قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج1 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثاني والأربعون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج1 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثاني والأربعون

رواية لا تؤذوني في عائشة ج1 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثاني والأربعون

هرول، انت من اخترت وانت من تُحاسب، لماذا اخترت الخواء وتركت كل ما حولك ضاربا بالقواعد عرض الحائط!، إلى متى ستظل تحمل الأثقال!
أخبرني حبا في الله متى تنتهي هذه الدائرة أم أنها بلا نهاية هي متجددة الضحايا فقط و ضحيتها الجديده انت!
تقول عني الداء والدواء وانت ماذا؟!، كل حرف من حروف اسمك يحرقني في الثانية ألف مره ويشفق على ويطفيء النار مره واحده فقط!
هل تود الموت فتفتح له ذراعيك بصدر رحب!

إذا أنا الآخرى أوده معك، وإذا تنافرت طرقنا في الدنيا فلتجتمع ونحن أموات.
أهذا ماتريد؟
ياصاحب القلب المظلم كف عن ظلامك فضوئي قد عتم، ومع ذلك عتمتي تحبك بكل مافيكَ.
تحرك حامي في رواق هذه المستشفى ذهابا وإيابا، يقتله الانتظار ويتآكل قلبه من النار المشتعلة به، ذهب إلى يحيي جاذبا إياه من تلابيبه وهو يقول بشراسة ونبره عاليه: كانت معاك برا بتعمل ايه؟!

حاول يحيي نفض يده قائلا بهدوء: أنا مقدر انك خايف عليها وعلشان كده مش هزعل منك.
دفعه حامي ناحية الحائط بقبضته حتى شك يحيي في انه ربما فتح هذا الجهاز، بينما نطق حامي بعروق بارزه وعين تشتعل غضبا: معاك دقيقتين تقولي فيهم عائشة كانت معاك ليه.
حاول يحيي تدارك الموقف وخاصة أمام ثورة حامي ف هتف بثقه: كانت عايزه تجيلك الشركه وطبعا مش هسيبها تيجي لوحدها، تعبت في الطريق ونزلنا الكافيه وفجأه اغمى عليها.

استدار حامي ونظر في الفراغ امامه قائلا بجمود: امشي.
اتي يحيي من خلفه ومسح على كتفه مهدئا: بس هسيب.
قاطعه صوت حامي العالي والذي صرخ بعنف جلي وقد احمر وجهه بغضب: قولتلك غور.
استدار حامي وقد لمعت زيتونيتاه بذلك الوميض الذي يعرفه يحيي جيدا فعلم أنه لايمكن التفاهم معه الآن فحرك رأسه بيأس هاتفا: حاضر همشي، بس انا تحت في العربية لو احتاجتني كلمني.

تحرك يحيي مغادرا يتابع حامي آثاره بينما خرجت الطبيبه من غرفة عائشة فا اندفع حامي نحوها بتريث فهتفت هي بآلية: ألف مبروك لحضرتك المدام حامل.
اظلمت عيناه وهو يهتف بملامح جامده: حددلها يوم تجيلك فيه تاني.
شعرت الطبيبة بالريبه منه وخاصه من تعبيراته الجامده فااستفسرت بأدب: ليه؟!
استدار لها يبثها نظراته المشتعلة وهو يهتف: هتعمليلها عملية إجهاض.

جحظت عين الطبيبة وابتلعت ريقها بخوف بين وهي تقول باارتباك محاوله تجميع الكلمات: إجهاض!، ازاي اجهاض، حضرتك مش مدرك أكيد انت بتقول ايه.
فقط نظراته كافيه لإصماتها بينما في نفس التوقيت كانت عائشة تقف خلف بوابة الغرفة تضع يدها على فمها بصدمه مما تسمعه.

بينما في الخارج، حاولت الطبيبة الخروج من هذا المأزق فتحدثت بهدوء مرتبك: حضرتك انا شاكه ان المدام عندها مشكلة في الرحم، الطفل ده لو فعلا في مشكلة هيكون فرصه ممكن متتعوضش ليها انها تخلف.
تابع حديثها بصمت مميت بينما شهقت عائشة التي تختبيء في الداخل خلف البوابة وحاوطت معدتها بيديها وقد لاحت في عينيها نظرات التحدي.

فتحت الباب لتقطع جلسة حوارهم وخرجت بهدوء مميت من الغرفه ترمقهما بصمت تام، عيناها تنطق بما يدور في داخلها، تابعت الطبيبة الوضع بصمت وهي ترى حرب النظرات التي قامت أمامها فقالت بهدوء: مدام عائشة حضرتك تقدري تروحي وانا كتبتلك شوية يتامينات هتكون كويسة جدا ليكي.
آتت عائشة لتجيبها ولكن قاطع هو ذلك حينما سحبها من مرفقها قائلا بلهجة حاسمه: امشي.

حاولت جذب يدها بعنف بينما يسير هو غير ابه بها، فااستدارت للطبيبة ترمقها بأسف وامتنان.
وقفا أمام سيارته يفتح الباب ليلقها في الداخل فصرخت هي: سيب ايدي، انا مش هركب معاك.
هتف بجنون وعيناه المشتعلة تتحدث عما بداخله: أنا مش فاضي للجنان ده، ولا ناقص أي كلمه من حد، تركبي العربيه ومااسمعش صوتك.
ضحكت بسخرية وهي تهتف بااستنكار: وعلى ايه كل ده!، ولا هو أنت مكنتش عارف إني ممكن أي لحظة أكون حامل!

زفر عاليا بتعب هي تظن ان كل هذا بسبب الطفل وهو يشتعل داخليا، دفعها إلى مقعدها رغما عنها، بينما استدار إلى مقعد القيادة، لاحظ دموعها الخفية والتي تزيلها بعنف فزفر بعنف وضرب على عجلة القيادة بكلتا قبضتيه ومقلتيه تلمع بآلم لو توزع على الجميع لبقي منه الكثير له وحده.

في تلك المشفي، ضربت دنيا على رأسها علها تتذكر أين تركت كتاب والدتها، بحثت عنه في كل مكان ولم تجده. لاح في ذهنها علي فسارعت في الاتصال به ولكن آتتها تلك الرسالة المسجلة بأن هاتفه مغلق فتركت له رسالة صوتيه تقول: على انت فين، انا واقعه في مشكله و محتجالك، مذكرات مامي اختفت لو انت نايم او ماتصحي تعالى بليز.

اغلقت هاتفها بعدما اتمت الاتصال واتجهت نحو احد المقاعد المجاورة لفراش والدتها تجلس عليه ولكنها سمعت همسه بإسمها: دنيا
اسرعت إلى والدتها تتفحصها فوجدتها قد فاقت من غيبوبتها فصرخت عاليا: دكتور، دكتور بسرعه.
في صباح يوم جديد، كانت الأوضاع مشتعله في شركة نادر و رضوان بعدما تأخر موعد استلامهم لأول شحناتهم مع الشركة الجديده.

ضرب رضوان على مكتبه بغضب وهو يصرخ: كله ده تأخير ازاي منستلمش لحد دلوقتي، انت متأكد من سمعة الشركة دي يانادر؟!
كان نادر يتآكل قلقا هو الآخر حينما هتف يطمئن نفسه: مكانش حامي اتعامل معاهم، انت عارف احنا عملنا حجات اد ايه علشان نسرق الصفقة دي منه.
نطق رياض هذه المره: طب وبعدين؟
هتف نادر بأمل: حاول تتصل بالمندوب تاني اعملوا اي حاجه ياجماعه.

نظر رضوان أمامه نظره خبيره وهو ينطق: انا قلقان يكون ده كله مقلب من حامي.
ضرب رياض على الطاوله صارخا بغضب: بلاش القلق الزياده ده بقى، انتوا عملتوا مصايب علشان مفكرين الميموري مع حامي وفي الآخر مطلعش معاه، الزفت ده لو وقع في ايده اصلا مكانش هيسكت لو في حاجه تدينكم.

هدأ كل منهم من نفسه على أمل أن يأتي المندوب بااعتذار او حتى يتم الاتصال بهم، دق باب حجرة المكتب فاأسرع نادر نحو البوابة يفتحها ليجد المساعده تقدم له باقه كبيره من الزهور قائله: دي مبعوته على عنوان الشركه.

ضحك كل من رضوان ونادر ظنا منهم انه ربما اعتذار من الشركه الآخرى على تأخيرهم بينما تيبث رياض مكانه وهو يقرأ الكارت الموضوع عليها بصدمه: موصلتنيش حمدلله على السلامه بتاعتكم من ساعة مارجعت من السفر، فقولت اسلم انا، بس ايه رأيكم في الصفقه!، على أدكوا بالظبط علشان كده سبتهالكوا، بالشفا.
ثم اختتم الكارت بإسمه في الأسفل حامي العمري.
نظر كل منهم لآخر بصدمه جليه على هذه الخسارة الفادحه التي حلت بهم.

عايزين نفاجئها.
هتفت بها نيره بينما حاوطها زينه ولينا ثلاثتهم يقفوا أمام باب الغرفه، همست زينه بهدوء: هندخل نصحيها ومحدش يسألها ايه مضايقك من امبارح احنا هنفطر ونقعد شويه سوا وخلاص لحد ما تهدى
تابعت بتحذير: سامعين!

وضعتا نيرة و لينا كل منهما يدها على فمها علامه على الصمت بينما دقت زينه الباب بهدوء ودلفوا بعدها، فتحت نيره ستائر الغرفه بينما نادت زينه بنبرة مرحه: عيوش قومي بقى احنا صحينا قبل الكل وعملنا فطار كمان.
استيقظت عائشة على ثورتهم، فنطقت بضجر: اقفلي الستاره دي يا نيره.
اقتربت نيره تجاورها على الفراش قائله: لا مش هقفلها، ويلا قومي علشان احنا عملنا كل ده علشانك.

تنهدت بتعب وقامت من نومتها متجهه إلى المرحاض، خرجت بعد قليل لتجدهم يفترسون ماصنعوه بنهم فتحدثت بسخريه: لا واضح انه علشاني.
تحدثت لينا بصدق وهي ترتشف من كوب العصير: والله علشانك ياعيوش، احنا بس قولنا ناكل علشان نشجعك تخرجي.
ضحكت عائشة واقتربت منهم تتوسطهم جالسه في المنتصف، ناولتها نيره أحد ال سندوتشات قائله: احلى سندوتش لعيوش، ها ايه اللي مضايقك بقى؟!

رمقتها زينه بغضب واسرعت تقول: مش لازم ياحبيبتي تحكي حاجه احنا جايين نقعد مع بعض شويه.
ابتسمت عائشة لهم وقالت بتظاهر بفرح: لا مش متضايقه ولا حاجه، انا حتى عرفت امبارح ان في ضيف جديد هيشرف معانا.
صرخت زينه عاليا وقد انتفضت حتى كادت تتهشم الأطباق: ايه، متقوليش انتي حامل واو، يعني انا هبقى عمتو.

جاورتها نيره تقول هي الآخرى بفرح: وانا كمان هبقى عمتو، الله انا هجبله كل حاجه وال شيبسي والسينابون اللي عمر بيجبهملي هأكلهمله كل يوم.
صرخت لينا بغضب: لا يانيرو محدش هياخده غيري ولا حتى هينام مع عيوش.
تبعتهم زينه بصراخ: نعم بقى، اسمعوا كده ده بتاعي انا، انا هسمح لعائشة بس انها تخلفه غير كده لا.

ارتفع صوتهم كل منهن تتشاجر مع الآخرى فتسللت عائشة من بينهن تهتف بضجر: ابقو قابلوني لو مسكته لواحده فيكم اساسا.
اتجهت عائشة بهدوء إلى غرفة هنا، وجدتها تقيم فرضها فجلست في انتظارها، حتى انتهت فقالت لها عائشة باابتسامه مريحه: حرما.
بادلتها هنا الابتسامه قائلة: جمعا ياحبيبتي.
اسرعت عائشة تجلس جوارها وهي تنطق ببكاء: انا عايزه احكيلك حاجه.

احتضنتها هنا ب حنان أموي هاتفه: احكي ياحبيبتي، احكي كل حاجه انا سامعاكي.
هزت عائشة رأسها قائله بتعب: هحكيلك.
جلسا عمر و يحيي في أحد الغرف، هتف يحيي بهدوء: وبعدين؟
نطق عمر بقلق: طب انت تتوقع انه يكون فتحه؟!

شكله في المستشفي بيقول انه فتحه، مكانش طبيعي ابدا، حامي عنده ثبات انفاعالي لاقصي حد، ده حتى يوم ما نيره اتخطفت من القصر وعرف ان واحد من الحرس هو اللي سهل دخول اللي خطفوها، مكانش بالمنظر ده، انا خايف عليه اووي.
هتف عمر بتوتر جم: المكالمة دي مريبه...

ولو حامي فعلا شاف حاجه يبقى احنا لازم نكون جمبه ونمنع أي رد فعل متهور، ركز انت يا يحيي مع الشركات وراقب كل حاجه بالنهار، وانا همشي الشغل اللي في تركيا من هنا، وبالليل تبقى مهمتنا اننا نتابعه، او ندور على طرف خيط يساعد حتى.
هز يحيي رأسه موافقا على اقتراح عمر وكل منهما يحاول الوصول إلى ما يدور داخل عقل حامي.

غرفة معتمه تقع في الدور العلوي من منزل هنا، الظلام يحيطها من كل جانب، والبرودة تشملها، جهاز حاسوب لم يتواني عن ضخ صرخات والدته وهذا الحقير يعتدي عليها، ووالده المكبل أمامه، هذه الطلقات الغادرة التي نهشت في جسد أبيه، لوهله لاح أمامه ذكر والدته التي انتحرت محتضنه إياه، منذ أن رآي هذا المشهد في مكتبه وقلبه ينغرز به ألف سكين. لم يستطع إكماله بسبب مهاتفة يحيي ولكن الآن كل شيء ظهر أمامه وكأن القدر اختار ان يكون اول ما يفتحه هو ذلك الفيديو الذي يحمل ماض أسود لم يكن يعلم عنه شيء، لاحت سحابه من المياه على عينيه التي يخيل لمن ينظر لها أن نارا اشتعلت بها، ألقي الحاسوب بعنف فوقع متهشما، واستقام واقفا يصرخ عاليا بألم، واتجه ناحية أحد الجدران يضرب رأسه فيها بلا هوادة، صرخ عاليه وهو يقول بوجه محمر وعروق بارزة من الغضب: ياولاد ال.

انفتح الباب بهدوء، وجدها تتسلل إلى الداخل، وكأن آلامه كلها تجتمع عليه الآن، وجدت حالته هكذا فلم تستطع الصمود آتت لتقترب لتجده يصرخ عاليا من جديد ضاربا رأسه بشراسة أكبر وهو يجأر: امشي، امشي.
حركت رأسها نافيه والدموع قد تجمعت في مقلتيها وهي تبعد رأسه الذي يضربها في الحائط محتضنه إياه بشده بينما حاوطها هو الآخر بكلتا ذراعيه وكأنه يحتمي بها من كل هذا وهمس وقد سقط هذه الوجه الجامد: متمشيش.

كلاهما يبكي وكلاهما يتشبث بالآخر وكأنه آخر فرصه للنجاه، القلب يبكي حبا ويرتجف خوفا من القادم ومن الماضي الذي فتح أبوابه بشراسة من جديد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة