قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الثامن

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الثامن

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الثامن

بعد ان انتهوا من اقتراف ابشع الذنوب الزنا قامت من جواره على السرير، وهي تغطى نفسها بملائة السرير، وتبحث عن ملابسها، حتى وجدتها.
- قائلة بتذمر. مش عارفة انا داخلة اقنعك عملت فيا ايه؟
مستندا عفى يده.
- قائلا بوقاحة. وهو ينظر لها باستمتاع. ما انتى اقتنعتى.
قالت وهي ترتدى ملابسها.
- الشيطان يتعلم منك.
قال باستمتاع، وهو يعتدل في السرير.
- احسنتى الوصف يا كوكى.
- قولتلك هجيلك النهاردة بس انت دايما مستعجل.

- اعمل ايه في جمالك اللى بيزيد كل يوم عن الاول.
نظرت له بخبث.
- قائلة بضيق. جمالى ما انت كل يوم مع واحدة.
قال بوقاحة، وهو يعض على شفتيه السفلى.
- دى تفريح لحد ما تكونى في حضنى.
امتى تعقل؟
- مالقتش حد يعقلنى.
- مصيرك تقابل واحدة توقعك على جدور رقبتك.
- ما افتكرش يا كوكى. اصل مستحيل اقع.
- كلنا بنقول كدة وفي الاخر بنوقع.
- ليه هو انتى وقعتى؟
قالت بغيظ، بعد ان انتهت من ارتداء ملابسها.
- الكلب طليقي.

- ياااااا ما تنسي الحوار ده بقي.
اخرجت تنهيدة حزن من صدرها.
- قائلة بحزن. الموضوع صعب اوى يا ادم.
- دى واحد باعك بالرخيص.
ضربت على قلبها بقسوة.
- قائلة بالم. ده عمره بيختار مين باع ومين اشترى.
- ايه هو الحب؟
- هو السعادة والتعاسة.
قال بسخرية، وهو يضحك على ردها.
- شكرا على عمق الاجابة.
- الحب لى اكتر من تفسير. كل واحد جربه هيقولك اجابة مختلفة.
هزا راسه بتفهم.
- قائلا بقوة. وانا ماعيزش اجرب.

- ياريت الاختيار كان بمزاجك.
- اكيد بمزاجى.
- عمره ما كان بمزاج حد.
- اومال بمزاج مين؟
قالت بايجاب، وهي تشير على قلبها.
- بمزاج ده، ومافيش حد تانى لى سلطة على.
- انا كدة ملك زمانى.
- كلامك صح. بس لم تحب هتعيش احساس تانى.
زم فمه لامام.
- قائلا بتعمق. ما افتكرش.
اقتربت وثنت ركبيتها على سريره. قائلة بوداع، وهي تقبله على وجنتيه.
- طب سلام.
غمز لها.
- قائلا بسفالة. ماتبقيش تغيبي عننا.
- وقح.
- بعض من عندكم.

قالت وهي تغمز له، وتدلف من امامه.
- بس مش اكتر منك.
بعد ان ذهبت قام من السرير، ودلف الى المرحاض...

سلمت على بناتها بعد ان تناولوا افطارهما في هدوء وسكينة، وقبلتهما بهلفة واشتياق، فهى اختارت ان تتركهما مع حبيبها، وتعلم جيدا انه لن يقصر في حقهما، سيعطيهما كم من الرعاية والحب، دون التقصير او الاهمال، وتركتهم مع الدادة ترعاهما واوصاتها عليهما، بان لا تهملهما، وتجعلهم في بؤرة عينيها، مثلما فعلت مع ابائهم عندما كان طفل صغير، وافقت على كلامها باسي، وطلبت منها ان لا تترك زوجها وبناتها، هزات تارا راسها بالرفض التام، واخبرتها بانه ان اوان الفراق، كل واحد يترك، ويذهب الى مكان اخر، تمنت لها السلامة والحياة الهادئة، دلفت من الغرفة تجر ورائها حقيبة ملابسها، عندما رائها، نظر الى الحقيبة بحزن.

- قائلا بوجع. خلاص قررتى.
هزات راسها ايجابا. ثم تابعت بطلب.
- خلى بالك من البنات.
رمقها نظرة ضيق.
- قائلا بحدة. ما توصنيش على بناتى. خليكى في نفسك.
- انا مش قصدى.
- اختارتى البعد فخليكى بعيد عننا بقي.
- انت ماسبتليش حق الاختيار.
انفجر فيها بفارغ صبر.
- قائلا بعصبية. دى كله ما سبتلكيش.
- اختيار المصحة النفسية.
- انتى ليه مش مصدقة لحد دلوقتى انك مريضة.
- عارفة انى مريضة. ومحتاجة اروح هناك.
- اومال ايه بقي؟

صرخت فيه
- قائلة ببكاء. هموت هناك هموت. وانت عايز كدة
- ياريتك تفتحى قلبي وتعرفي عايز ايه؟
- انا عارفة من غير ما تقول.
قال بالم، وهو يهزا راسه.
- انتى مش عارفة حاجة خالص. امشي يا تارا وانسينا.
رمقته نظرة كلها عشق.
- قائلة باستنكار. في حد يقدر ينسي روحه.
- ما انتى اللى اخترتى.
- انتى ما سبتليش بديل او اختيار تانى.
تجاهل كلامها.
- قائلا بجدية. بناتك وقت ما تعوزى تشوفيهم. هجبهم لحد عندك.
سعدت من كلامه.

- قائلة بامتنان. شكرا يا زين.
- دى حق ربنا اللى انتى ناسية وجوده.
انصدمت من كلامه حاولت ان تتحدث. رفع يده في وجهها يمنعها من الكلام.

- قائلا بانكسار. في رعاية الله. قالها بوجع وانصرف من امامها. ودلف الى غرفته ليواجه احزانه التي تتبعثر امامه رويدا رويدا، الحياة تاخذ مسارا هادئا الان وانت تتركينى، اصبحت الحياة اكثر برودة من الشتاء، قلبى تجمد وحياتى توقفت، حالة قلبي من الداخل كحالة ما بعد الحرب، غارق بالدماء ومهزوم وحزين، صدقينى انه يزيد مع الوقت، غيابك اصعب عذاب على الارض، ما تبقي بعدك هي حياة ملونة بالخطايا، كل سطر من جملى مكتوب بالدموع، اننى اقاوم الامك مرة ثانية ايتها الحياة، الحب من حولنا يبدو كالكذبة، انا اعيش لاخرج من عنادك نقيا ولا تسال كيف، فانا مكسور في هذا الجحيم، وانت السبب لم اعانى منه توا، لماذا يا تارا دائما تختارى الرحيل على حساب حبنا، انت اليوم بعت جميع العهود والوعود، والقيت بها الى بئر الخيانة العتيق، دون ان تهتمى او تراعى شعورى الحزين، تبا لك وتبا على من يدق قلبه لك يوما...

بعد ان اجرت اتصال مع دار الايتام المتواجدة بالفيوم، واخبرتهم بان مستر اديم كارم النوار، المتبرع للدار كل سنة بانه سوف ياتي، ويحتفل مع البنات بزواجهم، فرحوا جدا بانه اخيرا سيلبي الدعوة، وفي نفس الوقت استغربوا ذلك، نعم انه كل سنة يتبرع للدار، ولكنه ولا مرة شرفهم بحضروه الجميل، كل سنة يصل اليهم شيك وقدره، كم انه انسان جميل، وطيب القلب يملك قدر من الحنان والعطاء...

دلفت نسمة الى مكتبه. عندما رائها وهو يجلس على مقعد مكتبه ؛ لمواصلة عمله. سالها باستفهام.
- قائلا بلهفة. هاااا يا نسمة عملتى ايه؟
- كلمتهم يا مستر اديم.
- وايه كان رد فعلهم؟
- رحبوا اوى يا مستر.
- انتى شايفة ان وجودنا هناك صح.
- اكيد يا مستر دى هغير قرارهم. وهيشفوك من منظور تانى.
- انا متضايق حاسس انى بعمل حاجة ضد مبادي.
هزات راسها باستفهام.
استرسل في الكلام.

- قائلا بتوضيح. انى اروح مكان عمرى ما روحته. علشان الصحافة تتكلم عنى كويس.
- حضرتك المكان ده كل سنة بتتبرع لى وماحدش يعرف عنه حاجة.
- كنت ماعيزاش حد يعرف ويفضل السر ده بينى وبين ربنا.
- مستر اديم اللى مضطر يركب الصعب.
- وانا لولا ادم ماكنتش هكون مضطير.
- نصيب. واهو بالمرة تشوف المكان اللى كل سنة بياكل وبيشرب من خيرك.
- ده مش من خيرى. دى خير رب العالمين.
- ونعم بالله.

كان حزين جدا من نفسه، انه يفعل ذلك، كان لا يريد ان يضيع ذلك الثواب العظيم ابدا.
اقتربت منه
- قائلة بهدوء. ماتعملش في نفسك كدة.
- هحاول.
- علشان خاطرى انا ما بحبش اشوفك متضايق.
مد شفتيه لامام.
- قائلا بجهل. مش عارف يا نسمة. انا شايف الموضوع صعب.
- ولا صعب ولا حاجة انت اللى مصعبه. وبعدين انت هتروح بلد عمرك مروحتهاش.
- بلد ايه يا نسمة دى القاهرة.
- لا يا مستر الدار في الفيوم.
اتسعت عينيه بصدمة.

- قائلا بذهول. ايه بتقولى ايه؟
- الفيوم.
- هو في بلد في مصر اسمها كدة.
- ايوا يا مستر وبلد شهيرة كمان.
- ودى بقي بيرحولها ازاى بالطايرة.
قالت بحماس وسعادة.
- لا طبعا بعربية عادى.
لاحظ سعادتها.
- قائلا بضيق. وانتى مالك مبسوطة كدة ليه.
- اصل نفسي اروح اشوفها اوى.
- انبسطى يا اختى اهو بكرة ونكون هناك.
- عن اذنك اروح احضر نفسي بقي.
- اتفضلى.
هزات راسها ايجابا، وانصرفت من امامه. ام هو تنهد بضيق.

- قائلا بدعاء. يارب تعدى. اقول عليك ايه يا ادم.

لم تذهب الى اهلها، لا تريد ان تقابلهما، او تعرف شيئا عنهما، فبدات تلف بالسيارة هنا وهناك، لحد ما انهكت من السيران بين الطرقات، قررت ان تذهب لحبيبة اباها، وصديقتها الوحيدة، صافى مرسي الهاشمى، رنت جرس الفيلا. فتحت لها الخادمة، عندما راتها رحبت بها بحفاوة شديدة، ولكنها انصدمت عندما رات حقيبة ملابسها، علمت من منظر وجهها المتعب والحزين، انها متشجارة مع زوجها، نظرت لها تارا. وهي تدلف للداخل.

- قائلة بطلب. لو سمحتى يا دادة طلعى شنطة هدومى. هزات راسها ايجابا، واخذت منها الحقيبة، وتوجهت بها الى غرفة الضيوف، ودخلت الى صافى بغرفة اللفينج روم، راتهاواضعة راسها بين يديها، تافف في ضيق وغضب، لقد اشتاقت جدا لها، فزين كان مانع عنها زيارة اهلها لا تراهم غير في المناسبات، سمعت خطوات اقدام تقترب منها، رفعت راسها رات امامها صديقتها وحبيبتها، قامت من على الاريكة واخذتها في حضنها.

- قائلة ببكاء. واحشتينى يا تارا.
قالت باشتياق، وهي تبادالها الحضن.
- انتى اكتر يا صافى.
- عاملة ايه يا روحى؟
- الحمد لله كويسة.
قالت بحنية، وهي تخرج من حضنها.
- يارب دايما.
ثم تابعت وهي تمسك يدها. ليجلسوا على الاريكة سويا.
- تعالى اقعدى دى انتى واحشتينى جدا.
هزات راسها ايجابا. وجلسوا سويا على الاريكة بجوار بعضهما البعض.
- دنيتك عاملة ايه يا صافى؟
اخرجت تنهيدة ضيق من قلبها.
- قائلة بحزن. تعبت يا تارا.
- مالك؟

- ادم ابن عمك ده هيموتنى ناقصة عمر.
- كفل الله الشر عليكى يارب.
- ماشفتيش الفضيحة اللى عملها امبارح.
- لا ما شفتش ما انتى عارفة يا صافى انا مابتبعاش اخبار.
- دى مش اخبار دى فضايح ادم كارم النوار.
ضحكت على كلامها.
- قائلة بتعجب. ادم ده كارثة.
- خلاص جبت اخرى معاى.
- طب ممكن تهدى.
- فين الهدوء وهو كل يوم فضيحة.
- ماعدش ينفع اى حاجة معاى خاصة ان هو كبر.
- ياريته كان فضل صغير.
- مافيش حاجة بنقدر نغيرها.

- فين بناتك؟
- مع بابهم.
- بس مش غريبة تيجى لوحدك.
- ما خلاص قررت اسيب زين.
اتسعت عينيها بصدمة.
- قائلة بعدم تصديق. ايه بتقولى ايه؟
- انا خلاص قربتت اتجنن. تخيلى بيقولى انتى محتاجة مصحة نفسية.
- ايه بيقول ايه؟!
- مصحة نفسية. عايز يودينى مصحة نفسية.
- دى زين شكله اتجنن.
- لا انا اللى اتجننت.
- اتجننتى ازاى. دى انت ست العاقلين.
- بعده عنى ومشاكلنا وصلتنى لحافة الانهيار.
- ماحدش قالك تبعدى او تخبى.

- الظروف بتجبرك.
- جبرتك على ايه؟ قول واعترفى لى على النار اللى جواكى.
- على الاساس انتى اللى قولتى واعترفتى.
- انا اختلف. دى واحد متجوز وعنده اسرة.
- وبنته اسمها تارا مثلا.
انتفضت من على الاريكة. كأن عقرب لدغها.
- قائلة بتلعثم. تا ر ا انت ى بتقولى.
قالت بايجاب، وهي تنظر لها.
- بقولك على الحقيقة اللى بتحاولى تخبيها.
- اخبى ايه كريم زى...
- ماتقوليش زى اخوك. هتكون وسعت منك اوى يا صافى.

- لا انتى اللى خيالك وسع.
- مع الاسف دى الحقيقة.
- تارا انا ما...
- كدابة من قبل ما تتكلمى. ماتحاوليش افعالك بتفضحك. لم بتكونى قدامه. وهو كمان عامل زى المراهق بيدور عليكى في كل حتة بيروحها.
قالت بخوف، وهي تجلس مرة اخرى بجوارها.
- تارا اللى انتى بتقولى دى غلط وكلام كبير اوى.
- الحب عمره ماكان غلط يا صافي.
- بالنسبالى انا غلط. لو سمحتى يا تارا ماتتكلميش في الموضوع ده تانى.
- اكيد.

- اه اكيد، وبعدين انتى فاهمة الموضوع غلط.
- طب فهمينى انتى الصح.
- تارا لو سم...
قطعهم دخول ادم. الذي اقتحم عليهما الحديث.
- قائلا بابتسامة. وانا اقول البيت منور كدة ليه.
استدارات له بابتسامة، وقامت فورا من مكانها وذهبت الى حضنه سريعا.
- قائلة باشتياق. ازيك يا دومى واحشتنى.
- قال باشتياق. وهو يبادلها الحضن. عاملة ايه يا بنت العم؟ والله ليكى وحشة.
- انا كويسة بس مش زيك ابدا.

قالت صافى بسخرية شديدة على افعال ادم ابنها.
- مستحيل تكونى زيه.
- خلاص بقي يا صافى ماتفكى التكشيرة.
قالت بصدق، وهي تخرج من حضنه.
- الصراحة ليها حق.
- هو انتى كمان هتكونى معاها.
تجاهلت صافى حديث ادم.
- قائلة لتارا. فكك من الحيوان ده. اكلتى يا روحى.
قالت بارهاق، وهي تلتفت لها.
- لا سيبك من موضوع الاكل انا طلعة اريح.
- طب يا حبيبتى كلى الاول، وبعد كدة ريحى.
- لا مش جاى ليا نفس نهائى.
تدخل ادم.

- قائلا بحنية. طب ما تيجى ممكن نفسك تفتحى معايا.
اردفت صافي بسخرية.
- قائلة بضيق. ويمكن تتسد.
- في ايه يا مامى هو انا ابن الغسالة.
قالت تارا، وهي تداعب وجنتيه بحب.
- لا ماتزعلش انت ابن صافي
- سيبيكى منه.
- طب تمام انا طالعة انام.
قالت بطلب، وهي تقوم من على الاريكة وتذهب لها.
- خدينى معاكى.
قالت تارا باستغراب، وهي تعاتبها على طريقتها بانها تريد ان تنام معها.
- في ايه يا صافي هو انا صغير ة.

كانت تريد ان تنام معها، حتى لا تؤذى نفسها.
- قائلة بكذب. لا بس عايزة انام جنبك. في اعتراض.
هزات راسها بالموافقة
- قائلة بابتسامة. طب يلا، وذهبوا سويا وتركوا ادم يعقد حاجبيه باستغراب من تصرفات امه و تارا.

بعد ان انتهت من تبديل ملابسها توجهت الى الفراش ونامت بجوار صافى التي فردت ذراعيها لها ؛ لتنام عليه. فهى تشعر بالامان والسلام بين ذراعيها.
تحدثت مع تارا بفضول.
- قائلة باستفسار. هاااا وبعدين؟
ضحكت تارا على اسلوبها.
- قائلة بابتسامة. مابتغلبيش يا صافى.
هزات راسها بالنفى.
- قائلة بايجاب. اكيد طبعا قولى بقي.
- مافيش غير انى سبت زين.
- وهتقدرى؟
عندما طرح عليها السؤال الموجع، قالت بوجع، وهي تنظر الى السقف.

- الموضوع صعب انا عارفة، ويمكن يكون في موتى. بس لازم ابعد كفاية اللى عملته فيه.
- نفسي اعرف انتى عملتى في ايه؟ كل اللى فهمته وقتها وانتى في المستشفى انك جرحتى اوى.
- مع الاسف يا صافى مش كل حاجة نقدر نتكلم فيها.
- تارا انتى بتتخلى عن زين بطريقة بشعة.
- ماعنديش حل تانى. لا اطلق او اروح المصحة.
قالت صافي بحزن، وهي تنام على ظهرها.
- الحلين ازفت من بعض.
- فانا اختارت افضل الحلول واهونها.
- مش عارفة اقولك ايه؟

- هتعدى زى السنتين ما عدوا.
اخرجت صافى من صدرها تنهيدة عميق، وجعا وقهرا على حالها، فحال تارا لا يختلف بتاتا عنها، لكن ما باليد حيلة فهذه قرارات القدر، التي حتما سنرتضى بها شئنا او ابيا...

فى صباح مشرق وجديد ويوم جميل، يتناولون وجبة الافطار ويتجاذبون بعض اطراف الحديث، تحدث اديم الذي يتراس الطاولة كالعادة.
- قائلا بسعادة. رجعتينا للزمن الجميل يا تارا بوجودك معانا.
سعدت من كلامه.
- قائلة بحب. حبيبي. فاكر لما كنا بنلعب في الجنينه.
- اه طبعا فاكر هي دى ايام تتنسي.
- فعلا ايام عمرها ما تتنسي.
وجه حديثه الى نسمة، التي تجلس على يساره وتتابع الحديث باستمتاع.

- قائلا بدفء. ولا يا نسمة لم وقعتها غصب عنى واحنا بنلعب. زين اول مرة اشوفه بيتخانق بالطريقة دى، ومعايا انا. عمره ما عملها.
- اكيد طبعا علشان تارا هيقتل اى حد يقربلها.
- كلامك صح حتى ما استغربتش لم كبرنا طلبها للجواز.
قالت تارا بحزن ممزوج باشتياق.
- زين كان بيتجنن اول ما حد يقربلى.
- كلامك صح اليوم. ده كان هيقتلنى وهنخسر علاقتنا بسببك.
عضت على شفتيها ؛ لتمنع دموعها المحبوسة في عينيها.
لاحظت صافى ذلك.

- قائلة بهدوء. خف عليها شوية يا اديم.
- هخف بس انا ضد فكرة طلاقها.
هبت فيه تارا بانفعال.
- قائلة بحدة. اديم لو سمحت.
- ما تتنرفزيش اوى كدة. وبعدين انا بقول رايي.
تدخل ادم اخيرا الذي يجلس بجوار نسمة.
- قائلا باعتراض. وانا كمان ضد الفكرة نهائى.
رمقته صافي نظرة ضيق.
- قائلة باحتقار. اسكت يا حيوان. هو في حد كان طلب اذنك.
- مامى مش كل شوية تهينى كرامتى.

- هو انت عندك كرامة وبعدين ما فيش حد غريب. تارا وبنت عمك. ونسمة مش غريبة عليك ولا على التهزيق اللى بتاخده كل يوم.
- اه بس برده يا جدعان.
رمقه اديم نظرة حدة.
- قائلا بتحذير. حسن الفاظك شويه.
- انت شايف بتعاملني ازاي ما كانتش غلطة وماهتتكررش.
قالت صافى بسخرية.
- انت يا حبيبي لو ما عملتش كل يوم فضيحه. العالم ممكن يدمر، وما تبقاش ادم ابني.
- اديك قلتى العالم يدمر. يرضيك ادمر العالم حتى يبقى حرام.

- ادم اسكت خالص هي مش طالبك النهارده على الصبح. قالها اديم بضيق من ادم غير معتاد منه.
استغربت صافى طريقته.
- قائلة بقلق. مالك يا اديم في حاجه مضايقك.
- لا ابدا بس رايح مشوار ما كنتش حابب اروحه. ودى كله بسبب عمايل ابنك.
- سيبك منه دى مش ابنى انا اصلا قطعت علاقتى بي.
- في ثانية كدة تبعينى.
تجاهلت كلامه المستفز.
- قائلة باستفهام. مشوار ايه اللى مضايقك اوى كدة على الصبح.
- فكك يا صافى.

- افكنى ازاى وانت متضايق.
قال برجاء، وهو يقوم من على مقعده بضيق.
- لم ارجع منه هبقي اقولك.
- اكيد؟
قال بصدق، وهو ينصرف من امامهم.
- من امتى كنت خبيت عليكى حاجة.
قامت نسمة من على مقعدها ايضا، وودعت الجميع، ورحلت معه...
نظرت لهم تارا
- قائلة باستفهام. هو لسي مافيش حاجة بينهم؟
- لا مافيش نهائى.
- ليه دى نسمة جميلة وهتموت على اديم من زمان.
- هو اصلا مش شايفها.
قال ادم بسخرية من ملابسها وشكلها.

- يشوفها ازاى بلبسها اللى يشبه الغفر ده.
جزت صافى على اسنانها.
- قائلة بعصبية. انت ايه اللى دخلك في الكلام يا حيوان.
- مش اديم اخويا ومن حقى اقول راى.
- حق في ايه؟ اخرس خالص.
- كفاية يا صافى انت هينتى كرامته اوى.
- اسكتى يا تارا ابن عمك ده مصيبة.
- مش عارف بتعاملينى كدة ليه؟ تكونى لاقيانى عند معبد يهودى.
- ياريت بس مع الاسف انت ابنى.
- مادام متضايقة اوى منى كدة نفركشها.
- هي علاقة بتنيهيها يا متخلف.

قال بغضب، وهو يقوم من على مقعده بضيق.
- انتى اللى بتنهى العلاقة.
- رايح فين؟
- خارج يا مامى.
- قائلة بامر. اقعد.
- لا.
- كمل اكلك انت مااكلتش.
- انتى زعلانة منى.
- هحاول اتقبل وجودك على السفرة.
- هتحاولى. يا على كرم اخلاقك. وانا ماهجبركيش انا همشي من قدامك.
- انت اصلا مافيش خروج خالص لحد الكلية.
اتسعت عينيه بصدمة.
- قائلا بعصبية. يا نهار اسود هتخلينى الفترة دى كلها في البيت.
هزات راسها ايجابا.

- قائلة بعصبية. اومال عايزنى اخرجك برا علشان تعمل ليا فضيحة تانى.
- ماما انا كبير مش عيل صغير قدامك.
- ياريتك صغير وبتغلط.
- يا مامى كدة ما ينفعش.
تحدثت صافى بحدة.
- قائلة بقرار نهائى. ما تحاولش يا ادم. مافيش خروج.
تافف بضيق، ثم ذهب الى غرفته وهو متعصب على اخره...

تسارعت الاحداث، كان وصل اديم ومعه نسمة الى الدار بسيارته الفاخرة. فتح له السائق السيارة، نزل منها بشموخ وثقة وهيبة شديدة، كان يرتدى نظارة شمس كبيرة ؛ لتزيد من وقاره وثقته بنفسه، انبهر بجمال المكان وهدوئه، والدار كانت تتميز بالترتيب والنظام، عندما راته الام وبعض الراهباات معها، اقتربوا منه وسلموا عليه بحفاوة وسعادة، بناات الدار اصطفوا في مكانهم مبهورين بجمال اديم كارم النوار، فهم لا يرون مثل تلك الوسامة ابدا في الدار، غير في الافلام والمسلسلات التي يشاهدونها...

نسرين عندما شاهدت ذلك الوضع، وفهمت ما يحدث، ركضت على الكنيسة، لتخبر البنات بانه يوحد شاب وسيم جدا جدا جدا، اتى الى الدار، وهذا هو الملاك البرىء مثلما تطلق عليه ورود، دخلت الكنيسة وهي تنهج، سالتها صديقتها المقربة بقلق.
- قائلة باستغراب. مالك يا نسرين؟
قالت بطلب.
- اسكتى وانتى تعرفى. ثم تابعت بصوت عالى. يا بنات يا بنات يا بنات...

تجمعوا على صوتها المزعج، ماعدا ورود التي كانت تصلي وغير فارغة لها، تحدثت شذى التي كانت ترتدى فستان متواضع.
- قائلة بسخرية. مالك يا نسرين بتنادى زى الطور الهايج كدة ليه؟
- ما هردش عليكى دلوقتى ؛ لان في خبر جميل جايبه ليكوا.
- هو انتى بيجى من وراكى اخبار حلوه يا نسرين.
جزت على اسنانها
- قائلة بنفاذ صبر. شذى هتسكتي ولا اوريكى الوش التانى.
اخبرتها بتحدى.
- قائلة بقوة. لا ورينى الوش التانى.
قالت فرح صديقتهما.

- يوه يا شذى اسكتى خلينا نعرف في ايه؟
- عجبكوا اللى هي بتعمله؟
- ماعجبناش قولى بقى؟
- لا افضلوا اتحايلوا عليها. اصلها بتحب كدة.
- يا شذى هحرق دمك وهقولهم الموضوع وماهولقيش.
- حوشي هتقولى اللى ماحدش قاله.
- هقول مثلا ان الراجل اللى جاى النهاردة. هو ده اللى كل سنة بيتبرع للدار.
اتسعت عينيها بدهشة.
- قائلة بعدم تصديق. ايه بتقولى ايه؟
- زى ما بقولك.

سعدوا الفتيات كثيرا وتحمسوا بشدة، يريدوا ان يعرفوا ذلك الشخص الجميل، الذي يعطى لهم دون مقابل، حقا انه ملاك برىء. لم تدم الفرحة كثيرا.
عندما تحدثت شذى باستغراب.
- قائلة بتعجب. بس مش غريبه ده الام كل سنه بتدعي لمناسباتنا العظيمة والحلوه ومابيجيش.
زمت نسرين شفتيها لامام بعدم فهم.
- قائلة بجهل. مش عارفه؟ بس اللى سمعته و فهمته ان هو جاي ومعاى عدد كبير من الصحافة.
رفعت حاجبيها باستغراب.

- قائلة باستنكار. الصحافه؟! اول سنه تكون موجوده معانا و تحضر انجازاتنا العظيمة.
- يبقى هو مش جاي لغرض انساني.
- هو جاي عشان الصحافه تكتب عنه كلمتين حلوين.
- تصدقي كلامك صح.
اردفت شذى بثقة.
- وانا من امتى كان كلامي غلط.
بعد ان انتهت ورود من صلاتها، اقتربت من حشد الفتيات وسالتهم باستفهام.
- قائلة برقة. في ايه يا نسرين؟
اجابتها بسخرية.
- قائلة باستهزاء. عارفة الملاك البرىء المتبرع للدار كل سنة.
- ماله؟

تدخلت شذى.
- قائلة بايجاب. موجود النهاردة هنا في الدار.
قالت ورود بعدم تصديق ممزوج بالحماس.
- ايه بتقولى ايه. الكلام ده بجد.
تجاهلت نسرين سعادتها.
- قائلة بضيق. سيبك من ورود، وخليكى معايا يعنى هو مش جاى لغرض انسانى.
- لا طبعا. الا الصحافة ماكنتش هتكون هنا.
قالت ورود باستفهام.
- في ايه يا جماعة فهمونى؟
- قالت شذى بسخرية. عارفة الملاك البرىء زى ما بتقولى عليه.
- ماله؟
- جاى ومعاه الصحافة كلها.

هزات راسها بعدم فهم.
جزت نسرين على اسنانها بغيظ.
- قائلة بضيق. يعنى جاى يعمل شو اعلانى ويمشي ودى كله على حسابنا.
انصدمت ورود فيما سمعته.
- قائلة بعدم تصديق. بس دى حرام ومايرضيش الرب.
- شذى بتوضيح. الناس ماتعرفش حرام وحلال. الناس دى ليها مناظر وبس.
نسرين بغل.
- قائلة بعصبية. لازم نتصرف ونرد اعتبارنا.
اتت فتاة قطعتهم عن مواصلة حديثهم. عندما تحدثت مع ورود.
- قائلة بادب. ورود الام عايزاكى.
هزات راسها بتساؤل.

- قائلة برقة. عايزانى في ايه؟
- ما اعرفش هي قالت ليا نادى ورود.
هزات راسها بالموافقة. واستاذنت من اصدقائها. وسارت مع صديقتها، وهي تغلى من ذلك الشخص، وصلت به الوقاحة ان ياتى الى هنا ومعه الصحافة ؛ ليتباهى بامواله، على فتيات صغيرات مثلنا تعانى من الفقر، والالم، حتما سيعاقب على افعاله عاجلا وليس اجلا، نعم اننى رقيقة وهشة، ولكنى لا اترك حق اصدقائى، لذلك الشخص المتباهى بامواله...

كان هو يتحدث مع الام ورفاقتها، اللاتى لم ينزلوا بابصارهم عنه، نظر في مكان ما به الكثير من الاشجار، راى فتاة تخرج من هناك، وكانت تقترب منهم وعلى وجهها ابتسامة رقيقة، كجمالها الرقيق الشفاف، ترتدى فستانا بسيطا باللون الزيتى، وتعقد شعرها الطويل الكثيف، كذيل حصان للخلف، ويتهافت مع الهواء، بكل حميمية، عندما وصلت لهم، وجدت شاب فارع في الطول، ولديه كم من الوسامة غير طبيعى، ومعه فتاة لا تنزل عينيها من عليه، ويبدو عليها الوقار والاحترام، تحدثت برقة.

- قائلة. نعم يا امى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة