قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الثاني

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الثاني

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الثاني

لم تنطق اسمه حتى لا تثير غضبه اكثر مما هو فيه الان. اكتفت ان تخبره بالمها
- قائلة بوجع. انت بتوجعنى.
قال بغضب، وهو يضغط على عنقها اكثر
- وانتى مش وجعتنى. لما هينتينى. لما جيت ولقيتك في شقة مع واحد تانى.
قالت بصدق، وهي تنظر اليه بحب
- قائلة بصدق. صدقنى عمرى ما خنتك.
- طب فهمينى؟
- ماهقدرش اتكلم.
- ليه خايفة على حبيب القلب بتاعك؟
قالت وهو تفقد بعض من تنفسها
- لا والله...

ثم تابعت وهي تحاول ازالة يده من على عنقها
- قائلة برجاء. سيبنى انا بتخنق.
لاحظ ضعف تنفسها واغماض عينيها. انبه ضميره لما يفعله لها. بعد يده عنها. وقام من على السرير وهو ينظر اليها بغضب وياخذ انفاس عميقة من صدره بحزن.
- قائلا بثبات انفعالى غير طبيعى. اخرجى برا وما عنتيش تدخلي هنا تاني.

هزات راسها ايجابا، وزالت الغطاء من عليها بخوف. ثم قامت من على السرير بضعف شديد وخزى منه. راى جسدها بوضوح في ذلك القميص الملعون. تمالك اعصابه اكثر ؛ حتى لا ينقض عليها ويقتلها في تلك اللحظة. لمت المتبقى منها ودلفت سريعا خارح الغرفة، واغلقت الباب ورائها بهدوء. سارت الى غرفتها ودموعها انهار على وجنتيها. تلعن من كان السبب في خراب بيتها بالكامل ؛ بسبب عهرها وخيانتها بعدتها عن حبيب عمرها. الذي كلما يراها ينظر اليها بكره وحقد، غير الوجع الذي يملا قلبه، واحساسه بانه غير رجل. عندما راها مع شخص اخر. فهذا كثير عليه وفوق طاقته. يحمل فوق ظهره ما لا يتحمله بشر. وصلت الى غرفتها بصعوبة واغلقت الباب عليها. رات ابنتيها يغطان في نوم عميق. نظرت اليهما بخزى وخجل. فهى السبب في ذلك الفساد والضياع. لكن ماذا تفعل ما باليد حيلة. فتلك اللعينة حكمت عليها بالاعدام، وحرمتها من اسعد واجمل لحظات حياتها مع اولادها، وزوجها الذي اشتاقت له بجنون. تريد ان تكسر كل الابواب التي بينهما. وترتمى في حضنه. وتخبره بانها مستحيل تخونه، فهى ملكه وحده ولن تكون لغيره. زادت دموعها اكثر. فدلفت الى المرحاض الخاص بغرفتها وشغلت الدش. ونزلت تحت المياه وبدات تبكى وتنتحب وتنقهر وتتالم و تلطم على وجهها، وتندب حظها التعيس. تريد ان تصرخ وتخرج كل الوجع الذي بداخلها، ولكنها مستحيل ان تفعل فهى ام وزوجة.

حاله لا يختلف عنها فهو العن منها. بمجرد خروجها كان يدلف الغرفة ذهابا وايابا، يريد ان لا يتذكرها في ذلك القميص الذي شهد على الكثير من الليل العبثية بينهما. نظر إلى فراشه بكره وحزن، ذلك الفراش الذي كان يضم اجمل لحظاتهما، فهنا في ذلك المكان كان يشدو الى اذنيها باجمل الالحان واعذبها، ولكنها ماذا فعلت لاجل ذلك خانته باصعب طريقة، امسك الغطاء والقاه ارضا بعصبية. وملاءة السرير جذبها من عليه وقطعها الى نصفين. ثم اخذ الوسائد والقاها ارضا، وداس على التي كانت باحضانها باقدامه، يدوس ويسب ويلعن ويشتم وضربات قلبه تعلي وتهبط، فزوجته خانته وامسكها بالجرم المشئوم. فالذى يعيشه لن يتحمله رجل على نفسه. والذي يزيد الالم بانه مازال يعشقها. لم يكرهها يوما فقلبه اللعين يحبها كل يوم اكثر من الذي قبله. امسك الفازة الموضوعة على الكومدينو والتفت الى المرآة والقاها بها. تكسرت الى قطع متفرقة، تشبه قلبه الذي كسر في تلك اللحظة اللعينة. قال بوجع، وهو يصرخ.

- ليه يا تارررررررررررررررررررررررا. ليه خنتينى. الله يلعنك. اه اه اه اه اه اه اه اه اه اها اه اه اه اه اه اه اه.

كلما يتزايد صوته المؤلم تلطم على وجهها اكثر وتدعو الله ان يهديه، فكلما يراها يحدث بينهما ذلك الصدام المؤلم. يقلب عليهما الكثير من الحزن والظلم. دائما يعنفها بالكلام القاتل وتكذبيها دائما بانها خانته. تقبلت منه كل شىء. ليس بسبب خيانتها ؛ بل لانها لم تخبره حقيقه الامر وتركت نفسها في الصورة ؛ حفاظا على اشخاص يهمونها.

سمعت الخادمة التي تعمل عندهما منذ زواجهما. صراخه فهذا ليس غريبا عليه. قامت من فراشها فزعة من نومها، وذهبت اليه وطرقت على غرفته. لم يرد عليها ولم يلبى ندائها
- قالت برجاء، وهي تطرق بهدوء. يا ابني استهدى بالله علشان بناتك.
ذهب اليها وفتح الباب. رات منظره الذي لا يسر عدو ولا حبيب. الشعر مشعث وودموعه تتزايد بقهرة والم، ودقات قلبه تعلو وتهبط. اخذته في حضنها.

- قائلة بدعاء، وهي تربت على ظهره بحنية. يارب يهديك يا ابني. يا رب يهديك يا ابني يا رب يهديك يا ابني، تردد و تردد و تردد. لعله يهدا ولا تثير فضائحهما اكثر من ذلك. يوميا الجيران تشتكي من صوته العالي ويقولون دائما بانه يضرب زوجته ويعنفها، ولكن لا احد يعلم ذلك البيت كئيب و حزين. يملاه العار والضياع و فقدان الامان. يوجد به كل ما هو موجع ومؤلم ولا يشعر بهما غير الله عز وجل الذي قادر على ان يفك كربهما في القريب العاجل.

بعد ان انتهى من عمله على الجهاز النقال وضعه جانبا. ثم امسك هاتفه واجرى اتصال مع ذلك الادم. الهاتف
- ترن ترن ترن ترن
-...
يعاود الاتصال مرة اخرى
- ترن ترن ترن ترن
-...
لا يوجد اتصال مره اخرى
(في تلك اللحظة).

في شقه فخمه جدا تطل على النيل وعظمته. عندما تدخل من الباب يوجد على اليمين مطبخ مكشوف به كل ما لذا وطاب. و على اليسار يوجد اريكة وبجوارها مقعد صغير بنفس لونها، وقبالتها ايضا مقعدين، وفي المنتصف طاولة تفصل بينهما، ويقابلهم شاشه عرض كبيرة، واذا صرت قليلا تجد سرير كبير الحجم موضوع في الريسبشن، ونائم عليه ذلك الطائش الضائع الذي لا يعني للحياة شيئا غير النساء ثم النساء ثم النساء...

نائم على بطنه ويوجد تاتو على ظهره في كتفه الايمن. مكتوب بالعبري مستحيل ان اعشق.

وبجواره تنام عاهرة من فتياته التي يمارس معها الرذيلة كل ليلة. افاقت من نومها مبكرا، فهى لديها عمل. لمت الملاءة على جسدها، وقامت من على السرير. سمعت هاتفه يرن كثيرا. دارت حول السرير، ثم اخذت هاتفه من على الكوميدينو ؛ لتعرف من يتصل به. رات اسم سيدها بالعمل (أديم كارم النوار) فهى تعمل لديه عارضة ازياء. نظرت الى ادم راته غارقا في نومه. نادت عليه بصوت عالى.

- قائلة بخوف، وهي ترى اتصال اديم. ادم ادم ادم؟
(آدم كارم النوار. طالب بالجامعة الامريكية كلية ادارة اعمال. مازال في السنة الاولى. برغم ان عمره 21 سنة. معروف عنه انه لعوب محب للحياة. وفي العلاقات النسائية رقم واحد بدون منافس. وفضائحه تحتل الصحف الاولى. يتميز بالوسامة الفائقة. والعيون البنى الفاتح. وغمازة على خده الايمن تكمل روعته. وشعر كثيف وطول فارع).

بدا يتلوى على اثر صوتها المزعج مثلها. بدات تعبث بشعره ؛ حتى يفيق. نظر لها بغضب، وهو يمسكها من يدها، ويجذبها اليه بعنف.
- قائلا بعصبية. في ايه؟
- قالت بخوف، وهي تنظر الى قبضة يده التي تضغط على يدها بقوة. مستر اديم بيتصل بيك.
قال بقلق، وهو ينتفض من مكانه على اثر كلامها ليس خوفا من اخيه. فهو لا يخشى احد. انما احتراما وتقديرا له. فهو يعتبره اباه الذي عوضه عن رحيل اباه الحقيقى.

- يا نهار اسود يا نهار اسود.
- ادم انت بتقول ايه؟
قال بامر، وهو يرمقها نظرة ضيق.
- اختفى قبل ما اخويا يجى يشوفك.
- انت في ثانية بتبعنى كدة.
- انتى مالك بتتكلمى بعشم كدة ليه؟
- ادم انت ناسي حصل بينا ايه.
- هو ايه اللى حصل؟!
- بقينا في علاقة حب.
قال باستحقار، وهو يحدثها بغرور.
- بقولك ايه انتى نسيتى نفسك. انا ادم كارم النوار. حب وغرام وهيام ايه؟ انا ماليش في يا قطة.
- طب ليه عشمتنى بالحب؟

قال باستنكار، وهو يرفع حاجبيه باستغراب.
- ايه حب؟! هو انا قولتلك بحبك؟
- لا. بس من غير ما تقول حسيته في كلامك.
- فوقى لنفسك قبل ما الوهم ياخدك.
- طب ليه قربت منى؟
- حاجة رخيصة وعجبتنى. وغورى قبل ما اخويا يجى هنا وتبقى ليلتك طين.
قالت بشجاعة، وهي تعانده.
- مش همشى وخلى يشوفنى.
هب فيها بعصبية
- قائلا بصراخ. انتى اكيد اتجنتى ف...

وقبل ان يكمل كلامه. كان فتح باب الشقة. عن طريق بصمة يد اديم. و دلف الى الداخل، ومعه بسمة التي صرخت مباشرة بخجل واعطتهم ظهرها ؛ لان ادم كان عاريا من فوق. ومعه شاهندة عارضة الازياء تلف نفسها بملائة السرير...
- قال ادم بارتباك، وهو يضرب على راسه. oh my god.
شاهندة كانت في موقف لا تحسد عليه ابدا، فتاكيدا انها خسرت وظيفتها.
- قالت بتلعثم، وهي تنظر الى اديم بخوف. مس تر اد يم.

قال بامر، وهو يصرف نظره عن جسدها العارى.
- روحى غيرى هدومك وفي الشركة نتكلم.
هزات راسها بخوف، ودلفت الى المرحاض سريعا. بعد ذهابهل نظر الى اخيه الذي كان تحت تاثير الصدمة. امره بنظرة عينيه بصرامة ان يرتدى باقى ملابسه. هزا راسه ايجابا ممزوج بقليل من الخجل. اخذ التي شيرت من على الارض وارتداه. بعد ان انتهى توجه الى اخيه بروحه المرحة، وارتمى في حضنه.
- قائلا بكذب ؛ حتى ينسياه فعله القذر. واحشتنى يا اديم.

قال اديم بحدة، وهو مازال يضع يده في جيب بنطاله. دون ان يبادله الحضن.
- بطل كدب يا ادم.
قال بصدق، وهو يخرج من حضنه.
- والله مابكدبش انت فعلا واحشتنى.
- لو كنت وحشتك على الاقل زى ما بتقول. كنت رديت على التليفون.
- مشغوليات.
- هو انت هتقولى؟
قالت نسمة باستفهام، وهي تلتفت له.
- مشغولياات من اى نوع بقي.
- بقولك ايه يا نسمة ماتخليكى محضر خير.
- انا عايزة اعرف بس نوع المشغوليات.

قال اديم بحدة، وهو مازال يضع يده في جيب بنطاله.
- قائلا بخبث. كنت بتعمل ايه مع شاهندة؟
- كنت بذاكر المنهج معاها.
- ويا ترى بقى نجحت ولا لا؟
صمت...
بماذا يجيبه وهو سقط للمرة الثالثة على التوالى.
فى تلك اللحظة كانت خرجت شاهندة من المرحاض بخجل شديد. تريد في ذلك الوقت ان تنشق الارض وتبتلعها. عندما رائها اديم اشار لها بيده الى الباب بمعنى ان تخرج بدون كلام.
- قائلا بحدة، وهي تذهب. هستناكى النهاردة في الشغل.

ردت عليه بخفوت
- قائلة. حاضر. قالتها ثم ركضت سريعا الى الباب فتحته ودلفت منه.
بعد ان انتهى من تلك العاهرة، وجه حديثه الى اخيه
- قائلا باستفهام. هااااا نجحت ولا زى كل سنة؟
- ايه توقعاتك؟
- توقعاتى زى كل سنة.
قال بتفاهة، وهو يصفق له.
- برافو عليك ابقى فكرنى اجبلك هدية.
تدخلت نسمة في الحوار
- قائلة بعفوية. ممكن توضيح؟
هب فيها اديم بانفعال.
- قائلا بغضب. سقط هي دى محتاجة توضيح.
حزنت من رده عليها.

- قائلة باعتذار. اسفة يا مستر.
- بالراحة عليها يا اديم.
- انت هتنجح امتى؟
- الحاجة دى في علم الغيب.
- اااااااااااااااااااااااااااااادم.
قال بوقاحة، وهو يعض على شفتيه بقذارة.
- اصلك ماشفتش البنات هناك.
- زيهم زى اى حد.
- انت فاكرهم زى نسمة.
- قصدك ايه يا ادم؟
- ما تزعليش يا اسطى نسمة. انا قصدى انك اختى فاضلة علينا كلنا.
قال اديم، وهو يضحك على اخيه.
- انت جيت كحلتها عميتها.
قالت بعتاب، وهي تنظر الى اديم بحزن.

- انت بتضحك يا مستر اديم؟
- تصدقى ان اخويا قليل الادب.
- ايه الجديد دى موضوع مفروغ منه.
قالت نسمة وهي تعاتبه
- ادم انا زعلانة منك.
- خلاص هبقى اصالحك.
قال اديم بخبث، وهو يغمز له.
- هتصالحها ازاى؟
- لا ما تخفش على نسمة منى.
- يا حبيبي انت ماسبتش حد ما عملتش معاى علاقة.
- الا نسمة وماما وزوجة حضرتك المستقبلية.
- والله فيك الخير.
- شوفت انا طيب ازاى.
- ادم انا قررت اوديك جامعة الازهر.
- يا نهار اسود. اكيد بتهزر.

- لا ما بهزرش.
- طب ليه الظلم؟ دى حتى اموت ناقص عمر.
- مش حجتك البنات. خلاص تروح جامعة كلها ولاد.
- ليه تحرمنى منهم دول هم اللى ليا في الدنيا.
لم تستطع نسمة ان تتمالك نفسها اكثر من ذلك، وانفجرت في الضخك على ادم، نظر اليها أديم
- قائلا بسخرية. من حقك تضحكى. دى واحد فاشل وضايع وبايظ.
- دى كله فى. لا كتير على.
- اخرس يالا. ايه اللى انت عملته في البيت ده؟
- هو انا عملت حاجة؟!
- لا ما بتعملش حاجة خالص.

قال ادم وهو يتصنع الحزن
- كلكم ظلمينى.
- فعلا احنا ظلمة وانت ملاك على الارض موجود.
- انا ماهتكلمش عن نفسي.
- ازاى تتكلم سيبنى انا اتكلم.
- ما بلاش ربنا يسترك.
- الدنيا زنقتك مالقتش غير الخادمة اللى في البيت.
- هي ماما قالتلك؟
- اه مع الاسف.
- هعمل ايه كنت تعبان ووقفت جنبى.
- تعبان اجبلك دكتور.
- لا ما انا خفيت. لما فاتن عالجتنى.
- ادم؟
- نعم يا بوب.
- مهما قولت ومهما اتكلمت هتفضل زى من انت.

- على فكرة انا بحاول بس انت مش واخد بالك.
- فين المحاولات دى وانت كل يوم مع واحدة.
- كفاية انى بحاول.
قال بنفاذ صبر، وهو يذهب من امامه.
- انت مهتتغيرش.
- رايح فين؟
التفت اليه بضيق مصطنع.
- قائلا باستفهام. عايز حاجة؟
- ايوا عايز فلوس.
- عايز كام؟
- في حدود نص مليون.
- طبعا عايزاها علشان تجيب عربية جديدة.
هزا راسه ايجابا ممزوج بابتسامة. بعد ان عرف رده طرح عليه السؤال
- قائلا باستفسار. هو انت صاحبت واحدة جديدة؟

- مش معنى؟!
- ما انت كل ما تشترى عربية تعرف واحدة جديدة.
هزا راسه ايجابا.
- اه منك يا ادم.
- نعمل ايه يا معلم؟
- اعمل ايه ابنى الصغير.
- وانت ابويا الكبير.
- المبلغ هيكون عندك النهاردة.
- شكرا يا بوب.
- العفو يا اخويا.
- ماتنساش تكلم صافى النهاردة.
- هي لسى قافشة؟
- جداااااااااااااااااا. بس هتسامحك لانك ابنها.
- والله انتو عالم طيبين.
قال وهو يدلف من امامه.
- سلام يا فاشل.
- سلام يا اديم. سلام يا اسطى.

قالت بعتاب، وهي تستدير له.
- برضو يا ادم.
قال بوقاحة، وهو يغمز لها
- البسى زى الناس وانا هقدرك.
التفت اليه اخيه
- قائلا بصرامة. ادم احترم نفسك.
- حاضر يا بوب.
اشار اديم بيده لنسمة ان تسبقه. هزات راسها ايجابا وتخطته للخارج. اما هو رمق ادم نظرة تحذيرية. بمعنى حسابك معى فيما بعد، وليس الان امام الاغراب...

فى تلك اللحظة
(مطعم الدار).

يجلسون البنات بجوار بعضهم البعض في الفة وسلام يتناولون الطعام باريحية جدا. على طاولات كبيرة الحجم تلتف حولها كراسى من كل مكان بها، وليس تلك الوحيدة في المطعم بل يوجد الكثير والكثير من الطاولات. شذى كانت بجوار ورود. يتجاذبون اطراف الحديث بينهما بحب ومودة. امام نظرات نسرين الحاقدة التي ترمقها لكلاهما وخاصة ورود فهى تحقد عليها وتتمنى لها الشر دائما. لانها تحظى بالحب ومكانة و احترام بين الجميع، ولكن ذلك ليس مدبر. بل وضع الرب بداخلها الرحمة والتسامح والسلام بين البشر. شذى تعرف نظرات نسرين ولا تبالى لها. فهى تعتبرها حقودة ومريضة نفسيا وتحتاج الى طبيب في الحال. فالحياة منتهية ولا تحتاج الى تلك التعقيدات.

وهم ياكلوا ويتشاركوا الحوار بينهما. دخلت لهم سيدة تمتلك كام من الوقار والهيبة وهي مديرة الدار (انجيلينا جابرى. 52 سنة. معروف عنها الصرامة والحزم مع قليل من الطيبة. الجميع يخشى منها) وعلى يسارها الاخت مريم صموئيل. 40 سنة. راهبة بالدار وهي من تشرف على كل تعاليم الكتاب المقدس. متواضعة وكل من في الدار يحبها، فهى ملجاهم وحضنهم الدافى، ودائما يدعون لها ان يحفظها الرب) وعلى اليمين ايضا فتاة تدعى ملاك لا تختلف عن مريم في شىء نفس السن نفس الطيبة والتواضع، وحب الجميع لها. دائما يقولون فهى اسم على مسمى) عندما راتهم الفتيات تركوا الطعام، ونظروا اليهم باهتمام. بعد ان لاحظت ان الجميع صمت وترك الطعام احتراما لها فتحدثت بوقار.

- قائلة بهدوء. طبعا بكل سعادة وحب. الدار بعد بكرة هتودع 15 بنت من بناتها.
الجميع انصدم وبدائوا ينظروا لبعضهم البعض بقلق ممزوج باستفهام.
ضحكت على ردة فعلهم
- قائلة بتوضيح. ما تتخضوش اوى كدة. دى الاكليل بتاعهم.
تحمست البنات وصفقوا على الفور بسعادة.
بادرت مريم الام كما اطلقوا عليها الفتيات نظرا لحنيتها وعطائها الدائم للرب ثم الكنيسة ثم الفتيات.
- قائلة بطلب. مطلوب منكم يا بنات تشاركوا اصدقائكم بالفرحة.

هتف البعض منهم
- قائلا باستفهام. ازاى؟
- عن طريق تنظيف الدار والكنيسة والجنينة.
تحمس البعض منهم وكان منهم بلا شك ورود التي تحب ان تساعد دائما. اما البعض الاخر لا يطيق مساعدة اى احد. من وجهة نظرهم انهم خادمات لهم. وليست مساعدة. لاحظت نسرين سعادة ورود.
- قائلة باستغراب. انتى فرحانة على ايه؟
تدخلت شذى
- قائلة باستفهام. بجد يا ورود ايه اللى مفرحلك؟
اجابت ورود بوداعة.

- قائلة بسعادة. لان اصحابى هيتجوزوا ولازم اشاركهم فرحتهم.
هبت فيها نسرين.
- قائلة بغضب. فرحتهم نروح معاهم نقف جنبهم. مانكنسش ونروق ليهم. هم انشلوا.
قال شذى باعتراف، وهي تتفق مع نسرين لاول مرة في حياتها.
- تصدقى يا نسرين انا بكرهك لله في الله بس اول مرة تقولى حاجة صح.
ردت عليها نسرين بكره
- قائلة بصدق. نفس المشاعر يا روحى.
- يا على الحب.

قالت نسرين بامر، وهي تقوم من على مقعدها، وتذهب مع مجموعة من اصدقائها الذين يشبهونها في الحقد والغيرة.
- يلا.
بعد ذهابهم. قالت ورود بعفوية، وهي تنظر الى شذى.
- نلبس ايه يا شذى؟
قالت شذى، وهي تقوم من على كرسيها، وتمسك يد ورود
- تعالى نتكلم برا.
هزات ورود راسها ايجابا ودلفت معها بوداعة. حتى وصلوا خارج المطعم.
قالت ورود ببراءة، وهي تنظر لها.
- هااااا يا شذى ما ردتيش على. هنلبس ايه؟
هبت فيها بانفعال.

- قائلة بغضب. بتتكلمى كأن عندنا لبس كله ماركات في ماركات.
- ليه بتقولى كدة؟
- حوشي يا حبيبتى الهدوم اللى هتقع من الدولايب.
- في غيرنا ما...
قطعتها بعصبية
- قائلة بنفاذ صبر. خلاص حفظت الاسطوانة.
ثم تابعت وهي تقلد طريقتها
- قائلة. في دلوقتى غيرنا ماعندهمش مكان يناموا فيا لكن احنا عندنا. واكتر من كدة بكتير. ودى كله من رضا الرب والعذراى علينا. ماكنتيش عايزة تقولى كدة.

هزات راسها بنعم وهي تضحك على تصرفها العصبي.
- ورود.
- نعم.
- لازم بكرة نختفى عن الانظار.
هزات راسها بعدم فهم.
- قائلة باستفهام. مش معنى؟
- علشان مانشاركش في حملة النظافة اللى هتحصل بكرة.
- ليه؟
- ليه ايه؟ انتى غبية. ما كله هيعمل كدة انا مش مجبرة ضهرى يتكسر زى كل مرة.
- حرام عليكى يا شذى. لازم نساعد اصحابنا.
- مساعدة في دماغك ودماغهم.
- شذى انتى بتشتمينى؟
- اومال بغنى ليكى؟
- حرام عليكى لازم نساعد زمايلنا.

- المساعدة نلبس نرقص نهلل مانقلبش خادمين.
- الرب كدة هيغضب عليكى.
- خليكى انتى في الايمان والورع واانا اشوف مكان استخبى في. سلام. قالتها وانصرفت من امامها تتافف في ضيق وغضب من تصرفات صديقتها الطيبة والوديعة.
قالت بوداعة، وهي تضرب كف على كف.
- شذى دى مجنونة.

اصطفت سيارة امام فيلا بالمعادى. خرج الخدم لمجرد سماع صوت السيارة. ليسلموا على سيدهم (كريم شهاب النوار. 50 سنة. برغم انك عندما تراه لا تعطيه اكثر من 35 سنة. لانه يحافظ على جسده بالرياضة الدائمة والاكل الصحى صاحب مجموع شركات النوار للمعمار. اشهر مهندس معمارى في مصر والشرق الاوسط معروف عنه الذكاء و العبقرية في اشهر المشروعات التي نفذها. ) وسيدتهم (شاهيناز الحناوى. تلك السيدة الارستقراطية الراقية. تبلغ من العمر 45 سنة) فتح لها الخادم باب السيارة. نزلت منها بغرور وكبرياء.

قالت لها الخادمة نعمة الله.
- نورتى يا هانم.
قالت بعجرفة، وهي ترمقها نظرة تعالى
- اه طبعا.
ثم وجهت حديثها الى باقى الخدم.
- قائلة بامر. فاروق معاطى خدوا الشنط من العربية ودخلوها جوا.

هزوا راسهم ايجابا. وتوجهوا الى صندوق السيارة. وعندما فتحوها. وجدوا كم من الحقائب. فهى معروف عنها حبها للملابس ؛ لتباهى والتفاخر امام اصدقائها في النادى وسط المجتمع المخملى. اصرت ان تسافر مع زوجها الذي كان لديه كم من العمل بالولايات المتحدة الامريكية ليس بطلب منه. بل لتقوم بجولاتها التسوقية فهو لم يرفض لها طلب واخذها غصبا عنه. بعد ان انتهت من اوامرها. دلفت الى داخل الفيلا متجاهلة تماما زوجها.

علي الجانب الاخر. كان انتهى من اتصاله بسكرتيرة مكتبه ؛ لاطمئنان على عمله. دلف من سيارته. راى الخدم يدخلون الحقائب الى الداخل. القى عليهم التحية.
- قائلا بتواضع، والابتسامة تملاء ثغره. ازيكوا يا جماعة.
قالت نعمة الله بسعادة.
- الله يسلمك يا باشا مهندس.
وفاروق يحمل الحقيبة. اشار اليه كريم.
- قائلا بادب. الشنطة رقم خمسة بتاعتكوا يا فاروق خدوها.
سعد فاروق بشدة
- قائلا بامتنان. شكرا يا باشا مهندس.

بادرت نعمة الله بالكلام
- قائلة بدعاء. تسلم وتعيش يا ابنى.
تحمست تلك الخادمة الصغيرة تهانى التي تقف بينهما.
- قائلة باستفهام ممزوج بخوف. وانا يا باشا مهندس ليا برضو.

- طبعا. كل واحد اسمه مكتوب على الهدية. قال كلامه برقى. ثم انصرف عنهم باخلاق وتواضع. وهم بدائوا يتفقدون الحقيبة ؛ ليعرف كل شخص ماذا احضر لهم سيدهم تلك المرة. فعو معروف عنه في كل سفرية يحضر لهم شيئا جميلا يساعدهم على تعب الحياة وشقائها. انسان بما تحمل الكلمة من معنى. على غرار زوجته المغرورة والمتعالية دائما انفها في السماء.

صعد درجات السلم الراقى، ثم فتح باب غرفته، ودلف الى الداخل. كانت تقف امام المراة تتطلع الى نفسها كالمعتاد منها. اغلق الباب ورائه.
- قالت بانفعال، وهي تلتفت له بغضب. لحد امتى؟ هتتعامل مع الخدامين كأنك واحد منهم.
قال بضيق، وهو يرد عليها بعصبية.
- السؤال ده تسالى لنفسك لحد امتى هتتعاملى معاهم بغرور.
- انت ليه محسسنى ان هم فرد من عيلتنا.
- فعلا هم فرد من عيلتنا.
- مستحيل. الكلام ده مستحيل انا فين وهما فين.

- انتى على الارض وهم معاكى. مافيش فرق ولا بينك ولا بينهما.
- في فرق كبير وواضح.
- ايه هو؟
- انا بنت صادق الحناوى وزير الداخلية.
- سابقا.
- سابقا ولا لاحقا المهم انى بنت وزير.
- انا عندى نصيحة ليكى هي ان...

- وفر نصايحك ليك ولبنتك. انا داخلة اخد شور. ينسينى اللى انت بتقوله. قالت كلماتها بكره، وانصرفت من امامه. تتافف في داخلها بضيق، وتنطق بكلمات غير مفهومة تعبيرا عن ضيقها وغضبها من زوجها. دلفت الى المرحاض الخاص بغرفتهما وصعقت الباب ورائها بعنف.

اخرج تنهيدة حزن عميقة من قلبه. فزوجته كلما مرت السنوات تزداد بغضا وكرها. وهذا اصبح لا يحتمل. فاية طاقة لديه ليتحمل تلك الكائنة التي خلاف شخصيته تماما. لكن ماذا يفعل في اخيه رحمة الله الذي اجبره على الزواج منها. فهذه ابنة وزير وستساعدنا كثيرا في عملنا. وافق على طلب اخيه. خاصة انه كان لا يحبها. فقال لماذا لا. لا استطيع ان انكر بان والداها قبل ان يطلع على المعاش ساعدهما كثيرا في تنفيذ الكثير من المشاريع. فالجميع كان يرحب بعقد اية صفقة معهم لاجل حماه العزيز. صفقة وراء صفقة ؛ حتى اصبحوا في القمة واحتلوا الشرق الاوسط باكمله. واصبح اسم النوار اسم يخشاه الجميع ويهابه. ولكن ماذا تفعل الاموال والصفقات وهو لا يحبها. حقا لا يحبها فبتصرفاتها تلك تجعله يمقتها. الحب بالنسبة له بانه عندما احب احب شخصا محرما عليه. سعد لمجرد تذكرها وتسارعت دقات قلبه اشتياقا ولهفة لرؤيتها. لقد احضر لها هدية ويعلم جيدا انها سترفضها بشدة مثل باقى الهدايا التي رفضتهم من قبل. فهو عندما يقابلها لا يري منها سوى نظرات الكره والبغض والعتاب الشديد بانه ضحك عليها واوهمها بالحب. هو لم يكذب فهو بالفعل هام فيها عشقا فهى حبيبته الاولى والاخيرة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة