قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل الثالث عشر

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل الثالث عشر

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل الثالث عشر

- انت مين يا حقير عشان تديني امل ان بابا رجع؟، مين عشان تخليني أتعذب كدة؟، انت مين يا حقير رد عليا.

كانت تصرخ بجنون نابع من قهرها، تضربه بكل غل دفين بداخلها، توقفت عن ضربه للحظة تلهث بقوة، رؤيت هذا الحقير وهو مُمتدد على الارض يتلوى من الألم لم تُريحها بعد، هل تريد قتله حتى ترتاح؟، القت بالحقيبة جانباً لتلتقط بدالها صخرة متوسطة الحجم وهي تنوي ضربه بها ليسيل دمه وترتاح!، لم تتوقف ولم تهتز حين سمعت صراخ عمر الذي يقترب منها، بل أكملت اقترابها منه
- بتعملي اية يا مجنونة؟

أعاق عمر طريقها واقفاً امامها وهو يلهث وعينيه مُتسعتين، اسرع ليأخذ منها الصخرة لكنها لم تسمح له، حاولت التمسك بها فلن تترك فرصتها تذهب، هدرت بغضب جامح
- أبعد، أبعد بقولك
كان أقوى منها، اخذها منها وألقاها خلفه بغضب صارخاً بها
- هتموتيه بالطريقة دي
نظرت له بقسوة وهي تصرخ مثله
- خليه يموت، دة واحد حقير
تمتمت بخشونة وهي تنقل نظراتها لخلف عمر، تباً انه يهرب
- بيهرب، بيهرب.

همت لتركض خلف ذلك النصاب لكن امسك بذراعها بحزم عمر موقفاً اياها، صرخت بجنون
- ابعد، بيهرب ابعد
اخذت تضرب كتفه وذراعه حتى يُحررها، وفجأة توقفت عن محاولتها حين هتف بصوت جهوري صاخب ايقظها من نوبة الغضب التي كانت تعتريها
- سيبيه، هوصله ومش هسيبه، بس بعدين مش دلوقتي، فأهدي
بسهولة تجمعت الدموع في مقلتيها وارتخت قسمات وجهها بضعف وهي تقول بقهر اثناء مُقابلتها لحدقتيه الصارمة
- دة نصاب، ضحك عليا
- نعم!

سالت دموعها على وجنتيها وهي تهمس بألم
- بابا مات من سنتين، وانا كنت فاكرة انه رجع...
لانت ملامح وجهه ناظراً لها بشفقة، لقد فهم الامر ولم يحتاج لسرد اكثر، قاطعها
- هشش
ترك ذراعها ليقترب منها ويُحيطها بذراعيه مُعانقاً اياها بتعاطف، ربت على ظهرها بحنان هامساً بدفئ مُعاكس لحروفه المتوعدة لذلك النصاب
- مش هسيبه يهرب، هربيه لأنه فكر يلعب بيكِ ويمثل عليكِ، ويديكي امل كداب.

لم تُمانع، بل لم تكن في حالة تسمح لها برفض مواساة احدهم لها حتى إن كان هو، همست من بين شهقاتها
- ملحقتش أعاتبه حتى، كنت عايزاه يعتذر مني
فهم انها تتحدث عن والدها الحقيقي، اسند رأسه على رأسها وهو يشعر بالشفقة عليها والتعاطف، انها المرة الثانية الذي يراها بهذا الضعف، وهذا يجعل قلبه يخفق بألم.

كم أراد ان يواسيها ويبثها بكلمات تُريحها لكنه لم يعرف، تجمدت الكلمات في حلقه فلم يقل كلمة واحدة، ظل يُربت على ظهرها بلطف حتى بدأت تهدأ.
اخذ نحيبها يقل رويداً رويداً وبدأت تدرك الوضع الذي هي فيه، انتفضت دافعة نفسها بعيدا عنه وهي تتنفس بتوتر، كيف وصلت لحضنه بهذه الطريقة المحرجة!، كانت تجوب بنظراتها حولها بعيداً عنه، تشعر بالحرج الشديد.

ادرك ذلك من إحمرار وجنتيها فلم يتحدث، انحنى ليلتقط الحقيبة من على الارض ثم اتجه بصمت لسيارته، فسارت خلفه وهي مُخفضة الرأس.

في فيلا إبراهيم السويفي
سبقته يارا للداخل بخطوات مُتعثرة، كانت تدعو الله أن تصل سريعاً وقبل ان يفتح معها حديث او تتقابل أعينهما معاً، صعدت درجات السلم بتعجل وكانت قد وصلت لغرفتها حين دخل هو من باب الفيلا.
- جيت لوحدك؟ اومال فين سلمى؟
اتاه صوت إبراهيم الذي يقف عند باب غرفة مكتبه، استدار عمر مُجيباً
- دخلت قبلي وراحت لأوضتها اكيد
غمغم إبراهيم ثم سأل
- هتعمل اية دلوقتي؟

- هطلع استحمى بعدها انام، ورايا مشوار مهم بكرة الصبح
- في المطار؟
كذب عمر
- ايوة
هز إبراهيم رأسه بشرود
- ماشي
- كنت عايز حاجة ولا اية؟
اسرع إبراهيم لينكر ذلك بهدوء
- لا لا مش مشكلة
ثم دخل لغرفة مكتبه، فصعد عمر لغرفته.

دقت الساعة منتصف الليل..
دفعت يارا الغطاء عنها بضجر، تباً انها لا تستطيع النوم بسبب تفكيرها المُرهِق، فلم يكُف عقلها عن تذكيرها بعناق عمر لها ثم يقذف لها بقية مواقفه الرجولية معها، كمشهد حمايتها من الصحفيين وكذلك ذلك الحقير الذي كاد ان يؤذيها وأيضاً إهتمامه بها حين عمِلت في المتجر.

وضعت كفها ناحية قلبها تستشعر نبضات قلبها التي تتسارع لمجرد ذِكر تلك المواقف؛ ينبع من داخلها جرس إنذار ينبهها انها في خطر، تعرف نفسها جيداً فإذ فكرت في شخص بكثرة تعلم حينها انه تسلل لحصونها بخفية، وهو في الفترة الاخيرة يغزو تفكيرها بطريقة مُخيفة، فهل بدأت تنمو مشاعر بداخلها له؟
انتفضت جالسة من تلك الفكرة المُفزعة والغير مقبولة بالمرة، ضحكت بقوة وهي تنكر ذلك.

- مستحيل، شكل هرموناتي شغالة عليا الفترة دي
شرد عقلها للحظة لذلك العناق اللعين الذي هز كيانها بعد إدراكها للأمر، كم كان دافئ!
اتسعت مقلتيها بصدمة، دافئ!، صفعت نفسها بقوة لتستيقظ، يبدو انها مريضة او شيء من هذا القبيل، عقلها ليس بحالته الطبيعية، فتساءلت، هل يجب عليها الذهاب للطبيب؟

أشرقت شمس يوم جديد
رد عمر على اتصال إياد وضغط على مكبر الصوت ليستطيع التحدث معه وهو يرتدي ملابسه، اتاه قول الاخير الساخط
- اية يابني فينك من امبارح، عمال اتصل بيك مش بترد؟
- معلش كنت مشغول، في حاجة ولا اية؟
اخبره إياد دون اي مقدمات
- قابلت رضوى إمبارح
توقفت أصابع عمر عن إغلاق أزرار قميصه بعد ذِكر اسمها، بينما اكمل إياد حديثه.

- كانت مع روز اللي كلمتني امبارح الصبح وقالتلي انها جت مصر ومجابتش سيرة عن رضوى اصلا، اتفاجأت لما روحت ولاقيت رضوى معاها، تقريباً رجعوا سوا
ظل عمر صامتاً دون ان يُبدي اي رد فعل، فهتف إياد
- سامعني؟
عاد عمر ليكمل إغلاق أزرار قميصه، قال بشرود
- يعني هتظهر قدامي خلال كام يوم
- اكيد
غير عمر مجرى الحديث بقوله
- انا رايح مشوار دلوقتي، عايز اقابلك بعد ما اخلصه
- اشطا.

انهى عمر المكالمة، وقف امام المرآة يرتب خصلات شعره المُبلل بأصابعه وقد شرد ذهنه للحظات، ما رد الفعل الذي يجب عليه ان يتخذه حين يقابلها؟ لماذا يشعر بثقل في مُقابلتها، لماذا الان؟ هل اتخذ اخيراً حِمل تركها له على كرامته؟

التقط هاتفها ومفاتيحه ليتجه خارجاً، توقف للحظة امام غرفة يارا يفكر، هل يذهب لها ويطمئن عليها؟، اتخذ قراره سريعاً ليتقدم ويطرق على الباب بخفة ثم يبرم المقبض ليدخل، اغلق الباب خلفه وهو يجول بنظراته حوله باحثاً عنها لكنه لم يجدها، يبدو انها في الأسفل، استدار ليغادر لكن صوت صرير الباب الموجود في الداخل جعله يلتفت بتلقائية لينظر، وجدها تخرج من المرحاض وهي تلف شعرها المُبلل بمنشفة.

كانت قد انتهت من ارتداء ملابسها داخل المرحاض ثم قامت بتجفيف شعرها لتلفه بعدها بالمنشفة وتخرج، توقفت فور خروجها حين لمحت احدهم، اتسعت مقلتيها قليلاً حين رأت عمر يقف عند الباب يحدق بها فداهمتها سريعاً ذِكرى امس، فسرت قشعريرة في جسدها فأسرعت لتُشيح بوجهها عنه.
ابعد عمر بصره عنها بتوتر انتقل له منها، طرح سؤاله بإضطراب
- عاملة اية النهاردة؟

طال صمتها بسبب توبيخها لذاتها، لماذا هي متوترة؟ اعتقدت ان حالة امس ستختفي بمجرد ان تأخذ قسط من الراحة لكن يبدو انها مُخطأة، ضمت قبضتها بقوة وهي تُجيب اخيراً لكن بإقتضاب
- كويسة
سارت للسرير لتُبعد المنشفة عن شعرها وتحرره على كتفها وهي تسأل عمر بتهكم لتنهي اجواء التوتر التي شعرت بها بينهما
- اية جيت عشان كدة بس؟
تخطى سؤالها بطرح سؤاله
- هتروحي في مكان النهاردة؟
- لا، لية؟

استقامت وهي تسأله بحيرة، فظل يحدق بها وقد شرد فيها، ملامح وجهها الصافية الرقيقة وخصلات شعرها المتمردة المُلتصقة بعنقها الطويل الناعم، تبدو جميلة بطريقة غريبة.
عقدت حاجبيها اكثر حين لاحظت تحديقه الأبله بها، قالت وهي تحرك كفها امامها
- روحت فين؟
ادرك انه يحدق بها بطريقة مُحرجة فحرك حدقتيه حوله وقد تلعثم في البداية اثناء إجابته
- عشان لو هتروحي في حتة كنت هوصلك.

لقد تأكدت الان، انه يتصرف بغرابة معها، لم تعتاد على معاملته اللطيفة معه، لحظة، هل يشعر بالشفقة عليها لذا يعاملها هكذا!، لمعت حدقتيها بغضب، لن تقبل ان ينظر لها احد بشفقة، هتفت بعدوانية
- متعاملنيش كدة، بكره ان حد يعاملني كويس لانه مُشفق عليا
دُهش من تغيرها المُفاجئ، لكن لحظة، شفقة؟ من يعاملها بشفقة؟، رغم تشتته كان هادئ وهو يسألها
- اية السبب اللي يخليني احس بالشفقة عليكِ؟
اجابته بإنفعال وهي تفكر.

- مفيش سبب تاني يبرر معاملتك الكويسة معايا واهتمامك
قال بخفوت وهو يقترب خطوة منها
- لا في
- اية هو؟
انها تنتظر إجابة منه، فهل يخبرها عن شكوكه بشأن مشاعره!، تنحنح مُجيباً بكذب
- قولت احسن علاقتي بيكِ عشان شكلنا هنطول مع بعض
ارتفعت زاوية فمها ببطء لتصل للسخرية، استنكرت قوله
- هنطول؟، هما شهرين وبس
- ل..

سحب ما أراد قوله، لن يتطرق لذلك الحديث الان، انسحب كذلك مُغادراً دون قول اي شيء، فجلست على السرير وهي تحدث نفسها بضيق
- مين قال اني عايزة احسن علاقتي بيه؟، انا ناقصة لغبطة؟

في المطعم
وضعت ملك الأطباق على الطاولة المجاورة لطاولة إياد وهي تشعر بنظراته المصوبة ناحيتها، عضت شفتيها حين انتهت واتجهت لطاولته، تعلم انها لن تستطيع تجنبه في العمل.
توقفت امامه ناظرة للدفتر الصغير المُمسكة به مُنتظرة سماع طلباته، لكنه بدلاً من اخبارها بطلبه قال بهزء
- عملتيلي بلوك تاني
لقد لاحظ ذلك!، تشجعت ورفعت حدقتيها لتقابل خاصته بثبات، اضافت على قوله بهدوء
- ومسحت رقمك.

ابتسم بهدوء مُعاكس للضيق الذي يشعر به، سألها بسلاسة
- لية المرة دي؟، عملتلك اية؟
ادرات حدقتيها بمقلتليها بإنزعاج وهي تطلب منه بتهذيب
- ممكن تقول لي طلباتك؟
تخطى قولها بسؤاله
- عشان عارفة اني مُعجب بيكِ؟
ردت دون تفكير
- انا مش سهلة عشان تحاول تضحك عليا بالكذبة دي
اختفت ابتسامته وارتفعا حاجبيه، قال بكبت
- اية اللي خلى اعترافي كدبة؟
تنفست بضيق وهي تضغط على حروفها بإصرار
- حضرتك هتقول طلبك ولا امشي؟

انهت جملتها واستدارت لتغادر، فقال مُذكراً اياها
- متنسيش اني زبون هنا
لم تعود لتنظر له، ردت وهي تلويه ظهرها
- وعشان كدة مستحملة الكلام معاك
وأكملت طريقها للمطبخ، فضم قبضته بغضب، لماذا تعامله بجفاء ولامُبالاة؟ ألم يستطع جذب انتباهها ولو قليلاً؟ ألم ينجح معها أسلوبه؟، نهض ليغادر وهو يشعر بالضيق الشديد من اسلوبها معه.

بعد مرور ساعتين
نهض عمر وهو يمد يده ليصافح إحدى معارفه الذين يعملون مع الشرطة، شكره بحرارة وقال
- وهستنى رد منك، لازم اعرف الاسم الحقيقي للشخص دة ولازم ياخد جزاته
- اكيد دة اللي هيحصل
ثم غادر المكان مُتجهاً لسيارته وهو يفكر، ستكون مهمة صعبة والعثور على ذلك النصاب صعب لانه لا يملك صورة له، لكن وصفه له قد اوفى بالغرض ويتمنى ان يحصل على خبر خلال ايام قليلة لينتهي من الامر سريعاً.

اتصل ب إياد وهو يصعد السيارة واتفق معه على مكان ليتقابلا فيه.
وصل عمر للمكان المقصود، جلس وهو يُعلق بعد ان رأى إياد الذي وصل قبله وكان مُتجهم الوجه
- دة انت مقريف خالص، مالك؟
- فكك مني دلوقتي، طلبت تقابلني لية؟ في حاجة؟
هز عمر رأسه وتطرق لموضوعه
- رضوى، لما قابلتها اتكلمتوا في اية؟
- الصراحة كنت متجنب الكلام معاها، بس سألت عنك ورديت بإختصار
- احسن
هتف إياد بدهشة
- احسن؟، كنت متوقع تضايق من ردي عليها.

- بيني وبينك، مش حابب اشوفها اصلاً
- بسم الله، هو انت عمر!
قالها إياد بمزاح، فرمقه عمر بجدية قائلاً
- مبهزرش دلوقتي ياعم
نهض إياد بحماس ليجلس بجوار عمر ويسأله بخفوت وريبة
- ليكون موضوع يارا حقيقي؟ وهو اللي مغيرك ناحية رضوى؟
نظرة عمر أكدت ل إياد تلك الحقيقة التي اعتقد انها وهم، وقد برر عمر.

- مش عارف بظبط بس وجود يارا في حياتي خلاني اشوف انانية رضوى في حاجات كتير، اكتشفت دة لما ادركت اني مُعجب ب يارا، لقيت نفسي بقارن بين الاتنين، يارا بتعامل ماما كويس جدا رغم انها بتمثل بس بحس بصدق حبها ليها على عكس رضوى وانت عارف ان رضوى مكانتش بتحاول تصلح علاقتها مع ماما بس وقتها كنت بقف مع رضوى عشان بحبها وكنت بغلط ماما وبتهمها انها متحاملة على رضوى، والفكرة دي كانت لسة عندي قبل ما افوق من غبائي.

تمتم إياد براحة
- اخيراً عرفت انك غبي!
استطرد عمر حديثه
- ادركت كمان ان رضوى كانت بتستغلني، كنت شايف وقتها انه عادي تطلب مني اي حاجة مدام هي حبيبتي وهتبقى مراتي بس ادركت دلوقتي انها كانت جشعة، تقريباً انا كنت بصرف عليها!
سخر إياد وهو يرمقه بضجر، فكم اخبره انها تستغله لكن عمر كان معمي بحبه لها
- صباح الفُل
لم يكترث عمر لسخرية الاخر واكمل.

- اما يارا حريصة، اكتشفت من كام يوم لما دخلت اوضتها انها كاتبة كل حاجة اشترتها هي من فلوسي في نوت وناوية ترجعهملي، مُتخيل؟، ومع العِلم ان رضوى و يارا يُعتبروا في نفس المستوى...
أوقفه إياد بقوله الغير مستوعب
- فهمت كل دة بس برضه مش مستوعب مساعدة ناحية يارا، يعني ازاي حصل كدة وانت وهي...
قاطعه عمر بقوله الشارد وهو ينظر بعيداً.

- متسألش اسألة صعبة انا نفسي مش لاقي اجابة ليها، بس اللي اعرفه اني عايز اقرب منها، اعرفها اكتر
اعاد إياد ظهره للخلف وهو يقول بإعجاب
- بجد مش مصدق انك مش متمسك برضوى
ابتسم عمر بأسف، كم يشعر بالندم الان لتمسكه بها، كم اهدر من كرامته عليها!، وضح موقفه.

- مش عارف كنت بفكر كدة ازاي؟ ازاي اتمسكت بواحدة سابتني ومهمهاش؟، ازاي كنت متربس دماغي كدة؟، للأسف عارف الإجابة، حب رضوى كان حاجة مقدسة بالنسبالي مكنتش مُتخيل اني ممكن اكمل حياتي من او مع غيرها، كل ما كان عقلي بيحاول يوعيني كنت بسكته عشان لا، حب عشر سنين مش هينتهي، ازاي يخلص كل الحب دة من طرف واحد؟ لازم اعافر عشان ارجعها ليا ولو على حساب كرامتي!
ضحك عمر وهو يقول
- كنت غبي فعلاً، انت كنت صح.

رفع إياد رأسه بتكبر وهو يُصرِح بتعجرف
- انا دايماً صح في كلامي عن العلاقات والبنات
ابتسم عمر إبتسامة صفراء وهو يسبه بصوت منخفض، فضحك إياد بإستمتاع وسرعان ما هدأت ضحكاته ليقول بخبث
- مدام خدت يارا، خليها تظبطلي صاحبتها ملك، تعباني اوي
- أولاً مخدتش يارا لسة
- في المستقبل يعني
- ثانياً لو قربت من ملك يارا هتقطعك
رفع إياد زاوية فمه بسخرية وهو يرد بحنق
- لية بنتها؟، وغير كدة مش هسكتلها.

اندفع عمر بجسده قليلاً وهو يهدده
- جرب كدة وهنخسر بعض وقتها
مال إياد اليه وهمس بضحك
- والله حاسس في الاخر ان انا وانت هناخد على دماغنا منهم
ضحك عمر وهو يشاركه شعوره
- وانا حاسس بكدة، ربنا يستر.

في فيلا إبراهيم السويفي
تركت يارا كف سهام لتنهض وتتجه لخارج الصالون لتفتح الباب للطارق، قابلتها فتاة حين فتحت الباب..
- اتفضلي؟
سألتها الفتاة برقة
- عمر موجود؟
تساءلت يارا بداخلها، هل الفتيات يأتون لهنا أيضاً؟ ما هذه الوقاحة؟، تغيرت نبرتها للضيق وهي تُجيب
- لا، بس انتِ مين؟
- انتِ شغالة جديدة هنا؟
ارتفعا حاجبي يارا بغضب وهي تُصحح لها بشراسة
- شغالة؟، انا اخته حضرتك.

اتسعت مقلتي الفتاة بعدم تصديق، تمتمت ببطء
- اخته؟ سلمى؟
أكدت لها يارا بإقتضاب
- ايوة، تعرفيني؟
- انا رضوى
هذا الاسم ليس غريب عليها لكنها لا تستطيع تذكر اين سمعته، وضحت لها رضوى بحماس
- انا خطيبة عمر، قصدي اللي هبقى خطيبته
تصلبت يارا في مكانها بعد تصريح الأُخرى، إذاً هذه هي رضوى لقد عادت؟

مدت لها رضوى كفها لتصافحها، نظرت يارا لكف الأخرى للحظات قبل ان ترفع كفها من جانبها وتصافحها، لم تقل شيء، فقط اتاحت لها الطريق لتدخل.
سارت للداخل وهي تنظر حولها بإشتياق، لقد مر وقت كافي لجعلها تشتاق لما اعتادت عليه كهذه الفيلا التي كانت تقضي فيها الكثير من الوقت.
- ياه مفيش حاجة اتغيرت
- مين جه يا سلمى؟
صدح صوت سهام المُتسائلة، فأسرعت يارا للصالون ولحقت بها رضوى لترحب بمن هناك.

فرقت سهام شفتيها لتُكرر سؤالها على يارا التي وقفت امامها، لكنها لمحت دخول شخص اخر خلفها، تعرفت عليها سريعاً، هتفت بحدة
- انتِ؟ بتعملي اية هنا؟
منحتها رضوى إبتسامة وهي تُرحب بها بجفاء
- طنط سهام، عاملة اية؟
- مش كويسة بشوفتِك
علِمت يارا سريعاً ان العلاقة بينهما ليست جيدة، لا تعلم لِم شعرت بالانتصار!، ضحكت رضوى وهي تجلس مُقابلة ل سهام، طأطأت بأسف وهي تقول ببراءة مُصطنعة.

- للأسف رجعت وهتشوفيني كتير بعد كدة
رفعت سهام زاوية فمها بشراسة مع قولها المُستنكر
- فاكرة انك هترجعي لأبني بالسهولة دي؟
رفعت رضوى رأسها بتعجرف وهي تقول بمكر
- شكلك متعرفيش انه متمسك بيا للان وهو الخلاني ارجع برسايله ليا
قزفتها سهام بنظرات غاضبة فردتها اليها رضوى بتحدي، بينما كانت تنقل يارا نظراتها بينهم بحيرة، يبدو ان هناك حرب هتقام هنا، قالت قبل ان تتجه للخارج.

- هروح اقول ل أم محمود تعملنا حاجة نشربها
وفعلاً طلبت من أم محمود القهوة لثلاثتهم، توقفت عند السلم قبل عودتها للصالون لتتصل ب عمر الذي استقبل اتصالها خلال ثواني، سألته بصوت منخفض
- انت فين؟
- لية؟
- رضوى هنا
ابعدت الهاتف عن اذنها سريعاً حين هتف بصدمة
- نعم!، عندك في الفيلا؟!
اعادته لأذنها بحذر وهي تؤكد له
- ايوة، وشكل الدنيا هتولع بينها وبين ماما سهام
سمعت صوت صرير مكابح سيارته وهو يخبرها بتعجل.

- انا اهو في الطريق، عشر دقايق وابقى عندكم
تنهدت وهي تُعيد الهاتف لجيب بنطالها وتتجه للصالون.
جلست بجانب سهام، ومازال الصمت المُشتعل يعم الاجواء، وجدت يارا نفسها تُقيم رضوى من رأسها حتى اخمص قدميها، كانت ترتدي فستان صيفي يصل الى اسفل ركبتيها بقليل، تُحرر شعرها المصبوغ الطويل الذي يصل لمنتصف ظهرها، حدثت نفسها
- مش بطالة يعني.

خرجت ملك من المطعم، لقد انهت عملها اخيراً، نظرت للسماء التي بدأت تُظلِم، أكملت سيرها مُتجهة للمحطة، توقفت بعد مسافة قصيرة من المطعم حين أعاق احدهم طريقها وكان إياد الذي قال بجدية
- عايز اعرف سبب مُقنع لتصرفاتك
رفعت بصرها له بتشتت قبل ان تستعيد تركيزها مرة اخرى وتتراجع بضع خطوات، قالت بإرهاق
- ببساطة مش عايزة اتعامل معاك
- لية؟
هتفت بإنزعاج رداً على سؤاله
- هو بالعافية؟
اجابها بسلاسة ونبرة هادئة.

- مش بالعافية بس لو قولتيلي سبب وقتها هقدر اتعامل مع الوضع
ضحكت بسخرية وهي تُشيح بوجهها بحنق، تمتمت بتهكم لاذع
- تلاقي طريقة تانية تدخلي بيها
وصله كلامها بوضوح، فمال برأسه قليلاً وهو يطلب منها ان توضح له
- طريقة تانية ادخل بيها؟، قصدك اية؟
شعرت بالغيظ، لماذا يُصِر على خداعها وتميثل الجهل!، لذا واجهته بنبرة عدوانية
- مش عيب عليك تعلب بأتنين؟
عقد حاجبيه مُتسائلاً بحيرة
- اتنين؟ امتى لعبت بأتنين؟

احمر وجهها بغضب وهي تنهره
- كفاية تمثيل بقى عشان انا شوفتك امبارح
انفك عقد حاجبيه بجدية وتغيرت ملامح وجهه للحدة وهو يأمرها بصوته الأجش المُقتضب
- اتكلمي بوضوح
- عايز ت...
قطع حديثها نداء احدهم، انه صوت تعرفه جيداً، انه صوت والدها!
- ملك
استدارت سريعاً وقد اتسعت مقلتيها بخوف وهي تراه يقترب منهما وملامح وجهه تعرفها جيداً.

وصل عمر اخيراً للفيلا، طرق على الباب طرقات مُتتالية مُتعجلة حتى فتحت له يارا، سألها بخفوت وهو يدخل
- لسة جوة؟
تأملت ملامحه، تحاول ان تعرف إذ كان سعيد وملهوف لرؤية حبيبته السابقة ام لا؟، نهرت نفسها، لماذا تهتم؟، اجابته وهي تُبعد حدقتيها عنه
- ايوة.

توقف للحظة يستجمع شتات نفسه، لا يُريد ان يُظهر توتره ل رضوى، اكمل سيره المستقيم للصالون، اتجهت أنظار رضوى الملهوفة و سهام الحانقة له وظل الصمت سيد الموقف، بينما وقفت يارا خلفه تتابع ما سيحدث.
- عمر
همست بها رضوى وهي تنهض ببطء، استقامت واقتربت منه خطوة تلو الأخرى بلهفة لكن قوله الخالي من اي مشاعر صدمها
- جيتي لية يا رضوى؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة