قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل السابع عشر

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل السابع عشر

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل السابع عشر

اغلق مروان باب الغرفة خلفه، تقدم من عمر ليواجهه بنظرات باردة مُتحدية، بادر الاخير في الحديث
- جيت من غير ما تعرفني وجبت معاك رضوى ومشيتها، استهبلت انت وهي ومحجزتوش في فندق عشان تقعدوا معانا وقولت خلاص مش مشكلة، اما انك تعمل مشاكل وتستقصد تستفزني بالحاجة اللي حذرتك منها هنا هقف ومش هسكت، تعرف لية؟ لاني سكتلك كتير وحذرتك بس انت مُصِر
اكد له مروان.

- ايوة مُصِر اني اقرب منها لانها عاجباني وداخلة دماغي وتهديداتك بتبقى حافز ليا اني اتمسك بيها..
- زي ما انا بهددك انت بتهددني، تصرفاتك دي ممكن تكشف حقيقة يارا وانا مش هسمح ب دة
صارحه مروان بخبث
- بس دة مش سبب تصرفاتك وحمقِتك
- لانها مسؤوليتي..
قاطعه مروان ساخراً
- مسؤوليتك لانك اخوها!، دة اللي هتقوله؟
احتدت نبرته وهو يستطرد بإنفعال.

- انت مش اخوها ولا ليك الحق انك تقولي مقربش منها، انت غريب عليها زيي بظبط، ففوق من الدور اللي انت عايش فيه
ضم عمر قبضته وقال وهو يجز على اسنانه اثناء اقترابه من مروان
- فكك بقى من الكلام اللي انت بتقوله كل مرة دة، واسمعني كويس لاني بعيده للمرة التالتة ودي اخر مرة هحذرك فيها..
قاطعه مروان مرة اخرى وهو يسأله بشفافية
- ما تقول بصراحة يا عمر، انت مضايق لية مني ومن فكرة اني اقرب من يارا؟

واضاف مروان بمكر شديد
- ليكون عينك عليها!
تبدل إشتعال حدقتي عمر الغاضب ل إشتعال حاني يُظهر ما بقلبه بوضوح، بجانب رده الصارم
- ايوة، بحبها وعيني عليها، لِك فيه؟
تعالت ضحكات مروان الساخرة والقوية، هدأت تدريجياً جتى تجهم وجهه قائلاً بجمود
- أنت بتتكلم بجد!، ازاي سمحت لنفسك انك تحبها وهي قدام اهلك والناس اختك!

اتى عمر ان يرد لكن صوت سقوط شيء حديدي في الخارج أوقفه، اسرع ليفتح الباب وينظر حوله بقلق، لكنه لم يجد شيء حتى مصدر الصوت لم يره، سار للسلم لينظر للاسفل، فهل كان هناك احد؟ هل سمع شيء من حديثهما؟
- متقلقش مفيش حد يا عم
قالها مروان وهو يقف عند عتبة الباب، فأستدار عمر بنصف جسده ناظراً للاخر، اخبره بحزم مُنهياً الحديث
- اعتقد ان كلامي واضح فمش لازم نكمل كلام ولا نفتح الكلام من تاني.

ثم هبط درجات السلم، بينما وضع مروان كفيه في جيوب بنطاله بلامبالاة قبل ان يلحق به للاسفل.

بينما في الناحية الأخرى، في الغرفة المجاورة، كانت قد اختبأت يارا بداخلها بعد سماعها لإعتراف عمر الصريح الصادم بالنسبة لها، وقد اصطدمت قدمها بصناديق حديدية صغيرة فأصدرت ذلك الصوت لكنها تحمد الله انه لم يكتشف ان مصدر الصوت من الغرفة التي تختبأ هي فيها، وتنفست الصُعداء حين شعرت بمغادرتهم فآخر شيء تتمناه ان تواجهه بعد ما سمعته.

وضعت كفها على صدرها لتشعر بتلك الطبول داخل قفصها الصدري، جلست على الارض وهي تمسح عرقها رغم ان الجو ليس بتلك الحرارة لكنها تشعر بالحر، يبدو ان ما قاله سبب حالتها هذه، بل هذا اكيد.
تذكرت كلماته التي هزت كيانها، انه لشعور غريب لم تشعر به من قبل، توتر وخوف وسعادة!، لحظة سعادة؟، هل شعرت بالسعادة؟

ضمت قبضتها لتنتقل لنقطة اخرى، هل هذا ما يجب ان تشعر به لمعرفة ان هناك احد يحبها؟، الخوف يلازمها من هذا الامر، ألن تتخلص من ذلك النقص الذي بداخلها لتنعم بالقليل من الراحة والسعادة مع أُناس جُداد!
تركت ذلك التفكير المُتشعب لتركز على الجوهر، وقوع عمر في حبها شيء ما كانت تتخيله يوماً، بدأ عقلها في عرض تصرفاته الاخيرة وقوله انه يُريد ان يتقرب منها، أذلك كان اعتراف غير مُباشر وهي لم تفهم!

اخذت تعض أظافرها بإضطراب وهي تُحرِك حدقتيها حولها محاولة التفكير في طريقة للتصرف في هذه الكارثة، نعم انها كارثة ولا يجب ان تتأثر او تهتز، يجب ان تحافظ على الجدار التي شيدتها حولها فهذا أأمن لروحها؛ لذا نهضت بحزم وقد عزمت ما عليها فعله دون ان تُعيد التفكير، ستتجنبه تماماً و تعامله بجفاء، فلا اسهل عليها من إتقان ذلك.

خرجت من الغرفة بخطوات مُتسارعة واتجهت للاسفل حتى تتجه للمطبخ وتصنع لنفسها قهوة حتى لا تخرج خالية اليدين ويشك عمر بها.
اثناء صنعها للقهوة دخل عمر للمطبخ وجفلت دون اي داعي حين سمعت صوته من خلفها
- بتعملي اية؟
استجمعت نفسها واجابته بإقتضاب
- قهوة
مال بجسده مُستنداً بكفيه على الطاولة التي تتوسط المطبخ قائلاً
- ماما قالتلي انك كنتِ عايزاني، عايزة تقوليلي اية؟

توقفت عما تفعله لتنظر امامها وهي مازالت تلويه ظهرها، تحدثت بجمود
- مكنش له لازمة اللي عملته مع مروان دة، انا اقدر اتعامل معاه
اسقط بصره لرسغها قائلاً بنبرة لامست السخرية
- ما هو كان باين
ثم أضاف بجدية
- متقلقيش، مروان مش هيضايقك تاني..
قاطعته بضيق مُصطنع وهي تستدير له، لا تعلم لِم اختارت التصرف بإنزعاج كاذب
- لية؟، مش ممكن اكون معجبة به مثلاً وانت بتقفل الطريق عليا!

صدمته بِما قالته، انعقد حاجبيه بحدة وهو يقول بنبرة ظهر عليها الضيق
- طريقتك معاه متدلش على كدة ابداً
استنكرت رافعة حاجبيها بحنق
- وانت ايش فهمك بطُرق البنات؟
استقام وهم للإقتراب منها وقد لمعت حدقتيه بمكر لم تفهم سببه
- يعني انتِ مُعجبة ب مروان؟
فرقت شفتيها لتُجيبه لكنه تابع قوله مع إبتسامة جانبية
- ولا عشان سمعتي اللي كنت بقوله ل مروان في الاوضة؟

اتسعت مقلتيها قليلاً وانقطعت انفاسها، حاولت سريعاً إنقاذ نفسها فتصنعت الجهل بمهارة مُعاكسة لملامح وجهها التي أظهرت إرتباكها بحماقة.
- سمعت اية؟ مش عارفة بتتكلم على اية؟
توقف امامها مُباشرةً آسِراً عينيها بخاصته بقوة، سألها بخفوت وثقة
- تحبي اعيد لِك اللي سمعتيه؟

في الحقيقة انه رآها، رأى ظلها يقترب من فتحة الباب السفلية والتي تقابلها أشعة الشمس فأنعكس ظلها بسهولة، وتأكد انها هي حين خرج هاجمته رائحتها المميزة بالنسبة له؛ لكنه مثّل الجهل امام مروان وانهى ذلك الحديث حتى لا يُعقد الأمور امامها، لم يكن ليواجهها الان لكن محاولة إبعادُه الواضحة له اغاظته وخاصةً انها اتخذت من مروان حجة.

تخطته مُصطدمة بكتفه لتهرب من مواجهة لا تُريد حدوثها ابداً، لكنه استدار سريعاً ليمسك بذراعها ويوقفها بقوة، فرق شفتيه ليقول شيء لكنها سبقته بقولها القاسي
- ايوة سمعت اعترافك السخيف وميهمنيش، اتصرف بمشاعرك بعيد عني
صدمه قولها حتى انه ترك ذراعها دون ان يشعر، مُحدقاً بها بعدم تصديق، تابعها وهي تبتعد، لم يستطيع إقافها فقد أُلجم لسانه وامتلأ صدره بخيبة لاذعة.

اوصل إياد والدة ملك للمنزل ثم اكمل طريقه مع ملك إلى إحدى المطاعم الذي يُفضلها هو، فحين سألها مرة اخرى عن رغبتها في الذهاب لمكان معين، اجابته ب
- اي حاجة.

بعد لحظات وجدته يتصل بأحدهم ثم اخذ يتحدث مع الطرف الاخر بالإنجليزية، لم تفهم الكثير مما قاله لانها ليست جيدة بهذه اللغة، لكن من معرفتها الضئيلة بها علِمت انه يتحدث مع فتاة وهذا أزعجها، وأخذها عقلها لأفكار سيئة ومُهينة، هل يظن انها جاهلة لذا يتحدث بهذه الراحة دون ان يخاف على مشاعرها، فهي لن تفهم ما يقوله في النهاية.
لقد اخبرها انه يحترمها لكنه ينقض ما قاله الان وبكل بساطة، لا يجب ان تثق به.

هل يجب ان تسأله؟ توبخه؟ ام تصمت؟، قررت الصمت حتى لا تخوض حديث لا داعي له، هذا ما يجب ان يكون عليه الامر.
وصلا للمطعم ودخلا معاً، سحب لها الكُرسي لتجلس ثم اتخذ المقعد المقابل لها، اخبرها وهو يبتسم
- في حد عايزِك تقابليه
- مين؟
- هتعرفي وقتها
لم تُصِر عليه، اخذت القائمة التي وضعها النادل على الطاولة وحاولت ان تختار أرخص ما في القائمة، فلم يعترض، اتى النادل ليأخذ طلباتهم.

- عايز كوكتيل مشويات واتنين بيبسي و...
يبدو انه نسيها، فذكرته بطلبها
- العدس
تجاهلها واكمل سرد طلباته على النادل، وحين تركهم الاخير، اخبرها إياد بود
- ملهوش لازمة كسوفك وأنك تختاري أرخص حاجة، الحمدالله الخير كتير ف لية تقولي لا؟
لم ترد، اشاحت بوجهها للناحية الأخرى وساد الصمت، شعر بالإستياء بداخله، فيبدو ان الوصول اليها سيستغرق جهد اكبر مما تخيله.

بعد لحظات ظهرت فتاة اجنبية في محيط رؤياها، كانت تسير في ناحيتها ولاحظت ان نظراتها مُسلطة على إياد، وبعد وهلة ذكرها عقلها بها، انها نفس الفتاة التي رأتها تعانقه من قبل، اخذت تفكر في سيناريوهات الافلام، هل ستتقدم منها وتُسبب فضيحة بسبب حبيبها التي تجلس هي معه!

ازدردت ريقها بقلق وهي تنقل نظراتها للطبق الفارغ امامها، حتى انها لم ترفعها حين نهض ليلقي التحية على هذه الأجنبية، رفعت رأسها حين نطق إياد اسمها من بين جملته الإنجليزية
- روز، أُعرفك على زوجتي المستقبلية، ملك
نقلت ملك بصرها بينهما بعدم فهم حين تسلطت نظرات الاثنين عليها، فهمت بعدها انه قدمها لها حين قال
- دي روز يا ملك..
أضاف موضحاً
- صديقة عادية، مش حبيبتي زي ما كنتِ فاكرة
فرغ فاهها كالحمقاء وهي تتمتم.

- ها!
ابتسمت كالحمقاء وهي تنهض لتمد كفها وتصافح روز لكن الاخيرة تجاهلت كفها واندفعت لتعانقها بحماس وهي تتحدث بلغتها التي لا تفهمها ملك، فرفعت بصرها ل إياد لتحرك شفتيها ب
- بتقول اية!
اخبرها بإبتسامة صغيرة ونظرات حانية
- بتقول انها مبسوطة لانها اتعرفت على حبيبتي واني محظوظ بيكِ
انهت روز ذلك العناق اخيراً فتمتمت لها ملك بالإنجليزية
- شكراً لكِ.

ثم اتخذ كل واحد منهم مقعده، وأخذ إياد يتحدث مع روز بينما شردت ملك وسحبها تفكيرها للأفكار السيئة السابقة عن إياد لتندم على ذلك، انها ظلمته، لقد حاول سابقاً توضيح الامر لكن في كل مرة كان يحدث شيء يُعيقه.
اجفلت حين شعرت بكفه يمسك بكفها الموضوع على الطاولة، تقابلت حدقتيها بخاصته وشعرت بأنه يحدثها بهما، يسألها هل تُصدقه الان؟ هل تثق به!، ازدردت ريقها وهي تسحب كفها لجانبها بخجل.

تابعت رضوى إبتعاد يارا بحاجبين مُرتفعين بعد خروجها من الشالية، فقد كان حولها هالة غريبة، توقعت انها خاضت مع عمر نقاش حاد لذا يبدو عليها الانزعاج، هل يرفض عمر علاقة مروان مع اخته؟ فقد اخبرها الاخير سابقاً انه مُعجب ب سلمى لذا استنتجت ذلك.
بعد لحظات تابعت خروج عمر وهو مُتجهم الوجه فتأكدت من استنتاجها، نهضت ولحقت ب عمر الذي اتخذ نفس طريق يارا.

بينما نهضت سهام مع إبراهيم لداخل الشالية فظل مروان جالساً بمفرده ينظر ل عمر المُبتعد بحقد دفين.
- استنى يا عمر بقى
قالتها رضوى بضجر وقد تمكنت اخيراً من إيقافه، نظر لها بجفاء، بينما قالت بإستنكار
- مالك؟، كل دة عشان مروان وأختك؟
احتدت حدقتيه وهو يسألها بخشونة
- عرفتي منين؟
- مروان...
قاطعها بطرح سؤال اخر بريبة
- وقالك اية تاني؟
اجابته بصدق
- ولا حاجة
عقدت حاجبيها وهي تستفسر
- لية؟ في حاجة تانية معرفهاش؟
- لا.

رد بإقتضاب وتخطاها، فأسرعت لتُصاحب خطواته وهي تتحدث بسلاسة
- مروان كويس واكيد مش هيلعب بأختك لانك صاحبه، فمتقلقش منه
توقف عن السير ونظر لها بطرف عينيه مُحرِجاً اياها بقوله
- هو حد طلب رأيك او قالك تدخلي؟
همست بأسمه وهي تُعاتبه بحدقتيها
- عمرر!
اكمل سيره فكادت تُكمِل لحاقها به لكنه زمجر بغضب
- متلحقنيش احسنلك
فتوقفت رامقة اياه بحنق.

وصلت يارا لنقطة بعيدة عن الشالية، جلست على الصخر وحدقت امامها بحدقتين مُهتزتين وملامح جامدة لا تُظهر إنقلاب داخلها، دقات قلبها المُتسارعة والتي تعرف سببها جيداً لكنها تتجاهلها، سعادة قابعة في نقطة بعيدة داخلها لا تُريد الاعتراف بها، وحزن وخوف يُغلف روحها.

بينما توقف هو خلفها مُتردداً إذ يقترب منها ام يعود ادراجه!، كذلك مُتردداً في السعي خلفها، خائف ان يكرر تمسكه ويكتشف بعدها انه مُخطئ وأنها لا تستحق ك رضوى، لكن هناك صوت ينهره على تفكيره بهذه الطريقة، فلا يجب ان يتخذ الطريق السهل، فاليُجرب حظه فيخرج من هذه التجربة بدرس جديد او قصة حب جديدة.

استدارت بتلقائية وكأنها شعرت بأنه خلفها، ضمت قبضتها حين رأته لعلها تُسيطر على موجة المشاعر التي تُداهمها الان ولو حتى امامه فقط، تجهم وجهها وهي تنهض بحدة، فأقترب ليقف امامها على الصخرة، سبقته بقولها الصارم
- همشي بليل ومش هستنى دقيقة هنا، فأتصرف مع اهلك وشوف هتقولهم اية
قال مُستنكراً
- كل دة عشان عرفتي اني..
قاطعته قبل ان يقول تلك الكلمة المُريبة
- ايوة، وهعمل اكتر من كدة لو تطاولت معايا في الموضوع دة.

وقبل ان يسألها قالت مُهددة اياه
- هلغي الاتفاق ومش مهم الشهر الباقي وهستغنى عن نص فلوسي و...
قاطعها بحنق مكبوت ونبرة هادئة
- مش قولتي اتصرف مع مشاعري! يبقى شاغلة نفسك دلوقتي لية؟
- مين شاغله نفسها! انا!
ضحكت بشراسة ثم قالت ببرود مُصطنع
- حاجة متخصنيش اشعل دماغي بيها لية؟

انهت قولها وكادت ان تتخطاه لولا انزلاق قدمها فكادت ان تسقط لكنه اسرع ليلتقطتها مُمسكاً بذراعيها، فتمسكت به حتى تستقيم وتسترجع توازنها ثم دفعت كفيه بعيداً عنها وهي ترمقه بإزدراء وتبتعد، فإبتسم في غضب وهو يتابعها تبتعد.

في سيارة إياد، صعدت ملك بجواره وانطلق، تنحنحت وقالت بحرج
- اسفة لاني اتهمتك بحاجة مش صح
رد ببساطة
- المهم ان فكرِتك عني تكون اتصححت، دة اللي يهمني
اومأت برأسها وصمتت، بينما استطرد
- صحيح، لقيت مكالمة فائتة من يارا
ضربت جبينها مُتذكرة هاتفها الذي أخذته من والدها وقد نست فتحه، فأسرعت لإخراجه من حقيبتها وهي تقول
- اكيد قلقت عليا عشان كدة اتصلت بيك
فتحت الهاتف بينما تفكر بحيرة.

- بس لية اتصلت بيك وهي عارفة ان مفيش حاجة مابينا!
رد إياد بهدوء
- ممكن تكون متصلة غلط
- ممكن
تمتمت بها ملك ووضعت الهاتف على اذنها مُنتظرة إجابة يارا على اتصالها لكنها لم تُجيب، اعادت الاتصال عدة مرات وكانت نفس النتيجة.
- مش بترد عليا
قالتها بإستياء، بينما قال إياد
- ممكن متكونيش عارفة عشان موبايلك مكنش معاكِ بس يارا مش في القاهرة
- اومال هي فين؟
- في دهب، مع عيلة عمر
- واية اللي وداها معاهم؟

- مش هي سلمى! لازم تروح
غمغمت بتفهم ثم صمتت قبل ان تطلب منه برجاء
- طب متقولهاش على اللي بينا
- لية؟
- هي متعرفش للان ومش عايزاها تعرف من حد غيري
اومأ برأسه مُطمئناً اياها، فنقلت بصرها للطريق وصمتت.
بعد فترة قالت عاقدة حاجبيها
- دة مش طريق البيت!
- هنروح مكان الاول، عايز اجيبلك حاجة
- اية هي؟
- هتشوفي دلوقتي
وخلال دقائق كان قد اوقف السيارة جانباً، ترجل فترجلت خلفه، سألته مُستفسرة
- جايين المول لية؟

اجابها اخيراً
- عشان نشتري لبس
عقدت حاجبيها وهي تسأله ببطء
- لمين؟ ليا؟
اومأ برأسه وهو يمسك بكفها ليسيرا معاً، لكنها اوقفته بسحبها لكفها ووقوفها، فأستدار بحيرة بينما قالت بضيق
- لية؟ مال لبسي؟ مش عاجبك؟
- مش قصدي..
لم تسمح له ان يتحدث ويوضح، فقد أكملت بإنفعال وحدة
- شايفه متقطع ولا قديم ولا عشان باينة اقل منك وانا جمبك!
حاول الحديث مرة اخرى لكنها مُصِرة على إكمال كلامها اولاً.

- مش غصباك على حاجة، ومش عايزة نجرب حتى، ياريت تبعد عني وتشوفلك واحدة في مستواك
رأى دموعها المُتحجرة في مقلتيها قبل ان تغادر، حاول إيقافها
- استني...

لكنها أسرعت وكادت تكون ركضت حتى تهرب منه، فتأفف بضيق وضرب السيارة بقدمه، لماذا تُسيء ظنه بهذه الطريقة البشعة!، لم يكن يقصد شيء مما قالته، أراد إسعادها فقط فقد سمع ان المرأة تسعد عند شراء الملابس ومستحضرات التجميل، من أين يعلم انها ستأخذ الامر على انه إهانة!

في الشالية..
- هتفضل مخبي عليا كتير؟
طرحت سهام سؤالها على إبراهيم وهي تراقبه بعينين ضيقتين، فتوقف الاخير عن تقليب الشاي دون ان يرفع بصره لها، عاد لِما يفعله بعد لحظات مُتساءلاً
- بتتكلمي على اية؟ مش فاهم
- على رضوى
- مالها؟
تعلم انه بتصنع الجهل، لذا قالت بنبرة مُستخفة
- فاكر اني مش عارفة انك بتدعم وتشجع رضوى على انها تقرب ل عمر وتحاول ترجعه ليها؟
قبل ان يرد اضافت..
- سمعت نصايحك ليها إمبارح.

بدى بارداً وهو يتساءل
- وفيها اية؟
قوله أثار غضبها فهتفت بإستنكار حاد
- وفيها اية؟، مشوفتش عملِت اية مع ابنك؟
رد إبراهيم بثقة
- وأنا عارف ابني، هو مش هيرجعلها فخليني أوهمها اني معاها
عقدت حاجبيها بعدم فهم
- واية لازمتها؟ هتستفاد اية؟
اجاب وهو يُعيد ظهره للخلف
- في واحدة بنت حرام بتلف على ابنك ودي العن من رضوى، فبحاول اخلي رضوى وسيلة تبعده عنها بس
اندفع جسد سهام للأمام وهي تسأله بفضول وريبة.

- مين دي؟ عرفها منين وانت عرفت منين؟ عمر قالك؟
- عرفت لوحدي
اردف برجاء
- ومتقوليش ل عمر اي حاجة
اومأت سهام برأسها واكملت سلسلة اسألتها الفضولية
- وناوي على اية؟
- مش عارف بس متقلقيش، موضوعه معاها هينتهي قريب، انا متأكد
قالها بغموض وهو ينقل بصره للتلفاز.

اسدل الليل ستاره
عادت يارا للشالية، فور رؤية سهام لها قالت موبخة اياها
- كل دة فين يا سلمى؟ مش لازم تقوليلي قبل ما تبعدي ولا تخليني اقلق كدة؟
اعتذرت يارا وهي تجلس بجوارها
- اسفة والله، بس عمر عارف وافتكرته هيقولك
- عمر مرجعش ومعرفش هو فين، بس مروان قال انه شافه مع رضوى
تدخل مروان قائلاً بكذب
- شكلهم هيتصالحو
نهرته سهام
- تف من بوقك يا ولد.

ضحك مروان وأومأ برأسها وهو يُغلق فمه بكفه بكوميديا، بينما شردت يارا لوهلة بقول الاخير، هل تصالحا فعلاً! إذاً ماذا كان ذلك الاعتراف؟، جذبت سهام تركيز يارا من جديد حين مالت عليها وهمست بجوار اذنها
- تبقي تفكريني اقولك حاجة عن عمر، حاجة مهمة، بس هيبقى سر ما بينا
- اية هو السر؟

همست يارا مثلها، وقبل ان تُجيب سهام كان عمر قد عاد وبجواره رضوى التي كانت تتحدث والابتسامة تكاد تصل لأذنيها، وقد صمتت حين وصلت امامهم.
تقابلت حدقتي يارا بخاصة عمر بالصدفة حين رفعتها لهما، يبدو ان ما قاله مروان صحيح، من تلك المسافة القليل التي بينهم وإبتسامة رضوى المُزعجة بالنسبة لها.
اشاحت بوجهها بإقتضاب، وحين جلس عمر نهضت هي لتستأذن
- هطلع انام عشان تعبانة
تمسكت بها سهام
- اسهري معانا شوية.

- مش قادرة والله
- خلاص براحتك يا حبيبتي
قبلتها يارا وصعدت لغرفتها.

في شقة إياد
كان جالس على الاريكة واضعاً الهاتف امامه على الطاولة ونظراته مُسلطة عليه، انه ينتظر رد منها، لقد أرسل رسالة لها لكنها رأتها وتجاهلتها!، لماذا تجاهلتها؟ ألا تتخذه على محمل الجد؟، لماذا هي قاسية هكذا؟، لكنه نهر نفسه وندم على إرساله هذه الرسالة
- اسف ومتزعليش مني بس فعلاً مكنش قصدي، كنت عايز افرحك بس ولو كنت اعرف ان تصرفي هيضايقك وهتاخديه بسوء ظن مكنتش عملته.

ما كان عليه ان يوضح لها شيء، فقد حاول سابقاً لكنها رفضت فلماذا أرسل هذه الرسالة الغبية! لماذا لم يفكر بكبريائه وفكر في حزنها فقط! لقد قدرها لكنها ماذا فعلت؟، رأتها ولم تقُل شيء، فمن لا يحترم الاخر هنا؟

سارت على أطراف أصابعها بخفة وحذر لتصل للباب وتحمل الحقيبة الصغيرة التي قامت بتجهيزها سابقاً ثم فتحت الباب ببطء لتخرج خارج الغرفة وتتجه للسلام بخطوات مُتسارعة، هبطتها وخلال ثانية كانت في الأسفل، خرجت من باب الشالية الذي كان مفتوح!، لم تُشغل تفكيرها كثيراً أكملت طريقها للشارع العام فقد طلبت سيارة أُجرة لتوصلها لمحطة الحافلات التي ستوصلها للقاهرة.

وحين وصلت للشارع العام اخرجت هاتفها لتتصل بالسائق لكنها وجدت اتصالات كثيرة فائتة من ملك، فحدثت الهاتف وكأنه ملك
- هتصل بيكِ على الطريق ان شاء الله
قبل ان تضغط على زر الاتصال على رقم السائق وجدت سيارة حمراء تتوقف امامها وقد انزل صاحبها زجاج النافذة المجاورة.
لم تنظر وانت ان تتحرك لكن صوت عمر داخل السيارة اوقفها
- يلا اركبي يا يارا
مالت لتنظر له خلال النافذة بذهول، هتفت بحيرة
- بتعمل اية هنا؟

- هرجع معاكِ القاهرة، اكيد مش هسيبيك تروحي لوحدك
سخرت بكبت
- لية؟ صغيرة؟
اردفت بحزم
- اكيد مش هروح معاك
تنهد طالباً منها بلطف
- ممكن متعانديش؟
- مش بعاند، فعلاً مش عايزة اروح معاك
زفر وهو يترجل من السيارة ليلتف حولها ويقف امامها قائلاً بملامح جامدة
- لو مركبتيش معايا مش هسمحلك تروحي لوحدك
- بتهددني؟
- لا، بعرفِك بس.

انهى قوله وتبادلا النظرات، نظراته الجدية والحازمة التي تُظهر مدى تمسكه بعدم تركها بمفردها، امام نظراتها الثاقبة والمُتحدية، لكنها فشلت في مواجهته اكثر من ذلك.
زفرت بضيق وهي تتخطاه لتصعد السيارة
- ماشي، يلا
ابتسم برضا وهو يتمتم اثناء اتجاهه لمقعده خلف المقود
- يلا قبل ما نلاقي حد نطلنا
انطلق بالسيارة لمحطة الحافلات، التقط التذكرتين من جانبه ليعطيها لها قائلاً
- المفروض تحجزي قبل ما تقرري تمشي.

نظرت للتذكار واخذتها منه، تمتمت وقد شعرت بغباءها
- صح
ثم اتسعت مقلتيها وهي تنظر له وتهتف مُتسائلة
- هو انت هتيجي معايا القاهرة؟
- طبعاً
اجابها ببساطة، بينما فصحت عما دار في رأسها سابقاً
- كنت فاكرة انك هتوصلني للمحطة وبس..
- لا، فرصة اني ابقي معاكِ واعرف سبب رفضك
تباً لماذا هو صريح معها هكذا؟ ألم يفهم انها رفضته؟، ألم يفهم انها تهرب منه بذهابها للقاهرة! فأين الهرب إذ رافقها؟

انتقل لحديث اخر قبل ان ترد على قوله برد غير ودي ابداً.
- متقلقيش من ناحية ماما وبابا، سيبتلهم رسالة اننا رجعنا القاهرة عشان والدتك تعبت فجأة.

اكتفت بالإيماء برأسها وبصرها مُعلق بالطريق، بينما يُفكر عقلها، هل يجب عليها ان توقف السيارة وتترجل وترفض مرافقته؟ هل كان يجب ان ترد عليه وتوبخه؟ لماذا صمتت؟ هل لانها تعلم ان لا فائدة من الهرب ام لانها رغبت في سماع تمسكه بها؟، تباً لماذا هي مُناقضة لنفسها بهذه الطريقة المُزعجة!
ضربت رأسها بالزجاج بخفة وهي تُطبق جفونها، لا تفهم نفسها وهذا يُثير جنونها.
تطّرق عمر فجأة لحديث جديد.

- رضوى طلبت مني نبقى صحاب..
ضمت يارا قبضتها وهي تفتح عينيها، هل بعقله يتحدث معها عن رضوى!، ازدردت ريقها وهي تسأله بجفاء
- وبتقول لي لية؟
- عايز اعرف رأيك
اخبرها بصدق، فردت بنفس جفاءها الذي لم يقل
- اعتقد اننا مش قريبين من بعض عشان ناخد رأي بعض في حياتنا الخاصة
- ما انتِ جزء من حياتي الخاصة...
حدقت به بعد قوله الحاني، بينما أضاف وهو يبتسم ونظراته تنتقل بين الطريق وبينها
- فبالتالي هاخد رأيك فيها.

رمشت عدة مرات وقد تملكها التوتر فأشاحت بوجهها سريعاً للناحية الأخرى، وقد تذبذب داخلها، انه ذو لسان معسول، انه ماهر في خداع الجنس الاخر، يجب ان تحذر.
انتشلها اتصال ملك من حالتها تلك، ردت سريعاً فهذا الاتصال هو نجاتها من إكمال الحديث معه.
- اخيراً سمعت صوتك يا ملك
ردت ملك بصوت باكي
- محتاجاكِ جدا يا يارا
سألتها يارا بقلق
- في اية؟ بتعيطي لية؟

- مشوفتيش اللي حصلي يا يارا، مشوفتيش بابا عمل اية، هو السبب في اللي انا فيه دلوقتي
- طب اهدي بس وقوليلي حصل اية؟
اخذت ملك تسرد لها ما حدث منذ البداية دون ان تقاطعها يارا، صُدِمت الاخيرة من كل هذا الذي حدث خلال الايام القليلة التي لم تتحدث بها مع ملك، انهت الاخيرة سردها وهي تشهق في البكاء، حاولت يارا تهدأتها دون ان تعلق على تلك الاحداث ابداً.

- انا هرجع النهاردة، هجيلك البيت اول ما اوصل، فأهدي كدة عقبال ما اجيلك وابقى جنبك
- حاضر، هستناكِ
انهت يارا المكالمة معها ونقلت نظراتها المُتهمة ل عمر، وقد لاحظها فسأل
- في اية؟ بتبصيلي كدة لية؟
سألته وهي تضيق عينيها
- كنت عارف؟
- عارف اية؟
- ان إياد أتقدم ل صاحبتي ملك؟
ارتفعا حاجبيه بذهول قائلاً بعدم تصديق
- نعم!، أتقدم؟ أتقدم خلاص؟
رمقته بشك وهي تتهكم
- مكنتش تعرف يعني!
اكد لها بصدق.

- اخر مرة اتكلمت فيها معاه كان رافض الموضوع ورافض الموقف اللي حطه فيه ابوها، بس معرفش انه وافق وراح لها
غمغمت وقد صدقته، فأردف مادحاً بصديقه ليُطمأنها
- إياد كويس جدا وراجل، مدام خد خطوة زي دي يبقى داخل جد، رغم انه كان يعرف بنات كتير بس شهادة حق انه ابن ناس ومكنش بيلعب بيهم، واكيد مش بيلعب بصاحبتك
أضاف على حديثه
- يعني لو مروان هقولك ماشي لانه فعلاً صايع وبيكلم مية واحدة في وقت واحد، فهو غيرنا..

- وانت؟ زي مروان ولا إياد!
خرج قولها منها بتلقائية ندمت عليها، ابتسم عمر هامساً بتساؤل
- تفتكري اية؟!
لم ترد، نظرت للناحية الآخرة بينما قال
- واحد كان متمسك بحبه الاول لفترة طويلة هيبقى زي مروان مثلاً؟
كان قد وصل للمحطة فأضطر ان يُنهي حديثهما ويوقف السيارة جانباً، ترجلت واخذت حقيبتها، طلب منها ان تنتظره حتى يذهب ويعطي مفتاح السيارة لأحد اقارب صاحبها كالمتفق.

بعد دقائق عاد لها، تابعته وهو يتقدم منها ودقات قلبها تتسارع، كم هو جذاب بهذا الشورط الجينز وقميصه الازرق، عينيه اللامعة ببريق مميز تستطيع ان تراه حتى من بعيد، كذلك شعره المُبلل الذي لم يصففه، حتى انه اجمل هكذا؟
اتسعت مقلتيها حين ادركت ما تفعله، لقد تفحصته وتغزلت به؟، هل جُنت؟، استدارت وسارت بخطوات مُتسارعة لإحدى الحافلات، فهتف
- مش دة، اللي جمبه.

غيرت خط سيرها الخاطئ لتسلك الصحيح، انتظرته امام الباب حتى يصعدا معاً فالتذاكر معها؛ جلسا بجوار بعضهما وبدأ في الحديث معها حين تحركت الحافلة، كان بتحدث بنبرة منخفضة
- ممكن ندي لبعض فرصة..
- لا
تخطى رفضها واكمل
- نحاول نتعرف على بعض و..
- قولت لا
تجاهلها للمرة الثانية ليكمل
- ممكن لما تقربي مني تحبيني و..
قاطعته بضيق
- مش اتفقنا انك هتتصرف بمشاعرك بعيد عني؟

- اولاً متفقتش معاكِ على حاجة، ثانياً مش هقدر، انا مش من النوع اللي يقدر يتصرف بمشاعره وينهيها بالبساطة دي
ردت بداخلها بإستياء
- وانا زيك عشان كدة مش عايزة اضعف نفسي وأمشي في طريق عارفة ان صعب اخرج منه
نقلت بصرها له وسألته
- مش خايف ان مروان يكشف حقيقتي لأهلك او يقول ل رضوى؟
- مش هيقدر يقول لأهلي لانه وقتها هيخسر فرصته معاكِ
غمغمت بتفهم، بينما نظر لها وقال بشك
- افهم من سؤالك انك رافضة بسبب اهلي؟

أنكرت سريعاً
- لا طبعاً
صمت لوهلة قبل ان يسألها
- طب انتِ مُعجبة بيا؟
اجابته بثبات وهي تنظر امامها
- لا
- مش مستلطفاني حتى؟
- لا
ابتسم بخبث وهو يميل قليلاً
- مش بتكرهيني طيب؟
- لا
اجابته دون تفكير، وحين فهمت سؤاله صححت اجابتها سريعاً
- اة، بكرهك
ضحك بإستمتاع وقال مُعترضاً
- الرد الاول احق
عضت على شفتيها وقد شعرت بغباءها.

مر الوقت وقد نامت، ايقظها حين توقفت الحافلة في مكان الاستراحة، ترجلا مع الرُكاب ودخلا للمقهى ليجلسا، سألها عما تُريد شربه
- عايزة شاي
عاد بعدها بلحظات ومعه كوبين من الشاي، قدمه لها ثم جلس مُقابلاً لها.
- هو انتِ خايفة؟
فجأة خرج منه سؤاله الغير مفهوم، عقدت حاجبيها واستفسرت
- خايفة؟ من اية؟
رفعت الكوب لتحتسي منه القليل، وتوقف السائل في منتصف حلقها حين وضح
- من انك تدخلي في علاقة معايا؟

سعلت بقوة وكادت ان تختنق، فأسرع ليجلس بجوارها ويضرب بخفة على ظهرها بينما يده الأخرى تفتح زجاجة الماء لها، بعد ان شربت القليل من الماء سألها بإكتراث
- بقيت كويسة؟
اومأت برأسها فتنهد براحة ثم اكمل بحدقتين صادقتين
- يعني عايز اطمنك، متخافيش مني، من علاقتي معاكِ، مش هأذيكي ابداً، هحترمك وهصونك ومش هخذلك، هكون صادق معاكِ و..

مد كفه ليلتقط كفها بحنان، انتقل لنقطة اخرى تُظهر تذبذبه، وحدقتيه تخبرها ان تثق بكل كلمة يقولها
- انا فعلاً فعلاً عايزِك، عايز اقرب منك واعرف كل حاجة عنك، عايزك في حياتي، مش متأكد إذ كان حب ولا لسة موصلتش للمرحلة دي ولا وصلتلها واتخطيتها!، انا نفسي مش عارف بس اللي متأكد منه اني..

تأثرت، هاجمتها مشاعر تخاف ان تشعر بها، ستضعف، امام صدق حدقتيه وكلامه الذي يصل لها كوعود منه، سيُهدم جدارها، لتظهر لها حقيقة مشاعرها لتزداد خوفاً، ظهر ارتباكها جلياً على ملامح وجهها وبطريقة سحبها لكفها، وإبتعادها بل ركضها لتهرب منه لتصعد للحافلة مرة اخرى.
ظل جالساً مكانه، لم يلحق بها حتى لا يضغط عليها اكثر، لكنه كان سعيد من رد فعلها الذي جعله يتفائل.

مرت خمسة عشر دقيقة وأعلن السائق عن إنطلاقه، فصعد عمر الحافلة وجلس بجوارها، كانت نائمة، بل تُمثل النوم حتى لا تواجهه وهو يعرف ذلك مُجدداً، فأبتسم بسعادة خبيثة وظل يتأملها حتى نام هو دون ان يشعر، وقد سقط رأسه على كتفها ففتحت عينيها ببطء وحذر فوجدته نائم، تنهدت براحة، تستطيع الان ان تجلس براحة.

كادت ان تُبعد رأسه عنها لكنها تراجعت، اعادت رأسها للخلف وحدقتيها مُعلقة على صورته المُنعكسة على زجاج النافذة، بينما عقلها يفكر ويواجه حقيقة انها تشعر بالإنجذاب له!

بعد مرور خمس ساعات، وصلا للقاهرة.
اخذت يارا حقيبتها واتت ان تغادر لكن عمر اوقفها قائلاً
- استني اياد جي وهيوصلنا
احتدت حدقتيها وهي تخبره
- بلاش أقابله عشان هاكله وهو حي، ماشي!
اقترح سريعاً
- خلاص، تعالي اوصلك
- لا..
اعترضت واضافت بتردد وهي تجول بنظراتها حولها
- بس لما اتصل بيك، رد
عقد حاجبيه بعدم فهم، وقبل ان يسألها كانت قد ابتعدت، أوقفت سيارة أجرة وصعدتها، أعطت السائق العنوان وطلبت منه..

- استنى دقيقة، ولما اشاورلك تتحرك يبقى أتحرك
- حاضر
اخذت نفساً عميقاً وهي تضغط على زر الاتصال، أغمضت عينيها بقوة وهي تضعه على اذنها ودقات قلبها مُتسارعة، شعرت بالحرارة تصعد لوجنتيها حين وصل لها صوته، لكنها استجمعت شجاعتها، لن تنسحب الان فقد قررت وانتهى الامر
- انا، موافقة..
قالتها وهي تحرك حدقتيها ببطء لناحيته، ملامح وجهه المصدومة جعلتها تتوتر اكثر، بعد لحظة وجدته يسألها بعدم تصديق، ولهفة.

- نعم!، بتقولي اية؟ موافقة؟ بجد؟ موافقة؟
حركت رأسها وهي تبتسم بإرتباك، سمعت ضحكاته عبر السماعة ووجدته يركض لناحيتها فأسرعت لتُشير للسائق لينطلق ثم اغلقت الخط، وضعت كفيها على وجهها وهي تضحك بخجل وتبكي!، هل وافقت حقاً!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة