قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الثالث عشر

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الثالث عشر

رواية لعنة الحب المنبوذ للكاتبة سهير محمد الفصل الثالث عشر

لقد اخبرته بكل شىء من الالف للياء، لم يدرى زين ماذا يقول لها، او يفعل، يقف مكانه بجسد مرتجف، وقلب تتسارع دقاته بعنف، حتى كاد ان يخرج من صدره، بينما عقله ينعته باقصي واغلظ الصفات لغبائه، وتسرعه في الحكم الباطل عليها، كان متجمد النظرات، يتطلع اليها برعب وذهول يتمنى الصراخ، حتى يهز ارجاء المكان، لعله يهدى من وقع صدمة هذا الحديث عليه، عله يستطيع بصراخه هذا ان يمحو كل ما قام به من اذى لها، ليت وليت لو يستطيع فعل الكثير والكثير، ولكن قد فات الاوان للرجوع.

- قائلا بصدمة. وهو ينظر لها بعدم تصديق. انتى بتقولى ايه؟
ردت عليه بوجع.
– قائلة بحزن. اللى سمعته ده السبب اللى بعدنى عنك سنتين.
– ازاى ما قولتليش.
– اقولك ان امى بتخون ابويا. اقولك انها كانت مع راجل غريب بقميص النوم.
– ما تقولى هو انا هروح اقول لابوكى مثلا.
– مش عايزة اشوف النظرة اللى شايفها دلوقتى في عينيك. ان حماتك واحدة زبالة.
صرخ فيها.

– قائلا بعصبية. انتى مجنونة وصلتى حبنا لحافة النهاية.
– انا اضيع كل حاجة في الدنيا مقابل انى ماشفش بابا مكسور او موجوع.
– استحملتى السنين دى كلها والوجع دى كله.
– علشان بابا انسان ربى وعلم ومستناش مقابل.
– انتى حسبتيها من كل الاتجاهات الا انا.
– مكانش ينفع اقولك كانت كل نظرتك ليا هتتغير.
– هتتغير؟ انتى ماتعرفيش انتى بالنسبالى ايه؟

- انا كل اللى كان يهمنى كرامتى قدامك.
- قال بعتاب، وهو يرمقها نظرة عشق. هو الحب من امتى كان في كرامة.
- الموقف كان صعب وكنت لوحدى. زين انا انخرست لم انت خبطت على الباب. والراجل فتح. وهي جريت في الحمام تستخبى. امى باعتنى ومافكرتش ثانية فيا. كل حاجة كانت هيا. عايزانى اقولك ايه. مش انا اللى خنتك. دى مامى خانت بابا. اقولك ايه؟
- كنا لم سبنا المكان كنتى اتكلمتى.

- هو انا كنت في وعى من الصدمة والحسرة مامى اللى ربتنى بتخون ابويا.
امسك ذراعها وقربها منه.
- قائلا بوجع. وهو ينظر في عينيها بعتاب. ليه سكتى سنتين؟ ليه؟ لو ماكنش النهاردة كان هيكون بكرة. ليه سكتى.
- لانى كان لازم اسكت، لان امى واحدة زبالة.
قال كريم بصوت صارخ مجرد دخوله المكتب. يبحث عن وهناك عن فلذة كبده برعب وحيرة.
- تارا انتى فين يا تااااااااااااااااااااااااااااااااااارا.

اخبره الموظفين بانها توجد في تلك الغرفة، ذهب اليها سريعا. و فتح بابها دون الطرق عليها، راى ابنته واقفة امام زين ودموعها سيول على وجنتيها، وزين اول مرة يراه على تلك الحالة، مصدوم موجوع ضائع.
اقترب منها والداها، واخذها من ايادى زوجها. وامسك ذراعها بحنية.
- قائلا باستفهام. وهو ينظر لها. تارا.
قالت بايجاب وعينيها مازالت معلقة بزوجها.
- نعم يا بابا.
- ايه اللى جابك هنا؟

وجهت انظارها لابيها، وتحدثت بصلابة غير طبيعية.
- قائلة ببرود مزيف. مافيش حاجة كل الحكاية انا عايزة اتطلق.
- تارا انا مستحيل اعمل كدة.
هب فيه كريم.
- قائلا بامر. اخرس انت. اللى انتى عايزاى يا حبيبتى هنفذه.
- نفذه لوحدك ابقى شوف مين هيطلق.
ترك ذراع ابنته. ووقف امامه وتحدث معه بحدة.
- قائلا باستفهام. انت واعى للكلام اللى انت بتقوله.
- انا واعى جدا. تارا دى مراتى حبيبتى وام بناتى.

- كان فين الكلام ده لم انت اتصلت بيا وطلبت تطلقها.
- غلطة وبصلحها.
- واحنا ماهنستناش حضرتك تصلحها الماذون يجى ونحل الحوار ده.
- على جثتى تارا قولى حاجة لبابكى.
-...

بينما هما يتحدثون، وهي تتذكر احداث خيانة امها لاباها امام عينيها بالتفاصيل، وردة فعل زين عندما رائها في شقة راجل غريب، ووجع السنتين بيمر عليها بالبطىء، وكلام زين الذي كان يوجعها به كل مرة عندما يراها، ولا نظراته التي كان يرمقها اياها، كأنها واحدة عاهرة، ولا خيانته لها كل يوم، كانت تنام كل ليلة تتقلب في سريرها ودموعها على وجنتيها، وكانت تنقهر اكثر عندما تتخيل انه الان مع امراة اخرى غيرها، هي لم تخطا ولا خانت ولا باعت بالرخيص، مثلما هو كان كل يوم يخبرها بذلك الكلام اللعين، هي دافعت عن والداها واختارت حياتها التعيسة، كانت تتخيل ان صمتها يجعل زين يطلقها، وتنتهى الحكاية لكن هو قرر ان يتركها على ذمته، ويريها العذاب اشكال والوان. ويذكرها بخيانتها التي من الاساس لم تقم بها، اغمضت عينيها تريد ان ترتاح من تلك الحياة، وتبتعد عن دروب بعيدة كل البعد عن مسرحها ومشاكلها التي لا تنتهى، انا خبئتك من العالم، مثلما يخبىء المحار لؤلؤته الثمينة في اعماق البحر، مثلما يحمى الغصن براعمه الرقيقة في الربيع، يديك في اعماقى، مثل هدية من الله الى، ورموشك الذهبية في شمس الشتاء، لقد احببتك جدا، ربما من الصعب فهم ذلك بسبب صمتى، انت اقرا الكلمات في عيونى، لكن اليوم لم تستطع لقد فات الاوات، لقد هدات الاصوات، لم يبقي غير الصمت المميت متغلف بتلك الاهات والاوجاع التي عشتها منذ رحيلك عنى، لقد دفعت ديون كانت متراكمة على غيرى، حان الوقت لارتاح واترك كل شىء، انا لا اريد شىء سوى الرحيل، اصوات متضاربة ودموع تنزل بين طرقات المستشفى، لقد ظليت سنتين اموت بمفردى وانوجع لا يشعر بى احد، اشعروا بالقليل الذي عشته طوال السنتين الماضيتين، تسارعت الاحداث وتم نقلها الى المستشفى، كان يقف الجميع خارجا على اعصابه، كانت تقف امها بقلق عليها بجوار غرفتها، ولم تنفك نظراتها بتاتا عن تلك العقربة مثلما تطلق عليها، ترمق صافى نظرات كره وغل وهي تجلس بين ادم واديم الذي وصل لهما اتصال من عمهما كريم بان تارا نقلت للمستشفى، عندما سمعت صافى اتت على الفور ولم تكذب خبر، تدعو الله في داخلها ان تقوم تلك الجميلة بالسلامة من اجل بناتها، اما زين يضع يده على الحائط بحزن شديد، وكريم يرزع طرقة المستشفى ذهابا وايابا، حتى خرج الطبيب من الغرفة.

اقترب منه كريم بلهفة. سائلا اياه بقلق.
- بنتى مالها يا دكتور؟
الجميع قام ايضا، ينتظرون اجابة الطبيب على سؤال كريم، يريد ان يخبرهم بعكس الحقيقة لكن ما باليد حيلة. قائلا بعملية اعتادها من ايام دراسته بكلية الطب.
- مدام تارا دخلت في غيبوبة.
انصدم الجميع. اما زين صرخ فيه.
- قائلا بعصبية. انت بتقول ايه؟ انت اكيد اتجننت.
مسكه اديم من يده، ليهدائه.
- قائلا برجاء. اعقل يا زين وخلينا نفهم.

- اعقل ايه يا اديم؟ مش سامعه بيقول ايه.
صرخ فيهم كريم.
- قائلا بعنف. اسكتوا ماعيزش اسمع صوتكوا.
لم يتضايق الطبيب من ردة فعلهم، فهذا طبيعى ومتوقع منهم، تابع كلامه بوقار.
- قائلا بحزن. مع الاسف هي دخلت في غيبوبة.
اردفت صافى بحزن.
- قائلة باستفهام. طب وضعها ايه؟
- ده في علم الغيب.
اديم بلهفة.
- قائلا باستفهام. والسبب؟
- حالة نفسية. المدام كانت تعبانة نفسيا لمدة كبيرة اوى والنهاردة انفجر البركان.

اردفت صافى بوجع.
- قائلة باقتراح. طب يا دكتور نسفرها برا.
- مع الاسف يا هانم ماحدش هيقدر يعملها حاجة.
- طب حاول حضرتك تانى.
- حاولنا كتير.
قالت ببكاء وحزن على تلك الطفلة الجميلة.
- دى صغيرة.
قال كلمته المعتادة، ودلف من امامهم ليستوعبوا الموقف. موقف ماذا الذي يستوعبونه، وهل هذا بالامر الهين...
- ربنا يقومها بالسلامة.
صرخ زين.
- قائلا ببكاء. تااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااارا.

- قال بهدوء من قبل العاصفة، وهو يجز على اسنانه بغضب. خرج الواد ده برا يا اديم. بدل ما اقتله.
هب فيه زين بعند.
- قائلا بتحدى. انا ماهخرجش دى مراتى، ووجودى هنا اهم منك.
وجه كريم كلامه لابن اخيه متجاهلا ذلك الثائر الحزين.
- قائلا بعصبية. بقولك خرجه يا اديم انت وادم بدل ما اقتله.
هزا اديم راسه ايجابا. وامسك زين من ذراعه.
- قائلا بهدوء. خلاص يا زين تعالى نخرج برا.
تخلص من يده.

- قائلا برفض تام. بقولك مش هسيبها انا هفضل جنبها لحد ما تفوق.
علي اثر كلامه في اقل من ثانية، تخطى كريم صافى وذراع اديم التي تحاول مع زين، وهجم عليه بكره وغضب، كان يشبه الاسد الذي انقض على فريسته، وظل فترة طويلة لم يتناول فيها طعامه، ونزل فيه ضرب.
بالكمات في وجهه بعنف.
- قائلا بصراخ. عملت ايه في بنتى ااااااااااااااااااااانطق.

يحاول اديم هو وادم يرفعوا كريم من عليه، فهو توا لا يرى امامه غير ابنته الحزينة التي تسبب في ركضها الى المستشفى، تلك الوديعة التي لا تستطيع ان تحزن انسان ابدا، فتارا تختلف تماما عن امها فيها كم من البراءة والطيبة والحنية، ماذا فعل معها؟ حتى تصاب بذلك المرض النفسي، فصغيرته هادئة ومطيعة وابتسامتها الجميلة لا تفارقها، لكن من سنتين اختفى كل شىء، لم يبقي من صغيرته غير الحزن والاسي والوجع، لماذا، لماذا، يردد تلك التساؤلات في داخله، وهو يبرحه الضرب بدون تفكير نهائى.

قالت صافى بصراخ.
- الحقوه يا اديم دى هيموته.
- قال اديم برجاء. وهو يمسك ذراعه ؛ ليمنعه من الضرب. كفاية يا عمى هننفضح.
قال بصراخ باكى، وهو مازال يضربه.
- بنتى بتموت يا اديم والحيوان ده السبب.
- السبب ازاى تارا بتحبه.
- اومال مين السبب؟
لم يستطع زين الصمت طويلا، رمق زوجته المصونة نظرة كره.
- قائلا بصراخ. اسال شاهيناز هانم.

فى تلك اللحظة ركضت صافى على الامن، كانوا سمعوا الصوت من غير ان تذهب لهم، راتهم يركضوا في اروقة المستشفى وعددهم خمسة، لفكوا الشباك الدائر، حملوا كريم من على زين بصعوبة، وامسكوه اثنين من الامن.
- قائلا بوجع. ودينى يا ابن المرة لتدفع التمن غالى ااااااااااااااااوى.
قام زين ووجهه ملطخ بالضرب ممزوج بالقليل من الدماء.
- قائلا بكره. ررررررررررروح شوف مراتك وابقى تعالى كلمنى.

- قال بغضب، وهو يحاول ان يتخلص من الامن. سبونى اموووووووووووووووووته.
قالت صافى برجاء، وهي تحاول ان تشده من ذراعه ليذهبوا.
- زين تعالى نتكلم برا.
قال برفض، وهو يتخلص من يدها.
- مش همشي يا صافى واسيب مراتى.
- يا حبيبي احنا مش هنمشى احنا هنتكلم برا.
- برضو لا انا هفضل مع تارا.
تعصب ادم من كلامه.
- قائلا بضيق. دى على اساس انها فايقة تتكلم معاك.
بوخته صافى.

- قائلة بتعنيف، وهي ترمقه نظرة بان يلتزم الصمت. اخرس يا زفت ماتكلمهوش كدة.
- اومال عايزانى اكلمه ازاى، وهو السبب في اللى جرالها.
ناده اخيه بصرامة.
- قائلا بحدة. ادم.
مجرد ان تحدث اديم انخرس ادم ولم يخرج له صوت بتاتا.
- تعالى يا زين نتكلم برا لو سمحت.
تحدث وعينيه على غرفتها الراكضة بها.
- قائلا بحزن. عايز افضل جنبها يا صافى.
- علشان تارا يا زين.

هزا راسه ايجابا ودلف معها، وذلك المشاكس معهما، وظل اديم مع كريم، الذي كان يريد ان يبكى، لكنه رجل وهذا صعب عليه.
- قائلا بعصبية. ابن المرة دخلها في غيبوبة.
- قال اديم بهدوء، وهو يربت على قدمه بحنية. اهدى يا كريم خلينا نفكر.
تحدث بقلة حيلة، والدموع حبيسة في عينيه.
- اهدى ازاى تارا في غيبوبة يا عالم هتفوق ولا لا.
- ان شاء الله هتفوق. بس قول يارب.
- يارب.

دلفوا خارج المستشفى، وجلسوا على اريكة المستشفى ؛ ليستنشقوا الهواء، زين وضع وجهه بين يده، بدا يبكى في صمت عنيف، جلست بجواره صافى وعلى يساره ادم. غمزت صافى لادم بان ياخذه في حضنه ويربت عليه، فهو ليس له سوى تارا وابنتيه التؤام، لا يرد ان ينفذ مطلبها فهو حزين على ابنة عمه بشدة، التي تعد بمثابة اخته الكبيرة، لا يطيق فكرة انها الان تقبع في المستشفى بين الحياة والموت، وذلك بسبب ميؤس الحال زين، رمقته امه نظرة بان يفعل توا حتى لا تقتله في الحال، دب في الارض بعصبية، واخذه في حضنه، كان زين ينتظر يد تربت عليه، ارتمى في حضنه يبكى على حبيبته، وصغيرته اللى اختارت النهاية بيدها من اجل والداها، وضحت بسعادتها من اجل ان يعيش مرفوع الراس دائما، وكرامته تضغط على كل الحدود. تحدثت معه صافى بوجع.

- قائلة بهدوء. ماهقدرش اقولك بطل عياط لان تارا دى بنتى.
قال بحزن، وهو يبكى.
- تارا راحت منى يا صافى.
وضعت يدها على كتفه بحنان الام.
- قائلة بهدوء. عمرها ماهتروح لان اسمها لسي في الدنيا.
خرج من حضن ادم. وتنهد بوجع. ثم نظر الى السماء.
- قائلا بوجع. النهاردة حطت النهاية وسبتنى لوحدى.
- تارا هترجع بس دلوقتى عايزانا كلنا جمبها من غير شجار او مشاكل.
- انا مش قادر استوعب انا هموت.

- لازم تستوعب علشان تخرج من الازمة دى بسلامة.
- صعب صعب انا هموت من غيرها.
لم يعد يحتمل ادم كلامه الذي يشعر في داخله بانه عبارة عن تمثيل.
- قائلا بملل. صعب ايه استرجل وفوق.
رمقته صافى نظرة حزم.
- قائلة بضيق من تصرفاته. ادم عيب كدة ما ينفعش.
- ايه اللى عيب يا مامى دى اب لبنتين وزوجته طريحة الفراش هو قاعد بيبكى زى الحريم بدا ما يفكر ويشوف حل ليها.

- قالت بامر، وهي تجز على اسنانها بغضب منه. اخرس يا حيوان. انت ايه اللى جابك؟
- جاى اشوف بنت عمى.
- اسكتى يا صافي سيبى. كلامه صح تارا عايزانى راجل جمبها.
- دى اكيد بس ميدخلش في اللى مليش فيه.
- ازاى ماليش فى. مش دى بنت عمى. وهو السبب في تعبها.
- انت هتتكلم زى كريم المتخلف.
- مامى مااسمحلكيش تغلطى في عمى.
رمقته نظرة كره.
- قائلة بهمس. عما دب.
- مامى انتى بتقولى حاجة؟
هبت فيه بصراخ.

- قائلة بامر. بقولك غور من هنا.
- هو انا غلطان انى بقول الحق.
صرخت في وجهه.
- قائلة بعصبية. اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااادم.
- قال بحنق. وهو يهب من على مقعده فورا. حاضر يا ماما.
- روح على البيت يا ادم.
- هو انا يعنى هروح فين؟
- روح على البيت هي مش طالبة مشاكل.
قال بضيق، وهو يدلف من امامها.
- حاضر يا مامى.
بعد ان ذهبت. نظرت صافى الى زين.
- قائلة بطلب. متزعلش يا زين من كلام ادم.

- تصدقى يا صافى. الكلام اللى قاله ادم معظمه صح.
- انت غلطت وتارا برضو غلطت.
- هي حكتلك.
- مش كله بس اللى اعرفه انها وجعتك.
- هو وجعتنى بس هي كسرت كل حاجة ودى كله كان وهم.
هزات راسها بعدم فهم.
- قائلة باستفهام. يعنى ايه وهم؟ مش فاهمة.
- اكيد هيجيلى يوم واحكيلك.
- هي تقوم بالسلامة وتتصلح العلاقة ما بينكم هو دى المطلوب.
هزا راسه موافقا على كلامها، ثم قام من على مقعده.
- قائلا. انا داخل ليها.

قالت بتوضيح. وهي تقوم من على مقعدها.
- وكريم؟
- دى مراتى يا صافي وماحدش هيمنعنى عنها.
- بس المشاكل.
- لازم يتقبلنى علشان بنته تفوق.
- هو اكيد هيتقبلك. بس علشان خاطرى ما تدخلش دلوقتى علشان ما تحصلش مشاكل تانى.
- صافى...
- لو سمحت يا زين.

فى تلك اللحظة، كان يقف امام غرفة ابنته، احزان العالم كلها داخله، مشاكل ابنته التي لا تنتهى مع زوجها، واخيرا غيبوبة لا علم لها، تعصب عندما تذكر كلمات زين التي وجهها لزوجته، التفت اليها وووجه سؤاله لها.
- قائلا بحدة. ايه قصد زين بانك السبب؟
ارتعبت عندما طرح سؤاله وتوترت بشدة وماتت الاف المرات.
- قائلة بتلعثم. قص ده في ايه انا مش فاهمة كلامك.
- بطلى لف ودوران وجاوبى على الكلام.

- هلف وادور على ايه. وبعدين يا كريم انت سايب تعب بنتك وبتسالنى في تخاريف.
- دى مش تخاريف وانتى عارفة كدة كويس.
- عارفة ايه؟ زين ده بيخرف.
- خلاص بيخرف قولى انتى الواقع.
- اقول ايه؟
- قولى ليه ذكر اسمك. وانك انتى السبب.
- اكيد قال اسمى علشان يدارى على اللى عمله فيها.
لم يقتنع كريم بحرف من الذي نطقته، ولكنه سيمرره ؛ حتى تفيق ابنته وتخبره بكل شىء. رمقها نظرة قاسية.

- قائلا بتهديد. عارفة يا شاهيناز لو طلعتى وراى الموضوع ودينى لتشوفى اللى عمرك ما شفتهوش في حياتك كلها.
- هتورينى ايه اكتر من اللى بشوفوا معاك.
- لا المرة دى اوسخ من اللى خيالك هيجيبه.
- انت ماتقدرش تتهددنى بالصورة دى.
- وقت ما تثبت ظنونى ماهيبقاش ولا صورة ولا برواز.
- انت قد كلامك ده يا كريم. انت عارف انا بنت مين.
- طظ فيكى وفي ابوكى.
هبت فيه بصراخ.
- قائلة بعدم تصديق. انت بتقول ايه؟

- اللى سمعتى يا روح ابوكى.
تضايق اديم من جدالهما، حتى قرر اخيرا ان يقوم من مكانه، ويفك ذلك الشجار الذي ليس مكانه وزمانه.
- قائلا بطلب. اهدى يا عمى ايه اللى انت بتقول ده؟
اردف وهو يرمقها نظرات بغض.
- قائلا بكره. دى اقل واجب مع اشكالها.
استغرب اديم جدا تصرفات عمه الغير معتاد منه. فهو معروف عنه عكس ذلك.
- قائلا بتساؤل. ليه هي عملت ايه لدى كله؟

- قال باستغراب، وهو ينظر له. كان يقصد زين ايه بكلامه. انها السبب في اللى حصل لتارا.
- الكلام دلوقتى ما ينفعش. اولا علشان تارا. ثانيا ده لا المكان ولا الزمان اللى ينفع نتكلم فى.
- انا هتجنن يا اديم تارا في العناية، وزين بيرمى كلام غير طبيعى.
هبت فيه شاهيناز بحدة.
- قائلة بعصبية، وهي تهب من على مقعدها بغضب. دى اهانة كبيرة ليا وانا مسمحش ليك؟
- اخرسى يا شاهيناز ما اعايزش اسمع صوتك.

رمقته نظرة كره وذهبت من المكان، لم يكن لسبب كلام زوجها، بل انها تخشي على نفسها اذا واجهها امام زين، واخترعت ذلك الموقف ؛ حتى تهرب سريعا، وتبحث عن اية كذبة تخرجها من ذلك المازق، اولا تنتظر ابنتها تفيق ؛ حتى تعرف بماذا اخبرت زوجها، فاتهامه لها وتحدثه بتلك الثقة، لم يكن مزاحا، فهو اصبح يعلم كل شيئا عنها، ترتعب كلما تتذكر، اذا تاكد كريم من شكوكه سيقتلها، واذا لم يقتلها سيتزوج تلك الصافى، التي تمقتها بجنون، فهى السبب في تعاسة حياتها وخيانتها لزوجها، انقهرت عندما علمت بان زوجها يعشق فتاة، تعمل سكرتيرة لدى اخيه، ويتركنى انا صاحبة والنسب، هو دائما معروف عنه بالعلاقات، لكن تلك اول مرة فيها يعشق، وهي تلك السنكوحة...

منذ تلك اللحظة، تسارعت الايام دون الوصول الى شىء جديد، بعد مرور خمسة عشر يوما، الشمس تميل نحو الغروب مسرعة كأنها تستحث الليل المظلم على الوصول، كان يقف على سور سطح المستشفى الذي تجلس فيه صغيرته. مازال وضعها كما هو لا يوجد به جديد، تارة ينظر الى السماء يدعو الله ان يفك كرب ابنته وتقوم بالسلامة، وتارة اخرى ينظر ارضا، الى الناس الذين يسيرون في الشارع، وهو ينظر الى الاشىء، دلفت اليه عندما سالت عن مكانه، اخبروها بانه على سطح المستشفى، سمع صوت حذاء انثوى يقترب منه، التفت راى سارقة قلبه وكل دقة به، اقتربت منه. ً. ووقفت بجواره على سور المستشفى، وكانت تحمل بيدها بعض السندوتشات. اردفت برقة.

- قائلة بعتاب. ايه يا كريم معتزل الاكل ليه؟
- قال بايجاب، وهو ينظر لها. انا اعتزلت كل حاجة بعد تارا.
- مصيرها تفوق وتكون احسن من الاول. بكرة تفوق.
- كله بيقول بكرة، ومافيش جديد.
- ما تياسش من رحمة ربنا. سبحانه بيقول في كتابه لا يقنط من رحمته الا القوم الكافرين.
- ونعم بالله.
- لازم تصبر وتستحمل اومال اب ليها ازاى.
- حتى الصبر طاقته نفذت.

- لازم تكون قوى علشان لم تفوق تلاقيك واقف في مكانك ومستنيها، مش واحد الحزن هده.
- ماعنتش قادر يا صافى وقعتها هدتنى.
- انت قوى يا كريم وهتقدر، وتارا هتفوق ان شاء الله.
- يارب.
- انت بس اتخلص من الطاقة السلبية وربنا هيفرجها ليك.
- قال بغزل، وهو يرمقها نظرة عشق. انتى ازاى جميلة كدة.
- قالت برقة، وهي تعطيه سندوتش. وهبقي اجمل لو اخدت السندوتش ده من ايدى.

لم يستطع ان يرفض طلبها، واخذه من يدها، تلامست ايديهم اصابتها بصاعق كهرباء، انزلت عينيها ارضا بخجل، لان كريم يقطم من السندوتش وعينيه لا تزيح لحظة عنها، رفعت وجهها تنظر في اتجاه غيره، فهو كالمراهق لا تنفك عينيه عنها، ابتسامة واحدة منك تساوى العمر باكمله، لقد اتيت لك كثيرا، ووقفت على اعتاب منزلك، لكن الوقت كان عائق لحبنا، قلبى اصبح مثل الجليد عندما ابتعدتى، واعلن موته عند زواجك، لقد شرحت همى لك ولم انتهى، لقد بكيت وبكيت ولم تزرنى الابتسامة لحظة واحدة منذ رحيلك عنى، المكان من بعدك اصبح مظلم، بعد ان انتهى من تناول السندوتش نظر اليها لا تخافى وعانقينى، عانقى الشوق الذي احتل جميع خلايا جسدى، عانقينى ولا تترددى لحظة، عانقينى ودع هذا الشوق ينتهى الان، حتى لو حرقتنى مثل الجمر، حتى لو اصبحت بين ضلوعك ماء وتتدفقت من غزارة حبك، عانقينى، اخذها الى حضنه وهجم على شفتيها، ليطفا وجع الايام والسنين، والبعد عنه من عمر ابنها، واحد وعشرون سنة بعيد عنها، حتى عندما كانوا عشاق لم يقبلها لحظة، فتلك اول مرة تلامس شفتيه شفتيها، ويروى اراضى الشوق بين ضلوع قلبه المتلهف لها، تحاول ان تستوعب ما يفعله، لكنه لن يتركها حتى يروى الواحد والعشرون سنة، فاخيرا صافى اصبحت بين يديه، يقبلها بشغف وعنفوان، يسقيها شهد الغرام، بحبك لابعد مدى، وبحبك لقد بدا العمر، وارويك بشهد الغرام، لاخر حروف الكلام، وحبك امنيتى الوحيدة، نادانى سمعت النداء، بحلم بكلمة تخبرك بمدى حبى لك، من غير نهاية، مليون احبك اقولها واعيدها، لم تكن كفاية، لدى اكثر من ذلك، ياليتنى استطيع اضمك بقلبى، واعطر شفايفك، بقطر الندى، فالعمر ينتهى يا غاليتنى، دعينى ارتوى ولو بالقليل، تخلصت من احضانه بصعوبة، وصفعته على وجهه بقوة.

- قائلة بعصبية. وهي تمسح شفتيها من قبلاته. انت اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااتجننت.
- قال باعتذار وشعور بالندم. انا اسف.
قالت بعصبية، وهي تدلف من امامه.
- ما عنتش عايزة اشوف وشك.
جذبها من يدها بقوة، ارتطمت في صدره القوى.
- قائلة بعصبية. سيبنى يااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا كريم بطل جنون.
- انا ما بعتذرش علشان بوستك، انا بعتذر على انى كان مفروض اعمل كدة من زمان.

قالت بحنق، وهي تجز على اسنانها.
- انا غلطانة انى طلعت ليك.
- قلبك ولهفتك اللى جابوكى ليا.
- سيبنى واحترم منك.
رمق شفتيها نظرة اشتياق.
- قائلا بعند. لا.
قالت بوجع، وهو يزيد من قربها له.
- كريم انا مش طايقة.
- بتترعشى زى زمان. فاكرة يا صافى.
قالت بضعف، وهي تنظر له.
- انا بكرهك.
- وانا بعشق كل حاجة فيكى.
- سيبنى.
- بطلى عند وخليكى مراتى.
- كريم انا ما بحبكش.
- والله ما هتندمى.
- انت اب وجد احترم سنك.

- كان نفسي تارا تكون بنتك انتى.
تعصبت من كلامه، قائلة بعصبية، وهي تضربه على صدره بقوة.
- انت اتجننت اتجننت اتجننت.
- ايوا اتجننت لم سمحت ليكى تتجوزى اخويا. ادم دى كان زمانه ابنى انا.
- تارا فاقت. تلك الكلمة التي اخبرها الطبيب المعالج له، عندما ذهب اديم لزيارتها، سعد بشدة بانه اخيرا فاقت صديقته واخته، سال عن مكان ابيها وذهب اليه وقلبه كله سعادة، راى صافى بين احضان عمه.

- قائلا بصدمة. هو ايه اللى بيحصل هنا؟
ترك كريم صافى، وهي تسمرت في مكانها، ماذا تجيب على اديم، لقد وقعت في مازق فظيع وهذا كله بسبب كريم ذلك الفاجر، الذي تحدث دون خجل او حياء.
- قائلا بقوة. هقولك يا اديم.
قال بحنق، وهو يرمقه نظرة ضيق.
- بعدين لان تارا فاقت.
اتسعت عينيه بسعادة.
- قائلا بعدم تصديق. ايه بتقول ايه؟
قال بغضب، ونظراته مسلطة على صافى بضيق.
- بقولك بنتك فاقت.
قال بسعادة، ودلف من امامهما على الفور.

- شكرا جدا يا اديم.
رمقها نظرة عتاب عنيفة.
اردفت بحزن.
- قائلة بطلب. هقولك بس بلاش النظرة دى.
اقترب منها بغضب.
- قائلا بعدم تصديق. بتعملى ايه في حضنه؟
- اديم هو اللى جبرنى؟
هب فيها بصراخ.
- قائلا بعصبية. ليه عيلة صغيرة.
ارتعبت من صراخه.
- قائلة بخوف. اديم انت فاهم الموضوع غلط.
- متحاوليش تكدبى عليا.
- والله ما هكدب.
- يا صافى دى عمى.
قالت بوجع، وهي ترقرق الدموع في عينيها.
- قائلة بوجع. عمك كان حبيبي.

رفع حاجبيه باستغراب.
- قائلا باستفهام. حبيب مين؟!
- ده اللى حكتلك عنه.
- بس ده من ايام الكلية.
- هو ده كريم.
انفجر فيها بغضب.
- قائلة بوجع. طب ليه اتجوزتى ابويا.
- انا مش زبالة يا اديم.
- والمنظر اللى كنتى في من شوية.
- قولتلك هقولك؟
- بصي هنتكلم بس اطمئن على تارا الاول.

هزات راسها ايجابا ودلفت معه. فتح كريم الغرفة بلهفة، راى تارا فتحت عينيها الجميلة وتنظر في اتجاه الباب، ركض اليها بلهفة، واخذها في حضنه، والفرح والسعادة لا تسع قلبه بان حبيبته وفلذة كبده اخيرا عادت الى الدنيا.
- قائلا برضى. الحمد لله يارب الحمد لله يا رب. الحمد لله ليك يا رب.
خرج من حضنها، وامسك وجهها بحنية. وهي ترمقه نظرة حب.
- تحدث باشتياق. واحشتينى يا تارا.
- وانت كمان يا بابا.

- لا انتى اكتر دى 15 يا روحى.
- 15 ايه يا بابى؟
قال بحنية، وهو ينظر في عينيها بقلق.
- انتى مش فاكرة يا روحى. ايه اللى حصل؟
- لا فاكرة يا بابى. لم كنت انا وزين عند المازون.
اقتحمت صافى عليهما العرفة.
- قائلة بلهفة. تارا حبيبتى. وورائها اديم الذي رمق عمه نظرة ضيق.
قالت تارا بابتسامة.
- صافى.
قام كريم من جوار ابنته ؛ حتى تجلس بجوارها.
جلست بجوارها.
- قائلة بسعادة، وهي تاخذ تارا الى حضنها.
حبيبتى اخيرا فوقتى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة