قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل السادس

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل السادس

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل السادس

- انا كل اللى شغالنى اديم، لكن ماما براضيها بكلمتين.
- انا كل اللى شاغلنى البيت كله. ابويا احتمال يطلق امى فيها. ونتشرد في الشارع.
في تلك اللحظة، يقف عمر الصياد، وامامه زوجته اناهيدا في بهو قصرهم الفخم.
- قائلا بصراخ. ابنك فضحنا.
اردفت اناهيد بلامبالة.
- قائلة ببرود. فيه ايه يا عمر؟ زى ما يكون ابنى اول واحد يسقط في الكلية.
- انا مابتكلمش على الكلية يا مدام.
- اومال بتتكلم على ايه؟

- وبعدين هي جت على السقوط ما ابنك كل سنة بيعملها. بس المرة دى عمل العن من اللى خيالك يتوقعه.
قالت باستفهام. وهي تعبث باظافرها التي تعتنى بهم اكثر من اولادها.
- عمل ايه يعنى؟
قال بعصبية من برودها، وهو يعطيها التابلت عليه الفضيحة التي دوت السوشيل ميديا من دقائق في مصر.
- خدى شوفى.
قرات الخبر لم يتغير اهتمامها. بل زاد اسوء عندما قالت بعدم اهتمام. وهي تضع التابلت على مقعد.
- ما دى العادى بتاع ابنك.

- انتى شايفة ان فضحتينا دى عادى.
- والله ما بيعمل اكتر من اللى انت بتعمله.
- انت قصدك ايه؟!
- انت فاهم قصدى بلاش لف ودوران.
- اناهيدا لمى لسانك.
- مش هي دى الحقيقة يا زوجى العزيز. فمن شابه اباه فما ظلم.
- واحدة غيرك تهتم بعيالها وتراعى اسرتها.
- لم انت تهتم ابقى اهتم.
- انا الراجل.
- يعنى ايه راجل؟
- اللى بيشتغل ويشقى ويجيب ليكى الفلوس وتعملى بيها شوبنج هنا وهناك وتتفشخرى بيها وسط صحابك.

- انا ماكنتش عايزة دى كله. انا عايزة جوزى يحبنى.
- انتى عارفنى انا ما جبرتكيش على جوازنا.
- قالت اناهيد بحسرة. بتذلنى يا عمر علشان حبيتك. وانت لا.
حزن من نفسه على رده عليها
- قائلا باعتذار. انا اسف.
- بتتاسف على ايه. على وجع قلبى ولا اهانتك ليا.
- كفاية مشاكل انا تعبت منكوا. قالتها نوران بنفاذ صبر. فهى ملت شجارهما سويا.
انصدموا من وجودها. قالت اناهيد بتوتر.
- نوران انتى بتعملى ايه هنا؟

- بسمع ابويا وامى المحترمين وهما بيهينوا بعض ازاى.
شخط فيها قائلا بحزم.
- بنت اطلعى فوق ما ينفعش تسمعى الكلام ده.
- اطلع ازاى كملوا اهانتكوا لبعض.
قالت اناهيد برجاء.
- اطلعى يا نوران يا حبيبتى انا وبابكى بنتكلم شوية.
- وانا هتكلم معاكوا الشوية دولى.
- يا حبيبتى ماينفعش. دى امور خاصة.
- فين الخاصة يا مامى وانتوا خانقنكوا جايبة اخر القصر.
- خناقتنا بسبب اخوكى وعمايله.
- هو عمل ايه؟
- قولى ماعملش ايه؟
-...

كانت امها فاقت من تاثير الحقنة، دلفت الى غرفتها، كانت تجلس في السرير بصحة جيدة، ذهبت اليها بسعادة.
- قائلة ببكاء، وهي ترتمى في حضنها. ماما انتى كويسة؟
ربتت على ظهرها.
- قائلة بابتسامتها البشوشة. اه الحمد لله كويسة.
خرجت من حضنها، ونظرت الى وجهها الحنون
- قائلة بقلق. اومال ايه اللى جرالك ده.
- شوية تعب مش اكتر.
- تعب ايه يا ماما؟ حضرتك اغمى عليكى وام محمود وجوزها جابوكى هنا.

قالت بطلب. وهي تداعب وجنتيها بحنان.
- خلاص يا نسوم انا بقيت كويسة.
- اكيد يا امى؟
- ما انا قدامك حلوة اهو. محتاجة ايه تانى؟
- مافيش اهم من كدة.
- قلقتى نفسك على الفاضى وسبتى الشغل.
خبطت على راسها.
- قائلة بتذكر. مستر اديم برا.
رفعت حاجبيها باستغراب.
- قائلة باستفهام. هو ايه اللى جابه؟
- كان جاى يطمن عليكى. هروح اشوفه يا ماما.
- تمام يا روحى.
هزات راسها ايجابا، وتوجهت للخارج. راته يقف بشموخ.

- قائلا باستفهام. ماما عاملة ايه دلوقتى؟
- الحمد لله بقت كويسة.
- طب الحمد لله ربنا يخليهى ليكى.
رمقته نظرة امتنان.
- قائلة بتمنى. ويخليك ليا.
رفع حاجبيه باستغراب.
- قائلا باستفهام. انتى بتقولى ايه؟
ابتلعت ريقها بصعوبة، عندما ادركت ما قالته.
- قائلة بتلعثم. ه و حض رتك مش هتطمن على ماما.
قال بترحاب.
- اه اكيد.
قالت بادب.
- طب اتفضل.

هزا راسه ايجابا. والابتسامة تعلو ثغره. ودلف معها للداخل، وحمدت الله كالعادة انه لم يلاحظ. عندما وقع نظره على والداتها. القى السلام عليها باحترام.
- قائلا بادب. السلام عليكم.
اعتدلت في مكانها.
- قائلة بتعب طفيف. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تعبت نفسك ليه يا ابنى.
- تعبك راحة يا طنط.
- كتر خيرك يا ابنى.
- حضرتك عاملة ايه؟
- الحمد لله كويسة.
- طب كويس.
قالت نسمة بامتنان، وهي تنظر له.

- مستر اديم بشكر حضرتك جدا. اتفضل انت، وانا وماما هنعرف نروح لوحدنا.
قال بادعاء عدم الفهم.
- انتى بتقولى ايه؟
- بقول لحضرتك روح علشان شغلك. وكفاية تعبناك معانا كتير.
رمقها نظرة صرامة من عينيه ارتعبت منها، والتزمت الصمت على الفور.
- قائلا بحزم. انا برا. وجهزى مامتك. قالها وانصرف من امامها.
تسارعت الاحداث
بعد ان اعطت امها الدواء، دلفت اليه كان يجلس في الصالون، قام بوقار. وطرح سؤاله.

- قائلا بصوته الرجولى. هي نامت؟
- اه الحمد لله. بشكر حضرتك يا مستر.
قال بضيق، وهو يدلف من غرفة الصالون.
- لا تعليق على كلامك.
- لا اتفضل عادى.
استدار اليها.
- قائلا بادب، وهو يضع يده في جيب بنطاله. انا اسف.
هزات راسها بعدم فهم.
- قائلة باستفهام. على ايه؟
- على اللى عملته معاكى في المكتب.
اندهشت من تواضعه. هي تعرف مدى تواضعه ولكن ليس لتلك الدرجة.
- قائلة باستغراب. انت بتقول ايه يا مستر؟!

- انا بعتذر ليكى قابلة اعتذارى ولا لا.
ابتسمت على كلامه.
- قائلة بسعادة. اكيد قابلة يا مستر.
- انا مش جابرك قابلة ولا لا.
- عادى ولا يهمك يا مستر. احنا عندنا كام مستر اديم.
- كلامك صح فعلا. وعندنا كام نسمة برضو.
خجلت من كلامه بشدة، وتوردت وجنتيها، سعد من ردة فعلها.
- قائلا باعجاب. تصدقى شكلك حلو لم بتتكسفي.
قالت باستفهام، وهي ترفع وجهها له.
- انت بتقول ايه؟

انصدم من كلامه. فهو بعيد كل البعد عن غزل الفتيات وخاصة نسمة.
- قائلا بارتباك، وهو يذهب من امامها. تصبحى على خير.
- طب استنى اعملك حاجة تشربها.
قال باستغراب، وهو يفتح باب الشقة.
- اشرب ايه يا بنتى الساعة 2؟!
- خلى بالك من نفسك.
التفت لها
- قائلا بابتسامة. هو انا عيل صغير ولا ايه.
- مش قصدى يا مستر.
قال بابتسامة، وهو يغلق باب الشقة ورائه.
- تصبحى على خير.
بعد ان خرج، وضعت يدها على قلبها.

- قائلة بعشق. امتى تحس بيا. وتشوف انسانة بتحبك من كل اعماق قلبها ومش عايزة منك غير حبك. امتى يا اديم اقدر انطق اسمك مجرد وتكون ليا لوحدى...
توجه الى قصره الفخم
فى تلك اللحظة كان ادم يغط في سريره غير مهتم بما يحدث حوله. لم يفتح اديم الهاتف، ولا يعرف بما فعله ادم.

علي الجانب الاخر، كان يدلف بسيارته كل شوارع القاهرة، بعد ان تركه صديقه وذهب، مل السيران بين الطرقات، حتى ركض منه الوقت. فذهب الى بيته بالاخير. كان والداه في انتظاره جالسا على مقعد في بهو القصر. عندما رائه يصعد اول درجة في السلم. اضاء الانوار.
- قائلا بضيق. اهلا هو انت وصلت يا باشا.
ندب مالك حظه التعيس. فهو كان يريد ان يتاخر ؛ حتى يكون نام اباه، ولكن على من؟! التفت اليه بحذر.

- قائلا بسخرية، وهو ينزل الدرجة ويذهب اليع. لا لسي جاية.
قال بتحذير، وهو يرفع عمر اصبعه في وجهه.
- بطل الشك الرخيص بدل ما اضربك على وشك.
دلفت اناهيد من غرفتها، عندما سمعت صوت زوجها مع ابنها. وهبطت الدرج امام زوجها.
- قائلة برجاء. اهدى يا عمر.
- لو سمحتى يا اناهيد.
- ما تسيبى يا مامى يعمل اللى هو عايزه.
قال بعصبية، وهو يقوم من على مقعده ويقف امامه بغضب.

- ولد انت. هو انا مقولتلكش تبعد مليون مرة عن اللى اسمه ادم ده.
- وانا هرجع اقولك من رابع المستحيلات ابعد عن صاحبى.
- هو دى صاحب. دى مصيبة من مصايب الزمن.
- مادام ما بتحبوش اوى كدة. بتقابله كويس ليه اول ما بتشوفه معايا.
- قصدك ايه؟!
- انت فاهم قصدى كويس يا بابا. انت بتكلمه كويس علشان عمو كريم ليك مصالح معاه.
- اكلمه علشان مصلحتى لكن ماقلدوش في الفشل.
- مهما قولت او عدت مستحيل اسيب صحبى.

- ما تتعبش نفسك معاي يا عمر.
- دى اللى ربنا اقدرك عليه. اسكتى ماعيزش اسمع صوتك.
- حاسب على كلامك يا عمر انت مابتكلمش واحدة صغيرة قدامك.
- ما انتى صغيرة. لو واحدة كنتى كبيرة وعاقلة كنتى قدرتى تربى ابنك.
- انت ليه بتحسسني ان هو ابني انا بس.
- لان حضرتك المسؤوله الاولى والاخيره عنهم مش انا.
- وحضرتك ايه وظيفتك في البيت كاب؟
اجابها بنفس الاجابة النمطية.
- قائلا بقوة. انا بشتغل.
قالت بملل.

- يا دى ام الاسطوانة المشروخة.
ثم تابعت وهي تقلده في طريقة كلامه.
- قائلة باستهزاء. انا بجيب الفلوس علشان حضرتك تقدرى تلبسي وتتفسحى مع اصحابك. وتعملى شوبنج. انت بتدور على اي حاجه عشان تعلق عليها اغلاطك.
- طب تمام انا غلطان وفي الشغل طول اليوم. طب انتى وظيفتك كام فين؟
-...
لم تستطع ان ترد عليه. فهى امهما و لديها المسؤولية الكامله على الاهتمام باولادها، ورعايتهما في ادق التفاصيل في حياتهما.

- طبعا سكتى لانى بتكلم في الحق.
هنا كشفت عن انيابها.
- قائلة بتحدى. صمتى ماكنش اعتراف بغلطى. بل لانك عمرك ما عملتنى كزوجة او حبيبة. دايما بتعاملنى كديكور في البيت حاطه بتتفشخر بيه، وبتتباهى بيا وسط الناس.
- لانك ما حاولتيش تحتلى ولو جزء بسيط من حياتى.
قالت بوجع
- حاولت كتير. ولم فشلت قررت ادور على شىء اسلى بي نفسي.
- وكان الشوبنج والقاعدة مع صحابك هي دى التسلية.

- بحاول اهرب من الواقع المرير اللى انت حطتنى فى.
- اهربى منى بس ماتهربيش من ولادك. اللى هم ثمرة حبك منى زى ما بتقولى.
لقد مل من شجارهما المعتاد امامه. قال وهو يذهب من امامهما.
- انا طالع انام.
نادى عليه عمر
- قائلا بصوت عال. ولد انت رايح فين؟
التفت اليه
- قائلا بسخرية. انا رايح اذاكر.
- صحيح انك وقح وقليل الادب.

- ايه الجديد يا عمر يا صياد. تصبح على خير. قالها بنعاس ودلف من امامهما. لم يستطع ان يوقفه. فهو كان يريد ان يتحدث مع زوجته المعذبة من حبها له من طرف واحد، ولكن ماذا تفعل، فهى من قبلت على نفسها ذلك، عندما اخبرها اول مرة تقابلوا فيها، وانه صعب يعشقها قبلت الزواج منه، وفي اعتقادها بعد ان يتعرف عليها سيحبها وينسى حبيبته القديمة، لكن هيهات وهيهات فحبها بصم في قلبه ولم ولن يخرج الا بالموت، تموت كل لحظة، لمجرد انها منذ 22 عاما تعشق رجل من طرف واحد وهو عمر الصياد...

منزل زين عز الدين
بعد ان انتهى الطبيب من الكشف عليها، وضع لها حقنة مهداة، قام من على فراشها، وهي في عالم اخر بعيد عن الدنيا الخارجية، نظر الى زوجها
- قائلا بجدية. ممكن نتكلم على انفراد؟
قال بطلب، وهما يتوجهون الى غرفة المكتب.
- طب اتفضل معايا على اوضة المكتب.
بعد ان دلفوا الى غرفة، جلسوا قبالة بعضهما البعض على مقاعد المكتب.
- قال زين باستفهام. تشرب ايه حضرتك؟
- لا مالوش لازوم.

- ازاى بتقول كدة. لازم طبعا. قهوة سادة تمشي معاك.
- تمام.
قال بادب، وهو ينادى عليها بصوت على.
- دادة فنجانين قهوة سادة.
اتت على الفور.
- قائلة بحنية. حاضر يا ابنى.
- قال بقلق. في ايه يا دكتور تارا مالها.
- لازم تحكى ليا كل حاجة علشان اشخصها صح.
هزا راسه بتفهم ممزوج بالقلق. وقص عليه بانها حاولت الانتحار فقط ولم ولن يدخل في تفاصيل اكثر من ذلك. فهذه كرامته ورجولته...

علم الطبيب من كلامه بانه يخفى الكثير والكثير، ولكنه لن يسحبه في الكلام. او يحاول معه. فمع الايام سيتحدث، ولكن ليس اليوم.
- انا قولت ليك سبب وصولها للحالة دى. قولى مالها؟
- مدام تارا عندها اكتئاب حاد.
- قال زين بسخرية ممزوجة باستغراب. ايه يعنى اكتئاب؟! ما مصر كلها عندى اكتئاب.
لم يستغرب من سخريته فالعديد من الناس لحد الان لا يعرف شيئا عن الاكتئاب، فهو مرض العصر، واصبح العن من السرطان، فتحدث اليه.

- قائلا بهدوء. اكتئاب عن اكتئاب بيختلف.
- وايه الاختلاف؟
- مرات حضرتك مابتفكرش الا في الموت.
انصدم من كلام الطبيب.
- قائلا باستفهام. انت بتقول ايه؟ تارا عاقلة ومستحيل تفكر كدة.
- مستحيل ليه؟ هي مش مسكت السكينة وحاولت النهاردة تعمل كدة ولا انا كداب.
- دى كانت بتهوش بيها مش اكتر.
- التهويش اول السلم بعد كدة الله اعلم.
ابتلع ريقه بصعوبة.
- قائلا برعب. انت بتحاول توصل لايه.

اخذ الطبيب نفس عميق، ثم تحدث معه بتريث.
- قائلا بهدوء. مع الاسف المدام لازم تتنقل مصحة نفسية فورا.
قام من مكانه بعصبية، وانقض على عنق الطبيب
- قائلا بصراخ. انت بتقول ايه.
دلفت اليهما الدادة، عندما رات ذلك الوضع، وقعت منها الصينية ارضا ثم ذهبت وامسكت في يد زين، تمنعه من تعنيف الطبيب
- قائلة بهدوء. اهدى يا زين يا ابنى كدة عيب.
نظر لها بحسرة.
- قائلا بوجع. دى بيقول تارا هتروح مصحة نفسية.
تركت يده.

- قائلة بصدمة، وهي تضع يدها على قلبها. لا اله الا الله. تارا بنتى ايه اللى صابها؟
قال بتريث، وهو يفك يد زين من على عنقه.
- يا زين اسمع يا جماعة اسمعونى.
قال باسى، وهو يجلس على المقعد باحباط.
- اسمع ايه؟ ان مراتى اتجننت وهتروح مصحة نفسية.
- دى تارا بنتى ست العاقلين. مافيش حد في عقلها. دى دكتورة جامعية.
- الموضوع مالهوش علاقة بالتعليم. المدام مدمرة نفسيا وماحدش كان حاسس بيها والنهاردة كان انفجار البركان.

- انت بتهزر.
- الموضوع مافهوش هزار المدام بتموت بالبطىء.
وقفت الدادة بحسرة تحاول استيعاب كلامه.
- قائلة بحزن. مافيش حل يا دكتور.
هزا راسه بالنفى.
انفجر زين فيه.
- قائلا بصراخ. يعنى ايه تارا تكون في المستشفى. يعنى ايه.
- لو سبتها في الجو ده كتير مش بعيد تنفذ اللى في دماغها.
- هو ايه اللى في دماغها؟!
- الرحيل. عقلها الباطل بيقنعها انها تمشى لانها ملت الحياة.

انصدم من كلام الطبيب. فهى عندما حاولت تنتحر اخبرته بانها تريد الرحيل لقد ملت الحياة بدونه. وضع راسه بين كفيه يتافف بحسرة.
- قائلا بوجع. طب بناتها هيعملوا ايه؟
- قولهم ماما مسافرة.
- ازاى دول اطفال صغيرين.
- هي ماهتقعدش فيها كتير فترة وهتعدى ان شاء الله.
- هتعدى. انت فاكر لم تفوق وتعرف انها هتروح مصحة نفسية. هتتقبل الوضع. وان تقبلته هتشوف مناظر هناك مستحيل تنساها.

- دى كدة هتموتها بالبطىء. قالتها الدادة بحزن.
حزن الطبيب بطريقة موجعة على حالة تلك الفتاة الشابة، التي اناهها الحزن والياس والانتظار.
- قائلا بتوضيح. وانت فاكر انها مش ميتة هي مسائلة وقت مش اكتر.
- هقول لاهلها ايه وصحابنا.
- والله حضرتك اللى حصل النهاردة مالوش علاقة بمنظركوا قدام الناس اهم حاجة صحتها.
- انا مابتكلمش عن منظرنا او شكلنا. انا بتكلم عن رد فعلهم على الوضع اللى هي وصلت لى.

- حضرتك متعلم وفاهم ان المرض النفسي مابنقدرش نسيطر عليه او نضبطه. هو بيكون نتيجة ضغوط نفسية شديدة. العقل ما بيكونش مستوعبها فبينفجر.
ضرب بيده على المكتب بعنف، ثم ارجع راسه للخلف المقعد.
- قائلا بدعاء. ياربى ياربى.
رتب الطبيب على قدمه.
- قائلا بهدوء. اهدى يا زين.
- اجيب منين الهدوء مراتى بتضيع منى. وبناتى هيعملوا ايه من غيرها.
- لازم تقف على رجلك وتكون قوى وشجاع. علشان تقوم بسرعة من الازمة دى.

تحدثت الدادة باسى.
- قائلة ببكاء. دى تارا وردة البيت وضحكته الجميلة.
- انا قولت الحل اللى عندى يا جماعة شوفوا حضرتكوا هتقراروا ايه؟
- الموضوع يا دكتور صعب مافيش حل تانى.
- مع الاسف مافيش غير ده. وبعدين الحالة متاخرة ومحتاجة رعاية.
- للدرجة دى؟
- واكتر من كدة. عامة تاكد حضرتك انى عايز مصلحة مدام تارا. ومصلحتك يا زين.
- دى اكيد طبعا ماعنديش شك في كدة.
قام من مكانه
- قائلا بادب. الف سلامة على مدام تارا.

قام زين.
- قائلا باحترام. الله يسلمك يا دكتور. انا اسف.
- عادى ولا يهمك يا زين احنا جيران.
- هو دى العشم.
- لو قررت يا زين انا موجود.
- انا هستنى لم تفوق. وهنشوف هنعمل ايه؟
قال بادب، وهو ينصرف مت امامهما.
- تمام عن اذنكوا.
بعد ان خرج الطبيب تحدثت الدادة باستفهام.
- هتعمل ايه يا ابنى.
- العمل عمل ربنا يا دادة.
- ونعم بالله.
قام من مكانه، وتوجه الى غرفته. ثم نظر الى الدادة.

- قائلا بطلب. حابب اكون معاها النهاردة لوحدى.
هزات راسها بتفهم. على قدر سعادتها بانه اخيرا ستجمعهما غرفة واحدة. لكن ذلك بعد فوات الاوان.
هزا راسه ايجابا. وذهب الى غرفته، وهي انصرفت عند البنات. دلف الى الداخل واغلق الباب ورائه. ونظر الى وجهها الحزين الباهت المكسور.

- ثم قال بالم، وهو يجلس قبالتها على الفراش. انتى كنتى بتموت وانا ما اعرفش، ماكنتيش بتتكلمي، كنتى عايزه تخلي كل حاجه جواك. كانك بتقول ليا انا ماليش فيكى، فضلتى ساكتة وكاتمة على وجعك ومستسلمة، يمر يوم وراى يوم ولحظة بتخطفها لحظة وانتى ساكتة ما بتتكلميش، لكن النهارده بعد سنتين من الفراق اخيرا اتكلمتى، وخرجت كل اللي جواك، البركان انفجر زى ما الدكتور قال بالظبط. كنت كل يوم استنى تتكلمى او تصرخى وتقولى انى وحشتك، لكن النهاردة قولتى وحشنى حضنك، على قد ما كنت مشتاق ليها على قد ماكنت كاره احساسي بيكى بعد اللى عملتى فيا، كنتى بتوحشيني كل لحظه وكل ثانيه كنت بموت كل ما اتخيل ان الراجل ده مسك ايدك، او قرب منك، جوايا احساس كبير بيقولى بانك مستحيل تعملى كدة، يرجع عقلى يقولى اومال ايه اللى شافته عينى وكدبها علي، دى كله كان خيال في خيال، انا تعبت من سكوتك وصمتك، اصحى وكلمينى وقولى ليا ان الدكتور ده مجنون او بيقول كدة علشان اسامحك، ازاى هتروحى مصحة نفسية، ازاى هتكونى وسط المجانين دول، از اى، انا بموت اكتر منك بمراحل، واذا كانت على المصحة انا استحق اروحها قبلك، لانى موت من يوم خيانتك ليا، عارفة بخونك علشان اوجعك، بس ماحدش بينوجع قدى، لانى بعصي رب العالمين، وبخونك يا تارا، برغم ان يوم كتابنا عهدت نفسى بان عينى ما تشوفش غيرك ولا قلبي، صدقت في عهدى، بس جسدى كان كل يوم بيخونك، كنت عايز اسكته واقوله ماعنتش تشتاق ليها، دى خاينة وبعتنا في ثانية، ونسيت الايام الجميلة اللى جمعتنا، لكن هو كان عايزك انتى، قلبي وعقلي وروحى وجسدى ماحبش الا انتى يا تارا...

ثم تابع ببكاء.

- قائلا بقهر، وهو يهزها برفض. يرفض عجزها وضعفها. قومى كلمينى وقوليلى دى يرضي مين، انا عملت فيكى ايه، وحياة بناتك قولى ليا، اذا كنت وجعتك او هنتك، بس اتكلمى ما تسكتيش، تارا زين هنا وعايز يسامحك، قولى اى حاجة، اكدبي اى كدبة، وانا والله هصدقك، بس ما تروحيش مصحة نفسية وتموتى هناك، ما تروحيش يا تارا، ماتروحيش يا تارا، ردى على قولى اى حاجة. قالها بوجع ثم ارتمى في حضنها وانفجر في بكائه بحسرة وعجز واسي، لا يعرف ماذا سيفعل، فعندما تفوق سيخبرها بوضعها النفسي، فهو امامه خياران اما المصحة، او الرحيل سيموت اذا نفذ واحدا منه، يا الله.

صباح مشرق وشمس بديعة تنير الطرقات بنورها الطبيعى
فيلا كارم النوار
نفس احداث كل يوم، يتراس الطاولة ويتناول افطاره المعتاد، على يمينه صافى وعلى يساره نسمة، فتح هاتفه، راى كم من الرسائل غير طبيعى، عقد حاجبيه باستغراب، سائلا ماذا حدث لكم هذه الرسائل التي اتته، هل؟

لم يطرح عقله الكثير من الاسئلة، وفتح اول رسالة، اخيه يضرب احد من الصحافة، الخ. اتسعت عينيه بصدمة، فدخل على موقع الاخبار بجوجل، راى اخيه يتصدر الترند بفضيحة امس، ومكتوب بالبنط العريض على الخبر اولاد الطبقة المخملية ادم كارم النوار ومالك الصياد يتقاسمون فتاة واحدة في لياليهم الصاخبة...
ضرب على الطاولة بعصبية امام نظرات صافى المتسائلة وقلق نسمة.
- قائلا بعصبية. نهارك اسود يا ادم.
قلقت صافى من فعلته.

- قائلة باستفهام. في ايه يا اديم؟ ادم عمل ايه؟
قال بصراخ عنيف، وهو يقوم من على مقعده.
- عمله اسود ومنيل. هو فين؟
اجابته صافى بقلق.
- قائلة بتوتر. فوق نايم.
- وليه نفس كمان ينام.
- هو عمل ايه لدى كله؟
اعطاها الهاتف وذهب اليه، التقطته منه وقرات الخبر. ارجعت شعرها للخلف بعصبية.
- قائلة بحزن. ليه يا ادم كدة. ليه؟

صعد اديم درجات السلم بعجالة، وتوجه الى غرفته وهو يغلى من العصبية، فتح باب غرفته، رائه يغط في نوم عميق وكالعاده عارى الظهر وشعره الكثيف، منكب على وجهه الوسيم، نادى عليه بصراخ.
- قائلا بعصبية. ادددددددددددددددددددددددددددددددددددددددددددددم.
قام من نومه مفزوعا.
- قائلا بقلق. ايه في ايه؟
- قوم يا حلتها.

راى اخيه امامه يستشيط غضبا. وعينيه الخضراء تخرج منها نيران الشر، أديم توا يكاد يقتلنى. عرف من نظرات عينيه انه علم بما حدث بالامس. بلل شفتيه بتوتر.
- قائلا بهدوء. اهدى وانا هفهمك.
هب فيه بانفعال.
- قائلا بعصبية. تفهمنى ايه؟ انت عملت مصيبة برغم انى حذرتك. حصل ولا محصلش؟
- هم مال امهم بيا بيكتبوا عنى ليه.
- يعنى هم كمان غلطانين ان هم بيشوفوا شغلهم.
- شغل ايه؟ مايشفوا بعيد عنى.
- انت مش شايف نفسك مش غلطان.

زم فمه لامام.
- قائلا بمكابرة في الباطل. انا مش غلطان. انا شاب وبعيش حياتى.
- واللى يعيش حياته يغضب ربنا. على كدة بقي كانت خربت.
- أديم شوف المجتمع اللى احنا عايشين فى، وبعدين تعالى اتكلم.
- انت فاكر كل الناس زبالة زيك.
- بقولك تعالى وشوف.
- بتضرب صحفى اثناء مهمته. فاكرنى مين في البلد؟
رمقه نظرة حب.
- قائلا بتباهى. اديم كارم النوار. اكبر مصمم ازياء في العالم.
لمعت عينيه من كلامه.

- قائلا بابتسامة. هتموتنى ناقص عمر من عمايلك.
قام من سريره، وارتمى في حضنه.
- قائلا بحب. بعد الشر عليك يا ابى.
ربت على ظهره بحنية.
- قائلا باستفهام. ولحد امتى؟ ما انا اكيد هجرى ليا حاجة منك.
- ان شاء الله وزير الاعلام.
- ومش معنى وزير الاعلام؟!
خرج من حضنه
- قائلا بايجاب. لان هو اللى بيكتب الاخبار عنى وبيزعلك.
- هو برضو اللى بيزعلنى؟
- اومال انا؟!
- حاشا لله.
- انا بحبك يا بوص.
ابتسم من رده.

- قائلا باستفهام. هتعقل امتى؟
- طولت ما انت في حياتى عمرى ما هعقل.
- يعنى اخرج من حياتك ؛ علشان تعقل.
قال بصدق، وهو يرمق اخيه نظرة حب.
- اوعى عمرك تقول كدة انا اموت من غيرك.
- طب ادم كفاية فضايح. كفاية...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة