قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثاني والأربعون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثاني والأربعون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج2 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثاني والأربعون

الحماية نعمة لا يشعر بها إلا من تم سلبها منه.
سُلِبت منه في الصغر فأعطاها لكل أحبته في الكبر.
ليصبح هو الحامي لهم ويصبح فؤاده مسكنهم...
وروحهم مأواه وملاذه الأول والأخير
توقفت حرب الأعيرة النارية تماما، وهو على حاله لم يغير من موضعه فارتفعت تتأكد بحذر من السكون التام وسط تطلعه الضاحك على تصرفها فالتفتت له تسأل بشك:
انت عارف حاجة عن اللي بيحصل ده؟
رفع كفيه نافيا التهمة عنه وهو ينطق بتصنع البراءة:.

أنا برضو بتاع ضرب نار وكلام فاضي من ده!
تأكد شكها ليصبح بقينا بعد إجابته هذه، أخرج هاتفه مجريا اتصال مع أحدهم فسمعته يلقي الأوامر بحدة:
تنشري اللي اتفقنا عليه.
صمت ثوان فرأت التهكم كسا معالمه وخاصة وهو يجيب بنبرة ساخرة:.

تتأكدي!، اسمعيني كويس انتِ اختارتي تفضلي في شغلك ومأذيكيش بعد الصور اللي صورتيها في الحفلة وكتبتي عليها عنوان انتِ عارفة كويس انه غلط بس حبيتي تعملي فرقعة وخلاص، وانا معنديش بقى للأسف حاجة ببلاش هتفضلي في شغلك يبقى تنشري اللي قولت عليه، سمعتي.
لم يطل الأمر حتى وجدته يغلق الهاتف فأردفت مسرعة: مين دي؟، و بتكلمها كده ليه وعايزها تنشر ايه؟

التفكير أنهكه، مخططات وصراعات لم تعرف الحياة الهادئة طريق له، نطق بصدق:
أنا مش عايز اتكلم، مش هتزعلي صح؟
ابتسمت بحنان على كلماته فمدت يدها تحتضن كفه تبثه بعضا من أمانها النابع منه أثناء قولها الذي زينه تلك الابتسامة اللامعة على ثغرها:
لا مش هزعل، وقت ما تحس انك عايز تتكلم أنا جنبك.
قبل جبهتها شاكرا تفهمها له في هذا التوقيت بالتحديد، قطع جلستهما اتصال هاتفي له فهمست بغيظ:.

ده لو مخترع التليفون نفسه مش هيجيله كم المكالمات دي، الواحد ميعرفش يقعد معاه ساعة على بعضها.
سمعها وهو ينظر للمتصل فضحك بتسلية وأردف بمكر أثناء ضغطه على زر الإجابة:
بتقول حاجة يا وحش؟
هزت رأسها سريعا نافية أنها قالت شيء وهي تطالعه بنظرات بريئة فضحك وهو يرد على المتصل بغيظ:
خير!
لاحظت القلق الذي بدا على وجهه بعد هذه المكالمة فاضطرب قلبها وتيقنت حين استقام واقفا يعدل من سترته فسألته بهدوء:
هو حصل حاجة؟

هز رأسه نافيا وهو يؤكد لها بنظراته المطمئنة:
لا أبدا، مشوار كده وهرجع، انزلي نامي جنب آمن بقى علشان ميصحاش.
قالها ورحل تماما عن نظهرها، تطلعت إلى نقطة في الفراغ وفؤادها يحدثها أن هناك خطب ما هو ما جعله ينتفض راحلا هكذا، دعت الله أن يكون الأمر مجرد هراء من نسج خيالها واستقامت واقفة حتى تعود لصغيرها، و غرفتها الدافئة بسبب برودة الأجواء هنا.

كان يجلس أمام قبر والديه، يبتسم بحنان وهو يتأمل الأسماء المحفورة على ذلك اللوح، فرت الدموع من عيونه فمسحها بهدوء ليستمع إلى صوت من خلفه يعرفه جيدا:
بقى أنا يا عمر تقفل في وشي السكة.
استدار ليجد يحيي بابتسامته الظافرة بأنه وجده، جاوره يحيي في الجلوس على هذا السور المنخفض فسأله عمر بصوت ظهر فيه أثار البكاء:
انت عرفت طريقي منين؟
حدث يحيي الألواح أمامه في إشارة لسلامه عليهم وهو يقول بمزاح:.

الواحد مبسوط انه جه يسلم على الناس دي والله، ابنكم ده مطلع عيني صحيح بس كويس انكم جبتوه للدنيا جدع وبيسليني.
ابتسم عمر على كلماته وهو يعيد سؤاله من جديد بإصرار:
عرفت اني هنا ازاي يا يحيي؟
عرف مني أنا.
استدار عمر ليجد حامي أمامه والذي اقترب بخطواته الهادئة ليجلس جواره من الجهة الاخرى مرددا:.

أنا قولت ده المكان اللي أكيد هلاقيك فيه، قولتلك متروحش عند مراة المحامي وانت اللي اصريت، كان ممكن نبعت يحيي يخلص الليلة في جملتين ويرجع.
أردف يحيي بتأكيد ضاحكا:
كنت هثبتهالك تثبيتة اجبلك اللي في عبها كله.

ضحك حامي وهو يرمق يحيي بنظرة أن لا فائدة منه، سرعان ما تطلع على قبر والد زوجته ووالدتها لا ينسى أنهم كانوا شرفاء وسُلِبت روحهم من بشر ظنوا الشرف تهمة فحصدوا رقابهم، كان يعلم أن ذهاب عمر إلى زوجة المحامي سيعيد عليه مشاهد لم ينسها ولكن هذه الزيارة ستزيل المخدر ليصبح الألم مضاعفا لذلك رفض ذهابه ولكن أمام إصرار عمر أن يذهب هو لم يعترض.
لمح حامي اللمعة في عيون عمر حين سأله يحيي:.

مش محتاج اقولك ان هما في مكان احسن مننا بس أنا عارف انهم وحشوك.
أجاب حامي هذه المرة بدلا عن عمر بمشاعر صادقة برزت في عينيه:.

مفيش حد من حبايبنا اصلا بيغيب عن بالنا علشان يوحشنا، الناس دول ادوني اعظم هدية في حياتي، بنتهم هي اللي عرفتني ان السند بالوجود وان الغايب وفي مقدرته الحضور مش سند، بنتهم جابتلي حتة مني ومنها لما بشوفها بحس ان مفيش أي مشكلة في الدنيا قدام عيونه، وابنهم ده اللي يوم ما وقعت جري اتبرعلي بدمه ومبخلش عليا بيه، في ناس بتعمل حجات تخليها تعيش لآخر العمر بيبقى موتهم مجرد جسم راح لكن روحهم في كل مكان، وناس تانية مبتقدمش حاجة واحدة بس تخلي روحهم نشتاقلها، هما عايشين يا عمر زي ما أبويا عايش بالظبط بس عايشين جوانا وحوالينا وأنا متأكد كمان انهم سامعين كلامنا ده دلوقتي.

ابتسم عمر فهو يعلم أن كل ما تفوه به صحيح ولكنه كان يحتاج إلى هذه الجلسة وبشدة، قطع حديثهم اتصال هاتفي بمجرد أن تطلع حامي إلى الرقم الغير معروف ابتسم بمكر هامسا:
اللعب اشتغل.

أجاب بلهجة ظهر فيها القلق، الاضطراب، وبرع في تمثيل أنه يتأمل للحصول على أي معلومة بالتأكيد خبر اختفاء صغيره وإطلاق أعيرة نارية جوار منزله انتشر في الصحف الآن كما أمر هذه الصحفية التي نشرت عنه من قبل، قطع اجابته التي امتزجت بشروده سماعه صوت عدنان يقول بتسلية:
حامي باشا موحشتكش ولا ايه!
نطق حامي بشراسة استطاع عدنان تمييزها جيدا أثناء قوله:
أنا مش فاضيلك دلوقتي بس حسابي معاك لما أفضالك.

سمع حامي ضحكات عدنان العالية فابتسم بسخرية من زاوية فمه وخاصة و عدنان يقول:
هبعتلك حاجة كده اتفرج وقولي رأيك.
أرسل له عدنان فيديو للصغير التقطه حامد بمساعدة الطبيب أحمد في العيادة الطبية حتى يؤكد لعدنان أن الطفل أصبح معه.
شاهد حامي المقطع باستمتعاع شديد سرعان ما تحول إلى غضب يحرق الأخضر واليابس أثناء عودته لعدنان من جديد يسبه بعنف محذرا إياه من الاقتراب من ابنه.

ظن عدنان أنه ظفر وهو يملي أوامره واثقا أنها ستُنفذ:
هتركب عربيتك وتيجي على العنوان اللي هبعتهولك هتلاقي رجالة مستنياك هيجيبوك ويجوا، طبعا مش محتاج أقولك انك تيجي لوحدك لأن الرجالة لو لقوا معاك نفر واحد هصورلك صوت وصورة ابنك وهو بيتقتل، وعلى العموم انا مش جايبك نتخانق احنا هنتفاوض بس انت تشوف انا عايز ايه وفي المقابل تاخد ابنك، سلام يابن العمري.
انتهت المكالمة فسأله يحيي عن الذي سمعه من مكبر الصوت.

بقلق:
حامي انت هتروح، بلاش انا مش متطمن الواد ده مش عايز حد يعرف مكانه ده موقفلك رجالة في نص الطريق هما اللي يوصلوك عنده يعني كمان شكله ناوي على الشر.
قبل أن يعترض عمر هو الاخر أردف حامي منهيا النقاش:
عدنان وقع في المصيدة وهيوديني مكانه بنفسه وكده ضربت عصفورين بحجر حميت آمن وهعرف اجيب عدنان، متقلقوش أنا هظبط كل حاجة.
سأله عمر باستفسار:
طب احنا هنعمل ايه؟
نطق حامي مختتما وهو يخطط للقادم بدقة:.

اسمعوني علشان اللي هقوله ده هننفذه بالحرف لأن أي غلطة هتكشف الورق كله قدام عدنان.
كلاهما أعطاه كامل انتباهه ليعلما خطواتهم الآتية حتى يتم كل شيء على ما يرام.
بعد عدة ساعات.

شعر رضوان بثقل في رأسه أثناء استيقاظه، فتح عينيه بتثاقل لتحل عليه الصدمة بأنه ليس في منزله، انتفض جالسا ليرى أين هو فهجم عليه ألم رأسه، حاول التخلص منه وتحديد منزل من هذا، استدار إلى الطاولة الموضوعة جواره فوجد مجموعة من الأوراق، تناولهم بقلق كساه وتأكد قلقه بعد ثوان فهذه الأوراق هي نفسها التي يخفيها في اليخت الخاص به، سقط من الأوراق شيء على الأرضية أحدث رنة عالية مال ليلتقطه فجحظت عيناه إنه خاتم محمد صادق العمري الذي أخفاه منذ سنون محتفظا به لنفسه، أخذ عصاه يستند عليها حتى يرحل من هنا مسرعا، فهو لا يعلم أي شيء عن مجيئه هنا، أسرع في خطواته وحاول فتح الباب ليجده يُفتح بسهولة ويجد سيارته في الخارج لم يفكر في أي شيء سوى أن يفر من هنا إلى اليخت الخاص به.

بعد فترة من الوقت
وصل إلى مبتغاه صعد بكل جهده حتى وصل إلى الطابق العلوي، جلس على الأريكة وبدأ يسحب هذه القطعة التي يعلم أنه قد وضع هذه الأشياء بها ويتوقع الآن أن يجدها فارغة، ولكن شلت الصدمة حواسه حين وجد الأوراق كما هي بوضعها الذي تركها فيه، امتدت يده إلى ذلك الكيس الذي أخفى به الخاتم فتحه ليجد الخاتم به، ليصرخ عاليا وهو يلقي بالأوراق والخاتم من يده:.

امال دول جم منين، لما الحاجة موجودة اللي لقيته ده جه منين.
سمع رنين هاتفه فانتفض يبحث عنه في جيب سترته، أخرجه عل المتصل هذا مهما كان يفك له شفرات ألغازه ولكنه اصطدم برسالة نصية من رقم ميرال، فتحها ليجد ميرال أرسلت له صورة من رسالة ودونت فوقها:
هذه أوامر تم إصدارها، وأُمِرت بتبليغك بها.
قرأ ما في الصورة بعيون اشتعل فيها لهيب الغضب حين وقعت على:
ابنك عدو لنا؛ تتخلص منه اليوم رضوان، انتهى الأمر.

فك أزرار القميص الخاص به عل الهواء يدخل إلى صدره، حسم أمره وهو يضغط على رقم ابنه منتظرا الإجابة، بمجرد أن أتته القسوة بقول ابنه القلق:
في حاجة يا بابا؟
نطق بلهجة جامدة خالية من كل شيء إلا القسوة:
تجيلي على اليخت حالا، مستنيك.
أغلق هاتفه ونظر للفراغ أمامه بقلب عماه الحقد، وعيون كساها الشر والغل.

نزلت بسنت للذهاب إلى عملها، لمحت شقيقها يترجل من سيارته، إنه منذ يوم عودته ولا يعطي الفرصة لأي أحد حتى يقوم بالحديث معه، حاولت أكثر من مرة وكل محاولاتها باءت بالفشل، أوقفت خطواته هذه المرة بالإجبار وهي تقول بحدة:
حسام أنا بقالي تلات أيام عايزة اتكلم معاك بخصوص موضوع مروان وانت بتتهرب في ايه بالظبط.
وقف أمامها يتحدث بنفس نبرتها الجامدة وهو يقول:.

في انك غلطتي لما عرفتي حاجة ومستنتيش لما ارجع ونتصرف سوا وروحتي قولتي كل اللي عندك بسهولة جدا لمروان اللي كان ممكن يأذيكي، أنا عرفت من حامي في نفس اليوم اللي كشفتي فيه قدام مروان انك عارفة حقيقته، بوظتيلي كل اللي خططتله علشان استخدم مروان وأوقعه.
بررت له بصدق فهي عاتبت نفسها على موقفها هذا ألف مرة:.

كان غصب عني، استفزني وانا مقدرتش امسك نفسي انت عارف، أنا انبوبة لما الغاز بيخلص بنفجر بقى في أي شخص، وأنا يا حسام مروان ده خلص غازي وغاز الجيران كمان، المهم هو فين دلوقتي؟
رفع حاجبه باستنكار وضرب بقبضته على السيارة مما جعلها تنتفض وهو يقول بانفعال:
معرفش هو فين.
نطقت بانزعاج وقد انكمشت ملامحها إثر صوته المرتفع:.

بالراحة بالراحة سمعت، يا حسام انا حالتي النفسية سيئة قدرني شوية يا جدع مش كده، وبعدين أنا كنت معزومة على فرح نيرة وفجأة كده غفلتوني ومفيش فرح ازاي يعني!
تحرك راحلا من أمامها حتى يدخل إلى غرفته وهو يقول بضجر:
أنا عايز انام علشان عندي شغل لما اقوم بقى نبقى نفوق لحالتك النفسية.
سألت مجددا بحذر:
طب هو احنا مش هنقول لأبوك على مروان.
استدار عائدا إليها وجذبها من سترتها من الخلف وهو ينطق بانزعاج:.

أنا عايز اعرف انتِ عايزة مني ايه؟، اقولك غلطتي لما كشفتي نفسك لمروان تقوليلي نقول لأبوك، لا احنا نجمع العيلة كلها ولا عيلة ليه احنا نجمع البلد كلها وانتِ اقفي بالميكريفون من فوق وقوليلهم كلهم حقيقة مروان، افضحيه.
سيب هدومي.
نطقتها بغيظ ليترك ملابسها فتركها راحلا بتذمر وهو يهمس بكلمات تعبر عن غصبه مما جعلها تصيح عاليا:
سامعاك على فكرة.
قطع حديثها صوت تألفه جيدا فاستدارت لتجد أحمد ينطق بأدب:.

ازيك يا بسنت.
لم تجب على سلامه بل أسرعت تقول باعتذار نادمة:
أحمد أنا اسفة على اللي حصل اخر مرة وخناقتك مع مروان، أنا عارفة ان هو اللي استفزك وانا كنت غبية شوية، بس مش عارفة أقول ايه بصراحة اسفة تاني.
ضحك على توتر أسفها وهرب الكلمات منها أثناء قوله الذي رفع الحرج عنها:
مش محتاجة كل ده، ولا يهمك يا بسنت.
كان سيكمل طريقه إلى الداخل حيث شقيقها ولكنه توقف يسألها بحذر:
بسنت هو أنا ممكن اسأل سؤال؟

هزت رأسها بابتسامة مؤكدة مما شجعه يسأل دون حرج:
هو الحد اللي قولتي انك بتحبيه يوم ما عرض عليكِ الجواز هو مروان؟
كانت إجابتها ستعطي له بصيص أمل أما هي فانقبض فؤادها فما مرت به ليس بيسير بالمرة هي مازالت تعاني ويلاته ولا تريد التعلق بأي شخص جديد لذلك أردفت جدية اصتنعتها جيدا:
لا مش مروان، واحد تاني.

هربت من نظراته التي تترجى صدقها بالنظر للأرضية، هربت أيضا من أن يرى دموعها فينكشف أمرها، اهتز كيانها وهو يقول مختتما يبتلع غصة في حلقه:
تمام.
ارتفعت تراقب رحيله بدموعها الصامتة ثم سريعا ما عادت تنظر للأرضية وهي تهمس بألم:
آسفة.

كان في طريقه بسيارته إلى الموقع الذي أُرسل له، وصل إلى هذا الطريق ليجد اثنين يقطعا الطريق أمام سيارته، أوقف سيارته ونزل منها بهدوء واثق، أشار أحدهم للاخر ليفتش ان كان هناك احد غيره في السيارة ام لا، أما الذي تبقى فنطق:
لو معاك سلاح ارميه قبل ما تركب معانا.
ضحك حامي بسخرية وهو يخرج له جيوب سترته ليرى فراغهم ثم رفع طرف سترته ليرى خلو جيوب بنطاله أيضا من أي سلاح.

عاد الرجل يؤكد لصديقه خلو السيارة تماما فأردف الأخير:
سيب عربيتك واركب معانا.
تحرك معهما نحو السيارة بصمت تام وجمود احتل معالمه، ركب في الكرسي الأمامي جوار الذي سيسوق منهما وجلس الرجل الاخر في الخلف لتنطلق السيارة إلى طريقها الذي تعرفه جيدا.
بعد قليل من الوقت
وصلت السيارة إلى مقر عدنان، هنا زاد تركيز حامي إلى الضعفين يتأمل كل انش في المكان، سمع الذي يجاوره يقول لصاحبه:.

دخله للباشا وارجعلي علشان نستنى في العربية.
نزل حامي من السيارة أولا وفي حركة سريعة خلع سترته العلوية وأدخل يده تحت قميصه الداخلي ليخرج سلاحه.

قبل خروج الاخر عاد إلى السيارة مجددا ليمسك على حين غرة برأس من كان يقود السيارة يضربها في عجلة القيادة بكل قوته حتى كادت ان تتهشم، تحرك ناحية الثاني والذي اخرج سلاحه للتعامل فاشتبك مع حامي الذي باغته بضربة قويه على رأسه قبل أن يستخدم سلاحه ويصدر منه أي صوت، تأكد حامي من سكونهما تماما وتحرك بخطوات منتصرة ناحية باب هذه الغرفة يدق الباب كما كان سيفعل من معه، استند عدنان على عصا تساعده على السير بسبب كسوره حتى يفتح الباب وحاول التحكم في صدمته وهو يرى حامي وحده يقف أمامه على البوابة.

طمأن نفسه بأن صغيره لديه فهو الرابح على أي حال فأفسح الطريق له وهو يقول بسخرية:
مش أنا قولتلك بلاش غدر لو خايف على روح ابنك، ولا انت مش مهم عندك الواد والمهم امه بس!
دخل حامي وأغلق الباب خلفه كان خلف عدنان الذي يسير متوجها للجلوس فدفع قدمه المصابة بحركة مباغتة ليسقط أرضا صارخا بألم فمال عليه حامي ناطقا بشراسة لمعت في زيتونيتيه:
زي ما توقعت بالظبط فار زيك هيستخبى فين غير في مكان وسخ زي ده.

نطق عدنان بألم حاول مداراته:
نافش ريشك على ايه، ابنك عندي اقسم بالله بمكالمة تليفون واحدة اصفيهولك ولا يهمني أوامر ولا مش أوامر.
ضحك حامي عاليا وهو يجذب مقعد مرددا بتهكم:
لا واثق، طبعا مش عمك بديع الصياد، السيد الكبير.
انكمشت ملامح عدنان بصدمة من معرفته بصلة القرابة المزيفة هذه، ود حامي لو ألقى قنبلته له الآن بأن بديع ليس السيد الكبير بل مجرد واجهة ولكنه فضل الانتظار للمواجهة التي يخطط لها.

حاول عدنان القيام فتلقى ركلة اخرى وحامي يقول له بتشفي:
فاكر نفسك هتخطط وترسم وتمشي حامي العمري على خطتك يا روح أمك؟، انت شكلك متعرفتش بيا كويس فأحب أعرفك.
ضغط هذه المرة على كف عدنان فصرخ متأوها وحامي ينطق:.

ابني معايا في حضن مراتي ونايم على سريره في بيتي، وحتى لو كنت طولته كنت هرجعه منك، حامد اللي انت أجرته باعك بس شوف سبحان الله لما طلبت منه يخطف ابني طلب كام أما انت بقى باعك ببلاش علشان اللي يخص حامي العمري غالي أما انت رخيص.
صاح عدنان نافيا بتأكيد:
كداب بتلعب لعبة علشان تاخد ابنك، الواد معايا.

زين ثغر حامي ضحكة هازئة وهو يخرج هاتفه ليجري اتصال بحامد ومازال قدمه مثبت على كف عدنان الذي لم يسعفه جسده المليء بالكسور في مقاومة إلا هزيلة.
فتح حامي مكبر الصوت وهو يردف بانتصار:
قولي يا حامد محمد فين؟
أجابه حامد سريعا بصدق:
مع المدام يا ياباشا في البيت.
هز عدنان رأسه بإنكار و حامي يكرر:
بيت مين؟
نطق حامد ضاحكا:
بيتك يا باشا.
صرخ عدنان كثور هائج يسب حامد بكل ما هو شنيع فأغلق حامي الخط وتابع بشر:.

كنت مفكر هجيلك واتفاوض علشان اخد ابني!، تبقى غبي ولسه معرفتنيش كويس، أنا لو ابني معاك اقطعك حتت واخده، حامد أنا جبته واتضرب في مدخل بيته اللي هو في حتة مقطوعة ميعرفهاش حد، كنت هتبقي صعب انت عليا؟
ضحك بشر وهو يكمل حديثه الذي سحب الأنفاس من عدنان:
فكرت نفسك انت اللي داير اللعبة بس اللعبة دي أنا اللي ممشيها من الأول واديك جبتني مكانك اللي مستخبي فيه من كل الناس بنفسك علشان انت عندنان أما أنا...

قطع حديثه فرمقه عدنان بترقب ليركل حامي قدمه مجددا فيزداد الألم وحامي ينطق بثقة:
فأعرفك بيا، حامي العمري.
سكن عدنان أما حامي فلاحظ تحرك هذا الستار الموجود في الغرفة فابتسم بمكر وهو يذهب بخطواته إلى الستار ليجذبه على حين غرة فظهر بديع من خلفه والذي انتفض بمجرد جذبه اثر الصدمة فضحك حامي عاليا وهو يسأله بسخرية:
عيب عليك مش أخلاق سيد كبير اللي بنتك واجعة دماغي بيها، هو في سيد كبير يا راجل يتخض الخضة دي.

شمر حامي عن ساعديه وهو يقول بعيون مظلمة ما بث الخلل في توازن بديع:
نبدأ بقى فقرتك انت.
في صباح اليوم التالي
في إحدى سيارات حامي جلست نيرة تتوسط صوفيا و هنا وعلى قدمها الصغيرة وهي تردد بتذمر:
ممكن اعرف ايه السبب اللي يخليكوا تصحوني من نومي كده، انتوا نازلين تتبضعوا أنا مالي.
أمرتها هنا بتمثيل الحدة:
بس اسكتي مش عارفة مصلحتك.

اتت الصغيرة لتقول كل ما لديها فجذبتها صوفيا على قدمها وشغلت تركيزها بمنظر خارجي من النافذة لتتفاعل الصغيرة سريعا معها فنطقت نيرة باستغراب:
ملبسين لينا الفستان ده ليه، ده مش مريح وبعدين لمناسبة مش علشان نازلين نجيب شوية حجات وراجعين.
قالت هنا بضحكة واسعة:
محصلش حاجة خليها تلبس وتتبسط.

تسرب القلق إلى هنا فهي اعترضت من البداية على وجود الصغيرة معهم ولكن قالت عائشة أن الصغيرة ستشغل بال نيرة بالطريقة المثلى.
توقفت السيارة أمام جنة خضراء كما وصفتها نيرة بالظبط حين سلبت عيونها، توسطتها زرقة المياه مما يلهم الناظرين.
نزلت نيرة من السيارة تتأمل المكان بانبهار فوجدت عائشة وزينة ودنيا يخرجن من حيث لا تعلم ويجذبنها ناطقين بمرح:
تعالي بسرعة.

هرولت معهن لا تعلم إلى أين وبعد قليل من الوقت وجدت نفسها ترتدي ثوب أنيق خفيف على جسدها حتى تستطيع التحرك بسهولة وفي التوقيت ذاته جذاب ومبهر للعيون، اتت لتتحدث فمنعتها عائشة بإشارة من يدها وهي تضع طوق من الورود على رأسها.
تخطتها زينة لتمسح بمنديل صغير على وجه نيرة وعدلت دنيا من الرداء لتقول لينا بفرح:
نيرو ممكن تفتحي الباب ده.

أشارت على باب في الغرفة فتحركت نيرة تفتحه بقلة حيلة ليكسوها الانبهار وهي ترى تدافع الورود من كل ناحية، تلك الساحة الخضراء زينتها أرجوحة في المنتصف معلق عليها عباد الشمس الذي تحبه، وكل ما زين المكان أضفى لجمال الجنة الخضراء جمالا اخر.
كادت أن تسقط وهي تسأل صارخة بفرح:
ده علشاني!
ظهر شقيقها أمامها، رمقته بحب وهو يقبل مقدمة رأسها ناطقا بزيتونيتين لامعا بالحب:.

الأميرة اللي لما كان بيعدي عليا أي صعب كنت بهون على نفسي بأنها لازم تفضل عايشة أميرة ومحدش يحني راسها أبدا، النهاردة بفستانها الحلو ده خطفتني زي ما بتخطفني دايما بروحها الحلوة وانها مهما كبرت هتفضل عيلة صغيرة بالنسبالي.
ألقت نفسها داخل حضنه هي تعلم كم عانى لأجلهم جميعا ليس العلم هو معرفة ما حدث ولكن شعورها به كل ذرة فيها تؤكد ذلك، هو الأمان والملاذ.
في نفس التوقيت.

حضر علي إلى اليخت الخاص بوالده، فنهش القلق قلبه وهو يرى ثلاث من رجال والده فسأله بحذر:
اتصلت وقولت عاوزني، في ايه؟
نظر رضوان نظرة لا رجعة فيها وهو يرى رجاله يقبضوا على ابنه ليحكموا حركته وسط صياح علي واعتراضه:
بتعملوا كده ليه، بابا اتكلم.
نطق رضوان بقلب يعتصر ولكن الشر تمكن منه فغلب شعور الذنب:
حاولت أحذرك كتير تكون معايا علشان انت ابني، بس دلوقتي الأمر مبقاش بإيدي.

استدار لينطق بقوله الذي خرج ممتزجا بطعم العلقم يتجرع مرارته:
نفذوا.
اتجهوا إلى إلقاء علي لمياه البحر التي لم يتعلم العوم بها يوما ما فصاح علي بنبرة أوشكت على البكاء:
النهاردة بس صدقت اخر حتة كنت بكدبها، صدقت لما اتقالي انت السواد اللي جواك ممكن بخليك تقتلني أنا كمان.
اختتم بوجع وعيون دامعة تجمعت فيها كل أوجاعه وقهرته:
صدقت ان مصلحتك اهم من حياتي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة