قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الثالث

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الثالث

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الثالث

ما الداعى ان لا يذهب اليها ويطفا شوقه ولهفته لها، يعلم جيدا انها عنيدة وستسمعه ما لا يحمد عقابه، لكن ليس هاما امام نظرة من عينيها الساحرة، وسماع صوتها الحنون المملوء باسرار الحب الغزيرة، لمجرد الفكرة تسارعت دقات قلبه، وطلب منه ان يذهب اليها سريعا، ويحدث ما يحدث، فذلك الملعون ينبض بين ضلوعه، يشتاق الى ما ليس ملكه، صافى هي حبه الاول والاخير وليس لها بديل بين نساء العالم، لم انتظر كثيرا وبعد دقائق، كنت في بيتها اراها امامى في الحديقة، تحتسي كوبا من عصير البرتقال الطازج، ونسمات الهواء العليل تلامس وجنتيها الرقيقة وتلعب بين خصلات شعرها، اريد ان يعود الزمن، وتكونى ملكى مثلما كنتى معى من قبل، لكن القدر كان له رايا اخر، لعنة على وعلى شهواتى، التي كانت تقودنى بتعدد العلاقات، وعندما عشقتك...

التفتت سهوا راته امامها، يرمقها بنظرات كلها اشتياق ولهفة، فذلك المجنون مازال كما هو، نظراته تخترقنى بدون خجل او حياء، دائما ينسي بانى زوجة اخيه، مهما مر الزمن، نظراته تتزايد، ويعود الى سن المراهقة متناسيا تماما بانه اصبح جدا.
قالت باستفهام، وهي تنظر اليه بضيق.
- انت هنا من امتى؟
اقترب وجلس قبالتى على مقعد الطاولة
- قائلا بايجاب. لم كنتى بتشربى العصير.
- جيت امتى من امريكا؟
- لسي واصل النهاردة.

- اومال فين شاهيناز؟
- ليه في حاجة؟!
- بسال عليها عادى.
- بتاخد شور اصل احنا لسي وصلين دلوقتى.
- طب ماريحتش نفسك ليه. وجيت تشوف الاولاد في اى وقت تانى.
قال بجراءة، وهو ينظر لها بعمق.
- قائلا بهمس. واحشتينى.
اخترقتها الكلمة داخل اعماق قلبها. انتفضت من مكانها. وتسارعت دقات قلبها
- قائلة بتلعثم. ق ص دك الاولاد.
هزا راسه برفض
- قائلا بصدق. لا انتى واحشتينى.

قام من على مقعدها. ثم قال باستفهام، وهو يمسك يدها وينظر في عسلية عينيها
- رايحة فين؟
- ماشية لم تبطل جنون.
- ما هقدرش ابطل احبك او اعشقك.
- كريم فوق احنا كبرنا. ولعبة زمان بتاعتك خلصت.
- بحبك وحاولت كتير انساكى. بس فشلت.
- انا مرااااااااااااااااااااااااااااااات اخوك.
- انتى ارملة يا صافى اوعى تنسي.
قالت بغضب، وهي تتخلص من يده بحدة
- فرقت يعنى.
- ايوا فرقت الجدار اللى كان بينا زمان اتهد دلوقتى...

- دلوقتى ايه؟ عامة الجدار اللى بتقول عليه ده انت السبب فى.
- انا اسف
- هفيد بايه الاسف او الندم. وانا كنت كل يوم في حضن اخوك بت...
صرخ فيها بغضب.
- قائلا بانفعال. اسكتى ما توجعنيش.
- لازم تتوجع زى ما كدبت على وقولتلى انك مش متجوز.
- ما كنتش قادر اقولك كان صعب اوى على.
- بس كان سهل عليك تلعب بعواطفى وتخدعنى.
- هاجى اقولك ايه؟ انى متجوز واحدة مجبور عليها. وعندى بنت منها.
- وانت كنت فاكر انى ماهعرفش.

- لم حبيتك ما حسبتاهش.
- بس اخوك حسبها اوى.
- دفعتنى التمن كبير اووووووووووووووى لم اتجوزتى اخويا.
- كنت عايزاك تموت زى. وتدوق من نفس الكاس.
- احنا عقابنا بعض. وكدة خلصانين. يعنى اتعدلنا في ظلمنا لبعض.
- عمرنا ما هنتعادل يا كريم. لان اللى انت عملته هد كل حاجة فيا.
- انسي يا صافى وخلينا نعيش.
- ابعد عنى يا كريم وروح كمل حياتك. زى ما كملتها زمان من غيرى.

- خلاص بموت ماعنتش قادر. مابقتش قادر ارسم الابتسامة بعد كدة.
- موت لوحدك بعيد عنى. قالتها وهي تتخطاه...
- صافى يا حب عم...
قال ادم. الذي دلف اليهما، وقطع عليهما لحظات العتاب المؤلمة.
- كوكى حبيبي واحشتنى.
- قال بابتسامة مرتكبة وهو ياخذه في حضنه. اهلا يا بكاش.
- دايما ظلمنى.
- هو مين اللى ظلمك بقي يا ادم؟
نظر اليها.
- قائلا بجراة. انتى يا مامى.
قالت بغضب، وهي تضربه على كتفه.
- لا والله.

- اهدى يا صافى خليكى حنينة.
- هتكبر امتى وتعقل؟
غمز لها بوقاحة.
- قائلا باعجاب. لم تبطلى تكونى صاروخ.
- ولد!
قال بصوت عالى، وهو يحملها من خصرها ويدور بها.
- بعشقك يا صافى.
اما كريم وضع يده في جيبه والابتسامة تزين ثغره، يشاهد اعظم واطهر حب في العالم بين معشوقته. وابنه الذي لم ينجبه. صافى تستحق الحب والعطاء. فهى باعت الحب واشترت ابنها بالغالى والنفيس...
قالت برجاء، وهي تتمسك به بقوة
- ادم نزلنى.

- لم تسامحينى وتبطلى التكشيرة بتاعتك دى. اصلها ملاقياش عليكى.
- مهسمحكش غير ما تبطل افعالك.
- هحاول.
- خلاص مافيس سماح.
قال بعند وهو يدور بها اكثر.
- خلاص مافيش نزول.
صرخت بخوف طفولى
- قائلة برجاء. خلاص يا مجنون.
ضحك على كلامها وانزلها بهدوء. وقبلها جبينها بحب
- انا بحسدك يا ادم.
ردت صافى على كريم بفجاجة.
- قائلة باستفهام. على ايه بقي؟
- في ايه يا مامى ماتضربي قلمين على وشه؟!
- ماقصديش.
- وان قصدك وشى جاهز.

تجاهلت كلامه المستفز مثله، ووجهت سؤالها لابنها
- هتبات هنا ولا فين؟
- اكيد هنا وفي حضنك كمان.
- يا واد بطل الحركات دى.
- ابطل ايه يا صافى؟ هو في حد بالجمال ده. ولا ايه يا كوكى؟
قال كريم وهو يتفحصها بحب شديد
- فعلا مافيش حد في جمال صافى.
تجاهلت غزله الوقح بها
- قائلة لابنها. يلا علشان ناكل.
- هو دى الكلام. يلا يا كوكى.
- لا كفاية كدة.
- سيب عمك على راحته يا ادم.
قال كريم بعند فيها
- خلاص ماتتضقيش هاكل معاكوا.

- طب يلا. قالها ادم وانصرف من امامهما.
قالت بعصبية، وهي تلتفت له بضيق
- صحيح انك انسان مستفز.
- وانتى قمر.
رمقته نظرة كره، ودلفت من امامه
- وراكى وراكى لحد ما تستسلمى.

في تلك اللحظة.

اصطفت السيارة امام اكبر دار ازياء في مصر. تنسب الى المصمم المصرى العالمى اديم كارم النوار. دلف من السيارة بثقة وكبرياء. ثم دلف الى الدار. يسير بابتسامة بشوشة ممزوجة بالوقار في ساحة الدار، التي تتميز بكبر حجمها واتساعها مكونة من خمسة طوابق على شكل دائرى. وكل دور يوجد به عدد لا يستهان به من الفساتين السورايه التي تبهر عين الناظر، كل من يراه يلقي عليه السلام، ويرد هو في هدوء وتواضع، وصل عند المصعد. ضغط ذره وصل اليه وركب به، وورائه نسمة التي يحسدها من اكبر لاصغر عامل بالشركة، لانها تسير بجوار اديم كارم النوار ندا بند، لا تفارقه لحظة غير في النوم، فهى المسئولة الاولى والاخيرة عن كل مواعيده، وصل المصعد الى الطابق الثالث فهو مخصص لعمل التصاميم، دلف الى مكتبه مباشرة وعندما وصل اليه فتحه، فهو كبير الحجم وحوائطه مطلية باللون الابيض، خلع سترته ووضعها خلف مقعد مكتبه وجلس على مقعده باريحية، وامامه مقعدين باللون الرصاصي الخفيف، اللون الابيض يساعد على الابداع والهدوء واخراج افضل ما لديه من تصميم، ويوجد لوح زجاجى كبير الحجم شفاف على جهة اليمين، من خلاله يرى ما يدور في الخارج، بعد ان استرخى قليلا نظر الى الاوراق التي امامه، فكان يوجد امامه الكثير من التصاميم عن العرض القادم، الذي سيتم عرضه في باريس، شاهد اول تصميم لم يعجبه كثيرا، قلب في الذي بعده، نوعا ما جيد، ولكنه محتاج لبعض التعديلات، وضعه على جنب، ليشاهد ما بعده، كانت بسمة تنظر اليه بهوس وعشق وجنون، وتدعو الله في تلك اللحظة ان يجمعهما سويا، كانت تنظر له بدقة، تحفظ ملامحه عن ظهر قلب، حتى تستطيع ان تتخيله بعد ان ينتهى دوام العمل، وتصبر نفسها لثانى يوم على لقائه، فهى تشتاق له في كل ثانية، فحبها عاجز ومجنون، فهي تعشق هذا الانسان للنخاع لا تعرف متى وكيف واين والكثير من علامات الاستفهام، الذي تعرفه انها تعشقه ولا تنتظر مقابل منه، وكانت المعركه ليست في صالحها، عندما رفع وجهه عن الاوراق، رائها تتمعن فيه بشده. طرح سؤاله باستغراب شديد.

- في حاجه يا نسمه؟
ارتبكت من نظراته.
- قائلة بكذب. ما فيش حاجه يا مستر اديم.
- طب تمام ممكن القهوه بتاعتي لو سمحتى.
- اه اكيد طبعا. تؤمر بحاجه تانيه يا مستر.
- لا شكرا يا نسمه.

هزات راسها ايجابا. وانصرفت من امامه، وتحمد الله انه لم يلاحظها، ولكن على من، فهذا اديم كارم النوار، يلاحظ كل شىء ولكنه لا يعطى احد ادنى اهتمام، فهو مؤمن في داخله، بان الجميع ينظر اليه عاشقا لجماله وماله وثروته وحسبه ونسبه وليس اكثر من ذلك، انما شخصه لا يوجد، فهم يعشقون اسم اديم كارم النوار، لم يعير للموضوع اهتمام، وعاد يستكمل ما كان يعمله فبين يده كم من الاوراق، يريد ان ينتهى منها في التو والحال. توجد بعض التصاميم التي قد تكون جميلة، فوضعها جميعها على جنب، واحضر ورقة بيضاء وقلم، وبدا يرسم التصميم الذي على مزاجه، فهو يعطى فرصة للمصاممين الجدد، بان يخرجوا اجمل واروع ما لديهم والذي يعجبه يضعه في عروضه وينسب الى صاحبه، والذي لم ينال رضاه، يطلب من صاحبه، ان يطور من نفسه بدون احباط او التقليل من موهبته، فاديم يريد الافضل فاسمه اصبح ماركة عالمية، تباع وتشترى لاهم وافضل كوادر الناس في العالم، وخاصة العرض القادم سيتم في باريس بلد الموضه والجمال والازياء.

(منزل زين عز الدين)
يجلس على مائدة الطعام يتراس الطاولة، عائشة على اليسار بجوار امها تارا، وخديجة على اليمين، ويضحك معهما ويشاركهم في طعامهما واشيائهما الطفولية المشاكسة، ولا يهتم لتلك الكائنة التي تاكل في صمت تام، ومن حين لاخر تساعد بناتها في الطعام. اتت الخادمة لها بالهاتف. قالت وهي تعطيها اياه
- كلمى يا دكتورة.
قالت باستفهام، وهي تنظر لها باهتمام
- مين يا دادة؟
- مامتك يا بنتى.

عندما ياتيها اتصال من امها تقلب وجهها، ويظهر على معالمها الكره والبغض. فتلك الانسانة لا تكرهها فقط بل تمقتها حد الجنون. اجتذبت الهاتف منها بعصبية. وقامت من على مقعدها بعدت عنهم قليلا، لاجل بناتها وزوجها الذي يلاحظ مدى سوء العلاقة بينها و بين امها. ولكن هذا لا يعنى له تحرق هي وهى. بعد ان وصلت عند مقربة من غرفتها
- قائلة بضيق. في ايه؟ عايزة ايه؟
قالت شاهيناز بعصبية.
- تارا انتى بتكلمنى كدة ازاى؟

قالت تارا بسخرية ممزوجة بوجع.
- تصدقى فعلا لازم اكلمك افضل من كدة.
- ماتنسيش انى انا امك.
- كان يوم اسود لم بقتى.
- بنت فوقى لنفسك.
انفجرت فيها
- قائلة بكره. انا بكرهك بكررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررهك ساااااااااااااااااااااااااااااااامعة. قالتها واغلقت الهاتف في وجهها بعصبية.
خرج صوتها عند زوجها. فترك مقعده وتوجه اليها.
- قائلا بتوبيخ. حتى امك مش عارفة تكونى محترمة معاها.

عندما راته تسمرت في مكانها. لتسمع باقى كلامه بعجز.
- دى بدل ما تقوليها ازيك وتكلميها باحترام.
ترقرقت الدموع من عينيها على كلامه الموجع والمهين. دموعها زادت في قسوته عليها.
- قائلا بكره العالم، وهو يرمقها نظرة استحقار. لكن واحدة خانت جوزها متوقع منها ايه؟ تكون بارة لاهلها مثلا؟ دى مستحيل.
احتضنت نفسها بذراعها سامحة لدموعها ان تتدفق كسيول على وجنتيها.

- حتى دموعك دى مزيفة وخاينة زيك. عارفة انتى احقر حد قابلته في حياتى.
-...
حاولت ان تتكلم. رفع يده في وجهها بتحذير
- قائلا برفض. لو اتكلمتى هقتلك وهدفنك مكانك. وهنسي انك ام بناتى.

هزات راسها ايجابا، والدموع تتزايد من عينيها على كمية الظلم الذي تعانى منه يوميا. ولكنها لا تستطيع ان تتكلم فستظل محرومة من حبيبها. حتى ياذن الله بموتها. نظر اليها يعتابها بالم ووجع، انا الذي احببتك من داخلك. الم تفهمى ذلك وتقدرى حبى لكى، ارجعى لى الوقت الذي قد مضى من جديد، مع الاسف لا يوجد تعويض عن تلك الخسائر، لقد فقدت وخسرت كل شىء بداخلى، الالم الذي في قلبى سيسجن كالمسجون الهارب، رائحتك هي كذبة تماما مثل ابتسامتك التي كنت تخدعينى بها في الماضى، ليكن اليك كل شىء ولتبقى لى الالام والاحزان والاوجاع، انا صبور طالما ان يدك ليست في يده، كم كنا لائقين مع بعض، ولكن انتى من وضعتى نهاية ذلك الحب...

كيف نظرتى في عينى؟
كيف امسكتى بيدى؟
كيف انخدعت بك؟
كيف قمت بتعبئة مكانى؟
لا تعتقدى اننى ساصدق دموعك، لقد انتهيت بالنسبة لى، انا الذي احببتك من اعماق اعماق قلبى، ووهبت لك السعادة وانت في مكانك، ماذا فعلت لذلك العطاء، كنت مع غيرى. كيف هان عليكى حبنا وبناتنا، ووعودنا التي نسجنها سويا، كيف؟
نظرت له بوجع، الدنيا تاخذ الذي يحبنى وتؤلم قلبى.
ماهذا الحلم؟

هل هو كابوس وسافيق منه؟ ام حقيقة ومجبرة على العيش فيها، حقا انه يحرق الكبد، امى حولت نهارى وشمسي الى ليل دامس شديد السواد، اعيدى لى الذي ذهب ليضمد الجراح، توجد اصوات صدى تاتى من الجدران المهجورة، تريد ان تنطق من الظلم الذي اعانى منه يوميا، ولكنى انا من اخترت ذلك، حفاظا على ابى، الذي قدم كل شىء، فهذا هو رد الجميل...
لماذا يا تارا فانا عشقتك في كل فصول السنة، غير معاتبا او متالم، فهذا هو ردك...

قالت خديجة بصوت عال. وهي تقطعهما عن شرودهما، وعتابهما لبعضهما البعض.
- يلا يا بابى علشان تاكل معانا؟
رد عليها زين بصوت صبيعى.
- حاضر يا حبايبى جاى.
ثم تابع بالم، وهو يبصق على الارض. معلنا كرهه وبغضه لتلك الانسانة التي عشقها من اول نظرة.
- انا بكرهك. قالها وذهب من امامها.

تلك الكلمة جعلتها تنهار اكثر دلفت الى غرفتها، واغلقت الباب ورائها، وارتمت على السرير تبكى في صمت موجع. تلعن امها الاف المرات. التي كانت سببا في خراب بيتها واهانة زوجها اليومية لها، لقد بعدنا واحترقت جوارحنا ودفعنا ديون لم تكن علينا يوما ما، مزقنا الطريق وصرخ فينا فهذا فراق صامت وسط ظلم كبير تعرض له، حاولت طاقتنا واراداتنا ان تتكلم وتبوح عن سر دمر اثنان لم يكن ذنبهم غير ان احبوا في وقت تساقطت فيه الاخلاقيات من على اوراق الشجر، اشتاق اليه واريد ان ارتمى في حضنه واحكى له عن كل ما يوجع قلبى، لكن احكى عن من امى، الصمت افضل بكثير في حالتى...

(تسارعت الاحداث)
شركة اديم كارم النوار
شغل موسيقى هادئة، وبدا يخرج اجمل وارق ما لديه من تصاميم للفساتين، يعيش في حالة هيام تامة، تاخذه الى مكان اخر، بعيد عن الواقع الذي يعيش فيه، كله خيال في خيال، يمزجه مع نفسه ويعيش فيه لوحده...
دلف اليه زين، دون ان يطرق الباب، وجلس على المقعد، وزفر بضيق امامه.
ترك اديم ما بيده. سائلا اياه
- قائلا باستفهام. مالك يا ابنى؟
اجابه بضيق قائلا بوجع.
- زفت.

- ليه كفل الشر؟!
- ما تفكرنيش يا اديم.
- اتخنقت انت وتارا.
- الله يحرقها.
- نفسي اعرف ايه اللى وصلكم لكدة؟
لم يرد عليه وقام من على مقعده، ووقف امام اللوح الزجاجى الشفاف، يزفر في ضيق.
- قائلا بحزن. كل حاجة بتتغير يا صاحبي. لم ببص في مراتى بقول فين تارا؟ فين حبها ليا اللى كان بيبان في عينيها قبل كلامها؟ فين كلامها فين وعودها؟ فين دى كله؟
قام من على مقعده، ووقف بجواره. يربت على كتفه.

- قائلا بعتاب. انت بس لو تفهمنى في ايه يمكن اقدر احللك مشكلتك. انت حتى مش سامح لحد يتكلم معاك.
قال بحزن، وهو يستدير له.
- اتكلم في ايه؟ واقول ايه؟
- انت موجوع يا زين؟ فلازم تتكلم حتى علشان ترتاح.
- انا بموت يا صاحبى.
- لو تقولى مالك.
- ماينفعش ماينفعش. في حاجات صعب تتقال.
- لم تتكلم هترتاح.
- تارا كسرتنى. هانت رجولتى وكرامتى. خلتنى ولا اسوى حاجة. صفر على الشمال.
- عملت ايه لد...

قالت نسمة، وهي تقتحم عليهما الغرفة. تقطعهما عن مواصلة حديثهما.
- مستر اديم في عم...
صرخ فيها اديم
- قائلا بعصبية، وهو يلتفت لها. في ايه يا نسمة؟
قالت بحزن، وهي وتدلف من امامه باحراج.
- اسفة يا مستر.
قال زين بهدوء، وهو ينظر اليه بعتاب.
- ما تتعصبش نسمة مش غريبة.
نفخ في وجهه بضيق فهو ضايقها. وجعلها تحزن وهي غالية عليه
- خلاص يا عم روح اعتذرلها.
- لم اطمن عليك الاول.
- خلاص انا بقيت كويس.
- لا مهقدرش اسيبك كدة.

- في ايه هو انا مراتك. روح شوف البنت.
- هتكون كويس؟
- اكيد هكون كويس.
هزا راسه ايجابا، وذهب اليها، لم يجدها على مكتبها، فقلق عليها، سائلا احد الموظفين.
- قائلا باستفهام. هي نسمة راحت فين؟
- جيه ليها اتصال يا مستر اديم ان مامتها تعبت والجيران خدوها على المستشفى.
- مستشفى ايه؟
- مستشفى...
- طب شكرا. قالها سريعا. ودلف الى مكتبه ؛ لياخذ مفاتيح سيارته الخاصة به وهاتفه.
- في حاجة يا اديم؟

قال باستعجال، وهو ياخد المفاتيح والهاتف.
- مامت نسمة في المستشفى؟
- طب امتى ده؟
- مش وقتك خالص انا رايح اشوفها.
- طب ابقي طمنى.
- ماشى. قالها وانصرف من امامه.

(رحلت الشمس الى بيتها واحتل مكانها القمر).

بعد ان اشعلت ورود الشموع في الكنيسة حبا وتقربا للرب، ضامت يدها امام الرب بتوسل وحب، تتحدث معه عن سر سعادتها في تلك الحياة القاسية وقوة ايمانها النابع من حبها واشتياقها لشخص مجهول الهوية تماما. اشتقت اليه كثيرا، يا ترى ما هي ملامح وجهه، طوله سيكون كيف، ابيض ام اسود، طويل ولا رفيع، انا اريده ان يكون لديه كم كبير من الحنان. وطيبة القلب والدفء، وجماله يكون جمال عيون عسلى و طويل وعنيد، اين انت لقد اشتقت لك، حراما عليك، الم تشتاق لى، متى تجمعنا يا رب، واعيش معه اجمل وارق اساطير الحب، انا تحملت قسوة الدنيا وصعوبتها لاجلك، لقد احببتك من قبل ان اراك، ورسمتك في خيالى البسيط، متى تكون معى، واقص لك عن الدنيا وماذا فعلت فى، من وجعنى ومن كان في ظهرى...

قالت برقة، وهي تخرج تنهيدة اشتياق من صدرها.
- اتاخرت على اوى اوى، لو حد سمعنى هيقول على مجنونة، حبيبت واحد من خيالى ونسجته في احلامى، حتى اسمه، يا رب جمعنى بيه وقرب ما بينا، وكفاية فراق، محتاجة ايد تطبطب على، وحضن يضم احزانى، اين انت يا فارس احلامى، يا حبى الاول والاخير...
قالت صافى بصراخ، وهي تسحب الغطاء من على ابنها.
- ادم قوم.

انتفض على صوت امه، واعتدل في الفراش وهو يتافف. و كان عارى البطن ويبعث في شعره الكثيف.
- قائلا بضيق. يا دينى على النكد.
- قائلة بتحذير، وهي تجلس على الفراش قبالته. ولد احترم نفسك.
- اسف. في ايه يا صافى؟
- انت بتعمل ايه؟
انبهر من سؤالها.
- قائلا بسخرية. بلعب بلاي ستيشن تعالى العبي معايا.
- ما قصديش كدة يا حيوان.
- ماما ارغى قولى في ايه؟
- مش ناوي تعقل كدة و تكون كويس.
- اه رجعنا لموضوعنا المعتاد.

- هفضل وراك لحد ما تتعدل.
- يا ماما انا ما بقولش لحد تعالى.
- ما انت اللى بتفتح الباب ليهم.
- والله ما بفتح الباب لحد. اصل سحرى لا يقاوم.
ضربته على قدمه.
- قائلة بحدة. ولد احترم نفسك.
- بحاول بس بفشل برضو.
- ولحد امتى؟
- لم ربنا ياذن ان شاء الله.
امسكت يده بحنية.
- قائلة بتمنى. ادم انا عايزاك تحب وتتحب.
- ماما انتى خيالك وسع اوى. وهبت منك على روايات.
تجاهلت سخريته.

- قائلة بوصف جياش، وهي تتنهد باشتياق. الحب اجمل احساس في الكون.
- وايه تانى يا ست اليسا؟
- مصيرك تحب وتعرف.
- انا مستحيل احب.
- ليه يا حبيبي بتقول كدة؟
- لانى بحس بكدة.
- الاحساس ده جاي من ايه يا ادم؟
- اقولك يا ماما ومتزعليش.
- قول وماهزعلش.
- انتى اتجوزتى بابا من غير...
- ادم انا كنت بحب بابك.
- دى كلام بتقنعى بي نفسك.
- طب ليه اتجوزته مادام ما بحبهوش.

- ما اعرفش وده اللى هيجننى. واحدة صغيرة وجميلة زيك ايه اللى يخليها تتجوز من سن بابها وعنده ابن كمان من سنها.
- يمكن لقيت معاي الحب والحنان.
- ويمكن تكونى بتعقبي نفسك.
هبت فيه بانفعال.
- قائلة بغضب. اعاقبها ليه وعلشان ايه؟
- يمكن حب او وجع ما اعرفش.
- اسكت ما تتكلمش.
- مين اللى وجعك واتسبب في اذيتك؟
- لا انت شكلك اتجننت واتهبلت.
- انا ماتجننتش هي دى الحقيقة.
سحبت يدها من يده.

- قائلة بعصبية، وهي تقوم من على الفراش بغضب. اللى انت بتقوله ده تخاريف وهبل. بتدور على اى حاجة علشان تدارى فشلك.
- لو كلامى كدب. بتتعصبي وتصرخى ليه.
- لان كلامك مرفوض من كل الجوانب.
- يبقي ماتسالنيش ماحبتش ليه؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة