قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الخامس والأربعون

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الخامس والأربعون

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الخامس والأربعون

نظرت له بصدمة شديدة. ولكنها لم تعلق فهى من بدات. فقامت بهدوء شديد. استنكرت تارا ردة فعله.
- قائلة باستغراب. في ايه يا اديم ماتخليها تاكل.
- انتى ماسمعتيش انها قالت انها ممكن تقوم.
- حتى لو قالت كدة فده من الذوق.
- وانا معنديش وقت لذوق حضرتها.
- ايه اسلوبك ده.
- هو كدة اذا عاجبها.
- عجبنى طبعا يلا علشان ورانا شغل.
- شوفتى اللى انتى بتدافعى عنها.
- انتوا مالكوا زى ما تكونوا هتولعوا في بعض بعد شوية.

- مافيش. يلا.
هزات راسها ايجابا وسارت معه دون ان تخرج كلمة من فمها. ضربت تارا كف على كف من تصرفاتهم الذي لا يوجد فيها تفسير. قالت باستفهام، وهي تلتفت الى زوجها.
- مالهم دولى.
- انا مش متاكد بس شاكك.
- واى شك حضرتك.
- انهم بيحبوا بعض وبيعاندوا.
- بيحبوا ايه؟! دى شوية وهيقتلوا بعض.
- ما هو دى الحب.
- لا مش مقتنعة وبعدين ده خاطب ودى مخطوبة.
- طب تصرفاتهم تفسيرها بايه.
- مش عارفة اول مرة اشوفهم كدة.

- من يوم خطوبة نسمة واديم تصرفاته غريبة.
- زى ايه.
- على طول متعصب ومش طايق حد.
- يمكن يكون من ضغط الشغل.
- لا العصبية دى كلها مابتطلعش الا على نسمة.
- طب ليه؟!
- غيران متضايق متعصب ماتفهميش.
- طب لو بيحبها خطب ليه.
- ما هو دى السؤال.
- هي ورود دى حلوة.
- صاروخ.
- زين.
- في ايه يا تارا.
- حاسب على كلامك.
- هو انا قولت ايه غلط؟
- انها صاروخ.
- هي فعلا جميلة.
- هي ولا نسمة.
- لا هي طبعا البت فارقة وفارقة جامد.

قالت بغيرة، وهي تنظر له بغضب، و عينيها تخرج نار.
- هاااااا وبعدين.
- انتى مالك بتبصي ليا كدة؟!
- ببص ليك ازاى.
- زى ما هتكونى هتقتلبنى.
- زى ما اكون.
- شكلك حلو وانتى غيرانة.
قالت بتلعثم، وهي مرتبكة عندما وضحت غيرتها عليه.
- اغير من مين. لا طبعا.
اردف بحنية.
- قائلا بصوت يشوبه الهيام. لسي بتغارى وتتحولى من البنت الهادية للقطة اللى بتخربش.
- انت شايف ايه.

- اللى قدامى تارا بنتى وطفلتى الصغيرة اللى خطفت قلبي من اول نظرة.
- لسي بتخطفك؟
قال بهمس، وهو يقبلها على وجنتيها بحميمة امام الجمبع في المطعم.
- سبينى اعبر عن احساسي بيكى.
ارتبكت بشدة من فعلته.
- قائلة بانفعال. وهي تضربه على كتفه بخجل. انت بتعمل ايه يا مجنون.
- احنا في فرنسا وده عادى جدا عندهم.
- مالناش دعوة.
- ازاى لازم نقلدهم.
- احترم نفسك يا زين.
- احترمتها كتير...

علي الجانب، وهو يفتح باب السيارة ويركب بها. وهي ايضا بجواره. اشعل المقود وقاد بسرعة غير معتادة منه.
- قائلا بعصبية. ماليش حق اقلق عليكى. لكن هو كل الحق.
- لان دى الحقيقة هو لى كل الحق.
قال بامر، وهو يصرخ فيها بعصبية.
- اخرسي خالص.
لم تخشى من صوته العالى.
- قائلة بانفعال. مستر انت بتكلمنى ازاى.
- بكلمك بالاسلوب اللى تستحق.
- استحق انى اخرس.

- لم حضرتك اكون قلقان عليك طول اليوم لحد الصبح وفي الاخر تقولى ليا ماكنش ليك تقلق اقولك ايه.
- انا ماخصكش علشان تقلق على.
- فعلا انتى ولا تخصينى ولا تعنى ليا انتى مجرد واحدة معايا في الشغل.
- قالت بوجع من طريقته لها. وهي مصدومة من كلامه.
صح كلامك.

لم يرد عليها غير انه واصل طريقه بكتلة من الغضب والحزن يملا قلبه. ماذا فعل لها حتى ترد عليه بتلك الطريقة القاسية. فهو طوال الليل لم يستطع ان يغمض عينيه من خوفه وقلقه عليها، وافكاره تذهب وتعود اليها، والمقابل في ذلك. انه ليس شيئا يخصه. كم انت قاسية يا نسمة...
- قالت بتوعد في داخلها. اليوم ساخرجك من قلبى نهائيا. انت اعلنتها واضحة بانى لا اخصك ومجرد انسانة تعمل لديك...

دلف مع والداه الى الشركة بدات تتغامز عليه الفتيات، نظرا الى جماله الغير طبيعى، فمالك الصياد في جماله لا يختلف عليه اثنين، لكن هو لا يهتم باحد نهائىا، لقد اتى الى هنا من اجل العمل ثم العمل ثم العمل، سيغرق نفسه في تلك الدوامة حتى يستطيع ان يخرج منها بسلاسة، ولو وصل به الامر ان لا يشعر بالحياة فسيفعل، ليس مهتما بصحته فهو يريد ان ينساها ايا كانت الاسباب، دلف مع والداه دخل مكتبه، جلس اباه على مقعده وارخى ظهره للخلف باريحية، ومالك جلس امامه على مقعد المكتب.

- قائلا باستفهام. هشتغل ايه؟
قال بهدوء، وهو يعتدل له.
- اهدى على نفسك.
- عايز اشتغل علشان اخرج من المازق ده.
- هتخرج ان شاء الله بس الصبر.
- هحاول اصبر.
- الحاجات اللى زى دى بتحتاج صبر.
- اهو بنتعلم.
- نتكلم في الشغل بقي.
- اكيد يلا.
رن عمر جرس المكتب لسكرتيرته. اجابت بادب.
- قائلة برقي. نعم يا مستر.
- تعالى يا رحمة عايزاك.
قالت بطاعة، وهي تقوم من مقعده، وتذهب اليه.
- تمام حضرتك.

وما هي الا دقيقة كانت تطرق الباب عليه. ثم دلفت اليه رائها مالك كانت فتاة في مقتبل الثلاثين. من الواضح عليها انها متزوجة من بروز بطنها الذي يبين بانها ستلد قريبا.
- قائلة بابتسامة. صباح الخير يا مستر. ازيك يا مالك.
قال مالك باستغراب، وهو يرد عليها السلام.
- اللى يسلمك. هو انتى تعرفينى؟!
- طبعا مين ما يعرفش حضرتك.
قال عمر بطلب منها.
- سيبك بقي من حضرتك هو مالك بس.
- ما ينفع يا مستر.
- ينفع وبزيادة كمان.

- اللى حضرتك تؤمر بي.
- انا عايزك تدى مالك كل الايميلات اللى عندنا في المكتب وهو يترجمها ليكى.
- بس دى شغل صعب جدا.
- ما هو دى المطلوب. وبعدين انتى قربتى تولدى. فنريحك بقي.
- شكرا يا مستر على ذوقك.
- انتى بنتنا يا رحمة نريحك ونتعب ابننا بقي.
رمقته نظرة شكر. فعمر الصياد دائما مشجع ويمتلك طاقة من العطاء غير طبيعية.
- هو انا هيكون ليا مكتب ولا هشتغل هنا.
- اكيد يا حبيبى هيكون ليك.
- هو انا هترجم بس؟

- الترجمة هتكون ورقى من غير كمبيوتر.
- يا مستر الشغل ده مميت وبياخد ساعات كتير.
قال مالك بحماس، وهو ينظر الى والده.
- هو دى اللى انا عايزه يا اسد.
- شفت انا فاهمك ازاى.
- يا مستر هيتعب في الشغل وفي الاخر هتطردنى.
- ماتخفيش يا رحمة ماحدش هيطردك.
- على ضمانتك.
- اكيد.
- يلا شوفوا شغلكوا من غير رغي كتير.
قال مالك بحماس، وهو يقوم من مقعد المكتب.
- انا هرفع راسك.
- وانا هنطرد.
- ما خلاص يا رحمة.

- انت بتتكلم ببلاش اصلك ما شفتش الشغل عامل ازاى.
- هنشوف عامل ازاى.
قالت بتريقة، وهي تشير له بالخروج قبلها.
- اتفضل شوفه.
وثم خرجوا سويا من المكتب...

بعد ان انتهت المحاضرات ذهب خارجا، كانت ماييفا تنادى عليه، وهو لا يرد عليها، فهو لا يريد ان يسمعها او يتكلم معها، وصل عند سيارته، فهبت فيه بعصبية.
- قائلة بغضب.
انا عايزة اتكلم معاك.
- قال بغضب، وهو يلتفت لها كليا. مافيش كلام ما بينا.
- مش بالسهل كدة تنهى العلاقة ما بينا.
- لا سهل وسهل جدا كمان.
- انت بتتكلم ببساطة كدة ليه.
- لان الموضوع مش محتاج مناهدة.
- انت شفت الحلو منى فبلاش تشوف وش مهتحبوش.

- انتى بتهددينى يا ماييفا.
- اعتبره زى ماتعتبره وشوف هنتكلم فين.
- بقولك خلص انتى ما بتسمعيش.
- مش بالسهولة دى تسرق قلبى منى وتيجى تقولى خلص.
- انا ماوعدتكيش بحاجة.
- طب دخلت حياتى ليه وانت مش قد الحب.
- ماييفا تهجمك على ورود وضربك ليها كانت حاجة صعبة.
- بقولك ماضربتهاش.
هب فيها بعصبية.
- قائلا بانفعال. انتى لسي عايزة تكلمى كدبك.
- انت ليه اتغيرت.
- انا ما تغيرتش انتى اللى بقيتى بتخلقى حوارات.

- فين ادم اللى كان بيموت على ويتمنى كلمة منى.
- مين اللى بتتكلمى على ده.
- انت تنكر حبك ليا.
- لا انتى خيالك بصورلك حاجات ما حصلتش.
- خيالى ما تقول مجنونة احسن.
- والله دى حاجة انت ادرى بيها.
- ادم انت بتقول ايه.
- اللى سمعتى.
- دى كله علشان حبيبة القلب.
- خيالك ده عظيم جدا بيرسم ليكى حاجات غريبة.
قالت بحقد، وهي تدلف من امامه.
- ابدا بقي خاف عليها من دلوقتى.

قال ادم بغيظ من تصرفاتها، وهو يخرج هاتفه من جيبه ؛ ليتصل بورود.
- الله يحرقك.
قالت برقة، وهي ترد عليه.
- نعم يا ادم.
- انتى فين.
- في المكتبة مع احسان.
- طب انزلى علشان نروح.
- ماتشغلش نفسك روح انت وهي هتوصلنى.
قال بغضب، وهو ينفعل عليها.
- انا بقول كلامى مرة واحدة.
قالت بطاعة، وهي تقوم من مقعدها خوفا منه.
- تمام دقيقة واكون عندك.
قال وهو يغلق الهاتف معها.
- اوكى.
اقترب منه سراج.
- قائلا بحسد. الله يسهلك.

قال باستفهام، وهو يرفع حاجبيه باستغراب.
- مش معنى.
- يعنى من حظك الحلو يكون معاك في البحث التجارى الاولى على الجمهورية.
قال بعدم فهم، وهو يهزا راسه باستفهام.
- مين؟!
- احسان كامل فرغل.
قال ادم بعدم تصديق، وهو سعيد بشدة.
- بتهزر.
- والله حقيقي.
- وايه اللى عرفك؟
- الاسماء نزلت امبارح ومن حظك معاك احسان.
- انا كدة الاول على الكلية.
- طبعا يا ابنى هو انت مين قدك.
- وانت طلع معاك مين.
- حظى نحس واحدة بتعيد السنة.

قال ادم بشماتة، وهو يضحك بشدة عليه.
- معلشى اصلها دى نوايا.
- لا وانت نوايك صافية.
خرجوا من الكلية وذهبوا اليهما، كان ادم يستند على باب سيارته ومعه سراج يتحدثوان سويا، عندما وصلوا لهما...
قالت احسان بجدية، وهي تلقى التحية عليهما.
- السلام عليكم.
رد عليها سراج بسخرية.
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
قالت ببرود، وهي تتجاهل طريقته الساخرة مثله.
- لا تعليق على طريقتك المستفزة زيك.
- انا قولت كدة برضو.

تحدثت الى ادم برقة.
- ازيك يا ادم.
- الله يسلمك يا احسان عرفتى.
قالت بحزن، وهي تنفخ في وجهه بضيق.
- اه مع الاسف.
- وليه الاسف؟!
قالت بغضب، وهي منفعلة عليه.
- لانى مش متعودة على الوضع ده.
قال بهدوء لها، وهو يحدها من الانفعال.
- من غير غضب هنشوف حد يعمله لينا ونريح دماغنا.
- ليه كان حد قالك انى مشلوشة مع اعرفش اعمله.
- ما حضرتك بتقولى مع الاسف.
- اعمل ايه؟ اصل الموضوع بيخنق.
- خدى الموضوع بسلاسة.

نظر سراج الى ورود بحب. وتحدث معها.
- قائلا باستفهام. وانتى يا ورود طلعتى مع مين.
قالت برقة، وهي تنظر له باهتمام.
- ما اعرفش.
قال ادم بعصبية، وهو يهب فيه بانفعال.
- هو انت بتسالها ليه.
- عادى يا ادم عايز اعرف.
- بصفتك ايه؟
- وانت بصفتك ايه بتدخل.
قالت احسان بتوضيح ؛ انقاذا لانفعالات ادم التي لا يوجد لها مبرر اطلاقا.
- بنت عمه يا رخم.
- احسان خليكى في نفسك.
قالت بقوة، وهي تتحداه.

- وان مخلتنيش هتعمل ايه يا سراج.
- انا مش مالك هتشوفى وش عمرك ماهتحبي.
عندما سمعت اسمه تسارعت دقات قلبها. فهى منذ اخر مرة بوخته لم تراه فيها.
قال ادم باستفهام، وهو يعرف حاجبيه باستغراب.
- هو صحيح الواد ده فين.
- بقاله يومين مابيجيش الكلية.
قال ادم بعدم تصديق، وعينيه تتسع بصدمة.
- يومين.
- ايوا يا ابنى.
- ورود باستفهام. مالك مستغرب كدة ليه ادم.
- اصل اول مرة يعملها مش عادته.
- طب ما تكلمه شوف ماله.

قال سراج تاييدا على كلامها، وهو يرمقها نظرة عشق.
- كلامك صح يا ورود.
رمقه ادم نظرة تهديد ووعيد.
- قال سراج بخوف. خلاص هخرس.
قال ادم بنصح له. وهو يتصل على صديقه.
- احسن برضو.
كان منغمس في ترجمة الملفات. حتى اتاه صوت الهاتف فترك ما بين يده. واخذه من على المكتب وفتحه.
قال ادم بلهفة، وهو قلق عليه.
- انت فين يا ابنى.
قال بوجع، وهو يتنهد بحزن.
- في الدنيا واحشانى يا ادم.
- بقالك يومين غايب عن الكلية ليه.

- ده هيكون العادى بتاعى.
- يعنى ايه العادى؟!
- انا مهجيش الكلية غير على الامتحانات.
- اكيد بتهزر.
- مافيش هزار خالص.
- طب هتعمل ايه؟ وابوك فين؟
- موجود ما هو عارف.
- عارف انك سبت الكلية.
- لا ما سبتهاش هاجى على الامتحانات.
- طب ايه القرار الغريب ده؟
- هشتغل في شركة بابا وهاجى على الامتحانات.
- واد يا مالك فيك ايه.
- مافيش غير انى قررت ابعد نهائى.
- تبعد عن مين؟ وعلشان ايه؟
- ما انت عارف يا ادم.

- هو انت لسي في الحوار ده.
قال بوجع، وهو يتنهد بحزن.
- اه مع الاسف.
- اسماء البحث التجارى نزل.
- اه عرفت.
- ما انت متابع اهو.
- وعارف انا مع مين.
- مع مين؟
- مين غيرها احسان.
- الله عليك لعيب.
- طب انت؟
- مع ماييفا.
- دى انت حد داعى عليك.
- ايوا يا ابنى هي الحكاية كانت ناقصة قرف.
- هتعمل ايه؟
- مجبر انى اكلمها علشان نشوف الدنيا.
- طب بما انك عارف كل حاجة قولى ورود مع مين.
- هشوف وهبعت ليك في رسالة.

- اوكى يا معلم. بقولك انا فركشت مع ماييفاا.
- اوبس. طب ليه؟
- علشان اللى عملته مع ورود.
- الصراحة بت دمها تقيل ويلطش ازاى كنت مستحملها.
- تقيل بس صاروخ.
- هتعمل ايه من غيرها. اكيد شايف لنفسك شوفة جديدة.
- مهعملش حاجة غير انى هشد حيلى السنة دى علشان اخويا.
- ادم انت في وعيك.
- والله هي دى الحقيقة.
- وده من ايه ان شاء الله.
- ما انا معايا احسان في البحث لازم اذاكر.

قال باختصار، وهو يغلق الخط في وجهه دون ان يسمع باقى حديثه.
- طب سلام.
قال باستغراب، بعد ان اغلق الهاتف معه.
- ماله ده.
- سراج بتساؤل. اى هو قفل في وشك.
- لم نفسك يا سراج.
قال وهو ينصرف من امامهم.
- هلمها انا ماشى.
- يكون افضل.
قالت احسان.
- سلام بقي يا جماعة.
- راحة فين احنا هنوصلك؟
- لا معايا العربية بتاعتى شكرا يا ادم.
- العفو يا احسان.
وجهت حديثها الى ورود
- هكلمك بالليل.
- تمام يا روحى.

قال بوداع، وهي تذهب من امامهما
- سلام يا ادم.
- سلام يا احسان.

فى تلك اللحظة، كان يعمل في النهايات فالعرض باقى عليه اسبوعا ويعرض، فهو يريده في اجمل صورة، خاصة في تلك البلد المعروف عن اهلها حبهم للموضة والازياء وكل ما هو جديد ومحنون، واديم كارم النوار المصمم الوحيد، القادر على اخراج ذلك الجنون، وبعده التام عن الاشياء التقليدية، فعمله مشهور بانه خارج الصندوق، كان متعصب على الجميع جدا، ينفج من صدره نيران قادرة على اشعال فرنسا باكملها، كان يبوخ كل ما يقترب منه، ولا يطيق كلمة من احد او تعليق لا يعنى له شيئا، كل ما تخرج له عارضة تريه الملابس، تنال قسط من التوبيج والعصبية غير طبيعى، لا يعجبه شىء، فهو في ذلك الوقت يشعر بانهم اضعوا وقته ولم يخرجوا الصورة المطلوبة له، لاحظت عليه لورين ذلك واستغربت بشدة فهذا ليس المتعارف عليه. المتعارف عليه بينهما تواضعه الشديد واحترامه للجميع من الكبير للصغير لكن اليوم يوجد به شىء لا محالة. نظرت الى نسمة التي كانت تقف بجوارها لا تحرك ساكنا من مكانها، قمة في الهدوء ولا تعلق بكلمة واحدة. اردفت لورين لها باستفهام.

- قائلة باستغراب. ما الذي اصاب اديم؟
- نسمة بعدم اهتمام، وهي تشاهد عصبية اديم امامها. تقريبا من ضغط الشغل عليه.
قالت باستغراب لها، وهي تزم فمها بعدم فهم.
- اديم دائما مضغوط ما الذي حدث معه. حتى يكون بتلك الصورة.
قالت ببرود، وهي تعتدل لها.
- لا اعلم يا لورين.
قالت باستنكار، وهي تستغرب برودها.
- كيف لا تعلمى وانتى معك كل اسراره.
- انا مجرد موظفة لديه، ولست بصديقته.
قالت باستفهام، وهي ترفع حاجبيه باستغراب.

- ومن متى ذلك الامر؟!
- منذ ان خطب.
قالت برجاء، وهي ترفض حقيقة الامر.
- لا تذكرينى بانه لم يعد لى.
قالت نسمة بعند فيها، وهي مصرة.
- دعينى اذكرك لان هذا الواقع.
- تاكيدا خطيبته هي السبب في حالته تلك.
- لا اعلم. ولكن لا اعتقد انها تكون سبب غضبه.
- لماذا؟ فمن الواضح انها شريرة.
- على العكس انها طيبة بشدة.
- هل رايتى تلك الورود!
- نعم رايتها.
قالت بفضول، وهي ترفع اصبعها في وجهها.

- من اجمل هي ام انا، واريد الصراحة بدون مجاملة لى.
- هى.
- بماذا تتميز عنى؟
- تمتلك جمال طبيعى وعينين مميزتين.
- عندما ارئها ساعلمها من انا.
- هي طيبة جدا وبريئة فالافضل لكى ان تتناسى اديم.
- لم اتنساه وساعمل بكل طاقة لدى حتى يكون لى.
- الذي تفعلى ما هو الا مضيعة للوقت.
- يضيع كل شىء.
- افعلى ما تريدى فالامر باكمله يرجع لكى.
قال اديم بغضب، وهو يصرخ عليهم.
- جميعكوا لم تفعلوا ما طلبته منكم.

ثم تابع بانفعال، وهو ينظر الى نسمة بعتاب شديد.
- عن اذنكم.
ثم ذهب الى غرفة مكتبه، ليريح اعصابه التي اكيد فلتت منه اليوم بشدة.

وهو يعمل ويقوم بترجمة كل النصوص من الانجليزية الى العربية، التي اعطتها رحمة له، يتنهد من حين لاخر اشتياقا لها، ولكنه يصبر نفسه في داخله انها فترة وستمضي، لاحظت رحمة عليه ذلك التي تجلس قبالته على مقعد مكتبه.
- قالت رحمة باستفهام، وهي تتحدث معه بهدوء. اسمها ايه.
قال بعدم فهم، وهو ينظر لها باهتمام.
- هي مين؟
- اللى كل ماتتنفس تتنهد اشتياقا ليها.
- ايه اللى عرفك؟!
- وجعك باين من غير ما تتكلم.

- دى انا مفضوح اوى.
- متقولش كدة. هي مين؟
- زميلتى في الكلية.
- ليه بتبعد؟
- لان الطريق مش واحد.
- طب ما تقرب الطرق.
- حاولت بس هي رافضة.
- ليه الرفض.
- لانها بتكرهنى وشافنى انسان زبالة.
- هو انت عملت ايه علشان تشوفك كدة.
قال بوجع، وهو يمط حروف الالم الثقيلة على قلبه.
- من ناحية عملت فهو كتير اوى.
- انت موجوع.
- جدا وهي ولا هنا ولا حتى انا في بالها.

فى تلك اللحظة اصطفت بسيارتها على جانب الطريق. وكانت تضرب مقودها، وتبكى بوجع شديد.
- قائلة بدعاء. لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين.
ظلت تكرر الدعاء كثيرا. حتى يفرج الله كربها. كما فرج كرب سيدنا يونس عليه السلام.

وهما في العربية وجدت الكنيسة التي تذهب لها دائما وتصلى فيها للرب...
- قائلة بطلب، وهي تنظر لها بلهفة. وقف يا ادم.
- في حاجة.
قالت بسعادة، وهي تشاور له عليها كانت عند الطريق الاخر.
- هروح اصلي في الكنيسة.
قال بطاعة، وهو يوقف السيارة.
- طب تمام.
قالت بهدوء، وهي تفك حزام الامان.
- ثوانى مهتاخرش عليك.
- براحتك انا مستنيكى.

رمقته نظرة امتنان. ثم دلفت من السيارة. ودارت امامه لتذهب، ثم عادت مرة اخرى وحدثته من شباك السيارة.
- قائلة باقتراح له. ما تيجى معايا.
قال باستغراب من طلبها.
- هاجى اعمل ايه.
- تشوف الكنيسة.
- هو انا هشوف دريم بارك يا ورود.
- انت بتقول ايه؟
- ماقصديش بس انا مسلم.
- وايه يعنى؟!
- روحى يا ورد الله يسهلك.
- ادم تعالى معايا.
- هاجى اعمل ايه؟
قالت له بوداعة.
- لو سمحت.

لم يطااوعه قلبه على رفض طلبها امام نظرة عينيها التي كلها براءة وطيبة...
- قال بنفاذ صبر، وهو يفك حزام الامان. وينزل من السيارة.
- امرى لله.
امسكت يده ولم يعترض على ذلك، بل سعد انها تجرات وفعلت ذلك الامر من تلقاء نفسها، وسارت به حتى عبروا الطريق الثانى ودخلوا الى الكنيسة.

عندما دخل دق قلبه ليس من رهبة المكان بل استغراب من نفسه، فهو لم يدخل مسجد في حياته نهائيا، وعندما يدخل يكون مكان غير دينه. فاردف بتذمر.
- قائلا بحنق. يا ورود حرام عليكى.
قالت بهدوء، وهي تترك يده.
- اسكت انت عند الرب.
- يا سلام.
قالت بطلب منه، وهي تشير له على مقعد ليجلس عليه.
- اقعد هنا يا ادم وانا هروح اضىء الشموع.
قال بسخرية، وهو يجلس على المقعد.
- اتفضلى يا انسة ورود ضياى براحتك.

قالت بدعاء، وهي ترمقه نظرة امتنان.
- يرضي عنك الرب.
- يارب.
ذهبت عند الشموع ووقفت امامها وبدات تشعلها، لكى يرضي عنها الرب يسوع...
- قائلة باعتراف. وهي تضم يدها امام وجهها. هو دى ادم اللى كنت بكتب عنه كتير. اخيرا قابلته. والحلم اتحول للحقيقة. انا بحبه يا رب اوى. عارفة انى مخطئة لكن اعمل ايه. اوعدك يارب انى بعد ما اخلص السنة دى. هرجع للدار من تانى. وهعيش على ذكراه.

بعد ان انتهت رسمت الصليب بيدها على وجهها ثم قالت بدعاء، وهي تضم يديها امام صدرها.
- أشكرك يا إله السماوات على نِعمة الحياة وعلى كوني قادراً أن أشكرك وأمجّدك اليوم وكل يوم.
أشكرك لأنك ترسل الروح القدس ليملأني بعطاياه.
أشكرك على الحب، والفرح والسلام والصبر وضبط النفس.
أشكرك على بهجة الاستسلام لك.
أشكرك على غفرانك وقبولك ندامتي الحارة.
أشكرك لإعطائي الشجاعة على أن أصلّي عند احتياجي.

أشكرك لأنك أوصلتني الى ارتداد كامل وصادق، ودمّرت العادات القديمة في داخلي.
أشكرك على نعمة القدرة على سماعك والنمو في الإيمان بك.
أشكرك على مخطّطك لحياتي.
أشكرك على محبّتك اللامحدودة، لأنك لم تنساني ولم تتخلّى عني.
أشكرك على رعايتك وحمايتك لي في كل لحظة من حياتي.
لحظات الفرح، والصعاب، التي قدتني فيها الى النضج والإيمان العميق.

أشكرك على المساعدة التي قدمتها لي، المساعدة التي تقود إلى الخير، عندما أضع ثقتي فيك.
أشكرك لأنك تحميني من كل قوة ظلام، ولأنني قادر أن أشعر بقربك ومحبّتك وعونك وخلاصك.
أشكرك على أولئك الذين عينتهم لإعانتي ودعمي في دروب الحياة.
أشكرك على إحسانك ورحمتك التي ترافقني أينما كنت.
أشكرك على سماحك لي بالتخلّي عن الأفكار الرديئة وهديتني الى التأمل بعطفك ومحبّتك.

أشكرك على جميع عطاياك، خاصة عطية المحبّة التي تمحي مني كل خوف.
أعبدك يا سيدي وربي يسوع، وأمجّدك على الرحمة التي تغمرني بها اليوم وكل حين. آمين
بعد ان انتهت ذهبت له. كان اخرج الهاتف من جيبه ويلعب فيه.
- قالت بغضب، وهي تهب فيه بصوت منخفض. انت بتعمل ايه؟!
اردف بمنتهى البرود.
- قائلا بلا مبالة. بسلى وقتى لحد ما تخلصى.
- انت هنا في مكان مقدس.
- اسف نسيت.
قالت برقة، وهي تضحك على ردة فعله.
- انت مافيش زيك.

قال بابتسامة، وهو يقوم من على مقعده.
- دى اكيد يلا.
هزات راسها ايجابا وذهبت معه.

كان انسدل الليل في جميع ارجاء فرنسا، وانتهى الموظفين من عملهم المطلوب منهم اليوم، فذهبوا الى مضاجعهم ليناموا ويرتاحوا، حتى ياتوا باكرا لمواصلة عملهم بكل همة ونشاط، عندما ذهب الجميع ولم يبقي الا هي وهو، دلفت له كان نائم على الاريكة، واضعا يده تحت راسه، ومغلق انوار الغرفة، ويظهر نور القمر من امامه عبر النفاذة الشفافة الكبيرة، التي توجد في المكتب، شعر بوجودها داخل الغرفة.

- تحدثت اليه بتردد. قائلة باستفهام. هنروح امتى يا مستر الموظفين كلهم مشيوا؟
اجاب عليها بحزن دون ان يلتفت لها.
- شوية كدة ونمشى.
قالت وهي تذهب.
- طب انا هستنى برا.
- ما سالتيش اى سبب نومى كدة.
قالت بعدم اكتراث، وهي تعاود ادراجها مرة اخرى.
- حاجة ماتخصنيش علشان اسال عليها.
قال بحزن، وهو يضحك بسخرية موجعة.
- انا بقيت حاجة.
- عن اذنك.
- استنى عندك.
- اؤمرنى حضرتك.
- الامر لله. تعالى اقعدى عايز اتكلم معاكى.

هزات راسها ايجابا، وذهبت بتوتر.
- قائلة بادب، وهي تجلس على الاريكة المقابلة له. نعم يا مستر.
- ليه بتوجعينى؟
- فين اللى وجعتك فى.
- باى حق تقولى ليا كدة.
- انا قلت ايه؟!
- مالكش دعوة او تقلق على. وكلام كتير من الهرى ده.
- لان د...
- ما عايزاش اسمعك.
- ليه بترفض الحقيقة؟
- لانها مش الحقيقة.
- طب فين الحقيقة؟
اعتدل في الاريكة وجلس مثلها.

- قائلا بعتاب لها، وهو ينظر لها بوجع. احنا بنشتغل مع بعض بقالنا خمس سنين. نسمة انتى كنتى بتخافى على من الهوا الطاير. كنتى بتعتبرنى ابنك حد غالى عليكى. ويوم لم بسافر بتيجى معايا ولو مجتيش بتحضرى ليا شنطتى وتفضلى تقولى ليا ادعية واول ما بوصل بتتصلى بيا. فين دى كله.
لم ترد عليه غير انها بكت على حالها فهى قدمت له الكثير وكان المقابل ان يخطب غيرها.

- قالت ببكاء، وهي ترفع وجهها له. من خمس سنين اتوظفت معاك. لاقيت فيك الاخلاق والتواضع راجل بجد وانسان طيب جدا. فكنت زى اى بنت حبيت بس اللى حبيته عمره ما حس بيا.
قال بعدم تصديق، وهو مصدوم من الذي تقوله.
- انتى بتقولى ايه؟ انا مش فاهم.
اردفت باعتراف موجع.
- قائلة بعشق. انا بحبك.
- نسمة انتى بتقولى ايه؟!
- انا بقول اللى عمرك ماحسيت بى.
- ازاى وامتى؟!
- هتصدقنى لو قولتلك من اول ما عينى جت في عينك.

- انا بتحبينى؟
- ولا عمرى حبيت غيرك.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة