قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس عشر

رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس عشر

رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس عشر

وصلت تالا لغرفة يوسف في مستشفى الأمراض العقلية...
طرقت الباب برقة مرتان تقريبًا ثم فتحته ببطء لتجده كعادته يجلس أمام الشرفة محدقًا بها...
زفرت بضيق وهي تقترب هامسة:
-يوسف!
سمعت همهمته الخفيضة التي صدرت عنه دون أن ينظر لها، لتقترب منه حتى أمسكت كفه العريض الخشن، لتشعر بيدها الصغيرة تغوص فيها...
عندها إلتفت لها برأسه لتردف بصوت هادئ:
-تعالى مدد على الشازلونج عايزة أتكلم معاك شوية لو سمحت.

نهض معها دون أن ينطق حرف وبالفعل تمدد كما أرادت..
فبدأت تالا تسأله برقة جادة:
-حاسس بأية يا يوسف؟
اجابها بصوت صرخ بالألم المصحوب باللامبالاة:
-مش حاسس بحاجة!
-بتفكر ف رودين؟
تنهد بعمق أكثر من مرة، ليت الأمر أقتصر على التفكير فقط، ولكنه تخطى حيز الخيال فبات ينغمس وسط الواقع احيانًا!
بات يتخيلها امامه بدماءها التي لطخت يداه، بات يشعر بها تحيطه من كل الجوانب، تدفعه نحو حافة واحدة، الأنهيار!

إنتبه ل تالا التي سألته بقلق ؛
-يوسف انت معايا؟
اومأ مؤكدًا فعادت تسأله:
-احكيلي عن رودين
تنفس بعمق يخرج الفراغ الذي احتل داخله قبل ان يقول:.

-كانت بريئة بزيادة، وشرسة في نفس الوقت، كانت بسيطة نفسها بس تمشي من ملجأ الأيام اللي عانت منه، نفسها تعيش حياة طبيعية زي أي بنت في سنها، ومن غباءها كانت بتحبني! سابت كل شباب مصر وحبتني أنا! وللأسف زي منا الوحيد اللي حبتني انا اللي قتلتها، او يمكن مش انا بس، كلنا شاركنا في قتلها، بس انا كنت اقسى سكينة عليها!
سألته تالا بأسى:
-لية يا يوسف؟

كان اللسان فقط هو من يجيب، قطعة اللحم تلك، ولكن الروح طارت لملكوت آخر:
-أغتصبتها!
لم تستطتع إحتواء دهشتها وهي تتشدق ببلاهه ب:
-إيه! ازاي
وفجأة كان ينهض ليجذبها من ذراعها بقوة فأصبحت هي متمددة على الشازلونج أسفله وهو يحاوطها بجسده العريض، ثم غمغم بسخرية خشنة وهو يطل عليها دون أن يلمس جسدها:
-إيه يا دكتورة مش فاهمة إغتصاب يعني أية؟ تحبي أشرحلك عملي عشان تفهمي أكتر!؟

ابتلعت ريقها بتوتر شديد، كانت أنفاسه تلفح بشرتها البيضاء وخصلة منها تناثرت على وجهها، فاتسعت حدقتاها بقلق وهو يقترب منها رويدًا رويدًا حتى كاد يلتصق بها ثم...

أجابت تمارا على إتصال يأتيها من رقم غريب خارج مصر وهي في طريقها لمنزلها الصغير القديم...
لترد بصوت هادئ ولكنه مرهق:
-الووو مين؟
-أنا كلارا، فكراني؟
ابتسمت وهي ترد بحبور:
-أكيد طبعا، في ناس كدا مابننساهمش مهما طالت الأيام
-إنتِ كويسة؟
لم تستطع إخفاء السخرية التي ظهرت في صوتها وهي تجيبها:
-اه طبعا كويسة جدًا كمان، إنتِ بره مصر ولا إيه؟
-ايوة، أنا في الكويت واحتمال أطول هنا
-ياريت أنا اقدر اسافر الكويت.

-it s ok! ممكن أبعتلك تذكرة وتيجي وتشتغلي معايا هنا؟
-نعممم إنتِ بتتكلمي جد؟
-ايوة طبعًا جد الجد، كدا كدا إنتِ ملكيش حد في مصر. يادوب هتجهزي ورقك والباسبور وانا هحجزلك من هنا ومتقلقيش أنا عايشة في بيت صغير لوحدي وبشتغل في شركة محترمة
-هشوف وهتصل بيكِ تاني يا كلارا
-تمام في إنتظارك، Good night يا توتو
-سلام.

أغلقت تمارا الهاتف وهي تفتح باب منزلها الصغير، وبمجرد أن دلفت وقبل أن تفتح الانوار وجدت من يحيط بها من الخلف ويجذبها له فشهقت بعنف وكادت تصرخ ولكن...

كان صوت تنفسها عالي، تسحب الهواء بصعوبة لينزلق بين رئتيها التي ضيقت الدنيا عليهما!..
دققت النظر بملامحه الهوجاء، تحدق بكم الشراسة المُطل من عيناه، لتهتف بصوت مبحوح:
-أنت ازاي جيت هنا وعايز أية؟
بينما هو غارق...
غارق بين طيات شعوره العميق بها، شعور أنه محلق بين أمواج عالية كادت تُغرقه أو غرقته بالفعل!
لم يكن يشعر بنفسه عندما أقترب منها وشفتاه تزحف على وجهها ببطء سرق وعيها، ليهمس جوار اذنها:.

-جاي أشوف مراتي المحترمة بتعمل أية من ورايا
إتسعت حدقتاها وقلبها يضخ بعنف..
لتدفعه شاهقة تستوعب ما ألقاه عليها، لتزمجر بجنون:
-مراتك ازاي وأنت طلقتني يا عز بيه!
لتجده يكمل والابتسامة الشيطانية ترتسم على ثغره:
-أصل أنا تراجعت عن قرار الطلاق، وبما إنها كانت لحظة غضب وماطلقتكيش رسمي ف أنا هكفر عنه وبكدة انتِ لسة مراتي
ظلت ترمش عدة مرات بتوتر رهيب..
ماذا جعله يتراجع عن قراره!

وبل ويأتي لهنا بمحض إرادته بعدما رآه!..
وكأنه قرأ افكارها فاقترب منها ببطء حتى اصبح على بُعد سنتيمتر منها فقال بصوت خشن خبيث:
-اما حتة جيت هنا لية دي، ف أنا جيت كزوج عشان أمارس كل حقوقي واللي منها، آآ
وتوقف عن تكملة الباقي يستمتع برؤية شحوب وجهها من القادم...
وكرامته المذبوحة تُقسم ألف قسم بخلق عذابها ولو بين طيات الكتمان...!
ليزفر متابعًا:.

-واللي منها أنك تخشي دلوقتي تعمليلي أكل زي الناس عشان جعان جدًا
جزت على أسنانها بغيظ، وكادت تنطق بأنفعال:
-أنا مش شغالة عندك عشان آآ...
ولكنه قاطعها بحدة مُخيفة يزجرها:
-اخرسي وانجري على المطبخ هتلاقيني جايب الحاجة، قدامك نص ساعة بالدقيقة ويا ويلك لو مخلصتيش!
-اما نشوف اخرتها معاك يا جوز السعد
قالتها وهي تتأفف متجهة للمطبخ متذمرة تلعن اليوم الذي وافقت فيه على الزواج به...
ليحدق هو في أثرها بتنمر هامسًا:.

-مابقاش عز الاسيوطي لو ما خليتك تقولي حقي برقبتي!
ثم بدأ يفك ازرار قميصه رويدًا رويدًا وهو يجر قدماه متجهًا لها نحو المطبخ...

كان فهد يرتدي ملابسه استعدادًا للخروج عندما أوقفته هند وهي تتساءل بغيظ متمتمة:
-أنت رايح فين يا فهد؟ وبعدين أنت مش بترد عليا لية!
أستمر في ربط ربطة عنقه وهو يحدق بالمرآة...
كلما حدق فيها بتمعن صدمه رؤيته للشروح التي غطت روحه...
لعيناه التي تصرخ بالندم وقلبه الذي يأن من الألم حتى أصبح صوت أنينه وتر خرب معزوفة العشق!..
لتحتضنه هي من الخلف مرددة بصوت مبحوح:.

-متعملش فيا كدا أنا بحبك ومش ندمانة ولا عمري هندم على اللي حصل
دفعها بعيدًا عنه وهو يهمس ببرود:
-اوعي ورايا مقابلة شغل مش فاضي
إتجه نحو الباب ولكن قبل أن يخطو خطوة إلتفت لها مغمغمًا بحدة محذرًا:
-أمي مش لازم تعرف باللي حصل عشان ماتديهاش أمل على الفاضي. أنا هبدأ في اجراءات الطلاق وهتاخدي كل حقوقك، أنا اصلًا لما اتجوزتك كنت ناوي اطلقك بعد فترة قليلة وماكنتش هقرب منك عشان ماظلمكيش لكن الشيطان شاطر.

ثم تقوس فاهه بابتسامة ساخرة وهو يردف:
-وانا ماشاء الله عايش مع اشطرهم!
ولم يعطها فرصة الجدال بس استرقها منها عندما غادر الغرفة بل الشقة بأكملها كما سرق منها حلمها اللامع به محطمًا كل شمعة اُضيئت بين جدران ذاك الحُلم!..
لتهمس هي بضياع:
-يعني برضه مفيش فايدة؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة