قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الحادي والعشرون

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الحادي والعشرون

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الحادي والعشرون

(دار ازياء اديم كارم النوار).

كانت تجلس على مقعد مكتبها، تواصل عمها بكل همة ونشاط زيادة عن الازم، لقد قررت ان تغير مجرى حياتها بعد ليلة امس، فهذا كان فاصل اعلانى ونكتفى الى ذلك القدر، حبها من طرف واحد استنفذ كل طاقتها، واخذ اكثر من حقه، وجعلها في كثير من الاحيان تقلل من نفسها، وترى الجميع بانهم افضل منها في كل شىء، وهذا غير صحيح، فلا يوجد احد احسن من احد، لقد قضت ليلتها الطويلة في البكاء والقهر والعتاب العنيف لنفسها، باختيارها ذلك الشىء، برغم انه لم يكن بيدها، فقلوبنا لسنا حكاما عليها، فالحاكم والرابط لها، هو الواحد الدايم...

اتت الساعة الثامنة صباحا، ركضت من سريرها، وادت فريضتها، وذهبت الى دوام العمل بكل نشاط واجتهاد، ها هي تواصل اهم شىء في حياتها، بعد حبها من طرف واحد، اتاها اتصال من هاتفها، تركت الاوراق التي بيدها، ومدت راسها في الاتجاه الايمن، من الهاتف الموضوع على المكتب، ثم اخذته واجابت على الفور.
- قائلة بابتسامة. اهلا بالناس الهرابة.
رد فؤاد على كلامها.

- قائلا بعدم تصديق. انا اللى هراب ولا انتى اللى مردتيش على موبيلك.
- قولت انى كنت مشغولة. دى انت قلبك اسود.
- انا قلبي اسود شكرا يا نسمة.
- انا ماكنش قصدى والشغل كان كتير على دماغى.
- خلاص يا ستى سماح المرة دى.
- هو دى العشم يا دكترة.
تحول صوته المرح. عندما تحدث بجدية.
- قائلا بطلب. نتكلم جد شوية.
- نتكلم جد مع انه صعب.
- اكيد مامتك قالتلك على طلبى.
- دى اكيد.
- طب انتى اى رايك.

قالت بثبات انفعالى، وهي تدوس بكل قوتها على قلبها الذي ينزف من اجل ذلك الاديم.
- الاسبوع الجاى ان شاء الله تنور بيتنا.
اردف فؤاد بعند معها.
- قائلا بهزار. بس انا ماهكونش فاضى.
- يا راجل. خلاص انسي الموضوع.
- لا لا كنت بهزر معاكى. انتى مابتصدقى.
- اه طبعا.
- في ثوانى كدة تبيعنى.
- لا مش للدرجة دى انت ابن عمتى برضو.
- اصيلة يا ام رحاب.
- عمرك ماهتبطل الالش بتاعك مهما تك.

اتاها اتصال من هاتف مكتبها. قطعها عن مواصلة حديثها معه...
قالت بادب، وهي تستاذن منه.
- ثوانى يا فؤاد هرد على مستر اديم.
فؤاد بتفهم.
- قائلا بدبلومسية. خدى كل وقتك وانا هكلمك وقت تانى.
قالت بهدوء. وهي تغلق الهاتف معه.
- تمام. مرسي.
ثم تابعت وهي ترفع سماعة الهاتف، وتجيب على اديم.
- نعم يا مستر.
قال بامر، وهو يتحدث بعصبية معها على غير عادته.
- تعالى ليا بسرعة على مكتبى.
قالت بخوف، وهي تضع السماعة على الهاتف.

- حاضر يا مستر انا جاية.
نهضت من على مكتبها سريعا، وذهبت اليه فتحت الباب ودلفت اليه، وجدته يقف امامها واضعا يده في خصره بعصبية، ونظرات عينيه تحولت الى بركان من الغضب العنيف...
قالت بقلق، وهي تغلق باب المكتب ورائها.
- في ايه يا مستر اديم.
قال بهدوء، وهو يجز على اسنانه بضيق.
- ازاى تقولى للورين على خطوبتى.
قالت ببرود، وهي تنظر في عينيه دون ذرة خوف.
- عادى يا مستر هي بتسال على الشغل وعليك فقولت افرحها.

- هو حد ادكى الاذن انك تقولى حاجة خاصة بيا.
- انا مااجرمتش.
- بس خرجتى سر من اسرارى.
- انا ماكنش قصدى.
- انتى عارفة ان لورين لو عرفت بخطوبتى هتعمل ايه، وبرغم ده قولتليها.
استنكرت معرفتها بلورين كامبل المسئولة عن تنظيم اكبر عروض ازياء في العالم. ومنهم اديم الذي تعشقه وفي كثير من المناسبات عبرت بذلك دون تحرر او خوف.
- قائلة باستفزاز. هي مالها لورين بخطوبتك.
- دى احنا بنستعبط بقي.

- مستر اديم انت بتكلمنى كدة ليه؟ هو انا غلطت في حاجة.
- لم تكونى عارفة ان لورين بتحبنى وتروحى تقوليلها على خطوبتى يبقي بتسعبطى.
- ما انت واخد بالك اهو من اللى ببحبك واللى بيكرهك.
- انتى قصدك ايه؟
قالت بمكر، وهي تعود الى نفس برودها.
- ماقصديش حاجة. عامة يا مستر انا اسفة انى خرجت سر من اسرارك.
قال اديم بصدق، وهو يقترب منها اكثر. حتى اصبح لا يفصل بينهما الا القليل.

- انا اعتبرتك اختى ومقولتش لحد الا ليكى. برغم دى كله بتتكلمى بكل برود.
استغربت كلامه.
- قائلة بعدم تصديق. هي صافى ما تعرفش.
- لا ماحدش يعرف الا انتى وزين وادم.
- ماكنتش تحكيلى اى حاجة.
قال بتساؤل، وهو يستغرب من اسلوبها الغير مرحب به في الكلام.
- نسمة انتى بتتكلمى كدة ليه.
- انا اسفة يا مستر.
- انا اللى اسف. احجزلى على اقرب طيارة راحة لباريس النهاردة.
- تمام حضرتك اى حاجة تانية تؤمر بيها.

- في ايه هو انا ضايقتك في حاجة بتكلمينى كدة ليه.
- انتى عايزانى اكلمك ازاى.
- انتى متغيرة بقالك فترة.
- كلنا بنتغير يا مستر.
- بس مش عالناس اللى بنحبهم او هم بيحبونا.
- ماعدش حد بيقدر الحب اللى حضرتك بتقول على ده.
- يعنى حبى ليكى مابفتيش بتقدرى.
طرق طرق على باب المكتب. ثم دلف زين، راى العصبية والضيق تتحدث عن صديقه.
- قائلا باستغراب. وهو يقف بينهما. في ايه يا اديم؟

قال بضيق، وانظاره لم ترفع عن تلك الباردة التي تقف امامه.
- لورين عرفت بخطوبتى.
- وايه اللى عرفها.
قالت بايجاب، وهي تتحدث الى زين.
- انا يا مستر زين.
- طب ليه يا نسمة.
قالت بعدم اهتمام، وهي تتجاهل لهجة العتاب التي في سؤاله.
- انا اعتذرت لمستر اديم.
ثم تابعت بثبات، وهي تدلف من امامهما ببرود.
وعن اذنكوا علشان احجز التذكرة.
بعد خروجها وحديثها الصادم لهما. تحدث زين باستغراب. - قائلا باستفهام. مالها دى.

قال اديم بعصبية.
- اسالها. كل ماقولها مالك تقولى مافيش.
قال زين بخبث، وهو يغمز له.
- يعنى انت مش عارف مالها.
- لا وياريت اعرف.
- اديم انت بتتكلم جد.
- اه طبعا. والله ما اعرف فيها ايه.
- نسمة بتحبك.
قال بعدم تصديق، وهو يعقد حاجبيه باستغراب.
- ايه التخاريف اللى انت بتقولها دى.
- دى مش تخاريف دى حقيقة.
قال بحنق وهو يبعث في شعره بعصبية.
- زين انت شكلك شارب حاجة على الصبح.

- اديم بطل لف وصدقنى نسمة بتحبك بجد. ومن زمان كمان.
- طب هصدق كلامك اللى بيحب حد بيعمل في كدة.
- لا عايز تقولها هتخطب وتتجوز وتتعامل معاك كأن مافيش حاجة.
- لا من قبل كدة بتتعامل معايا ببرود.
- ممكن تكون زعلتها.
قال اديم برفض ممزوج بانفعال.
- محصلش. عامة ده مش موضوعنا.
- انت هتعمل ايه مع لورين.
- هضطر اسافر ليها باريس.
- فكرة كويسة. عملت ايه بقي مع ورود.
- اتفاقنا على كل حاجة.
- الخطوبة امتى ان شاء الله.

- في نص الترم.
قال زين بسعادة، وهو متحمس بشدة.
- هموت واشوفها.
- ماتعملش زى ادم.
- هو انت كمان قولت لادم.
- طبعا وانبسط جدا.
- طب صافى وباقية العايلة هيعرفوا امتى.
- اكيد في الوقت المناسب.
- مبروك والف مليار مبروك.
- شكرا يا زين عقبال بناتك.
- طب الدراسة ماعدش فاضل عليها حاجة هتيجى امتى.
- هكلمها دلوقتى. علشان تيجى بكرة وادم يروح يجيبها.
- تفكير سليم. لو احتجت حاجة انا موجود.
- دى العشم يا حبيبي.

- عن اذنك بقي اسيبك تكلم ادم وتفطنه على الحوار...
بعد خروجه، جذب الهاتف من على المكتب، وذهب وقف عند النافذة الشفافة والموبايل بيرن ترن ترن ترن، كان ادم نائم في السرير لا يشعر بالدنيا، حاول كثير معه وكان لا يجيب، لكن في الاخر استسلم لامر الواقع، ورفع الغطاء من عليه، واعتدل في السرير بعصبية، واخد الموبابل من الكومدينو.
قال بحنق، وهو يرد عليه بنعاس.
- ايوا يا اديم.
- مالك يا زفت.
- صحتنى من احلى نومة.

- هو انت نايم لحد دلوقتى.
- اه عندك مانع.
- نوم الظالم عبادة.
- ومدام انا ظالم بتكلمنى ليه.
- عايزك.
- اى الحوار؟
- ما انت لم تيجى هتعرف.
فكرة انه سيذهب لاديم اسعدته بشدة، بذلك سيستطيع ان يخرج من المنزل بدون سين وجيم، ويقابل اليوم بنت ويخربها معها لقد اشتاق بشدة.
- قائلا بحماس. اذا كان ماشى.
قال اديم بفضول، وهو يلاحظ لهفته.
- ايه الحماس اللى في صوتك ده.
- يعنى انت تكون عايزنى ومكونش متحمس.

- ايوا ابدا اسطوانة الكدب بتاعتك.
- يعنى خيرا تعمل شرا تلقى.
- خلاص ماتتعبش نفسك وتيجى.
- لا انا جاي.
قال بقسم، وهو يضحك على رد اخيه السريع.
- والله الموضوع في ستات.
- قولى بس اجيلك فين.
- هكون فين يعنى. في السرير مثلا ذيك.
قال بسعادة وهو يعلق الهاتف معه...
- خلاص نص ساعة واكون عندك سلام.
قام من السرير بسرعة، ودلف الى المرحاض.

(مكتب الام انجلينا جابرى)
كانت تقف امامها بخوف وقلق، وهي جالسة على مقعد مكتبها كالعادة تعطيها في اوامر، وتعليمات قبل ان تترك الدار وتذهب.
- قائلة بتحذير. اوعى حد في الدار يعرف بسفرك.
- يعنى هنفضل مخبين الموضوع عليهم كتير.
تحدثت بصرامة معها.
- قائلة بحزم. هيفضل ما بينى وما بينك ومش عايزة اسمع من هنا او من هنا.
- انتى ليه بتعملى في كدة.
قالت الام بحنية، وهي ترد عليها بصدق.

- لانى انا اول واحدة شوفتك في اللفة قدام الكنيسة وخدتك وعاهدت الرب ان اقدمك كل وسائل السعادة.
- امى انتى بتخونى عهدك بموافقتك على جوازى من اديم.
- الرب عمره ما يرضى بالظلم، وانا اختارت ليكى حياة هادية ومستقرة.
- فين الظلم ان اكون في خدمته وطاعته.
- الرب زى ما عايز تكونى مطيعة لى عايزك برضو تكونى سعيدة.
- وانا سعادتى اكون هنا.
- انا امك وافهم عنك واعتقد ان خلصنا من الحوار ده من بدرى.

اتى تليفون لام قطعها عن مواصلة حديثها، اجتذبته من على المكتب، عندما رات الاسم، فتحته على الفور، تحدث اديم بادب.
- قائلا بترحاب. السلام عليكم يا امى.
- وعليكم السلام يا مستر اديم.
- اخبار حضرتك ايه.
- نشكر الرب.
- طب كويس.
- ترضى عنك العذراء اؤمرينى يا ابنى.
- الامر لله وحده. انا كنت عايز اقول لحضرتك. ورود تجهز نفسها بكرة. على الساعة تسعة ؛ علشان هتسافر القاهرة.

- على خيرة الله هقولها. مش انت هتيجى تاخدها.
قال باعتذار، وهو يرد عليها بحزن.
- مع الاسف لا دى اخويا.
- ليه؟
- لان بعد ساعاات هسافر لباريس.
- ليه؟! ايه اللى حصل.
- حصلت مشكلة في الشغل، ولازم اسافر علشان احلها.
- الرب يحلها ليك. عامة لم ترجع ابقى تعالى خدها.
- لا ماينفعش.
- وايه اللى هيقل نفعه.
- لانى قدمت لورود على الكلية وهي بعد يومين. وماينفعش تتاخر عليها.
- بس انا كدة هقلق عليها.

- ماتخفيش ادم ثقة وهيخلى باله منها لحد ما ارجع. اعذرونى يا امى دى ظرف غصب عنى. وانا مستحيل اعرض ورود للخطر.
صمتت قليلا لتفكر في كلامه. وتحسبه في راسها. وكل ذلك امام ورود التي اصيبت بالصدمة، عندما علمت بانه لم ياتى لياخذها بل اخيه، والكارثة الاكبر عندما قال لها. - ورود تركب من موقف القاهرة وادم هيستناها هناك.
- انا هوصلها بنفسي للقاهرة.

- ماتتعبيش نفسك وصيلها الموقف، وادم هيكون في انتظارها في القاهرة.
- تمام يا مستر اديم.
قال كلماته بامتنان وهو يغلق الهاتف معها.
- شكرا على تفهم حضرتك. في رعاية الله.
دلفت نسمة اليه بوجهها الجاد. واغلقت الباب ورائها.
- قائلة بصرامة. وهي تلتفت له. الطيارة هتكون الساعة خمسة في درجة رجال الاعمال.
قال بضيق، وهو يرمقها نظرة عتاب.
- اتمنى ان حضرتك تكونى انبسطتى.
بنفس البرود اجابته.

- قائلة بصلابة. وايه اللى يبسطنى يا مستر اديم.
- انتى مش مدركة للموقف الزفت اللى بقيت في.
قالت بابتسامة مستفزة.
- قولى يمكن ادركه.
- انتى ليه بقيتى مستفزة كدة. من يوم الملجا وانتى متغيرة على و كلامك وردودك بقت باردة.
- انا مابعملش حاجة غير انى اشوف شغلى.
- هو شغلك انك تروحى للورين تقوليلها على خطوبتى.
- مادام الموضوع خاص اوى كدة ماكنتش تقولى.
قال باستغراب، وهو يضيق عينيه.

- خاص وعليكى انتى. انتى مش عارفة انتى بالنسبالى ايه؟
قالت بصوت مجروح.
- اختك.
قام من مقعده وذهب اليها.
قائلا بصدق، وهو يقف امامها مباشرة.
- واكتر كمان نسمة انا من غيرك...
- مستر اديم انا مجرد موظفة عندك.
- انتى حد غالى اوى بس انتى مابتفهميش.
- بس مش اغلى من ورود.
- ورود حبيبتى. انتى...
- وانا السكرتيرة.
- هريحك منى الاسبوع ده.
- يكون افضل.
قال بحزن، وهو مصدوم من ردها.
- دى انا وجودى مضايقك اوى.

- قالت بقسوة، وهو تنظر له بقوة. ولا وجودك ولا غيابك ماثر معايا.
- للدرجة دى مابقتش فارق.
تجاهلت الوجع في كلامه.
- قائلة بانصراف. وهي تذهب من امامه.

الطيارة بتاعت حضرتك هتكون الساعة خمسة عن اذنك. تركته يخبط راسه في اقرب حائط. بعد خروجها من عنده تريد ان تهرب، لتخرج كل طاقة البكاء مع نفسها، وهي تركض، خبطت في ادم وهو يدلف من المصعد متوجها الى مكتب اخيه، ادركت ان هو ادم، فلفت ذراعيها حول خصره، وانفجرت في بكاء مرير، هو بكل حنية ربت على ظهرها بحب وعطاء...
قائلا بطيبة. مالك يا نسمة؟
قالت بوجع وهي تبكى.
- مابقتش قادرة.
- هو انتى عرفتى.

هزات راسها ودموعها سيول على وجنتيها.
- مش عارف اقولك ايه؟
تجمع الموظفين على منظرهم، فنسمة مرمية في حضن ادم، كأنه حبيبها وتفضفض معه عن مدى اشتياقها التام له، ولكنها تشتكى له وجع قلبها من اخيه في صورة بكاء ونواح يوجع القلب السعيد، عندما راى التجمع، صرخ فيهم بحدة.
- قائلا بامر. كل واحد على مكتبه.

فى ثوانى اختفوا فادم غير اديم تماما، نعم انه صاحب علاقات، ولكنه حازم في تصرفاته. ولا يريد من احد ان يري نسمة بذلك الوضع المخزى وهو ضعفها امام اديم...
عندما ادركت نفسها، خرجت من حضنه.
- قائلة بخجل. انا اسفة.
اجابها بصدق.
- قائلا بمعزة. على ايه انتى اختى.
هبت فيه بانفعال.
- قائلة بغضب. انت هتعمل زي اخوك.
قال بخبث، وهو يغمز لها بوقاحة.
- عايزانى اعتبرك حد تانى انا موافق.
اتسعت عينيها بذهول.

- قائلة بعتاب. ادم.
قال بحنان اخوى، وهو يمسك وجهها ويمسح دموعها...
- يا روحه وعقله.
فى تلك اللحظة خرج اديم على صوت صراخ اخيه، راى ذلك المنظر الحميمى الجميل صدم بشدة، نسمة تعطيه ظهرها، وادم مقربا لها بشدة ويمسك وجهها.
- قائلا بعصبية. هو ايه اللى بيحصل هنا.
ارتبكت عندما سمعت صوت معذبها. استاذنت ادم بنظرة عينيها وذهبت من امامه، متجاهلة ذلك الغاضب الذي طرح سؤاله، ولم يسمع اجابته حتى الان.

قال ادم باستفهام، وهو يقف امامه.
- كنت عايزانى في ايه.
قال بغضب، وهو يتجاهل سؤاله.
- انت كنت بتعمل ايه مع نسمة.
قال باستفهام، وهو يرفع حاجبيه باستغراب.
- ايه السؤال ده يا اديم؟!
قال بامر، وهو يجز على اسنانه بضيق.
- جاوب على.
- اجاوب على ايه لم افهم.
قال اديم بانفعال ممزوج بعصبية.
- كانت في حضنك وماسك وشها بصفتك ايه؟
- وانت بصفتك ايه تسال؟
- ادم ما تلفش وتدور على.
- اديم انت مش واخدة بالك انك متعصب.

- مستنى منى ايه لم اشوف المنظر ده.
- منظر ايه؟ كان في حاجة في عينيها وبشلها.
- لا والله فاكرنى عيل صغير تضحك على بالكلمتين دول.
- لا مش عيل صغير ودى اللى مخلينى مستغرب اسائلتك العجيبة.
- يعنى تقف معاك كدة. وجوا تكلمنى بكل برود.
- هو ايه الحوار انا ابتديت اشك.
- ادم انا هي مش طالبك.
كانت نسمة انتهت من غسل وجهها، وخرجت قبل ان يشك بشيئا ما، رائها تقترب منهما. وعندما وصلت لهما، تحدثت مع ادم بابتسامة عريضة.

- قائلة بترحاب. نورت الشركة يا ادم.
- دى بنورك يا نسمة.
- thanks.
- هو انا عملت حاجة. حاجة دخلت في عينك وشلتها.
ابتسمت بحب له ؛ بانه غطى عليها سبب بكائها.
- قائلة باستاذن. عن اذنك علشان ورايا شغل. قالتها وذهبت الى مكتبها، وجلست على مقعد مكتبها. واصلت عملها بكل برود وتجاهل.
راى اخيه يستشيط غضبا.
- قائلا بقلق. مالك يا اديم، وكنت عايزانى في ايه.
قال بصوت عالى متعمد استفزازها.
- كنت عايزك في موضوع بخصوص ورود.

قال ادم باستفهام، وهو يستغرب فعلته ولكنه لم يعقب.
- طب تمام احنا هنتكلم هنا ولا ايه.
- تعالى ندخل جوا نتكلم.
هزا راسه ايجابا. ودلف معه. بعد دخولهم غرفة المكتب، تركت الاوراق من بين يدها، وبدات تزفر في ضيق وغضب، وتتوعد في داخلها انها لن تخضع لكلامه المعسول لها، وطريقته التي تجعلها ترضغ لكل اوامره، لا والف لا...
جلسوا امام بعضهما البعض كل واحد منهما على اريكة. وتحدث اولا ادم. الذي اردف بقلق.

- قائلا بتساؤل. في ايه يا ابنى قلقتنى.
- حصلت مشكلة وهضطر اسافر باريس.
- ليه ايه اللى حصل لسفرك المفاجى ده.
- مش دى موضوعنا دلوقتى.
- اومال ايه اللى موضوعنا.
- انك هتيجب بكرة ورود من موقف عربيات الفيوم.
- ايه! اكيد بتهزر.
- لا مابهزرش. لانى هكون سافرت وماهينفعش اروح اجيبها.
- طب انا مالى ماتشوف حد غيرى للحوار ده.
- اشوف مين وانت موجود.
- يا دى ورود اللى طلعتى في البخت.
- خلاص ماتجبهاش وانسى فلوس السنادى.

- قولتلى موقف الفيوم فين.
- في ثوانى قراراتك بتتغير.
- ما ورود دى هتعلمنى الادب من اول وجديد.
- ياريت هو في حد قادر عليك.
- لا متخفش. واحدة حتى ماشفتهاش ولا حتى اعرف شكلها ايه. مخليانى امشى على هواها.
- بكرة تعرفها. بس بقولك ايه انا عايزك تعاملها معاملة كويسة اوى. وان احتجت اى حاجة انت تجبهلها.
- هو انت مطول في السفرية دى.
لم يفهم مقصده من السؤال.
- قائلا بايجا. لا كلها اسبوع بتسال ليه.

- علشان ما اشالش همها كتير.
- مابتحبش تتحمل مسئولية ابدا.
- ابدا. طب اشيل ليه وانت موجود.
- طب افرض انى مش موجود.
- ماهقدرش افرض لانك موجود ودى حقيقة.
- مش عارف اعمل فيك ايه. خلاص اتفاقنا هتجيبها وتخلى بالك منها.
- خلاص كلها اسبوعين اتحملها بالطول والعرض.
- يا ستار يارب. اهم حاجة صافى وغيرها مايعرفوش حاجة. الا في الوقت المناسب.
قال بهدوء، وهو يقوم من على الاريكة.
- كلامك اوامر. عن اذنك بقي.
- رايح فين.

- الكلية بعد بكرة خلينى ادلع نفسي شوية.
قال بتحذير، وهو يغمز له بفهم.
- طب من غير مشاكل تمام.
قال بتاكيد، وهو يدلف من امامه. ليقابل عاهرة من عاهراته...
- دى اكيد هي الحكاية مش ناقصة.

مرت الساعاات سريعا، ارسل قرص الشمس اخر ضوء له، معلنا قدوم ليل اسود. كانت الساعة الثامنة مساءا كان اديم سافر دون ان تودعه نسمة، فهى ذهبت وتركت له التذكرة على مكتبها، استغربها بشدة لا انصدم، فهى في كل مرة تكون معه في المطار، وتجهز له حقيبة السفر، اليوم تجاهلته وبشدة، دون الاهتمام به او بشئونه، كيف يستطيع ان يسافر اليون دون كلماتها المودعة له وتدعو له ان يعود بالسلامة، منذ ان عملت معه كانت تهتم بادق تفاصيل حياته، ماذا حدث لذلك التغير، هل هذا حب مثلما يقول صديقه، في السابق كان يصدق كلام زين، لكن اليوم كرهه بكل تفاصيله...

اعتقادته جميعها كانت خاطئة فهى جهزت حقيبته كما اعتادت، لذلك ذهبت مبكرا، وطلبت من صافى ان لا تخبره هذا الامر، وبعد ذلك وقفت بعيد في صالة المطار، تقرا الاذكار في سرها لاجله، وتدعو ان يوفق في عمله ويعود لها سالم غانم، مهما حاولت واقسمت على نفسها، دائما حنينها وحبها العاجز يعود له وبكل قوة، فاديم هو اول حب في حياتها، معه تعرفت على لغة جديدة لم تكن تعرفها من قبل (العشق).

ام ادم نائم في حضن امراة مجهولة الهوية، لا يعرف حتى اسمها، التقاطها من احد البارات، ويمارس معها توا، دون حياء او خجل، او حتى خوف من الملك الدايم، اسئلة كثيرة تطرح نفسها، من اهمها، من ماذا يتكون ذلك الانسان الشهوانى المستهتر...

كانت ورود في الكنيسة، تعترف للرب وتبكى في حرقة واسى، لقد حكم عليها بالاعدام، وهو ذهابها الى ذلك المكان، تريد ان يرجع الزمان بها للوراء، ولم يراها فيه اديم، كانت حياتها هادئة ومستقرة بعيدة عن القلق والخوف، ومن ادم الذي سياقبلها غدا...
من لكى ان تتخيلى؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة