قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لعبة عاشق بقلم يسرا مسعد الفصل العاشر

رواية لعبة عاشق الجزء الثاني يسرا مسعد

رواية لعبة عاشق بقلم يسرا مسعد الفصل العاشر

يوم مالوش ملامح
يوم ماطلعتلوش شمس
جملة عابرة تمر بآذان المصريين عموما عندما يكون يوما مأساوي الأحداث وعادة تترافق تلك الكلمات، عندما تصل الأحداث لذروتها من البؤس حتى يظن البعض أنها مؤامرة كونية بدفع من نظرة حاقدة قوية، من عين حاسد بلاشك ولكن اليوم لم يكن بذاك المعنى الحرفي بعد إذ أنه في بدايته.

mpAdsnese

فالساعة الآن الثامنة والنصف والشمس مشرقة واعدة بصفاء قسري على سماء نوفمبر الرمادية ونسمات الهواء تذر على وجهها حرارة ضعيفة، ضعيفة جدا إذ أنها لم تصل لدرجة الحرارة التي تهديها دموعها، لوجنتيها وأناملها تكاسلت عن مهمة مسح تلك الدموع.

إذ أنه لا فائدة فصاحبتها تبكي منذ ساعات متواصلة، تبكي بصمت وعندما تلمح إقتراب لأي ظل أو خیال بشر ترفع رأسها شامخة وبمهارة تخفي آثار تلك الدموع حتى أنها استحقت بجدارة ذاك اللقب الذي أطلقته عليها حماتها المصون شجرة جميز لا تشعر ولا تحس ولكنها كانت تشعر وتحس وتتألم وتصرخ وتلوی، فقط بعيدا عن أعينهم
فهي لن تدع أحدا يراها وهي تلملم شظايا نفسها التي كسرها زوجها متعمدا حتى أنه سيقيم حفل زفافه الليلة تحت ناظريها بل وسمعته منذ قليل يجتمع بأبناءه ليخبرهم قراره في غرفة مكتبه ويعدهم أنهم سيحبون " طنط داليا " بل وطلب منهم معاملتها معاملة جيدة فهي بمقام والدتهم ولو ظن أنه طعنها في ظهرها عندما قرر الزواج من أخرى فتلك الكلمات بالتحديد أصابت قلبها في مقتل فشطرته نصفين وانصرف الأبناء شاردون يتعلقون بوجه أمهم الخالي من الإنفعالات فقد أصبحت بارعة بحق بإستخدام مزايا تلك الشجرة حتى أنها أهدته ابتسامة باردة، مستحقرة لكلماته ووصاياه فقالت بصوت لا معالم له:

- ماتخفش على الولاد بكرة تقول سالي عرفت تربي
فتمتم قبل أن ينصرف بظل هارب " عارف " وخرج لحديقة القصر يتابع سير العمل والأفكار تطرق رأسه بلا
هوادة وقدماه تحثه للعودة للداخل مرة أخرى للحديث معها التبرير ما بدا لعقله سخيفا جدا في تلك اللحظة إذ إنها سويعات لا أكثر
ووقفت هي تتابع خطواته المتنقلة من هنا لهناك تسترجع بخاطرها ذكرى زيجة أقيمت في تلك البقعة بالتحديد منذ سبع
سنوات لم تكن حرفيا بليلة العمر إذ أنها اكتشفت أن زوجها، رجل أحلامها ببساطة . . كاذب ولكنها تغاضت عن تلك الحقيقة ومضت بحياتها معه تمر مرور الكرام فوق كل إهدار لكرامتها وحقوقها وتسعد أيما سعادة
بهفوة تقدير منه أليس لا كرامة في الحب وليس بين المحبين حساب ! !

لا ليس بالضرورة
تلك أقوال النساء الخانعات وإلى متى تظل هي متشبثة بركبهن ؟

الحلم يتحقق
- أخيرااا همسة عبرت شفتيها وهي تفرك رأسها لدى استيقاظها ليلة العمر بانتظارها
رجل أحلامها
فارسها المغوار
حصلت عليه أخيرا
ليعود إلى أحضانها مرة أخرى
ستسقيه الشهد ألونا ستسكب في عروقه غراما
لن يستطيع الفرار أو الفكاك بل وأنه قد يستغني عن خدمات الأخرى ولكنها سترسل له ليبقيها
فمن يرعى الأطفال الصغار المعت عيناها بظفر وهي تقفز من فراشها الوثير اغتسلت وألقت بجوفها ذاك الشراب السحري وقامت ببعض
التمارين السريعة جدا
ومتى يصل اليوم لنهايته خاطرة ملحة مرت تطرق رأسها مرة بعد الأخرى

واليوم مر
وشمس الغروب تلقي بظلال خافتة على سماء نوفمبر الرمادية
والتي تنذر بهطول أمطار خفيفة
متوتر
حائر بل وأطرافه ترتعش ببرودة
عصبي المزاج
نزق الأنفاس
يبحث عنها بضراوة إذ تأكد من الحارس أنها لم تغادر القصر ولولا كبرياء نفسه الغبية لرج أركان القصر بصوته مناديا باسمها
يرجوها فقط الظهور أمام ناظريه لف عقدة عنقه للمرة السادسة على التوالي
ولكن ككل مرة ظهرت بشكل فوضوي أين هي، أصابعها كانت دوما بارعة
ياله من عديم الأحساس بحق، أيتمنی ظهورها لتمم أناقة مظهره، كي يخرج لإحضار عروسه من منزلها ! ! هز رأسه محتقرا لنفسه، نادما مقرا ومعترفا أنه فقط يرجو رؤياها والتحدث معها بكلمات غابت عن سطور معجم العربية واللغات أجمع فهو لا يكاد يستجمع حرفا
خرج من غرفته وعيناه تدور في كل الأركان حتى أبصر أمه تنظر له بقسوة فقال بصوت أبح قلق:
- مالك تعبانه ؟

فقالت بصرامة: - ماتدورش عليها، خلاص كل شيء وليه آخر اقترب منها بسرعة البرق وقال بأنفاس متقطعة:
- قصدك إيه ؟ سابت القصر ومشيت ؟
ضحكت أمه بسخرية على حاله: - لحد دلوقتي لاء، بس اطمن أنت في طريقك توصلها لبراه
عقد حاجبيه غاضبا من إستهزاء أمه به وقال بعنف: - ياريت بس ماتزرعيش أفكارك دي في دماغها، سالي بتحبني
وإستحاله تسيبني زي ما أنت عاوزه مالت أمه بعكازها واقتربت من أذنه قائلة:
- زيك زي أي راجل یا جاسر وعادت للخلف مرة أخرى لتواجهه بقوة قائلة وقد لمعت عيناها:
- غبي احمر وجهه بشدة وقرر الإنصراف مهدئا نفسه كي لايصرخ بوجه أمه فيكون عاقا بحق ولكن خطواتها على عكازها العاجي كانت الأسبق نحو الأسفل لترحب بالضيوف قائلة بكلمات وصلت
لسامعيه من وراء ظهرها ببرود تام: - روح هات عروستك الناس وصلوا

عاد فجأة دون إنذار إذ أنه اختفى منذ يومان راقبته وهو يدلف
لحجرتهما بكلمات قليلة شملت فقط إلقاء السلام عليها فزفرت بعضب وتركت حاسوبها النقال ومضت لتعقد تلك المواجهة ولتنهي الأمر كما بدأته
- زياد إحنا لازم نتكلم خرج من حجرة الملابس وهو متأنق بقميص حريري ناصع البياض وسروال کلاسکی أسود حاملا سترته على ذراعه
فقعدت حاجبيها قائلة بتعجب:
- أنت رايح فين ؟

قال بصوت مرح: - أنت نسيت ولا إيه أنا توقعت أرجع ألاقیكی جهزت
اقتربت منه وقالت بنفاذ صبر:
- نروح فين ؟
رفع حاجبيه وقال بهدوء: - إيه یا آشري النهاردة الجمعة، فرح جاسر
قالت حانقة: - أنت بجد هتروح ؟ سيريسلي ؟ هز رأسه وقال هازئا منها:
- آه سیوریسلی جلست على طرف الفراش وهي تراقبه يرش عطره المفضل بوفره
ثم قالت: - وسالي، مافكرتوش أد إيه ده يجرحها ؟
فقال ببرود: - اللي بيتجرح بيصوت، بيعيط، بیعترض لكن أديكي شايفه
لمعت عيناها وقالت: - مش شرط على فكرة، يمكن يكون كاتم جواه زي ما أنا كاتمة جوايا

التفت لها وقال بهدوء: - مش لوحدك یا آشري، احنا الاتنين كاتمين جوانا، وهيجي وقت وهنتكلم ونطلع فيه كل حاجه، بس دلوقت قومي ألبسي
فقامت وقالت بعنف: - ليه ؟ هه ؟ عشان نبارك لجاسر ؟ ولا عشان تظهر قدام أخوك
ياريح مايهزك جبل ؟ |
ضحك زیاد ساخرا: - اسمها يا جبل ما يهزك ريح
فقالت بحدة:
- ایتس نوت ذا بوينت عقد زیاد حاجبيه وقال وهو يضع كفيه على كتفيها مهدئا: - أنا لازم أروح، ماينفعش ما أروحش، کملي جميلك يا آشري
واقفي جمبي
مضت تنظر له عاقدة الحاجبين وهي تزفر أنفاسها الحارة ثم
قالت بصوت لاجدال فيه: - وبعديها إحنا لازم نتكلم

بوجه جامد المعالم
فقير التعبير جلس إلى جوارها يراقب الطريق بأعين سوداوية فقالت متأففة:
- محسسني أنك رايح لأجلك
فابتسم هازا ملتفت لها: - كالعادة بتبالغي في إحساسك بقيمتك
فقالت بعند: - أنا فعلا قيمتي عالية ولا أنت مش حاسس بكدة ؟
رفع كفها وقبله ثم قال:
- أكید یا داليا وإلا مكناش اتجوزنا
فقالت بدلال: - لسه متجوزناش وخد بالك لأحسن أضيع منك
فقال ضاحكا: - وتضيعي إزاي وأنت جمبي في العربة وبينا وبين القصر أمتار
قالت بغموض: - ماتكونش واثق أوي كده، الحياة زي مابتدي فجأة، بتاخد
فجأة نظر لها نظرة تقيمية جديدة في عرف جاسر سليم ثم قال:

- دا أنت طلعت فلیسوفة وأنا مش واخد بالي أمسكت بكفه بقوة وقالت بأنفاس واثقة وهي تحدق بعيناه: - جاسر أنا جوايا حاجات أكتر بكتير من اللي في بالك وواثقة أي هشوف منك أكتر من اللي في بالي، بس أنا مستعدة لده وشغوفة بيه . اللي بيزعلني أن أحس أنك مش مهتم وكأنك
محيت فعلا كل المشاعر الحلوة اللي كانت بينا
وتعاظمت المسئولية فوق کاهله
مسئولية إمرأة تراه بعين العشق تظلل وجدانه بذكريات مشاعر كانت بالفعل رائعة ولكنه نسيها أو
تناسها ولا فارق إذ أنها ما عادت تشکل شیئا بكيانه، فما تلاها كان بالفعل أقوى
رد بصوت جاف:

- وصلنا على فكرة ترجل من السيارة الفارهة ولف حولها ليفتح الباب لعروسه التي
سارت متبطأة ذراعه رفع رأسه ليواجه ضيوف الحفل ولكن أنظاره لم تكن متعلقة بسواها تقف بشموخ تطالعهم بنظرات خاوية، كفيها متدليان على كتفي صغارهما لا يعلم أتستمد منهم قوتها أم أنها تلقي بظلال حمايتها عليهما ؟ ! جسدها عاد ليزدان ببوادر رشاقة ملفوفا بثوب کریمي مطعم
بأحجار على شكل ورود قرمزية اللون
ومن يتهم الرجال بضعف الذاكرة وعدم ملاحظة التغيرات التي تصيب نسائهم وأنهم لا يستطيعون تمييز ما ترتديه زوجاتهم فهو
المخطىء

إذ أنه تذكر ذاك الرداء
فهو من ابتاعه لها لحفل خطبتهم عقد حاجبيه وداخله يشتعل بغضب ولوم وغيرة لاتفسير لها تقدم بعروسه نحو الدرجات الرخامية حتى توقفت خطواته عندما توقفت خطوات رفيقته التي خلعت زهرة بيضاء من خصلات
شعرها وثبتتها برأس الصغيرة " سلمی " بأنامل مرتعشة فتقبلت سالي حركتها المستفزة بهدوء تام وهي تثبت الزهرة خلف أذن صغيرتها وأمرت صغارها بمصافحة العروس ثم قالت ببرود وهي تراقب خجلات زوجها المرتعشة على غير عادته:
- مبروك ياعروسة
هزت داليا رأسها ونظرت لغريمتها أو بالأحرى ضرتها المستقبلية وهي تقر بإعتراف داخلها أنها لم تقدرها حقا قدرها وردت

بهمس رقيق:
- ميرسي الموقف المتوتر والذي كان ينذر بإشتعال كما كان يتمنى البعض، مر بسلام إذ أنها كانت دقائق معدودة وجلس المقربون جدا من العائلتين بصالون القصر الواسع وهم يستمعون لديباجة
الشيخ وهو يتمم عقد القرآن
كانت تدور بعيناها وتتنقل بين وجوه الجميع وجه حماتها متصلب ينذر بلعنة ستطیل تلك ال " داليا " ولا محالة آشري والدموع المترقرقة بعيناها وهي تنظر بغضب لزياد الذي كان يجاورها متغافلا بقصد ربما عنها وهو شارد بأنظاره نحو
أخيه الأكبر أسامة الذي حضر أخيرا وهو متشح بالسواد ببذلة ليست برسمية وكانت نظراته بنفس القتامة وكأنه جاء ليحضر عزاءا وليس زفافا
ورجلان آخرين والسعادة تشع على محياهما كقريبتهما التي
كانت تردد كلمات لا تقدر بثمن وراء الشيخ وأخيرا زوجها المتصلب الهارب بنظراته حتى من عروسه الجميلة
فكره وعقله منصرف بالكامل عن الجميع أنظاره متركزة على الشيخ يخط بقلم حاد الإنحرفات، قائم الزوايا بحروف اسمه فوق عقد الزواج
وانتهى المشهد

وزفرت الأنفاس
بعضها إرتياحا والآخر كان خيبة إلا أنفاسها التي كانت تتوق لتلك اللحظة منذ بداية اليوم لتقول بصوت قوي قاتم قاطع لتلك الزفرات مشتتا لتلك الراحة
مختزلا لتلك الخيبة الايقبل النقاش أو الجدل أو حتى إعادة التفكيير ولا الرجعة:
- طلقني با جاسر
وأصابت أنظاره المصدومة مرماها أخيرا ومرساها إذ تعلقت
بقسمات وجهها من علياء وصمت لف الحجرة بإحكام حتى خنقها والأنظار متصلبة بين الاثنان والأنفاس محتبسة
وقام ليواجه، فليس من شيمته التقاعس
والغضب بشياطينه اجتمعا فوق رأسه تطلب الإنفصال عنه أمام ذاك الجمع الغفير
تثبت للجميع أنه فشل فشل بإحتواء زوجته وضمان موقفها ومباركتها كانت زيفا لقد خدعته
على مدار تلك الأيام الماضية كانت تتوارى بظلال هروب
وخنوع وهي تدبر للتخلص منه كانت تخطط لهذا المشهد منذ أن صارحها بقراره
لتضعه بين شقي الرحی
إما أن يتخلى عنها أو يعلن رفضه ويعلن معه ضعف جاسر سليم أمام إمراة
أكان ذلك إنتقامها منه ؟

يستجدي بقائها إلى جواره، يرجوها عدم الرحيل والتفكير بالأمر
مرة أخرى تنتظر منه ركوعا وخنوعا أمام أعين القريب والغريب ولكنه مع ذلك أجبر نفسه للتغاضي عن تلك المشاعر والأفكار
السوداوية التي أصابت رأسه نعم هو لم يكن من يخنع ويركع لأمرأة قط، ولكنه كان ليساوم ويجبرها عن التراجع وصوته الجامد أعلن
- والولاد تلك الكفة الرابحة الكفيلة بإعادة الميزان لاعتداله وربما أكثر قليلا نحو صالحه
ولكن سوء الحظ كان رفيقة وتلك المساومة خيبت رجاءه بنتيجتها التي أعلنت على لسانها بأمر غير قابل للنقاش ولا
لاعادة المحاولة - ولادی مش هيسيبوا بيت أبوهم، هبقي آجي أنا أشوفهم مهما
كان هفضل أنا أمهم لقد وضعته بخانة اليك " كما يقولون مزقته بين رحى كبريائه وإحتياجه
لم تترك له خيارا فهو لم يكن ليستجدي بقاء من أعلنت رفضها له ورغبتها
بالإنفصال عنه لم يكن ليرغب بخائنة

نعم هي خانته بارکت خطواته ومنحته صك غفرانها ووعد بتحمله للأبد والآن نكثت عهدها وأمام الجميع أعلنتها صراحة وطلبها غير قابل للرفض
ومساومته له باتت خائبة لا قيمة لها إذ أنها كانت متحملة لنتائجها بالكامل وراضية بقسمتها ونصيبها
وكيف يعلن رفضه بل وكيف يتمادی بضغطه عليها ؟ ! ! | أيتزوج من أخرى ويحرم زوجته الأولى صغارها، كيف سينظر له
الناس بعدها ؟ كان ذلك ممكنا بين جدران غرفتهم، كان ليكون سرهم
كان ليقدم الاعتذارات والوعود لها بل كان من الممكن أن يتخلى عن الأمر برمته إرضاءا لها إن فشل
بالحصول على رضاها
ولكنها لم تمنحه تلك الفرصة لقد منحته مباركتها ليتمم تلك الزيجة لتنسحب بعدها من حياته
ربما كانت تلك رغبتها الحقيقة
طعنته بظهره والطعنة يجب أن ترد
- أنت طالق

شهقة وصلت لأسماعه وربما كانتا شهقتان وكلاهما تخص آشري
وعروسه وتقدم خطوات غاضبة نحوه تخص أخيه الأوسط أما زوجته أو بالأحرى من كانت زوجته تلقت طعنته بصدر رحب
وتقدمت منه بخطوات محسوبة لتنظر له نظرة أخيرة لم يفقه معناها ولكنها كانت تلتمع بعبرات النصر ثم خرجت بخطوات
شامخة وكأنما كانت هي من تربط الجمع ببعضه وكأنه عقد وانفرط عند إنصرافها تفرق الجميع بخطوات مشتة وبقي هو برفقة عروسه التي كانت تحاول إستيعاب الموقف وتسترجع تفاصيله شاردة حتى أفاق على صوت أمه الصارم التي كانت تقول قبل إنصرافها مستندة على عكازها بقسوة بالغة.

- قدم قدم سعد ياعروسة
فرفعت لها داليا وجهها وهمت برد غاضب ولكنها كتمته عندما
طالعت ملامح زوجها المكفهرة | الذي خرج ليراقب وداع من كانت زوجته لصغارهما الباکیان
وهي تقول بصوت هادىء: وبعدين، إحنا مش كنا اتفقنا خلاص
فقال سليم وهو يبكي: - وتسيبينا لوحدنا ياماما ؟ ربتت فوق رأسه وقالت بحنان:
- أنتوا مش لوحدكوا معاكوا بابا وتيته ثم جذبتهم وهمست بأذنهم بأمرا ما كان كفيلا بإعادة البسمة ولو
كانت صغيرة متوجسة لوجوههم الباكية وقبلتهم وقامت وهي تراقب إنصرافهم للأعلى برفقة نعمات التي كانت تهديه نظراتها
الغاضبة بغير حساب ومضت هي بخطواتها نحو الخارج واستوقفها قبل أن تنصرف
قائلا بصوت يكتم غضبا لا حدود له:
- فكرتى وخططتی کویس حتى أتفقتي مع الولاد نظرت له وهي ترفع أنظارها، ربما تغير فيها الكثير إلا أن قامتها القصيرة لم تكن لتغير والغريب أيضا تلك اللمعة بعيناها وهي تلمس ردائها القديم قائلة بكبرياء: - لا الخطط والأفكار دي طول عمرها بتاعتك أنت، أنا كل اللي عملته إني افتكرت اقترب منها وقال بصوت غاضب يخالطه اللوم: - افتكرت النهاردة وقدام الناس إنك مش موافقه ياسالي ؟ هزت رأسها نافية والدموع تتقافز بعيناها وهي تقول بهمس مسترجعة ذكريات قريبة: - إني بنت محسن اللي أخدتني من فوقه سطوحه المليان ورد.

وأماني . . . بالفستان ده
وتجسدت له الذكريات حاضرة وكأنما يسمع الضحكات من جديد وتشق أذنيه الوعود التي ألقاها لذاك الرجل الطيب بعناية صغيرته والإحسان إليها وأغشت أنظاره ظلال تلك الفتاة الحالمة التي كانت أبصارها تتعلق دوما
به بشغف وعشق ورغبة بحياة سعيدة وعندما عاد للواقع كانت قد اختفت من أمام ناظريه وأضحت تماما خلفه بطريق تشقه بخطوات مسرعة نحو الخارج ودون
وداع وما بقي أمامه سوى ظل أخيه القاتم الذي باغته بوعده وصدقت
نبؤته: - ولسه ما تعرف كويس أوي قيمتها وانفجر بركان الغضب داخله فقال يإتهام:
- يبقى أنت اللي حرضتها أرسل له ضحكة هازئة ثم اقترب منه وهو يقول غاضبا: - لاء أنت اللي حرضتها، كنت فاكر أنك تفضل تدوس وتدوس
وهيا إيه ؟ ! صمت قليلا وهو يراقب رأس أخيه المنكس وأنفاسه المتسارعة
ثم قال بهدوء ساخر:

- مبروك ياجاسر، فزت بعروسه قصاد إنك ترجع شركة أخوك التي اتسرقت منه بلعبة " ستريب بوكر " وشدد على تلك الكلمات وهو يعلم أن الآخر بالذكاء الكافي ليفهم مقصده ثم أردف
بهدوء مرة أخرى - ومعلش هاردلك أيه يعني ماعرفتش تحتفظ بمراتك الطيبة بنت
الأصول، ولا حاجة في عالم جاسر سليم
رفع جاسر إصبعه مهددا ثم قال بغضب محتقن: - أسامة ماسمحلكش متنساش أنها بقت مراتي وعلى فكرة أخوك كان شارب ومافيش حاجه حصلت بينهم
فأمال أسامة رأسه وقال:
- ياااه تصدق تفرق فعلا
وانصرف وهو يلعن أخيه وجحوده وعناده فهو إن كان أطفأ شعلة الحياة في زوجته فرحلت عنها بحادث غير مقصود، فلقد أطفأ جاسر شعلة الحياة في زوجته حية متعمدا

وها هي النتيجة وأطفاله من سيدفعون الثمن
وغاب أسامة عن ناظريه وغاب هو عن الجميع بحجرة مكتبه
المظلمة ولم يدري كلاهما بوجود ضيف خفي ضيف كان حظه دوما يقوده لإعتراف سري بين أطراف عائلة سلیم
ليعلنها مرة أخرى أنها كانت مخطئة تماما بالوثوق بأصغر أفرادها ومضت بدموعها تبحث عنه حتى وجدته بأحد أركان الحديقة
المتزوية والجمع حوله مشتت لايدرى أهناك المزيد من الأحداث المشينة التي قد تثري
مخيلتهم وألسنتهم لأيام قادمة أم أن الليلة أحداثها بدأت بزيجة وانتهت بطلاق فقط ولا مزید قالت وهي تجذبه من ذراعه بهمس حانق:
- ستريب بوكر
بهت وجهه واتسعت عيناه برهبة وفقد توازنه لوهلة ثم قال
بصوت مرتعش نافيا:

- تقصدي إيه يا آشري ؟ اقتربت منه وقالت بنفس الهمس ولكن جنبات جسدها كانت
تهتز بغضب لم تختبره بحياتها من قبل: - الشركة خسرتها في لعبة ستريب بوكر مع الهانم ؟ ! !
أمسك بذراعيها وأمرها خائفا بصوت مكتوم: - شششش وطي صوتك، إيه الكلام اللي بتقوليه ده ؟
دفعت يداه بكفيها وهي ترد بصوت حاد: - أنت عارف كويس، ایتس أوفر یازیاد اللي بينا انتهى

ويالها من ليلة
زيجة 1
طلاق ۲
والحصيلة شماتة لا مثيل لها بأفراد عائلة  سليم
والهمهات المرتفعة خير برهان نظرت حولها للجميع مستنكرة، متقززة، جميعهم من أصدقاء تلك
الحرباء المتلونة أغوت زوجها واستطاعت تفرقة الآخر عن زوجته فانصرفت بكبرياء غاضب فهي لم تكن لتمنحهم ذاك الرضى
بمشاهدة آخر فصول حياتها الزوجية

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة