قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الخامس عشر

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الخامس عشر

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الخامس عشر

لديه خطيبة فكرت ألكسندرا والمياه الدافئة تنساب على جسدها المستنفذ والمرهق من تعب الأسبوع الماضي والذي قضته حبيسة الجدران الاسمنتية...
يجب أن يعود إلى خطيبته قريبا! فهذه هي الطريقة الوحيدة لكي لا تظل معرضة لاغراء الرجل الأكثر أنانيةأ وتدميرا الذي قابلته في حياتها كلها! هي لم تعد تثق بنفسها بعد الآن خصوصا حين تكون إلى جواره، الجنون يصيبها كيف لا وجسدها الخائن لم يعد منيعا ضد لمساته...

كيف ستقاومه الآن إذا قرر الحصول عليها؟ وهذا ما عبر عنه بوضوح ودون مراوغة، هل ستسمح لنفسها بأن تغوص مرة أخرى في متاهات علاقتهما؟ وهي تعرف أنه لم يكن هنالك سوى رغبة وحشية متقدة ولا شيء آخر، هل هذا يكفي الآن؟ هل سيكتفي ليام باخضاعها لرغباته فقط؟ أم أنه يريد المزيد منها هذه المرة؟ ليام ماكسويل انتزع قطعة من روحها في الماضي، هل كان يسعى للمزيد؟

شعرت ألكسندرا بأن الماء أصبح باردا فجأة، أقفلت صنبور المياه بيد مرتعشة من البرد وخرجت من الحمام متجهة نحو غرفتها لتصرخ رعبا...
- يا الهي! كيف وصلت إلى هنا؟!
تكلمت ألكسندرا بصوت متقطع وهي تحدق إلى الوجه المكفهر غضبا والذي غطت الكدمات كل إنش منه، ارتفع حاجبه بسخرية وهو يخطو ليجلس على حافة السرير يتأملها باستمتاع.
- تسللت من تحت الباب!

عصرت ألكسندرا يديها على المنشفة التي كانت تمسك بها، وكأنها تخشى عليها من السقوط قبل أن تعود إلى الوراء بخطوات متهورة جعلتها تتعثر، وقبل أن تحاول أن تتوازن. قفز ليام بسرعة لتتلقاها ذراعاه القويتان، للحظة خاطفة كانت نظرة مختلفة تشع من عينيه، قبل أن يغلفهما البرود مجددا وهو يساعدها على الوقوف، ليبعدها عن محيط ذراعيه ويخطو نحو الباب المغلق ليفتحه قائلا:.

- غيري ملابسك ألكسندرا! أنا سأنتظر بالأسفل. فلدينا أشياء كثيرة لنناقشها اكمل بنبرة حملت الكثير من التهديد
حين خطت ألكسندرا إلى غرفة الجلوس بعد نصف ساعة من التململ داخل غرفتها محاولة أن تبدو قوية. كان ليام يشرب قهوته بهدوء وهو يتحدث إلى مدبرة منزلها والتي كانت بالفعل مفتونة به وابتسامة بلهاء تعلو شفتيها...
يا إلهي! لم تكن تحتاج إلى هذا النوع من الود نحوه وخصوصا الآن!

تنهدت بعمق وهي تقترب منهما، كان يبتسم إلى مدبرة منزلها تلك الابتسامة المغوية والساحرة، والتي اختفت تقريبا وهو يحدق إلى ملامحها الشاحبة وتحولت نظراته إلى الجمود قبل أن يضع فنجانه على الطاولة المنخفضة ويعود لتأملها بغطرسة، تحولت نظرات روز إلى مخدومتها لتقول:
- آه ألكسندرا! لقد حضر السيد ليام لمقابلتك!
وسمحتِ له بالوصول إلى غرفتي فكرت بصمت وهي تجلس على الأريكة المقابلة لليام.

لم تتكلم ألكسندرا فكلماتها بالكاد ستكون مفهومة وشعور بالفزع يتملكها وهي تراه جالسا في بيتها بارتياح تام وكأنه منزله الخاص، اكتفت بايمائة من رأسها...
فهمت روز أن عليها المغادرة وتركهما، ابتسمت لليام لتغادر ليبادلها هذا الأخير الابتسام قبل أن يعود محدقا إلى ألكسندرا وقد اختفى الدفء تماما من عينيه...

لدقائق طويلة ظل الصمت مخيما على الغرفة، ليام كان يتأملها بعينين صعب تفسيرهما بينما جلست هي بعيدا في عالمها الخاص تفكر كيف حصل كل هذا...

حين اكتشفت للمرة الأولى أنها تحمل طفله، كانت تكرهه كراهية شديدة، فكرت حينها أنها لو كرهته بتلك الطريقة على كل الأشياء التي جعلها تعيشها قد تستطيع المضي قدما، وأنه لكي تحب هذا الطفل بالكامل كان عليها أن تنسى والده وتمحيه من ذاكرتها إلى الأبد، أقنعت نفسها بأنها ألانا لسنوات وهذا جعلها تعيش بسعادة إلى جانب ماسيموس، منحته كل شيء قد يرغب طفل صغير بالحصول عليه، منزل رائع عناية مميزة وأفضل المدارس، لكنها فشلت فشلا ذريعا في منحه أبا...

في الجهة المقابلة، ظل هو جالسا يتأملها وقناع من البرود يكسو وجهه، بينما كانت نيران الغضب المحرق تتأجج تحت ذلك القناع، بعد كل السنوات التي قضاها كالمجنون في البحث عنها، عن الحب الثمين الذي أخلص له واعتبره منحة من القدر لن تعاد مرة أخرى...

طوال السنوات التي انتظر بأمل وهو الذي لم يعترف بالأمل أو المعجزات يوما. لكن من أجلها هي كان ليصدق أي شيء فقط لتعود إليه، كل تلك السنوات فكر بكل احتمال ممكن، حتى أنها قد تكون اختطفت على يد من أرادوا ايذائه، ويشهد القدير أنه كان مستعدا للموت في سبيل عودتها إليه، كاد يضحك من سذاجته الآن...

تذكر كيف كان غبيا ليصدق بعد كل تجاربه مع النساء، أن هناك أنثى صادقة تستحق الثقة، لقد جعلته يصدقها. لا تزال تلك الفكرة تشعره بالغضب والعار، لقد صدق أنها مميزة، مختلفة. يا إلهي! لقد جعلته يهتم!

لكنها لم تكن سوى مخادعة أفضل من البقية، وها هي أمامه مستمرة في تقمص الدور باحتراف وهي تنظر إليه بعينيها الكبيرتين نظرات ملأها الترقب والخوف، يريد أن يصفق لها على هذا التمثيل المتقن لولا أنه يريد الاحتفاظ بيديه بعيدا لكي لا يخنقها بهما...

هذه المرة ألكسندرا لن تجعلي مني مغفلا! أقسم وهو ينظر إليها بعينين داكنتين ملأهما الغضب، سيستمع بمعاقبتها، قيود رباطهما المقدس ستكون سلاحه لتطهيرها من كل ذلك الخداع الذي تحمله، سيجعلها تتأسف على سبع سنوات من الكذب عاشها هو في الجحيم، أخيرا قرر أن يقطع الصمت مستمرا في التحديق إلى ملامح وجهها المرتبكة.
- طائرتي جاهزة وسنرحل الليلة!

للحظة ظلت ألكسندرا تستوعب كلماته ببطئ وكأنه يتكلم بلغة أخرى، قبل أن تتحول ملامحها إلى الدهشة ثم إلى الغضب...
- لا!
قالت ألكسندرا بقوة وقد احمر وجهها تقريبا من الانفعال، بينما تحولت عينيها إلى بركة كادت أن تفيض لولا محاولاتها المستميتة في السيطرة عليهما...

- لا؟ أعادها ببرود وهو يقترب منها بخطوات سريعة ليمسكها ويهزها بعنف ما الذي يعنيه هذا؟ هل تظنينها لعبة ألكسندرا؟ ألا تتعرفين على الخطر حتى وأنت تنظرين إليه؟!
- دعني! قالت وهي تدفع يده الممسكة بذراعها بقسوة لتبتعد بخطوتين تمسد ذراعها بألم لن أذهب معك إلى أي مكان الليلة! أنت لن تأتي إلى منزلي وتتخيل أنني سأتبعك الى النصف الآخر من العالم فقط لأنك طلبت!
- أوه ألكسندرا!

خطا نحوها وقد عادت السخرية اللعينة تغزو ملامحه الباردة، فكرت بصمت، كانت تنظر إليه وهو يتحرك في غرفة معيشتها ببدلته السوداء وقميصه الأسود وحتى الربطة السوداء التي خفف عقدتها حول عنقه، كان يبدو وسيما، متغطرسا وشريرا أكثر حتى من الشيطان نفسه!

- متى ستتعلمين أنني لا أفاوض ألكسندرا؟ أنا أقرر فقط! إذا أردت البقاء لك مطلق الحرية بذلك. وسأكون رحيما ولن أعيدك إلى السجن حيث تنتمين، لكن بالمقابل سأخذ ابني وأرحل! قرري ألكسندرا! رفع يده لينظر إلى ساعته الثمينة لدينا ساعتان لنكون في المطار قبل الاقلاع!
- لكن...
قالت ألكسندرا وقد بدأ الرعب يسيطر على حواسها، إن هذا حقيقي فعلا هو يريد أن ينتزعها من جذورها حتى دون أن يسمح لها بالتعود على الوضع الجديد!

- ماسيموس، لهثت وهي تقول إنه لا يعرف أنك والده!
- وخطأ من هذا؟!
هدر وتحول بروده إلى غضب أسود. عصر فكه بقوة محاولا امتصاص الغضب الذي كاد يدفعه إلى التصرف بوحشية معها، قبل أن يضيف وقد عادت إليه ملامحه الباردة مرة أخرى:
- سأدع لك فرصة للشرح يمكنك استغلالها! وهو يشير بيده نحو الدرج المؤدي إلى غرفة ابنهما
لكنها ظلت واجمة في مكانها تحدق إليه بنظرات ملأها الاستغراب
- الآن! قال ليام بقسوة.

ابتعدت هي سريعا نحو الدرج لتحتمي من غضبه...
لقد عاد ليام ماكسويل بجبروته وقسوته ليسيطر على عالمها في أسوء لحظاتها ضعفا، كان يستغل ابنها كما استغل ظرفها القاسي من قبل...
- تبا لك يها الوغد الأناني! شتمت وهي تصعد الدرج بسرعة وكأنه من الممكن أن يلحق بها ليعاقبها
لابد وأنه سمع شتائمها الطفولية وقد عادت الابتسامة الساخرة لترتسم على شفتيه...

أخيرا بعد ساعة ونصف، كانت ألكسندرا وماسيموس يصعدان إلى طائرة ليام الخاصة ليطيرا إلى الولايات المتحدة...
خلال 7 ساعات التي قضتها ألكسندرا منزوية في أحد مقاعد طائرته الفخمة، لم يتوقف ابنها عن الحركة سعيدا بالاكتشاف الجديد...

حين أخبرته بأن ليام والده توقعت كل شيء. خيبة الأمل، الحزن العديد، من الأسئلة حول عدم وجوده في حياتهما من قبل، توقعت الكثير إلَّا أن يشعر بالسعادة الغامرة وهو يركض نحو الدرج لملاقاة الرجل الذي لم يره سوى مرة واحدة...
عند الباب المؤدي إلى غرفة المعيشة توقف ليام ينظر إلى ماسيموس بنظرات ملأتها السعادة، جعلت قلب ألكسندرا يهوي بين ضلوعها ألما...

وقف هناك متشنجا ينظر إلى ابنه الشبيه به بدرجة كبيرة، قبل أن ينزل على ركبتيه أمام الصبي ويرفع ذراعيه مطالبا بعناق أبوي حار...
أغمضت عينيها للحظة محاولة عدم الشعور بأي احساس نحوه، كانت عيناه تشعان بحب صادق لم تره من قبل أو ربما رأته مع مير منذ سنوات...
والآن وهي تنظر إليهما وكأنهما أب وابنه، أن كل تلك السنوات التي لم يره فيه لم تؤثر على المشاعر الفطرية بالأبوة نحو ابنها...
ورغما عنها شعرت بالألم.

أغمضت عينيها بقوة محاولة تذكر أي شيء يلهيها عن المشاعر الغبية التي تحاول خرق دفاعاته ضده...
ليام الذي دمر حياتها في الماضي، ليام الذي كان مسؤولا عن موت شقيقتها؟
توقفت عند هذه الفكرة مرغمة.
أحقا تصدقين ذلك ألكسندرا! أكان ليام مسؤولا عن موت شقيقتك؟ ألم يحقق سوى رغبتك رغم هروبك؟! أنت من اخترت الأطباء! وأنت من أردت الجراحة! لا داعي للاستغلال موت مير في كرهك له!

تنهدت بعمق وهي تمسح دموعها التي أبت أن تتوقف وعادت لاغماض عينيها...
في مقدمة الطائرة كان ليام مشغولا بالسعادة الجديدة التي منحها إياه القدر، لم يختبر شعورا مماثلا في حياته، إنه أب لطفل رائع، ذكي ومتقد بالحياة...
لم يتوقف ماسيموس منذ اللحظة التي صعدوا فيها عن الحركة والتساؤل بعفوية عن كل شيء، من الحواسيب المعلقة إلى كابينة القيادة والذي كان ليام سعيدا بأن يأخده إليها...

وقد قرر ابنه في لحظة أنه يريد أن يصبح طيارا في المستقبل وقد نسي حلمه القديم بسرعة...
ذكره فجأة بمير. وعلا التقطيب ملامحه، كانت شعلة صغيرة من القوة والذكاء، وكانت لتكون في سنوات شبابها الآن، وبالطبع كان ليقتلع عيني أي شخص ينظر إلى مير طفلته التي لم ينجبها والتي أحبها منذ أول يوم شاهدها فيه، عصر على يده بقوة وظهرت معالم الغضب في عينيه...

لكنه حاول تداركها سريعا وهو يتأمل الطفل الذي توقف عن اللعب والذي يتأمله بمشاعر مختلطة من الفضول والخوف، أعاد الابتسامة الساحرة إلى شفتيه وهو يخطو نحو ابنه ويجلس إلى جواره...
- أتعلم لقد صممت مؤخرا لعبة إلكترونية جديدة. أتريد أن تجربها؟ أراهن على أنك ستكون أول طفل يستمتع باللعبة! مارأيك؟
علت نظرة الترقب والفرح وجه الصبي وهو يصرخ بمرح طفولي: - هل أنت جاد ليام؟
- بالتأكيد!

قال وهو ينظر إليه بحب أبوي خالص. يتمنى أنه بعد أيام قد يوصله إلى السحاب بكلمة أبي...
في منزل ألكسندرا بلندن،
وقف أليساندرو غير مصدق ومدبرة منزل ألكسندرا تخبره بمغادرتها...
- غادرت! قال أليساندروا وعيناه المتفرستان تمسحان وجه روز بغير تصديق.

أومأت روز برأسها مؤكدة: - لقد كانت السيدة في عجلة من أمرها بعد حضور السيد ماكسويل إلى هنا، حتى أنها لم تأخذ سوى القليل من الأغراض. وعدتني أنها ستعود قريبا حالما تستقر...
ظل وجه أليساندرو واجما وهو ينظر أمامه بعينين فارغتين. وقبل أن يحاول الخروج أضافت روز وهي تمسك في يدها رسالة أعطتها له:
- لقد تركت لك رسالة!
حرك أليساندرو رأسه في إيمائة قبل أن يأخد الظرف ويرحل نحو سيارته بينما الألم ينهش قلبه.

في سيارته، جلس أليساندرو محاولا السيطرة على المشاعر القوية التي حطمت قلبه، لثوان كان يريد الذهاب في إثرها ويعيدها مهما كلفه الأمر، لكن إلى أين سيذهب؟ حاول الاتصال بهاتفها مرات عديدة دون جدوى، كان الهاتف مغلق ويعيده إلى المجيب الآلي في كل مرة...

أخيرا قرر فتح الرسالة التي تركتها، قرأ المحتوى بسرعة وكأنه في سباق، كانت رسالة غير شخصية بالمرة، أخبرته في سطور أن عليها الرحيل وأنها آسفة على كل الألم الذي سببته...
يا إلهي ألكسندرا! بعد كل هذه السنوات؟! هذا كل ما لديك لتخبريني به؟!
شتم من بين أسنانه وهو يسدد ضربات عنيفة إلى المقود علها توقف الألم الذي بدا يضربه دون رحمة...

لقد أحب ألكسندرا لسنوات طويلة، لربما أعجب بها في البداية، كانت تبدو غاية في الروعة وخجولة جدا، حتى أنه لم يصدق شقيقته حين أخبرته عن حملها، كان ذلك بعد شهرين من الحفلة حيث التقيا للمرة الثانية...
قبل 7 سنوات،
كان أليساندرو منشغلا بالملفات أمامه بينما مدبرة المنزل تعيد ملأ فنجان قهوته حين دخلت كاثرينا وكعادتها مندفعة ومرحة...
قبلت وجنته ليبتسم لها كما يفعل كل يوم...

كانت تتحدث دون توقف ككل صباح، في أغلب الأحيان كان أليساندروا يستمتع بهذه النشرة الصباحية قبل ذهابه إلى العمل، لكنه اليوم كان فعلا مشغولا بالتحضير لمناقصة مهمة، يومئ لها كل فترة برأسه وكانه يستمع إلى أن صدمته بخبر حمل ألانا...
- أتعلم أن ألانا سترزق بطفل؟
تحرك أليساندرو من مقعده متفاديا قطرات القهوة التي كادت تحرقه بينما سقط الفنجان على الأرض.

- هل أنت على ما يرام؟ سألت كاثرينا وهي تنظر إلى شقيقها باستغراب
- أنا بخير! قال وهو يمسح بقايا القهوة من على قميصه
- ألانا حامل؟!
سأل بنبرة حاول بكل جوارحه أن تبدو عادية. لكن رغم ذلك كان الاستغراب والرغبة في المعرفة تطغى على ملامحه التي لم تبدو هادئة في تلك اللحظة...

أومأت برأسها مستمرة في قضم شريحة الخبز بنهم وكأنها تحدثه عن أحوال الطقس مسترسلة في الحديث دون اهتمام لعيني أليساندرو واللتان كانتا تضيقان من رغبته في المعرفة.
- لقد أغمي عليها أمس، واليوم الذي قبله. أخبرتها أن الأمر يمكنه أن يكون خطيرا وأنه عليها أن ترى طبيبا. لكنها فاجئتني أنها حامل!
- هل أخبرتك من الوالد؟ قال أليساندرو بلهفة.

- ليس هنالك من والد! ردت كاترينا ببساطة لقد حصلت على متبرع، كانت تريد الحصول على طفل بشدة، حين كانت بأمريكا ذهبت إلى عيادة خصوبة وحصلت عليه!
وقفت كاثرينا أخيرا وحملت حقيبتها الملقاة على الطاولة باهمال. اقتربت من أخيها والذي لا زال ذاهلا من المعلومات الجديدة حول ألانا قبل أن تقبل خده بحنان...
- توقف عن التفكير في ألانا! لديك مصيبة كبيرة. عليك التفكير فيها! مشيرة إلى العارضة التي يواعدها.

وقبل أن يستجمع أفكاره المشتتة ليجيب كانت هي قد رحلت بالفعل...
عاد أليساندرو إلى الواقع مشتتا على وشك الانهيار...
هل فقد ألكسندرا إلى الأبد؟ ماذا عن ماسيموس هل سيفتقده؟ هل سيشعر بغيابه؟
زفر بعنف محاولا التخفيف من خفقان قلبه المتسارع لينظر إلى الأسفل حيث لا زالت رسالتها مجعدة في قبضته، يلعن ليام على كل الأذى الذي سببه...
في طائرة ليام الخاصة،.

ظلت ألكسندرا تحاول جاهدة تمثيل النوم متفادية النظر إلى ليام، خصوصا بعد أن أجهد ماسيموس باللعب ونام على ذراع والده، كانت ترغب بالنهوض لوضع ابنها في السرير. لكنه سبقها وهو يحمل الطفل الصغير إلى غرفة نومه.
هل هكذا ستكون الحياة مع ليام؟ أسيجردها من حقوقها على ابنها بهذه الطريقة؟

لم يمر سوى ساعات على عودتها إليه وتشعر أنها مشتتة وخائفة، قررت أخيرا أن تغمض عينيها وتمثل النوم، على الأقل ستكون في منأى عن هجوم ليام وكلماته المسمومة...
أخيرا سقطت في النوم رغما عنها بينما عادت عينان مظلمتان لتحدقا إليها بمزيج من الغضب والقسوة...
بعد مدة، شعرت ألكسندرا بيد تحركها. فتحت عينيها وفاجئها المنظر، كان ليام يحمل ابنها النائم بينما نظراته الباردة تمسح وجهها.
- لقد وصلنا! قال ليام.

قبل أن يتركها ويتجه إلى حيث كانت المضيفة واقفة لاستقباله بابتسامة مغوية...
لابد وأن الابتسامة كانت له وحده، فالفتاة لم تعد تبتسم وهي تتأملها بنظرات مختلفة، لكنها لم تكن فعلا مهتمة، في أوقات أخرى كانت لتخبرها أنها يمكنها الحصول عليه مغلفا مع بطاقة، لكن حتى حس الدعابة كان قد اختفى في ظل التوتر الذي تعيشه...

حركت يديها محاولة اعادة المرونة إليهما وتبعته صامتة إلى سيارته الرباعية الدفع والتي كانت في انتظارهما في المطار...
طوال الطريق نحو الفيلا. كان ليام بعيدا بأفكاره ينظر إلى الطريق غير مهتم بارتعاشها القوي والذي ازدادت حدته كلما اقتربوا، أخيرا توقفت السيارة أمام البوابة الكبيرة لفيلا ليام...

تنفست ألكسندرا بعمق محاولة التخفيف من التوتر الذي كان يحرق أعصابها. منظر الفيلا أعاد إليها ذكريات مؤلمة تمنت لو تمحوها من ذاكرتها إلى الأبد...
إنها نفس الفيلا! نفس المكان الذي أتت إليه مجبرة منذ سنوات، هنا تغيرت حياتها ولم تعد نفس الانسانة التي كانت عليها، لقد فقدت قطعة من روحها هنا، كانت الذكريات تتقافز كشريط طويل أمامها، تعيدها مرغمة إلى الماضي، الماضي الذي جاهدت لمحوه لسنوات...

شعرت الكسندرا فجأة أنها مراقبة، رفعت وجهها وإلتقت عيناها بعينيه، تلك الزرقة الثلجية بعثت البرودة بكامل جسدها وجعلتها ترتعش رغما عنها...
- سننتظر طويلا؟ سأل وهو يتأمل ملامحها باهتمام
مسدت ألكسندرا ملابسها بيدين مرتعشتين لتحمل حقيبتها وتنزل في خطوات متعثرة، كان شعورا قاسيا جدا وهي تخطو نحو باب الفيلا، ليعبره ليام حاملا ابنه النائم بين ذراعيه، كل الألم عاد فجأة، لقد كانت مير هنا حية في يوم من الأيام!

حاولت اغلاق باب الماضي والذي فتح على مصراعيه أمام عينيها مخرجا كل الذكريات، أخيرا استسلمت تاركة الألم يستبد بجسدها المرهق...
حين أوصلها أخيرا إلى جناحها القديم، كانت مستعدة لكي ترمي نفسها على ذلك السرير المثقل بالذكريات دون أن تخرج من شفتيها كلمة احتجاج واحدة...
هل يستمتع بألمها؟ هل يفعل؟

تلك الفكرة ضربتها بقسوة، لقد أعادها إلى نفس الفيلا حيث إلتقى بمير، كان يمكنه ببساطة أن يأخذها إلى فندق، لكن كان يمكنه أن يأخدك مباشرة إلى كابري همس الصوت بداخلها مجددا هناك كنت لتعرفي معنى العذاب الحقيقي...
في غرفة مير القديمة،.

وضع ليام ابنه المتعب على السرير، خلصه من حذائه ودثره جيدا قبل أن يطبع قبلة حانية على خده، تجول بعينيه داخل الغرفة التي أصبحت مختلفة تماما عما كانت عليه، لم يستطع يوما دخولها منذ وفاة مير، لقد أمر منذ أيام فقط بتغيير كل شيء ليناسب طفلا في عمر السادسة، طفله. ذلك الطفل الذي لم يكن ليعرف بوجوده أبدا لولا تدخل القدر.

ألكسندرا! عصر قبضته، في تلك اللحظة فقط تذكر أنه وضعها في جناحها القديم انطلق سريعا ليفتح باب الجناح بقوة...
كانت نائمة في وضعية الجنين متكورة على نفسها كعادتها وقد انحسر الغطاء عن جسدها الفاتن، للحظة تأمل هشاشتها وكان ليتركها بسلام، لكن الحقد القوي عاد ينهش قلبه، اقترب من السرير ليوقظها دون مراعاة لتعبها والذي بدا واضحا على ملامح وجهها الرقيق الشاحب...
- ألكسندرا! هتف وهو يهز كتفها بقسوة.

كانت قد نامت لدقائق معدودة حين شعرت بيد تحركها بعنف، فتحت عينيها المثقلتين لتراه يقف وعيناه مسلطتان عليها ببريق وحشي أرعبها، قفزت إلى الغطاء الملقى بجانبها محاولة حماية نفسها من تلك النظرات. قبل أن يأتي صوته قاسيا ومسيطرا كعادته:
- ما الذي تظنين أنك تفعلينه في هذه الغرفة؟!
رفعت ألكسندرا حاجبها في استنكار واضح، أليس هو من أعادها إلى هنا؟
- وما الذي يبدو لك أنني أفعله؟

زفر ليام بقوة دون أن يسمح لها بقول المزيد. أمسك بها ليسحبها من السرير وكأنها لا تزن شيئا ليحملها وسط ممانعتها العنيفة، كانت قد فهمت متأخرة ما الذي كان يحاول فعله وكانت عازمة على مقاومته...
رفعها بسهولة ليحملها ويعبر بها الرواق نحو غرفته، فتح الباب سريعا ليقفله بقوة بقدمه مقتربا من السرير حيث رماها بإهمال. وقبل أن تستطيع الهروب مجددا كانت يداه تطوقانها مقيدا معصميها الرقيقين بيد واحدة.

قبلها بحنان على شفتيها قبلة أذابت عظامها وأوقفت عقلها عن التفكير. لثوان كانت مستسلمة لهذا العناق الجائع والمثير. واختفى كل شيء سوى احساسها القوي برغبته...
- قولي أنك لي! قال والرغبة تسيطر عليه
فتحت عينيها بصدمة. يا إلهي أنها تسمح له بالسيطرة عليها مجددا!
- لا! لهثت محاولة ايقاف المشاعر التي كانت تتدفق كالجحيم مهددة باحراقهما معا
صارعت محاولة الافلات من قبضته وهي تصرخ: - أنا لا أريدك!

للحظة لمحت ومضة من الألم بداخل عينيه، قبل أن ينحني رأسه ليأخذ شفتيها ويداه تتحركان بجرأة أكثر على جسدها مزيحا قميص النوم بسهولة.
- لا يمكنك.
حاولت الاعتراض لكنه لم يستمع لم يتوقف، وفي اللحظة التي استسلمت أخيرا لتلك المشاعر العنيفة تلهث من قوة رغبتها، رفع ليام ذراعيها وشعرت بمعدن بارد على معصمها.
يا إلهي! لقد كان قيدا! هل ليام يقيدها إلى السرير أم أنها تتوهم؟

لم يتركها لتستوعب صدمتها الجديدة وهو يعود ليغمرها بقبلاته وهو يهمس في أذنها بصوت عميق من العاطفة:
- لقد قضيت السنوات الماضية محاولا نسيان. كيف كان يشعر جسدك مقابل جسدي، كراهيتي الآن هي كل ما ستحصلين عليه!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة