قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع

رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع

رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع

إنتفض فزعًا يحاول إفاقتها، شعر بقلبه يخترق ضلوعه مستنجدًا بلهب العشق ذاك!
حملها بين يداه برفق ثم أشار لتولين التي تقف متعجبة ومغتاظة في آنٍ واحد قائلاً:
-روحي إنتِ وانا هابقى اكلمك
لم ينتظر ردها وغادر متجهًا ب تمارا نحو غرفته ليضعها على فراشه بهدوء متوتر، ثم سرعان ما كان يجلب -عطره الخاص- لينثر قطرات منه على أنفها وهو ينادي:
-يا داده، اعملي كوباية ليمون بسرعة يا داده لو سمحتي.

ثم بدأ يربت على وجنتا تمارا بنعومة هامسًا:
-تمارا، تمارا فوقي يا حبيبتي!
كانت الكلمات تخرج منه دون ترقب، دون اختلاط بقوة العقل، كانت صافية تمامًا من ذلك القلب الذي يهفو عشقًا بأسمها!
بدأت تتململ في نومتها واستعادة وعيها ببطئ..
ثم بدأت تهمس دون وعي:
-لا، ابعد عني، حرام عليك بقاا
مد يده يملس على وجهها في حنو، وكأن قلبه غطاءًا لشقوق روحها المنكمشة بلا هوادة!

وفجأة هبت منتصبة تشهق بعنف باكية وهي ترتمي بأحضانه، رفرف قلبه بين جوانح مشاعره المكتومة...
ليضمها له بقوة ويداه تحيط ظهرها،
بينما هي في واديٍ اخر، تشعر أن تلك الثنايا باتت تتلقى صفعات بين جدار ذاك الوادي!
تشبثت بأحضانه وهي تردد بصوت هيستيري:
-مش هيسبني، هيموتني زي ما موتها!
رفع وجهها له بطرف إصبعه وهو يسألها بتوجس:
-هو مين دا يا تمارا؟! وهيموتك لية؟
تعالت شهقاتها المنغوزة بطميم الألم ثم بدأت تخبره:.

-اللي، آآ اللي موت أمي، شافني، شافني ومش هايسبني في حالي! هايقتلني زيها
إتسعت حدقتا مصدومًا، بينما أكملت هي:
-هو عاوز مني أية تاني، مش كفاية خد مني أعز واحدة في حياتي، هو أنا لية مكتوب عليا الوجع دايمًا!
ضمها له أكثر وهو يتأوه بصوت مكتوم، وكأن الألم يُشابك بينهم دون توقف...
كانت هي متسطحة وتضع رأسها على صدره، بينما يداه تحيطها برفق، إلى أن همس لها برقة:
-كملي يا تمارا، طلعي كل اللي في قلبك.

ضغطت بأصابعها على صدره، ثم خرج صوتها ملكومًا كقلبها الملخط بدماء العذاب:.

-كنت طفلة لسة ما أفهمش حاجة، كنت عايشة مع ماما عادي زي اي واحدة بعد موت جوزها، كانت ماما بتشتغل جرسونه في الكباريه اللي بشتغل فيه دلوقت، جت في يوم من الشغل عادي وكانت بتنيمني، فجأة الباب خبط، فقامت تفتح وهي مستغربة مين ممكن يجي في وقت زي دا؟! وأحنا اساسًا كنا عايشين في حته شبه مهجورة، قالتلي اوعي تطلعي يا تمارا لحد ما انا اجي لك، وخرجت هي، سمعت صوت زعيق وضرب، وبعدين صريخ.

بدأت انفاسها تتهدج ولكنها أكملت وهي تحدق بالفراغ:
-خرجت بسرعة لقيته ماسك سكينة حاططها على رقبتها وكان باين عليه انه سكران، وبدأ يصرخ وهو بيقولها مش هاسيبك، ولو ماكنتيش ليا يبقي الدنيا حرام عليكِ وعليا
ودبحها، دبحها بدم بارد وقدام عنيا!
ولما انا صرخت وانا بنادي بأسمها طلع يجري!
ثم صارت تضرب صدره بقبضتا يدها وهي تزمجر بجنون:.

-دبحها عشان مارضتش تبيع شرفها يا عز! هو اللي تحافظ على شرفها تستاهل الدبح يا عز! هو احنا رخاص اوي كدة؟ ولا الفقر هو اللي خلانا أرخص وأقل من الجزمة...!
ألمته كلماتها، ألمته وصارت تنغز قلبه كمرض مميت يعتصر تلك الحياة من بين قبضتا روحك بلا تردد او توقف!
ثم صار يربت على شعرها بنعومة مكملاً:.

-أدعيلها يا تمارا، هو اللي حصل مش قليل، لكن برضه في ناس اسوء منك ومني بكتير، كل ما تفتكري اللي حصل، أفتكري إن في ناس كل يوم بيموت لها شخص عزيز، ابن، اخ، ام، او حتى اب، وياريت بعد دا كله بترتاح، لا دي بيداس عليها بالجزمة ومش بعيد تتدبح هي كمان، أنتِ في نعمة يا تمارا، وأكيد ربنا هايعوضك، بس لما تقربيله، اقطعي المسافة اللي بينك وبين ربنا يا تمارا، دا ربك بيقول إنه اقرب لينا من حبل الوريد، ماتخليش النقطة السودة اللي في قلبك تكبر لحد ما تخلط بلون دمك!

كانت تسمعه بصمت، صمت تام إلى أن كانت عيناها تُغلق ببطئ..
إختطفها النوم مجددًا من بين يديه؟!
ابتعد قليلاً ليضع رأسها على الفراش ثم نهض ليطل عليها بهيئته الرزينة، ورغمًا عنه سقطت عيناه على شفتاها الحمراء من كثرة الضغط عليها بأسنانها...
وردد له قلبه الشغوف بقربها قبلة واحدة، قبلة واحدة فقط وسأبتعد!

وبالفعل اقترب ببطئ حتى لامس شفتاها ببطئ مُتمهل، يلتهمها بنهم ملحوظ، يروي عطشه وجوعه الذي لا ينتهي منها، ظل يشبعها تقبيلاً حتى شعر انه بحاجة للهواء ويبدو أنها ايضًا كذلك ففتحت عيناها وهي تزمئر بهمس:
-عز، عز
ولكنه لم يجب، فقط كان صوت لهاثه يدوي كلهيب يحيط لوحة النشوة المشعثة بالعشق..!

اقترب مرة اخرى فجأة يقرب وجهها له بجذبها من شعرها له برفق، يقبلها بشراسة اختلطت بشوقه نوعًا ما، وكأنها المرة الاخيرة التي يتذوق فيها شهد شفتاها!
وهي مستسلمة ساكنة تتحرك يداها بتلقائية لتحيط رقبته دون وعي وكأن الحلم اختلط بواقع...!
ثم ابتعد بعد دقائق ليهمس من بين لهاثه:
-أنا، أنا آآ خلاص، مفيش مرواح كباريه تاني يا تمارا، سواء بأرادتك او غضبن عنك
ثم أستدار ليغادر فسمع صوتها تهمس بأسمه:
-عزز!

استدار لها فجأة ليضع أصبعه على شفتاها ليهز رأسه نافيًا وبصوت هادئ رغم موجة القتامة التي فاحت به:
-هششش، انا خطبت تولين زميلتي، وعمري ما كنت خاين، ومش هاكون خاين فالأخر عشانك!
ثم غادر مسرعًا دون كلمة اخرى او حتى دون أن يعطيها فرصة الرد..
لتنكس هي رأسها مرددة بصوت مختنق بالبكاء:
-حتى أنت هاتبعد...!

بينما في الخارج...
ما إن خرج عز حتى قابل حسن الذي كان يبتسم ابتسامة غريبة وهادئة في آنٍ واحد، ابتسامة تحمل راية مٌقلقة له!
وكأنه يخبره بلغة الشفاه المحملة بالصمت التام
قد علمت بأنهيارها، رأيتك وبوضوح !
حياه عز برأسه وحمدالله ان الباب كان مغلقًا نوعًا ما فلم يراهم، ثم همس:
-تمارا تعبانة، خليك جمبها أحسن يا استاذ حسن.

اومأ حسن موافقًا، ليغادر عز، فيما ظل حسن يتذكر حينما جلب تمارا من ذلك الكباريه الذي كانت تعيش به من شفقته عليها..!
تنهد بقوة ثم همس بأصرار:
-أنتِ بنتي يا تمارا، بنتي وبس، وانا استحالة أسيب بنتي تضيع، أنتِ لازم ترجعي تباشري مع الدكتور النفسي!

كلارا متجمدة تمامًا من أن اخبرها فهد بحقيقة مرضه..
الان ادركت لمَ كان يبتعد عنها حتى الطعام لا يشاركها اياه!
ادركت لمَ كان يغلق تلك الدائرة المُدمرة من حوله وبشدة..
كان يكتم الالام عنها، يخفض صهب روح تتعذب، لتبقي هي آمنة فقط!
ورغم خوفها من ذاك المرض، الا أنها لم تتردد وهي تنهض وتمسح دموعها متجهه له في الخارج..
وجدته يجلس صامت ساكن، وشاحب ايضًا!
اقتربت منه وهي تسأله بصوت حاد:
-ماقولتليش قبل كدة لية؟!

بعد صمت دام لدقائق رد بجمود:
-واقولك لية؟ أنا مش محتاج شفقة منك، ولا اصلًا ليكِ دور في حياتي عشان أقولك!
إنتفخت اوداجها بأحمرار غاضب وهي تصرخ فيه:
-أنت أناني يا فهد، أناني اوي وعكس ما كنت متخيلاك
ثم أكملت بقسوة غليظة:
-أنت جبان يا فهد، جبان واناني اوووي
لم تتلقى سوى صفعة قوية منه أسقطتها ارضًا لتصرخ متألمة:
-اضرب، هو دا اللي أنت بتعرف تعمله، هو دا مفهومك عن الرجولة.

وكأنه لم يكن بوعيه فأقترب منها مسرعًا ليجذبها من شعرها مقربها له وهو يهمس لها بقسوة تناغمت وسط الالم:
-وعشان صورتي ماتتعكسش ليكِ، أنا هاعمل اللي أنتِ عاوزاه ومستنياه!
وبحركة مباغتة كان يمزق التيشرت الذي يخبئ جسدها وقد عاونته المياه في ذلك!
ثم اقترب اكثر ليقبلها بشراسة، حاولت إبعاده ولكنه لم يكن ليبتعد، كان كالذي خرج عن طوره تمامًا، فصار يشكل هاجسًا كهربائيًا..!

وعندما فشلت وجدت يدها تحيد نحو العكس فضمته لها ببطئ مما جعله يثور أكثر، ثم جرها من يدها بقوة متجهًا نحو غرفته...
دفعها نحو الفراش ثم بدأ يخلع ملابسه، ثم أنقض عليها يأخذ حقه الذي حُرم منه لشهور..
ينتشله بشراسة ولكن اظافر تلك الشراسة ربما تدمي وتسفك دموعًا منكسرة!
همست هي بصوت مبحوح:
-اهدى يا فهد، اهدى وابعد عني
ولكنه لم يهدئ ولم يبتعد، استمر فيما يفعل، وعندما استسلمت له تمامًا لانت لمساته نوعًا ما..

لتهمس هي من وسط دموعها:
-أنا، أنا ب..
ولكنه قاطعها بقبلة اخرى ليُسكتها عما لا يستطع سماعه وانكاره، وما يتوق له ذاك القلب ايضًا!
فزمجر بحنق:
-هششش، اوعي!
وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح، ولكن لم تصمت تلك القلوب عن الدق بقوة، تدق كالدماء التي تضخ في عروقنا بلا هوادة!

بعد فترة..
نهض فهد مسرعًا وكأنه ادرك ما فعله للتو!،
كان يرتدي ملابسه دون أن ينظر لها فهمست وهي تغطي ما ظهر جسدها بصوت مكتوم:
-فهد...
ولكن على العكس تمامًا صرخ بها بغضب:
-اخررررسي، أنتِ السبب يا كلارا
ثم أكمل قبل أن يخرج:
-أحنا انتهينا يا كلارا، امي اختارت لي عروسة، وهانكتب الكتاب قريب!
ثم سحبها من يدها بقوة يأمرها بجمود:
-ودلوقتي قومي معايا نروح لزفت دكتور، قوووومي أنتِ لسة متنيلة مكانك لييية؟!

كانت رودين متسطحة على الفراش في منزل يوسف...
كانت كالتي تنتظر الموت الذي يقترب منها ممثلاً في -زواجها بيوسف-
ونفسها تتساءل بهذيان...
لم ما كنا نستشعره حلمًا جميلًا، ناعمًا وحانيًا، شغوفين بيه ومتمنين له حد الجنون، عندما يأتينا، تتلبسه شيطان الدنيا الآسية، فيريك مرآة عكست لك كل توقعاتك الوردية !
وبالفعل سمعت صوت يوسف يهتف بهدوء:
-أتفضل يا مولانا، هي في الاوضة دي عشان تعبانة شوية بس.

وبالفعل دلف معه، جلسا مع الشهود وبدأت مراسم كتب الكتاب..
ليسألها الشيخ بهدوء بشوش:
-موافقة يا بنتي؟
وبعد صمت أقرت بصمة قتلها وهي ترد:
-موافقة
وبالفعل تم كل شيئ، انتهى ولكن ليس بسلام، ولكن بحرب اشتعلت لتوها!
رحل الجميع ولم يبقى سواها وهو
وما إن اقترب منها حتى قالت بصوت لا روح به:
-أنا مش هاقتل أبني
نظر لها بصمت، ثم قال ساخرًا:
-امال انا كتبت عليكِ لية؟!
لم تتردد وهي تجيبه بازدراء:.

-عشان اغطي على غلطتك ال عشان ماحطش راسي فالطين بسبب كلب ولا يسوى زيك
رفع يده يود ضربها وهو يصرخ فيها بحدة ؛
-اخرسي..
ولكنه توقف، ولكنها لم تتوقف، فماذا يعني ضربات لها الان؟!
ماذا تعني بجوار تلك الجروح التي تنزف وبعمق..
نظرت له مرددة باستخفاف:
-ماتضرب مستني اية؟ لايكون ضميرك صحي! تؤ تؤ عيب عليك يا حيوان
دفعها بعنف للفراش وهو يقول بغلاظة:.

-اسمعي يابت أنتِ، لو مش عايزة تنزلي اللي ف بطنك يبقي الفيديوهات دي هاتنزل على النت ونستفاد احنا من الفلوس اللي هتيجي منها
ثم اتجه نحو المسجل ليبدأ بتشغيله فيظهرا سويًا وهي في ذلك الوضع المخزي..
في اصعب دقائق كُسر جناح الروح داخلها حينها!
بينما أكمل هو:
-هااا، اذيع؟
كانت متجمدة تمامًا تحبس تراكم تلك الدموع، وبدلاً عن عشق تدفق اوردته، اصبح الكره في مقدمة كل شيئ، كل دافع وكل شعور!

ثم همست بصوت بالكاد يسمع:
-موافقة، بس خليك فاكر كلامي كويس يا يوسف، هايجي يوم وهتعض على صوابعك العشرة من الندم، وساعتها هدوس عليهم بكل قوتي، وبحق كل صرخة ألم صرختها من حرقتي!

-أنا طلقتك من ساعة ما رجعت يا تمارا، طلقتك غيابي
نطقها حسن الذي كان يبتسم بوجه تمارا الشاحبة تسأله عن وضعها في ذلك المنزل، عن الاتربة التي كادت تغطيها حية!
كانت ساكنة تمامًا وهي تسأله مستنكرًا:
-بجد؟ يعني أنا دلوقتي مكاني مش هنا صح
هز رأسه نافيًا وهو يقول بصرامة:
-لا طبعًا، أنتِ هتفضلي زي ما أنتِ، انا في البداية اتجوزتك عشان ماحدش يتكلم على قعدتك هنا، انما دلوقتي انا عايزك تبقي حره في تصرفاتك.

اومأت تمارا بصمت ثم نهضت متجهة لغرفتها..

حل الليل يغطي الكون بستائره المظلمة، وصل عز الى المنزل، ثم اتجه نحو الاعلى ليرى غرفة تمارا المفتوحة..
كاد يتجه لها ولكن لم يكمل فعاد لغرفته، نادى على الخدم بهدوء يسألها:
-حسن بيه فوق يا داده؟
ولكنها هزت رأسها نافية:
-لا طلع يا عز بيه
اومأ عز موافقًا، ثم سار متجهًا نحو الخارج فوجدها تقف بعيد لجوار الخيل، تتحسسه ببطئ..
اقترب منها بهدوء وما إن رآها تود الركوب هتف فيها بحدة:
-لا أنزلي، مش مسموح تركبيه.

جادلته ببرود:
-لية ان شاء الله؟! كان مكتوب عليه لعز فقط!
جذبها بعيدًا عنه بعنف فشهقت متألمة من قبضته وهي تتابع:
-ابعد يا عز سيبني
زمجر فيها بغضب:
-قولت لا، ويلا غوري من هنا!
إلتفت بعنف ثم توجهت نحو الباب لتخرج وهو يراقبها بعيناه، وما إن خرجت حتى صدح صوت الرصاص فجأة، ليعم السكون، وتسود الظلمات امامها عيناها، ولربما لوقت طويل، طويل جدًا!
فسقطت مصطدمة بالارضية بقوة تنزف دماءها بغزارة...!

بينما الاخر يصرخ بأسمها فزعًا و...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة