قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل التاسع

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل التاسع

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل التاسع

قالت انجلينا جابرى الام.
- تعالى هنا يا ورود.
اقتربت منها
- قائلة برقة. نعم يا امى.
- عندى مفاجاة ليكى حلوة اوى.
- ايه هى؟
وضعت ملاك يدها على كتف ورود.
- قائلة باستفهام. عارفة الملاك البرىء.
هزات راسها ايجابا. ورمقت اديم نظرة مملوة بالضيق. هزا هو راسه بتساؤل. قالت الام بسعادة.
- احب اعرفك على اديم كارم النوار. الملاك البرىء.
تحدث اديم بذهول.
- قائلا باستفهام. ومن الملاك البريء ده بقى؟

- اجابت مريم بابتسامة، وهي تنظر له. دى الاسم اللى اطلقته عليك ورود. لم كنت بتبرع للدار كل سنة.
سعد من كلام مريم كثيرا، ورمق تلك الفتاة نظرة اعجاب. - قائلا بغزل. ايه الاسم الجميل اللي جاي من الجنه ده.
- فعلا من الجنة. لان ورود دى ملاك الدار. طيبه و اخلاق واحترام اكتر احد مطيع هنا.
قال باعجاب وعينيه لم تزيح عنها.
- باين عليها جد.
- قالت ورود بضيق. شكرا لحضرتك.
ملاك باستغراب من عدم اهتمامها.

- قائلة باستفهام. اى يا ورود ماهتسلميش على الاستاذ اديم.
مد يده لها.
- قائلا بتواضع. اديم كارم النوار.
رمقت يده نظرة ضيق. ولم تمد يدها له. غير انها ضمت يدها امام صدرها بترحيب.
- قائلة بادب. نورت حضرتك الدار.
خجل جدا من تصرفها. وسحب يده على الفور.
- قائلا بضيق، وهو يضع يده في جيب بنطاله ؛ محاولا ان يدارى خجله من تصرفها. دى بنورك يا انسة.
هزات راسها بادب. ثم وجهت حديثها الى الام انجلينا جابرى.

- قائلة برقى. عن اذنك يا امى.
- اى يا ورود انتى كان نفسك تشوفى الاستاذ اديم من زمان.
قال اديم بضيق، وهو يرمقها نظرة استغراب من تصرفها.
- تلاقيها مش حابة وجودى.
تدخلت نسمة بغيرة.
- قائلة بتكبر ممزوج بالضيق، وهي ترمق ورود نظرة غضب. وليه ما تحبش وجودك يا مستر. انت اى حد يتمنى يقف معاك ويكلمك.

كادت ان ترد انجلينا جابرى. ؛ لكن رات بناتها بفساتين الزفاف، وكل واحدة منهما بيدها عريسها، ينزلوا من على درجات السلم، في منظر تقشعر له الابدان، سعدت كثيرا عندما راتهم، وخاصة بان ذرعتها كبرت ونمت امامها، واليوم تسليم محصولها الى اناس يستحقونه، نظرت الى اديم.
- قائله برقى. اتفضل حضرتك الكنيسه اصبحت جاهزة. هزا راسه ايجابا. وصار معهم. ونسمة ورائه وترمق ورود نظرة ضيق.

عندما دلفوا الى الكنيسة. وقف اديم في مقدمة الطقوس وجلس على المقعد الامامى. وبجواره الام ورفيقاتها. ملاك ومريم وعلى يساره نسمة.
تحدث الأب يوسف بولس.

- قائلا بشرح. سر الزواج، من أهم الأسرار المهمة في بناء المجتمع المسيحي، ويُعرّف في كل الطوائف المسيحية بأنه: شركة الروح القدس ما بين الرجل والمرأة، كما يقول المسيح عيسى عليه السلام في الإنجيل: (إنجيل مرقس 10: 8) وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِد ٌ. لذلك يترك الرجل اباه وامه، ويلتصق بامراته ويكونان جسدا واحدا. وكانا كلاهما عريانين ادم وامراته وهما لا يخجلان.

بعد ان ينتهى تدخل اول عروسا وبيدها عريسها. من باب الكنيسة يتقدمهم الكاهن ومجموعة من الكهنة الصغار، وتلفت جميع الانظار عليهم داعيا لهم باليمن والصلاح، وتكون طرحة العروس الخلفية ملامسة للأرض، وتأتي هذه الطرحة من اليونانيين القدماء، حيث كانت لديهم الآلهة ذيوس. وهي إلهة الخصب ولها طرحةٌ تلامس الأرض، فملامسة طرحة العروس لأرض الكنيسة هي كناية عن إخصاب الكنيسة وإنمائها بالأبناء الجدد.

- ويتابع الأب يوسف بولس شرح مراسم الزفاف مبينًا، أن العريس يقف على يمين الكاهن، فيما تقف العروس على شماله. ويقف على يمين العريس إشبين، وهو الشاهد على مراسم العرس، وعادة ما يكون أقرب الناس للعريس كأخيه مثلا ً. كما تقف على يمين العروس إشبينة أيضا، فالشهود دليلٌ على أن الزواج حدثٌ اجتماعيٌ وليس حدثًا فرديًا .

بعد وضع الخواتم في الأيدي، تبدأ صلاة الإكليل، والإكليل يرمز إلى التاج والتوقير والاحترام، ففي العصور الأولى بعد عودة الجنود متنصرين من الحروب، كانوا يكللونهم. والإكليل في الزواج كنايةً على انتصار الزوجين في الحرب مع نفسيهما، والنجاة من الزنا، وأمام الملأ، يتلو الكاهن صلاة البركة.

- قائلا ً: باركهما يا رب كما باركت إبراهيم وسارة، باركهما يا رب كما باركت موسى وصفورة، بارك يا رب الوالدين الذين اعتنوا بتربيتهما، بسلامٍ إلى الرب نطلب أن يحفظ العروسين بالاتفاق نفسًا وجسدًا، والإيمان الوطيد وحسن التوليد.
بعد ان تنتهى هذه الصلاة، تشبك العروس يديها ببيدي العريس، ويبدأ التكليل.

- فيقول الكاهن: يكلل عبد الله فلان على أمة الله فلانة باسم الأب والابن والروح القدس. ثم توضع على رأسيهما أكاليل الزهور، فيتابع الكاهن جورج مايكل.

- قائلا بدعاء: أيها الرب إلهنا بالمجد والكرامة كللهما وعلى أعمال يديك سلطهما . يقرأ بعدها فصلاً من رسالة بولس الرسول: أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب الله الكنيسة وبذل نفسه لأجلها، لأنه ما من أحد يبغض جسده قط بل يربيه وينميه كما يعامل الرب الكنيسة ، كما توجه الرسالة للمرأة: أيتها النساء اخضعن لأزواجكن كما للرب لأن الرجل هو رأس المرأة.
وعن واجب طاعة المرأة لزوجها في الديانة المسيحية ،.

- يقول الأب يوسف بولس. إن الرجل يجب أن تكون له كلمة في بيته، نتيجة طبيعته العقلانية والغضبية، وليس انتقاصًا من المرأة، ففي نفس الوقت يجب أن تسمع كلام زوجها في كل شىء. فطاعة الزوج من طاعة الرب.

وبعد ان تنتهى تلك المراسم نهائيا وياخذ كل عروسا مكانه، تعتلى ورود المنصة بثقة، وتنحى تحية لاب يوسف والكاهن جورج مايكل وسط ابتسامتها وسعادتهم بطفلة الدار المحبوبة. تقف امام الميكرفون لتشدو بصوتها العذب وورائها بعض من اصدقائها.
غنت قائلة
- مش مصدقة انى خلاص هبقي ليك.
مش مصدقة ان حياتى هتبقي ليك
مش مصدقة ان تملى هشوف عينيك.
وبقي لينا بيت يضمنا واحافظ عليك.

انبهر بصوتها. وعينيه لم تنزل من على ذلك الملاك. الذي يشدو بثقة وثبات انفعالى غير طبيعى. برغم انه تضايق من تصرفها العنيف معه. ولكن هذا لا ينكر جمالها الطاغى وحضورها المتالق، يستغربها بشدة ما سبب نفورها منه، لكنه سعد كثيرا عندما علم انها تطلق عليه الملاك البرىء.

هذه الفتاة لديها شيئا غريب، يكفى اسمها الملائكى ووجها الجميل، ترك اعجابه يسرقه الى تلك الفتاة مجهولة الهوية. تجلس بجواره نسمة التي تشتعل من الداخل، قلبها نار موقدة اذا وضعت عليه شىء توا سيحترق في اقل من ثوانى، هو لا يراها فنظراته جميعها مسلطة على تلك الصغيرة التي لا تزيد عن سن العشرون، اول مرة ترى اديم على ذلك الوضع، فدائما كانت تقول بانه مستحيل ان يعجب بفتاة، او تجذبه فتاة ما ولكنها تاكدت بانه مثل جميل البشر يعجب، ورود لم تكن معهم على الارض، فقلبها معلق من السماء السابع، وهي تقترب من الرب تقترب من الهدف الذي تريده. تغنى هي واصدقائها سويا.

- مهو ربنا الاساس
وصلاتنا هي المقياس
وبشموعنا في القداس
بقي روحه في وسطنا
حب وحنان واخلاص
بامانة بدون انصاص
من الانجيل باقتباس
سكت اصدقائها ووصالت بصوتها العذب
- قائلة برقة. فرحة وكملت. ويا الدبلة وورق محاضر
فرحت وكملت. ويا العيلة والشمل حاضر
فرحة وكملت. قدام هيكل الله القادر
فستان وطرحة
ويوم في العمر ده كله نادر
قلب كبير، وبرفرف حوالينا طير
قلب كبير، وبيعزف اغانى كتير.

قلب كبير، واتجمع عند القدير. وبقينا واحد برغم ان احنا اتنين.
- مهو ربنا الاساس
وصلاتنا هي المقياس
وبشموعنا في القداس
بقي روحه في وسطنا
حب وحنان واخلاص
بامانة بدون انصاص
من الانجيل باقتباس.
بعد ان انتهت. غمر المكان التصفيق الحار. وخاصة ذلك المعجب الولهان. ونسمة صفقت بحزن شديد، وهي تنظر اليه وهو يصفق بسعادة غير طبيعية. كأنه حقق اكبر انجازات في عمله. انحنت ورود هي وزملائها تحية لكل من صفق لهم.

(فيلا كارم النوار اديم وادم).

اتصل به و اخبره بكل شيء، في الهاتف عندما قال له، متى ساتى بالمازون، انصدم مما سمعه، فهو لا يعرف انه توجد مشاكل بين ابنته تارا وزوجها زين فدائما وحيدته تخبره بان الامور بينهما على ما يرام، ولا توجد اية رياح موسمية او امطار شتوية في علاقتهما، انصدم بشدة مما سمعه، وترك الهاتف من يده، بسهولة توقع ان تكون في بيت عمها، ذهب سريعا اليها ؛ ليلقي حبيبته درسا، ثم ابنته التي لا تسمع له كلمة...

فتحت له الخادمة باب القصر.
- قائلة بترحاب. نورت يا مستر كريم.
تجاهل ترحابها.
- قائلا بعصبية. فين تاراااااااااااااااااااااااااااااااااااااا؟
اجابته على الفور.
- قائلة بخوف. فوق نايمة.
نادى باعلى صوت عليها.
- قائلة بغضب. تارا تاراااااااااااااااااااااااااااااااااااااا...
ادرفت صافي، وهي تخرج من غرفة الرياضة بملابسها الرياضية الجذابة وجسدها الممشوق.
- قائلة بمنتهى البرود، وهي تقف امامه. في ايه يا كريم؟

- يعني مش عارفه في ايه؟!
قالت بعند فيه، وهي تلعب بشعرها ؛ لتزيد من عصبيته
- لا ما اعرفش في ايه.
قال بعصبية، وهو يعد على اصابع يده.
- يعني بنتي سابت بيتها، و جت نامت عندك، و طالبه الطلاق وده كله ما تعرفيش في ايه.
انصدمت من معرفته بكل شىء.
- قائلة باستفهام. وانت ايه اللي عرفك؟
- يا برودك يا اختي. اكيد جوزها كلمني وبيقول ليا هتجيب الماذون امتى؟ انا بنتى بتطلق وانا ما اعرفش.
صفقت بيدها.

- قائلة بسخرية. مبروك اديك عرفت عملت حاجه؟
قال بتحذير، وهو يرفع يده في وجهها.
- صافي ما تنرفزنيش اكتر ما انا متنرفز.
- انا بعيدة عنك انت اللي جاي معلى صوتك زي التور الهايج.
- انا طور هايج.
- يمكن ظلمت الطور.
قال بحب. وهو يضحك على الطفولية التي تتميز بها.
- مجنونة.
- كريم اذا كنت جاى تشتم فيا هنا. انا مااسمحلكش.
- بحبك.
تسارعت دقات قلبها بصدمة.
- قائلة بخوف. انت بتقول ايه؟ نهارك اسود افرض حد سمعنا.

قال بعدم اهتمام. وهو يمط شفتيه بلا مبالاة.
- مايسمعونا، بحبك.
تجاهلت اعترافه الذي اربكها بشدة.
- قائلة بثبات مصطنع. بصراحه انا ضد الفكره بس برده اسمع من بنتك، يمكن يكون لها راي تانى.
- ليه بتهربي؟
- اهرب من ايه؟ انت اتجننت.
- بحبك.
- بنتك بتطلق.
- ما هي بنت كلب.
- طالعة لابوها.
- طب ليه الغلط؟
- اصلك سايب الموضوع الرئيسى وبتفكر في ايه؟
- عامه ده مش موضوعنا دلوقتى.
- انا بقول برده كده.
- بس انا بحبك.

قالت بغضب وهي تجز على اسنانها منه.
- كريم خليك في بنتك.
- هحاول برغم ان هو صعب اوى.
- انت ليه بتنسي انى مرات اخوك.
هب فيها بانفعال.
- قائلا باستفزاز لها. قصدك انك ارملته.
ثم تابع بضيق.
- قائلا بعصبية. وسبينا من الموضوع الخرا ده.
- ما انت اللى مدخلنا فيا.
- انتى كل لم عايزة تتضايقنى تفضلى تقولى ليا. مرات اخوك مرات اخوك اخوك اخوك.
- ما هي دى الحقيقة؟
- مافيش حقيقة واحدة غير ان اخويا مات وانا بحبك.

- مهما الزمن يمر...
- هفضل احبك.
- قالت باستفهام، وهي تهرب من عشقها الواضح له. هتعمل ايه مع تارا؟
ضحك على هروبها السريع من مشاعرها، ولكنه لم يعلق فهذه عادتها ولن تشتريها. ولكنه سيجاريها في الحديث.
- قائلا باستفهام. ازاي ماتكلمنيش؟! وتقوليلى ان تارا عندك.
- هقولك ايه انا مالى، وبعدين هي ماجتش لحد غريب.
قال عندا فيها، على كلماتها المستفزة في حقه.
- اه جت لحبيبة ابوها مثلا.
- هنرجع لموضوعنا تانى.

- صعب تكونى قدامى ومانتكلمش عن حبنا.
- كريم ادم وتارا فوق. اسكت وبطل فضايح.
- عارفة واحشتينى قد ايه.
- انت جد.
قال بهمس.
- انا وحشتك صح.
- بنتك بيتها بيتخرب.
قال بغضب، وهو يفوق من حالة حبه لها.
- ما هي هبلة ذيك هتسيب واحد بيحبها.
- تصدق انك انسان مستفز.
- اكيد مش اكتر. ازاى ماتكلمنيش وتقوليلى ان بنتى عندها مشاكل. للدرجة دى مابقتش حاجة بالنسبالك.
- كريم؟! هو انت كنت حاجة من الاساس.

علي الجانب الاخر، انتهت المراسم، وذهبت كل فتاة الى بيت زوجها، وسط التصفيق والتهليل من الفتيات والمرافقات.
وقفت ورود وشذى في الحديقة سويا، يتسامروا في الحديث، نظرت شذى عند الام وجدت اديم لم تنفك عينيه من على صديقتها. ضربتها في كتفها.
- قائلة. ورود.
قالت بادب، وهي ترد عليها برقة.
- نعم يا شذى.
- بصي على اديم كارم النوار.
قالت بضيق، وهي لم تنظر له.
- ماله؟
- عينيه ما انشلتش من عليكى.
- هو مين؟

- هو انتى هبلة اديم كارم النوار.
انصدمت من كلامها.
- قائلة بعصبية. انتى بتقولى ايه يا شذى؟ دى واحد مسلم وانا مسيحىة.
قالت شذى، وهي تنظر في اتجاهه.
- بس غنى ووس...
- كنوز العالم عمرها ما تخلينى اتنازل عن دينى.
- ورود يا حبيبتى انتى بتتكلمى كانه جيه واتقدملك. دى واحد كل يوم ست تحت رجيله.
- دى انسان مستفز جاى ومعاى الصحافة. حاجة في منتهى قلة الادب. وعدم رحمة اللى زينا.
- اهدى خلاص.

- والرب والعذراء لاخد حقنا.
انفجرت شذى في الضحك على ردة فعلها العنيفة. ورود بضيق.
- قائلة باستفهام. بتضحى على ايه؟
قالت شذى بشرح وهي تضحك.
- اصلك يا حبيبتى ماهتعمليش حاجة.
- ازاى انا عملت. ولم الام نادتنى ليه. كلمته بطريقة وحشة. وماسلمتش على.
- ده اخرك.
- هتشوفى وبكرة تقولى ورود قالت.
تحدثت بنبرة كلها حب وحنية.

- قائلة بهدوء. ورود انتى مش شبه الدنيا. انتى ملاك بعيدة عن كل حاجة. انتى من غير الكنيسة والدار تضيعى.
- انا معايا الرب عمرى ما هضيع. الرب يا شذى في كل مكان بينشر سلام وامان.
هزات راسها بتفهم على كلماتها.
- نفسي افهم انتى بعيدة ليه عن الرب.
- لم الاقى الامان هقرب.

كان يقف مع الام انجلينا جابرى ومن بالدار مريم وملاك، ويتحدثوا معه عن التبرع الذي يمنحه كل سنة للدار، وعلى كرم اخلاقه، وانه لا فرق بين مسلم ومسيحى، ويخبروه بانهم سعدوا كثيرا بوجوده معهم هنا، وانهم زادوا من شرفه وتواضعه...

عينيه لم تنفك من على ورود، يحدثهم تارة وينظر عليها تارة اخرى، وهو جاهل تماما لما يحدث معه، غير ان هذه الفتاة يوجد بها مغناطيسا يجعله ينجذب لها رويدا رويدا، كانت نسمة تشاهد كل شىء، تموت من داخلها جدا، وتتسائل في داخلها بحسرة، كيف ينظر الى تلك الطفلة بانبهار واضح وصريح دون خجل او خوف، ترى نظرات الاعجاب تخرج من عينيه الخضراء، تريد ان تسحب عينيه وتوجهها اليها، وتخبره باننى انا التي احبك، انا التي انتظرتك كثيرا، ولم اطلب في انتظارى مقابل، رجاء لا تفعل بى ذلك، وتميل الى طفلة، وتترك من احبتك من اعماق اعماق قلبها، وضحت بكل شىء، حتى تكون معك فقط، عينى من يوم ما راتك، لم تستطع ان تحب قبلك او بعدك، لقد بصمت نفسي عليك، رجاء ايها الحبيب ارحم قلب عشقك حتى النخاع، ولم يطالب باى شىء، غير الرحمة به...

كانت ملت شذى من مثالية ورود في الحديث، وعلى غير غفلة جذبت التوكة من شعرها، الذي انسدل على ظهرها بسعادة وسرور، انه اخيرا اطلق سراحه، لقد مل ان يكون مربوطا ومكتف في مكانه، كان شعرها طول وكثيف يصل ما بعد خصرها، اتسعت عينيه باعجاب شديد، وتسارعت دقات قلبه انبهارا بالجمال الربانى، والشعر الذي برع الخالق في خلقه، تلك الفتاة مكتملة في جمالها وثباتها وهدوئها، طيلة حياته لم يجد فتاة بذلك الرونق المميز، ورود هذه مختلفة ونوع جديد عليه...

ركضت ورائها ورود لتاخد منها التوكة، وشعرها يطير ويحلق معها في باريحية وسرور، ضحكاتهما تعلو وتعلو لتصل الى الجميع، جميلة انت حقا ايتها الفتاة، ضحتك تشبه فصل الربيع في جماله وهدوئه، لون عينيك حكاية اخر تحتاج الى الكثير والكثير من الدواوين التي تستطيع ان توصف لونها فقط، ارحمى قلبا يتقافز بين ضلوعى ويريد ان يصرخ ويمدح في صنع الخالق الذي ابدع في خلقك...

- فعلا انا مش حاجة. لانى كل حاحة.
قالت بسخرية، وهي تضرب كف على كف.
- نفسي اعرف جايب الثقة دى منين.
اقترب منها بخطورة، ونظر في عينيها.
- قائلا بثقة. من عيونك.
ارتبكت من تصرفه الغير محسوب.
- قائلة بتحذير. كريم بطل تصرفاتك دى.
- عينيكى بتفضحك اوى يا صافى. اصلها بتحب تشوفن...

- بابى. قالتها تارا بسعادة. عندما رات اباها، وهي تخرج من غرفتها، هبطت الدرج سريعا، وعندما وصلت اليه، ارتمت في حضنه تبكى باسي ووجع...

- قائلة في داخلها. انت جيت يا حبيبي، لو تعرف يا بابا دفعت ايه، علشان تكون مبسوط، انا سيبت حب عمرى، علشان ما اشوفكش مكسور او موجوع في يوم من الايام، مش خسارة فيك اللى عملته، ما انت يامااا عملت ليا، لم كنت صغيرة انت اللى رعتنى وخليت بالك منى وامى كانت فين، كانت مع غيرك، حتى حرمتك من حب حياتك، عارفة انك موت لم صافى بقت ملك اخوك، حسيت بيك لم زين خانى اول مرة، موت وطلعت شهادة وفاتى، عارفة يا بابا سبب وجعنا كله الست الحقيرة اللى اسمها امى، دمرت بيتى وبيتك والكارثة عايشة حياتها ومكملة كانها ما عملتش حاجة، الكتير من الناس لو عرفو حكايتى هيقولوا عليا دى مجنونة، بس فداك يا اعظم اب في الكون، سعادتى اهون في سبيل كرامتك ورجولتك وانى ماشفكش مكسور او عاجز، بسبب واحدة فاجرة اتجوزتها...

قال بقلق، وهو ياخذها في حضنه بقوة.
- مالك يا حبيبة بابى؟
اجابته بدموع تنزل على كتفه.
- قائلة ببكاء. تعبانة.
- وايه اللى تعبك يا روح ابوك؟
- روحى بتموت يا بابا.
قال بهدوء، وهو يخرجها من حضنه.
- زين عمل فيكى حاجة.
- لا يا بابا ما عملش حاجة.
- قولى ما تخفيش ودينى اعلمه الادب من اول وجديد.
- بابا زين ماعملش حاجة.
هب فيها بانفعال.
- قائلا بغضب. انتى لسي بتدارى على.
- اهدى يا كريم وافهم من بنتك.

- افهم ايه يا صافى؟ انتى مش شايفة شكل البنت عاملة ازاى؟
- معلشى اصل قرار الطلاق ده مش سهل.
- هتقولى طلاق تانى وتعصبنى.
- كريم انا مش محتاجة اعصبك. انت من غير حاجة عصبى.
- انا بنتى بتسيب حب حياتها وبناتها وطالبة الطلاق.
قالت بوجع، وهي تنظر له بضيق.
- مع الاسف اكتر حد هيحس بيها هو انا.
قال بغضب، وهو يرمقها نظرة غيظ.
- ماحدش قالك تختارى اللى انتى فيا.
قالت بتحذير. وهي ترفع اصبعها في وجهه بغضب.

- كريم لو ما احترمتش نفسك هيكون ليا تصرف وحش اوى.
- هتعملى ايه؟
سالت والداها. لتهدائة الحرب القائمة بينهما، فهى تعلم مدى شجارهما سويا.
- بابى ايه اللى عرفك؟
- جوزك كلمنى وبيقولى هجيب المازون الساعة كام.
قال تارا بصدمة ممزوجة بحزن.
- هو مستعجل للدرجة دى؟
قالت صافى بحنية، وهي تربت على كتفيها بحنان.
- ما تزعليش يا حبيبتى هم كدة الرجالة زبالة.
- على اساس انكوا ما بتاخدوش قرارات زى الزفت على دماغكوا.

اردفت بغيظ.
- قائلة في صوت منخفض. تنكسر دماغك يا بعيد.
- بتقولى حاجة يا صافى؟
اردفت بمنتهى الوقاحة اجابته.
- قائلة ببرود. اللى سمعته.
- انتى ليه عايزة تخرجى اوسخ الكائنات اللى جوايا.
- مش محتاجة والله لانهم موجدين فعلا.
- اهدى يا بابا بقي.
- انتى شايفنى مجنون وبشد في شعرى.
قالت صافى ببرود عندا فيه.
- يمكن.
- كفاية بقي يا صافى زودتيها.

- لسي فاكرة تقوليها تسكت. عامة ما علينا. اطلعى جهزى شنطة هدومك وتعالى معايا.
- هتروح معاك فين.
- هو انا مفروض مااردش لانه سؤال غبى. بس هتيجى بيت ابوها.
- ما هنا برضو بيت بابها برضو.
قال كريم بمكر.
- يعنى ده بيتى؟
- قصدى بيت اخواتها اديم وادم يبقي بيتها.
- ايا كان بس بيتى برضو.
- بابا ماهقدرش اجى معاك.
- ليه يا تارا؟
- حابة اربح اعصابي من كل حاجة.
- تريحى اعصابك هنا.
- قصدك ايه يا كريم؟
- قصدى ده بيت مجانين.

- على الاساس انك ابو العقل اوى.
- هي دى فيها شك.
- سامعة بابكى بيقول ايه؟
قالت بهدوء، وهي تتجاهل الرد على صافى.
- باب انا هنا بلاقى راحتى والامان.
- وانا يا تارا.
قالت بحب، وهي ترتمى في حضنه.
- انت كل حاجة يا حبيبي.

كانت الشمس اقتربت من المغيب.
قال اديم بصدق.
- انا سعدت جدا بوجودى هنا.
اردفت انجلينا جابرى بهدوء.
- قائلة بصدق. احنا اكتر يا استاذ اديم.
- خليها اديم يا امى.
قالت بحنية، وهي تبتسم بسلام.
- يرضى عنك الرب.
- ربنا يرضى عنا جميعا.
قالت نسمة بدعاء.
- اللهم امين.
- شرفتينا يا انسة نسمة.
- الشرف ليا حضرتك.
قال اديم بهدوء، وهو مازال ينظر الى ورود باعجاب.
- لو حصلت مناسبة تانى ممكن تكلمينى، واكون هنا على.

- دى شرف كبير لينا.
لاحظت نسمة ذلك فتحدثت بعصبية.
- قائلة بنفاذ صبر. يلا بقي يا مستر اديم.
- انتوا رايحين فين؟
قال اديم بايجاب.
- هنرجع القاهرة.
- لا انتوا هتباتوا معانا النهاردة هنا.
قالت نسمة برفض.
- لا حضرتك ما ينفعش اصل احنا مرتب...
- حضرتك تؤمرى انا موافق.
قالت بغضب. وهي ترمقه نظرة ضيق.
- مستر اديم والشغل.
قال ببرود، وهو ينظر لها.
- يتعطل ماجتش من يوم يعنى يا نسمة.

قالت بحنق مهموس، وهي تضغط على حقيبة يدها بعصبية.
- فعلا ماجتش من يوم. كانت ساعة سودة لم جينا هنا.
- في حاجة يا نسمة؟
- لا ابدا يا مستر.
قالت الام مريم بصوت عالى.
- ورود شذى. تعالوا هنا.
اتوا على الفور. وعندما وصلوا.
- قالت ورود برقة. نعم يا امى.
قالت انجلينا جابرى وهي تشير على اديم ونسمة.
- مستر اديم وانسة نسمة هيشرفونا النهاردة.
هزوا راسهما بطاعة.
- وواصلت الام قائلة. وعايزاكم تاخدوهم لاوض الضيوف.

قالت شذى بادب.
- حاضر يا امى.
تقدمتهم هي وورود. الى غرف الضيوف. واستاذن اديم من الام بادب، وذهبوا ورائهما وعينيه لم تنفك من على تلك الجميلة التي تسير بكل رقة وهدوء، وشعرها الطويل منساب على ظهرها يتلاعب مع الرياح ويجعلها اية في الجمال. عندما وصلوا الى المكان المتشود. فتحت شذى غرفة لنسمة.
- قائلة بادب. اتفضلى حضرتك.

نظرت الى اديم الذي يدخل الغرفة التي قبالتها. تنهدت بحزن ثم دلفت الى غرفتها ونظرت على اثاثها الذي كان عبارة عن سرير بسيط. ومكتب امامه ومقعدين...
الحال ايضا كان لا يختلف عند اديم. الذي جلس على مقعد بسيط جدا. لاحظ ان ورود لا تطيق وجوده.
- قائلا باستغراب. ليه حاساك؟ مش طايقى وجودى.
كانت ترتب له السرير. عندما سمعت صوته وسؤاله المزعج مثله. التفت اليه.

- قائلة بقوة. ماكنش في داعى تتعب نفسك وتيجى هنا. كان ممكن تخلى الصحافة تكتب عن انجازاتك وتبرعك للدار كل سنة. وكدة كنت هتوفر مجهودك ووقتك الثمين.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة