قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس عشر

رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس عشر

رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس عشر

ولكن بالطبع ما من استجابة..
وتقريبًا شعور رودين الملازم لها في الفترة التي عاشتها معه وصله عندما بدأوا يصعقوه بالكهرباء فعليًا...
تعالت صرخاته كنواح ذئب يدفع ثمن جرائمه دون قصد...!
وفجأة ظهرت تالا التي صرخت بهم:
-انتوا بتعملوا أية؟ سيبوه يا همج!
وبالفعل تركوه لتركض نحو يوسف تنزع عنه تلك الاجهزة وهي تتحسس صدره العاري برفق هامسة بندم:
-انا اسفه، انا اسفه اوي!

ورغمًا عنه وجد نفسه يرفع يداه ليحيط خصرها ويسند رأسه عند صدرها لتبدأ عيناه في الأنغلاق تدريجيًا...!

كان عز مع صديقه المقرب كريم...
غاضب، حانق ومشتعل حد الجنون!
كان تنفسه العالي دليل على محاولته الفاشلة في السيطرة على نفسه...!
واخيرًا هتف كريم يقطع ذلك الصمت:
-طب أنت ماقولتلهاش لية إنك عرفت إنها هي اللي بتقتل يا عز؟
ظل يهمس بصوت مبحوح:
-قولتلها في وسط الكلام. لكن ماندهشتش وكأنه شيء طبيعي بتعمل كل يوم بعد الفطار!
كان كريم ينظر له بأسف حقيقي...

فهو لم يكن أقل صدمة من عز عندما علم أن زوجته هي ذاك القاتل المحترف الذي كانوا يبحثوا عنه...
وسبب كشفهما لها تافه، تافه للغاية!
فابالفعل بين الكذب والحقيقة شعرة، شعرة واحدة هي الفيصل !،
عاد كريم يهتف بصوت أجش مفكرًا:
-مش يمكن ليها أسباب يا عز؟
عندها إنفجر فيه عز صارخًا:
-أنت مجنون؟ من امتى واحنا بنخترع اسباب للقاتل يا كريم!
ثم صمت برهه وعاد يكمل والذنب يقتله:.

-أنا اصلًا مش عارف ازاي قدرت اضلل العدالة وما أسلمهاش وأقفل القضية ضد مجهول بما إن الجرايم وقفت
وفجأة قال كريم:
-معقول تكون وافقت تتجوزك عشان تعرف المعلومات اللي بتوصلها وتتصرف بناءًا عليها؟!
صوت عز خرج منكسر، مُشقق كزجاج حطمته رياح جبارة:
-ماهو دا تاني سبب كسرني، إنها ماحبتنيش رُبع ما أنا حبيتها!

بينما عند تمارا...
كان ذاك المجهول العاشق لها في الخفاء يقف أمامه واضعًا يداه في جيب بنطاله يحدقها بنظرات غير مفهومة..
فبدأت هي الحديث بصوت مُرهق نفسيًا قبل جسديًا:
-أنا عملت اللي قولتلي عليه، سبني أمشي
أجابها ببرود:
-قولتلك مابسمحش للي بحبهم يبعدوا عني
لم تشعر بنفسها سوى وهي تنهض مزمجرة فيه بجنون، صارخة بحبال صوتية اُرهقت من الصراعات التي تدور داخلها:.

-قولتلك انا مابحبكش وما أعرفكش وأول مرة اشوف خلقتك
ابتسم ببرود، ابتسامة ملفحة بالبرود ولكنها تخفي نوعًا اخر من العصبية، كرياح عاصفة تحت الرمال الباردة!،
وفجأة وجدته يفتح ازرار قميصه وهو يردد بهدوء استفزها تمامًا:
-كفاية تضييع وقت. أنا مشتاق لليلة دي اووووي
أتسعت حدقتاها وهي تدرك مقصده، ولكن قبل أن تتحرك خطوة وجدته يجذبها له بقوة كاتمًا شهقاتها بشفتاه الغليظة و...

إرتفعت نسبة الأدرينالين داخلها، وتقلصت جوارحها الشرسة لتتأهب لحرب على وشك النشوب...
حرب من نوع آخر..
حرب روحها هي المقاتل فيها وليس جسدها!
إنطلقت صرخة عميقة منها كمدفع ناري تدفق في طيات الجنون، لتدفعه بقوة جعلته يرتج للخلف وهو يحدق بها...
وقبل أن يستوعب كانت تنهض لتمسك بزجاجة وتكسرها وتضع طرفها الحاد على رقبته، وبصوت لاهث متفرقة حروفه كالشرق والغرب قالت:.

-قسمًا برب العزة لو فكرت تعمل اللي عملته تاني هقتلك
وبالفعل كانت تضغط على رقبته حتى تناثرت نقاط طفيفة من الدماء..
وكان هو مبتسم ببرود لا يدافع عن نفسه حتى...
غريزتها المدافعة، الشراسة، والقوة التي تلون بها خلفية باهتة من حياتها تُثيره، بل تجذبه لها بجنون!
إلى أن تركته وهي تلهث مستوعبة أنها كادت تقتله في وجود حراسه المجرمين وبالطبع لن تخرج سالمة حينها...

نظرت له لتجده يغمز لها بطرف عيناه متمتمًا بنبرة خبيثة:
-شراستك دي هي اللي محلياكِ في عنيا أصلًا يا جميل
ردت وكأنها تبصق في وجهه:
-وأنت قذر ومفيش حاجة محلياك، أزاي اصلًا تتجرأ تعمل كدا؟ وانا معرفكش وأنت برضه أظن ماتعرفنيش
كان قد نهض يهندم ملابسه وهو يتابع بصوت فاح منه الحقد:.

-مين قالك كدا؟ إنتِ اول مرة تشوفيني اه، لكن انا شوفتك من ساعة ما كنتي شغالة في الكباريه جرسونة، حاولت أكلمك واطلبك اكتر من مرة وإنتِ رفضتيني من غير ما تتعرفي عليا، وماكنتش عايز أجبرك على حاجة لحد ما عرفت إنك اتجوزتي الكلب التاني
زمجرت فيه بحدة غاضبة:
-حاسب على كلامك، الكلب هو اللي بيبص لحاجة غيره!
أبتسم باصفرار وهو يراقب تلك اللمعة المتوهجة بعيناها...

لم تكن شمعة السعادة او ما شابه ذلك، ولكنها كانت شرارة منطفئة إرتكزت محملقة أمامها...!
تنهد أكثر من مرة قبل أن يستطرد بخشونة:
-أنا برضه مش هجبرك على حاجة، يكفي إنك تكوني بعيدة عنه..
ولكنه أكمل بخبث طار أمام عيناها:
-بس ليا طلب صغير
نظرت له متساءلة ليشير لفمه بمكر متابعًا بصوت غرق وسط تأملاته الواسعة:
-بوسه واحدة بس بإرادتك
كانت جامدة كملامحها وهي تحدق به..

ربما تناثرت رغبتها بقتله بين بؤبؤي عيناها بوضوح مما جعله يتراجع بهدوء لم يخلو من الخبث:
-دي بوسه واحدة بريئة
لم ترد سوى بجمود قائلة:
-غمض عينك
أسرع يغمض عيناه بلهفة واضحة، لتظهر أبتسامة ميتة باردة على ثغرها المتهالك وهي تنظر له، وفجأة كانت تشق شفتاه بقطعة الزجاج مما جعله يصرخ عاليًا من الألم لتركض هي مسرعة وهي تتشدق ببرود عابث:
-بريئة ماتت محروقة يا باشا!

وقبل أن تخرج من الغرفة وجدت ديناصورات بشرية أمامها، لتنظر لذلك الرجل بغيظ فوجدته يشير لهم أن يتركوها لترحل...
فلم تنتظر أكثر وهي تسير بخطى اشبه للركض..
ليضع هو يده على صدره متنهدًا بحرارة، أنهكه صبره عليها...
ولكنه سيصبر ويصبر حتى يتلذذ بمذاقها عندما تقع تحت يداه!
فهمس بصوت يكاد يسمع:
-مسيرك يا ملوخية تقعي تحت المخرطة!

بدأ فهد يتململ في نومته، هاجمه الضوء بقوة متابعًا وعيه لما حوله!
هب منتصبًا ينظر حوله ليجد هند تقطن أمامه عارية تمامًا وغارقة في نوم عميق او هكذا ظن هو!..
وجد نفسه يمد يده مسرعًا ليهزها بعنف صارخًا:
-هند قووومي، قومي اصحي يلا
فتحت عيناها ببطء، تتأثب ببرود وكأنها عروس يوقظها زوجها بدلال، ثم تهمس بنعومة:
-صباح الخير يا حبيبي
زمجر فيها بجنون أفزعها:.

-صباح الزفت عليكي وعلى اليوم الأسود اللي شوفتك فيه، إنتِ عملتي إية؟
صدرت عنها ضحكة خليعة، ضحكة نغزت القسوة داخله تجاهه وهي تقول بمكر:
-أنا اللي عملت برضه؟ دا أنت اللي عملت كل حاجة يا بيبي
كان قلبه يهتز بين ضلوعه بعنف...
ودقاته تصرخ بما لم يخطر على باله يومًا
لقد خانها، كسر الوعد الذي كان يسعى للحفاظ عليه !
مدت هند يدها لتضعها على كتفه برفق وهي تردد:.

-فهد اوعى تكون زعلان عشان اللي حصل! أنا مراتك ودا الطبيعي بين أي اتنين
كاد ذراعها ينكسر عندما نفضه بعنف بعيدًا عنه حتى إنفلتت الصرخة المتألمة من بين شفتاها وهي تراقب تحول ملامحه الثملة ليلاً...
ليهتف بجمود حاد:
-إياكِ تكرريها، دا طبيعي بين أي اتنين متجوزين طبيعي، لكن أنا وانتِ عمرنت ما هنكون زي أي اتنين، أنسي اللي حصل لأنه مجرد غلطة
ثم أحاط وجهه بيداه وهو يكمل بحسرة:.

-غلطة هفضل أحاول أكفر عنها طول منا عايش
زادت من غليانه عندما قالت متهكمة:
-مش عايزة أزودها عليك بس الغلطة دي يمكن أبنك يجي بسببها، ساعتها هتقوله أرجع يا حبيبي عشان دي مجرد غلطة!
إرتجف قلبها بعنف عندما حدق بها، كانت عيناه تحمل نوعًا آخر من التهديد الذي مزق تماسكها...
فأسرعت تستطرد بخفوت:
-أنا قصدي يعني أن آآ...
قاطعها بخشونة:
-مش هيحصل، أكيد مش هيحصل.

ثم نهض ساحبًا ذلك الغطاء ليغطي جذعه السفلي متجهًا للمرحاض...
بينما هي تلعن تلك الحبيبة التي سرقت سعادتها من بين أصابعها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة