قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية لا تؤذوني في عائشة ج1 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثالث

رواية لا تؤذوني في عائشة ج1 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثالث

رواية لا تؤذوني في عائشة ج1 للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الثالث

وقفت التمس لك سبعين عذرا، فلنقل وصلت للمائة ولكني لم أجد عذرًا واحدا يبرر لك ما فعلت.
تمنيت لقاءك أيام، وشهور، وسنون، وحين حانت لحظة اللقاء فررت هاربة ألاحق ظلك القديم لأن مارأيته ماهو إلا وحش يطاردني.
في زمن تتبخر فيه الوعود، وتستحيل القلوب من الصفاء إلى آخري لاتعرف الرحمة، هل يمكنني استعادتك من جديد؟!
أم إنك سرت في طريق بلا عودة؟!
لو كانت القلوب تُستبدل لاستبدلت ظلام قلبك بنقاء ظلك القديم!

هل تري هناك أمل؟!
نحن في البداية سترتفع كل أسلحتي في وجهك علك تفيق من مستنقعك هذا!
وتعود بطلي من جديد
في داخل سيارة الأجرة وبعد أن اكتشفت عائشة حجم ماحل بها نطقت بنبرة محذرة: أنت عارف انت لو موقفتش العربية دي حالا أنا هصوت وأخلي اللي مايشتري يتفرج عليك.
علت ضحكاته الساخرة وهو يزيد من سرعة السيارة بطريقة بثت الرعب في نفسها ثم نطق ب: عايزة تصوتي، صوتي!

ياأستاذ حامي كده مينفعش احنا الساعة عشرة بالليل وحضرتك عميتني ومش شايفة أي حاجة يرضي مين ده بس!
نطق بتحدي وهو ينظر للطريق أمامه: يرضيكي انتي!، لو كنتي ادتيني الكاميرا الصبح ومشيتي كنا خلصنا ياعيوش، بس انتي حبيتي تلعبي لعبة انتي مش أدها.
زال أثر المخدر الذي نثره على عينيها فااستفاقت لنفسها وبدأت تنظر لمعالم الطريق علها تستكشف شيء وهي تقول له بضجر: ياابن الناس نزلني.

تعمد استفزازها فأردف ب: احنا لسة سهرتنا طويلة مع بعض.
سأمت منه ومن ردوده فظلت تتمتم بالدعاء هامسة ب: يارب
سكنت لبضع دقائق فنظر في المرآة بجانبه بعد أن عدل من وضعها، فوجد عائشة غارقة في النوم فقال بضجر: أحسن، أنا مش ناقص وجع دماغ!

في مكان مظلم ومهجور بعيد عن الأنظار أوقف سيارته في إحدى الزوايا ونزل من سيارته متجها إلى ذلك الباب المغلق بأحد الأصفال، أخرج مفتاح ذلك الباب وانحني لأسفل ليفتح قفله، ثم استعان بجسمانه الرياضي في رفع الباب بكل قوته مما أصدر صوتا قويا مزعجًا.
فاقت من نومها وهو يفتح باب السيارة المجاور لها ويجذبها بعنف كالبهيمة فصرخت ب: استني هنا!، سيب ايدي ياجدع أنت.

لم يجيبها فقط أكمل ما بدأه وسط صرخاتها العالية بأن يترك يدها، دلفا إلى ذلك المكان المظلم كان مكان مليء بالأتربة ومغطي بالحشرات من كل ناحية
ألقاها على أحد المقاعد بإهمال وعاد إلى البوابة مرة آخري مغلقا إياها.
عم الظلام على المكان وبعد أن كان هناك شعاع ضوء يضيئه من الخارج أعتمه هو بغلقه البوابة.
شق هذا الظلام نبرتها الساخرة وهي تقول: فاكرني بقي اول ماتضلم الدنيا هخاف واصرخ؟! انسي يابابا ولا يهزني.

أبتسم بسخرية على حديثها ثم أضاء احد المصابيح الموجودة بالغرفة والتي جلبت ضوء خفيف مسلط عليهم، و أزاح أحد المقاعد ووضعه في مقابلها وجلس عليه!

كانت تحتضن الحقيبة بشدة فهي لم تخلع تلك الحقيبة من عنقها منذ الصباح، كانت نظراته مصوبه عليها فقط. نظرات تلتمع بالشر والسوء وتشعرها بأن القادم ماهو إلا دوامة سوداء، وعلى حين غرة جذب الحقيبة من عنقها بعنف لدرجة انقطاعها، صرخت عاليا بسبب ألم عنقها الذي لا يُحتمل ونظرت بقهر إليه وهو يأخذ آلة التصوير من حقيبتها مُخرجا ما بها من فيلم التصوير، مرره أمام عينيها وهو يقول بحدة امتهنها جيدا: أنا لولا باقي على الجيرة مكانش ده هيبقي تصرفي!

كانت تدلك عنقها من فوق الحجاب بألم ثم نظرت له بحدة قائلة بغضب: أنت عايز مني ايه، أنت مش خدت اللي انت عايزه سيبني اروح.
ألقي فيلم التصوير على الأرضية أمامه ثم دهسه بحذائه حتى استحال إلى هباء لا نفع منه.

كانت تتابعه بحسره حتى ارتفعت أنظاره لها ثانية وهو يجأر ب: واحدة غيرك كان زمانها مدفونة هنا!، هقولك اللي عندي وبعدها ليكي حق الإختيار، ياتخرجي من هنا بشروطي، ثم شار على المكان حوله متابعا: يإما يكون المستودع ده قبرك.
كانت حرب العيون مشتعلة كل منهما تفيض عينيه بما يدور بداخله.
بدأ شروطه قائلا بنبرة آمره: رقم واحد تبعدي عن نيرة وتنسي في يوم انك قابلتيها.

صمتت قليلا ثم فجأته بجوابها والذي لم يكن سوي ضحكات عالية امتليء المكان بصداها، استشاط غضبا وعلى حين غرة جذبها من عنقها بعنف حتى تقارب وجهها من وجهه ونطق بشر: أنا مبهزرش يابنت الزيني!
نطقت بصوت أوشك على الإختناق: أنت ولا حاجة!
جذ على عنقها أكثر ونظراته مصوبه على وجهها بدأت بشرتها في الشحوب وملأت الزرقة ملامحها ولكنها جاهدت لتقول بصوت متقطع: تعرف إيه أنت عن نيرة؟!

تركها فجأة بعد أن كادت تموت بين يديه، وقفت تلتقط أنفاسها بصعوبة وامتلئت عينيها بالدموع التي أخذت تمسحها بعنف وهي تقول: قولي تعرف ايه عن نيرة؟!
هبت من مكانها أمام صمته البارد ووقفت في منتصف تلك الغرفة وهي تقول بألم: تقدر تقولي لما نيرة يغمي عليها أو تتعب تصرفك هيكون ازاي؟!

استقام واقفا ولحقها بخطواته حتى صار مواجها لها يتابعها بنظرات مبهمة وهي تلقي قنبلتها الأخيرة: تعرف إن اختك اللي انت جاي تطلب مني أبعد عنها عندها القلب؟!
احتدت ملامحه وامتلئت بالقسوة وهو يصرخ عاليا: اخرسي، انتي كدابة!
ضحكت بسخرية وهي تتابع وقد لمعت عينيها من إثر الدموع: أنا مش كدابة، أنت اللي بعيد وهتفضل طول عمرك بعيد، طريقك ده اخره عار للي حواليك، لو حد فينا لازم يبعد عن نيرة يبقي أنت مش أنا!

صفعة مميتة هوت على وجهها فأطاحتها أرضا، تأوهت بصمت وتكومت على نفسها وهي تذفر دموعها بألم، مال ناحيتها فأرسلت عينها بعيدا فصرخ بها: بصيلي
نظرت له بغل دفين وتابعته وهو يقول: أنا عمري مامديت ايدي على واحدة ست ويوم ما عملتها كانت انتي!
نطقت بسخرية: اه ماانا عارفة انت بتقتلهم بس!

جذبها بعنف من الأرضية الباردة فااستقامت واقفة أمامه فااعتدل قبالتها مردفا: زمان وعدتك إني هعملك بيت جميل ووعدتك برضو انه مش هيكون في وحش، بس للأسف بقى نص الوعد بس اللي حصل البيت موجود لكن الوحش مقدرتش امنعه من الدخول لانه أنا، ابعدي عن طريقي أحسنلك علشان الوحش يوم ما هياكل مش هيتردد لحظة انه ياكلك، أنا كان ممكن أخلص عليكي دلوقتي أو أحرق قلبك على أخوكي اللي جيتي تراقبيه النهاردة وسحبتي اختي وراكي!

علت الدهشة ملامحها فكيف علم بهذا الأمر ثم سريعا ما استعادت جأشها وهي تقول: أنت بتهددني؟!
- حامي العمري مبيهددش بيتعامل وينفذ بس، وياويله اللي أحطه في دماغي!
هاجمته بنظراتها القاتلة التي تلتمع بها دموع الحسرة على مآل إليه حاله: يعني ايه؟!
ذهب تجاه البوابة ومال للأسفل ثم رفعها عاليا ليُفتح الباب من جديد وهو يقول مديرا ظهره لها: يعني سلام ياعيوش!

خطت للأمام حتى ترحل وحينما مرت من جانبه نطقت بحسرة وهي تدير وجهها له: الإسم ده متقولهوش تاني، الوحش اللي قدامي ملوش أي حق انه يبقاله حتى شوية ذكريات بيحبها مع ناس كان في يوم إنسان معاهم.
ثم استدارت راحلة وهي تقول بألم: سلام ياحامي.

كانت الساعة قد قاربت على الثانية عشر بعد منتصف الليل، كانت نيرة تجلس أمام التلفاز ملتحفة بغطائها السميك الذي يحميها من برد هذه الليلة، وتمسك في يدها كوبا من القهوة الساخنة أملا في بعض الدفء صرخت عاليا أمام هذا الفيلم الذي استفز حواسها: ماتقولها بقي ياحيوان انك بتحبها، ولا احنا هنقعد للصبح وانت صايبك الخرس كده!

قطع انسجامها دقات عالية على الباب فنفضت غطائها بقلق وهي تقول: ده مين ده اللي بيخبط كده الساعة دي، يمكن حامي نسي المفتاح؟!
ارتدت حجابها على عجالة وذهبت لتفتح الباب لتجد عمر و سالي يهبان في وجهها هبوب الرياح ويصرخ عمر قائلا: فين عائشة يابت انتي؟!
نشطت دفاعتها وهي تهتف بحدة: في حد محترم يخبط على بيت واحدة ست نص الليل!، وكمان جاي تتهجم عليا انت و خطيبتك ياا أستاذ!

دلف إلى الداخل وتبعته سالي وهي تقول بمكر: أنا متأكدة انها عند البتاعة دي، وأكيد هي متعودة ياحبيبي انها تخرج في الوقت ده. الحمد لله انك رجعت النهاردة بدري وربنا كشفهالك.
صرخ بها عاليا: اخرسي ياسالي، ملكيش دعوة
تصنعت سالي الحزن وهي تقول: كده ياعموري بتزعقلي، بس أنا هسامحك واوعدك لما نتجوز الأسبوع الجاي أنا مش هخليها تخرج أبدا بعد الساعة عشرة!

كانت نيرة تتابع حديثهم ثم سرعان ما نطقت بتأفف: أجبلكم شجرة واتنين ليمون حتى الجو يبقي أحلى أكتر برضوا، و بعدين ثانية واحدة انتو هتتجوزوا الأسبوع الجاي؟!
غاظتها سالي بنظراتها وهي تقول بغنج: أيوة هنتجوز متغاظة ولا ايه؟!، على العموم ياعموري اوعي البتاعة دي تيجي.
صرخ عمر بغضب: سالي.
قاطعته نيرة بتحدي: لا سبلي الطلعة دي بقى يا معلم.

ثم سرعان ما خرجت إلى مدخل العمارة وصرخت عاليا: الحقوووني، في اتنين اتهجموا عليا، الحقوني
تجمع السكان سريعا على مصدر الصوت حتى نطق أحدهم بخوف: في ايه يابنتي؟!
تصنعت الخوف وهي تقول: في راجل وست جوه ياعمو وحاولوا يخطفوني، اتصرفوا بقي.
ثم ابتسمت بمكر وهي تري تجمع سكان عماراتها على عمر وسالي ووقفت تكركر عاليا هاتفة بتشفي: أحسن خليهم يتربوا
في تمام الثانية عشر.

وقف حامي أمام قصر نادر الصاوي بعد أن لثم وجهه جيدا فلم يبين منه سوى عينيه. كان الظلام يخيم على الأجواء سار بحذر محاولا عدم الظهور أمام حرس القصر ودلف إلى داخل القصر من ذلك الممر الخلفي الذي أخبره عنه رضوان منذ قليل فلقد علم ان هذا الممر لا يقف الحرس عليه ولا يحميه أحد.

دلف سريعا بمهارة اتقنها إلى الغرفة التي تقبع بها خزنة نادر بحث أولا عن كاميرا المراقبة بالغرفة حتى وجدها وقام بتغطيتها لكي تتعطل ثم ذهب تجاه مراده، أخرج منديلا ورقيا من جيبه وفتحه وإذ يوجد بداخله قطعة من الطين الصلصال عليها بصمة لإصبع ما، استخدمة تلك البصمة لفتح الخزنة أمامه فتم فتحها سريعا، ابتسم بمكر بعد أن أتم خطوته الآولي ثم أخرج محتويات الخزنة على عجالة وإذ به لم يجد سوي مجموعة من الأوراق ولا يوجد أثر لبطاقة الذاكرة (الميموري) التي طلبها منه رضوان.

انكمشت ملامحه بااستغراب وهو يتمتم ب: ايه الشغل ده بقى؟!
هب من مكانه دالفا إلى إحدي الغرف المجاورة للغرفة التي كان بها فوجد صور تلك الفتاة ذات الخمس أعوام تمليء جدران الغرفة فعلم أنها غرفة ابنة نادر والتي من المفترض أن تكون موجودة بها طبقا لكلام رضوان ولكنه لم يجد أي أثر للفتاة.
احتدت ملامحه وهو ينطق: في حاجة غلط!
لملم شتات نفسه ثم أعاد كل شيء إلى وضعه الطبيعي وخرج سريعا من القصر قبل أن يأتي أحد.

في الساعة الثانية صباحا، كان حامي يجلس في أحد المقاهي الشبابية (كافيه) بعد وقت قليل من خروجه من القصر، قطع جلسته اهتزاز هاتفه فجذبه سريعا يجيب عليه قائلا بحدة: البت اللي انا مخليك ترقبهالي من الصبح راحت فين بعد ماخرجت من المستودع.
(حامي باشا، انا فضلت وراها بس هي خدت بالها وتوهتني عنها، بس جبتها تاني من شوية لاقتها مروحة بيتها ومعاها عيلة بتاع خمس ست سنين)
احتدت ملامحه ونطق بغير وعي: معاها ايه!

-عيلة صغيرة ياباشا.
أغلق حامي الهاتف بعنف وألقاه أمامه وهو يقول بغضب وشراسة بينة: لو طلع اللي في دماغي صح. ورحمة أمي لأولع فيكي وفي أهلك كلهم يابنت الزيني.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة