى دى كله.
لم تفهم المراة مقصدها كثيرا، ولكن الذي ادركته بان تلك الفتاة تعيش حالة حزن.
فاردفت بهدوء.
- قائلة بثقة. الصبر حلو ربنا يعوض عليكى.
اغمضت عينيها ودموعها نزلت بعجز.
- قائلة بانكسار. فعلا ربنا يعوض على.
- تحبى اوصلك هنا ولا هنا.
قالت بثبات مصطنع، وهي تمسح دموعها.
- لا شكرا لحضرتك.
- بجد هو انتى بيتك فين.

- متشغليش بالك بيا انا هركب تاكسي ودقايق واكون في بيتى.
- طب يا حبيبتى خلى بالك من نفسك.
هزات راسها موافقة على كلمات تلك السيدة الحنونة، اشارت بيدها للتاكسي وبعد دقيقة وقف لها تاكسي، وركبت به ورحلت الى بيتها.

اما هو بعد ان انتهى بالاتصال مع صغيرته، خرج من مكتبه ليطمئان عليها، ولكنه لم يجدها على مكتبها، عقد حاجبيه بتساؤل، الى اين ذهبت، اخرج هاتفه من جيب بنطاله، ليتحدث معها، لكن هاتفها لا مجيب فهو خارج الخدمة. تحدث مع نفسه بعدم فهم.
- قائلا باستغراب. غريبة راحت فين دى.
حاول مرة اخرى الاتصال عليها، ولكن لا مجيب...

كانت تخرج من الكنيسة، عندما راتها تجلس عند شجرتها المعتادة، اقتربت منها، وجلست بجوارها، عندما رات الهاتف بيدها.
- قائلة بانبهار. اى التليفون التحفة ده يا ورود.
اردفت ورود بضيق.
- قائلة بانكار. عادى يا شذى ما تكبريش الموضوع.
- دى كله وعادى. بطلى كدب وقولى ان هو واو.
- اه هو واو بس ما يعنيش ليا حاجة.
- فوقى يا ورود الحياة بتضحك ليكى من جديدة ومدالك ايدها.

- انا مش عايزاها تضحك. انا عايزة افضل هنا في الدار والكنيسة والرب يسوع.
- على اساس ان الرب مش موجود في كل مكان.
- موجود بس دى واحد مسلم بعيد كل البعد عنى.
- بس ده اللى هيعوضك.
- هيعوضنى عن ايه. عن اهلى اللى ضاعوا منى. ولا دينى اللى هيضيع منى لو اتجوزته.
- ايه اللى هيضيع دينك، وبعدين الام مريم وافقت.
- الام وافقت على صفقة، علشان ماتخسرش التبرع بتاع كل سنة.

- انتى بتشغلى دماغك بحاجات فارغة يا ريته كان اتقدم ليا انا.
قالت بتمنى، وهي تخرج تنهيدة حزن من صدرها.
- ياريته ماكنش جيه ولا شافنى.
- ورود اديم كارم النوار مش وحش للدرجة دى.
- ولا حلو يا شذى. انا مجرد صفقة بالنسبة لى هو والام.
- ورود يا حبيبتى متفكريش بالطريقة دى، لانك كدة هتتعبى.
- غصب عنى كل ما افتكر اروح مكان غريب على. واسيبكوا واكون لوحدى.
- لوحدك ازاى اديم هناك واخوه معاكى في الكلية.

- يا ترى اخوه ده عامل ازاى.
- اكيد زيه ما يختلفش عنه.
- الله اعلم.
- امانة عليكى يا ورود لم تروحى هناك ظبطينى مع اخوه.
قالت ورود بانفعال ممزوج بغضب.
- ايه اللى انتى بتقولى ده يا شذى.
- حطى المبادى دى على جنب و خليكى معايا.
- بس دى واحد مسلم.
- وايه المانع. على الاقل هنكون مع بعض.
- الكلام اللى بتقولى ده ماينفعش.
- هو هينفع بس ظبطينى مع اخوى.
- انتى مجنونة.
- مجنونة بس اخرج من الدار الكئيبة دى.

- حرام عليكى تقولى كدة د...
- خلاص ماتفتحيش اسطوانتك. دى المكان ده اللى جمعنا وخبزنا وجبنا وودانا.
ضحكت ورود على كلامها الساخر.

فتحت لها امها الباب. اردفت باستغراب.
- قائلة بقلق. ايه يا نسمة مابترديش على التليفون ليه.
قالت بايجاب، وهي تدخل للداخل واغلقت الباب ورائها.
- معلشى يا ماما كنت مشغولة. هو حصل لحضرتك حاجة.
- لا يا حبيبتى اصل ابن عمتك هنا. وكنت عايزاكى تيجى تقعدى معاى شوية.
- ليه هو مشى.
- لا لسي هنا يلا تعالى ندخله.
هزات راسها ايجابا، ودلفت الى غرفة الصالون، عندما راته...
قالت بترحاب، وهي تمد يدها له.

- ازبك يا دكتور فؤاد عامل ايه؟
(فؤاد سلطان عبد الله ابن عمة نسمة، دكتور بيطرى بمزرعة باسكندرية، يبلغ من العمر الثلاثون، انسان ناجح ومجتهد في عمله كثيرا، ويكن لنسمة كل احترام وتقدير وهي كذلك)
قال بعتاب، وهو يبادلها السلام.
- اهلا بالناس اللى مش موجودة.
قالت نسمة باعتذار، وهي تجلس على الاريكة المجاورة لمقعده.
- معلشى والله كان غصب عنى.
- دى مامتك رنت عليكى اكتر من 12 مرة.
انصدمت من الرقم.

- قائلة بذهول. للدرجة دى يا جماعة.
- فؤاد كان هيموت ويقعد معاكى شوية.
- خلاص ما انا جيت وقاعدين مع بعص بقي.
قال وهو يقوم من على مقعده.
- لا يا هانم انا ماشى.
قالت بعدم تصديق، وهي تقوم من على مقعدها ايضا.
- اكيد بتهزر.
- لا ما بهزرش انا ورايا بكرة سفر. ولازم انام بدرى.
- انا هزعل بجد يا فؤاد انا بقالى كتير ماقعدتش معاك.
- انتى اللى غلطانة ماردتيش على التليفون.
- كان الشغل فوق راسى وماكنتش عارفة ارد.

قال بحنية، وهو يدلف خارج غرفة الصالون.
- خلاص نعوضها وقت تانى.
قالت بتساؤل، وهي تسير ورائه.
- طب هشوفك امتى.
التفت لها.
قائلا بايجاب، وهو امام باب الشقة.
- قريب اوى وبعدين ماما هتقولك خبر حلو.
نظرت له بحماس.
- قائلة باستفهام. اى هو.
- تبقى هي بقي تقولك سلام يا مرات خالى.
- سلام يا حبيبي ابقي سلملى على مامتك واخواتك.
قال بادب وذهب من امامهما.
- يوصل ان شاء الله. خلى بالك من نفسك.

قالت وهي تودعه، وتغلق باب الشقة ورائه.
- دى اكيد.
- موضوع ايه يا ماما اللى فؤاد بيقول عليه.
- فؤاد عايز يخطبك.
قال بقوة، بدون تردد اجابتها سريعا.
- وانا موافقة.
انصدمت امها من موافقتها السريعة.
- قائلة باستغراب. بالسرعة دى.
- ومالك مستغربة ليه.
- اصل عمرى ما شفتك بتفكرى في فؤاد كخطيب او زوج مش معنى دلوقتى.
- الانسان بيكبر وكل افكاره بتتغير.
- وانتى شايفة كدة تغير.
- المهم يكون في صالحى ومايضرنيش.

- نسمة يا حبيبتى كلامك كويس بس ممكن يضرك.
- يضرنى في ايه. هو فؤاد انسان مش كويس.
- لا يا حبيبتى دى زينة الشباب.
- حضرتك بتقولى اهو.
- بس مابتحبهوش.
- هو انا خدت ايه من الحب غير الوجع وكسرة القلب.
- ماينفعش ننسي حب بحب حد تانى.
اردفت نسمة باصرار.
- قائلة بعزيمة. لازم ننسي لانه مابقاش ملكنا.
- اى اللى مخلهوش ملكك هو لسي ماخطبش.
- هو مين.
قالت امها بهدوء، وهي ترد عليها بمنتهى الوضوح.
- اديم كارم النوار.

- ماما انتى بتقولى ايه.
- مابقاش مامتك لو مافهمتكيش.
- بس مش زى ما حضرتك فاهمة.
- لا انا فاهمة كويس وواخدة بالى من زمان. والنهاردة اتاكدت.
- وايه اللى اكدلك.
- موافقتك السريعة والضياع الواضح في عينيك.
لم تستطع ان تخبا الامر كثيرا.

- قائلة بانهيار. وهي تنفجر في البكاء. خطب يا امى مابقاش ليا. بقالى خمس سنين بحبه عمره ماحس بيا. واجعنى اوى وبمتهى البرود النهاردة قالى على خطوبته. مارحمش قلبى اللى حبه. داس على بقلب جامد وراح خد واحدة اقل منى بكتير. انا بموت.
انصدمت من ردة فعل ابنتها.
- قائلة بهدوء. اهدى يا نسمة ماتعمليش في نفسك كدة.
امسكت يد امها، ووضعتها على قلبها، الذي يموت وينقهر توا.
- قائلة ببكاء. قلبى بيوجعنى يا امى.

اخذتها امها في حضنها تحميها من كل اوجاع العالم، لا يوجد لديها رد عن كل ما قالته...

ياريتنى كنت صماء او عمياء او خرساء، ولا ادرك خطبته لغيرى، يا ليتنى ما كنت اسمع ولا اعرف، وينكسر قلبى بتلك الطريقة المهينة، يا ليتنى ما تعلمت العشق منك، فجاة بدون اوان، جاء الحب على راسى، وتوغل داخل احشاء قلبى، مع الاسف احترقت روحى و معها قلبى بالكامل، تاذيت وخسرت الكثير، وكل الذي فعلته معه ضاع على الفاضى بدون جدوى، انتهى العمر وانتهت حياتى، باختصار لقد انهانى الحب من جميع الزوايا، الحب كان اكبر كذبة عشتها معه، سرق عمرى وشبابى معا في حب ضائع...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة