قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل الختامي والأخير

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل الختامي والأخير

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل الختامي والأخير

البقاء لله ربنا يصبرك يا بنتي خليكِ قوية
تدفقت كلمات التعازي بأنواعها على مسامعها، يُربتون على كتفها وكفها بشفقة وأسف ثم يرحلون، لا احد يعلم انها مازالت لا تستوعب موت والدتها المُفاجئ، كانت بخير قبل ان تتركها لتذهب للعمل لكن فجأة تدهورت حالتها وخلال ساعات كانت قد فارقت الحياة.

حركت حدقتيها الفارغة والدموع متحجرة فيهما، تنظر للوجوه الحاضرة دون ان تراهم!، قد يعتقدون انها موجودة هنا معهم لكنها في الحقيقة ليست كذلك.
اغلقت ملك الباب وقد رحل الجميع، عادت لتجلس بجوار يارا التي مازالت صامتة، دموعها تسيل بصمت على وجنتيها بينما تُحدِق امامها حيث صورة والدته المُعلقة على الحائط.
ازدردت ملك تلك الخصة التي تُصعّب عليها الحديث، اخرجت حروفها بصوت باكي مبحوح.

- شدي حيلك يا يارا، عارفة انها حاجة صعبة، بس دي سنة الحياة، وغير كدة انا معاكِ ومش هسيبيك
صاحبت قولها الاخير عِناق، عناق تواسيها وتواسي نفسها به، اخذت تبكي بحرقة وألم، فهي أيضاً قد فقدت أُم ف كوثر كانت في مقام والدتها وأكثر.
خرجت ام محمد من المطبخ وهي تحمل صينية بها طعام، قالت بحنان وهي تجلس امام يارا
- كُلي يا يارا يا حبيبتي، دة انتِ محطتيش حاجة في بوقك من امبارح.

أبعدت يارا ملك عنها ونهضت، كادت ان تعترض ام محمد لكن ملك اوقفتها وهمست لها بحزن
- سيبيها
اتجهت يارا لغرفة والدتها تاركة بابها مفتوح، جلست على فراشها الذي مازال يحمل رائحتها ومررت كفها على وسادتها، انها تشتاق لها من الان فماذا ستفعل بعد ان تمر ايام وليال دون ان تراها!

استلقت وتدثرت بغطاء والدتها رغم حرارة الجو، دفنت وجهها في وسادتها تستنشق رائحتها العطرة بقوة لعلها تحتجزها بداخلها فلا تنفذ ابداً، وخلال دقائق كانت قد ذهبت في سبات عميق.
بينما في الخارج، طرحت ام محمد سؤالها على ملك
- هتباتي النهاردة معاها؟
- ايوة، تقدري تروحي
- خلاص، هبقى اجي بكرة، بس لو في حاجة خبطي عليا متتكسفيش
- حاضر، شكراً ليكِ جدا.

غادرت ام محمد ذاهبة لشقتها المُقابلة، بينما القت ملك نظرة سريعة على يارا قبل ان تعود لتجلس على الاريكة وتُهاتف إياد الذي اتصل كثيراً لكنها لم تستقبل اتصاله.
- اسفة اني مردتش عليك، بس الظروف مكنتش سامحة
رد إياد بسماحة ثم سألها بإهتمام
- ولا يهمك يا حبيبتي، المهم قوليلي انتِ عاملة اية؟ كويسة؟
- الحمدالله
- ويارا؟
تنهدت بثقل وهي تُجيب بحزن
- ربنا يعينها على اللي هيّ فيه
- يارب
لم يُكمِل حتى اردف بتعجل.

- استني ارد بس على عمر
- انت قولتله؟
- طبعاً
صمتت لوهلة قبل ان تودعه
- ماشي روح كلمه، سلام.

بعد مرور ساعة
ترك إياد ذراع الكرسي المتحرك الخاص ب سهام عند باب الشقة لتأخذه ملك منه وتجره اتجاه غرفة كوثر.
- هكمل لوحدي
قالتها سهام بخفوت فتركتها ملك وتابعتها وهي تحرك الكُرسي بنفسها لداخل غرفة كوثر.
تأملت سهام يارا بعينين حزينتين مُشفقتين، مدت كفها لتملس على شعرها بحنان، جفلت سهام حين انتفضت يارا من نومتها.

اخذت يارا تضرب بكفها على صدرها لعل ذلك الألم الذي يسكنه يزول، فهو يخنقها، كبت بكاءها وصراخها يخنقها، توقفت كفها عما تفعله حين شعرت بكف حنون يُربت على ظهرها، استدارات ببطء وقلبها يضخ بعنف، هل كان حُلم؟ والدتها مازالت حية؟، سالت دموعها حين رأت سهام وقد زاد ألمها، اخذت تنتحب بقوة وقد ارتمت بين ذراعي سهام التي مدتها لها بصدر رحب، ربتت على ظهرها واخذت تُتمتم بكلمات لعلها تُهدأها رغم يقينها ان كلمات العالم بأكمله لن تواسيها او تخفف ألم فقدان الأم.

شاهدت ملك ما حدث وشاركتها بُكائها، ابتعدت لتجلس على الاريكة وهي تحاول ان تُسيطر على صوت بُكائها.

بينما في الأسفل، كان عمر جالساً داخل سيارته مُنكس الرأس، كم يرغب في رؤيتها ومواساتها، لكنه لم يستطع، فمنذ ان علِم وحتى الان كان يكبح نفسه من الركض اليها، في النهاية توصل بأن يُرسل والدته التي اخبرته ان يارا قد اتت لرؤيتها والتي اخبرته أيضاً ان والدة الاخيرة مرضت فجأة، وحين اقترح عليها الذهاب لها وافقت دون تردد وذلك بث لداخله الراحة، فوجود والدته معها يعوض وجوده.

أخرجه إياد من نوبة الحزن التي تعتريه بقوله
- ملك بعتتلي وبتقولي ان طنط سهام هتفضل معاها لبكرة، فنمشي احنا
اومأ عمر برأسه موافقاً فتحرك إياد بالسيارة مُبتعداً.
- هتروح مع عم ابراهيم للمصحة؟
قطع إياد الصمت بسؤاله التأكيدي، فأجاب عمر بنبرته اللا روح فيها
- ايوة
- خليته يوافق بالسهولة دي،.

رفع عمر زاوية فمه بحزن وقد شرد مُتذكراً ما حدث بعد ان طلب من إبراهيم ان يذهب للمصحة، فقد هجم عليه ليخنقه كما فعل مع يارا و سلمى، وقد استيقظ في اللحظة الاخيرة وأخذ يعتذر وهو يبكي من عمر، حتى انه جثى على ركبتيه امام ابنه يطلب مُسامحته بينما كانت الصدمة كل ما يعرفه عمر في هذه اللحظة، اخبره حينها بحزم تحت تأثير صدمته
- هديك مُهلة لبكرة، تختار السجن ولا المصحة.

وها قد اختار المصحة ليتعالج ويعود لعائلته، يالسخريته من الذي سيستقبله من جديد؟
سرد عمر كل ذلك على إياد الذي شعر بالصدمة والشفقة على صديقه، ليس بالموقف الهين ابداً، طرح سؤال اخر بعد لحظات من الصمت
- وهتعمل اية مع طنط سهام؟
- مش عارف
- يعني ناوي تقولها؟
- لا، ممكن يحصلها حاجة لو عرفت
- اومال؟
تعلق بصر عمر على الإشارة الحمراء وهو يُجيب بأنفاس مُثقلة بالهموم
- كأنه سابنا..
- ازاي؟

لا يُريد الحديث الان فليس لديه الطاقة لذلك، فتفهم إياد ذلك وصمت مُراعايا لصديقه.

امام المصحة..
لم يقل عمر اي شيء منذ ان اخذ إبراهيم من الفيلا حتى وصلا لهُنا، تنهد الاخير بحزن ثم سأله بأمل
- هتيجي تزورني، صح؟
رفع عمر بصره ل إبراهيم، ظل صامتاً لفترة قصيرة حتى تحدث طارحاً سؤال بطريقة قاسية
- المكان اللي دفنت فيه بنتك سلمى فين؟
بعث له إبراهيم نظرات مُعاتبة قبل ان ينقل بصره للأمام، ابتسم بطريقة مُناقضة لنظراته وقال
- لما تيجي تزورني هقولك.

ضم عمر قبضته على المقود ولم يرد، ترجل إبراهيم دون ان يصاحبه عمر فلن يستطيع ان يفعل ذلك، انه لفعل ثقيل على قلبه بعد كل شيء.
ظل مُنتظراً في الخارج لمدة قاربت النصف ساعة، رن هاتفه فرد ليصل له قول الطبيب الذي يتابع حالة والده
- حجزناه وكل حاجة تمام.

صباح اليوم التالي
صعد عمر درجات سلم مبناها، توقف امام شقتها وطرق على الباب بخفة وقلبه يتمنى ان تفتح هي الباب ويراها لكن ما تمناه لم يتحقق، فتحت له ملك وخلال ثانية كانت قد اتت سهام فأخذها وغادر.
داخل السيارة، سأل عمر والدته
- يارا عاملة اية
- ياعيني عليها، ربنا يصبرها بجد
- لية مفضلتيش معاها؟
- عشان مبقاش تقيلة، هبقى اروحلها تاني اكيد
اومأ عمر برأسه، بينما اردفت سهام مُتسائلة
- مش هتعزيها؟

صمت عمر، فالأمر صعب، يحتاج شجاعة حتى يراها فقط وحين يحدث ذلك يجب ان يعتذر لها اولاً، تمتم
- ان شاء الله
هزت سهام رأسها وقالت بغموض
- متتأخرش عليها
وصلا للفيلا، نقلت سهام نظراتها بين ارجاء الفيلا التي شعرت بكآبتها بعد ان عادت، نهضت مُستندة على عُكازها لتذهب لمكتب إبراهيم وتدخله و عمر يتبعها، تلمست طاولة مكتبه وهي تتمتم
- تعرف ان ابوك جالي امبارح قبل ما تيجي تاخدني ل يارا؟
ذُهِل، فلم يخبره والده عن ذلك.

- بجد؟ معرفش
ابتسمت بحسرة وهي تتحدث بحزن
- جه يقول لي انه عايز يبعد فترة
جلست وهي تُكمِل
- موضوع سلمى تاعبه، فعايز يصفى وهو بعيد عني عشان انا السبب في تفكك عيلتنا
انهت جملتها بسخرية مُصاحبة نظراتها المُتألمة، فأشتعلت النيران داخل عمر، فكيف يُخرِج والده حجة كاذبة كهذه حتى يبرر بُعده؟ كيف يُحزِن ويُحمِل والدته ذنب حتى إن كان ذلك لمصلحتها من وجهة نظره!
- مش انتِ السبب، فمتشيليش نفسك...

قاطعته وهي تبتسم بإمتنان بجانب قولها المُتصالح من النفس
- شكراً لانك بتحاول تهونها عليا، بس انا عارفة اني السبب، لو مضاعتش سلمى مني يومها مكنش كل دة حصل
تهدج صوتها وهي تُضيف
- انا عذرة ابوك، مش مضايقة منه بس..
بُكائها أعاقها عن إكمال جملتها، فأسرع عمر ليجثوا على ركبتيه امامها ويمسك كفها مُحدقاً بها بعينين تلمع بالدموع قائلاً
- صدقيني، انتِ ملكيش ذنب في اي حاجة حصلت، وغير كدة انا معاكِ ومش هسيبيك.

ابتسمت له بإمتنان شديد ثم عانقته بقوة، تشكر الله على وجوده في حياتها.

مر اسبوع، وككل ليلة، عمر يقف اسفل مبناها وعينيه مُعلقة بنافذتها، مازالت الأضواء فيها مفتوحة وهذا يعني انها لم تنام للان، شعر بالضيق لأجلها، كيف يساعدها على النوم! أنار عقله لفكرة إرسال رسالة لها، تردد للحظة لكن حماسه تغلب على ذلك الشعور البغيض واخرج هاتفه ليرسل لها، فلمتى سيؤجل هذه الخطوة؟

- انها ليلة اخرى يصعب فيها النوم ويزداد شعور الاشتياق والوحدة، رغم ذلك أبقي قوية، انا بجانبك، قلبي يواسيكِ من بقعتي هذه ورغم هذا البُعد.
ضغط على زر الإرسال سريعاً ودون ان يراجع ما كتبه حتى لا يتراجع ويصبح جبان ثانيةً، انتظر لدقائق لعلها ترى رسالته لكنها لم تفعل، اعاد هاتفه لجيبه وعاد لينظر لنافذتها وجدها قد أغلقت مصابيحها، ابتسم براحة وغادر.

اشرقت شمس يوم جديد
وضعت ملك صينية طعام الإفطار امام يارا التي ذبلت ملامحها بوضوح، قالت بصرامة
- كُلي ومش همشي الا لما تاكلي كل الطبق دة
كادت يارا ان تعترض بضعف
- مش..
وبختها ملك وهي تُقرب طبق البيض المقلي منها
- قولت كُلي مفيش حاجة اسمها مش قادرة ومش بطيخ
تنهدت يارا وبدأت في تناول ما قدمته لها ملك، بعد ان تناولت بضع قطمات قالت بصوتها المبحوح وهي تبتسم بإمتنان ل ملك.

- مش عارفة من غيرك كنت هقدر اقعد يوم واحد ازاي
ابتسمت ملك وغمرتها السعادة لإكمال يارا لجملة واحدة اخيراً، قالت بتفاخر مُصطنع
- يا بنتي انتِ من زمان متقدريش تعيشي من غيري
اومأت يارا برأسها واكملت تناول طعامها بينما ابتعدت ملك لتُجيب على إتصال إياد، بادرت في الحديث بنعومة
- صباح الخير
انها تسرق قلبه حين تتحدث بهذه الطريقة، ظهر الهيام في صوته وهو يرد
- صباح الجمال والحنية، عاملة اية!
ابتسمت بخجل وهي تُجيب.

- الحمدالله وانت؟
تنهد وهو يقول بضحك مُستاء
- بعد اتصال عم الحج مش عارف الصراحة كويس ولا لا
اتسعت مقلتيها وهي تهتف بقلق وانفعال
- بابا اتصل بيك؟ لية؟ قالك اية؟
ضحك على اسلوبها، طلب منها من بين ضحكاته
- ممكن تهدي الاول! وهقولك واحدة واحدة
حاولت التحكم في انفعالاتها وحثته
- قول يلا
- عايز يقابلني دلوقتي حالاً فأنا اهو في طريقي لبيتِك
هتفت مرة اخرى بحنق
- نعم! محدش قال لي
- اهو انا قولتلك
- طب اقفل انا رايحة لهم.

حاول منعها من التهور والتصرف بطريقة غير لائقة معهم
- متعمليش مشكلة، انا جاي و..
قاطعته بنبرة
- متقلقش
- لا هقلق انتِ مش..
ابتسمت وهي تقول بعتاب
- مفيش ثقة خالص!
ضحك وقال بصراحة
- بثق فيكِ في كل حاجة إلا النقطة دي
له الحق، تنفست بعمق قبل ان تقول
- ماشي تبقى ترن عليا انزل ونطلع سوا، وأكون بالمرة اتأكدت ان يارا كلت
انهت المكالمة وعادت ل يارا لتخبرها بغيظ.

- شوفتي بابا اتصل بإياد وعايز يشوفه ضروري ومن غير ما يديني فكرة، حتى ماما متصلتش ونبهتني
ابتلعت يارا الطعام الموجود داخل فمها وردت
- طب روحي
رمقتها ملك بخبث وهي تضحك مُعترضة
- لا يا حلوة مش همشي إلا لما تخلصي اكل، متحاوليش تتنصحي عليا يا ست يارا
ابتسمت يارا وصمتت، فأتسعت إبتسامة ملك حين رأت يارا تبتسم!

في منزل ملك
جلست ملك بجوار إياد ووالديها امامهما، بادر الاخير في الحديث
- اتفضل انا سامعك
تحدث والدها
- امتى هتتجوزوا؟ ولا هتفضلوا مشايين مع بعض من غير خطط؟
هتفت ملك بذهول
- دة عدى شهر واحد بس يا بابا!
لم يُزيح والدها بصره عن إياد مُنتظراً رد منه، وحصل عليه بكل تهذيب
- احنا لسة في بداية علاقتنا ومش عايزين نتسرع، بس وقت ما تكون ملك عايزة نخطو الخطوة دي مش هعترض
- طب انا عايزكم تخطوها.

ابتسم إياد بهدوء وهو يرد بوقار
- كلام حضرتك على راسي بس في حالة لو عدى سنة مثلاً وانا لسة متجوزتهاش
ضم والدها قبضته، كلام هذا الشاب مُتزن، اومأ برأسه وقال
- ماشي، بس متتأخروش، شهرين تلاتة كدة وتتجوزوا
كادت ملك ان تعترض لكن إياد سبقها مُسايراً اياه
- حاضر.

مر اسبوع اخر، وما جد ان عمر كان يُرسل لها كل ليلة رسالة جديدة لكنها لم ترى أياً منها مِما سبب له إحباط.
حل يوم الجديد..
كانت سهام قد ذهبت ل يارا منذ الصباح الباكر لتقضي معها اليوم وهذا قد ساعد الاخيرة كثيراً، فقد وصلت الضحكة لثغرها وأصبحت تتحدث وتتناقش مع من حولها من جديد، بالطبع هناك جزء مُنطفئ بها لكن مازالت افضل من ما مضى.
- نامي بدري بقى، ابني متعذب معاكِ.

قالتها سهام بعتاب مُصطنع وهي تقف عند باب الشقة، فعقدت يارا حاجبيها بعدم فهم بينما اضافت سهام
- كل يوم بيرجعلي متأخر بسببِك
- مش فاهمة
- شوفي موبايلِك
ابتسمت لها وغادرت بمساعدة ملك، اتجهت يارا لغرفتها وأخرجت هاتفها التي لم تنظر له منذ وفاة والدتها، وضعته في الشاحن حين وجدت بطاريته قد نفذت وانتظرت قليلاً لتفتحه، وجدت الكثير من الاتصالات المجهولة ورويداً رويداً أصبحت تصل لها رسائل كثيرة من جهة واحدة.

ارتسمت الابتسامة على شفتيها تدريجاً، ولمعت حدقتيها بالدموع، لم تتخيل ان يهتم، اعتقدت انه اصبح يكرهها، لكن يبدو انه اكتشف الحقيقة ويصدقها الان، لقد كانت مُتفهمة جدا لموقفه ولعنفه معها لذا لم تكن تنتظر اعتذار منه، لكن حين رأت اعتذاره في اخر رسالة أرسلها امس أشعرتها بقيمتها لديه، جُملة وجودك في حياتي مهم جعلت قلبها ينبض مرة اخرى من اجله.

وقوفه معها منذ البداية وبناء على قول سهام انه كان ينتظرها حتى تنام ويعود، إذاً كان يواسيها خلف الستار، وذلك شيء يُحتسب له.
عادت ملك فسألتها يارا بتأثر
- كنتِ تعرفي ان عمر بيجي كل يوم تحت يستناني انام ويمشى؟
اجابتها ملك بصراحة
- ايوة، وقولتله يبقى يتصل بيا وانا هبقى أكلمه واطمنه عليكِ، رفض
اومأت برأسها وقد سالت دموعها بتأثر، فأقترحت ملك بحذر
- تقدري تقابليه!، دة ما هيصدق.

نظرت لها يارا بتردد، اجابت بعد صمت قصير مع ابتسامة صغيرة لمعت في حدقتيها بإشراق
- ممكن.

انقطعت انفاس عمر بعدم تصديق وسعادة وحماس بعد ان اخبره إياد انه سيقابل يارا غداً، اختفت كل مشاعره السابقة ليحل محلها التوتر والقلق، ما الذي يجب عليه قوله حين يراها؟ هل يستطيع النظر لعينيها مُباشرة! هل يجب ان يبدأ حديثه بإعتذار ام تعزيتها!، تباً لماذا اصبح الامر مصعب؟
ازدرد ريقه بإضطراب وتحدث بتشتت
- طب، طب اية!
- اية؟
- مش عارف
ضحك إياد على حالة عمر..
- انت مالك مبقتش على بعضك اية!

- مش عارف متوتر زي عيل غبي
- يا عيل
قذف عمر الوسادة على إياد بحنق
- اتلم
قهقه إياد وأخذا يتحدثان عن امور عدة.

عصر اليوم التالي
في المقهى
تركزت حدقتي عمر على يارا اثناء اقترابها منه، كانت كالوردة الذابلة لكنها مازالت جميلة في عينيه، اثناء مُتابعتها وهي تقترب ظهر الاشتياق جلياً في حدقتيه، وحين تقابلت عينيه بخاصتها شعرت بأنه يعانقها بهما، فتسارعت دقات قلبها فأسرعت لتُبعدها عنه.
جلست امامه وقد زاد توترها الذي هو السبب فيه، عم صمت متوتر بينهما، قطعه عمر بعد فترة وجيزة
- البقاء لله.

هزت رأسها وعاد الصمت من جديد، اصبح الامر مُرهق عليه لذا استرسل كلماته بصورة سريعة في لحظة شجاعة
- اول حاجة كنت عايز اقولها لما اقابلك اني اسف، اسف لاني مصدقتكيش وقولت كلام مينفعش يتقال، سامحيني لو جرحتك بإتهام باطل، ليكِ الحق انك متسامحينش بس..
ابتسمت بخفة اثناء مقاطعته
- خد نفسك طيب
شعر حينها ان انفاسه فد انقطعت اثناء اندفاعه، فألتقطها بقوة بينما اردفت يارا بسلاسة.

- لو كنت مكانك مكنتش هصدق اي كلمة عن اي فرد في عيلتي، بس عموماً قبلت اعتذارك لو دة هيريحك
لمعت حدقتيه بلهفة وهو يهمس
- بجد!
اومأت برأسها مؤكدة له مُسامحتها، فإبتسم براحة وساد صمت قصير حتى تطرق هو لحديث اخر
- هرجع الشغل خلال اسبوع..
تطلعت اليه بذهول وسألته اول سؤال تطرق لبالها بقلق
- وماما سهام هتسيبها مع مين؟
شعر بالسعادة بداخله، مازالت تدعوها ب ماما سهام، رد بأسف
- مُضطر اجيبلها واحدة تقعد معها و..

قاطعته مُقترحة بفم مُمتليء
- ولية؟ انا موجودة
- مش عايز اتعبِك
رمقته بعتاب، أي تعب يتحدث عنه!، ضم كفيه لبعضهما وتجرأ للتطرق لأهم نقطة، كان خائف من إخراج حروفه لتعود خائبة لكنه فعلها
- طب واحنا؟
ارتفعا حاجبيها قليلاً بذهول لم يفهمه، اشاح بنظراته عنها وهو يُضيف بتوتر ظهر على نبرة صوته.

- عايز نرجع، حاسس اننا مخدناش فرصتنا عشان تنتهي بالسرعة دي، في حاجات كتير لسة معملتهاش معاكِ وكلام كتير مقولنهوش لبعض، لسة في فصول كتير ناقصة في حكايتنا
تأملته وهو يتحدث بصدق شديد ورغبته في فرصة اخرى لهم، اخفضت رأسها تُفكر وقد طال قليلاً، جفلت واتسعت مقلتيها حين وجدته ينهض بقوة فأندفع الكُرسي الجالس عليه وسقط، تابعته وهو يخبرها بتعجل تآكل معه حروفه
- متتسرعيش، مترفضيش، هستنى ردك قبل ما اسافر.

وغادر، غادر!، ضحكت وهي تنهض مُلتقطة حقيبتها لتغادر، وفور خروجها من باب المقهى وجدته واقفاً مُنتظرها، وحين رأها عمر قال
- يلا أوصلك
ابتسمت وتقدمت منه، فتح لها باب السيارة فصعدتها ثم اتخذ هو مكانه خلف المقود.
- هتسافر يوم اية؟
سألته فجأة، فأجاب
- الخميس
- تروح وترجع بالسلامة
- هروح وارجع اخدِك
لم تفهم لذا تساءلت
- نعم!
ابتسم وصمت، لن يشغل تفكيرها الان بمخططاته، سيتركها لوقتها.

مساءً
اندفعت ملك لداخل شقة يارا وهي تتحدث بحماس
- ها قولي حصل اية، اتكلمتوا في اية؟ قولي قولي
- طب اقعدي وخدي نفسك الاول!
- لا، دة انا خلصت المواعين في البيت وجيت جري ليكِ، فأنجزي
اومأت يارا برأسها وبدأت في سرد ما حدث بينها وبين عمر، اضافت آخراً بحيرة
- فلية قال جملته الاخيرة دي مفهمتهاش!
نكزتها ملك بغيظ
- هو انتِ من امتى غبية؟
- انا غبية يا ملك!
- ايوة، عشان مفهمتيش اللي قاله وتردي عليه.

- طب فهميني يا ست ذكية
- انه هياخدك يعني هياخدك
سألتها يارا ببلاهة
- ياخدني لفين؟
هتفت ملك بإنفعال ونفاذ صبر
- لا هي الأدوار اتبدلت ولا اية يا يارا؟ فوقي يا يارا
- انا فعلاً مش مركزة
- ما باين، طب قوليلي، هتقرري اية؟ هترجعي؟
- مش عارفة، انا مش عارفة حاجة ومش عايزة افكر
قالتها يارا بوهن وكسل، فربتت ملك على كتفها بتعاطف، سألتها وهي تضيق عينيها
- صحيح كلتي؟
- اة
- كدابة
رمقتها يارا بغيظ وهي ترد.

- ام محمد جابتلي اكل وكلته قدامها، حتى اسأليها
- خلاص صدقتك
نهضت يارا بحنق هامسة
- رخمة
ردت ملك بلامبالاة
- عارفة.

يوم الأربعاء
- مش فاهمة انتِ مترددة لية؟
هتفت بها ملك بسخط، فزفرت يارا بضيق، ليس لديها إجابة حتى، دفعتها ملك للباب وهي تُشجعها
- متقلقيش كل حاجة هتبقى تمام، روحي له انتِ وهو اكيد هيمسك فيكِ ومش هيسيبك إلا لما يسمع ردك اللي يرضيه واللي هو الموافقة
استدارات يارا لتهرب للداخل وهي تهتف
- غيرت رأيي مش هروح
وبختها ملك وهي تمسك بها مرة اخرى وتأخذها لباب الشقة
- انتِ بتستهبلي! مفيش تغيير رأي، يلا.

- طب هروح بكرة
- هيسافر النهاردة الفجر
صمتت يارا لوهلة قبل ان تطلب منها برجاء
- طب تعالي معايا
تنهدت ملك ووافقت مُشترطة
- ماشي، هوصلك بس ها!
مرت ساعة..
توقفت سيارة الأجرة امام الفيلا، ترجلت يارا و ملك أيضاً، تأكدت الاخيرة من عبور يارا البوابة ثم غادرت ف إياد ينتظرها بسيارته عند مسافة قريبة من الفيلا.
- جيتي!

قالها عمر والابتسامة تُزين شفتيه بجاذبية، توقفت يارا وهي تنظر له واقفاً امام باب الفيلا، كان ينتظرها!، تقدم منها ليقف امامها مُباشرةً، ظلا صامتان يتبادلان النظرات فقط، انعقد لسانها وهربت كلماتها منها فكيف ستتحدث؟، مال قليلاً وهو يحدق بقوة في حدقتيها، سألها بلطف ليتأكد
- هتقولي حاجة ولا مجيتك هي ردك!
هربت بحدقتيها بعيداً عنه وهي ترد بإقتضاب لا تعلم لِم تحدثت به
- جيت عشان اسألك عن حاجة وهمشي.

ارتفعا حاجبيه مع قوله المستنكر
- جاية الطريق دة كله عشان تسأليني بس؟
اومأت برأسها، فأعتدل ووضع كفيه في جيوب بنطاله مُنتظراً
- قولي، سامعِك
ظلت صامتة وادرك انها مُترددة في طرح ذلك السؤال، بينما في الحقيقة ليس لديها سؤال كما ادعت، قالت ذلك لتهرب من مواجهته المحتومة.
مد يده ليلتقط كفها الناعم ويحتجزه، سألها وعينيه تلمع بأمل
- في احنا؟
ازدردت ريقها ثم اجابت بخفوت
- في، بس الناس
- مالهم؟

- نظرتهم ليا بعد ما يعرفوا اني مثلت اني اختك، ا..
قاطعها بحزم
- محدش يقدر يتكلم كلمة عليكِ لاني هحط ايدي في عينيه قبل ما يفكر، وغير كدة انا الطلبت منك تعملي كدة
- بس هما..
ضغط على كفها وهو يحاول ان يطرد ذلك الخوف والقلق المتعلق بهذا الامر
- ملهمش دعوة، محدش له دعوة بينا غير ماما، وهي مستنية ردك
ابتسم مع نهاية جملته، واضاف بعبث
- وانا مستني على نار ولو معرفتنيش ردك هخطفك.

همس بكلمته الاخيرة وهو يقترب منها، فإضطربت حدقتيها وهي ترد بتلعثم
- ما انا قولت
اعترض بإستمتاع
- لا عايز رد صريح، مُباشر
رفعت بصرها له اخيراً، استجمعت شجاعتها لتتبع مشاعرها وتخبره بأنسب رد رومانسي لهذه اللحظة
- بحبك
اتسعت مقلتيه بصدمة سرعان ما تحولت لسعادة بالغة، اندفع دون ان يفكر لمعانقتها عناق قوي، لتنتقد سعادته لها، همس في اذنها بصدق وهيام
- وانا بحبك، من قبلِك.

انهى جملته وادرك انها يُعانقها، فأبتعد مُعتذراً وهو يضحك من فرط سعادته، فشاركته ضحكاته لكن بشيء من الخجل.
بينما كانت سهام تصفق بخفة من شرفة غرفتها حين رأت ذلك المشهد، تبتسم بسعادة ورضا.

قدم إياد الايسكريم ل ملك عبر نافذة السيارة وظل مُستنداً عليها يتأملها وهي تتناوله، قال فجأة
- تعرفي انك جذبتي انتباهي من اول لحظة شوفتِك فيها؟
ابعدت الملعقة من فمها وهي تنظر له وتسأله
- في المستشفى؟
- لا قبلها
اخذت تفكر محاولة تذكر اول مرة رأته فيها، تذكرت في اللحظة الذي قال فيها
- في المطعم لما اتخانقت يارا مع عمر
ضحكت وهي تقول
- كنت لسة هقول..
بينما اكمل..

- وقت الخناقة نفسها، لاحظتِك، خوفك على يارا شدني ليكِ وحسيت وقتها اني شوفت قلبِك وطيبته، واتأكدت من كدة لما جيت عشان اتأسف عن العمله عمر
تذكرت تلك الايام وابتسمت، سألته بفضول خجِل
- وامتى اتأكدت من مشاعرك؟
صمت ليفكر، أجاب
- مش فاكر تحديداً، بس كنت حاسس انك بتشديني في كل مرة بشوفِك فيها، كنت عايز أعيش في المطعم عشان اشوفِك وانتِ كنتِ منشفاها عليا
ضحكت وسألته بتعاطف
- كنت منشفاها عليك اوي؟

- اوي، بس كان ارحم من لما اتخطبنا
قهقهت عالياً وقالت بنعومة
- ما اهو بعوضك
غمز لها وهو يرد
- احلى تعويض.

مر اسبوعين على مغادرة عمر، وكانت الأوضاع كالاتي.
أقامت يارا مع سهام كل هذه المدة حتى لا تتركها بمفردها وكان الامر مريح لأثنيهما، تحدثا عن امور عدة حتى ان سهام فتحت موضوع الخُطبة، خجلت يارا وقتها وطلبت ان تُفكر لكنها لم تعترض.
كان عمر يتحدث معهم يومياً وكان موافقاً على ما اقترحته والدته بشأن ارتباطهما رسمياً، فقط ينتظر موافقة يارا والتي أعطتها له قبل عودته بيوم.

بينما في منتصف الاسبوع الثاني كان قد ذهب إياد مع والده لعائلة ملك حتى يقدمه لهم ويسير الأمور حسب الأصول، وكم سعدت الاخيرة لفعلته.

مساءً -في الفيلا-
- علاقتنا مع عمو هشام اخو بابا كانت شبه مقطوعة، بس معتقدش انه هيمانع خصوصاً انه مكنش في خلافات ما بينا
قالتها يارا ل سهام و عمر الذي طلب منها بحماس
- طب كلميه ونتفق معاه على موعد
ضحكت سهام وهي تعاتب يارا
- شوفتي انتِ عاملة في ابني اية! شايفة مستعجل ازاي؟
علقت ملك بضحك
- رأيي انهم يتجوزوا علطول
رد عليها إياد بخبث
- طب ما اية رأيك نعملها احنا؟
ابتسمت ملك بخجل، بينما تحدث عمر.

- يا جماعة انا المفروض ارجع الشغل بعد يومين، فأنا عايز نفتح معاه الموضوع بس والشهر الجاي نتفق على موعد معاه
ردت ملك
- خلاص يارا هتكلمه النهاردة وتروح تقابله بكرة، اتفقنا يا يارا؟

اتجهت كل الأعين على يارا ولاحظ الجميع انها شاردة والحزن ظاهر جلياً على ملامحها فعلموا السبب، ربتت سهام على ظهرها بحنان بينما امسك عمر بكفها وكأنه يخبرها انه هنا، بجانبها، وجودهم ومحاولة مواساتهم لها اثرت بها فبكت، فضمتها سهام لحضنها.
اشاحت ملك بوجهها محاولة اخفاء دموعها التي سالت بسهولة على وجنتيها، حين رأى إياد ذلك مد كفه ليمسح دموعها بأنامله ويهمس لها
- اقرأي لها الفاتحة وادعيلها.

اومأت برأسها واحتفظت بكفه بين يديها.

مر شهر ولم تسير الأمور كما تم الاتفاق عليها، فقد قرروا الانتظار بعد انتهاء اربعينية والدتها كوثر، وقد مر اكثر من اسبوع على انتهائها وأخيراً قد اتى اليوم الذي ينتظره الجميع.
امتلأ المكان بالزغاريط وأخذ الجميع يتبادل التهنئة..
- اخيراً!
قالها عمر بسعادة ل يارا التي ابتسمت بخجل وهمست ب
- اخيراً
اقترب منها وقبل رأسها ثم همس بأذنها
- بحبِك..

التمعت حدقتيها بسعادة لم تشعر بها من قبل ولم تتخيلها ابداً، ما كانت تتوقع ابداً انها ستقع في الحب او ان احدهم سيحبها بصدق، إذ احد اخبرها سابقاً انها ستفعل لكانت سخرت منه.

بينما هو، لم يعتقد ابداً انه سيقع في الحب من جديد، وحبها بالتحديد، هذه التي كانت تستفزه طوال الوقت كيف احبها؟ لقد حدث كل شيء سريعاً ودون ان يدركه للان، لكن ما يعرفه بكل تأكيد انها سرقته بروحها، فقد كان لها عُطرها الخاص والذي تخلل لخلايا قلبه دون إستأذان.

مرت ستة أشهُر
- خلاص، نسيب بعض
قالتها يارا بغيظ مكبوت وهي تنظر ل عمر وتكاد تفتك به من طريقة استفزازه لها، ابتسم وقال بهدوء زاد من غضبها
- مش مشكلة، نسيب بعض.

يعلم انها تكاد تنفجر به، رؤية غضبها ومحاولة التغلب عليه في الاستفزاز يبث بداخله إستمتاع شديد، وهذا يعُد انتقام منه لها فهذه المرة الثانية التي تطلب بها طلب غبي غير صادق مثل هذا رغم تحذيره لها سابقاً بألا تقول ذلك له حتى إن كلن على سبيل الهزار.
- مش مشكلة!

تمتمت بصدمة مع ذلك كانت نبرتها حادة والنيران تصعد لرأسها بعنف ليحمر وجهها وتنهض متوعدة له، تعلم ان لا شيء انتهى لكنها ستبتعد لتعرّفه قيمتها الذي استغنى عنها.
ابتعدت بضع خطوات وتوقفت لتستدير بعنف وصدمة حين سمعت صوت أنثوي يُنادي اسمه
- عمر! وحشتني
اتسعت مقلتيها غير مُصدقة، هل رضوى عادت؟، تسارعت خطواتها لتعود له وتلتقط كفها الممتد لمصافحته فتصافحه هي بدلا منه.
- يارا! عاملة اية؟

قالتها رضوى بخبث ونظرات كارهة، تركت يارا كف رضوى واجابت وهي تجلس بجوار عمر ملتصقة به
- كويسة الحمدالله
ثم تأبطت ذراعه بطريقة تملُّكية وكأنها تبعث رسالة لها بأنه خاص بها، مِلكها، وهو مُتعجب من رد فعلها، بينما جلست رضوى في المقعد المقابل لمقعديهما..
- اقنعتيني انك اخته، برافو انتِ ممثلة شاطرة
تعلم يارا انها تحاول استفزازها لذا ردت بلامبالاة
- عارفة
- تحبي اقدمِك لحد عشان تمثلي على التلفزيون؟

لن تتوقف هذه الخبيثة، كادت ان ترُد لكن عمر سبقها بالقول
- بتعملي اية في مصر من تاني؟
- جاتلي فرصة حلوة في مصر فبفكر استغلها
- فرصة شغل اكيد!
- لا، فرصة اني ابقى معاك
احتدت نظراتها وجهزت أظافرها فتكاد تنقض عليها، وجدت عمر يتخلل أصابعه بين أصابعها ليضم كفها له ويرفعه لها قائلاً بأسف
- اسف، يارا في حياتي.

نظرت له يارا بسعادة ورضا من تصرفه، هدأت نيرانها التي تأججت بداخلها وكادت ان تنفجر كبركان عليها وعليه إذ لم يرد لكنه فعل الصواب، ابتسمت بإنتصار وهي تُعيد نظراتها ل رضوى التي قالت بضيق
- بس مروان قال لي ان ليا فرصة
ردت يار وهي تضحك
- شكله كان بيتكلم عن فرصة شغل وانتِ لخبطتي
ضغط عمر على كفها لتصمت، التقط هاتفه ومفاتيحه باليد الأخرى ثم قال
- عن إذنِك ورانا مشوار.

ونهض فنهضت معه يارا التي سارت معه بسعادة، صعدت السيارة بجواره، قال بإقتضاب مُصطنع
- مش انفصلنا؟
هتفت ببلاهة
- نعم!
ضحكت وهي تُردف
- ياه قلبك اسود لية!
- ايوة اسود
عبس وجهها وهي تهمس بأسمه بوداعة
- عمر!
تباً، لا يستطيع أن يصمد امامها ويظل على موقفه فهي تكسره بسهولة، ابتسم وداعب أرنبة انفها بجانب قوله
- ننفصل اية دي نجوم السما أقربلك
تهللت أساريرها ولمعت حدقتيها بحب، شهقت فجأة ونظرت لساعة يدها، هتفت بتعجل.

- يلا عشان اتأخرت على ملك
- عشان فستان الفرح؟
- ايوة
أدار المقود وهو ينظر لها ويخبرها بتحالم
- عقبال ما اشوفك بفستان فرحنا
ابتسمت وردت بتمني
- يارب
تعالى رنين هاتف عمر وكان المُتصل طبيب والده، قبّل الاتصال ولمجرد قوله ألو اتى قول الطبيب المُتأسف والمُتأثر
- البقاء لله..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة