قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج1 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الخامس والعشرون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج1 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الخامس والعشرون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج1 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الخامس والعشرون

القلب، يتحكم بنا تحكم القائد بدولته، إن صلح حكمه. صلح قراره، فصلحت الرعيه، وإن فسد حكمه، فسد قراره، فا انهارت الرعيه، وها انا انهار
قلبي يدق له لا أعلم هل دقات خوف أم دقات شيء آخر، وبعد أن استنكرت عليه ذكرياته الطيبه وطالبته بالعدول عن تذكرها، صرت أسعى جاهده لأحييها به.

لو كان قلبي بيدي لأسرته وحذرته أن حب هذا لايجلب إلا الويلات، ولكن القلوب بيد الله، خطان لا يتقابلان، حب مستحيل تحقيقه، معجزه ليس من اليسير تصديق أنها تحدث، لطالما آمنت بالمعجزات لما استنكرها الآن، هل تجبر الحياة المرء على تغيير معتقداته الراسخة، حتى معنقداتنا تسلب منا!
لطالما تردد في ذهني قول السيدة أم كلثوم
كان لك معايا أجمل حكاية في العمر كله.

كنت أتأمله ويروق لي سماعه، والآن صرت أهرول خلفه لأعيد حكايتي معك من جديد.
أليس من الشفقه أن ترحم أسيرتك؟!
إما تبتعد عن طريقك وتصبح حر دون سلاح وفي هذه اللحظه سيعلن القلب دقاته دون خوف، أو تبقى كما أنت وأبقى كما أنا وحينها لن تختلط المياه المالحة بالعذبه سيظل البرزخ يفصلهما.
جلست نيره بتوتر على أحد المقاعد الموجوده في المقهي تجاورها لينا.

كانت الأفكار تعصف برأسها كيف ل عمر أن يكون هنا قطع شرودها صوته الدافيء يقول: ياصباح الورد.
اندفعت تقول بعنف: صباح الزفت على دماغك، بقى حضرتك مفهم اختك انك مرمي في السلوم، وفي الآخر تطلع جاي تتفسح هنا.
جلس على المقعد المقابل لهم بضجر بينما نطقت لينا بمرح طفولي: عموري.
ألقى لها قبله في الهواء قائلا بحب: وحشتيني ياليو.
استشاطت نيره غضبا من تجاهله لها لتهتف بإنزعاج: انت يا شخص انا بكلمك هنا.

رمقها ببرود قائلا: لما تتكلمي زي الناس الأول، هكون جاي هنا العب يعني ما أكيد جاي اشتغل، انا بقيت صاحب شركه من أكبر الشركات هنا.
شهقت عاليا بصدمه: اشتغلت تاجر مخدرات.
رفع رأسه للسماء ليقول بحسره: هو ابتلاء يارب أنا عارف، و رضيت بيه.
ثم رمقها بغيظ متابعا: الشركه دي زي ماتقولي كده شراكه بيني وبين حامي.

قطبت حاجبيها قائله بإستغراب: ايه اللي لم الشامي على المغربي، ده انت اخر مره جيت فيها القصر كنت جايب معاك البوليس.
أوقفها النادل الذي وضع أمامهم على المائدة أكواب الشاي الساخن المخمره، وبعض المخبوزات المشهوره لدى تركيا.
كانت الأجواء شديدة البرودة والمقهي يحاوطه البحر من كل جانب، التقطت لينا كوبها علها تكتسب بعض الدفىء بينما أخذ عمر الآخر قائلا: في وقته والله.

انكمشت ملامحها مردفه بغضب: ده بتاعي على فكره.
ارتشف منه مثيرا غيظها: عادي احنا واحد.
كررت الكلمه بهمس خافت: احنا!
ثم سريعا ما استعادت نفسها قائله: أنا مش داخل عليا حكاية شغلك انت وحامي دي.
وضع الكوب أمامه وأردف بصدق منهيا الحوار: صدقيني هتفهمي كل حاجه في وقتها، المهم قوليلي
انتبهت حواسها قائله: ايه؟!
انتي مرتبطه؟!
دارت عيناها في المكان بإرتباك وقد كست الحمره وجهها.

قهقه عاليا مردفا بغيظ: شوف ياجدع، اللي يشوفك وانتي بتزعقي من شويه ميشوفكيش وانتي طمطمايه دلوقتي.
أجابت لينا نيابة عنها بحماس طفولي: لا ياعموري مش مرتبطه.
تنهدت نيره بتعب بينما رمقت لينا قائله بتودد: ليو روحي اقعدي في البارك لحد ما اجيلك.
أومأت الصغيره واندفعت إلى ماشاورت عليه نيره بحماس، بينما استدارت نيره قائله: انت عايز ايه ياعمر؟!
أردف بنبره صادقه: بحبك.

التمعت عيناها بالدموع ولكنها تحكمت في نبرتها لتردف ساخره: ولحقت بقى تحبني امتى؟!
انكمشت ملامحه هو هذه المره وقد اقترب منها قائلا بحده: انتي عارفه من زمان اني بحبك يا نيره.

ضحكت بسخريه بينما امتزجت ضحكاتها بدمعة آلم وهي تقول بإستنكار: اللي بيحب حد بيستناه، الحب ده حاجه كبيره اووي، أي حد ممكن يقول انه بيحب، بس مش أي حد يقدر يحب بجد، في ناس بتقول انا بحب المطر بس مع اول لطشة برد بتكرهها، وناس تانيه تقول انها بتحب البحر بس مع اول تجربه للعوم ميستحملوش موجه، اللي بيحب حد بيتقبله بعيوبه ومميزاته، بيصبر عليه، قولي كده انت صبرت كام مره عليا؟!

كوته نار كلماتها فحاول إصلاح الموقف قائلا: نيره أنا...
استوقفته قائله بعتاب: اقولك انا، انت جيت قولتلي انك بتحبني، قولتلك اني مش هينفع أكون في أي علاقه دلوقتي، ساعتها انت عملت ايه؟!، اسبوع واحد بس وعرفت انك خطبت سالي، منين عايزني أصدق حبك ومنين اني لاقيت قدامي واحد تاني مستناش عليا حتى، وراح خطب واحده متناسبهوش لا وحاول يحبها كمان علشان يدوسني.

تنهد عاليا بتعب بينما التمعت عيناه بالدموع وقال بإستعطاف: مفيش أي كلمه اقدر ارد بيها علشان انا حيوان، كل اللي طالبه فرصه تانيه.
ابتسمت من زاوية فمها ناطقه بسخريه: فرصه تانيه ياعمر؟!
نطقها هذه المره برجاء حقيقي ونبرة عاشقه كادت تخلع قلبها من مكانه: أرجوكي يا نيره، أنا عمري ماهقدر أحب تاني، لو موافقتيش انا هعيش بقية حياتي لوحدي.

رفعت عيناها لتلتقي بخاصته وقالت بألم وملامح باكيه وهي تلقي قنبلتها: أنا عندي عيب في القلب، ولو اتجوزنا يبقى استحاله يكون في طفل.
جحظت عيناه وسيطرت الصدمه عليه مما يسمعه وحرك رأسه يمينا ويسارا غير مصدقا لما تفوهت به.
في داخل ذلك البيت الدافي في حي المغربلين
جلس كريم في أحد الزوايا بتابع التلفاز بحماس بينما نطقت هنا بغضب: هتسافر تاني وهتسيبني تاني.

حاول حامي تهدئة الوضع فنطق برويه: أنا بقولك شهر او شهرين بالكتير ياهنا، علشان زينه.
وقفت أمامه لترمقه بحده قائله: لا مش علشان زينه، اختك في اول مراحلها وكنت تقدر تعالجها في أي مصحه هنا في مصر، اقولك انا انت مسافر ليه؟!
جأر عاليا بتحذير: هناا.
استدارت هنا إلى كريم الذي جلبه حامي من يومين ليقيم معها لفتره قائله: ادخل ياكريم الأوضه دلوقتي.

استجاب الصغير لطلبها فااندفعت هي تستند على عصاها ناطقه: انت خايف، خايف علشان بدأت تحبها فقولت تبعدها وترجع انت وواخد زينه حجه.
ضرب على الطاوله بغضب وقد طفح الكيل به: أنا مبحبش حد ياهنا وانتي عارفه كويس، انا سفرت زينه لأن فرصة علاجها أحسن.
حاوطته بعينيها قائله بخوف: عينك بقت جامده، من ساعة مارجعت وأنا شيفاك واحد تاني ماتت جواه كل حاجه، احكيلي ياابني احكيلي في ايه.

مسد على وجهها قائلا: مفيش حاجه، صدقيني أنا مسافر برا علشان زينه وشغلي اللي هناك كمان، ثم أنهي المناقشة وهو يلتقط سترته قائلا: هكلمك كل يوم، والحرس بتوعي هيقفوا تحت، خلي بالك من نفسك ومن كريم.
آتى ليدفع البوابه فهتفت قائلة بقلة حيله: لا إله إلا الله.
استوقفته كلمتها فصمت قليلا ثم سريعا ماهتف: محمد رسول الله.
وفر مهرولا من هذا المنزل ومن نظراتها المليئة باللوم والتي لايستطيع تحملها.

في أحد المقاهي الشبابيه التقطت عائشة أحد الفطائر لتتناولها بشهيه قائله بتلذذ ل يحيي القابع أمامها: حلو اوي المكان هنا والفطاير بتاعتهم حلو اووي وبينزلوا جمبها شاي باللبن كمان يعني حاجه واو جدا.

لم يكن يحيي يستمع لما تقوله فمنذ أن آتى بهم حامي إلى هنا وأمرهم أن ينتظروه وهو لا يشغل عقله سوى شيء واحد فقط من أين عرفت عائشة بإسمه الحقيقي، في بداية الأمر ظن أنها اختلست السمع عندما كان يتحدث مع حامي وتسللت لتسمعهم، ولكنه أصابه القلق الجم حينما شاهد أمس هذه الفتاه معها في المشفي قبل رحيله هو و حامي
فاق من شروده مردفا بحيره: ايه اللي بيخليكي تقولي ان اسمي يحيي؟!

تركت مابيدها وارتفعت له لترمقه بمكر قائله: وهو انت مش اسمك يحيي ولا ايه؟!
تحامل على نفسه وتقبل لهجتها الساخره ليردف هو الآخر: اسمي عثمان ميعجبكيش ولا ايه يا مدام؟!
ضحكت ساخره وهي ترتشف من كوبها لتردف: قولي بقى يايحيي انت مخبي اسمك وحقيقتك ليه؟!
أخرجت هاتفها لتفتحه على إحدى الصور التي تجمع يحيي ب مي تحت أحد معالم الولايات المتحده الشهيره.
وجهت الصوره له قائله بحد وملامح مقتضبه: مش دي مي خطيبتك؟!

فغر فاهه مرددا بصدمه: خطيبتي!
حاول تجميع عقله الذي شت ليقول: مي مين و خطيبتي ايه؟!، البنت دي انا اعرفها فعلا بس مااسمهاش مي ولا خطيبتي، وأيام ما اعرفها اصلا مكانتش كده، والصوره اللي معاكي دي مش سليمه.
أخرج هو الآخر هاتفه ليجلب أحد الصور التي تجمعه بهذه الفتاه ليوجه الصوره لها قائلا: دي اللي انا اعرفها، شوفي الفرق بين الصورتين.

قارنت بين الصورتين سريعا لتشهق عاليا بصدمه وهي تنطق وعيناها بالصورتين: اللي معاك دي واحده ملقتش قماش تكمل بيه فستانها، واللي معايا دي. لم تستطع إكمال ماتقول
كاد عقلها أن يشت فصديقتها توجد في الصورتين ولكن في إحداهما مرتديه ملابس عاريه وخصلاتها البرتقاليه مصففه بعنايه وتقف جوار يحي، أما في الآخرى تشعر وكأنها إحدى السيدات اللاتي خرجن من ندوه للتو بنظارتها الطبيه وملابسها الرسميه.

ارتفعت له لتصرخ بقلة حيله وقد أوشكت على الجنون: يعني ايه الكلام ده، أنا هتجنن.
مط يحيي شفتيه بعدم معرفه بينما التمعت عيناه بوميض مبهم وتمتم داخل عقله: لازم أقول ل حامي علشان لو اللي في دماغي صح الحرب هتقوم.

جلست ساره في غرفة نومها التي يظهر عليها الثراء وأنها تتبع لأحد أصحاب الطبقه العليا، استتبت أمام التلفاز تغير بين قنواته بملل وهي تلاعب خصلاتها، قطع ما تفعله دلوف نادر المتهجم فنطقت بغضب: مش في باب بيتخبط عليه؟
ألقى أمامها الصحف بعنف قائلا بسخريه: اقري.

التقطت إحدى الصحف لتتابع خبر يتوسطها وهو إفلاس رجل الأعمال المرموق رضوان خالد عبد الحي وحتى الآن لا يعلم مصير لأملاكه في وسط غياب ابنه الروحي حامي العمري.
قهقهت ساره عاليا بعدما تصفحت الجريده وارتفعت لتقول ل نادر بغل بين: عقبالك.

ثم تابعت ضحكاتها المستفزه، اقترب منها رضوان قابضا على عنقها بعنف حتى كادت أن تختنق وشحبت بشرتها بينما نطق هو بشر: ليه، ليه الكره ده كله ده انا عملتلك اسم وخليتك دكتوره ساره في الوقت اللي كان ممكن تموتي بفضيحتك فيه.

لم تستطع النطق فقد كادت تفقد أنفاسها حتى تركها فنطقت بغل حقيقي وهي تحاول استجماع الحروف: انت زيك زيه، و زي بعض، أنا عارفه انك مرعوب دلوقتي وبتقول إذا كان حامي العمري اتخلى عن رضوان اللي هو كان بيعتبره أبوه امال هيعمل فيك انت ايه، بس أنا بقولك اهو انت لو متأكد ان الميموري مع حامي العمري، و الميموري ده في حاجه تدينك يبقى تبدأ تحسب من دلوقتي فاضل كام يوم على موتك وده أقل واجب.

عصفت الأفكار برأسه وكاد أن يخر صريعا فهو يعلم كل ما على هذا الجهاز من أسرار، وأكثر ما يهابه الآن أن يكون حامي يدبر له مكيده.
دلفت الخادمه قاطعه حوارهم بعد أن دقت البوابة عدة مرات وسمحت لها ساره بالدخول
فقالت بتهذيب: في واحده مستنياكي في العياده تحت يا مدام.
انزلي اعمليلها حاجه تشربها وانا جايه وراكي.

جلست عائشة في حديقة القصر، تستنشق نسمات الهواء المنعشه وتفكر في إجابة لما عاشته اليوم، انتبهت سريعا عندما وجدت الحراس يمنعون آحداهن من الدخول إلى القصر، فهبت من مكانها قائله لأحدهم: سبها تدخل.
لقد علمت أنها إيلي من نبرتها المميزه بينما حرك الحارس رأسه معترضا وهو يقول: معنديش أوامر بإن أي حد يدخل.
التقطت هاتفها لتقول بغضب وتحذير: لو مدخلتش هتصل باللي مشغلك وهتتأذي.

قلق الحارس من نبرتها ولكنه سريعا مااستعاد بروده قائلا: آسف مينفعش.
تقهقرت إلى الخلف متمتمه بملامح متحديه: ياانا يا انتوا النهارده.
اخرجت هاتفها واجرت اتصالها ب حامي
لتقول بمجرد ان أجاب: لو سمحت صاحبتي بره وهما مش عايزين يدخلوها.
أجابها ببرود: صاحبتك إيلي؟!، بقولك ايه عدي النهارده بسلام علشان مخليش سفرية بكره سودا على دماغك.
أغلقت الهاتف في وجهه لتتمتم بضجر: لحقتوا تنقلوا الأخبار، استغفر الله.

صدعت كلمات هذه الأغنية التي لطالما تعلقت بذهنها
لا تعلم ماحدث ولا كيف حدث
كل ماتدركه تمام الإدراك أنها الآن تتراقص معه على أنغام هذه الأغنيه، في وسط الحديقه المعتمه التي لا يضيئها سوى تلك النجوم التي تزين الصفحه الزرقاء
كان يقبض على كفها بإحكام كصغير يهاب فقدان أمه...

كان بارعا فيما يفعله مثلما كان بارعا في كل شيء، أدارها، ليدور معها ردئها اللامع كلمعان النجوم، جذبها مرة ثانيه ليصبح وجهها مقابل لوجهه، قبض على خصرها بإحكام وهما يسيران معا على الأنغام.
تلاقت عيناه بعينها فتمعن النظر فيها، وأبحرت هي الآخرى بزيتونيتيه وقد انطلقت كلمات الأغنية الشهيره
في شيء جميل ووديع كمان بس ده كان قاسي وكان متوحش مش انسان
دلوقتي رقيق قربوا يا طيور معرفش انا كنت بخاف ازاي منه واطير.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة