قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث

رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث

رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث

كان يحطم كل شيئ في غرفته، غضبه محصولاً لن يقتضيه عقل مشوش!
كلما تذكر ما حدث كانت النيران تشتعل لتتآكله أكثر وكأنه يُنميها لينهار منصهرًا هو...!

فلاش باك###
كان يقترب منها أكثر حتى أصبح ملتصقًا بها، فظلت تهمس بصوت مبحوح:
-عز، عز أرجوك أبعد!
ولكنه لم يكن ليبتعد بعد أن اكتسح تلك الفرصة في القرب، واخيرًا لمس شفتاها، يُقبلها بعمق، بنهم ملحوظ، وشوق مكتوم!
حاولت إبعاده أكثر من مرة ولكنه كان منغمسًا يشبعها تقبيلاً، في محاولة فاشلة لإشباع نفسه!
كان غارقًا في ذلك الشعور الذي يغضبه، يغضبه وبشدة وكأن مرآة المشاعر إنعكست بانهيار...!

واخيرًا أبتعد عنها لاهثًا، أغمضت هي عينيها تحاول تلطيف ذلك اللهب الذي اشتعل في جوفيها، لتجده يقترب منها مرة اخرى فهمست بجدية متوترة رغمًا عنها:
-عز مينفعش كدة، لو سمحت اطلع بره
لم تكاد تمر الثواني حتى وجدته يلثم رقبتها برقة متناهية، ليتابع همسه الجنوني:
-تمارا، أنا بحبك! بحبك أووي ومش قادر أبعد عنك خلاص
تجمدت مكانها للحظات تستوعب تلك التعويذة التي جعلتها كالصنم صامتة تستقبل فقط..

ليكمل وهو يتحسس وجنتاها بنعومة:
-بحبك من ساعة ما شوفتك
ثم سرعان ما كان يردف بغضب حقيقي إلتمع بين حدقتا عينيه:
-بس لا...
ثم همس بنبرة مُشققة ألمًا:
-إنتِ كسرتيني، خذلتيني اوي!
كانت ساكنة تمامًا تستمع لحديثه بصمت تام، لتشعر بيداه التي تعبث بأطراف قميصها يحاول فتح ازرار قميصها، فأمسكت يده صارخة فيه:
-لاااا، مينفعش، مينفعش ابدًا يا عز
ظل يهز رأسه نفيًا وبصوت هيستيري قال:.

-مينفعش لية؟! أنا هاتجوزك، هاكتب عليكِ اول ما يطلع النهار!
ظلت تهز رأسها نافية بشرود تام، ولا تدري كيف إنفلت لسانها يخبره بنفاذ صبر:
-تكتب عليا ازاي وانا اصلاً مكتوب كتابي! جدك عايش يا عز
سكن تمامًا مذهولاً من الصدمة التي ألقتها بوجهه..
باك###.

أستعاد نفسه واخيرًا، نظر في المرآة المدمرة والتي تعكس صورته النفسية حاليًا، ليعدل ثيابه ثم يهبط متجهًا نحو الأسفل في إنتظار عودة -قريب والدته- ذاك!
وبالفعل، مرت حوالي نصف ساعة ووجد الخادمة تشير له بهدوء مرددة:
-اتفضل يا حسن بيه اتفضل
كان حسن يسير ببطئ شديد، يبدو عليه المرض الذي كان ينهش به كالحيوان المفترس!
بينما قال عز ساخرًا بنبرة ذات مغزى:
-أنا لية حاسس اني بقيت عايش في فيلم هندي؟!

جلس حسن بهدوء متألم، فأسرعت تمارا تركض نحوه وهي تتعلق بأحضانه مرددة باشتياق حقيقي:
-وحشتني أوي أوي، اوعى تبعد عني تاني!
أحتضنها بحنان مرددًا بحزم:
-متقلقيش يا حبيبتي، مش هابعد عنك تاني ان شاء الله
كانت الغيرة كفتيل لا يعلم له نهاية تشتعل بصدر عز الذي تقدم لينتشلها من بين أحضانه صارخًا:
-أنا عايز أفهم أية اللي بيحصل دا؟!
تنحنح حسن وهو يخبره بجدية صلبة:.

-اهدى يا عز الاول عشان نعرف نتكلم وانا هاشرحلك كل حاجة
لم تتغير معالمه ليبدأ حسن بشرح ما حدث خلال تلك الاشهر بهدوء:.

-لما عرفت اني مريض سرطان، كانت صدمة كبيرة ليا، مكنتش عارف اعمل أية ولا اقولك ولا لا، فضلت تايه كدة لحد ما عرفت إني مدحت الاسيوطي عايز يخلص مني عشان السوق يفضاله، قولت دي فرصتي اني ابعد لحد ما إما اتعالج او ربك ياخد امانته، محدش عرف اي حاجة الا الخدامة اللي كانت بتجيب لي اخبارك والدكتور اللي اجبرته يقولكم اني مُت، وطبعا بعلاقاتي عرفت اطلع جثه من المشرحة وبتصريح الدفن بتاعها أنت دفنتها بس طبعا بعد ما الخدامة بدلته بتصريح مزيف ليا، واوهمت الكل بموتي، استفدت اني مش هاعذبك معايا، وانتقمت من مدحت الاسيوطي، وتمارا! عرفت انت هتبقي ازاي مع تمارا لو جرالي حاجة، كنت محتاج اعرف حاجات كتير زي ما عرفت برضه انك...

قاطعه عز صارخًا بذهول وكأن العقل لا يحتمل كم المشاحنات التي تتفجر لتُحطم القلب والعقل في آنٍ واحد:
-لا لا متكملش، أنت ازاي عملت كل دا! ازاااااي قدرت اصلاً! طب والمحامي، والوصية، كل دا ظبطته، وأنا، أنا كنت لعبة سهلة بالنسبالك اوي كدة؟!
تنهد حسن بقوة وهو يهتف بثقة:
-متنساش أنا مين يا عز، أنا حسن السيوفي مش عيل صغير بلعب!

ظل عز يهز رأسه نفيًا وكأنه لا يستوعب، ثم ركض للخارج دون كلمة اخرى ليستقل سيارته متجهًا نحو وجهة لا يعرفها سواه!

ساعات مرت و تمارا تجلس في غرفتها، شاردة صامتة تحاول إستيعاب ما حدث!
كلمته التي كانت كنقطة أحدثت تغييرًا شاملاً في محتوى كلمات حياتها بأكملها..!
بحبك، بحبك، بحبك
كلما أخترقت تلك الكلمة أذنيها شعرت رغمًا عنها بغزيرتها الأنثوية تنفض أتربة الكتمان عنها، حتى صارت ملتعمة بلهبًا منغمسًا بالطفو الساكن كالبركان مؤقتًا...!

نهضت بهدوء متوجهة نحو الأسفل تدلف المطبخ لتعد لها كوبًا ساخنًا من القهوة لتعيد ترتيب ما هُدم من أفكارها المشعثة...
بعد قليل تفاجئت بمن يمسك يدها ليسحبها معه بالقوة، شهقت بعنف متوتر من فعلته:
-أنت بتعمل أية يا عز! أوعى سيبني
أدخلها الي الغرفة التي يتمرن بها ثم أغلق الباب خلفه يضمن ألا تدلف واحدة من الخدم وقد تأكد أن حسن غادر ليباشر عمله بالشركة...
أمسك ذراعيها وهو يهزها بعنف مزمجرًا:.

-إنتِ اللي عملتي كدة، اوعي تكوني مفكراني اهبل ومصدق اني قولت التخاريف دي وانا في كامل قوايا العقلية!
كانت تحدق به مذهولة، منذ قليل كانت عيناه غيمة متحجرة من عشقٍ مكبوت، والان أصبحت مجرد -تخاريف-!
لتجده يكمل بحدة أكثر:
-أنتِ أكيد حطتيلي حاجة في أكلي او شربي عشان اخطرف بأي حاجة، لكن أنا استحالة اقول الجنان دا وانا واعي
واخيرًا إستطاعت لملمة شتات نفسها، لتدفعه بقوة واهية وهي تردد:.

-لا أنت مجنون، وانا هعمل كدة لية اصلاً اذا كنت انا بكرهك؟! أنا معملتش كدة ومستحيل اعملها اصلاً
قبض على فكها بقوة وهو يخبرها:
-اسمعيني كويس، أنا مكنتش في وعيي وانا بخرف كدة، واستحالة افكر في، في مرات جدي يا مدام!
تركها تلهث بعنف، ليتقدم من الجسم الموضوع أمامه، ثم بدأ يضرب فيه بعنف، رغمًا عنه فاحت عيناه قدحًا مميتًا ينمو بين مجحريه...!

بينما دقيقة وركضت هي للخارج ليسقط هو على الارض صارخًا بوجع مزق روابط قيد التكوين بعد:
-اااااااااااه، يااااااارب!

بعد مرور أسبوعان...
كانت كلارا في الملهى الليلي...
وتقريبًا إنطبقت عليها جملة ورجعت ريما ل عادتها القديمة !
تجاهل فهد لها قد جعلها تدرك أن ما كانت تسعى له مستحيل، مستحيل يرتكز خلف ضفتي نهر سيكتم أنفاسها ابديًا إن حاولت تخطيه...!
وما إن رأوها صديقات السوء ركضن عليها يهتفن في تهليل:
-كلارا! أخيرًا رجعتي، Really أنا مش مصدقة نفسي
ابتسمت كلارا مجاملةً وهي تخبرها:.

-رجعت يا ليان، ومش هابعد عن حياتي القديمة تاني خلاص!
اومأت ليان فرحة ثم انطلقت من امامها، بينما مالت كلارا برأسها نحو النادل تهتف بهدوء:
-عايزة المشروب بتاعي يا مدحت بسرعة please!
ثم بدأت تحك رأسها بتوتر، توتر أختلقته أفكارها المشعثة عن رد فعل فهد عندما يعلم!
وجدت يد تربت على كتفها بهدوء مرددة:
-مالك في أية! أنتِ جاية تهدي ولا تتوتري اكتر؟
نظرت كلارا بشرود للحظة ثم سألتها مستفهمة:
-أنتِ مين؟!

ابتسمت تمارا وهي تجيبها بخفوت:
-أنا تمارا
بادلتها كلارا البسمة مرددة:
-وانا كلارا
ابتسم كلاً منهما ثم بدأوا يتحدثن في شتى الامور وكلاً منهما تتناول مشروبها إلى أن تبادلا أرقام هواتفهم...

مرت حوالي ساعتان وحل الليل، لتفاجئ كلارا بمن يقبض على ذراعها هاتفًا بنبرة سكرة:
-ماتيجي نرقص يا كلارا؟
هزت رأسها نفيًا وبأعين زائغة اجابت:
-لا، أنا آآ
ولكن وجدته يحيط خصرها بيداه، وعيناه تموج رغبةً بها..!
نظرة مقززة لو رأتها وهي بكامل قواها العقلية لتفجرت خلاياها غضبًا...!
وفجأة وجدت الرجل يبتعد عنها صارخًا من الألم، لتنظر فتجد فهد قد لكمه بعنف!

لم يعطيها فرصة اذ سحبها بقوة من يدها ليغادر مسرعًا دون أن يأبه بتمارا التي ظلت تنادي كلارا.

نصف ساعة تقريبًا وكانوا قد وصلا منزلهم..
ظل فهد صامت يحاول إنتشال نفسه من بين براثن غضبه قبل أن يهتك تلك التي امامه!
وما إن دلفا حتى سحبها من يدها للمرحاض ليضعها اسفل الدش ثم فتح المياه لتتساقط على كلاهما بغزارة!
شهقت كلارا عدة مرات وهي تدفعه دون وعي:
-اوعى يا فهد، سبني بقا ملكش دعوة بيا
ولكنه شدد يداه حولها وهو يردف بغيظ وغضب متناثران حول حروفه:
-فووووقي بقا فووووقي كفاية!

وفجأة احتضنته وهي تشهق باكية، ظلت متشبثة بلياقة قميصه ودموعها تهبط مختلطة بتلك المياه ثم بدأت تهمس بصوت مبحوح:
-سبني أنت السبب، أنا بكررهك يا فهد
ثم عادت تبكي بصوت عالي متابعة:
-بس مش عايزة أبعد عنك...!
احتضنها هو بحنان وكأنه يخبأها داخل أحضانه، قلبه يرتعش تأثرًا بها وسط أحضانه هكذا!
ولكن قبضة متينة كادت تخنقه ذكرته بالواقع الذي أمات نظرة عيناه الراغبة والمشتاقة لها دومًا...

مد يده يتحسس وجهها بهدوء حاني حتى وصلت يداه لشفتاها فارتعشت بتوتر، لم يستطع كبت رغبته بها فاقترب ببطئ حتى لامست شفتاه شفتاها الوردية الصغيرة، اُنعش ذلك القلب، وتخدرت مسام العقل، وبقي الجسد جندي مزموم وسط حرب القلوب!

مد يداه تلقائيًا يحيط خصرها بتملك، بينما شفتاه تلتهم شفتاها بجوع، تجرأت يداه قليلاً فأزاح عنها التيشرت ببطئ، كالأعمى الذي يسمع صوت الطبول، ولكنه لا يدري أهي طبول حرب ام طرب عشقًا جارف؟!
ابتعدا قليلاً يلتقطا أنفاسهم اللاهثة، يدوي صوت أنفاسهم فقط كسلسال لأشتياق يتنكر متلبسًا لهفتهم في القرب، إلى أن قالت كلارا بهمس يكاد يسمع:
-أنا عايزاك بجد، وعايزة أعيش حياة طبيعية معاك، أنت لية بتبعد عني؟!

إنتفض كالملسوع يبتعد عنها ناهضًا، وكأن جملتها رنينًا أيقظه من حلم قصير!
ثم بدأ يصرخ بعصبية نافذة وهو يمسح خصلاته السوداء بقوة:
-مينفعش، مش اما ابقى انا طبيعي، مينفعش يا كلارا مينفعش
صرخت هي الاخرى منفعلة تسأله:
-مينفعش لية لييييية يا فهد!؟
-عشان انا مريض، مريييض بالإيدز يا كلارا!
صرخ بها بنفاذ صبر غير مدركًا ما فجره للتو متناسيًا عاقبته الوخيمة...!

كانت الخادمات في منزل حسن يرصن الأطباق على السفره بهدوء..
بينما هبط عز لتوه من غرفته للغداء، جلس على الكرسي ليشرع في تناول طعامه دون ان ينتظر حسن او تمارا كالعادة..
هو طيلة الاسبوعان لم يتعامل معهم اساسًا، هو بالأسم يعيش معهم ولكن لم يختلط بأيًا منهم إطلاقًا...
تقدمت منه تمارا دون كلمة، نظر عز للخادمة يسألها وهو يمضغ الطعام مستمتعًا بمذاقه:
-مين اللي عمل الاكل دا يا داده؟
اجابت الخادمة بابتسامة:.

-دي الست تمارا اللي عملته بنفسها عشان حسن بيه
توقف فجأةً، ومن دون مقدمات كان ينهض ليسحب -المفرش- الموضوع عليه الطعام ويلقيه على الأرض بقوة!
شهقت الخادمة بفزع بينما ظل عز يزمجر في تمارا بحدة:
-أية الاكل دا؟! دا عك مش أكل، لما انتِ انسانة فاشلة حتى في دا بتعملي لية! ولا عايزة تثبتي وجودك وخلاص
ثم نظر للخادمة ليكمل صراخه بها:
-وأنتم اية شغلانتكم لما البت دي نيلت اللي نيلته!
حاولت الخادمة الرد بتوتر مرتعد:.

-احنا آآ اس اسفين يا عز بيه
بينما كانت تمارا تقف ثابتة تنتظره أن يفرغ شحنات غضبه كاملة، وكأنه يصارع وحوشًا داخله!
بينما زفر عز أنفاسه بقوة ليستدير ويغادر دون كلمة اخرى...
هبط حسن لتوه يتسائل بجدية:
-في أية؟! أية اللي حصل دا!
اجابت الخادمة بصوت خافت:
-عز بيه اتضايق عشان الاكل ماعجبوش
ثم انصرفت مسرعة، لتصرخ تمارا ساخرة:
-عز اتجنن خلاااص مابقاش شايف نفسه
تنهد حسن بهدوء، وبحكم خبرته العميقة ب عز كان يستطرد:.

-هو عز كدة، لما بيكون عصبي ممكن يعمل اي حاجة، وهو دلوقتي حاسس انه لعبة بأيدينا عشان كدة اتوقعي منه اي حاجة يا تمارا!

إتجه يوسف نحو المرحاض يغتسل، بينما كانت رودين مجرد جثة هامدة على الفراش يأخذ منها ما يريد فقط لاشباع رغبته بها ثم يتركها مُلقاه كريشة لُوثت بدماءها التي دنسها!
دقائق ونهضت هي بصمت تام، بعدما تشبثت بملابسها التي كانت مُلقاه ارضًا ككل ليلة، ثم فتحت احد الادراج في المطبخ لتخرج -سكين- حاد.

لحظة تردد مرت على عقلها خشيةً من الله، ولكن ما مرت به يوميًا جعلها كالمغيبة فوضعت السكين على -شريان يدها- وبحركة مباغتة ضغطت بقوة لتقطع شريانها في محاولة للانتحار!
وقد كان ما كان وسقطت على الأرضية بقوة تضخ دماؤوها بغزارة...!

بعد قليل خرج يوسف من المرحاض بعدما ارتدى ملابسه فلم يجدها، ساوره الشك فركض خارجًا يبحث عنها في ارجاء المنزل مناديًا:
-رودييييين، رودييييين!
وعندما إتجه نحو المطبخ توقف مذهولاً للحظة، ثم سرعان ما كان يصرخ بفزع وهو يهبط نحوها:
-رودييين، روديييين فوووقي قومي! بقولك قومي إنتِ مش هتموتي لاااااا
سارع بحملها بين ذراعيه، ولا يدري لمَ كان قلبه ينبض بالخوف من موتها!

حاول جعلها ترتدي أي شيئ يغطي جسدها سريعًا ثم هبط مسرعًا ليضعها في سيارته ليتجه بها نحو اقرب مستشفى...

وبالفعل وصل إلى احدى المستشفيات فترجل من سيارته مسرعًا ليحملها بحذر ثم ليصرخ مسرعًا في الاستقبال:
-يا ممرضة! فيييين الترولي!
تم كل شيئ سريعًا وبالفعل دلفت رودين مع الطبيب إلى غرفة الطوارئ...

ساعة مرت عليه وهو ينتظر والقلق يتآكله، هالة عميقة من الرهبة تحيط به مما قد يحدث لها!
واخيرًا خرج الطبيب ليقترب منه بهدوء متساءلاً:
-هي دي مراتك يا يوسف؟
ألجمته الكلمة وقتلت الرد على حافة لسانه..
زوجها!
هو حتى لم يخطر بباله أن تكون زوجته..
نظر للطبيب مرددًا بصوت أجش:
-ايوة يا دكتور مصطفى، طمني هي كويسة؟
تنهد الطبيب بقوة قبل أن يخبره:.

-طبعًا دي محاولة انتحار واضحة، أحنا وقفنا النزيف ونقلنا لها دم، بس في حاجتين تاني
نظر له يوسف باهتمام:
-ها؟
فأكمل بجدية:
-المدام شبه متعرضة لأغتصاب! و...
سأله يوسف بتوتر:
-وأية يا دكتور؟!
-وهي حامل، كويس اننا مافقدناش الطفل ولحقناه، عشان كدة اديتها حقنة تثبيت ولازم تقعد في السرير، والا احنا ممكن نخسره لو عملت مجهود
قالها الطبيب ثم تنحنح متابعًا بهدوء:.

-وعشان انا عارفك كويس يا يوسف وما أحبش ادخلك في مشاكل وبعتبرك زي اخويا الصغير، احنا مش هنعمل محضر، واهتم بالبنت شوية بقا
رد يوسف بامتنان:
-انا جيت لحضرتك عشان كدة يا دكتور مصطفى
ربت الطبيب على كتفه بهدوء ليغادر...
بينما كان يوسف في عالم اخر، ما كنت تعتقده نقطة للنهاية إتضح أنه تكملة لبداية جديدة!
هو لم يكن عنيفًا معها بذلك الشكل، ولكن مقاومتها هي التي ادت الي -شبه الاغتصاب- ذاك!؟
وهي، حامل!

ظل يمسح على شعره عدة مرات، ومطارق حديدية تكاد تميته يشعر بها تقاتله...!
ماذا سيفعل؟!
وكيف ستتقبل هي ذلك اساسًا...!
دلف إلى الغرفة التي تقطن بها بهدوء ليجدها متسطحة عيناها زائغة تحدق في اللاشيئ...
اقترب منها بهدوء ليجدها تصرخ فيه بحدة هيستيرية:
-اطلع بررررره مش طايقة اشوف خلقتك برررررره!
وضع يداه على شفتاها لتصمت ثم زمجر فيها بحدة:.

-هششش اسكتي، لازم تعرفي انك حامل، وهانكتب الكتاب اول ما تخرجي من هنا عشان نعرف ننزل الزفت الجنين اللي ف بطنك!

ليلاً، دلف عز إلى المنزل ممسكًا بيد تولين زميلته في العمل والتي عبرت له سابقًا الاف المرات عن إعجابها ورغبتها به!
واليوم هو قرر قرارًا قد اتخذ وضع التنفيذ في حيز حياته...
قرر الارتباط بها، وهو ليس بخائن ليقترب من تمارا وقد ارتبط ب تولين!
اتجه بها الي غرفته ليتحدثا قليلاً، وما إن صعدا السلم حتى سمعوا صوت تمارا تدلف الي المنزل وتغلق الباب خلفها باكية بعنف!
وما إن رأتهم حتى نادت بأسمه بصوت مبحوح:.

-عز
كاد يستدير ليذهب لها، ولكن يد تولين التي قد علمت كل شيئ قبضت على يده بهدوء وكأنها تذكره بحدة الوعود التي وضعها قانونًا لحياته منذ الان...
فسار معها متجاهلاً نداء تمارا الذي كان يزيد مع بكاؤوها...
ومن دون تردد فجأة نهضت تمارا راكضة نحو لتلقي نفسها بين أحضانه بغتةً وهي تشهق مرددة بهمس يكاد يسمع:
-عز، أحميني منه يا عز، اوعى تسبني!

ومع اخر كلمة لها كانت تغمض عيناها لتفقد وعيها بين أحضانه التي استقبلتها بلهفة فزعة وهو يصرخ بأسمها:
-تمااااااااااارا!.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة