رواية لا أرتوي إلا بعشقك للكاتبة نداء علي الفصل السادس عشر
توجه معاذ لاصطحاب عهود، ظل شاردا يفكر بحياته وما يحدث معه
افاق من شروده على صوت ثائر يناديه بحماس
التفت معاذ اليه بسعادة وتعجب.
معاذ: مش معقول، ثائر بتعمل ايه هنا وجيت امتي
ثائر محتضنا معاذ: لسه واصل من مطروح، وجيت لأن محمد اخويا في طب بس عامل مشكلة مع واحد من الدكاترة بتوعه وجيت احل الموضوع
معاذ: طيب خلصت المشكلة ولا لسه
ثائر: لا خلاص الحمد لله اتفاهمنا مع الدكتور وطلع راجل محترم ومحمد اعتذرله
معاذ: تمام، يبقي هنروح عندي عالبيت نتغدي ونكلم هشام يجي ونقضي اليوم سوا.
ثائر: لأ، خليها بكرة انا بجد تعبان من المشوار جدا وانت عارف ابويا وامي مشفتهمش من فترة
معاذ: خلاص، بكره من بدري الاقيك قدامي
ثائر: بأذن الله، انت جاي تاخد عهود
معاذ بهدوء: ايوة، انت شفتها
ثائر: ايوة، سلمت عليها وانا جوة، بس معرفتنيش غير لما فكرتها بنفسي
معاذ: تمام، هسيبك انا بقي وهستناك بكرة ان شاء الله.
أوشكت عهود ان تغادر الا ان صوت كاميليا تنادي بأسمها جعلها تتوقف قليلا، اقتربت منها كاميليا بصحبتها شاب يبدو بالثلاثين من العمر ذو ملامح رجولية هادئة
كاميليا: استني يا عهود، ابيه ياسين من حظك الحلو جاي بدري عن معاده
عهود بتوتر: اهلا بحضرتك
كاميليا بحماسة: بص يا ابيه الرسومات بتاعتها
قولها رأيك علشان تتأكد من كلامي.
أخذ ياسين يطالع ما اعطته كاميليا بتركيز وهدوء لينظر ناحية عهود باعجاب قائلا: من غير ما اشوف اللوحات، أسمك وملامحك بتقول انك فنانة
عهود بخجل: متشكرة لحضرتك، كاميليا بتشجعني وانا برسم لان بحب الرسم
ياسين بجدية: على فكرة انت مميزة جدا وموهوبة فوق ما تتصوري، بجد كاميليا اول مرة تتحمس لحد بالشكل ده ويكون معاها حق
كاميليا بغضب طفولي: يا سلام ايه بقي الكلام ده يا أبيه، طب والله انا ذوقي حلو جدا.
ياسين الذي لم يلاحظ خاتم الزواج الذي ترتديه عهود، ظل يتأملها باعجاب
كاميليا: خلاص يا أبيه، احنا هنعتمد عليك وان شاء الله يا عهود هتشوفي ان لوحاتك دي هتكسر الدنيا
غادرت كاميليا وياسين، وظلت عهود شاردة تشعر بالخوف من رد فعل معاذ، ولسوء حظها قد شاهدها تتحدث مع ياسين وكاميليا.
بالأسكندرية ببيت أمل، تجلس وتحمل طفلها الصغير تطعمه وتلاعبه، أتي فريد ينظر اليهما بسعادة ليتحدث بمحبة:
شكلي كده اتركنت عالرف والاستاذ يزيد أخد الحب كله
أمل مبتسمة: هتغير من ابنك يا فريد
فريد: اه طبعا، اغير من اي حد يبعدك عني
أمل: شوفت يا يويو، بابا غيران منك، خاصمه بقي
حمل فريد طفله يقبله بحنان، ليتحدث اليها بجدية متسائلا: فكرتي في موضوع السفر يا أمل
أمل: انا مش حابة الفكرة يا فريد.
فريد: صاحب المستشفي اللي كنا شغالين فيها كلمني وقالي محتاجينا تاني ودي فرصة مش هتتكرر، ارجوكي بلاش ترفضي انا مقدرش اسافر من غيركم ومقدرش ارفض
أمل: وعهود يا فريد
فريد: عهود اتجوزت وعندها الكلية بتاعتها يا
أمل، انا مقدر خوفك بس احنا مش هنطول هما سنتين وهنرجع بأذن الله
أمل: خلاص يا فريد زي ما تحب، انا مش هقدر اقف ضد مستقبلك، وربنا يقدر اللي فيه الخير.
يجلس حسن بجانب جدته زينب يتحدث معها وتضحك هي على حديثه
حسن: ياستي صدقيني، هدير اتجننت بعد الحمل كل ما اقولها حاجة تقولها انا شامة ريحة بطيخ
بتحلم بيه وبتشوفه في كل مكان، انا خايف تتخيلني بطيخه وتاكلني
زينب ضاحكة بسعادة: انشالله تتهني يا واد ياحسن، خليها تتدلع وهاتلها اللي في نفسها ياحبيبي هو الوحم كده، شوية وهتطلب حاجة تاني غير البطيخ، صمتت قليلا لتهتف داعية.
ربنا يكملها على خير ويرزق اخوك هو كمان.
بشقتهما تجلس عهود تشعر بالخوف من ملامح معاذ الذي يبدو غاضبا لم يتحدث معها ليقترب منها متحدثا بجدية
كنتي واقفة مع مين
عهود: دول زمايلي في الكلية
امسك معاذ يدها مقربا اياها منه هامسا بتأكيد
بقولك كنتي واقفة مع مين ومتكدبيش علشان هتزعلي مني اوي ياعهود لو كدبتي
عهود: انا مش بكدب دي زميلتي واخوها
معاذ: واخوها واقف معاكم ليه وانتي تسمحي لنفسك تردي عليه وتكلميه ليه.
عهود: عادي انا مش شايفه اني غلطت في حاجة وبعدين انت عاوز ايه دلوقتي انا مش قادرة اتكلم وعاوزة انام
معاذ: وقسما بالله لو مشيتي وانا بكلمك ياعهود لكون مزعلك اوي، ثائر قالي انه شافك وكلمك وبعد ثائر وقفالي مع اخو زميلتك، بتروحي تدرسي ولا تلمي الشباب حواليكي
عهود: انت ازاي تكلمني كده، انا حرة انت ملكش دعوة
معاذ بجنون وغضب: نعم ياختي، قولتي ايه.
حرة ازاي متجوزة عيل اهبل من اللي معاكي في الجامعه، فوقي لنفسك انا ماسك نفسي عنك بالعافية
عهود: انت عاوز مني ايه، سبني في حالي بقي كرهتني في نفسي كل حاجة تشخط وتزعق كل حاجة اوامر وانا انفذ، انا مش قاعدة في شقتك دي ولا عاوزة اشوفك يامعاذ ونازله عند تيته لحد ما اشوف اخرتها معاك
معاذ: بيكون احسن، خليكي تحت علطول انتي اصلا قليلة الأدب ومحتاجة تتربي من جديد.
غادرت تمنع دموعها قبل ان تخذلها لتنزل مسرعه
لحظات واستمع لصوتها تأن بأسمه
اسرع اليها ليجدها واقعه أسفل الدرج
معاذ بخوف: عهود، مالك انتي وقعتي
عهود ببكاء: رجلي يامعاذ، مش قادرة
معاذ: متخافيش هشوفها ولو مفيش كسر هطلعك فوق ونشوف دكتور، امسك قدمها بحذر
عهود: اي براحة يامعاذ، اه مش قادرة
معاذ: شكلها في التواء، هشيلك بالراحه وهجبلك دكتور
عهود: لأ، مش عاوزة منك حاجة، وديني عند تيته.
معاذ مبتسما رغما عنه: اسكتي خالص انتي مصيبة، انا لو عندي طفلة صغيرة مش هتكون متعبه زيك
عهود ببكاء: ياريت انا ابويا كان عايش مكنتش عملت فيا كده
حملها بين يديه وضعها بالفراش بحذر، ظل صامتا ثم سألها بهدوء: لسه رجلك بتوجعك اوي
عهود: ايوة، بتوجعني
معاذ: طيب انا هحطلك مسكين كويس وهربط رجلي برباط ضاغط، ومتتحركيش خالص وان شاء الله لو محستيش بفرق هجبلك دكتور.
عهود وهي تشهق بضعف: قلتلك مش عاوزة منك حاجة انت السبب، انت زعلتني وخليتني اقع
معاذ مقتربا منها بشده: عهود انا كلمتك كتير وقلتلك بلاش تتكلمي مع حد غريب، حصل
عهود: وانا مكلمتش حد، صاحبك كان معدي صدفة وسلم عليا، وصاحبتي اخوها جاي ياخدها ووقفوا يكلموني، همشي واسيبهم
معاذ: ايوة تمشي، لما البقف اخوها يقعد يبصلك وهيمان بيكي يبقي تمشي
عهود بصدمة: ده انسان محترم.
معاذ بغضب: ده حيوان ولو كنت لحقته كنت كسرتله دماغ بس حظه خلاه يمشي قبل ما اوصل
عهود مبتسمة: والله انت مجنون
وجننتني، يعني اللي يسمعك يقول بتغير
عليا اوي
معاذ بهمس وتحذير: بغير جدا، انتي مراتي ملكي لوحدي، ممنوع حد يبصلك او حتى يكلمك
عهود: بس، بتغير عليا لأني مراتك وبس
معاذ بمكر: لا طبعا، وبنت عمي، وزي اختي الصغيرة
عهود ضاحكة بقوة: امشي من هنا يا معاذ انت بجد بااااارد.
لحظات وكان يقبلها بلهفة تنفي عنه ما اتهمته به من برود..
ابتعد عنها قليلا، لينظر اليها باحتياج ليقترب مرة اخري لم يبعده عنها سوى رنين هاتفه
معاذ بغضب: وده مين الغلس اللي بيتصل
عهود بخجل: ممكن حاجة مهمه رد وشوف مين
معاذ محاولا التحدث بهدوء: الو، ايوة مين معايا
بالجانب الأخر اجابته هي بدلال: ايه نسيت صوتي
معاذ: لا، اهلا خير في حاجة.
سماح: ايه ده هو انت مشغول ولا حاجة، انا اسفة بس رقمك القديم معايا قلت اجرب اتصل ولقيتك بترد عليا
معاذ: ايوة الرقم زي ماهو، انا اسف بس حاليا مشغول
سماح: تمام، لما تفضى كلمني هستناك
معاذ: ان شاء الله مع السلامة
اغلقت سماح الهاتف تنظر اليه بسعادة تهتف قائلة، اه منك ومن تقلك اللي مجنني ده يا معاذ.
بينما استدار هو ناحية عهود وجدها تنظر اليه بترقب وبعض الخوف تحدثت بتردد قائلة: انت عندك شغل وهتنزل دلوقتي
ضمها معاذ اليه قليلا ثم تحدث قائلا:
لأ مفيش شغل مهم، ومش هنزل واسيبك
عهود: مين كان بيتصل
معاذ: حد مش مهم، خلينا بقي نكمل كلامنا علشان نسيت كنا بنقول ايه.
مازال أسامة يحاول اقناع والده برغبته في السفر للخارج واكمال دراسته، اعترضت شادية بقوة ولكن بعد الحاح اسامة الذي لم يتوقف استطاع اقناعهم برأيه
عابد: انتبه على نفسك يابني وخليك بعيد عن المشاكل انت مسافر تدرس وبس
شادية ببكاء: كان لزمته ايه السفر ما تدخل الكلية اللي تعجبك هنا وخلاص
حسن: خلاص بقي يا ماما ادعيله هو اخد قراره وجهز كل حاجة.
معاذ بجدية: سافر يا أسامة وحقق حلمك متوقفش حياتك ولا طموحاتك بسبب الخوف
اسامة: خلاص يا جدعان انا كده هعيط ومكياجي هيبوظ
عهود مبتسمة: تصدق هتوحشني اوي ياسمسم
عبير: ربنا يوفقك ويحفظك يابني
اسامة: تسلمي ياعمتي، اشوف وشكم على خير هتوحشوني كلكم، خلي بالك ياهدير من ابن اخويا عاوزة يطلع شبهي
وانتي يا دودو اسافر وارجع الاقيكي مالية البيت عيال مفهوم
عهود بابتسامة زائفه: حاضر، ترجع بالسلامة.
أسامة: هي البت مريم مش هتسلم عليا
مريم بمرح: ازاي بس ده انا هموت من الزعل على فراقك يا غالي
أسامه ناظرا اليها باستخفاف: يارب اسافر وارجع الاقيكي اتجوزتي ومشيتي
مريم: يارب ياخويا، يسمع من بقك ربنا.
بكلية الأعلام تكمل نورا الماجستير الخاص بها، اتصلت تحدث عهود فهي قد اشتاقت اليها
نورا: وحشتيني يادودو جدا
عهود: اه فعلا، بقالك كتييير مش اتصلتي ولا جيتوا عندنا شكلك نستيني
نورا: حد ينسي اخته يا دودو هزعل منك
عهود: ما انتي مش بتكلميني يانورا وانا مليش حد غيرك ومفيش حد بيفهمني
نورا: ايه رأيك تيجي تقعدي معانا اسبوع
عهود: صعب معاذ يوافق، وبصراحة مش بحب انزل اسكندرية
نورا: انتي عرفتي ان والدتك هتسافر.
عهود بحزن: ايوة كلمتني وقالتلي ربنا معاها
نورا: طيب، عيد ميلاد دودو كمان اسبوع.
عهود بسعادة: حبيبتي يانورا فاكرة عيد ميلادي
نورا: طبعا باقلبي، وان شاء هعملك مفاجاة حلوة اوي.
عادت عهود للجامعه بعد ان تحسنت قدمها
اقتربت منها كاميليا معاتبة: كده ياعهود كنتي فين قلقتيني عليكي ومش معايا رقمك موبايلك ولا اعرف عنك حاجة
عهود معتذرة: والله غصب عني، وقعت على رجلي ومش كنت بقدر امشي
كاميليا: ده أبيه ياسين كل دقيقة بيسأل عنك الرسومات بتاعتك دخلها المسابقة
ومبهور باللوحات وبيكي انت شخصيا
عهود بخجل: على فكرة انا متجوزة
كاميليا بصدمة: نعم، متجوزة ازاي انتي لسه صغيرة.
عهود: انا متجوزة من سنتين
كاميليا بتعجب: ده حب بقي ولا ايه
عهود: ايوة فعلا
كاميليا: ربنا يسعدك حبيبتي، وعلى فكرة ابيه ياسين مش بتاع بنات والله ابدا، بس هو فعلا اعجب بيكي، كويس بقي انك عرفتيني انك متجوزة، كان ممكن يجي يطلبك من جوزك.
قضي ثائر اجازته بصحبة معاذ وهشام ثم عاد مرة ثانية إلى عمله بمطروح.
بداخل غرفة العمليات يقف القائد المسؤول يوجه تعليماته للظباط المكلفين باداء المهمة المطلوبة، يستمع اليه معاذ بتركيز شديد وكذلك هشام وباقي الضباط
وجه العقيد جاد الدسوقي حديثه لمعاذ قائلا: عاوزك تهدي شوية يا معاذ، بلاش مخاطرة وتلبس واقي الرصاص زي
زمايلك احنا بنتعامل مع مجرمين خطرين لازم ناخد حذرنا، مفهوم كلامي
معاذ بطاعة: مفهوم سيادتك
صمت قليلا ليهتف: يلا يارجالة، العملية هتتنفذ بكرة، ربنا معاكم.
توجه معاذ إلى بيته وصعد إلى شقته يحاول ترتيب افكاره، قاطعه اقتراب عهود منه تهمس بدلال: بتفكر في مين، اعترف
معاذ مبتسما: اسكتي يابت عندي شغل مهم ولازم اركز
عهود ببرائة: اعملك قهوة، او شاي بحليب
نظر اليها بغيظ ليجذبها اليه قائلا
شاي بحليب زي اللي وقعتيه عليا يا قردة
عهود بحب لا تستطيع البوح به: أسفة مكنش قصدي والله
معاذ: مش مشكلة خلاص اهو انا عاقبتك واتجوزتك
عهود بتسأؤل: يعني اتجوزتني علشان تعاقبني.
معاذ باشتياق: لما ارجع من العملية بتاعت بكرة هقولك اتجوزتك ليه، وهتكون هدية عيد ميلادك
عهود بسعادة مختلفة، فما يفعله معاذ مختلف عما يقدمه ويفعله اي انسان اخر
لتعترف له بما تخفيه منذ سنوات، لتقترب منه تنظر اليه بخجل هامسة:
انا بحبك يامعاذ
لم يتحدث فهو يعلم انها تحبه، وسوف يخبرها بمشاعرها ولكن ليس الآن...
اكتفي هو باشباع اشتياقه اليها، ليبقي معها إلى موعد رحيله لتأدية واجبه.