قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل العشرون والأخير

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل العشرون والأخير

رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل العشرون والأخير

بعد مرور ثلاثة ايام...
وقف تيم أمام الغرفة التي تقطن بها ليليان وهو يشعر بتردد لأول مرة...
تردد من الدخول اليها ورؤيتها...
فتح الباب وولج الى الداخل بخطوات خجول بطيئة ليجدها نائمة على سريرها ترتدي وشاحا يغطي شعرها وملامح وجهها يكسوها الارهاق والتعب الشديدين...

ابتسمت حالمة رأته، تلك الابتسامة التي أوجعت قلبه بقوة، هو لا تستحق ان تبتسم له، كلا وهو أجبن من أن يواجه عشقها الخالص نحوه، هو مجرد عاشق يخشى الجهر بعشقه وخائن ايضا...
اختفت ابتسامتها حينما لاحظت شروده وشحوب وجهه...
اعتدلت في جلستها وهي تعدل وشاحها ليقترب منها ويجلس على الكرسي بجوارها ويسألها:
كيف حالك..؟!
بخير...
كانت نبرتها هادئة للغاية...
حل الصمت المطبق بينهما، صمت قطعته هي عندما سألته:.

وانت كيف حالك...؟!
أجابها وهو يتنهد تنهيدة قصيرة:
بخير...
ثم سألها فجأة:
ماذا تفعلين هنا..؟!
ابتسمت ملأ فمها فهو على الاقل يهتم لأمرها وهذا يكفيها...
مريضة قليلا...
لاحظت الرغبة في السؤال عن مرضها بعينيه فأكملت ببساطة:
سرطان في الدماغ...
وهنا سقطت الدموع من عيني تيم لا اراديا ما ان استوعب ما تلفظت به ليليان...
لم يتحمل أن يسمع منها شيئا كهذا...
هل هذه نهاية قصتهما اذا...؟!
الموت...؟!
تيم لا تفعل...

قالتها بتوسل ليمسح دموعه بأطراف أنامله ويهتف بصوت مجروح:
متى حدث هذا...؟!
أجابته بعينين حمراوتين:
منذ حوالي اسبوع...
ستتعالجين، ستتعالجين وتصبحين بخير...
لا يعرف اذا ما كان يطمأنها او يطمأن نفسه، لكنه على الاقل يحاول ان يعطيها دافع او أمل...
لم يعد يهم، أصبحت بخير او لا...
ليليان انا...
صمت للحظات قبل ان يبكي قائلا بإعتذار وقلة حيلة:
انا اسف، اسف لأنني لم أكن الرجل الذي تمنيته...

ابتسمت بألم ليمسح دموعه مرة اخرى ويردف:
انا ايضا اسف على ما حدث بيننا في اخر لقاء...
انا اعلم ان طريقنا ليس واحدا، وأننا من المستحيل أن نكون سويا، لكن عليك أن تعلم بأنني أحببتك بحق، أحببتك حبا جما لا يصدقه أحد...
اومأ تيم برأسه وقال بصدق:
وأنا أحببتك بحق...
لا تنساني يا تيم، لا تنساني بعد موتي...
هز رأسه نفيا بسرعة وقال:
لن أنساكِ طالما حييت...
منحته ابتسامة شاحبة وقالت:.

هل تعلم أنني لم أتصور يوما بأن يحدث معي كل ها...؟! أنت لم تسألني مسبقا عن كيفية وصولي الى ذلك الكازينو...
صمت مخفضا رأسه نحو الأسفل لتكمل:
كنت صغيرة في السابعة عشر من عمري حينما أحببته، كان يكبرني بخمسة اعوام، ولأجله هربت من عائلتي بعدما رفضوه...
ابتسمت ساخرة وهي تكمل:
ظننت اننا سنتزوج ونعيش سعداء، لكنه كان يضمر لي شيئا أخر، لقد باعني لأصحاب الكازينو، وتبين لي فيما بعد انه يتاجر بالفتيات...

لماذا تخبرينني بهذا الان...؟!
سألها متعجبا من اخباره شيء كهذا لتترقرق الدموع داخل عينيها وهي تقول بصوت مبحوح:
لأنني لست سيئة للدرجة التي تجعلني اذهب الى ذلك الكازينو بإرادتي، أنا تعرضت للخطف والضرب والانتهاك حتى أصبحت كما رأيتني، لم أصبح هكذا بين يوم وليلة، لست وحدي، اغلب الفتيات اللواتي معي هكذا، كانت بداية دخولهن هذا المجال بالإجبار...
ليليان، لا داعي لهذا الكلام...
تيم أريد أن أطلب منك طلب...

تفضلي...
صمتت دقيقة قبل أن تكمل بدموع حارقة:
سامحني يا تيم، سامحني لأنني كنت السبب في دمار حياتك، سامحني ودع زوجتك واختك يهدوني السماح...
أومأ برأسه وقال:
والله سامحتك، ليشهد الله علي أنني سامحتك...
ابتسمت ليليان بضعف بينما نهض تيم من مكانه وقبلها على جبينها قبلة طويلة، قبلة وداع...

امام امواج البحر العالية وقف كلاهما بجانب بعضيهما...
لقد مر وقت طويل على اخر لقاء جمعنا...
هتف بها اجبارا عنه وهو يتأملها بملامح متشجنة لترد عليه بصدق:
معك حق، لقد مر الكثير...
بيسان انا...
قاطعته فجأة بنبرة شاعرية:.

لا تقل شيئا يا تيم، انا اعرف ما كان بيننا، وأعرف ما عايشناه سويا من حب ومشاعر جميلة نقية، لكن الحياة ذهبت في اتجاه اخر بعيد عما كنا نتمناه، لم تعطنا الفرصة الكافية لنعيش هذا الحب، قد يكون الذنب ذنبك، لكنك في النتيجة القدر كان اقوى منا...
ليتني أستطيع أن أفعل شيئا لك، أن أداوي جرحك، أن أعوضك، ليتني أستطيع ان أريحك.

كان يتحدث بصدق نابع من أعماقه، هو يريد أن يريحها ويريح قلبها، أن يمنحها الحب والامان بعدما اخذها منها، ان يعوضعها بأي طريقة، فهو قد جرحها وقتل مشاعرها دون ادنى ذنب لها...
قاطعته مرة اخرى:
انسى يا تيم، انسى وابدأ من جديد، نحن ابناء اليوم، لقد رحل الماضي بكل ما فيه...
هل ستسامحيني...
سألها بنبرة مرتجفة وهو يدعو الله ان تجيب بنعم، ان تغفر له، لتبتسم بوهن ودموعها ترقرقت داخل عينيها لتهتف اخيرا:.

ليشهد الله علي بأني سامحتك، سامحتك منذ وقت طويل...
ابتسم بألم على حاله وما وصل اليه...
عش لأجل نفسك يا تيم، عش وانسى الماضي...
لو قلت أنني بحاجة لكِ...
كان يريد ان يخبرها المزيد، انه يريدها وبشدة، انه ما زال يحمل لها مشاعر نقية داخل قلبه وان سيطرت عليه أخرى...
وقبل ان ينهي جملتته كانت تقاطعه بإباء:
كلا يا تيم، طريقنا لم يعد واحد، كلانا سوف يسير في طريقه، ويبدأ من جديد...
ثم أردفت بجدية:.

انا ايضا بحاجة لبداية جديدة، أنسى بها الماضي...

لكن عليكِ أن تعلمي شيئا واحدا، أنك كنتِ وستظلين أجمل مخلوقة عرفتها في حياتي...
نعم هي الاجمل والارقى فهي بيسان الغالية...

وقفت بيسان أمام الصرح العالي للمشروع الذي يجمعهم مع شركة القاضي تتأمله بملامح فخورة راضية...
لقد تعبت كثيرا حتى أوصلت المشروع الى ما وصل اليه الان...
وبالرغم من كون المشروع ما زال في بدايته الا انها اكثر من سعيدة...
هي الان تخطو اولى خطواتها في مجال التجارة والمشاريع الهندسية...
لم تكن تظن يوما أنها ستصل الى شيء كهذا وتتولى ادارة مشروع ضخم مثل هذا...

لقد تحولت من شقراء جميلة فارغة في نظر البعض الى انثى قوية قيادية...
جذب انتباههم أحدهم وهو يقترب منها...
كان أنور يسير ناحيتها وعلى وجهه ابتسامة صافية...
تنهدت وهي تسير نحوه بدورها ورسمت على وجهها ابتسامة خفيفة...
توقفت أمامها ليقول لها:
كيف حالك...؟!
أجابته:
بخير وأنت...؟!
اجابها:
بخير، بيسان اريد الحديث معك قليلا...
تفضل...
تنهد وقال:
بيسان أنت اصبحت تعلمين أنني معجب بك للغاية...

أنور ارجوك، لقد تحدثنا مسبقا بشأن هذا...
نعم هما تحدثا أكثر من مرة، وقد شرحت له مرارا أنها لا تفكر في هذه الأمور، خاصة وانه رجل متزوج..
لقد طلقت فريدة...
لم تستطع ان تخفي اندهاشها فقالت متفاجئة:
حقا...! لماذا...؟!
أجابها بلا مبالاة:
لم نستطع أن نتفاهم سويا...
اومات برأسها متفهمة ولم ترد أن تتدخل في أمر لا يعنيها ليكمل هو بدوره:
بيسان، انا اريد الزواج بك..

اتسعت عيناها بصدمة وهي تفكر بأن اخر ما توقعته شيء كهذا، فهي تعرف عن أنور القاضي انه لا يحبذ الزواج وكانت تظن ان رغبته بها مؤقتة أشبه بنزوة...
ابتلعت صدمتها اخيرا وقالت:
أنور أخبرتك بأنني لا أفكر بالارتباط ايا كان نوعه..
لماذا...؟! أريد أن أفهم حقا لماذا..؟!
أجابته بخجل:
لأنني لا اريد، هكذا...
اقترب منها اكثر ووقف قبالتها قائلا بترجي:
فكري مرة اخرى، انا رجل مناسب لك للغاية، كما انني سأسعدك كثيرا...

ابتسمت لا اراديا على كلامه وقالت:
يا الهي، الموضوع ليس هكذا، حقيقة انا لا افكر الان بالارتباط، كما أننا لنكن صرحاء مع بعض، كلانا لا يحمل مشاعر اتجاه الاخر...
زفر أنفاسه بقوة وقال:
ومن قال بأن المشاعر مهمة في الزواج...؟! أظن أنم تزوجت في المرة الاولى عن حب، ماذا كانت النتيجة...؟!
قالت بيسان بنبرة متعقلة:.

كون تجربتي الاولى في الزواج فشلت هذا لا يعني أن أكرر التجربة بشكل مختلف خالي من المشاعر، في النتيجة أساس الزواج هو المشاعر، أما زواج العقل فأنا لا اقتنع به ولا أؤمن بنجاحه...
انت حقا انسانة عاطفية للغاية...
قالها بتذمر لترد بثقة:
أن أكون انسانة عاطفية شيئا جميل وليس عيبا في جقي...
مع هذا أنا لن أيأس، سأظل ورائكي حتى توافقي...

قالها بإصرار غريب ثم تحرك مبتعدا عنها لتتنفس بيسان الصعداء فهي قد تخلصت منه الان على الاقل...

استيقظت سدن من نومها على أصوات مزعجة في الخارج...
نهضت من مكانها وهي تهتف بنبرة عالية:
يكفي، اصمتوا قليلا...
دلفت ليليان الى الداخل وقالت بتعجب:
لماذا تصرخين...؟!
لترد سدن بتذمر:
اختي انا لم أنم سوى ساعات قليلة، لماذا كل هذه الاصوات المزعجة...
ابتسمت ليليان على منظرها المشعث ثم قالت بحب:
انها جدتي جمعت الجيران عندها...
وما المناسبة...؟!
قالتها سدن وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها لتهتف ليليان:.

لتسرد على مسامعهم تفاصيل حفل خطبتك البارحة...
عادت سدن نحو سريرها وقالت بملل:
ماذا جرى لجدتي...؟! أشعر أنها سعيدة بهذه الخطبة أكثر مني...
ضحكت ليليان عاليا وقالت:
معك كل الحق، سعيدة لدرجة لا توصف...
متى ستذهبين الى الطبيب...؟!
ظهر القلق لا اراديا على وجه ليليان لتنهض سدن من مكانها وتطمأنها:
لا تقلقي، كل شيء سيكون بخير، انا اشعر بتحسنك...
ربتت ليليان على يدها وقالت:.

وانا كذلك، بكل الاحوال انا راضية بما كتبه الله لي...
رن هاتف سدن فحملته لتجد بشار يتصل بها، ابتسمت بسخرية وقالت:
هل اشتاق لي بهذه السرعة...؟!
ضربتها ليليان على رأسها وقالت:
أليس بخطيبك...؟! من حقه أن يشتاق لك دوما، كما أنك يجب أن تكوني سعيدة بهذا...
فركت سدن فروة رأسها وقالت:
معك حق...
ثم أجابت عليه بينما خرجت ليليان متجهة الى غرفتها لتغير ملابسها وتذهب الى الطبيب فاليوم نتيجة اخر تحاليل لها...

في غرفة الطبيب جلست ليليان أمامه تشعر بتوتر غريب، بينما الطبيب يقرأ نتيجة تحاليلها بتمعن..
انتهى الطبيب من قراءة النتيجة ليخلع نظارته ويتأمل ليليان المتوترة بحنان قبل ان يهتف بسعادة:
النتيجة رائعة يا ليليا، وضعك الصحي في تحسن مستمر...
حقا...؟!
قالتها بعدم تصديق لما سمعته ليومأ الطبيب برأسه مؤكدا كلامه:
حقا يا ليليا، يجب ان تستمري على العلاج كي نحافظ على هذه النتيجة...
ان شاء الله سأستمر...

قالتها ليليان بحبور كبير وهي تجاهد لأخفاء دموعها ثم ما لبثت ان نهضت من مكانها وشكرت الطبيب بإمتنان على الجهد الكبير الذي بذله في علاجها وما زال يبذله...
خرجت من عند الطبيب وهي تكاد تطير من شدة السعادة، رغما عنها بات لديها أمل كبير في هذه الحياة، فنحن مهما مرت علينا من ظروف نبقى متمسكين بخيط رفيع يربطنا بهذه الحياة، ننتظر منها ان تمنحنا السعادة يوما ما...

اخرجت ليليان هاتفها من حقيبتها واتصلت بسدن لتبشرها بنتيجة التحاليل، ثم اتصلت بوفاء كذلك...
ثم عادت الى المنزل وهي تكاد تطير من فرط السعادة...

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة