قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الخامس

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الخامس

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الخامس

مر شهران على مواجهتهما الاخيرة،
أخدت ألكسندرا نفسا عميقا محاولة طرد الاحساس المريع الذي ينتابها، رغم أن الطبيب أكد أن الأعراض ستنتهي إلا أن أعراضها أصبحت أسوء من قبل، كانت تستيقظ بغثيان شديد ورغبة قوية في افراغ كل ما أبجوفها، كره شديد للقهوة لم تعتده، وكره أشد للانسان الذي كان سبب تعاستها وألمها...

ربتت ألكسندرا على بطنها الدائري الصغير بحنان، منذ أن شعرت باحساس قوي من الأمومة الذي لم تكن تعرف عنه شيئا، أقسمت أنها لن تسمح لمخلوق بابعادها عن مير أو سلب طفلها منها، تحولت مهاجماتها الشرسة لليام إلى نوع من التجاهل المدروس...
كانت تشعر في بعض الأوقات أنه يحاول اثارة غضبها فقط لكي يشعر بأنها موجودة، لكنها كانت تظل صامتة تحدق فيه بعينين واسعتين وخاليتين من المشاعر...

وأخيرا تخلى عن ازعاجها تاركا لها بعض الحرية للقيام بما كانت تخطط له بسرية تامة...
استغلت سفره إلى اليابان في رحلة تستغرق أسبوعا لتقوم بمخططها والذي رسمته بكل دقة، زيارة إلى البنك حيث سحبت مبلغ مليوني دولار من الحساب الذي فتحه ليام باسمها، حولته إلى حساب آخر باسم ميريديث. قبل أن تقرر الذهاب إلى المطار لاستئجار طائرة خاصة...

كل شيء كان مفصلا بدقة في ذهنها، ستستغل يوم الأحد صباحا حيث يذهب كل من الجد ومارغريت إلى الكنيسة، ستتحجج بأي شيء لكي تبقي مير معها. ستستقل سيارة أجرة إلى المطار ومن هناك سترحل دون أن تترك أي أثر...
تنهدت ألكسندرا أخيرا بارتياح كبير، كانت خطتها في الهرب تسير على مايرام. أيام قليلة فقط وستغادر هذا السجن من دون رجعة، رفرفت معدتها بخوف لكنها أسكتت خوفها وهي تخاطب الحياة الصغيرة بداخله...

سأحميك حبيبي مستحيل أن أتخلى عنك تحت أي ظرف
في المساء، اتصل ليام ليخبرها عن عودته صباح الأثنين، حاولت أن تبدو باردة، لكنها كانت سعيدة، فهذا يعني متسعا من الوقت للفرار، تبادلت معه حوارا دون أي معنى قبل أن تقفل الخط وتغمض عينيها لتنعم بالقليل من الراحة التي افتقدتها منذ التقت بليام...
كانت الايام تمر ببطء شديد وكأنها تعاقبها، لكنها انتظرت بصبر. وأخيرا حل صباح الأحد...

نزلت ليكسي إلى قاعة الطعام مبكرا. وعلى غير العادة لتجد فرانكو ومارغريت ومير وقد استعدوا للذهاب ككل يوم أحد إلى الكنيسة...
فرانكو كان يعامل مير بحب، خصوصا وأنها كانت طفلة مطيعة ولطيفة مما جعل التعامل معها محببا و سهلا...
قبلتها مارغريت وهي تسحب كرسيها النقال وتدفعه نحو الباب، توقفت ليكسي مسمرة للحظات. قلبها يخفق بقوة شديدة، كانت تشعر وعيونهم مسلطة عليها أنهم قادرون على قراءة كل ما يدور بداخلها.

وأخيرا قررت اجبار نفسها على الابتسام...
اقتربت من مارغو والتي كانت تحدق فيها بدهشة. أومات لفرانكو براسها احتراما قبل أن تنزل لتطبع قبلة رقيقة على شعر مير الحريري.
- مستقيظة على غير العادة! هل كنت تنوين مرافقتنا إلى الكنيسة اليوم؟ علقت وهي تنظر إلى ملابس ليكسي الغير رسمية
وضعت ألكسندرا يدا مضطربة تعيد خصلات نافرة من شعرها الذهبي إلى الوراء قبل أن تقول:.

- لا. كنت فقط أرغب باصطحاب مير إلى الشاطئ. الجو يبدو رائعا أانا كنت قد وعدتها بجولة...
- آه! قالت مارغو وهي تنظر إلى الطفلة بحيرة مير لم تخبرني بذلك!
لم تسمح ألكسندرا لمير بالحديث، لأنها اقتربت من كرسيها لتدفعه قليلا إلى الأمام وهي تقول:
- لعلها أحرجت، على العموم لن نستغرق الكثير من الوقت وسنعود قبل حلول الظلام...
- حسنا.

ردَّت مارغريت وهي تنظر إلى الجد الذي كان يتأمل الكسندرا بعينين كالصقر. قبل أن يومئ لابنته بالتحرك...
حين وصلت ألكسندرا أخيرا إلى البوابة، كانت قد استهلكت كليا، انتظرت لبعض الوقت قبل أن تظهر سيارة الأجرة التي كانت ستقلهما رأسا إلى المطار...
تأكدت للمرة الثانية أنها تحمل كل متعلقاتها المهمة، جواز سفرها، جواز سفر مير وأخيرا بطاقاتها المصرفية...

لم تحمل معها أي من الأشياء التي اقتناها ليام من أجلها، فور استيقاظها في الصباح كانت قد اهتمت بكتابة رسالة مقتضبة لليام تخبره فيها عن نيتها في تركه، ورسالة أخرى إلى الجد ومارغريت تعتذر فيها عن رحيلها بتلك الطريقة...
وضعت الرسالتين على الرف قبل أن تنزع قيد الماس البارد الذي وسمها به وتضعه قرب الرسالتين بيد مرتعشة...

لوهلة شعرت بارتياح لكن سرعان ما تبخر وهي تفكر بالغضب الذي سيتملك ليام حالما يعلم بأنها اختفت مع وريثه...
نفضت الأفكار السوداوية عنها وهي تدخل قاعة كبار الزوار تدفع مير الذاهلة...

وأخيرا بعد نصف ساعة من الانتظار، والتي كانت ألكسندرا تتململ فيها غير قادرة على الجلوس بثبات ولا احتمال الاتهام الصريح في عيني شقيقتها والتي اغرمت بعائلتها الجديدة، أخيرا أتت المضيفة معلنة أن الطائرة الخاصة أصبحت مستعدة للاقلاع...
تنفست بعمق وهي تخطو نحو الباب الموصل إلى حظيرة الطائرات، بينما تكلف أحد حراس المطار بدفع كرسي مير.

كانت بعيدة بأفكارها بينما غامت عيناها، أخيرا ستغادر حياة ليام، لم تكن ترغب بالشعور بأي أسف نحوه، هو كان المسؤول الوحيد عن كل ما حصل لها، وإذا كان سيتعذب من أجل فقدانه لطفل فهذا كان ليسعدها كثيرا، حاولت اقناع نفسها بذلك وشعرت بارتياح نسبي وهي تعيد الكلمات في ذهنها مرارا محاولة تصديقها...
رفعت رأسها اخيرا، وشهقت من الصدمة والخوف وهي تنظر إلى الواقف في آخر الدرج ينظر إليها وقد علا وجهه الجمود...

في مكتبه بطوكيو،.

كان ليام منشغلا بالكثير من العقود، يحاول العمل دون توقف، للعودة إلى كابري حيث يشعر لأول مرة بالانتماء، حيث مير الصغيرة وجده الذي أصبح مختلفا ولأول مرة سعيدا بوجوده إلى جانبه وأخيرا هي، الكسندرا، والتي رغم كل الاحتقار الذي يكنه لها تشغل حيزا كبيرا من تفكيره، ردة فعلها المحيرة حين هاجمته حول رغبتها بالاحتفاظ بالطفل كانت غريبة، أتراه أخطأ في الحكم عليها؟ يعترف أن كل شيء فيها يفاجئه، حب مير اللامشروط لشقيقتها، عذريتها وأخيرا النمرة الشرسة التي تحولت لها دفاعا عن طفلهما...

طفلهما، هالته هذه الفكرة كثيرا، حاول أن يخنق تلك المشاعر الجديدة والتي كانت تحاول التسلل إلى قلبه باستماتة...

حاول منع نفسه مرارا من أخد الهاتف والاتصال بها، لكن دون جدوى كانت كالمخدر، أراد أن يسمع نبرة صوتها المثيرة أن يشعر بأنفاسها عبر الهاتف، لكن برودها كان كضربة قاسية لكبريائه، كان هنالك أكثر من البرود في صوتها، بحدس رجل أعمال كليام قضى وقتا طويلا في دراسة أعدائه، شعر بالخطر، ألكسندرا كانت تخطط لشيء ما، كلعبة شطرنج حرك بيدقا وجلس باهتمام ينتظر حركتها المقبلة...

لم يفاجئ حين وصله خطاب البنك يخبره عن المبلغ المالي الذي حول من حسابها المصرفي ولا أنها كانت تقوم بالعديد من الاتصالات الخارجية من وراء ظهره، المتحري الخاص الذي عينه ليام قبل رحيله كان كظلها وأخيرا حصل ليام على تقرير شامل، الطائرة الخاصة المبلغ المالي، حتى الفيلا الصغيرة التي استأجرتها، في ضواحي جنيف والمكالمات الدولية مع مستشفى متخصص، كانت تخطط للهرب واخفاء طفله بعيدا، عصر على قبضته بعنف حتى ابيضت مفاصل يده...

إذا كان يفكر في اعطائها فرصة للرحيل من قبل، فل يذهب إلى الجحيم إذا سمح بذلك الآن، لن يسمح لها بالرحيل أبدا، التذكرة الحرة التي أعطاها للمغادرة كانت كرما لا تستحقه، ألكسندرا مايلز ستبقى تحت رحمته إلى أن يقرر العكس...
صر على أسنانه وهو يتأملها تتحرك باتجاهه وشعرها الأشقر الجذاب يتطاير حولها مكونا هالة خيالية، لعلها لم تره إلى الآن فكر بحنق...

توقف الدم عن التدفق في شرايين ألكسندرا وهي تنظر إلى ليام يتأملها حاولت العودة أدراجها وتركض بعيدا، لكن إلى أين، كان المضيف قد أوصل مير إلى حيث يقف، نزل على ركبتيه أمامها ليحضنها بحب صادق، كانت الطفلة سعيدة جدا وهي تحضنه بدورها، أشار إلى أحد حراسه والذي تكلف باصطحابها إلى سيارته...
اختفى اللون من وجه ألكسندرا. علمت أنه سيقتص منها الآن، عليها أن تهرب، فكرت بيأس لكن إلى أين ومير في قبضته.

اقتربت من حيث وقف بخطوات مترددة، حاولت أن تستجمع قوتها لتخاطبه، لم تكن مستعدة لردة الفعل القوية وهي تشعر بيده تنهال على وجهها بصفعة جعلتها تتعثر لتسقط رغما عنها...
كان الغضب قد وصل بليام إلى مستوى آخر، رؤيته لها وهي تهرب بتلك الطريقة أعادت شياطين الماضي للظهور في حياته، لم يكن يعترف بوجود أنثى صادقة وألكسندرا كانت خير مثال على ذلك...

كان ينظر إِلى ملامحها الخائفة والمرتبكة بنظرة احتقار، حاولت أن تتكلم لكنه عالجها بصفعة جعلتها تسقط على الأرض، قبل أن يقول:
- لم أكره يوما شخصا في حياتي! أهنئك زوجتي لقد حصلت على هذا الامتياز!

كانت ألكسندرا جاثية على الأرض من هول الصفعة التي تلقتها والتي جعلتها تشعر بالدوار، كانت تنظر إلى شفتيه اللتان أصبحتا على شكل خط رفيع بينما قست عيناه بطريقة مرعبة، اقترب لينحني إلى جانبها، حمت بطنها بطريقة دفاعية جعلته يجفل ويعود للحظة إلى الوراء...

قبل أن يعود محاولا لمسها من جديد، أصبحت شاحبة فجأة وهي تشعر بشيء دافئ يتسلل من بين ساقيها، وقبل أن تعرف ماهيته كان الظلام يلفها من كل جانب واستسلمت إلى هذا الاحساس الجميل والذي كان على الأقل سيبعدها عن ليام وقسوته...
قرب غرفة العمليات حيث أدخلت ألكسندرا منذ مدة طويلة، كان ليام متكئا بظهره على الحائط بينما قلبه يدوي من الألم. لن يسامح نفسه إذا ما أصيبت بضرر.

كان يتذكر كيف حمت بطنها حين اقترب منها، أهكذا تتخيله ألكسندرا، وحشا غير آدمي لكي يؤذي طفلهما، نفض عنه المشاعر القاسية والتي كانت تضرب رأسه دون رحمة، قبل أن يرفع عينيه نحو الباب الذي فتح للتو...
اقترب ليام من الطبيب، هذا الأخير شرح له بتعاطف: - سيد ماكسويل، لقد حاولنا باستماتة انقاد الجنين مع الآسف لم نتمكن من ذلك، زوجتك بخير الآن، لكنها ستحتاج لفترة نقاهة لتعود إلى حالتها الطبيعية...

زوجتك هذه الكلمة مست مشاعر ليام بطريقة لم يتخيلها يوما. زوجته طفله. حاول أن يبدو متماسكا وهو يسأل الطبيب عن حالتها لكن بداخله كان يشعر بفراغ قاتل يلفه...
الآن بعد أن استقرت في غرفتها، جلس إلى جانب سريرها يتأمل وجهها الشاحب بصمت. كيف سمح لنفسه بأن يؤذيها. كيف سمح للغضب بأن يعميه إلى هذه الدرجة. حتى زوجته الجشعة والأنانية لم يعاملها بالطريقة القاسية التي عامل بها ألكسندرا منذ دخلت حياته...

أمسك بيدها الشاحبة الموضوعة على بطنها وقبلها برفق. فكرة اخبارها أنها فقدت الطفل جعلته يشعر لأول مرة في حياته بالعجز المطلق.

بعد ساعات استيقظت ليكسي بشعور شديد من الألم وكأنها تلقت لكمة على بطنها، فتحت عينيها وهي تشعر بشيء خاطئ، تأملت ديكور الغرفة البيضاء بضياع، قبل أن تقع عيناها على ليام متكأ على أحد الكراسي بينما كتف يديه على صدره، كان يبدو متعبا تمكنت من تأمل وجهه والخطوط الصغيرة حوله فكه، كان مختلفا عن المتعجرف الذي اعتادت التعامل معه كل هذه الشهور، وكأنه شعر بنظراتها فتح عينيه ببطئ. ارتسم أغرب تعبير على وجهه وهو ينهض لكي يقترب من سريريها ويمسك بيدها الشاحبة بين يديه.

- كيف حالك كارا؟ قال ليام بصوت أجش
- أشعر بالتعب.
ردت ليكسي رغما عنها، ذاكرتها مشوشة فجأة قفزت من مكانها وهي تتلمس بطنها بفزع، ارتسمت نظرة ألم على وجه ليام وهو يقول بصوت غلب عليه الثاتر رغما عنه:
- لقد فقدناه ليكسي!
- فقدناه...
رددت ألكسندرا الكلمة دون أن تستوعب معناها، لدقيقة كانت حائرة قبل أن تأتي الحقيقة لتهدم كل أحلامها...

صرخت وانتحبت بألم شديد ويدا ليام تطوقانها. كانت تضرب صدره بقسوة والدموع تسيل من عينيها. إلى أن حضر الطبيب ليحقنها بمهدئ ليلفها الظلام مرة أخرى...
- الصدمة كانت قوية جدا عليها قال الطبيب وهو ينظر إلى وجه ليام المرتاع ستحتاج زوجتك إلى الوقت لكي تشفى جروحها النفسية، عليك أن تكون صبورا...
- هل هنالك سبب محدد وراء الاجهاض الذي حدث؟

حرك الطبيب رأسه بالنفي قائلا: - ليس بالضرورة سيد ماكسويل، معروف أن الاجهاض في الأشهر الأولى من الحمل أمر وارد جدا...
بعد رحيل الطبيب ظل ليام لفترة واجما يفكر كيف له أن يعوضها عن خسارتها، لا بد أنه كان واهما حين فكر أنه يمكنها التخلي عن طفلها بسهولة، ألكسندرا مايلز كانت بالنسبة له لغزا محيرا...

وضع رأسه بين يديه يفكر بما وصلت إليه حياته. كان قد أقسم على أن لا يمنح عاطفته لأي امرأة في الوجود، التجارب علمته أن الأمومة ليست سوى كذبة كبيرة، كانت المرأة قادرة على ترك طفلها بيعه أو حتى المزايدة عليه كما فعلت زوجته...
زوجته النرجسية سمحت لنفسها بالمزايدة على طفلهما مقابل المال، المال الذي لم يكن يملكه وقتها لتفاجئه باجهاضها ورحيلها بعيدا ثم لتطلب الطلاق...

لثاني مرة في حياته شعر بالخذلان، والآن ينظر إلى المرأة المسجاة بتعب على السرير وكان هو من خذلها...
هذه المرة حين استيقظت ليكسي كانت واعية أكثر بالخسارة التي تعرضت لها، لقد فقدت الطفل، طفل ليام، كانت مشاعرها مضطربة للدرجة مقلقة، انتحبت بصوت مسموع، قبل أن يأتيها صوته من الرواق، وكأنه كان يكلم أحدا قبل أن يفتح الباب ويدخل ليام ترافقه مارغريت والجد وأخيرا حبيبتها الصغيرة مريديث...

فتحت ألكسندرا يديها نحو مير، قربها ليام لتتمكن من أن تحضنها، تحركت وأنَّت بألم، أجفل ليام وهو يعيد مير إلى الوراء قليلا ويقترب منها يلمس وجهها بحنان:
- كيف أنت الآن؟ سأل وهو يتأمل شحوب وجهها البالغ
- بخير.
ردَّت ليكسي قبل أن ترفع عينيها نحو مارغريت وفرانكو واللذان اقتربا أخيرا للاطمئنان على صحتها...
- أخبرنا ليام أنك شعرت بوعكة على الشاطئ قبل أن يحملك إلى المستشفى.

كانت نظرات العجوز مثبتة على رأسها وكأنه غير مصدق لكلام حفيده.
رفعت رأسها إليه تتامل وجهه المشدود، قبل أن تشيح ببصرها عنه وتقول بصوت متعب: - هذا صحيح لقد شعرت بوعكة، وليام نقلني إلى هنا...
- أنتما مازلتما شابين وقادرين على تعويض هذه الخسارة في وقت وجيز، نحمد الله على وجود ليام في الجوار. قال فرانكو باقتضاب قبل أن ينظر إلى ساعته والآن اعذروني فعلي الانصراف...

حركت ألكسندرا رأسها بتفهم. اقتربت مارغريت منها وعانقتها بحنان، بينما خرج ليام مرافقا جده، كان يهرب من الاحساس المريع الذي يجتاحه بأنه كان المسؤول الوحيد عن خسارتها...

بعد مرور أسبوع قضته ألكسندرا في المستشفى، قرر الطبيب أنها يمكنها العودة إلى المنزل، كان ليام طوال الوقت محبا ومتفهما لثورتها ضده، خصوصا في الأيام الأولى والتي لم تكن تحتمل فكرة وجوده معها في نفس الغرفة، كانت متألمة ومجروحة إلى أقصى حد، أعادت خسارة طفلها أحاسيس مؤلمة خصوصا عن والديها، الحادث ومير وفي الأخير الطريقة التي ابتزها بها طوال شهور...

كان الطبيب النفسي الذي استشاره ليام قد حذر من مغبة البرود الذي غلفت به نفسها وأنها قد تنفجر في أية لحظة، وهذا ما حدث بالفعل...
انفجرت ألكسندرا أخيرا كبركان ثائر في وجهه وهو وقف مذهولا ينظر إليها غير مصدق أنها قادرة على أن تثور بهذه الطريقة وتخاطبه كما تفعل الآن...

ضغط على فكه بعنف وظهر عرق نابض في رقبته، كان يسيطر على عصبيته بقوة بالغة، لم يعتد ليام أبدا أن يوجه إليه الحديث بمثل الطريقة التي كانت ليكسي تفعل، لكنه جزئيا كان يعترف بأنه الملام الوحيد على ما يحدث معها وبالتالي تركها تنفس عن الغضب بداخلها دون أن ينبس بكلمة...
أخيرا غادر الغرفة وترك ألكسندرا لتنهار اخيرا في بكاء هستيري امتد لساعات...

الآن بعد أن فجرت كل الطاقات السلبية بداخلها، كانت مستعدة للمغادرة وحتى إلى التفكير بمنطقية في الطريقة التي ستقنع ليام بأن يتركها ترحل بهدوء...
علا طرق على الباب، قبل أن يفتح وتطل ممرضة لطيفة: - هل أنت مستعدة سيدة ماكسويل؟ قالت الممرضة بانجليزية سليمة
أومأت ألكسندرا برأسها، تاركة للممرضة مهمة مساعدتها على ارتداء ثياب جديدة، لتصبح جاهزة وفي انتظاره...

انتبهت ألكسندرا إلى انعكاسها في المرآة، لقد كانت شاحبة ومتعبة، واللون الرمادي الذي اختارته مارغريت من أجلها لم يخفف من ذلك...
تنهدت بحيرة، لعل والديها المحبين لم يعلماها للأسف تقدير الذات بطريقة كافية، لقد فقدت حياة بداخلها للتو، ومع ذلك لازلت تهتم بنظرة ليام اليها...
وضعت يدها في شعرها الحريري وتنهدت بعمق، يا إلهي ساعدني لأخرج من هذه التجربة بسلام!

فتح الباب ودخل ليام، لم تستطع إلا أن تنتبه إلى وسامته الطاغية والتي غطت على كل شيء في الغرفة، لم تكن الوحيدة المبهورة من الهالة القوية التي تحيط بشخصيته...
كانت الممرضة تتأمله بعينين جائعتين جعلت ليكسي تمتعض ومشاعر غريبة تتأرجح بداخلها، لدرجة أنها سمحت له بتقبيلها دون أي احتجاج.

كان مستغربا للطريقة التي كانت ألكسندرا تعامله بها اليوم، بعد أيام من الجفاء والاتهام القاسي، انتبه أخيرا إلى وجود الممرضة، لتظهر ابتسامة تسلية على وجهه، هل ألكسندرا تغار؟
جعلهاحبيسة ذراعيه أكثر ليأخد شفتيها في عناق حار امتد لدقيقة، قبل أن يهمس في أذنها بصوت ساحر:
- هل هي الغيرة التي تجعلك متوهجة بهذا الشكل الرائع؟ علق ليام بمزاح
- في أبعد أحلامك! قالت ألكسندرا من بين أسنانها.

استدار لينظر إلى الممرضة التي ألجمت الصدمة حواسها قبل أن يقول بنبرة دون جوان خطر:
- أعتذر منك آنستي، لكنني كنت بالفعل مشتاق لزوجتي الجميلة، والآن أتمنى لو تحضرين كرسيا نقالا فنحن مستعدان للمغادرة.
أومات الممرضة برأسها دون صوت قبل أن تغادر الغرفة.
بعد مغادرة الممرضة، انتزعت ألكسندرا نفسها من ذراعي ليام بقوة صارخة فيه: - أنت فعلا منافق وعديم الحياء!

- أحقا؟! قال ليام وهو يتأملها ونظرة ساخرة تعلو وجهه قبل أن يبتعد ليجلس على السرير باسترخاء هوني عليكِ كارا! فمن الواضح أني لست سبب انزعاجك!
وكأنها فهمت تلميحه المبطن، حولت نظرها بعيدا واصطبغ وجهها بلون أحمر...
أشعرت بالغيرة، هل تغار على زوجها؟
موجة من الحرارة ألهبت جسدها، يا إلهي! لقد كانت الغيرة! جعلها هذا الاكتشاف تشعر بالذل، هل فعلا هي تسقط في حب زوج كريه وأناني كليام ماكسويل...

غرقت في تفكيرها لدرجة أنها لم تشعر بالممرضةالتي قد عادت إلى الغرفة ومعها الكرسيالمتحرك، k/1.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة