قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل السادس عشر

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل السادس عشر

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل السادس عشر

- هو انتِ ورانا ورانا!
قالتها سهام بتبرم وصوت واضح وصل ل رضوى التي وقفت أمامهم مع إبتسامتها السمجة، تجاهلت رضوى قول سهام ورحبت بهم بهدوء، فلم يرد عليها احد سوا إبراهيم الذي دعاهم
- تعالو اقعدوا واقفين لية؟
- فين عمر؟
سألت عنه فور جلوسها، فأجابتها سهام بعدوانية
- وانتِ مالك فين عمر؟
- ازيك يا طنط سهام
قالها مروان وهو يجلس، فأبتسمت سهام وهي تُرحب به بحبور
- عامل اية يا حبيبي واخبارك؟
- الحمدالله كويس.

- جيت ازاي؟، عمر كان قايلك ولا اية؟
- لا، عرفت من إياد وجيت، عاملها مُفاجأة ل عمر
مالت قليلاً وهي تسأله بضيق
- ولية مجيتش لوحدك؟
اجابها بصراحة وهو يبتسم
- هي اللي شجعتني اجي اصلاً
عاتبته بسؤالها
- وانت مش عارف ان عمر عايز يخلص منها؟
مثّل مروان الذهول وهو يهمس
- اية؟ اول مرة اعرف، فاكر انه لسة مستنيها وبيحبها
تنفست سهام بإنزعاج وهي تعود بظهرها للخلف ونظراتها الكارهه موجهة ل رضوى الجالسة تتحدث مع إبراهيم.

بينما وجه مروان تركيزه ل يارا التي كانت تُشيح بوجهها بعيداً ويبدو عليها عدم الارتياح.
- عاملة اية يا سلمى؟
حركت رأسها لتنظر له، ردت بإقتضاب دون ان تبتسم
- الحمدالله
- مبسوط اني شوفتك
ابعدت بصرها عنه دون ان ترد، لكنها تشتعل بغيظ بداخلها، لماذا يجب تخريب لحظاتها الهادئة بهذه الطريقة؟، نهضت لتذهب لداخل الشالية، فقد اصبح الجو خانق في الخارج.

صعدت درجات السلم بغضب، في حين كان عمر يهبط من الأعلى والذي اوقفها في المنتصف حين لاحظ تجهم ملامح وجهها، سألها بريبة
- في اية؟ في حاجة حصلت؟
توقفت رغماً عنها ونظرت له بإقتضاب، ردت بعد ثواني وقد حاولت ان تتحكم بإنفعالاتها.
- رضوى ومروان برة
ارتفعا حاجبيه بذهول وهو يُردد
- نعم!، رضوى! ومروان كمان؟، اية اللي جابهم؟
- روح اسألهم
ردت بجفاء ثم تخطته لتكمل صعودها، بينما اسرع هو للاسفل.
- بتعملي اية هنا يا رضوى؟

هتف بها عمر وهو يتقدم منهم، فنهضت رضوى وهي تبتسم بهدوء وتُرحب به مُتجاهلة سؤاله
- عمر حبيبي، اخيراً جيت!، وحشتني
واتت ان تُعانقه لكنه دفعها عنه قبل ان تلمسه، كرر سؤاله بحدة
- سألتِك بتعملي اية هنا؟
اجابته ببساطة استفزته
- جيت اقضي معاكم وقت، معاك بذات
- انتِ بتستهبلي؟
هتف إبراهيم بحزم
- عمر، عيب اللي بتعمله دة
- بابا...
قاطعه إبراهيم بحدة
- كدة بترحب بالضيوف؟، مش عيب؟
تدخلت سهام بغضب
- دي ع..

ابتلعت بقية حروفها حين رمقها إبراهيم بنظرة اصمتتها، ثم قال بحزم
- رضوى ضيفة دلوقتي ومينفعش نعامل الضيف وحش
ثم نظر لها وسألها
- حاجزة في فندق او حاجة ولا لا؟
- الصراحة لا، مكنش في وقت عشان احجز
- خلاص مش مشكلة، تبقي تنامي في نفس أوضة سلمى
ونقل نظراته ل مروان واكمل
- وانت يا مروان هتشارك عمر اوضته
غادر عمر وهو غير راضي عما قاله إبراهيم، لكنه لم يعترض حتى لا ينهل عليه والده بدرس اخلاقي أمامهم.

- ملك هربت يا ابو ملك، ملك مش موجودة
وقف إياد على قدميه مُحدقاً في الباب بعد سماع قول والدة ملك، تابع والدها وهو يركض لخارج المنزل ليبحث عنها، ثم نقل نظراته لوالدتها التي اتت وجلست على الأريكة وهي تضرب على صدرها بحسرة بجانب نحيبها الذي اختلط مع قولها
- روحتي فين يابنتي، روحتي فين ياحبيبتي بس، روحتي فين يا ملك!
ما هذا الهراء الذي يعيشه الان؟، يشعر انه يشاهد فيلم في السينما..

تدارك نفسه، تنحنح من مكانه ببطء ثم تسارعت خطواته للخارج ليبحث عنها هو أيضاً، توقف عندما وصل للاسفل ليفكر، اين يستطيع ان يجدها؟ لا يعرف هذه المنطقة ولا يعرف شوارعها، اكمل سيره ليخرج للشارع العمومي حيث ترك سيارته هناك، ضغط على زر فتح القفل الإلكتروني من جهازه لكنه لم يستجب!، ادخل المفتاح في القِفل ففُتِح او اعتقد ذلك، صعدها واغلق الباب، وضع كفه على المقود ليُديره لكن عُطر غريب اخترق انفه وجذب انتباهه، استدار بتلقائية وهو يستنشق تلك الرائحة مُحاولاً معرفة صاحبها، انها مألوفة.

تصلبت عضلة في فكه حين لمح جسد ضئيل مُستلقي في ارضية المقعد الخلفي، مد ذراعه بخفة ليلتقط العصا الموجودة بجوار كرسيه بينما عينيه تحاول الوصول الى وجهه، اتسعت مقلتيه بدهشة حين تعرف عليها، انها ملك!
- ملك؟
رفعت رأسها وإبتسمت، بينما سألها وهو مازال مُندهش
- بتعملي اية هنا؟، دخلتي العربية ازاي؟، ومستخبية في الحتة الصغيرة دي ازاي؟
طلبت منه برجاء وبصوت مُختنق
- ممكن تمشي من هنا؟ وبعدها هجاوبك
سألها بغباء.

- لية؟
- عشان محدش يشوفني
- متقلقيش محدش هيشوفك، انتِ بس اللي بتشوفي من الازاز دة
اومأت برأسها وهمت للنهوض لكنها عانت قليلاً، فقد حُشِر جسدها، التقطت انفاسها بقوة حين جلست على المقعد، عادت لتسأله من بين انفاسها المُتسارعة
- بيدوروا عليا؟
قابل سؤالها بسؤال منه
- دخلتي العربية ازاي وانتِ ممعكيش المفتاح؟
- عادي، بالبنسة...
- اشتغلتي حرامية قبل كدة ولا اية؟
خرج قوله منه بتلقائية، فضحكت ووضحت.

- يارا علمتني، عشان مفتاح الاوضة بتاعتي ضايع فهي علمتني ازاي افتحه فبقيت اعرف افتح اي قِفل
هز رأسه بتعجب، ثم عاد لينظر لها ويسألها
- هربتي لية؟
- عشان امنع الهبل اللي بيحصل، وكمان كنت عايزة اتكلم معاك بس بابا ماخد مني الموبايل
اردفت مُستفسرة
- لية مسمعتش كلامي وجيت؟ قولتلك انا هتصرف
اقتربت بجسدها للأمام لتصبح اقرب وهي تسأله بقلق
- بابا هددك؟ كلم والدك او حاجة عشان كدة جيت؟

قابل حدقتيها القلقة المُرهقة بنظرات عميقة وهو يُجيبها
- جيت عشان عايز اجي
هتفت بعدم فهم
- نعم!
وضح لها ببساطة
- مش مشكلة لو جربت اخطبك، في الاخر كنت مُعجب بيكِ واهي فرصة اتقرب منك
همست بصدمة وقد اتسعت مقلتيها
- انت بتتكلم بجد؟
- دة منظر واحد بيهزر!
نقل بصره للطريق مُتحدثاً بصراحة.

- صراحة كنت مضايق من اسلوب والدك ومازلت لانه باصصلي على اني صندوق دهب يكسب منه، عموماً مش هسمحله يستغلني، بس بعد ما فكرت قولت مش هخسر حاجة لما اجرب..
كلامه أشعرها بالإهانة، لذا قالت بتحامل وقد احمر وجهها
- هو انت لية محسسني اني فار تجارب!
سألها بعتاب
- لية بتفهميني غلط؟
كأنه لم يقل شيء، اردفت ملك بإزدراء
- وغير كدة مش حرام عليك تلعب بأتنين؟
ضم قبضته وهو يقول بنفاذ صبر.

- رجعنا تاني للاتنين!، قولتلك انك فاهمة غلط و...
قاطعته بحزم
- لوسمحت مش عايزة اسمع حاجة، عايزة اقولك كلمتين بس قبل ما ارجع، اني مش هوافق عليك وهعمل اي حاجة عشان اشيل الموضوع من دماغ بابا ودة مش صعب عليا لاني عملته كتير قبل كدة
بعد ان انهت قوله وضعت كفها على مقبض الباب لتخرج لكن قوله الحائر اوقفها
- ولية رافضة؟ ما انتِ كسبانة في الموضوع، يعني لو بصينا من الناحية دي مش لاقي سبب انك ترفضي واحد زيي؟

اجابته ببساطة دون ان تنظر له
- عشان انا مش ببص للفلوس زي عيلتي، عايزة واحد يحترمني والمعروف يبقى مابينا وبس
- ما انا هحترمِك
لوت شفتيها بسخرية وهي تمتم بحزن
- معتقدش انك هتعمل كدة بعد الحصل
وترجلت دون ان تنتظر لسماع رده، بينما ظل مُحدقاً في مكانها الخالي، شقت الابتسامة شفتيه ببطء، يعتقد انه يفهمها، يفهم تصرفها وسعيد به، انها ليست كوالدها وهذا يجعله يتمسك بها وبالتجربة.

اسرع ليترجل ويلحق بها، كانت قد وصلت هي لمبنى منزلها بينما هو مازال بعيداً.
حين صعد كانت والدتها توبخها، قطع هو ذلك بقوله الذي صاحبه بإبتسامة بسيطة
- مش هنقرا الفاتحة؟
عودته سببت الصدمة لكليهما، انتبهت والدتها لصمتها فأسرعت لترحب به وقد تهللت أساريرها رغم الدموع التي ملأت وجنتيها، أخذته للصالون ودعته للجلوس ثم اخرجت هاتفها لتتصل بزوجها.

بينما ظلت ملك تنظر له من بعيد، تهز قدمها بعنف وهي تعض شفتيها دون وعي، تفكر بغيظ، لماذا يُصِر على حدث مُخجِل كهذا؟ ألا يفكر بها وان ذلك صعب عليها!
اشاحت بوجهها حين سالت دموعها على وجنتيها دون إدراك منها، تباً لماذا تبكي الان؟ ما ينقصها الان نظرة الشفقة منه.

نهضت مُتجهة للمرحاض، دخلته وفتحت صنبور المياة لتغسل وجهها عدة مرات، بعد ان جففته بالمنشفة نظرت لصورتها المُنعكسة على المرآة بفتور، تشعر بالتعب، انها تُحارب دون فائدة، وليس لديها الطاقة لتُكمِل لذا ستترك الامر، فاليحدث ما يحدث، سيتحمل هو نتيجة قراره، ألم يوافق على هذه المهزلة؟ فاليتحمل إذاً، اما هي ستظل جالسة تنتظر وتشاهد الى اين ستوصلها الامواج.

بعد ان خرجت من المرحاض ووصلت للصالون كانت قد وجدت والدها جالس مقابل إياد، انتقلت نظراته الحادة والمتوعدة لها، قال بنبرة هادئة مُقتضبة
- تعالي يلا عشان نقرا الفاتحة
نقلت بصرها ل إياد فتقابلت مع خاصته للحظات، تنهدت بإستياء وهي تُخفض رأسها لتتقدم وتجلس بجوار والدتها، بعد ان انتهيا من قراءة الفاتحة قالت والدتها
- ندي للعريس والعروسة فرصة يتكلموا، ولا اية يا ابو ملك؟

نهض والدها على مضض وسار للخارج مع زوجته.
قال إياد بجانب ابتسامة جذابة على شفتيه
- مبروك يا عروسة
حركت حدقتيها بضيق اليه ولم ترد، فمد كفه ليلتقط كفها، اتت ان تسحبه لكنه منعها بتشديد قبضته، قال بتسلط خفيف
- المفروض تعامليني كويس، كفاية جفاء بقى
ردت بشراسة
- دة أسلوبي ومش هيتغير
ثم سحبت كفها بعنف، بينما قال بهدوء
- مش اسلوبك، دي شخصية انتِ بتحاولي تتقمصيها
- متحاولش تتفلسف وتعمل نفسك عارفني.

- مش بتفلسف، بس من تعاملي معاكِ ومن التناقض اللي شايفه في شخصيتك بيسهل عليا أتنبأ بأنتِ تبقي مين
لوت شفتيها وهي تستنكر قوله
- تناقض؟
برر لها معنى ما قاله
- شوية قوية، شوية ضعيفة، شوية باردة وصريحة وشوية خجولة، بس المشاعر الأضعف بتبان انها طبيعتك اكتر
ما قاله حقيقة، لكنها لا تضعه تحت مسمى التناقض فهي تتصرف حسب الموقف الذي امامها، نعم شخصيتها خجولة وضعيفة لكن في بعض الأحيان تخرج من الصندوق، فهي مُضطرة.

عاد والدها لينضم لهم مرة اخرى، فنهض إياد بعدها بخمس دقائق مُستأدناً دون ان يلمس ما قدموه له من شراب وقطعة حلوى.

اعتدلت يارا لوضع الجلوس بعد ان سمعت طرقات احدهم على الباب، هتفت سامحة للطارق بالدخول، ارتفعا حاجبيها حين ظهرت رضوى امامها، استفسرت ببطء
- في حاجة؟
اجابتها رضوى بود وهي تُغلِق الباب خلفها
- هشاركك اوضتك، لو مش هضايقك يعني
- لية!، مش حاجزة فندق؟
- الوقت مأسعفنيش
واضافت بحماس ونبرة منخفضة
- بلس عمو ابراهيم عرض عليا اني اشاركك اوضتك وانا مش هفوت فرصة زي دي اكيد.

سألتها يارا لتتأكد من مقصدها من كلمة (فرصة)
- عشان تبقي قريبة من عمر يعني؟
- طبعاً
ثم جلست بجوارها وأمسكت بكفها لتتودد لها
- عايزاكِ تساعديني بموضوع عمر، ممكن!
رفضت يارا سريعاً ودون تفكير حتى
- لا طبعاً
وبررت ذلك ب..
- مش بحب أتدخل في حياته الشخصية
- بس انتِ اخته واكيد بيطلب رأيك في..
قاطعتها يارا لتنهي الحديث معها
- لسة في حرج مابينا ومخدناش على بعض اوي
- اممم فهمت
نهضت يارا وهي تُخبرها
- هقوم انام.

- تعالي نقعد نتكلم شوية
رفضت عرضها وهي تستلقي على الفراش
- بكرة عشان نعسانة اوي.

بينما في غرفة سهام و إبراهيم، اتخذ الاخير مكانه بجوار زوجته، اتت الاخيرة بقولها الشارد
- يااه، بقالنا كام سنة منمناش على سرير واحد؟
رد إبراهيم
- كتير، بعد سنة من لما ضاعت سلمى
صححت له بنبرة حزينة مُعاتبة
- قصدك لما عرفت بخيانتك
تجهم وجهه لذِكرها لهذا الامر، ألم تمر الايام؟ لماذا لا تنسى؟، قال بضيق
- ملهاش لازمة السيرة دي.

إبتسمت سهام بحسرة ولم ترد، بينما ضم إبراهيم قبضته بقوة، اغلق المصباح المجاور للسرير ووضع رأسه على الوسادة مُتذكراً اسوء لحظات حياته، فأظلمت حدقتيه بندم وهو ينظر لنقطة قريبة اعتقد انها بعيدة ليُريح ضميره.

أشرقت شمس يوم جديد
انتفض مروان من نومته حين سُكِب الماء البارد على وجهه من قِبل عمر، قال الاخير بكبت
- اصحى يا حلو اصحى، متحاسبناش لسة
صرخ به مروان بغضب وهو يمسح وجهه من الماء
- انت بتستهبل يا عمر؟ حد يصحي حد كدة؟
- ايوة انا
التقط الوسادة والقاها بعنف على عمر، لكنه تفادها، اتجه للباب وهو يخبره
- خمس دقايق وهرجعلك، عايزك تهرب زي امبارح ها!

ثم غادر الغرفة، في حين خروجه كانت رضوى تخرج من الغرفة المقابلة، قابلته بإبتسامة واسعة وهي تترك مقبض الباب وتقترب منه، فأسرع ليهبط درجات السلم قبل ان تصل له وتتحدث معه، فتوقفت لتنظر له من الأعلى بحنق، حدثت نفسها
- مش هتقدر تتهرب من كتير
ثم هبطت درجات السلم لتذهب للخارج وتشاركهم فطورهم في الهواء الطلق.
- حجزت يخت لبكرة.

اخبرهم إبراهيم بذلك، كانت قد وصلت رضوى وسمعت قوله فقفزت بسعادة ثم طوقت ذراعيها حول رقبة عمر الجالس امامها
- فاكر يا عمر ذكرياتنا مع اليخت؟
رفعت يارا حدقتيها لتنظر لها بكره دفين، وقد تلاشى شعورها وتبدل للرضا حين ابعد ذراعيها عنه بخشونة مُتجاهلاً اياها، فجلست رضوى خائبة.
- سلومة هتنزلي البحر النهاردة؟
سألتها سهام، فأجابت يارا رافضة
- لا مش بحب انزل المية
- لية؟
اسرع عمر ليُجيبها بإستهزاء
- عشان خوافة.

قذفته بنظرات حانقة، فأقترحت سهام
- انزلي مع عمر وهو هيمسكك، متخافيش المية حلوة وهتستمتعي بيها
- موافق جداً
شعرت بحماسه وهو يوافق، رفضت بحزم
- لا شكراً مش عايزة، لما اعوز هقولك
- انا عايزة، وهنزل معاك
خرجت رضوى بقولها الذي رأته سهام ان هذه وقاحة منها، فأحرجتها بقسوة
- وهو حد وجهلك كلام؟
- احسن احسن
قالتها يارا لنفسها حين أحرجتها سهام، تشعر بالغيظ من هذه الرضوى لذا هي تستحق كل ما تقذفه سهام عليها.

نهض عمر وخلع سترته قائلاً
- هنزل المية، هتنزلي معايا يا سلمى؟
- لا
- هستناكِ لما تغيري رأيك
- مش هغيره
تدخلت سهام بحزم
- خلاص مترخمش على اختك يا عمر
- ماشي
قالها بتذمر وهو يرمق يارا بنظرات استفزازية لم تفهم سببها، استدارت وتابعته وهو يبتعد، احمر وجهها حين استدار فجأة وغمز لها من بعيد، فعادت لتنظر لطبقها بتوتر.
- صباح الخير
قالها مروان وهو يجلس في مقعد عمر، رد عليه الجميع ماعدا يارا التي لم تسمعه من الاساس.

نظر إياد من النافذة المجاورة حين لمح قدوم ملك مع والدتها، كانت مُتجهمة الوجه ومن طريقة جر والدتها لها يُبين له انها أُجبِرت على المجيء، لكن إذ لم تأتي هي لتختار الخاتم من سيأتي بدالها!
توقفا الاثنين امام سيارته، اتت ملك ان تفتح الباب الخلفي لكن والدتها منعتها قائلة
- اقعدي قدام، جمب عريسك
رفضت يارا قائلة بتذمر وكبت
- قومتوني بدري وجيباني غصب عني وعايزاني اركب جمبه كمان؟

كررت والدتها قولها وكأن ابنتها لم تتحدث
- اقعدي قدام، جمب عريسك
تأففت ملك وخضعت لرغبة والدتها، فصعدت بجوار إياد صافقة الباب خلفها بعنف، القت نظرة سريعة عليه فوجدته يبتسم، انه يستفزها، قبل ان تعنفه كان قد نقل بصره لوالدتها التي جلست في المقعد الخلفي وحيته بود
- صباح الخير يابني
- صباح النور يا طنط، عاملة اية النهاردة؟
- الحمدالله
- عندِك مكان مُحدد عايزة تشتري منه الدبلة؟
اجابت ملك بتبرم
- اي نيلة.

قال مُعاكساً اياها بخبث
- كنت بسأل طنط
رمقته بغيظ فمنحها إبتسامته السمجة، بينما اجابت والدتها
- ودينا المكان اللي تعرفه انت يابني
- خلاص عنيا
اكملا الطريق وهما يتحدثان عن امور عدة و ملك لا تشاركهم، وصلا ودخلا محل الذهب، جلست والدتها على المقعد بصمت لتمنحهم حرية الاختيار.
- اتفضلوا
اخبر إياد الصائغ عن طلبه
- ورينا التوينز اللي عندك
- حاضر
ووضع أمامهم عدة أشكال، نظر إياد ل ملك وقال
- اختاري اللي يعجبك.

وجهت ملك حديثها للصائغ
- عايزة أرخص حاجة لوسمحت
رفع الصائغ حاجبيه بذهول ثم ابتسم وهو يومأ برأسه، بينما مال إياد برأسه بالقرب منها مُعترضاً
- لية أرخص حاجة؟
نظرت له بطرف عينيها مُجيبة اياه
- عشان لما نسيب بعض بعد اسبوعين متخسرش كتير
عقد حاجبيه بحيرة مُعلقاً
- نسيب بعض لية؟ واشمعنى اسبوعين؟
- مش انت قولت انك هتجرب! واكيد تجربتك العظيمة مش هتطول يعني.

اخذها جانباً بعيداً عن نظرات الصائغ الفضولية، قال مُستنكراً قولها
- يعني عشان بجرب يبقى انا مش ماخد الموضوع على محمل الجد؟
- ايوة، معتقدش انك ماخده على محمل الجد
- ولية بتقولي كدة؟ اية الوصلك الفكرة دي؟
تنفست بقوة قبل ان تواجهه بتحامل عما كان يدور برأسها منذ ان صعدت سيارته، فرغم انها غير راضية عن هذه الخطبة إلا ان ما تفكر به من حقها الحصول عليه، من حقها الحصول على الاحترام.

- طب تقدر تقول لي فين اهلك؟ مامتك او باباك؟، ولا انا مش قد المقام عشان يجيوا ويقدروني؟
كانت فظة، وشعرت بالندم الشديد لأسلوبها بعد ان اجابها بهدوء وقد اشاح بنظراته عنها وكأنه سيخفي الألم والحزن اللذان لمعا في حدقتيه.
- والدتي مُتفية
همست بأسف
- البقاء لله
بينما تابع...
- وعلاقتي مع بابا علاقة شغل ومناسبات وبس
عاد لينظر لها وليأسرها بصدق حدقيه بجانب قوله الذي لامس قلبها.

- فياريت متاخديش الموضوع بسوء ظن، انا بقدرك وبحترمك، فمتفكريش كتير، مش هعاملك وحش عشان اسلوب والدك أو حاجة، عايزك تديني فرصة وبس
- حاضر هديك فرصة
خرجت منها دون وعي، رمشت اكثر من مرة لتدرك بعدها انها وافقت على طلبه، حركت حدقتيها بتوتر داخل مقلتيها وقالت بتعجل وهي تكاد تتخطاه لتعود للصائغ
- يلا يلا عشان نشتري الدبلة ونخلص.

التقط كفها قبل ان تبتعد وسار بها للصائغ، ازدردت ريقها بإضطراب، تشعر بدقات قلبها تتسارع، فأدركت سريعاً ان قلبها يخونها، سيقع في حب إياد رغماً عنها، فحركاته التي تراها رومانسية ورجولية تضعفها.

في دهب
ابعدت يارا الهاتف عن اذنها بنفاذ صبر، لماذا هاتف ملك مُغلق؟، مرت عدة ايام وهي لا تستطيع الوصول اليها، حتى انها لم تذهب لوالدتها كوثر، فشعرت بالقلق، وبدأ عقلها في رسم سيناريوهات تزيد من قلقها.
بحثت عن رقم إياد واتصلت به بعد تردد، قد يعرف اي شيء عنها لكنه لا يُجيب ايضا!

وضعت الهاتف في جيب بنطالها بخشونة وسارت على الرمال لتذهب ل عمر القابع في البحر يسبح بمهارة وتسأله إذ اخبره صديقه عن اي شيء يخص صديقتها، لكن مروان أعاق طريقها، قال بطريقته السمجة
- مُتجاهلاني خالص لية يا قطة؟
ردت بتهكم لاذع
- ومن امتى بعبرك اصلاً!
طأطأ مُدعياً الحزن وهو يعاتبها
- تؤتؤ، بتعامليني بقسوة لية! دة انا حتى مُعجب.

تأففت وهي ترمقه ببغض قبل ان تتخطاه، فأسرع ليمسك برسغها ليجبرها للنظر له مرة اخرى، قالت بغضب وهي تجز على أسنانها
- سيب ايدي
قال بفحيح وقد اظلمت حدقيته بطريقة مُخيفة
- طريقتك معايا بدأت تستفزني
- ما تستفزك اعمل اية يعني!
ردت بشجاعة دون ان تهتز من تغيره المُريب، حاولت ان تسحب ذراعها لكنه كان يضغط اكثر على رسغها حتى أصبحت تتألم.

بينما خرج عمر سريعاً من الماء حين رأى ما يحدث من بعيد، سب مروان وتوعد له لأنه مُصِر على إثارة غضبه.
جذبها مروان لتقترب خطوة وهو يطلب منها بخشونة
- أتكلمي معايا زي ما بتتكلمي مع عمر واديني فرصة و...
قاطعه عمر بوضع قبضته على قبضة مروان بعنف، قال
- ابعد ايديك عنها
ابتسم مروان بإستفزاز وهو يترك رسغها ويدفع كف عمر من عليه بغير رفق، دلكت يارا رسغها بألم بينما اردف عمر بغضب مكبوت.

- مش قولتلك اكتر من مرة ابعد عنها؟
رد عليه بعناد ونظرات مُتحدية
- وانا قولتلك انها عجباني وهقرب منها
- لا انت مجنون
قالتها يارا بخفوت وهي ترمقه بإزدراء، بينما حذره عمر بنبرة حادة خشنة
- امشي قدامي وإلا انا مش مسؤول عن اللي هيحصل
سخر مروان
- هتضربني مثلاً!، متنساش ان ابوك وأمك ورانا
- لا يا حلو مش ورانا، دول بُعاد وهقدر اضربك بسهولة
اتسعت إبتسامة مروان الاستفزازية وهو يحثه
- طب يلا
اتت رضوى من خلفهم مُتسائلة.

- في اية؟
لم يُجيبها احد، بينما قال عمر لاخر مرة
- تعال ورايا ومش هكرر كلامي
انهى جملته وتحرك مُتجهاً للشالية، فسار الاخر خلفه وهو لا ينوي على خير.

خرجت ملك مع والدتها من المحل و إياد خلفهما، مدت كفها لتفتح باب السيارة فدوى صوت إنذار، استدارت ونظرت ل إياد بإستغراب، فأجابها بعبث قبل ان تسأل
- طلع في حرامية كتير ولازم أأمن عربيتي
فهمت ما يقصده، فرمقته وهي تدافع عن نفسها
- انا مش حرامية
قال ببراءة مُصطنعة
- وحد كلمك؟
ثم صعد لمقعده، فإبتسمت قبل ان تتخذ مكانها بجواره.
- تحبي نروح ناكل فين؟
طرح سؤاله على ملك، وقبل ان تُجيب الاخير قالت والدتها.

- روحني انا يابني وروحوا انتوا
- هروّح معاكِ
قالتها ملك فأعترض إياد
- لا انتِ هتيجي معايا، ومفيش اعتراض
شعرت بسعادة خبيثة بداخلها من تمسكه، فلم تعترض مرة اخرى.

ركضت يارا للشالية لتلحق بهم، اوقفتها سهام
- في اية؟ بتجري لية؟
كذبت يارا وهي تلهث
- لا مفيش، عايزة اقول حاجة ل عمر بس
- آة، هو لسة داخل مع مروان
- ماشي، عايزة اجيبلك حاجة من جوة؟
- لا يا حبيبتي تسلمي
أكملت يارا طريقها للداخل، اتجهت مُباشرةً للأعلى حيث غرفة عمر، تباطأت خطواتها حين سمعت صوتهما المرتفع، اقتربت حتى توقفت عند الباب ليصبح سماع ما يقولانه واضح لها.
حيث كان يقول مروان.

- انت مش اخوها ولا ليك الحق انك تقولي مقربش منها، انت غريب عليها زيي بظبط، ففوق من الدور اللي انت عايش فيه
اتى رد عمر
- فكك بقى من الكلام اللي انت بتقوله كل مرة دة، واسمعني كويس لاني بعيده للمرة التالتة ودي اخر مرة هحذرك فيها
- ما تقول بصراحة يا عمر، انت مضايق لية مني ومن فكرة اني اقرب من يارا؟
واضاف مروان بمكر شديد
- ليكون عينك عليها!

اتسعت مقلتي يارا وتسارعت انفاسها، قربت اذنها اكثر من الباب مُنتظرة سماع رد عمر بترقب!، وضعت كفها على فمها تكتم شهقتها حين سمعت رد عمر الصريح
- ايوة، بحبها وعيني عليها، لِك فيه؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة