قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الرابع عشر

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الرابع عشر

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الرابع عشر

استقرت يد ألكسندرا بصفعة قوية على وجه ليام تركته مصدوما، لثوان كان الجو مشحونا بينهما لدرجة الانفجار، ظل ينظر إليها بعينين باردتين، عرق نابض في صدغه هو ما كان يفرقه عن تمثال رخامي، ابيضت سلاميات يده بقوة وهو يندفع نحوها...

بينما تراجعت بخطوات خرقاء إلى الوراء وهي تضع يدها فوق فمها لتكبت الصرخة المدوية والتي كانت تهدد بالخروج. لم تكن الصفعة الأولى التي تنهال بها على ذلك الوجه الوسيم، لكن هذه المرة شعرت بهول ما اقترفته وهي تحدق برعب إلى ملامحه الشيطانية وهو يقترب منها بموجة عنيفة من الغضب وكأنه أفاق للتو على ما فعلته، أمسك بيدها الآثمة وسحبها نحوه بوحشية وهو يهمس في أذنها كلماته التي جمدتها من الرعب:.

- كنت سأسمح لك ببعض للتفكير في عرضي، لكن بعد ما فعلته أنت لا تستحقين أي شيء! ستقررين الآن ألكسندرا! قال وهو يضغط على الكلمات وكأنها ينفثها في وجهها لأنك إذا قررت البقاء، عليك أن تودعي ماسيموس إلى الأبد!
- لا! صرخت ألكسندرا كحيوان جريح وهي تنظر في عينيه الخاليتين من أي تعاطف حبا بالله ليام! لن أستطيع العيش من دون ابني! توسلت بصوت واهن وقد ضاعت شجاعتها وتحول وجهها شاحبا كالأموات.

ظل يتأمل ملامحها المعذبة بقسوة قبل أن يدفعها بعيدا عنه، ليكمل تعذيبه السادي: - لن أغير موقفي ألكسندرا! انتهى وقت التفاهم إما العودة إلى بشروطي! وإما سأتركك لتتعفني هنا في السجن وحيدة!
وحيدة كانت الكلمة تتكرر في ذهنها وبدأ صداها يعلو بداخلها، إلى أن تحول إلى ضجيج، وضعت يدها على أذنيها محاولة ايقاف الصوت دون جدوى لتصرخ بعذاب:
- لا! أبدا لن أفقد ابني مستحيل!

دخل الحارس في تلك اللحظة لينظر إلى ملامح ليام القاتمة بريبة وهو يقول: - الزيارة انتهت سيدي!
أومأ ليام برأسه وقد استعاد بروده المعتاد، ظل ينظر إليها بعينين ضيقتين قبل أن يتقرب منها ليهمس بصوت جليدي أثار الرهبة بجسدها:
- الآن!
- سأعود!

ردت ألكسندرا من بين شفتيها المرتعشتين بهمس لم يسمعه سواه قبل أن يقودها الحارس إلى زنزانتها وملاذها الآمن حيث لن يستطيع ليام ماكسويل الحصول عليها حتى هذه اللحظة على الأقل...

انزوت ألكسندرا على سريرها الصغير مطوقة ركبتيها بذراعيها المرتعشتين، تشعر بأنها مهزومة ومستنفذة، انهمرت الدموع على وجنتيها الرقيقتين دون صوت، كانت قد تحملت الكثير من بطش ليام وعلى مايبدو لم يكن شيئا مقارنة بما ستراه الآن، عيناه. يا إلهي! تلك العينين كانتا ترسلان تهديدا صامتا واعدا إياها بأن تتعرف على جانبه المظلم في أقرب فرصة...
في الجهة الأخرى من المدينة،.

واقفا أمام النافذة الكبيرة لمكتبه اللندني، ظل ليام ينظر إلى الجو المكفهر بعينين أظلمتا بقسوة، لم تكن صفعتها ما أجج مشاعر الغضب بداخله، بل تلك المشاعر القوية التي انفجرت كالجحيم بينهما، قبلة واحدة عصفت بكل اتزانه، لم يكن فاقدا للسيطرة على نفسه بهذه الدرجة المهينة يوما، ألكسندرا جعلته يرتعش كمراهق غض يغازل فتاة للمرة الأولى.
اللعنة! شتم من بين أسنانه إلى أي جحيم تعيدينني ألكسندرا؟

زم ليام على شفتيه بقسوة، قبل أن يبتعد عن النافذة ويهوى على أقرب مقعد، يشد شعره بعصبية بالغة حتى كاد أن يقتلعه من جذوره، مقابلة ألكسندرا أعادت إليه ألم السبع سنوات التي قضاها كالمجنون يبحث عنها دون جدوى...
احساس مريع من الألم ضربه وهو يتذكر خروجه من المستشفى ليعلم أن حبيبته قد رحلت وإلى الأبد...
قبل سبع سنوات، المستشفى الخاص بنيويورك،.

حاول ليام النهوض من السرير قبل أن تضع مارغريت يديها بحنان لتعيده مرة أخرى.
- لا ليام! أتوسل إليك صغيري! قالت بصوت ملؤه الألم جروح صدرك لم تلتئم بعد أي حركة قد تعيدك إلى زواية الخطر مجددا!
وضع ليام يده على جبينه، تحشرج صوته من الألم وخنقته الدموع التي رفض الإذعان لها:
- أرجوك عمتي! يجب أن أنهض يجب أن أبحث عنها! إنها وحيدة وضعيفة. ألكسندرا تحتاجني!

حركت مارغريت رأسها بأسى وهي تنظر إلى معالم الألم التي كسحت ملامحه، قبل تقول بتعاطف محاولة أن تشرح له ما أخبره به والدها مرارا:
- حبيبي. ألكسندرا قد رحلت ولن تعود، وهي لن تكون سعيدة وهي تراك تعذب نفسك بهذه الطريقة!
- لا! صرخ ليام بجنون وتحولت نظراته إلى القسوة الشديدة لا تقولي هذا مرة أخرى أنا أمنعك! ألكسندرا لم تمت! لن أسمح لها بتركي مستحيل! هي لي وستظل لي! لن أسمح لها بالرحيل!

دفع يد مارغريت عن كتفه لينهض بقوة. فجأة توترت عضلات صدره وشعر بألم رهيب يعتصره، وقبل أن يشعر بفداحة ما قام به، كان يتهاوى على السرير بينما تعالت صرخات مارغريت المرتعبة تصم أذنيه...
كان الدم يلون قميص المستشفى بغزارة، وضع يده على صدره محاولا ايقاف الألم قبل أن يغمض عينيه ويغرق في دوامة من الظلام...
- سيد ليام، السيد أليساندرو دي فايو يريد مقابلتك...

رفع ليام رأسه بشرود، كان غائبا في عالمه الخاص، حتى انه لم يشعر بدخول حارسه الشخصي، أعاد قناع البرود إلى وجهه وهو ينهض ليقول:
- دعه يدخل!

اندفع أليساندرو إلى مكتب غريمه مدفوعا برغبة شديدة في كسر وجهه، لم يمر سوى ساعات على تركه لألكسندرا ليفاجئ بقرارها الغريب في العودة إلى ليام، ليس من حاجة ليكون عبقريا ليعلم أنه يهددها، نظرة واحدة إلى ألكسندرا التي تختلف تماما عن الشخصية القوية والمندفعة التي عرفها بها لسنوات ليعلم أنه السبب.

أخيرا توقف أليساندرو أمام ليام يحدجه بنظرات قاتلة: - هل وصلت بك الحقارة إلى تهديدها بابنها؟! صرخ أليساندرو وهو يحرك يده باتهام نحو ليام والذي لم يبدو عليه أي تأثر
اقترب من حيث يقف في صورة واضحة للتحدي قبل أن يقول بسخرية مغلفة بالبرود: - وأنت هنا بصفتك؟ محامي ألكسندرا؟ سأل بتهكم وطيف ابتسامة مستهزئة تلوح على شفتيه
كانت لحظة من التحدي بين ذكرين يتحاربان من أجل أنثى، لا أحد منهما أراد التراجع...

أخيرا تكلم أليساندرو بهدوء وهو يرمق ليام بنظرات حملها الكثير من المعاني: - أنا هنا بصفتي خطيب ألكسندرا. ووالد ماسيموس!
تلك الجملة التي نطقها أليساندرو ببساطة وكأنها واقع، كانت كفيلة بأن تحول نظرات ليام الساخرة إلى بركان متفجر لينقض عليه بقوة يسحقه على الجدار وهو يزأر وكأنه فقد عقله:
- تفوه بتلك التفاهات مرة أخرى وأعدك أن تخرج من هنا إلى أقرب مستشفى!

ظل أليساندرو يرمقه بنظرات باردة: - أريد أن أراك وأنت تحاول! قال وهو يدفعه عنه باستفزاز متعمد
- سأحاول!
قال ليام وظهرت نظرة مجنونة في عينيه اللتان اشتعلتا بلهيب أزرق ليسدد لأليساندرو لكمة قوية أطاحت برأسه إلى الوراء، لوهلة جمدته المفاجئة، قبل أن يعود إلى الواقع ممسكا فكه الذي تلقى الضربة العنيفة، ليدفع ليام بقوة ويسدد لوجهه لكمة انفجر الدم على اثرها من فمه ليغطي قبضة أليساندرو القوية...

رفع ليام رأسه وظهرت ابتسامة مجنونة على زواية فمه. مسح الدم الذي كان ينزل غزيرا يلون قميصه، ليقفز مرة أخرى على أليساندرو ويسدد له لكمة قوية كادت تكسر أنفه ليشتبكا بعدها كثورين هائجين، لا أحد منهما أراد التراجع. وتحول الشجار إلى قتال حقيقي، أسقط ليام أليساندرو على الأرض محاولا تتبيثه دون جدوى. فأليساندرو لم يكن أقل من غريمه قوة وهذا ما جعل ليام يصبح أشد غضبا وجنونا...

أخيرا تمكن الحراس بجهد خارق من ابعاد رب عملهم وسحب أليساندرو خارجا بينما ظلت نظرات ليام المظلمة والمتحفزة تتوعدان بحرب لن تنتهي قريبا!
ذلك المساء في محبسها تلقت ألكسندرا خبرا صادما، عيناها تسمرتا على المحقق الذي يعتذر منها عن سوء الفهم الذي حصل راجيا منها قبول الاعتذار الرسمي من قسم الشرطة...

- سيدة جايمس نحن فعلا آسفون لما حصل معك! لقد اتصلت لانجلي منذ قليل. وأخبرونا أنك بالفعل موجودة على قوائم حماية الشهود لديهم!
- ماذا؟! قالت ألكسندرا بذهول وهي تنظر إلى مخاطبها بعدم تصديق ما الذي يعنيه كل هذا؟
- هذا يعني أنك حرة للرحيل. ونحن آسفون مرة أخرى لسوء الفهم! سكت قليلا قبل أن يضيف تعرفين أن مثل هذه المشاكل واردة خصوصا مع النظام المعلوماتي!

كانت واردة بالنسبة لها هي فقط فكرت ببؤس لقد وفي بوعده وهو ينتظر منها أن تفي بكلمتها بالمقابل...
وضعت رأسها بين يديها وتنفست بعمق محاولة اخراج التوتر الذي بداخلها، تعلم أنها إذا لم تخرج الآن من هذا المكان المظلم فهي بالتأكيد قد تقرر البقاء هناء مختبئة إلى الابد، وكان هذا مستحيلا، لديها ماسيموس! وهي لأجله قد تمشي على الجمر المشتعل إذا اقتضى الأمر...

أخيرا رفعت عينيها إلى الرجل الجالس أمامها لتقول: - هل يمكنني الخروج الآن؟
- الآن؟! قال المحقق باستغراب ألن تتنظري محاميك على الأقل؟
ابتسمت ألكسندرا بمرارة وهي تزيح مقعدها جانبا وترفع وجهها الذي استحال شاحبا لتقول:
- أريد فقط أن أعود إلى البيت!
ركن أليساندرو سيارته بعنف أمام البوابة وخرج منها كثور هائج، لا يتخيل إلى الآن أنه استطاع أن يخرج من مكتب ذلك حقير دون أن يغامر بتغيير ملامحه...

مسح الدم الذي كان يسيل من أنفه دون توقف قبل أن يرن الجرس بيد متصلبة...
استمر الرنين لدقائق قبل أن تفتح مدبرة المنزل لتصرخ من هول المفاجئة وهي تنظر إلى وجه أليساندرو وقميصه الذي تغير لونه إلى القرمزي الداكن...
أزاحها بعيدا محاولا الوصول إلى غرفته قبل أن تراه كاثرينا الرقيقة وهو بتلك الحالة المزرية، ليتسمر في مكانه وهو ينظر إلى الجسد الرقيق الذي وقف يتأمله برعب...

لم تستطع كبت صرخة معذبة وهي تنظر إلى وجه أليساندرو المدرج بالدماء لتركض إليه بينما جمدته المفاجئة.
- ألكسندرا! قال بصوت غلبت عليه العاطفة رغما عنه كيف وصلتِ إلى هنا؟ متى عدتي؟
رفعت يديها محاولة لمس وجهه وقبل أن تصل إليه أمسك أليساندرو يدها بحزم، كان حتى الآن غاضبا منها. وغضبه لم يخف بعد زيارته لليام...

تراجعت ألكسندرا خطوتين إلى الوراء وظهر الألم واضحا في عينيها، رؤيتها حزينة مزقت قلبه، لكنه لم يستطع مسامحتها أيضا فهي قررت التضحية به بعد كل سنوات الحب التي أخلص فيها لها، عصر على قبضته محاولا تدارك الغضب الذي كان يهدد بالخروج، كان يرغب في هزها بكل قوة إلى إن تصطك أسنانها، لكن منظرها الرقيق الخائف جعل قلبه الخائن يرتعش رغما عنه، اقترب منها ليأخدها بين ذراعيه وهو يقول:.

- لا أريد أن أراك هكذا أبدا ألكسندرا! من فضلك كفي عن تعذيبي!
سحبها إلى غرفة المكتب قبل ن يسمح لها بقول أي شيء، ليجلسها على الأريكة الجلدية ويجلس إلى جانبها، لم تستطع ألكسندرا إن تظل ساكنة وهي تنظر إلى وجهه النازف بألم، فهي تعرف سبب كل هذا وتعلم كيف يمكن لليام أن يكون مؤذيا حين يريد...
أمسكت محرمة ورقية من على الطاولة لتقترب من وجهه وتمسح الدم المتبقى على أنفه...

- كيف حصل هذا؟ قالت ألكسندرا بصوت مرتعش
- مجرد حادث! رد محاولا الابتعاد بنظره عن عينيها
- إنه هو! أليس كذلك؟ قالت ألكسندرا بصوت خافت.

- لا تخافي ألكسندرا! أنا قادر على حماية نفسي! علق بمرارة أنا لست طفلا! على عكسك ألكسندرا. أنا قادر على التصدي لليام! فقط لا تعودي إليه! اختاريني ألكسندرا! أطلبي الطلاق! أمسك يدها التي كانت تمسح وجهه يغطيها بيده ليقول وقد عاد إليه الأمل مجددا في اقناعها تزوجيني. اختاريني وسأحميك إلى أن يفرقنا الموت!

خرجت شهقة من شفتيها وتحولت عيناها إلى بركة من الدموع، كيف لها أن تخبر رجلا بنبله أنها لن تستطيع الزواج منه بعد الآن؟ تنهدت بألم والكلمات تخرج مرتعشة من بين شفتيها:
- لا أستطيع أليساندرو! لقد وقعت على عقده منذ سنوات! والآن سأدفع ثمن هذا العقد اللعين إلى آخر يوم في حياتي! إذا لم أذهب معه باختياري، ليام سيأخد ماسيموس مني! لن أستطيع العيش من دون ابني! لن أستطيع!

وضعت وجهها بين كفيها وانخرطت في بكاء أدمى قلبه. أخذها بين ذراعيه وهو يهدهدها كطفلة ضائعة إلى أن توقفت أخيرا عن البكاء، رفعت رأسها لتصدمها نظرة الألم في عينيه، أليساندرو يتألم بقوة وهي السبب، كيف ستستمر بالعيش وقد جرحته بتلك الطريقة البشعة؟!
- أرجوك أليساندرو...

ابتسم بانهزام وهو يتأمل ملامحها الرقيقة المعذبة، لوى شفتيه قائلا: - رغم كل الحب الذي اأمله لك ألكسندرا، إلا أنني لست أنانيا لدرجة أن أطلب منك أن تختاري بيني وبين ابنك! هذا شيء غير عادل! لكن.
وقف ليبتعد عن تأثيرها عليه وهو ينظر إلى السيول التي تنزل على النافذة بوجه متجهم...
- لن أيأس من حبك يوما! أنا مستعد لأن أنتظر بعد.

حاولت ألكسندرا الكلام لكنه أوقفها بحركة من يده: - فقط عديني أنك ستفكرين جيدا قبل أن تقومي بأي قرار متهور!
تنهدت ألكسندرا وهي تنظر إليه بألم، كيف ستخبره أنها قد اتخذت القرار بالفعل...
في مكتبه،
صرف ليام حراسه وهو يزفر بقوة ويتحرك كحيوان متوحش حبيس، كلمات أليساندرو جعلت الدم يغلي في عروقه، وهي تتكرر داخل رأسه دون توقف...
خطيبته. طفله. له.

كيف يجرؤ أن يقول أنها له؟ ألكسندرا! تلك الساقطة اللعوب! كانت تعيش حياتها غير عابئة للقسم الذي أقسمته!
اللعنة عليك ألكسندرا!
صرخ ليام بجنون وهو يركل المقعد أمامه بوحشية وكأن الغرفة التي تحولت إلى حلبة مصارعة كانت تحتاج المزيد من الدمار.
أخيرا فقد ليام قوته وخار على كرسي مكتبه يزفر وهو يفتح أزار قميصه بينما يعلو صدره وينزل بقوة غير طبيعية.
ألكسندرا مايلز أخرجت الوحش الكامن بداخله والذي روضه لسنوات!

- تريدين اللعب بحقارة ألكسندرا؟! حسنا سنلعب لعبتك!
قال ليام متوعدا وهو يصب لنفسه جرعة من الشراب ويرفعه إلى فمه يتجرع السائل الحارق دفعة واحدة...
رغم كل محاولات كاثرينا في إثناء ألكسندرا عن العودة إلى منزلها إلَّا أنها قررت الرحيل...
- علي الذهاب كاثرينا! أحتاج لى أن أكون لوحدي لبعض الوقت!
حركت كاثرينا رأسها بتفهم بعد أن فقدت الأمل في اقناعها.

أخيرا أمسكت بيد طفلها تتبعها روز إلى سيارة الأجرة التي كانت تنتظرهما، رفعت رأسها إلى النافذة التي تعلم أنه يقف ورائها، لكنه أغلق الستائر وابتعد...
لم يودعها! لكن ما الذي كانت تنتظره وهي بعد كل تلك السنوات قد بعدته عن حياتها ورفضت حبه واسمه معا؟! هي حتى لن تسامح نفسها على استغلاله بتلك القسوة...
أغمضت عينيها وأعادت رأسها إلى الوراء تتذكر أول لقاء لها بأليساندرو...
منذ 7 سنوات،.

ظلت ألكسندرا واجمة وهي تنظر إلى الصرح الضخم الذي لم تره سوى في المجلات، كانت البنايات بلندن ساحرة للغاية لم تستطع إلا ان تنبهر بهذا الكم الكبير من الجمال...
لطالما استهوتها البنايات الكبيرة، والآن وهي تنظر إلى قصر ويستمنستر حاملة في يدها كاميرا. كانت تشبه سائحة صغيرة بشعرها الناري والذي كان يتطاير مع النسمات ليمنحها سحرا خياليا.

كانت مستمتعة بجمال البناء حتى أنها لم تنتبه لخطواتها، لتصطدم بعنف بالرجل الذي كان ينزل من المبنى بخطوات واثقة، أوقفتها الذراعان القويتين واللتان أمسكتا بها في آخر لحظة قبل أن تهوي على الدرج بقوة...
- هل أنت بخير يا آنسة؟
رفعت عينيها وإلتقت بصاحب اللكنة المميزة والتي أرسلت القشعريرة على بجسدها وهي تتذكر نفس اللكنة التي تحاول نسيانها إلى الأبد...

أغلقت على الذكرى سريعا مستمرة في التحديق إلى منقذها بعينين واسعتين من الدهشة، تنبهت أخيرا أنه لا يزال يمسك ذراعيها لتزيح يديه وهي تقول:
- أنا بخير...
- في المرة المقبلة كوني أكثر حذرا!
قال مبتسما وهو ينظر إليها وكأنه يكلم طفلة قبل أن يتركها ويكمل طريقه نحو سيارته الفخمة ويفتحها لمرافقته والتي ظلت ترمقها بنظرات استهجان واضحة...

كانت هذه المرة الأولى التي التقت فيها بأليساندرو، لتصدم برؤيته مرة أخرى وفي منزله، بأول حفلة دعتها لها كاثرينا...
- ألانا أقدم لك. ألساندرو مارسيلو دي فايو، أخي صاحب شركة دي فايو القابضة للبناء.
قالت كاترينا بفخر وهي تنظر إلى زميلتها التي شلتها المفاجئة وتركتها عاجزة عن الكلام...

- ألانا جايمس قد عادت للتو من الخارج، لقد كانت تدرس الهندسة المعمارية بأمريكا وستكمل آخر سنة لها هنا معنا شرحت وهي تقدمها لشقيقها
حرك أليساندرو رأسه وهو ينظر إلى وجهها والذي أصبح محتقنا، لما ينظر إليها بتلك الطريقة الغريبة والتي تجعلها تشعر بالتوتر...
- مرحبا بك ألانا جايمس. قال أليساندو بلكنته المميزة
رسمت ابتسامه مجاملة على شفتيها قبل أن ترفع يدها لتصافح اليد الممدودة نحوها وتقول بصوت خافت:.

- سررت بمقابلتك...
كان أليساندرو ينظر إلى خجلها الفطري وهي تحرك يدها في خصلات شعرها النارية باستمتاع قبل أن يعلق بصوت هادئ:
- في المرة المقبلة حاولي أن تنظري جيدا أين تخطين ألانا جايمس! قد لا أكون في الجوار لانقادك!
لقد تذكرها!

رفعت رأسها في تلك اللحظة وتلاقت أعينهما، كانت عيناه الذهبيتان مليئتان باعجاب صريح لم يحاول اخفاءه، وقبل أن تستطيع الابتعاد عن خطر تلك العينين، اقتربت منهم فتاة في غاية الجمال لتضع أصابعها الملونة بأحمر قان على كتفه، وتتكلم بصوت خرج كالموسيقى، بالتأكيد إنها الايطالية، فكرت وهي تنظر إلى الفتاة بينما سرح عقلها بعيدا تتذكره.

اللعنة توقفي ألكسندرا! إنه حلم فقط لا وجود لشخص اسمه ليام! أنت ألانا! ألانا جايمس انجليزية المولد وتحمل طفلا من مجهول.
أعادتها من أفكارها يد كاثرينا التي تسحبها بعيدا عنهما ونظرة ممتعضة تطل من عينيها بينما ظلت عينا أليساندرو تشيعانها حتى غابا بين المدوعويين...
- إنها صديقة أليساندرو الجديدة شرحت كاثرينا بامتعاض واضح عارضة لعينة! أنا أكرهها بالفعل!

- إنها فاتنة! علقت ألكسندرا بدون اهتمام. لتسأل كاثرينا بفضول غريب هل أنتم ايطاليون؟
- صقليون! قالت كاثرينا ضاحكة هنالك فرق ألانا!
كانت الذكريات القوية في كابري تضربها مرة أخرى بعنف، ضغطت بقوة على جبينها محاولة ايقاف الألم قبل أن تقول بصوت خافت:
- علي المغادرة الآن!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة