قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الأول

رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الأول

رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الأول

ليلاً، تحديدًا في الثانية عشر في منتصف الليل، هدوء مخيم، وسكون يشع ظلامًا من ثنايا الليل!
رفعت هي رأسها عن الجثة المُلقاة أرضًا تضخ الدماء منها بكثرة، لتمسك السكين لتمسح عنها الدماء بهدوء تام..
هدوء يخفي أدراجه حلكة قتل نامية!
بصقت على الجثة وأخيرًا خرج صوتها شرسًا متمهلاً في الكره:
-حيوان، دي أخرتك يا كلب!

ثم أستدارت لتغطي رأسها بالچاكيت الأسود، مخرجة هاتفها من جيبها لتتصل بالشرطة مرددة بعد ثواني:
-الووو بوليس النجدة، لو سمحت كنت عايزة أبلغ عن جريمة قتل في ...
ثم أغلقت الخط لتخرج -شريحة الهاتف- وتُكسرها لقطع صغيرة ثم تركب دراجتها موتوسيكل لتنطلق متجهة نحو مكان ما...!

في مكان مختلف تمامًا...
كان عز يضع الهاتف على أذنيه يُحادث صديقه المقرب وهو يخبره عن الجريمة الجديدة، فانفلتت أعصابه وهو يصرخ به:
-جريمة تاااااني يا كريم! هو القاتل دا مابيزهقش، دا أنا زهقت من جرايمه المتتالية!
-هنعمل أية بقا يا عز، حظك إنك لبست في القضية المعقدة دي!
-اووووف بجد تعبت، مش كفاية البلوة اللي عندي دي
ظهرت تمارا أمامه فجأة، وبجرأة تُغلف حروفها قالت بنبرة مستفزة ولكنها صلبة تمامًا:.

-ياريت تحترمني أكتر من كدة عشان أنا اللي زهقت من معاملتك، ومتنساش ان أنت في بيت جوزي، اللي هو بيتي دلوقتي!
لتجده فجأة أمسك ذراعيها بقوة مختزنة تُهدد بالأنفجار داخله، يصرخ فيها مزمجرًا:
-إتجوزتيه لية هه؟! نفسي تجاوبيني إجابة مقنعة!
كانت نظراتها ثاقبة، هادئة ولكنها مخترقة كسهم سلس ونحيف حد الخطورة...!
حاولت إبعاده قبل أن تخبره ببرود مستفز:
-وأنت مالك! أنا حبيته..
إزداد إنفعاله وحنقه وهو يكمل بجنون:.

-بتحبيه، بتحبي واحد قد أبوكِ مرتين يا منافقة، أنا عارف الشغل دا، واحد غني ومتريش، ومافاضلوش في الدنيا كتير، وإنتِ واحدة مريضة نفسية نفسها تأمن نفسها عشان ماتتحطش في مستشفي المجانين...
وكدوي الإنفجار تمامًا دفعته بكل قوتها لتهب فيه مشتعلة كجمرة حرقت نفسها إشتعالاً قبل أن تحرقك حيًا!
-أيوة أنا كدة، أنت ملكش دعوة بيا، أنت مش الواصي عليا، أنت مجرد حفيد جوزي فخليك بعيد عني احسنلك.

أنهت كلمتها بنظرة ذات مغزى، نظرة أشعرته أنه يُحادث مجرمة لوهلة!
ولكن لم يبالي وهو يضع إصبعه على شفتاها ليُسكتها، ثم بدأ يقول وحروفه تفوح تهديدًا واضحًا:
-قصدك أرملته، متنسيش إن جدي مابقاش ليه وجود دلوقتي!
أخرج وصية جده من جيب بنطاله، ليرفعها أمام ناظريها مرددًا بخبث متوعد:
-أنا يا تمارا، أنا بس اللي هتدخل في حياتك من هنا ورايح!
أمسك فكها يضغط عليه بقوة مكملاً:.

-ولولا إن أسمي ظابط وبدور على المجرم مش بسبب اجرام، كان زماني قتلتك ومحدش عرف لك طريق جره!
أغمضت عيناها قهرًا، رغم كل ما قدمه لها المرحوم حسن تظل سيئته الوحيدة أنه سيجبرها على قبول الزواج بذلك الوغد عز بعد وفاته!
وفجأة وضعت يدها على أذنيها وأصبحت تصرخ بهيسترية، ليبتعد هو محملقًا فيها، أستغلت هي الفرصة بدهاء لتركض ممسكة بتلك السكين لتقربها منه وهي تهمس بصوت أشبه لفحيح الافعى:.

-أنا مريضة زي ماقولت، يعني لو دبحتك دلوقتي محدش هيقدر يكلمني، مهو مفيش على المريض حرج ولا القانون بيحاسبه يا حضرت الظابط!
وفي اللحظة التالية أستخدم مهاراته ليرمي السكين من يدها، فدفعها نحو الحائط بقوة حتى إلتصقت به وكبل يداها الاثنان بيد واحدة، ثم قرب وجهه من وجهها كثيرًا وهو يردف:
-مشكلتك إنك ضعيفة يا تمارا، أيوة ضغيفة جدا كمان، مجرد قطة مسكينة بتحاول تظهر الشراسة بضوافرها مش اكتر.

أصبح يتحسس وجنتاها بأصابعه فبدا النفور جليًا على ملامحها البيضاء، ليهمس بعدها:
-وأنا هكون سعيد أووي وأنا بقصقص لها ضوافرها دول!
أنهى كلمته بقبلة مفاجئة لشفتاها الصغيرة يقتنص منها بعنف ما كان لغيره مسبقًا...!
ليبتعد بعد دقيقتان لاهثًا ليوليها ظهره ويغادر دون كلمة اخرى..
بينما مسحت هي أثار قبلته بتقزز زحف متلبسًا همسها وهي تستطرد متوعدة بغل:.

-غبي ووقح، وغباءك دا هيكلفك كتير أوي يا حضرت الظابط، مش بعيد يكلفك دمك!

في دار أيتام متوسطة الحال...
دلفت مديرة الدار إلي الصف الذي تقف فيه الفتيات اللاتي تجاوزن عامهن الثامن عشر، يقفن خائفات مرتجفات من شبح المستقبل الحالك!
من جحيمٍ مستعر مُشتاق لأجساد تلاطمها الزمن فيتآكلها هو...!
نظرت ل رودين التي كانت تقف بحال لا يختلف كثيرًا عن الموتى، متبلدة الجسد في إنتظار عناق سوط العذاب لها...
لتشير لها المديرة مرددة في حدة:.

-افردي وشك يا رودين! أحنا مش ناقصين كلمة كدة ولا كدة، ولا عايزة يوسف بيه يطفش من غير ما يختار ولا واحدة منكم زي المرة اللي فاتت!
تقوس فاهها بشبح ابتسامة ساخرة قبل أن تخبرها بجدية مزيفة:
-لا طبعاً، اديني هبتسم واقول نُكت كمان، دا أنا هزغرط وارقع بالصوت وانا بقول يا نااااااس أحنا هنشتغل فتايات ليل! من بنات ايتام بريئة ل...

قاطعتها صفعة مدوية من مديرة الدار سقطت على وجنتها الخمرية ليشهق الباقي بخوف حقيقي..
فيما قالت هي بصوت عالي تضمن أن يخترق اذان جميعهن:
-أخرسي، الدار اللي مش عاجبك دا هو اللي آواكي سنين من وأنتِ لسة متفهميش الدنيا لحد دلوقتي، وبعد كدة تسمعي اللي هيتقالك وتنفذيه بالحرف الواحد يا رودين والا إنتِ عارفه اللي هيحصلك سامعة ولا لا؟!
وهل تنسى من الأساس!

هل تنسى لوحة العذاب بلون الدماء التي رُسمت على جسدها ببشاعة عندما تعترض او تحاول الهرب..!
قاطع شجارهن صوت العاملة وهي تخبرهن بلهفة تحذيرية:
-يوسف بيه وصل يا ست إنتصار
اومأت المدعوة إنتصار بسرعة ليقفوا جميعهم بهدوء منتظرين ذلك الشاب في اوائل الثلاثينات الذي دلف بشموخ ينقل ناظريه بين هذه وتلك..
حتى سقطت عيناه عليها، على التحدى المُرصع بلهيب إحمرار عينيها، وكما حدثها شعورها، لم ينطق سوى ب:
-هاخد دي!

سقط قلبها بين يديه كما يقولون، سقط صارخًا بجنون ملتهب
لم أنا! لمَ أنا تحديدًا، لمَ تنوي قتل من كان يُتيم بك عشقًا في الظلام!

وبالفعل تم كل شيئ سريعاً..
جمعوا جميع أغراضها لتغادر مع يوسف
يوسف الشاب الذي يعمل معهم، ولكن اذا اعجبته فتاةً ما يدفع لهم مالاً ويأخذها ليلة او ربما عدة ليالٍ...
وصل يوسف بها إلى منزله الخاص، كان صامت تمامًا كعادته ككتاب مُغلق!
أمسك بحقيبتها ليسحبها خلفه هامسًا بصوت آمر:
-إنزلي، أنتِ هتفضلي متجمدة مكانك كدة كتير!

إنتبهت لنفسها فسارت ببطئ تود لو استطاعت الهرب، ولكنه كان ممسكًا بيدها بقوة وكأنه على علم بما يدور برأسها..!
وما إن شعرت به يغلق باب الشقة خلفهم صارت تعود للخلف وهي تهز رأسها نافية بصوت مبحوح:
-أنتوا بتعملوا فينا كدة لية؟! أحنا أية ذنبنا إننا لاقينا نفسنا في دار ايتام ابن ستين كلب! عشان نتباع بالرخيص كدة؟

لم يرد عليها وإنما كانت عيناه تدور على جميع أنحاء جسدها حتى وصل لعيناها التي تشع حقدًا لامعًا بشراسة..
فاقترب منها ببطئ حتى أصبح على بُعد خطوة واحدة منها ليهمس لها:
-وأنا مش ذنبي كل دا، أنا دفعت فلوس فيكِ عشان أروق مزاجي مش عشان أعكننه، وبعدين هاوديكِ لشغلك الجديد وابقي قوليلهم البوقين دول!
ولكي تُلهيه عما ينويه قليلاً وجدت نفسها تسأله وصوتها بالكاد يسمع:.

-لو أنت مكنتش أختارت واحدة فينا كان هيحصل فينا أية؟
تأفف عدة مرات بنفاذ صبر، وحتى ينهي ذلك الحوار الذي إنحدر متدليًا نحو السكون أجابها:
-مش شغلك، أنتِ هنا لحاجة معينة وبس...!
صارت تصرخ فيه بهيسترية عالية:
-ليييية كل دا ليييية، ملعون أبو الشهوة اللي تشتري وتبيع في البشر!
وفجأة شعرت بصفعته على وجهها جعلتها تبتلع باقي حروفها، دنى منها قليلاً فبدا لها أنه شخصًا اخر غير ذاك الذي عشقته بصمت!

ليقول بنبرة تشبه فحيح الافعى:
-الظاهر اني سبتك تتجاوزي حدودك، أنتِ تخرسي وتعملي اللي اقولك عليه بس
أصبحت تهز رأسها نافية بضعف حاولت إخفاؤوه وهي تسأله ببرود مستفز:
-ولو مخرستش هتعمل أية يا أستاذ يوسف؟!
-هعمل كدة
قالها وبحركة مباغتة أزاح طرحتها عن رأسها لتظهر خصلات شعرها البنية مسترسلة تعلن التمرد كصاحبتها...

وقبل أن تبدي أي رد فعل كانت يده الأسرع لتبدأ في تمزيق سترتها العلوية ومن ثم باقي ملابسها بعشوائية..
حاولت الدفاع عن نفسها، عن كنزها الذي كانت تخبئه له!
ولكن في الحلال، تحت ظلال الحب الذي حُرمت منه كثمرة مفقودة..!
سقطت على الأرض وهي تشهق بعنف بينما هو فوقها يكبل يداها بقوة، فلم تشعر بنفسها سوى وهي ترجوه بضعف:
-لا يا يوسف، ارجوك لا، بلاش بالطريقة دي بالله عليك!

تجمد مكانه للحظة من نطقها لأسمه دون ألقاب هكذا ولأول مرة!
ومن تلك النبرة الغريبة التي تتحدث بها، نبرة حملت رنينًا خفيًا عن عالمه الطبيعي الأسود...
ولكنه لم يأبه كثيراً وهو يقترب من أذنيها مردفًا بخبث قاسي:
-عارفة أنا اختارتك أنتِ بالذات لية؟! شوفت في عنيكي نظرة التمرد والشراسة اللي أنا بقالي كتير مشوفتهاش في أي بنت..

وكُتمت حروفها كما كُتم أنين روحها عند هبط بشفتاه لرقبتها يُقبلها بشراسة وعنف وقد بدأ يتحسس انحاء جسدها في محاولة للسيطرة عليها..!
واسفًا، بدأت قواها تخور من كثرة المقاومة...

كانت تجلس على الأريكة في منزلها الجديد، تتنهد كل دقيقة وهي تنظر في ساعة الحائط...
الوقت يمر، والدقائق تفوت، ولكن عقرب حياتها لا يتقدم!
ساكن هو كجسد وسط الاتربة، ولكنها اليوم ستتخذ خطوة ايجابية مؤكدة حين يأتي ذلك المدعو زوجها فهد
ورغمًا عنها شردت في الماضي...

فلاش باك###
في ملهى ليلي...
كانت تتمايل بجسدها يمينًا ويسارًا على الأرضية الزجاجية، يعلو صوت الغناء الإنكليزي بجنون!
وهي تدندن بصوت عالي وكأنها تُناجي الكبت الذي يُكبل إشتعالها..
ومن حولها شباب وفتيات لا يختلف حالهم عنها كثيرًا، بل أسوء منها!
وبين ذلك وذاك، يجلس هو يراقبها بصمت، ولكن صمت مٌلأت أجنحته بمرارة السكوت المخزي!
يشعر بالتقزز عندما يراها بهذا المنظر..

لم يشعر بنفسه سوى وهو ينهض بخطى شبه راكضة ليجذبها من ذراعها فجأة بقوة حتى أنها كادت تقع أكثر من مرة ولكنه لم يأبه لصراخها..
حتى خرجوا فتركها وهو يتساءل مستنكرًا:
-مش كفاية كدة النهاردة يا كلارا؟!
رفعت حاجبها الأيسر مندهشة من جملته التي تتعدى خط الخصوصية بين طيات حياتها المخزية!
لتهتف بصوت ساخر:
-أنت مين اصلاً عشان تقولي كفاية ولا مش كفاية، فهد أنت مجرد السواق بتاعي مش الBoy friend على فكرة!

اومأ موافقًا بأنفعال وقد بدأت درجات صوته تتخطى المعتاد:
-ايوة وعشان كدة انا ماقبلش علي نفسي ان حد يقول اني بشتغل مع واحدة كل حياتها حرام في حرام..
تأففت بصوت عالٍ، تسرب لها الملل علنًا من طرب الكلمات الذي لا يسد أذنيها عن لهوها وسط هؤلاء الاوغاد...!
نظرت له بجدية لترد بهدوء حاد بعض الشيئ:
-فهد دي حياتي انا، ولو مش راضي عنها للدرجة ممكن تسيب الشغل خالص وانا هشوف سواق تاني.

كان ينظر لها بجمود، وبداخله لعنة تصدح الاف المرات لذلك الفقر!
ذلك الوحش الكاسر الذي قضى على جذور كرامته امام تلك...
صدح صوت هاتفها فأخرجته ببطئ من جيب سترتها، لتجيب بصوت هادئ:
-الووو Hi مين!
-أنا عمك خليل يا كلارا
ابتلعت ريقها بتوتر وهي تردف:
-ايوة معاك يا أنكل اتفضل؟

بينما كان فهد في عالم اخر، عالم هو فيه نقطة تمحيها حروف وتدونها حروفًا اخرى!
مرت دقائق لم ينتبه فيهم لحديث كلارا ولكنه إنتبه جيدًا وهي تناديه بخفوت:
-فهد، استني لو سمحت
نظر لها متساءلاً:
-خير اللهم اجعله خير؟
عضت على شفتاها السفلية بتردد ثم قالت بنبرة مفاجئة:
-فهد تتجوزني؟!
باك###.

افاقت من شرودها وقد تسللت أبتسامة ساخرة لثغرها الوردي، لم تكن تتخيل يومًا أن تصبح زوجة فهد!
في البداية كان الأمر بالنسبة لها -اضطراري- ولكنه الان أصبح شغف في التجربة لحياة طبيعية معه...!
نظرت لذلك القميص الذي ترتديه لتغلق عيناها بتردد، ثم ما لبث أن سمعت صوت جرس الباب يعلن وصوله فنهضت مسرعة تفتح الباب...

وما إن رآها حتى أدار وجهه للجهة الاخرى دون رد فعل ليدلف متجهًا للغرفة المخصصة له، ركضت هي خلفه تهمس برقة:
-فهد، استني
إلتفت لها بهدوء ما قبل العاصفة يسألها:
-اممم؟
وبحركة تلقائية إرتمت بين أحضانه بنعومة تستطرد بصوت ذو بحة خاصة:
-أنا مستعدة أكمل حياتي معاك يا فهد، أنا عايزة أكون مراتك بجد
صُدمت من رده الجامد:
-لا يا كلارا، متنسيش إنه جوازنا على ورق لحد ما التلات شهور يخلصوا!

تجمدت الحروف صريعة على شفتاها، وثبتت النظرة على عيناه التي كانت تدور يمينًا ويسارًا بعيدًا عنها وهو يكمل:
-أنا مش هقدر أكمل حياتي مع واحدة اعلي مني، عشان ماتجيش في يوم تعايرني او تحصل مشاكل!
قاطعته بحدة:
-بس أنت عارف اني...
صرخ فيها فجأة وهو يدفعها بعيدًا عنه:
-لا لا لا، متحطيش أي مبررات، أنا استحالة اربط نفسي بيكِ يا كلارا استحااااالة، أنتِ اخر واحدة ممكن اقضي معاها باقي حياتي.

ألقى نظرة أخيرة على القميص الذي ترتديه ليخبرها بصوت غُرز بين مسام الانثى داخلها حاملاً سموم الدنيا:
-وياريت متحاوليش تعملي حاجة أنتِ عارفة إنها عمرها ما هتحصل، ماترخصيش نفسك أكتر من كدة يا كلارا!
سقطت على الأرضية تكبح تلك الدموع التي تود الهطول بغزارة، تلك الروح التي تنزف بلا توقف...!

كان عز يتمرن في الغرفة المخصصة لذلك، يتصبب عرقًا وعيناه مشتعلة كلهيب لم يرى الانطفاء يومًا...!
كلما تذكر ذلك الذي يراقبها وهو يخبره
راحت الكبارية يا عز باشا، وبعدين خرجت بس بهدومها العادية !
كز على أسنانه بغيظ، وما إن رأها تعبر من أمامه حتى ناداها بصوت عالي وأجش:
-تمااااارا!
إبتلعت ريقها بتوتر ثم أستدارت نحوه ببطئ وبصوت مبحوح ردت:
-أيوة يا عز؟

وقف امامها يلهث بعنف وصدره يجيش بالكثير، وبنبرة تناغمت بالتوتر، مشحونة بالحدة سألها:
-أنتِ روحتي الكبارية أمبارح!
عقدت ذراعيها ببرود لترد بجدية:
-أيوة رحت، انت عارف اني مش هبطل ارقص و...
قاطعها بصفعة مدوية إنفجر اوساطها بركانه المتناثر بين جنبات روحه، لتشهق هي بعنف وسرعان ما صرخت:
-أنت مجنون! أنت بتمد أيدك عليا بصفتك مين يا حيوان، وبعدين اه انا برقص وبروح الكبارية، ملكش دعوة بيا.

أمسك فكها بكفه يضغط عليه بقوة مردفًا:
-الجو اللي كنتي بتعمليه على جدي دا مش هيخيل عليا! أنا عز مش حسن، أنا مش هصدق التمثيلية دي
حاولت دفعه عنها بقوة، لتجده يقترب منها يود إزاحة ملابسها عنه بعنف وهو يهذي:
-مش أنتِ بترقصي ادام الناس من غير كسوف، يلا وريني انا كمان!
واخيرًا استطاعت دفعه عنها بقوة، لتضع يدها على أذنيها بقوة واصبحت تصرخ بهيسترية:
-لاااا لاااا كفاية سبني، اااه، لا أنا، سيبهااااااااا!

كان مدهوشًا وهو يراقبها بصمت، وفجأة جذبها لأحضانه بقوة فاصطدمت بصدره العريض لتشهق بالبكاء...
وجملة جده الراحل ترن بأذنيه
تمارا كانت طفلة لما والدتها اتقتلت ادام عنيها يا عز !
مرت الثواني عليهم هكذا، حتى أبتعدت عنه فجأة تحدق به والصورة غير متزنة، ثم كادت تنطق:
-أنت إنسان م...
قاطعها هذه المرة بسلاحه المضاد، قبلة عميقة يسترقها منها بشوق دون أن يعطيها فرصة الابتعاد!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة