قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل السادس

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل السادس

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل السادس

وضع ليام ألكسندرا المنزعجة على السرير قبل أن يرسم ابتسامة ساحرة على شفتيه، كان قد أصر على أن يحملها بنفسه إلى جناحهما، الشيء الذي اعتبرته ألكسندرا عرضا مبالغا فيه أمام جده ومارغريت، لقد كانت تعلم جيدا أن لطف ليام معها ليس نابعا من قلبه، بل مجرد تمثيلية جديدة ليقنع جده بأن زواجهما حقيقي، شخص بارد كليام لم يكن ليقوم بشيء لطيف دون سبب...

حولت ألكسندرا عينيها عن تأمله محاولة دفعه إلى الخروج، لكنه جلس إلى جانبها مزيحا خصلة ذهبية عن جبينها قبل أن يقول:
- ألكسندرا ربما حان الوقت لنتحدث...
لم تكن في حالة نفسية تسمح لها بفتح أي حديث خصوصا ما كان ليام يريد مناقشته...
- ليس الآن، ردت ليكسي متجاهلة طلبه
لكنه كان مصرا، نهض من على السرير مقتربا من الشرفة يتأمل البحر قبل أن يقول بصوت بارد:
- بخصوص عقدنا...

أوقفته ألكسندرا بقسوة قائلة: - ليس هنالك من عقد ليام، أنت خدعتني!
- خدعتك؟! قال ليام بتهكم وهو يجيل نظراته الباردة عليها وماذا تسمين ما فعلته في المطار؟
- أنت من دفعتني لذلك ردت ألكسندرا بيأس
رفع ليام حاجبه بتهكم متأملا إياها تنهض لمواجهته وقبضتها الصغيرة مشدودة بتوتر، تأمل وجهها للحظات قبل ن يرد ساخرا:
- أحقا! أكان أنا من طلب منك الهرب والاختفاء بطفلي!

عضت ألكسندرا على شفتها غير قادرة على الاجابة، نظرته المتفحصة لها جعلتها تشعر بالمزيد من القلق...
- لا وجود للمشاعر هنا ليكسي، لقد أبرمنا عقدا وبموجبه يجب أن أحصل على وريث! وإن كنت متسامحا هذه المرة معك، صدقيني، فهي المرة الأولى والأخيرة...
صدمها رده القاسي، فتحت عينيها دون تصديق: - تكون مجنونا إذا فكرت أنني قد أنجب لك طفلا آخر! أتفهم؟!

رن هاتف ليام في تلك اللحظة تجاهله، قبل أن يقترب إلى حيث وقفت تنظر إليه بتحد.
- ستنجبينه ألكسندرا أعدك بذلك!
قال قبل أن يرفع هاتفه ويجيب بصوت واثق، كانت المحادثة باللغة الايطالية مما جعلها عاجزة عن فهم أي كلمة، خصوصا بعد أن رحل ليام وأغلق الباب بهدوء...
تنفست باحباط، وجوده إلى جانبها كان يبعث فيها التوتر، كيف لها الآن أن تقنعه بضرورة رحيلها؟ خصوصا أنه مصر على الحصول على وريثه!

في الناحية الأخرى من الفيلا. أنهى ليام المكالمة المهمة التي منعته من أن ينهي حواره مع ألكسندرا، زفر بضيق غارسا أصابعه في شعره بحركة عصبية قبل أن يسمع خطوات جده على الممر الرخامي، التفت جهة الصوت وابتسم ببرود:
- كيف حالك جدي؟ قال ليام وهو يخطو مقتربا منه
- أنا بخير أجاب العجوز وعيناه مسلطتان على حفيده كيف حال زوجتك؟
- بخير. رد ليام رافعا كتفيه بعدم اكتراث.

- ليام. ألا تظن أنك تمنح عملك أكثر بكثير مما تمنح زواجك؟ قال العجوز بصوت قوي
- جدي! قال ليام مقاطعا ألا تظن أنك تطلب مني الكثير؟!
ابتسم العجوز بمكر واضعا يده القوية على كتف حفيده وهو يسحبه نحو مكتبه: - ليس بالكثير ليام، أنت حتى لا تبدل جهدا بسيطا علق وهو يفتح باب المكتب بتأن ويشير إلى حفيده بالجلوس فأنت حتى اللحظة لم تهتم بإطلاعي على الصفقة الجديدة مع وزارة الدفاع الامريكي!

رفع ليام رأسه وارتسمت الدهشة على ملامحه...
- لكن كيف عرفت؟ سأل ليام باستغراب
- لنقل أنه لدي مصادري! رد العجوز بغموض أنت لن توافق أليس كذلك؟
- للأسف جدي، هذه قرارات تخصني أنا فقط، إذا كنت أريد أشارك في شيء مماثل فلا أرى لك دخلا بالموضوع!
- بالطبع يجب علي أن أتدخل! تطوير شيفرة مماثلة قد يجعلك هدفا لكل ارهابي مجنون على هذه الارض!

ابتسم ليام ببرود وهو يقول: - لا داعي لكل هذا القلق جدي، الموضوع في غاية السرية وأنا اتحمل كل النتائج.
ابتعد عن محيط المكتب قائلا: - والآن اعذرني فلدي موعد هام...
كاد أن يفتح الباب قبل أن يأتيه صوت جده قاسيا وهو يقول: - الموضوع ليس بتلك البساطة التي تصوره بها ليام، إنه أمر خطير!

التفت ليام وظهرت الغطرسة واضحة على ملامحه: - ربما بالنسبة لك جدي، لهذا فهو ليس له أي علاقة بالشركة، ليام أند ماكسيموس ليست جزءا من الصفقة! حرك أصابعه وكأنه يبحث عن كلمة مناسبة لنقل أنها هوايتي جديدة!
- هذا ليس كتسلق جبل أو مباراة للملاكمة قد تنتهي ببعض الكدمات! هوايتك الجديدة ستبعث بك إلى القبر! هذا أمر خطر وفي غاية الجدية!
- بالطبع أنه أمر خطير، لو لم يكن خطرا فأين المتعة في ذلك؟!

تشدق ليام قبل أن يفتح باب المكتب ويرحل تاركا العجوز يتأمل حاسوبه بصمت، فكرة أن حفيده الوحيد قد يشارك بمشروع قد يجعله مستهدفا جعلته يشعر بالقلق...
تعبت ألكسندرا من الجلوس في غرفتها، لذا قررت أخيرا أن تتجول في الفيلا وتبحث عن مير التي اشتاقت لها كثيرا، فتحت الباب وخرجت إلى الرواق ونزلت الدرج نحو غرفة المعيشة، حيث كانت مير منسجمة مع مارغريت يلعبان المونوبولي...

وقفت قليلا واتكأت على اطار الباب تتأمل ميرديث بحب، لم ترها تضحك بهذه الطريقة منذ وفاة والديهما، أحزنتها الذكرى كثيرا وجعلتها تطلق زفرة رغما عنها...
اقتربت منهما، رفعت مير رأسها قبل أن تصرخ بفرح: - ليكسي أنت هنا؟! لكن متى عدتِ؟
- عدت قبل ساعات، لكنك كنت نائمة، أجابت ألكسندرا وهي تنحني لتطبع قبلة على وجنه مير الوردية.

ابتسمت هذه الأخيرة لشقيقتها قبل أن تمسك يدها قائلة: - نحن نلعب المونوبولي. ما رأيك بالمشاركة؟
أخدت ألكسندرا كرسيا إلى جانبهما قائلة: - أرجو ألا أضايقكما...
- ماهذا الهراء! ردت مارغريت وهي تمنحها نردا بالطبع كلما زاد العدد زادت المتعة!
- إذا فأنا مرحب بي أيضا!

رفعت ألكسندرا رأسها لتصطدم بليام واقفا قرب الباب، كان قد غير ملابسه الرسمية إلى جينز غامق وكنزة خفيفة بلون رمادي، ابتسامته المغرورة لا تفارق شفتيه، لكن حتى هذا ما كان لينقص من جاذبيته الطاغية، بلعت ألكسندرا ريقها تشعر بأن حلقها جاف قبل أن تعيد النرد إلى مكانه، لكنه كان الأسرع، اقترب منها وسحب كرسيا قبل أن يجلس إلى جانبها ويهمس:
- الرحيل غير وارد بالمرة كاراميا!

أشاحت بنظرها عنه دون أن تنبس بكلمة، حركت النرد بيد مرتجفة قبل أن تلقيه على الطاولة...
وكما كان متوقعا انتهت اللعبة بفوز ليام الساحق...
- ليس عدلا! احتجت مير وهي تمط شفتيها بطفولية ليام لقد استوليت على كل عقاراتي!
ضحك ليام بمرح وهو يحملها بين ذراعيه يحركها في الهواء وكأنها لاتزن شيئا.
- سأعيد لك كل ما أخدته اميرتي، المهم أن تكوني راضية!
ضحكت مير بسعادة وهي تشعر بنفسها تطير: - يا إلهي ليام! توقف سأسقط!

أعادها ليام إلى الكرسي النقال قبل أن يدفعها خارجا قائلا: - بما أنني ربحت كل عقاراتكم فأنا سأكون كريما لأدعوكم إلى العشاء خارجا...
صفقت مير بسعادة قائلة: - لنتناول البيتزا!
مارغريت تعذرت بالتعب بينما ظلت ألكسندرا تنظر إليهما بشرود...
- هل سترافقيننا؟ سأل ليام ونظراته مثبتة عليها
كانت عيناه تلمعان ببريق ساحر جعل ألكسندرا تضطرب رغما عنها، شعرت بيد مير تمسكها قائلة برجاء:
- هيا ليكسي، لا تكوني كسولة!

ابتسمت لمير وهي تقول حسنا. دعوني أغير ملابسي أولا!
أومأ ليام برأسه قبل أن يسحب كرسي مير: - سنكون في الحديقة، أضاف دون أن يمنحها التفاتة
المطعم الذي أخدهما ليام إليه كان يعبر عن جمال كابري ببساطتها وطبيعتها الخلابة، فتحت مير فمها بدهشة وهي تتأمل أشجار الليمون التي تحيط بالمكان، كان المطعم حرفيا وسط بستان مما أعطاه طابعا فريدا...

استنشقت ألكسندرا الرائحة المنعشة لأزهار الليمون بينما يحركها النسيم ببطء...
فيما سحبهما ليام نحو طاولة تطل على المحيط، ابتسمت ألكسندرا رغما عنها، فالمنظر كان بديعا خصوصا وأن مير كانت سعيدة جدا وهذا بحد ذاته جعلها تشعر بالقليل بالامتنان لهذا الرجل البارد رغم عنها...

طوال الأمسية كان ليام رائعا، أشركها في العديد من ذكرياته عن الجامعة، دراسته ببوسطن وحتى عن حبه لرياضة الكي وان وأنه كان ملاكما في الجامعة...
تناولا العشاء على أنغام الكمان الحالم، لتسرح الكسندرا بعيدا بأفكارها خصوصا وأن أمواج البحر كانت تضفي على الليلة سحرا اضافيا، تنهدت بأسى حين أشار ليام إلى ضرورة المغادرة، تمنت لو أن الأمسية لم تنتهي بسرعة...

ربت ليام على شعر مير الحريري التي كانت قد غفت على الطاولة، حملها برفق بينما تكلف النادل بسحب كرسيها إلى السيارة، تحسرت ألكسندرا وهي تتأمل الطريقة التي يضع بها شقيقتها النائمة على المقعد الخلفي، فكرَّت أنَّه سيكون أبا رائعا...
قبل أن تمسح الفكرة برعب وهي تلوم نفسها، مستحيل أن تمنحه طفلا تحت أي ظرف! كيف لها أن تفكر في اعطاء طفل لإنسان متحجر المشاعر هدد بحرمانها من قطعة منها؟!

أيقظها من أفكارها القاتمة صوته الواثق وهو يفتح باب السيارة الأمامي...
- ليكسي هل أنت بخير؟ سأل ليام وهو يدفعها إلى الداخل بحنان
- أنا بخير. ردت ألكسندرا بصوت مضطرب
كانت مشاعرها متأرجحة وعلى وشك البكاء، كيف لها أن تحب انسانا بغيضا وبارد المشاعر، لكن للحقيقة كان ليام بوسامته الطاغية وشخصيته المسيطرة قادرا على اغواء الراهبات الدير...

تنهدت وهي تنظر إلى الطريق المتعرج تحاول الحد من أفكارها الجامحة. بينما ظل ليام مركزا على القيادة...
بعد أن وضعا ميرديث النائمة في سريرها، عادت ألكسندرا إلى غرفتها تنشد النوم، حمدت الله كثيرا حين قرر ليام النزول إلى المكتب للعمل، لم تكن تستطيع مواجهته بعد هذه الليلة، تحديدا بسبب لطفه الكبير نحو مير وعفويته اتجاهها والتي جعلتها تشعر بالضعف يهدد الحدود التي رسمتها والتي بدت وكاأها تتلاشى بسرعة...

أخدت أول قميص نوم وقعت عليه يداها قبل تدلف إلى الحمام، لتنزلق تحت رشاش المياه وتستسلم لأفكارها حول ليام والمستقبل الذي لم يكن يعدها بالكثير...
في غرفة المكتب،
ظل ليام منكبا على حاسوبه لوقت طويل، الشيفرة التي كان يعمل عليها لم تكن سهلة خصوصا وأنه لم يعد يقوم بمثل هذه البرمجيات منذ أن كان بالجامعة، يشعر وكأن مهارته أصبحت صدئة فجأة فكر وابتسامة ساخرة على شفتيه...

لكن هذا بحد ذاته كان تحديا مغريا بالنسبة له، تكوين شيفرة من المستحيل على أي كان حلها، هل سيتمكن فعلا من ذلك؟
فكر وهو يغلق حاسوبه ويحرك ذراعيه المتيبستين ويقرر الذهاب للنوم أخيرا...
في الصباح،
استيقظت ألكسندرا على ضوء أشعة الشمس المتسللة من النوافذ المفتوحة وكالعادة لم يكن موجودا إلى جانبها، أزاحت عنها الغطاء الحريري ودلفت إلى الحمام...

استغرقت وقتا طويلا محاولة تمالك نفسها، تشعر بأنها مهددة، مشاعرها متضاربة. لامت هرموناتها بشدة على الخيالات الآثمة والتي تغزو عقلها دون رحمة، كان ليام يسيطر على كل تفكيرها وهذا أرعبها، عادت ولعنت نفسها مجددا وهي ترى أنها وضعت الشامبو للمرة الثانية دون أن تنتبه، ألا يكفي اأها تشعر بحالة مزرية، والآن ستحصل على شعر متقصف بسببه فكرت بيأس...

فجأة شعرت ألكسندرا أنها لم تعد وحيدة، غسلت الصابون من على عينيها بيد مرتشعة، لتجفل بخوف وهي ترى انعكاس ليام في المرآة...
- ما الذي تفعله هنا بحق الجحيم! صرخت الكسندرا محاولة تغطية جسدها العاري من نظراته المتفحصة
لمعت عيناه ببريق مغر قائلا: - انتظرتك لوقت طويل كاريزما لذلك، فكرت أن آتي لأطمئن عليك، لربما سقطت ودققت عنقك أضاف بسخرية لاذعة والآن أسرعي لدي ما أطلعك عليه...

حين عادت إلى الغرفة ملتفة بروب الحمام، فهي لم تكن لتجازف بالوقوف أمامه بمنشفتها الصغيرة مما اضطرها إلى استعمال ردائه والذي جعل رائحته تلفها...
تأملها ليام بنظرات متسلية.
- لكن ما الذي تفعله هنا بحق الجحيم! صرخت الكسندرا من الاحباط؟

لم يجب ليام سريعا، بل خطى نحو الأريكة الجلدية وجلس باسترخاء، كان بكامل أناقته في بدلة زرقاء مائلة إلى السواد وربطة عنق حريرية مطابقة، بكل بساطة كان مثاليا، أغرقت رائحة عطره الثمين أنفها وجعلتها ترتعش رغما عنها مشاعر كثيرة تتأجج بداخلها بينما هو يجلس هادئا يتأملها وكأنه له مطلق الحرية في ذلك...
- هل لك أن تخبرني ما الذي تفعله هنا الآن؟!

- هوني عليك ليكسي! لقد رأيتك عارية وفي مناسبات عدة فلا داعي لتمثيل دور البراءة أمامي فهذا لا يليق بك! والآن هل سترتدين ملابسك في أي وقت قريب! علق ليام وهو ينظر إلى ارتعاشها الطفيف
انتبهت الكسندرا إلى مظهرها الرث وشعرها المبلل قبل أن تتركه وتدلف غرفة تغيير الملابس بسخط.

حين عادت كان ليام مستغرقا في مشاهدة معاملات للبورصا على هاتفه، ليرفع رأسه حين شعر بوجودها والتقت عيناه الساخرتان بالغضب المتاجج في عينيها، وككل مرة تعامل مع غضبها وكأنه لا يعنيه. ودون مقدمات قال:
- لقد أتيت لأخبرك أننا سنسافر هذا المساء!
فتحت ألكسندرا عينيها غير مصدقة: - ووجدت أن الطريقة المناسبة لاخباري هي أن تقتحم حمامي لاطلاعي على ذلك!

نهض ليام من على الاريكة واقترب منها برشاقة فهد بري، قبل أن يضع يده على عنقها برقة مصطنعة، حرك أصبعه على طول العرق النابض في رقبتها...
- الرحلة كانت فكرتك، أنت من قررت التسلل إلى جنيف والتحدث مع أطباء عن حالة مير دون اخباري. فكرت أنه الوقت المناسب لكي نبدأ طريق علاجها أضاف ليام بصوت قاسي على الأقل هي لا تستحق أن تحرم من العلاج بسبب أنانيتك وغباءك واومضت عيناه ببريق غامض.

- أوه كيف تجرؤ! صرخت الكسندرا وهي ترفع يدها محاولة صفعه
كان قريبا منها بشكل خطر. أمسك يدها بخفة وهو يشير بأصبعه نحو وجهها بينما خرجت الكلمات من بين أسنانه بتهديد مظلم:
- مرة واحدة فقط كاريزما! لا أحد يغامر بصفعي مرتين!

ضغط على يدها حتى شعرت أنها قد تتهشم في قبضته، لكنها رفضت أن تظهر بمظهر ضعيف، ظلت تحدق في عينيه بتصميم، تحول الغضب الكاسح في وجه ليام إلى التسلية كانت ألكسندرا تتحداه مرة أخرى وهذا كان أكثر اثارة بالنسبة إليه من خضوعها له...
التوت شفتاه بابتسامة ساخرة وهو يزيد من ضغط قبضته على أناملها الرقيقة إلى أن شهقت أخيرا من الألم.

- أرأيت؟! قال ليام وهو ينظر إليها بتحد أنا قادر على كسرك بهذه السهولة ليكسي! لا تقاتليني إلا إذا كنت قادرة على تحمل النتائج والذي من الواضح أنك غير قادرة على تحملها!
شعرت ألكسندرا بالضعف والألم يسيطران عليها...
- هل أنت دائما تحب أن تركل الناس حين يكونون في القعر؟! سألت ألكسندرا وعينيها تتلألأن بالدموع.

ضربت كلماتها والتي خرجت ضعيفة وترا حساسا بداخل ليام، تأمل عينيها الدامعتين للحظة قبل أن ينفض يدها ويخرج صافقا الباب بقوة...
قبضته الفولادية تركت علامات حمراء على بشرتها الرقيقة، كيف لهذا الشخص أن يتحول بهذه السرعة من شخص محبب ورائع إلى شيطان سادي فكرت ألكسندرا وهي تمسد يدها المحتقنة بألم.
- اللعنة عليك أيها الحقير!
شتمت بصوت مسموع، لكنه كان قد رحل بالفعل...
في غرفة المكتب،.

جلس ليام واضعا ذراعه القوية على جبينه، كان قد تخلص من سترته وربطة عنقه، فمشاعره المتضاربة كانت تضغط على صدره وتجعله يشعر بالاختناق...
- ألكسندرا.
زفر ليام، وهو يعود إلى التحديق في حاسوبه، كانت الأرقام تتحرك أمام عينيه، لكنه غير قادر على التركيز، كانت الساحرة الشقراء تغزو عقله بطريقة خطرة للغاية...

أمس كان الانسجام بينهما واضحا، مسلية وطريفة رغم ابتعادها عن الحديث عن الماضي، لكنه ولأول مرة كان مستمتعا بالحديث معها ودون أي تحفظ، في العادة، لم يكن العشاء بالنسبة لليام سوى مقدمة لوضع نسائه في السرير، لكن أمس، كل ماكان يرغب به هو البقاء إلى جانبها والاستمتاع بتأملها أن يأخدها بين ذراعيه ويجعلها تشعر بالأمان.
نفض عنه الأفكار الغريبة التي بدأت تسيطر عليه...

ألكسندرا مايلز ليست سوى انتهازية حقيرة سخرت منه بكل وقاحة، بل حاولت سرقته والهرب بعيدا ذكر نفسه بقسوة
كان قد منحها الكثير من الحرية والرفاهية، وبالمقابل لم يرى منها سوى الجحود لكن كل هذا كان على وشك أن يتغير فهي لم تعرف للآن من هو ليام ماكسويل
في جنيف قرر أن يعيد ترتيب أوراقه، اغوائها والحصول على وريثه ومن ثم طردها بعيدا عنه وإلى الأبد...

تحت سماء جنيف الملبدة بالغيوم، حطت طائرة ليام الخاصة، كانت الرحلة طويلة خصوصا واأهما لم يتبادلا أي كلمة بعد مواجهتهما النارية...
انزوت ألكسندرا في أحد أبعد أركان الطائرة كالعادة، تاركة ميرديث تسأل ليام عن الرحلة وكأنه دليل سياحي، ابتسم للطفلة الصغيرة وهو يحدثها عن المدينة التي تعتبر ثاني أكبر مدن سويسرا، أخبرها عن المنظمات الهامة والتي تعتبر المدينة مقرا رئيسيا لها.

كانت مير مبتهجة وسعيدة وكأي طفلة في سنها كانت تتلقى المعلومات باهتمام بالغ...
- هل تتحدث الفرنسية ليام؟ سألت مير بفضول
ابتسم ليام بحنان وهو يمسد شعرها الحريري قائلا: - أنا أتحدث خمس لغات، اضافة إلى ما يكفي من لغتين لجعل نفسي مفهوما في أي حديث...
- هذا شيء رائع! كانت مريديث منبهرة بليام بشكل غير واقعي.

ألكسندرا ورغم أنها كانت بعيدة عنهما، لكنها كانت تشاهد بألم كيف أصبح ليام مثال ميرديث الأعلى، كانت الفتاة الصغيرة تتعلق به، مما كان يجعلها يائسة في ايجاد مخرج من المأزق الذي وضعت نفسها فيه بغباء...
حتى الآن لم تكن قادرة على استيعاب أنها وقعت على أوراق قانونية دون حتى النظر إليها، مع ذكاء ليام الحاد كان عليها أن تستشير محاميا، لكن بدلا عن ذلك وقعت على وثيقة تمنحه فيها طفلا!

شعرت بغصة تتكون في حلقها، ووضعت يدها على بطنها لا اراديا، كانت تفتقد الشعور بالأمومة واحساس من وخز الضمير ضربها بعنف...
حين عادت إلى الواقع، كانت يد ليام تحرك ذراعها وهو يخبرها أنهم قد وصلوا جنيف...

الأيام التي تلت وصولهم إلى الفيلا والتي كانت دليلا آخر على نيتها في الهرب والتملص من عقدهما، ليام لم يكن يفوت أي فرصة لتذكيرها بالسبب الواضح لوجودهم في جنيف، وهي خطتها في سرقته مؤكدا على نيتها الدنيئة في جعله مغفلا وحرمانه وريثه وهو ما كان ليام مصرا على تعويضه رغم رفضها الشديد، ووجدت ألكسندرا نفسها تقاوم في معركة خاسرة منذ البداية، كانت تذوب للشعور بلمساته، بيديه عليها وهو ما كان ليام يقوم به كل ليلة دون حتى الاستماع لتوسلاتها الواهية بالابتعاد...

كانت تحاول خداع نفسها بالتهرب بإلقاء الكلمات اللاذعة في وجهه لكن ليام كان مصمما على امتلاكها باصرار، وأخيرا لم تعد ألكسندرا قادرة على الانكار، لقد وقعت في حب ليام وهذه هي الحقيقة حتى لو واضبت على قول العكس...
الآن كانت فقط تصلي لكي تكون الموانع التي تأخدها فعالة، ففكرة التخلي عن طفل لليام كان ستدمرها دون رحمة...

بعد أسبوع على انتقالهم رن الهاتف أخيرا، كان المستشفى يتصل لاخبارهم بأن موعد العملية قد حدد في نهاية الأسبوع، تلوت معدة ألكسندرا بألم، لوهلة شعرت وكأن طاقتها قد استنفدت، هوت جالسة على الأريكة والهاتف في يدها...
لم تكن أول مرة ستودع شقيقتها المستشفى، فهذا كان هذا تقريبا كل ما كانت تقوم به منذ وفاة والديها...

لكن هذه المرة كان بريق الأمل في عودة مير للمشي يجعلها مضطربة وعاجزة عن التصرف، هل سينصفها القدر أخيرا؟ هل سيكون لكل تضحياتها معنى؟
أيقظها من تفكيرها صوت مير الصاخب: - ألكسندرا لن تتصوري ماذا أهداني ليام اليوم! صاحت مير بسعادة
ابتسمت ألكسندرا وهي تقترب منها قبل أن تنزل لتطبع قبلة على وجنتها الصغيرة وترفع رأسها نحوه.

التقت نظراتهما لبعض الوقت، كان وسيما بشكل مدمر وكان يعرف ذلك جيدا، ابتسم بسخرية وهو يبتعد ليجلس مقابلا لمير...
- لقد اشترى ليام دراجة من أجلي. ووعدني أنه سيسمح لي باستخدامها حال شفائي تام!
غاص قلب ألكسندرا بين ضلوعها وحبست الدموع التي كانت تحرق عينيها، مير كانت متفائلة وسعيدة بالجراحة، والآن كانت أصعب مهمة في اخبارها أن الموعد قد اقترب بالفعل...

أمسكت بيدي شقيقتها وحضنتهما بحب قائلة: - أظنك جائعة حبيبتي، سأذهب لأحضر لك شيئا لتأكليه...
كانت هذه هي الطريقة الوحيدة للهرب إلى حيث يمكنها أن تفرغ كل الألم الذي حبسته بداخلها، وتترك لدموعها الحرية في الانسياب...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة